|
فى هذا اليوم الحزين September 11 -إنطباعات شاهد عيان
|
قبل عشـر سنوات من اليوم.. وبينما كنا نشاهد البرامج العادية للتلفزيون، قناة CNN تحديدا، إذا بالإرسال يتحول فجأة لعرض مبنى المركز التجارى العالمى، والنار مشتعلة فى أحد الأبراج، قلنا حريق ضخم وتخيلت أعداد الضحايا لعلمى بهـذا المبنى وما يحويه من مئات الشركات والمتاجر، كما انه محطة تتقاطع فيها خطوط قطارات الأنفاق الاتية من ضواحى بروكلين وكوينز وبرونكس، وأهمها وأكثرها إزدحاما قطار الباث ترين الذى يربط نيويورك مع نيوجيرزى.. كلها تتوقف تحت هـذه الأبراج لتخرج منها الالاف عبر مصاعد وسلالم الأبراج المتحركة،
ارون براون يعلق على الهواء من سى ان أن التى تأخذ الإرسال من ِABC News، لأن الأخيرة كانت هى الوحيدة التى تعمل.. عند إنهيار البرج الجنوبى، كاد بروان ان ينهار.. صمت قليلا محاولا إستيعاب ما يجرى امامه، ولكن يبدو ان ذلك كان أكبر من طاقته، فقال Good Lord, no words.. أى ما يعادل الحمد لله، فلا كلمة يمكن ان تصف ما يحدث. لا يمكن نسيان صور الذين كانوا يقفزون من الطوابق فوق الثمانين والتسعين على أمل تلقفهم بواسطـة دفاع مدنى على الأرض، وعلى أى حال لم يكن لهم خيار سوى القفز غير مواجهـة جهنم فى مكاتبهم.. منظر يدمى القلب ويدمع العين.. خرجت من الشقـة، وصعدت الى سقف المبنى فى مدينة جيرسى ستى، التى يفصلها من مبنى التجارة العالمى نهر هدسـون، فوجدت بعض السكان سبقونى الى هناك، وصرنا نشهـد أكبر مأساة يتعرض لها بشـر، حية وهى تحدث أمامنا ولا نستطيـع عمل شئ سوى المشاهدة.. إنهار البرجان.. وخلال السنوات العشـر اللاحقـة إنهارت معهما نظم وقيم وإقتصادات وجيوش.. ولسـوء حظ الولايات المتحدة فقد كان على رأسهـا الرئيس السابق بوش، الذى أتم ما بدأه بن لادن بأن حطم ما تبقى من أبراج أمريكا المعنوية.. فقد قال قولته المشهورة: Alqaeda wants to destroy us, so we وترجمتها: القاعـدة تريد تحطيم أمريكا، ونحن ايضا سنحطم امريكا!! بعض الصحفيين علقوا على هذه العبارة على أنها من طبزات بوش، وهو المشهور بالطبزات.. ولكن لو أخذت فى الحسبان أنه قال ان ما قام به كان بإلهام من الله، ثم اعتبرت ما الت اليه امريكا فيما بعد، لعلمت أن ما قاله فعلا تحقق، وهكذا (اراد اله (بوش)).. وقانون الوطنية Patriot Act خيـر شاهـد على ذلك، فقد حطم (بجرة قلم) كل ما بناه الاباء المؤسسون من أجل افراد امريكيين أحرار، محرمـة خصوصياتهم وحرياتهم الشخصيـة.. فصارت امريكا وريثا غير شرعى للإتحاد السوفييتى، تتجسس الحكومة على مواطنيها، وتمارس التفرقة العنصرية والدينية التى لم تكن فى الإتحاد السوفييتى، مما يرمى ظلالا بالشك: هل كانت الحكومة تعلم ما سيحدث وجعلته يمر حتى تحقق أهدافا أخر مثل خلق (الحكومة الكبيرة)؟
أما بن لادن فقد حطم المسلمين والعرب أكثر مما حطم تلك الأبراج.. وبذلك يكون أغبى قائد اسلامى مر على التاريخ.. فأولا مات مئات المسلمين فى البرجين مثل بقيـة المواطنين، ثم تعرض العرب والمسلمون الى معاناة يومية فى حلهم وترحالهم، وفى معاشهم.. ويكفى ان يكون اسمك محمـد حتى تتعرض لشتى انواع التفرقـة والأحكام المسبقة، فقد ذهبت قوائم الأسماء الأسلامية الى المطارات والبنوك وشركات تحويل الأموال.. والمسؤول الاول عن كل ذلك هو اسامـة بن لادن وقاعدته.. يخرجونك من الصف فى المطار لأن اسمك أختاره الكمبوتر (عشوائيـا) للمزيد من التفتيش!! ولو جئت مائة مرة لنفس المطار فسـوف يختار الكمبيوتر أسمك (عشوائيا) أيضـا فى جميع المرات المائة.. هـذه النظرية العشوائية التى لم يدرسها احد فى الإحصاء هى ببساطـة تلقيم الكمبيوتر بقائمة أسماء كلها عربية او اسلامية. الشعب الأمريكى شعب كريم وجميل وحر.. وهو لا يستحق هـذه المعاملة من حكومتـه.. لا يستحق ان يحقنوا الخوف فى وجدانه على مدار الساعـة حتى تتكسب شركات التصنيع الأمنية ويترقى موظفوا الأجهزة الأمنية فى الدولة، ثم أن التخويف المستمـر يولد الخوف الحقيقى، فتخلق مواطنين جبنـا ء وأكبر افات الحياة الخوف.. والخوف تنتج عنه الهزيمـة، وهـذه حقيقة لا تتخلف.. والذى يخاف فقد هزم فى داخله، وتكون مسألة وقت فقط حتى ينهزم فى الخارج. اتمنى اليوم وليس غداً، ان تقلع الحكومة الأمريكية عن إعتماد سياسـة تخويف الشعب، وأن تلغى قانون الوطنية Patriot Act فورا، فهو يعادل قوانين الطوارئ فى دول العالم الثالث الدكتاتورية، وأن تساهم فى إشاعـة روح الأمن وقيم الحرية وتدعو لها فى العالم اجمع.. ثم تضرب كل إرهابى يحاول النيل من هـذه القيم، بدلا عن مد يد العون له وتشليـع قطيـة الشيخ ود تكتوت معـه.
.
|
|

|
|
|
|