|
في اول صفحة بالجواز
|
جاتني على الايميل واعجبتني لحد الثمالة
في اول صفحة بالجـواز الامريكي!! مكتـوب : (حامل هذه الجواز تحت حماية الولايات المتحده الامريكيه فوق اي ارض وتحت اي سماء)
وفي الجواز البريطاني!!: (ستدافع المملكة المتحدة عن حامل هذا الجواز حتى آخر جندي على أراضيها)
وفي الجواز الكندي : (نحرك اسطولنا من اجلك)
وفـى الجواز العربي (عند فقدان الجواز تدفع غرامه مالية)
يادوب الواحد عرف الناس دي بتتكابس في اللوتري لشنو
|
|

|
|
|
|
|
|
Re: في اول صفحة بالجواز (Re: SHIBKA)
|
Quote:
21/6/ 1993 م بقلم الطيب صالح
نحو أفق بعيد 229
ضحكتُ أيضاً ونحن نغادر مطار " قرطاج" لأنني تذكرت كيف حصلتُ على ذلك الجواز الأخضر العسير المنال ، جواز " ثورة الإنقاذ " . ولو كان السفير غير ذلك الرجل المقدام ، لعلني لم أكُن أحصُل عليه . وهم حين يسمحون لكَ به ، كأنما يستودعونك همّاً مقيماً كما رأيت .
هذه الكلمات التي كانت أيام السودان " سودان " والريحُ رخاء ، والسفينة لم يصبها العطب ، وسواعد الملاحين لم يفت منها الوهن . بعد أن كانت تُؤخذُ مأخذ الجد ، لم تعُد لها قيمة . أصبحت تُثير الريبة والحذر:
" يطلب السيد وزير الداخلية بجمهورية السودان ، من جميع أصحاب الاختصاص ، أن يسمحوا لحامل هذا الجواز ، والذي هو سوداني ، حرية المرور ، بدون تأخير ، وأن يقدموا له كل مساعدة وحماية قد يحتاج إليها ".
وهب أن ذلك لم يحدث ، فماذا تفعل ؟ وإذا كنت أنتَ لا تساعد رعاياك وتحميهم فوق أرضهم وفي أكناف موطنهم ، فلماذا تطلب من الآخرين أن " يقدموا لهم كل مساعدة وحماية ". عفا الله عنهم ، ما أشد ما عملوا بالوطن . كان طفلاً يبني قلاعاً من الرمال على شاطئ البحر ، ما يلبث أن يهدمها ثم يعيد بناءها من جديد . أصبح الناس قلوبهم شتى ، وكان الهم واحداً ، فأصبح هماً وثانياً وثالثاً .
وما كان أهون أن أطرح عني هذا العبء ، وأقطع الحبل السري الذي يربطني إلى هذا الوطن المستحيل . ما كان أسهل أن أبدل تابعية بتابعية ، وجوازاًُ بجواز ، لكن حاشا . والله لن أفعل . سوف أظل أتشبث بهذا الجواز كالذي يقبض على الجمر ، أمشي به في مناكب الأرض بإصرار فيه معنى التحدي والغيظ والحسرة .
أي سودان يمثله هذا الجواز ؟ هذا السودان المؤقت ؟ أم السودان في صيرورته اللا متناهية ؟ سودان أصحابنا هؤلاء الذي رفعوا المصاحف الشريفة على أسنة الرماح ؟ أم سودان الرجال والنساء الذين مشوا على الأرض هوناً ، ودفعوا بالتي هي أحسن ، وربطوا البطون على الطوى ، تحسبهم أغنياء من التعفف ؟ بسامون في الضحوات ، بكاءون من خشية الله بالعشيات ، متحزمون متلزمون في الملمات . علموا أن العدل والرحمة صنوان . "وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه قالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين " .
* كنت في الدوحة حين انتهى أمدُ الجواز . رُحت إلى السفارة ، وأنا بين الشك واليقين ، فقد كنتُ أعلم ُ أن الجواز لم يعُد حقاً مشروعاً في هذا العهد ، ولكنه صار منه تفضلاً ، يمنحونه ويمنعونه كما يحلو لهم . وكانت ترد إلى السفارة من الخرطوم قوائم بأسماء مواطنين حرامٌ عليهم التمتُع بالحق الذي فرضته لهم القوانين والأعراف ، وما يدريني أنني واحد منهم .
