|
عرض ومناقشة رواية (مسح العالم) .. مُلخص + صور .
|
نعتذر لعدم المقدرة على انزال الصور وأستخدام اكواد التلوين بسبب الخلل الفنى الذى يتعرض له الموقع * مساء الثلاثاء 12 يوليو 2011 , كان تدشين الفعالية الاولى لمنشط (نادى المكتبة) , وهو نشاط شهرى يهدف لعرض ومناقشة كتاب من الكتب . والنشاط الاول كان بالتعاون مع معهد جوته لمناقشة رواية المانية بعنوان (مسح العالم : قياس الممالك فى دروب المهالك) للكاتب الالمانى الشهير (دانييل ميكان) . قدم د. أحمد الصادق عرض ومناقشة للرواية , وقدمت السيدة لليان من معهد (جوته) قراءة باللغة الألمانية لبعض فقرات الرواية .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: عرض ومناقشة رواية (مسح العالم) .. مُلخص + صور . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
د. احمد الصادق :- نحن فى السودان قمنا بالانفتاح تحديداً على النصوص السردية المعاصرة فى التراجم من اللغة الالمانية , وكان عندنا صعوبة فى التواصل مع النصوص الصعبة فى الادب الالمانى , و (هيرمان هيسا) كان معروفاً فى العالم العربى لفترة طويلة للغاية , ونصوصه كانت فلسفية وصعبة واقرب للتوجه الصوفى , ولاحقاً عرفنا (كافكا) و (الياس انيتى) , وبالطبع فان (جوته) من اهم الشخصيات المعروفة لدينا . فى الفترة الاخيرة ومنذ (جونتر جراس) فاننا قد انفتحنا مباشرةً على ما يدور فعلاً فى المانيا وربما فى اوروبا كلها , (جراس) نصوصه منتشرة ومقرؤة جداً وخاصةً رائعته (طبل الصفيح) وهو نص معروف جيداً لدينا هنا فى السودان وتمت الكتابة والتعليق عليه بكثافة . وبذات القدر تمت ترجمة هذا العمل لـ (دانييل كيلمان) , وهو عمل تم اصداره قبل اربع سنوات تقريباً بلغته الاصلية , الترجمة باللغة العربية لهذا العمل جاءت بعنوان (مسح العالم) مع وضع عنوان جانبى له بطريقة السجع على غرار المؤلفات الكلاسيكية فى اللغة العربية (قياس الممالك فى دروب المهالك) , العنوان (مسح العالم) هو ترجمة ركيكة للغاية , واعتقد ان الترجمة الاصح هى كيفية قياس العالم . هذه الرواية كتبها شاب صغير السن من مواليد عام 1975 , ومن الواضح ان خلفيته المعرفية والفلسفية كانت مصدراً لتحويل هذه المعرفة والتى لها علاقة بعصور الإستنارة الى رواية ناضجة باعتبار ان هذه هى روايته الاولى , (كيلمان) اختار نمط اقرب للرواية التاريخية , حيث ان زمان ومكان الرواية هو القرن التاسع عشر فى اوروبا , وفى هذا الوقت كانت اوروبا تشهد تحولات تاريخية على كافة الاصعدة بما فيها الصعيد المعرفى , والمؤلف قد التقط هذه اللحظة تحديداً وقام بتطوير الشخصيات المحورية فى روايته من خلال الايقاع السردى . من الواضح ان خلفية (كيلمان) الفلسفية لعبت دوراً جوهرياً , لاننا نعلم انه قد بدأ اطروحة علمية أكاديمية حول (كانت) , و (كانت) شخصية المانية محورية فى التنوير والتفكير الفلسفى الاوروبى فى القرن التاسع عشر , لكن اغواء الكتابة جعل (كيلمان) يحول هذه الافكار الى نص سردى , وهى رواية تقوم بشكل عام على تشريح التطور الذى حدث للذهن الاوروبى خلال هذا القرن . يطرح (كيلمان) فى الرواية ان المعرفة البحتة , فى شقيها العلوم الانسانية والعلوم العلمية البحتة , سوف يتجهان نحو التقاطع , ويخلقان نوع من انواع العلاقة البينية , وهو يطرح هنا نوع من انواع المعرفة العابرة للحقول المعرفية المختلفة , والشاهد هنا ان بطلى الرواية (هومبولدت) و (جاوس) , احدهما