|
Re: التيار: مصطفى عثمان يطلب مساعدة الرئيس كرزاي لأصلاح العلاقات مع ام (Re: Wasil Ali)
|
Quote: د. مصطفى عثمان إسماعيل يرثي المجاهد رباني
كان مقاتلاً جسوراً، لا تأخذه في الحق لومة لائم في لقائي الأخير به.. ذكرنا بأيام الجهاد وكأنه كان يستعد للقاء ربه
معرفتي بالرئيس الأفغاني السابق برهان الدين رباني ترجع لأيام الجهاد في أفغانستان في مواجهة الاتحاد السوفيتي سابقا. وقتها كان برهان الدين رباني وعبد رب الرسول سياف وأحمد شاه مسعود وحكمت يار هم قادة الجهاد في أفغانستان. كنا وقتها طلاب دراسات عليا في المملكة المتحدة وكان الجهاد الأفغاني في أوج ألقه.
كنا نناديه شيخ رباني رغم أنه كان مقاتلاً جسوراً، لا تأخذه في الحق لومة لائم وكانت الابتسامة لا تفارقه في جبهات القتال أو في المسجد أو في المنزل. كان المجاهد أحمد شاه مسعود يكن له احتراماً شديداً وملحوظ. كان رباني رئيساً للجمعية الإسلامية التي ينتمي إليها مسعود.
بعد اندحار الشيوعيين بقيادة نجيب الله المدعوم من قبل السوفيت، تولى الشيخ رباني رئاسة أفغانستان وسط خلافات شديدة بين قادة المجاهدين. حاولنا في ذلك الوقت أن نوفق بينهم فقد كانوا يكنون لنا احتراماً غير معهود كان الشيخ رباني الأكثر تواضعاً والأكثر سماحة والأكثر استعداداً للتنازل عن المواقع والمناصب. كان المجاهد الراحل أحمد شاه مسعود الخصم اللدود للمجاهد حكمت يار يقول لنا ما يقرره الشيخ رباني أقبل به حتى وإن كنت غير مقتنع به.
في ظل الخلافات الشديدة لقادة المجاهدين تقدمت حركة طالبان واستولت على الحكم في أفغانستان وتراجع المجاهدون خارج العاصمة كابل وبدأوا القتال مرة أخرى، ولكن هذه المرة ضد بني جلدتهم وقبيلتهم وكتابهم بل ومذهبهم.
دارت الأيام على طالبان فبعد 11 سبتمبر غزا الأمريكان أفغانستان واستولوا عليها ونصبوا حامد كرزاي رئيساً عليها وتفرق المجاهدون طوائف وأحزاب (ولا تنازعوا فتفشلوا فتذهب ريحكم) في بداية حكم كرزاي غادر الشيخ رباني أفغانستان وبقي بعض الوقت في الدوحة بدولة قطر ثم غادر مؤخراً لأفغانستان ليؤدي الدور الذي ظل متمسكاً به ليقود مصالحة بين طالبان وبين الحكم في أفغانستان.
في بداية هذا الأسبوع (16 ـ 18 سبتمبر الجاري) في مؤتمر الصحوة الإسلامية في عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التأم شملنا مع المجاهد برهان الدين رباني بابتسامته المعهودة هو ـ هو لم يتغير ولم يتبدل رجلاً سمحاً (إذا باع وإذا اشترى، إذا جاهد وإذا سالم) رغم الابتلاءات والمحن. في الجلسة التي ترأستها في المؤتمر كنت صارماً في أن يلتزم المتحدثون في المؤتمر بالزمن المخصص لهم القليل كان يلتزم ولكنه يتبرم ويبدي عدم رضاه إلا برهان الدين رباني يلتفت إليّ من منصة الحديث وابتسامته المعهودة لا تفارقه (ألا تستحق أفغانستان بضع دقائق إضافية؟).
