|
لله درك يا صلاح مصطفى
|
الكاتب الصحفى فى جريدة السودانى صلاح مصطفى ، كاتب ثاقب النظرة ، رشيق العبارة ، رصين الكلمة والفكرة ، تعجبنى دائما مقالاته وكتاباته ، قرأت له اليوم فى عموده ما هو ادناه ، له التحية والتقدير
Quote: أثار الموضوع الذي نشرناه في صفحة الفنون يوم امس الأول الثلاثاء ردود أفعال عديدة وقد تحدث فيه عدد من المبدعين “عن الآلية التي ينفذ بها قانون مجلس المهن الموسيقية والمسرحية للحد من ظاهرة الأغنية الهابطة أو الركيكة أو التي تخدش الذوق والحياء “وتعدد هذه التعريفات يمثل أكبر عقبة أمام هذا القانون. والواقع أننا قصدنا أن نسهم في الحوار الذي يدور منذ فترة حول هذا القانون وذلك من خلال تسليط الضوء على بعض موضوعاته ومعطياته ،وفي تقديري الخاص أن القانون لا يمكن أن ينظم الإبداع مهما توفرت له الإمكانات، وقد باااالغ الأستاذ التيجاني حاج موسى الخبير في مجال الملكية الفكرية والشاعر المعروف حينما جزم بقدرة الشرطة وجهاز الأمن والمخابرات على تنفيذ هذا القانون وتنظيف الساحة من الأغنيات التي يراها البعض لا تليق بالمجتمع! الزميل ياسر عركه وحده من ضمن الذين تحدثوا ، لمس عصب القضية حيث شكك أولا في مصطلح الأغنية الهابطة نفسه واستعان بالأغنية غير الرصينة بدلا منه وأرجع ما يحدث لإشكاليات ثقافية واجتماعية وتربوية ،وسياسية تتمثل فيما حدث في بداية عهد الإنقاذ حيث اوضح ان الاسباب في ظهور هذه الاغاني ترجع للسلطة التي حاربت الغناء الجاد ايام الإنقاذ الأولى . حيث منع في عام 1991 تسجيل الغناء العاطفي وفتحت الاستديوهات للغناء للحرب والجهاد وقد استمر هذا المنع 15 عاما. الأغنية التي يحاول البعض محاربتها بالبوليس لم تغب في حقبة من الحقب ، لكنها تظهر في السطح لأسباب موضوعية وتتوارى في أسفل المدينة عندما تختفي تلك الأسباب ، ويعلم الجميع أن معظم الفنانين لديهم أغنيات يمكن تصنيفها وفق مصطلح الأغنية الهابطة أو غير الرصينة لكنها لم تكن تغنى للجمهور ،بل كانت من أدوات كسر الملل والروتين في الجلسات الخاصة جدا للفنانين ،مثل النكات "البذيئة" التي تنتشر بين مجموعة من الأصدقاء في جو شديد الخصوصية وهي بذلك لا تعبر عن شخصياتهم العامة. أما خروج هذا النوع من الأغاني الى السطح ووصوله الى العامة في الكافتريات والحافلات "والحفلات" بل بعض اجهزة الإعلام الجماهيرية ،فهو القضية التي تحتاج الى نقاش، وليس مضمون تلك الأغنيات، وهذه قضية تتعلق بتغيير نمط الحياة و كسر قواعد الذوق الذي يتباكى الكثيرون على مجرد خدشه! لن تستطيع الشرطة ولا جهاز الأمن والمخابرات التدخل في ذوق الناس وحياتهم الشخصية، ليس في مجال الغناء فقط ولكن في أوجه الحياة العامة مثل تحديد اللبس والأكل والشراب وأماكن الترفيه ونوعية القراءة ومواصفات الحبيبة وما الى ذلك ، هذه شؤون شديدة الخصوصية لا سيما في بلد مثل السودان يتمتع بتعدد وتنوع وتباين فريد في الثقافات والعادات و"المزاجات". الواقع الذي نعيشه الآن هو محصلة ونتيجة لممارسات عبر سنوات طويلة ،وله ابعاد تتعلق بطريقة إدارة شؤون الناس وحقوقهم المنصوص عليها في كافة القوانين والدساتير المحلية والعالمية ، وما يحدث الآن يؤكد نظرية القمع الاجتماعي وأبوية الدولة ونهاية هذا الأمر تمزق النسيج الاجتماعي وتفكك شامل يبدأ من الأسرة النووية ولا ينتهي عند الدولة المركزية!
أحدث المقالات - نبض الاشياء - صلاح الدين مصطفي |
|
|
|
|
|
|