من اصول اجتماعية بائسة وهو (جاوس) , والاخر (هومبولدت) من خلفية ارستقراطية من نبلاء ذلك الوقت , والرواية تتحدث عن والدة الشخصية الارستقراطية قد استشارت (جوته) نفسه عن كيفية تربية هذا الابن وكانت الاجابة فلسفية عميقة , هذا كان فى بداية الرواية وهو التمهيد لان (جاوس) و (هومبولدت) سوف يتحركان خلال السرد حركة بآليات المُنجز الانسانى كله , (هومبولدت) كان جغرافى واختصاصى فى العلوم الطبيعية , و (جاوس) صاحب الاصول البائسة كان يهتم بالرياضيات والفيزياء . اى حركة فى الرواية اثناء السرد لتطور الشخصيات هى بسبب هاتان الشخصيتان , وكما قال ناقد فان (هومبولدت) و (جاوس) هما العمود الفقرى للسرد فى الرواية . مسح العالم او كيفية قياس العالم يأتى من خلال رحلة حول العالم لـ (هومبولدت) و (جاوس) وكأنهما يقومان باكتشاف العالم من جديد , وقلت ان هذه رواية تاريخية , وهذا صحيح , لكنها برؤية مختلفة , وهذا هو السبب الذى جعلها تلفت الانتباه , هى فى ظاهرها تبدو ان ليس لديها اى علاقة بالتاريخ , لكن فى جوهرها هى رواية لها علاقة مباشرة بالتاريخ واعادة قراءة التاريخ , التاريخ الفلسفى والفكرى للانسان الاوروبى تحديداً , هى رواية لأكتشاف العالم بآليات استفادت من اخر مُنجزات الفكر الانسانى حول الانسان والكون , والازمنة تتداخل بشكل غريب للغاية اثناء السرد حيث نجد عربة تجرها الاحصنة وهى تسير فى واحد من الشوراع الحديثة الموجودة الان فى (برلين) . المعروف فى الادب العالمى ان الرواية التاريخية تقوم باسقاط لحظة ماضية على الحاضر الان فى محاولة للاقتراب من قضايا الانسان اليومية . التقاء (هومبولدت) و (جاوس) كان فى البداية فى مؤتمر علمى وتطورت العلاقة بينهما بعد ذلك , وخلال كل الرواية نجد صوتيهما مسموع فى شكل تأمل فى العالم وما يحدث فيه من خلال الرحلة ومن خلال محاولتهما لأكتشاف العالم , ومحاولة الاكتشاف هذه جمعت المعرفة العلمية والمعرفة الانسانية والاجتماعية , نجد فى الرواية احصاءت فى الجغرافيا والتضاريس وعلم الاحياء وعن الانهار والبحار .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عرض ومناقشة رواية (مسح العالم) .. مُلخص + صور . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
د. أحمد الصادق قال فى ختام سياحته على صفحات الرواية :- العالم بكل تفاصيله موجود فى هذا التأمل العميق من مؤلف شاب هو دون الاربعين من عمره , ويتضح لنا بجلاء استيعابه للمعرفة الفلسفية والعلمية , والتأمل فى الرواية ليس تأمل وجودى , بل هو اجتماعى وسياسى فى نفس الوقت , ونجد ان هناك صرامة علمية واضحة عند (هومبولدت) و (جاوس) فى طريقة التفكير , أكتشاف للعالم بصرامة العلماء . وهناك فى الرواية ما اطلقت عليه اسم جماليات المكان , حيث ان لدى المؤلف وعى بجمال الجغرافيا والمكان , وهى مسألة مهمة جداً فى الرواية الحديثة , حيث ان السرد الحديث يعتمد على البحث والدرس , فى كل صفحات الرواية نجد المكان المتخيل موصوف بطريقة مذهلة . كذلك نجد العلاقات الانسانية الحميمة اثناء السرد , ونجد مثلاً ان (جاوس) بعد زواجه يقوم بالهروب اثناء شهر العسل لان فكرة قد خطرت فى ذهنه ويُريد البحث فيها , وهو دليل على الانحياز المطلق للمعرفة . انا قرأت النص باللغة الانجليزية , ثم باللغة العربية , واعتقد انه باللغة الألمانية سيكون له تأثير مختلف , واعتقد ان الترجمة باللغة العربية للرواية هى ترجمة حرفية