كان حريصاً على لقائنا كما كنت كذلك كلما وجد فرصة يذكرنا بأيام الجهاد وكأنه كان يستعد للقاء ربه. بعد انتهاء المؤتمر وتحديداً يوم الاثنين الماضي 19 سبتمبر طرق باب غرفتي مندوب من الشيخ رباني وبتهذيب شديد سلم عليّ وقال لي الشيخ رباني يريد مقابلتك هذا الصباح قبل سفره. أجبته لدي موعد مع المسئولين الإيرانيين ويصعب عليّ تأجيلها وحملته سلامي واعتذاري للشيخ رباني. عادة مرة أخرى وقال ليّ الشيخ رباني سيؤخر سفره حرصاً على اللقاء. تم الاتفاق أن يكون اللقاء الساعة الواحدة بعد الظهر غير أن لقاءاتي مع المسئولين الإيرانيين استمرت أطول مما هو متوقع. فكلفت من يتصل بالشيخ رباني يعتذر له ويبلغه سلامي. إلا أن الشيخ رباني أصر على أن يتم اللقاء وتم تحديد الساعة الثالثة مساءً. وأسرعت إلى اللقاء متأخراً بعض الوقت مع الإخوة الإيرانيين وفي مدخل الفندق وجدت الأخوة ربيع عبد العاطي، وعبد القادر محمد زين، والمهندس غازي بابكر حميدة رئيس الاتحاد العام للطلاب السودانيين وطلبت منهم مرافقتي للقاء. استقبلنا الشيخ رباني كعادته مبتسماً، وسلم علينا بالأحضان واحداً تلو الآخر وجلس يحدثنا عن أيام الجهاد وعن الأوضاع في أفغانستان وعن المهمة الموكولة إليه في المصالحة الوطنية في أفغانستان والدور الذي يمكن أن يلعبه السودان. لم يتحدث بسوء عن أي أحد من الفصائل أو قادتها الموالين أو المعارضين. كان متفائلاً بنجاح مهمته رغم أنني نقلت له أن آخر لقاء بيننا وبعض ممثلي الأخوة الأفغان قبل أيام لم يكن مشجعاً بل أن حديثهم حول شخصه لم يكن مبشراً. بعد ذلك تمضي ساعات من مغادرته طهران على قتله فقد كان مصراً على إتمام المصالحة وإحلال السلام في أفغانستان. قتل بواسطة من كان يجري مصالحة معهم، بني وطنه، بني ملته، وحتى بني مذهبه (ولا تنازعوا فتفشلوا فتذهب ريحكم). رحم الله الشيخ برهان الدين رباني (رجل سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا جاهد وإذا سالم). وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً. مضى طاهر الأثواب لم تبق ليلة غداة ثوي إلا اشتهت أنها قبر سقي الغيث غيثاً وارت الأرض شخصه وإن لم يكن فيه سحابٌ ولا قطر وكيف احتمالي للغيوث صنيعة باسقائها قبراً وفي لحده البحرُ وكلمة أخيرة بل تساؤل؟
هل يا ترى تستفيد الأمة من دروس وعبر الجهاد في أفغانستان؟ هل تلتقي في بعض الأوقات مصالح الإسلاميين مع مصالح أعدائهم كما حدث في أفغانستان. المجاهدون والأمريكان ضد الشيوعيين أم أنه استغلال ماكر من الغرب (الولايات المتحدة) للإسلاميين لتنفيذ إستراتيجيتهم لتدمير الاتحاد السوفيتي ثم يعودوا لإستراتيجيتهم للتآمر على الإسلاميين. هل تستفيد الأمة والثورات العربية اليوم بل الحركة الإسلامية في السودان من دروس الجهاد في أفغانستان وكيف أن نزاعاتهم أودت بهم وبحكمهم في أفغانستان.
هل يمكن أن نستعصم بالقرآن كلام الله (ولا تنازعوا فتفشلوا فتذهب ريحكم) (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وأعلموا أن الله شديد العقاب). |
| |
 
|
|
|
|