لكنني وجدتُ سفيراً غير هياب ولا وَجِل ، سودانياً كأحسن ما يكون السوداني ، ومن سماحة وشجاعة الأكفاء وترفع . كان من القلة التي بقيت من الدبلوماسيين بعد حملات التطهير والتشريد والإحالة على المعاش . وكان الناس يعجبون كيف أنهم لم ينتبهوا إليه ، فظل في منصبه ، يعامل المواطنين على اختلاف انتماءاتهم السياسية دون تفرقة . دائماً تجده بينهم في مسرّاتهم وأحزانهم ، لا يبالي إن كان الشخصُ مرضياً عليه من النظام . ولم يكن يهاب أن يجدد الجوازات لمستحقيها دون أن يطلب الإذن من سلطات الخرطوم لأنه يعلم أنه لو سألهم فسوف يجيبون بلا .
من خيار الناس وخيار السفراء ، بشهادة أهل البلد التي عمل فيها ، وكل من عرفه أو تعامل معه . أعادوه إلى الخرطوم ضربة لازب ، ولم يلبث غير أشهر حتى أحالوه إلى التقاعُد . ذلك وهو في عزّ الشباب وعُلو النشاط وقصارى الجهد في خدمة الوطن .
إنما هو قد خدم السودان في صيرورته التي تظل ثابتة ، بعد أن تجيء العهود وتذهب . اسمه " أحمد يوسف التّني " ومن سخريات الأمور أن والده " يوسف مصطفى التّني " كان من كبار شعراء السودان ، ومن المناضلين الأوائل ، ومن الجيل الأول من السفراء الذين جعلوا السودان رصيداً بدده أصحابنا هؤلاء فعل من لا يخشى الفاقة ، وفوق ذلك هو صاحب النشيد الذي ألهب خيال أجيال من السودانيين يقول فيه :
نُدني بالائتلاف .. آمالنا البعيدة لا نعرف الخلاف .. في الجنس والعقيدة فالدين للإله .. والمجدُ للوطن [/align]
* |
Quote: 21/6/ 1993 م بقلم الطيب صالح
نحو أفق بعيد 229
ضحكتُ أيضاً ونحن نغادر مطار " قرطاج" لأنني تذكرت كيف حصلتُ على ذلك الجواز الأخضر العسير المنال ، جواز " ثورة الإنقاذ " . ولو كان السفير غير ذلك الرجل المقدام ، لعلني لم أكُن أحصُل عليه . وهم حين يسمحون لكَ به ، كأنما يستودعونك همّاً مقيماً كما رأيت .
هذه الكلمات التي كانت أيام السودان " سودان " والريحُ رخاء ، والسفينة لم يصبها العطب ، وسواعد الملاحين لم يفت منها الوهن . بعد أن كانت تُؤخذُ مأخذ الجد ، لم تعُد لها قيمة . أصبحت تُثير الريبة والحذر:
" يطلب السيد وزير الداخلية بجمهورية السودان ، من جميع أصحاب الاختصاص ، أن يسمحوا لحامل هذا الجواز ، والذي هو سوداني ، حرية المرور ، بدون تأخير ، وأن يقدموا له كل مساعدة وحماية قد يحتاج إليها ".
وهب أن ذلك لم يحدث ، فماذا تفعل ؟ وإذا كنت أنتَ لا تساعد رعاياك وتحميهم فوق أرضهم وفي أكناف موطنهم ، فلماذا تطلب من الآخرين أن " يقدموا لهم كل مساعدة وحماية ". عفا الله عنهم ، ما أشد ما عملوا بالوطن . كان طفلاً يبني قلاعاً من الرمال على شاطئ البحر ، ما يلبث أن يهدمها ثم يعيد بناءها من جديد . أصبح الناس قلوبهم شتى ، وكان الهم واحداً ، فأصبح هماً وثانياً وثالثاً .
وما كان أهون أن أطرح عني هذا العبء ، وأقطع الحبل السري الذي يربطني إلى هذا الوطن المستحيل . ما كان أسهل أن أبدل تابعية بتابعية ، وجوازاًُ بجواز ، لكن حاشا . والله لن أفعل . سوف أظل أتشبث بهذا الجواز كالذي يقبض على الجمر ، أمشي به في مناكب الأرض بإصرار فيه معنى التحدي والغيظ والحسرة .
أي سودان يمثله هذا الجواز ؟ هذا السودان المؤقت ؟ أم السودان في صيرورته اللا متناهية ؟ سودان أصحابنا هؤلاء الذي رفعوا المصاحف الشريفة على أسنة الرماح ؟ أم سودان الرجال والنساء الذين مشوا على الأرض هوناً ، ودفعوا بالتي هي أحسن ، وربطوا البطون على الطوى ، تحسبهم أغنياء من التعفف ؟ بسامون في الضحوات ، بكاءون من خشية الله بالعشيات ، متحزمون متلزمون في الملمات . علموا أن العدل والرحمة صنوان . "وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه قالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين " .
