حزنت أكثر لعلمي اليوم فقط بوفاة الرجل الأمة عبد المجيد منصور عبد الله ومنعني المكتب بالسعودية من البكاء وزرف الدموع ليس لكونه رئيسا لنادي الهلال فحسب فهذه مقضيات أضعنا فيها شباببنا وتحسرنا عليها في كهولتنا ولكنه ككادر وقيادي مصرفي رفيع المستوى كانت له بصماته الصارخة في مسيرة العمل المصرفي التقليدي ( بنك الخرطوم)حتى 6/1/1984م والمصرفية الإسلامية ( 7/1/1984- 2009 تقريبا ) ..
وتمتع عبد المجيد بشخصية إدارية شديدة التأهيل والدربة من ناحية وقوية التأثير من ناحية أخرى وهذه هي المزاوجة التي تصنع الأبطال وهذا ما يفتقر إليه جل القياديين ليس في السودان فحسب وإنما في العالم أجمع . وعلى هذا فإن ما يسمى بحكومة التكنوقراط التي يتوهم البعض أنها الترياق الشافي لعلل شعوب الربيع العربي نحو مستقبل قيادي أفضل لن تكون الحل ما لم تتوفر المزاوجة المذكور في شخصية القيادي .
وسبق أن قدمنا بوست في هذا الموقع تحت عنوان : بالسودان مدير واحد إسمه عبد المجيد منصور ( فاليراجعه الراغب ) . وفيه أن القياديين الماراتية بالقطاع الخاص ذكروا لمأمون محمد مكي في طي حواراتهم الإدارية، أنّ السودان مر عليه رئيس واحد وهو نميري ( رحمه الله ) ومدير واحد وهو عبد المجيد منصور ( رحمه الله ) ، وقال مأمون مداعبا عبد المجيد بمكتب الأخير : يا عبد المجيد إنت الإدارة دي جبتها من وين ؟ إنت بتاع طاعمية جيت من شندي ، وأبوك سيارتو ما فيها بيرك ! فانتهره عبد المجيد ( القوي) وطرده من مكتبه مازحا .
ومامون مدير شركة كودال الرائدة في مجال الألمونيوم وواجهات المباني الزجاجية ، الذي نال تعليمه الجامعي في بريطانياوورث المال من آبائه، كان شديد الولع بالقيادة والريادة منذ نعومة أظفاره إلى أن تبوء مركزه القيادي في القطاع الخاص ونادي الفروسية الذي يترأسه مع عشقه العجيب بالخيول - حتى كاد يطفق مسحا عليها بالسوق والعناق ( التي جعل الله الخير معقودا بنواصيها )وإذا فاز فرسه نثر البانكنوت من الهيلوكوبتر على الرياضيين المتابعيين على الأرض ، وكان كريما يتعهد لنا الطعام بنفسه بالشركة في ذلكم الزمان ويزين قصره الفخيم بالمنشية( كفلل اللوردات بحلق القرآن ) ، و في رحلات الطلاب بالثانوي كان يعتلي شجرة عالية ويمثل دور الخطيب المفوه اللامع الذي يستثيرجمهوره وينفذ إلى أعماقهم فيهزها هزا ، وربما بلغ به سكر الحال في شركته أن قال يوما : لو السودان فيه عشرة مثلي ما كان ده حالو ، وهو لايقصد الفخر والخيلاء - كما نعرفه- وإنما يحرض الناس على الخروج من الفتور والضعة إلى المبادءة والإبداع والرفعة ، فلا غرابة أن يلتقي مامون بمقوماته هذه بصديقه الأحدوثة عبد المجيد .
ولو أطلقنا العنان للحواس والخواطر لطفقنا فيضا في مناقب عبد المجيد وشمائله الجميلة وتفرده القيادي قليل النظير
وإزاء كل هذا قلت لمن نقل لي الخبر (الهلالي : علام السماني عبد الله )لم اكن اتوقع أبدا موت عبد المجيد في غير يوم الإثنين فليس كل سعيد سعيد بصلاته وصيامه وإجتهاده في العبادة الظاهرة فقط ، وربما يكون القوي الأمين النافع المبين أقرب إلى السعادة والرضا من غيره وإن قل سجوده ونواميسه الدينية ( خير الناس أنفعهم للناس ).
التعزية لأسرته المكلومةالمحتسبة التي تعرف عبد المجيد لايقول عند صدمة هذا البلاء إلا قولا واحدا : الموت حق ، وهو مانفس قاله عند صدمة وفاة والي الدين - أيها الأهلة الحزنى .
ولعشيرته الأبيه في شندي ومن حولها( يا عبد الرازق صنقور ومولانا صلاح علي ).
ولزملائه الأعزاء ببنك الخرطوم وقد لحق عبد المجيد بالمرتحلين من الأفذاذ( محمد صالح يحيي ، عبد الرحمن علي ، إبراهيم الماحي ..إلخ ) ولزملائنا الميامين بالبنك الإسلامي السوداني ورفيق دربه الإداري مولانامحمد عثمان خليفه وراعي البنك الأنور الأزهر السيد محمد عثمان الميرغني وأحبابه الختمية النبلاء الأخيار .
رحم الله عبد المجيد رحمة واسعة ووسع له في قبره وجعله روضة من رياض جنته وأكرم وفادته إليه ، فالكريم قريب من الله قريب من الناس بعيد من النار .وجعل البركة في عقبه ووسع عليهم في دينهم ودنياهم.
فكما تعزون أهله فعزون فيه فنحن أيضا أهل وداده ووجعته
إنا لله وإنا إليه راجعون ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم
وصلى الله على سيدنا محمد الذي في فقده تسلية عن كل مفقود وآله .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الرشيد حسن خضر
محمد عبد الماجد الصايم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست