الدنيا الجديدة

Quote: السبت, 16 نيسان/أبريل 2011 15:54 Share عبد الناصر الطائف.. نص درامي يغوص في أعماق المجتمع (يهبش) الطرح بلطف، يداعب القضية بحنو.. استنشق رائحة التراب.. وعمق الجروف.. وداعبت أنفاسه سنابل القمح.. وهناك في أم طليح بنى استيراتيجية الفكرة التي تستند على ثقافة القرية.. ذهبنا إليه بالإذاعة السودانية لندرك أن حجم الإبداع المخبوء بداخله وراءه عشق لمجتمع صافي تظلله القمرة بالأمنيات وأهازيج الأماسي ولواعج الصوفية وحدوتة كبرى تفجرت على الأوراق والقراطيس.. وهي بالكاد لا تستوعب كل أنفاسه، فماذا قال: ٭ من هو عبد الناصر الطائف؟ ــ عبد الناصر الطائف كائن إنساني ولد بمدينة المناقل في قرى أم الطلحة، حيث البساطة والهواء الطلق.. ولدت في عام 1959م وأسماني والدي عبد الناصر تيمّناً باسم الزعيم العربي عبد الناصر.. تلقيت تعليمي الأولي في المناقل حتى مرحلة الثانوي العام وهي المرحلة المتوسطة.. ثم الثانوي العالي بمدينة الحصاحيصا.. وتخصصت انتاج حيواني بالمعهد الفني للبيطرة. ٭ كيف كانت طفولتك؟ ــ أنا نشأت في بيت عمودية.. والدي كان عمدة في زمن الإدارة الأهلية ولك أن تتصور ذلك التواصل.. الكل يذهب للعمدة لحل مشاكله.. قدح الضيفان وغيرها من هذه النماذج.. ٭ لا بد أن تكون للطفولة شقاوتها وتاريخها.. حدّثنا عن ذلك؟ ــ أنا ابن الطبيعة.. حيث الحقول الممتدة وسنابل القمح.. لعبت كل الألعاب.. كنا نعمل حمار الطين.. وكل أشكال الحيوانات المختلفة.. الآن الطفولة اختلفت، حيث ظهرت الألعاب الحديثة.. والتقنية.. فتلاشت القيم الجميلة، في طفولتي مارست كرة القدم وكنت مدافعاً صلباً.. وشاركت في الدورات المدرسية. ٭ العلاقات الاجتماعية.. والمرأة عموماً في مجتمع محافظ كيف تراها؟ ــ المرأة كانت في المجتمع أكثر من نصفه.. ودائماً أهازيج تقول: بت العم تفرح الهم وبت الخال أُم شعراً طوال وكانوا يقولون: أُخد بت البكان لو كان عودا ويقصدون (بالبكان): العائلة المحترمة.. ولو كان عودا: يعني الكبيرة في السن. البت زمان كان بسموها اللبن.. ويقولون: اللبن المن زمان حلبو لا دوشش خمر لا غَلّطْ علىّ الشربو ويقولون: (بت خمسين دقن) يعني كابر عن كابر.. بت أربعين حبوبة.. بت ناساً عزاز أخوانا بتفاشوبا.. هكذا كانت المقاييس.. ود ريا قال: النسوان.. مَرةَ .. ونص مرة وبلاش مرة المرة من العتبة ولي ورا ونص مَرَة تطل الجيران وتجي بي ضرا وبلاش مرة ناس السوق جابوا خبرا والشيخ فرح ود تكتوك، قال: النسوان فيهن دهب مخزون قديم وفيهن عقارب تحت الهشيم فيهن هفوت وفيهن كفوت وفيهن لفوت تجي إنت من الخلا.. وهي تجيك من البيوت لا تديك مقوت ولا تخلي كلمة تفوت ٭ كيف تزوجت؟ ــ أنا تزوجت من المجتمع (من أهلي)، لكن كان عندي حرية الاختيار.. لكن عموماً مهما كنت حتى لو كان وزير لازم أهلك يتدخلوا. ٭ وهل الزواج يحتاج لمناخ مناسب؟ ــ نعم، للزواج مناخ.. يعني الزواج عندو مواقيت.. مثلاً الهبايب.. وأيام الخريف يعني مربوط بالعينة.. ويقولو ليك: شهر وحيد ما فيهو جديد.. وهذه المعتقدات كانت منذ السابق قبل السلام، فمثلاً كانوا يطلقون طائراً.. عندما يتجه نحو الشام يقولون متشائم، وإذا اتجه نحو اليمن يقولون متيأمن.. وإذا عاد إليك بجناحه الشمال يسمى السانح، واشتقت منها كلمة «مسنوح».. وإذا عاد بجناحة اليمين يقولون الرابح.. وأبي تمام عند فتح عمورية، قال: السيف أصدق أنباء من الكتب. والثقافة العربية كانت لديها معتقدات سائدة تتعلق بالطير والطالع. ٭ كيف اكتشفت في دواخلك الكتابة الدرامية؟ ــ منذ صغري في الابتدائية، وقبلها كنت أجمع أطفال الحي وأحكي لهم حكاية موسى ودجلي ويوسف سنار ــ حكاية كانت بطريقة درامية وشعر رصين.. لا نعرف من كتبها، ولكن كنا نحفظها.. والجو الصوفي في قرية أم طلحة وقرية الشكينيبة الشيخ المكاشفي، حيث الخلاوي والقرآن والمدائح.. وكيف استمدينا تربيتنا من هذه الأجواء.. وفي دواخلنا هذه القيم (موية الوضوء تنبت قشاً).. ومازلنا نتذكر الرجل النمساوي الذي أخذ الطريق من الشيخ المكاشفي وكان مهندساً يعمل في خزان جبل أولياء، وسمى نفسه عبدالقادر النمساوي.. وسبحان الله حتى ست المريسة تجي للشيخ وتقول ليه: (أديني الفاتحة مريستي بارت). ٭ كيف دخلت الإذاعة ككاتب درامي؟ ــ في الإذاعة في ذلك الزمان كان يكتب الأستاذ قريب محمد راجع خاصة المسلسلات بطريقة لا تشبهنا نحن أهل الأرياف، فقد كان يكتب للعاصمة. وأذكر أن الإذاعة طرحت مسابقة درامية وشاركت فيها بمسلسل «القردود» وهي مساحة للشيوع يسرح فيها الجميع بأنعامهم دون محاذير أو قيود، وكأن ذلك مدعاة للتمازج.. وذهبت بقصتي متكاملة وعندما وصلت (بوابة الإذاعة) خفت وكنت صغيراً جداً وكان العمالقة هاشم صديق وحمدنا الله عبد القادر وغيرهم، وذهبت الى البوستة وظرفت المسلسل.. وكتبت العنوان التالي: أم درمان ــ الإذاعة السودانية ــ ص ب: (572). وأرسلته.. وانتظرت النتيجة في الراديو.. وفي يوم تم إذاعة اسمي والمسلسل الفائز هو (القردود) وكان ذلك في عام 1977م.. والغريبة أن المسلسل كان يبث في الإذاعة من إخراج معتصم فضل، وأنا مازلت طالباً في الثانوي.. حيث قدمت فيه ثقافة مختلفة جداً.. وكانت الثقافة السائدة في ذلك الوقت ثقافة العاصمة، وانطلقت مسيرتي بعد ذلك بمسلسلات إذاعية وتلفزيونية مثل (أقمار الضواحي).. وأعمال درامية مثل (الدنيا الجديدة).. وغيرها من الأعمال. ٭ «الحاج متذكر» وجدت رواجاً شديداً.. لماذا؟ ــ لأن شخصية الحاج متذكر موجودة بداخل أي إنسان.. أنا لا أستطيع أن أتحدث عنها بشكل فلسفي، ولكنها شخصية تناسب كل الأنماط والأذواق.. وحتى (مسلسل أقمار الضواحي) كان يدعم رسالة المعلم الذي يضوي مثل الأقمار، وليس الشخص البسيط الذي يرتدي (قميص تعبان). ٭ ماهي آخر أعمالك؟ ــ مسلسل «مسافرون بلا طريق» للإذاعة لم يبث بعد.. البطلة فيه صحفية تستعمل حاستها البوليسية. ٭ أُسرتك الصغيرة؟ ــ أنا متزوج.. ولي ولدان وثلاثة بنات. ٭ ما هي الأغنيات التي تدندن بها؟ ــ أنا دايماً أدندن بالمديح، لكن لو أمكن (قلت أرحل) للفنان الكبير وردي.. وأيضاً (ربيع الدنيا) للفنان عثمان حسين.. لكن عموماً بحب المديح..