عندما كنت غريرا وصغيرا... كنت مفتونا بـ "جيفارا" و"سولارا" و"جومو" و "نزار".. كنت مبهورا بـ "سارتر" و "نيرودا" و "لوركا" و أبطال اليسار... كنا في الحي نطالع من جدار لجدار... الشعارات التي كتبت بالليل ضد آثام الطواغيت الكبار.. كان ضوء الشمس يشرق من قصيدة أو شعار، مفتونا بـ "فاطمة" و"صلاح" و "غابة الأبنوس" و"الهبباي" و"الطير المهاجر" و"يا ماريا" واساطين الكتابة.. والخطابة.. والصلابة.. و"المناشير الخفية" و"القضية" ومن تقاسيم المصانع والمنازل.. كان غبن الظلم يطلع ثم يسطع.. الميادين تقاتل.. الدكاكين تناضل.. الرواكيب تجادل.. والمناشير تنازل.. كانت الدنيا عزيزة..ولذيذة.. رغم أتراح السواقي .. رغم أركان المنافي.. رغم أسوار الفواصل..والمفاصل. كان زهو الفجر منقوشا على صدر المحالج.. الطواقي الحمر تغزل فوق أحضان "المناسج" المناديل المزركشة..الزهور..الرسائل والعطور..اللقاءآت البريئة.. الهتافات الجريئة..الليالي الشاعرية في المنابر..شقشقات الوجد في ثغر الدفاتر…كان صدق القلب في طرف اللسان...والصداقة… "سيسبان" كانت الدنيا مضيئة..وحديقة "للواهي"..و "المقاهي"..المسارح..الجماهير والسواري "قلدة الأعياد" وترنيم الأماني..الأغاني.. الرياضة "المحينة" والرهيب رجل الثواني.. كانت السينما جميلة وصديقة.. سايكو في سينما "برمبل" في كلوزيوم -في-المناظر أعلنو "صوت الموسيقى". يجهز المذياع بالشدو الجميل.. وردي غنى المستحيل.. الدراما.. الكرامة.. الصحافة.. الحصافة.. الثقافة.. القيافة.. الطرافة.. والأمان. من أعلن النعى عن ذلك الزمان؟؟؟ من أصدر الذكرى على ذاك الزمان؟؟؟ كان طول العام مثل الألف في "الزمن المعاصر" كان "كذب الناس" من جنس"الكبائر" كنا نجتاز" الصغائر".. القراءة أدمنتنا "كالسجاير".. كانت أخبار المطابع مثل لمع البرق في الحي تسافر.. نقرأ الكتب الجديدة والقديمة ثم نأتي لنجادل ونسامر ندوة في النادي "الفلاني".. ونسة في "ركن اليماني".. مافي زولا كان "مدبرس" أو "ممزق" أو "مشتت" أو بعاني نكتة والضحك انفجار.. كنا بنعرف الهظار.. كان زمان الحب..زمان الانتظار.. القلب لمن يشوف البت.. يدق..زي.. "نوبة الطار".. مافي زول "فك الحبيب عكس الهوا" أو "ركب الزول التونسية".. الحب وجود.. الحب قضية.. عندما كنت غريرا..وصغيرا..كانت الدنيا سلام.. ابرجتنا جذوة الاحساس بالزمن الجميل.. أرسلتنا نحو "كنز الأرخبيل" كان زهو الشعر في الصحو النبيل.. كان نبض الود في السمر الطويل.. لم يكن ظهري مشاعا للنبال.. لم يكن سر الحقيقة خلف اسوار الخيال.. لم نكن نختار مابين الحرام أو الحلال.. كانت الأيام والأنسام والأحلام والآلام والأقلام تلهث نحو قسمات الجمال.. كانت الدنيا عزيزة..ولذيذة.. رغم أتراح السواقي..والمنافي..والجبال. عندما كنت غريرا وصغيرا... كنت مفتونا بـ "جيفارا" و "سولارا" و "جومو" و "نزار".. كنت مبهورا ومفتونا..بأحلام اليسار.. كان ضوء الشمس يسطع من قصيدة أو شعار.. من أعلن النعى عن ذلك الزمان؟؟؟ من أصدر الذكرى عن ذاك الزمان؟؟؟ من أرهق الزمن المعاصر؟؟؟؟ اجترار....
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة