هذا الموضوع أنزلته في الربع السابق ولكنه أرشف سريعا وما دام الموضوع تجدد فلا حرج في تجديده:
قال الله تعالى مخاطبا رسوله عليه الصلاة والسلام "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما" "النساء آية 105"..
ونهى المؤمنين بقوله "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" "الأنفال آية 27".
والله تعالى حذر كل مؤمن من اتباع الخائنين، فقال عز وجل "وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم " "الأنفال آية 71"
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( يطبع المؤمن على كل خلق، ليس الخيانة و الكذب ). السيوطي في صحيح الجامع الصغير عن ابن عمر
ومن أمثال العرب "كفى بالمرء خيانة، أن يكون أمينا للخونة" والخيانة هي أن يؤتمن المرء على شيء فلا يؤدي الأمانة فيه ولذلك قال أحد الشعراء منبها:
"إذا أنت حملت الخؤون أمانة فإنك قد أسندتها شر مســند"
وفي المثل الروماني "إذا خانك أحدهم مرة، فالذنب ذنبه، وإذا خانك مرتين فالذنب ذنبك" وفي المثل اللاتيني "خيانة القليل من الناس تضر كثيرهم" ومن صفات الخونة ما ورد في المثل اللاتيني "يحتقر الخونة حتى من يأجرهم" ولهذا قيل في مثل آخر ينهى عن الثقة في الخونة "لا تثق في الخونة ولو أيقنت من ولائهم لك".
مقولة وموقف يتأكد عرضهما على كل مواطن، مهما كان سنه، المقولة لجمال الدين الأفغاني "خائن الوطن، ولسنا نعني به من يبيع بلاده بثمن بخس بل خائن الوطن من يكون سببا في خطوة يخطوها العدو في أرض الوطن، بل من يدع قدمي العدو تستقر على تراب الوطن وهو قادر على زلزلتها، فهو خائن، وفي أي لباس ظهر، وعلى أي وجه انقلب".
والموقف لـ"نابليون" "في إحدى المعارك تقدم من نابليون ضابط نمساوي وأعطاه معلومات أعانته على كسب المعركة التي كان يخوضها ضد النمسا، ولما جاء يتقاضاه الثمن، رمى له بصرة من الذهب على الأرض، فقال النمساوي: ولكني أريد أن أحظى بمصافحة يد الإمبراطور. فأجابه "نابليون" هذا الذهب لأمثالك، أما يدي فلا تصافح رجلا يخون بلاده".
يمكن اعتبار الخائن مجرما فمن الحكم والأمثال اللاتينية "من أجرم سرا أعظم وزرا ممن أجرم جهارا" و"الإجرام يسوي بين من تلوث به" أي يجعل جميع من كان لهم فيه ضلع على حد سواء. ولهذا قيل "لا شر إلا يُجْز، ولا خير إلا يثاب" وقيل "من طلب عزا بباطل، ورثه الله ذلا بحق" يقول "نابليون" "مثل من باع بلاده وخان وطنه، مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه، ولا اللص يكافئه".
لقد وضحت صفات الخائن وها أنا أقدم قصة بطولية ذات مغزى عميق في دروس التضحية في سبيل الوطن تناقض وتضاد صفات الخائن الذي رفض "نابليون" مصافحته لخيانة بلاده ورشاه بالذهب.
دخل قائد بجنوده بلاد عدوه فلم يعثر على أحد من جند أهل البلاد التي اقتحمها، فظن أن في الأمر حيلة مدبرة، وبينما كان هذا الفاتح ورجاله يسيرون على حذر وحيطة إذ وجدوا أمامهم شيخا وغلاما، فقال الفاتح للشيخ "دلنا على قومك، وأنت وغلامك في أمان" فلم تطاوع الشيخ وطنيته على أن يدله على قومه، وأين هم مختبئون بانتظار مفاجأتهم للعدو وإبادته فقال "أخاف إن دللتك عليهم أن يسعى بي ابني هذا إلى أهل بلادي فيقتلونني، اقتله أولا حتى أدلك عليهم" فضرب الفاتح عنق الغلام، عندها قال الشيخ "إنما كرهت إن لم أخبرك أنا أن يخبرك ابني لأنه صغير غر والآن قد أمنت على أنك لن تعرف أين هم مختبئون، والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعتهما" فضرب الفاتح عنقه هو الآخر. ولكن القوم فاجأوهم بعد حين وأبادوهم.
