|
ثورة الرعاع وذعر المثقفين الثورة سوف تنتج شعراءها
|
Main Menu
الصفحة الرئيسية أخبار الحزب مكتبة الحزب نشاطات مقالات ثقافة وفنون مختارات صحافية ا
ا
ذعــر الأنظمــة الفضل شلق ما نشهده في الوطن العربي، هذه الأيام، هو حالة ذعر، ذعر الحكام من المحكومين؛ ذعر الطبقة العليا من الطبقات الدنيا؛ ذعر الطبقة الوسطى من الطبقات الأدنى، من الرعاع والعامة ذات التهذيب الأقل والعادات الأقل احتراماً؛ الرعاع والعامة من المهمشين والفقراء هم الأسرع خروجاً على التقاليد والصمود في الشارع. وما هو أدهى استخدام الألفاظ البذيئة؛ وما هو أدهى من ذلك هو استهداف وزارة الداخلية، بعد استهداف حكم العسكر؛ أي بشكل عام استهداف مؤسسات النظام. الشعب يريد إسقاط النظام، كل النظام.
تستطيع الطبقة الوسطى إسقاط رأس النظام؛ أما طبقة الفقراء والمهمشين، من عمال وفلاحين ومحرومين وعاطلين عن العمل، فهؤلاء يهاجمون وزارة الداخلية مرة بعد أخرى. المطلوب لديهم أكثر من انتخابات أو تأجيلها للحفاظ على أجهزة النظام القديمة؛ المطلوب لديهم هو بحث مصير هذه المؤسسات ذاتها. والهلع كبير من بذاءة ألفاظ أبناء الشارع الذين يخرج بهم تهذيبهم القليل عن تقليدية الطبقة الوسطى والطبقة العليا. هؤلاء يحتاج النظام إلى فتاوى مشايخ الأزهر وإلى أطباء العلاج النفسي، كي يفهم ماذا يريدون. كأن النظام لا يعرف ماذا يريدون. يريدون، لا رأس النظام وحسب؛ يريدون أساس النظام؛ وهذا ما يبعث على الذعر. في النظام المصرفي يسبق الانهيار تدافع؛ ويسبق التدافع ذعر المودعين عندما يشعرون بالخوف على ودائعهم. لدى المصارف تناقض أساسي هو أنها تتلقى الإيداعات لأمد غير محدد؛ ويتوجب عليها التسليف لآجال محدودة زمنياً. الذعر ثم التدافع ثم الانهيار هو عندما لا تستطيع المصارف تلبية سحب الودائع غب الطلب كما هو مفترض. هذا التناقض الأساسي ينتج عنه في أي وقت من الأوقات حالة ذعر، والذعر يؤدي إلى التدافع، والتدافع على البنوك لسحب الودائع يؤدي إلى إفلاسها وانهيار نظامها. هل يعني هذا التشبيه، القول إن الأنظمة العربية تعاني حالة ذعر سياسي واجتماعي، وأن هناك تدافعاً يؤدي بها إلى الانهيار؟ أو أن تؤدي حالة الذعر الاجتماعية والسياسية إلى حالة تدافع لدى الأنظمة من أجل الحلول بما يوازي سحب الودائع السياسية؛ وأن يؤدي التدافع إلى سقوط سريع؟ ربما كان هذا ما تتمناه أكثرية المجتمعات العربية. نشهد حالة من التدافع لدى أنظمة الجزيرة العربية. بعد اشتداد حالة الذعر في مصر، تزداد حالة التدافع في اليمن، إذ يُطلب من حاكمها التوقيع والخروج إلى الغرب لمتابعة مرضه. ولا ندري انعكاس حالة الذعر في مصر، والتدافع في الجزيرة العربية، على البحرين والكويت وسوريا. هل سيكون ذلك لمصلحة الأنظمة، والإقرار بتسويات ما، هنا أو هناك؛ أو المضي بحالة التشنج والتدافع إلى نهاياتها؟ لا ندري. لكننا ندري أن حالة الاحتجاجات بدأت عربية، وتوسعت عالمياً إلى المركز الأمبريالي في أوروبا الغربية والولايات المتحدة، تطالب بالإصلاح وتسجل اعتراضاتها على ممارسات النظام الذي يمثل فيه وال ستريت قمة الهرم ومركز السلطة. يخاف الأوروبيون والأميركيون من تطور أوضاع النفط، وربما عدم تدفقه، نتيجة تطور أوضاع الخليج، وما حوله من دول؛ كما تخاف الجماهير في الغرب من ممارسات وال ستريت التي تنهب أموالهم وتحقق أرباحاً هائلة مقتطعة من أموال الآخرين وإيداعاتهم، وتضع أعداداً متزايدة من الشباب قيد البطالة عن العمل وتحيلهم إلى التهميش والفقر والعيش على المساعدات الاجتماعية. النظام المالي والمصرفي، والنظام النفطي، ونظام السيطرة العالمي، مترادفات تصب في خانة واحدة. ما يهدد الأنظمة العربية يخيف النظام العالمي كما يخيف الطبقة المهيمنة في البلدان العربية. وعلى الأنظمة التابعة والمستتبعة أن تجترح الحلول المحلية بما يرضي السادة الكبار. بعد التظاهرات المليونية الأخيرة في ميدان التحرير، والهجومات المتلاحقة على وزارة الداخلية، ودخول ما يسمى «الرعاع» بشكل منافٍ للتقاليد الأخلاقية والدينية، (مما يعني توسع نطاق الاحتجاج والثورة)، والوعود بمليونيات جديدة في شوارع القاهرة، لا يدري حاكم عربي نفطي أو غير نفطي كيف يتحسس رأسه، وكيف يحافظ على بقائه. إن عدوى الوباء الذي يمكن أن ينتشر من شوارع مصر إلى شوارع البلدان العربية، خاصة على مستوى الأكثرية الساحقة من المجتمعات، (هؤلاء الذين يسمون «الرعاع»)، يثير الخوف لدى السلطات السياسية والدينية والثقافية؛ يثير الرعب لدى النخب من جميع الأنواع. هل دخلت هذه المجتمعات بثورتها مرحلة لا يمكن ضبطها عن طريق الأجهزة الأمنية ووزارات الدفاع؟ هل تتم الاستعانة برجال الدين من أجل الالتفاف حول الناس في هذه المرحلة؟ هل يعني ذلك أن الاستعانة بالسلطة الدينية حيث فشلت الأحزاب ذات الاتجاهات الدينية، بأسماء مموهة، في ضبط الحالة الشعبية؟ هي مرحلة أخرى من مراحل المناورة لدى الأنظمة السياسية والثقافية؟ ولماذا انبرت النخب الثقافية والإيديولوجية في مصر إلى المشاركة في الهجوم على العامة من الناس فجأة غداة الهجومات المتكررة على وزارة الداخلية؟ هذا سؤال نطرحه على النخب الثقافية، علها تتعاطف مع «الرعاع»، وعلها تقدم لهؤلاء برنامجاً للعمل. هل تخاف النخب الثقافية من تدمير مؤسسات النظام؟ الشعراء الذين في كل وادٍ يهيمون، يمتنعون حتى الآن عن نظم قصائد للثورة. ربما لأنهم لم يقتنعوا، حتى الآن، أنها ثورة، وأنها ثورة تزداد عمقاً في توسعها شعبياً، «رعاعياً»، وتزداد عمقاً في مطالبها. الثورة تنتج إيديولوجيتها. وهي حتماً سوف تنتج شعراءها. أم أن النظام الثقافي هو أيضاً في حالة ذعر؟
عن موقع الحزب الشيوعي اللبناني
|
|

|
|
|
|