* كنت في الدوحة حين انتهى أمدُ الجواز . رُحت إلى السفارة ، وأنا بين الشك واليقين ، فقد كنتُ أعلم ُ أن الجواز لم يعُد حقاً مشروعاً في هذا العهد ، ولكنه صار منه تفضلاً ، يمنحونه ويمنعونه كما يحلو لهم . وكانت ترد إلى السفارة من الخرطوم قوائم بأسماء مواطنين حرامٌ عليهم التمتُع بالحق الذي فرضته لهم القوانين والأعراف ، وما يدريني أنني واحد منهم . 21/6/ 1993 م بقلم الطيب صالح
نحو أفق بعيد 229
ضحكتُ أيضاً ونحن نغادر مطار " قرطاج" لأنني تذكرت كيف حصلتُ على ذلك الجواز الأخضر العسير المنال ، جواز " ثورة الإنقاذ " . ولو كان السفير غير ذلك الرجل المقدام ، لعلني لم أكُن أحصُل عليه . وهم حين يسمحون لكَ به ، كأنما يستودعونك همّاً مقيماً كما رأيت .
هذه الكلمات التي كانت أيام السودان " سودان " والريحُ رخاء ، والسفينة لم يصبها العطب ، وسواعد الملاحين لم يفت منها الوهن . بعد أن كانت تُؤخذُ مأخذ الجد ، لم تعُد لها قيمة . أصبحت تُثير الريبة والحذر:
" يطلب السيد وزير الداخلية بجمهورية السودان ، من جميع أصحاب الاختصاص ، أن يسمحوا لحامل هذا الجواز ، والذي هو سوداني ، حرية المرور ، بدون تأخير ، وأن يقدموا له كل مساعدة وحماية قد يحتاج إليها ".
وهب أن ذلك لم يحدث ، فماذا تفعل ؟ وإذا كنت أنتَ لا تساعد رعاياك وتحميهم فوق أرضهم وفي أكناف موطنهم ، فلماذا تطلب من الآخرين أن " يقدموا لهم كل مساعدة وحماية ". عفا الله عنهم ، ما أشد ما عملوا بالوطن . كان طفلاً يبني قلاعاً من الرمال على شاطئ البحر ، ما يلبث أن يهدمها ثم يعيد بناءها من جديد . أصبح الناس قلوبهم شتى ، وكان الهم واحداً ، فأصبح هماً وثانياً وثالثاً .
وما كان أهون أن أطرح عني هذا العبء ، وأقطع الحبل السري الذي يربطني إلى هذا الوطن المستحيل . ما كان أسهل أن أبدل تابعية بتابعية ، وجوازاًُ بجواز ، لكن حاشا . والله لن أفعل . سوف أظل أتشبث بهذا الجواز كالذي يقبض على الجمر ، أمشي به في مناكب الأرض بإصرار فيه معنى التحدي والغيظ والحسرة .
أي سودان يمثله هذا الجواز ؟ هذا السودان المؤقت ؟ أم السودان في صيرورته اللا متناهية ؟ سودان أصحابنا هؤلاء الذي رفعوا المصاحف الشريفة على أسنة الرماح ؟ أم سودان الرجال والنساء الذين مشوا على الأرض هوناً ، ودفعوا بالتي هي أحسن ، وربطوا البطون على الطوى ، تحسبهم أغنياء من التعفف ؟ بسامون في الضحوات ، بكاءون من خشية الله بالعشيات ، متحزمون متلزمون في الملمات . علموا أن العدل والرحمة صنوان . "وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه قالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين " .
* كنت في الدوحة حين انتهى أمدُ الجواز . رُحت إلى السفارة ، وأنا بين الشك واليقين ، فقد كنتُ أعلم ُ أن الجواز لم يعُد حقاً مشروعاً في هذا العهد ، ولكنه صار منه تفضلاً ، يمنحونه ويمنعونه كما يحلو لهم . وكانت ترد إلى السفارة من الخرطوم قوائم بأسماء مواطنين حرامٌ عليهم التمتُع بالحق الذي فرضته لهم القوانين والأعراف ، وما يدريني أنني واحد منهم .
|
| |

|
|
|
|
|
|
Re: في اول صفحة بالجواز (Re: jini)
|
في أول صفحة بالجواز
يطلب السيد وزير الداخلية بجمهورية السودان باسم جمهورية السودان من جميع أصحاب الاختصاص أن يسمحوا لحامل هذا الجواز – والذي هو سوداني – بحرية المرور بدون تأخير وأن يقدموا له كل مساعدة وحماية قد يحتاج إليها.
| |

|
|
|
|
|
|
|