و أحل الله البيع.. بقلم عوض محمد الحسن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 12:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-19-2012, 03:33 PM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
و أحل الله البيع.. بقلم عوض محمد الحسن

    اختفي "الصايح" من نوري وسائر ديار الشايقية بعد غزو المايكروفونات الصينية لمساجد البلاد. و"الصايح" هو مُعلن الوفيات في قُرى الشمال. كان في نوري يشق القرية من أقصاها إلى أقصاها فوق حماره المُسرع على طول "الدرب الوسطاني"، صائحا بصوت جهوري: "الحي الله، والدايم الله، فلان ود فلان راح في حق الله". فيهرع الجميع إلى أبواب بيوتهم مستوثقين، وفد ابتعد الصايح: "المات منو؟" كذلك اختفت الحمير من القرية بعد غزو الركشات الهندية، بعد أن كانت عنصرا هاما في اقتصاد القرية وحياة أهلها، تستخدم في النقل والمواصلات، وزينة. أذكر حمار محمد الحسين كرار الأبيض رباعي الدفع، ننظر إليه بإعجاب ونتمنّاه مثلما يفعل الصبية الآن مع صافنات شوارع الخرطوم.
    الجمعة الماضية، كدت أسمع "الصايح" يُسرع على طول شارع النُّص في برّي المحس، يصيح: "الحي الله والدايم الله، سوق أربعة راح في حق الله". وسوق محطة أربعة، للمستشرقين وسكان الأحياء الأخرى، هو سوق عتيق يقع في قلب بري المحس، ويؤمه عموم سكان البراري بما في ذلك بري ناصر وبري "الرياض"، ومساكن جامعة الخرطوم والشرطة عند مدخل بري المحس الغربي. وقد ظل لأكثر من نصف قرن من الزمان يُقدم خدماته لجماهير البراري من لحوم وخضر ومواد البقالة والتوابل والمصنوعات المحلية كالكوانين والمكانس والمقاشيش. تُصلح فيه نعلك، وتشتري صحيفتك المفضلة، وتتناول فيه شاي أوقهوة الصباح، بالزلابية أو بدونها، وتشتري فيه خروف الكرامة إن استطعت إلى ذلك سبيلا. والسوق مفتوح طوال أيام الاسبوع، ولكن لسوق الجمعة نكهة خاصة وروتينا يقود إلى الإدمان، يجعلني، أنا وغيري، نهرع إليه صبيحة كل جمعة رغم انتقالنا من البراري.
    اكتشفت يوم الجمعة الماضية أن جزءً من مساحة السوق (وهي أراض عامة) قد بيعت لشخص أسموه "مستثمرا" – محليا- هذه المرّة؛ ووجدت علامات الإزالة الحمراء تُلطخ نحو ثُلث محلات السوق، مما يعني تشريد العديدين من اصحاب هذه المحلات و"قطع" المصدر الوحيد لعيشهم. ومساحة السوق برمته لا تتجاوز الألف متر ، وهي المساحة التي ظلت لعقود وعقود رئة تجارية وخدمية للبراري،في وقت "تبخرت" فيه الساحات العامة والأراضي الحكومية المخصصة للتوسع في الخدمات رويدا رويدا، وفي سرية تامة، لتنتقل إلى ملكية عامة إلى ملكية خاصة للأفراد والهيئات الوهمية. ولا أكتمكم القول أنني أصبت بحزن وأسى عميقين، وبغضب حارق جعلني افكر في المتفجرات والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة وأنا في خريف العمر. ومبعث حزني وغضبي ليس فقط صلتي الخاصة بسوق أربعة، وليس صلتي الخاصة بأركان السوق مثل عم على وحاجة فاطمة وابراهيم وآدم وإخوتهم وإخواتهم ومآلهم بعد نزع أماكن عملهم وتجارتهم، بل لأن ما أصاب السوق وأهله من حيف هو في رأيي تأكيد آخر أن توجه هذا النظام لم يتغير قيد أنملة منذ 1989 من احتقار و"حقارة" واستهوان للإنسان السوداني العادي. كيف؟ أقول لكم.
    ظلت السلطات المحلية "تحلب" الجبايات من فقراء سوق أربعة لعقود طويلة، ممنية لهم بتحسين حال السوق ومنحهم تراخيص دائمة تثبت حقهم في محلاتهم (على صغرها)، غير أن السوق ظل مجموعة من "الرواكيب" المهلهلة والممرات المبللة والمتسخة صيفا، و"المطنبجة" خريفا، ثم وصل الحال الآن إلى بيع أراضي السوق دون مشاورة أهله. وحال سوق أربعة لا يختلف عن حال بقية الأسواق كبيرها وصغيرها، (وكلها مصادر إيرادات ضخمة للحكومة)، كالسوق المركزي وسوق السجانة والسوق المحلي والأسواق الأخرى في مختلف أجزاء العاصمة ا"لحضارية" والتي أصبحت مستقر نفايات ومراتع ذباب ومشاريع بحيرات "مُرّة" وعطنة. في وقت نشطت فيه السلطات المحلية في رصف طرق هامشية وتجميل المدينة وتزيين مساحات لا صلة لها باحتياجات السواد الأعظم من السكان الذين يتحملون عبء تزويد هذه السلطات بالموارد المالية التي تصرف على مثل هذه المشاريع الترفيّة.
    ولكن، لماذا تصيبنا الدهشة ويفترسنا الحزن والغضب لأن الحكومة باعت ارض سوق أربعة؟ لقد أحل الله البيع: باعت قبله دار الهاتف، والمدابغ، والكناف، والنقل النهري، وسودانير (إلى حين)، و"الجنينة"، (بي أسودا وبي قرودا، وبي مرافعينا وتماسيحا الحزينة)، وباعت الأراضي والوزارات والمصانع، وفي طريقها لبيع مشروع الجزيرة وشارع النيل والصحراء الكبرى، ولعلها قد باعتنا نحن للمستثمرين العرب، (وكل واحد يراجع شهادة بحثو بغرض التأكدّ!)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de