جداً وركيكة ولا يجب ان تتم الترجمة لنص أدبي بهذه الطريقة . * بعدها قدمت لنا السيدة (لليان) من معهد (جوته) قراءة باللغة الألمانية لبعض فقرات الرواية , اعقبتها مداخلات حضور الأمسية . شاهين شاهين :- فى النصوص الأدبية , انا اعتقد ان الترجمة تقوم بالتقليل من المتعة التى توجود فى النص الاصلى . حتى عند ترجمة القرآن الكريم للغة آخرى نجد انه يفقد الزخم والروعة اللغوية التى يتمتع بها فى لغته الاصلية . هناك مشكلة تتعلق بالاهتمام بالترجمة للنصوص الادبية من اللغات الأخرى دون اهتمام حقيقى بترجمة المؤلفات العلمية , ونحن فى بلد مثل السودان نحتاج لسيادة التفكير والعقل العلمى فى مجال العلوم العلمية البحتة , حيث ان لدينا تخمة فى مجال الترجمة والتأليف فى مجال الاداب والعلوم الأنسانية . بدرالدين محمد :- عندى سؤال حول ماهى الترجمة الاقرب لروح النص الاصلى , هل هى الترجمة الانجليزية أم الترجمة العربية ؟ . وكناقد للرواية هل هناك فى الادب السودانى ما يشبه هذه الرواية , او على الاقل يتحدث فى نفس هذا الموضوع ؟ . وكانت أجابة د. أحمد الصادق :- تاريخ الترجمة يقول ان اللغة العالمية التى يتواصل بها العالم كله هى الأدب , والان مثلاً يتحدثون ان كرة القدم او الموسيقى هما لغتان يتواصل عن طريقهما كل العالم , والابداع هو المعادل الموضوعى لتاريخ الترجمة , الأداب والفنون والموسيقى والرقص هى الاسراع فى الوصول الينا من وصول أحدث الأكتشافات فى مجال العلوم الطبيعية مثل علم الجينات . لغة الابداع لغة كونية مثالية , ومن البديهى ان يكون التواصل الأنسانى عبر الترجمة هو عن طريق الابداع اكثر من كتب العلوم وكتب الصرامة الاكاديمية . بالنسبة لى شخصياً , أنا فهمت الرواية عن طريق الترجمة الأنجليزية وهى ترجمة جيدة للغاية , أول ما لفت نظرى هو العنوان فى الترجمة العربية (مسح العالم) , أعتقد انه عنوان ركيك , الرواية كما قلت فيها عمق فلسفى وفيها حوارات عميقة للغاية وبالتالى كنا نحتاج لترجمة عميقة توازى الرواية . عندنا مؤلف نصفه سودانى , ونصفه الأخر بريطانى , هو (جمال محجوب) ويكتب الرواية منذ اواخر ثمانينات القرن الماضى , ولديه خلفية علمية وواحدة من همومه هى المعرفة بشقيها , وأستخدم نظريات (ميشيل فوكو) عن المعرفة والسلطة فى كتاباته , وأنا اقرأ رواية (كيلمان) تذكرت (جمال محجوب) , (جمال) يعيش فى (أسبانيا) منذ سنوات ومتفرغ تماماً لكتابة الروايات .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عرض ومناقشة رواية (مسح العالم) .. مُلخص + صور . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
السيدة (لليان) من معهد (جوته) طرحت على الحضور سؤال حول دور وتأثير المعرفة العلمية على المجتمع السودانى , حيث ان الرواية موضوع المناقشة تتحدث عن تأثير المعرفة العلمية على المجتمعات الاوروبية . أ/ عزالدين ميرغنى :- حسب سؤال (لليان) , الكاتب السودانى هو الاقل اهتماماً بالنواحى العلمية , وحتى أساتذة الكليات العلمية يخافون من التأليف فى هذا المجال , واذا تحدثنا عن تأثير المعرفة العلمية على الأدب السودانى فاننا لا نجد رواية علمية سودانية حتى الان , وهذا عيب كبير , وكذلك نجد القصة القصيرة خالية من المعرفة العلمية , والتأثير العربى ظاهر علينا فى الاستمتاع بالحكاية عن طريق الشفاهة أكثر من الاهتمام بالبحث والتقصى . الترجمات العربية من الألمانية هى ترجمات ضعيفة , وايضاً نجد ان الألمان لديهم عيب الأهتمام بصناعتهم أكثر من ثقافتهم . شاهين شاهين :- نحن نحتاج فى السودان للعقل العلمى , العقل الذى ينطلق بدون قيود للبحث وفهم نظرية مثل نظرية داروين بدون خوف , وهناك فرق شاسع بين الحديث عن روايات خيال علمى , والحديث عن خلق عقل علمى , خلق هذا العقل يأتى عن طريق ترجمة وتأليف ونشر الكتب العلمية بشكل مُبسط للجمهور وليس بالتركيز فى روايات الخيال العلمى . ونحن نحتاج للمعرفة العلمية , أكثر من حوجتنا للمعرفة فى العلوم الانسانية فلدينا تخمة منها . أ/ شمس الدين ضو البيت :- فى العلاقة بين العلم والرواية , والعلم والخيال العلمى , اقول ان عدم وجود روايات علمية لدينا يعود السبب الأساسى فيه الى ان العلوم الطبيعية ليست جزءً من ثقافتنا حتى الان . والثقافة التى تصدت لقضايا الحكم فى السودان هى الثقافة العربية الاسلامية , بالرغم من وجود ثقافات أخرى , وهى ثقافة لم تعد العلوم الطبيعية جزءً منها , فى يوم من الايام كان للعرب اسهامات مقدرة فى مجال العلوم , لكن حدث الانقطاع ولم تعد العلوم مكون عضوى لهذه الثقافة , ونحن نفتقد فى ثقافتنا مفهوم التقدم , وهى ثقافة سلفية وعلى النقيض من التقدم وهى موجهة لاحياء الماضى , والعلم يقدم الحل للمجتمع المهموم بالحاضر والمستقبل . نجد كذلك ان التطور التقنى والتكنولوجي اصبح وسيلة للسيطرة من الأنظمة المستبدة على مجتمعاتها , وهو دور لعبته العلوم فى فترة النصف الاول من القرن الماضى فى روسيا والمانيا نفسها حيث احكمت قبضتها على المجتمع بواسطة العلم , وهنا فى السودان يتم أستخدام تكنولوجيا الأتصالات والرقابة والاعلام فى زيادة نفوذ وتأتثير النظام الأستبدادى . أ/ سحر صلاح :- أريد القول ان أغلب الكتب الموجودة فى كليات العلوم هى كتب مترجمة من الألمانية . ألمانيا قدمت الكثير من الكتب , ويبقى السؤال حول لماذا لا نقوم نحن بترجمة أدبنا وكتبنا المختلفة للغة الألمانية ؟ حيث نجد ان هناك قلة قليلة تمت لهم ترجمة لهذه اللغة ومنهم الطيب صالح . أ/ نادر السمانى :- دور العلم والمعرفة فى تقدم اى مجتمع هو موضوع لا خلاف عليه , وتغيير اى مجتمع لن يحدث دون وعى , والوعى هو المعرفة العلمية . اما تحميل الروائيين والكُُتاب مسئولية أنتاج معرفة علمية , فهو مُصادرة لحقهم فى أختيار الموضوع والوسيلة الأبداعية المناسبة . وعندما تكون المعرفة العلمية هى المعيار للتغيير فلا خلاف حول ذلك , والتفكير السلفى لا يجعل لنا قدرة على رؤية واقعنا بشكل جيد ونقوم بالبحث عن مثال متوهم . العلم فى الأدب ليس من أنتاج الأديب بل فى دراسة الأدب , وهى دراسة يجب ان تتم بطريقة علمية لأنتاج معرفة علمية بالواقع والعلاقات الاجتماعية التى فيه , ومعرفة واقعنا من الممكن ان تحدث من خلال دراسة أنتاجنا الأدبي والروائى , لو كان الأديب يقصد ذلك او لا , والقضية فى النهاية ليست مسئولية الأديب , فهو يقوم بأنتاج روايته , وهذه الرواية مهما كان فيها من خيال وبعد اخضاعها لدراسة علمية بعلم الأدب , من الممكن ان يتم أنتاج معرفة منها للكثير جداً من قضايا واقعنا , هى مسئولية دارسى الأدب , وليست مسئولية الأدباء . د. أحمد الصادق :- شكراً لكل هذا الكلام الجميل , وكانت الأمسية ستكون أكثر جمالاً لو كان الكثير من الحضور قد قاموا فعلاً بقراءة الرواية , لانها قامت بفتح كل هذه الاسئلة والتعليقات , شكراً لكم وشكراً للكاتب الألمانى (دانييل كيلمان) .
| |
|
|
|
|
|
|