فهل قارنتم يا معشر القراء بين الخائن والأمين، بين من يخون وطنه وبلاده، وبين من يخلص لوطنه ويفي بالعهد. لو كان النمساوي الذي خان وطنه "لنابليون" اطلع على ما قاله ابن الرومي لقال: يا أرض ابلعيني، ولن أستطيع أن أعيش فوقك، وأخدعك وأخونك:
"ولي وطن آليت أن لا أبـيــعه وأن لا أرى غيري له الدهر مالـكا غمرت به شرخ الشباب بصـحبة قـوم أصــبحوا فـي ظـلالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكـرتـــهم عهود الصــبا فيها فحـنوا لذلكا وقد ألفـته النــفس حتـى كأنه لها جسد إن بان غود رهـــالكا".
وهذا غيره في مثل شعري فصيح شائع الاستعمال في أكثر من بلد عربي يضرب في تعلق الإنسان ببلاده وأهله يقول صراحة:
"بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كــرام".
ويقول علي الجارم:
"عزيز على الأوطان أن شجاعة تمزقها الشحناء في غير طـائل"
وأخيرا يقول الكاظمي:
"ومن لم تكن أوطانه مفخرا له فليس له في موطن المجد مفخر ومن لم يبن في قومه ناصحا له فما هو إلا خائن يتـــــستر ومن كان في أوطانه حامـيا لها فذكراه مسك في الأنام وعــنبر ومن لم يكن من دون أوطانه حمى فذاك جــبان بل أخس وأحـــقر".
الموضوع منقول بتصرف يسير
04-11-2012, 07:56 PM
محمد جلال عبدالله
محمد جلال عبدالله
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4552
هون عليك يا محمد جلال فالأمر ليس كما تتصور أو كما تحاول أن تصوره. كل على هذه الساحة له اجندته و تحالفاته و نظرته الآنية و المستقبلية و لكن كما جاء في الحكمة الشعبية (الجمل ما بيشوف عوجة رقبته). ماذا تسمي الاسلامي الايدولوجي الذي يحلم بدولة الخلافة و لا يجد حرجا من أن يدعم بالمال و الرجال زملاؤه في دول أخرى ليعينهم على مواجهة حكام أو قوى أجنبية أو ليدعمهم في الاستيلاء على السلطة و ثم لا يجد حرجا أيضا في فتح أبواب وطنه لهم ليقاتلوا معه و يقبل الأموال منهم شاكرا و يتسلم منهم السلاح و التوجيهات حامدا؟؟ اليست خيانة بحسب مقاس القميص الذي تحاول تفصيله هنا؟ ثم ماذا تقول على جماعة شقت عصا الطاعة و خرجت عن الجماعة و استولت على الحكم بليل و طفقت تشرد المواطنين من وظائفهم و العسكريين من مواقعهم و قصرت الأمر على الموالي و الأتباع؟ خيانة و للا ما خيانة يا محمد جلال؟ و ماذا عن من يستلمون الأموال من السعودية و الخليج ليفتحوا مساجد خاصة بهم و مدارس لا تعلم إلا ما يرى أهل الأمر في السعودية و قنوات تقوم بالدعاية لطريقة عيش الناس في السعودية و لبس الناس في السعودية و تلاوة القرآن كما يتلى في السعودية و تحارب كل موروث يتبعه الناس في هذ البلاد و تتطالبهم بنبذه و التخلي عنه و اتباع السعودية!! ما خيانة برضو؟؟
04-11-2012, 10:14 PM
البشير دفع الله
البشير دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 3014
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة