|
خيارات الحلوالمُرة
|
اللازم سليمان الباشا رئيس المجلس الولائي لتنسيق العون التنموي والانساني بولاية جنوب كردفان صديق، زميل دراسة وعمل وصل إلى نبأ تعرضه للتصفية في الأحداث الجارية في جنوب كردفان، وحتى الآن لم أتبين مصداقية الخبر. . . ولكن أسأل الله واتضرع إليه أن يكون الخبر كاذباً. اللازم رجل لا تملك إلا وأنه تحترمه قبل أن تتعمق صلته وعلاقته بك. . . من القيادات الواعدة للسودان قبل كردفان وكنت أتوقع له موقعاً وزارياً لأنه يستحقه. زار اللازم اليابان قبل أربع أشهر تقريباً لتلقي دورة تدريبة بدعوة من وكالة المعونة اليابانية المعروفة بالجايكا. . . . تبادلت معه أطراف الحديث في مختلف الجوانب . . . ذكريات دراسة وعمل والأوضاع الجارية في جنوب كردفان. . . كان القلق بادياً عليه للوضع في جنوب كردفان مع اقتراب الانتخابات. راسلني بعد عودته وأرسل لي بيان بتوقيع عبد العزيز الحلو بتاريخ 15 أبريل بعنوان " الهروب من الانتخابات هل يعيد نموذج دار فور في كردفان". وسألني عن رأيّ بصراحة عما يجري وكان هذا ردي في نقاط عن توقعات الأحداث:
Quote: توقعت منذ أول يوم تولى فيه هارون مهامه في الاقليم ان تفضي الأوضاع إلى ما أفضت إليه، ذلك أن المؤتمر الوطني لم يختار هارون لهذا المنصب إلا تحسباً للتطورات اللاحقة. لا أدري أن كانت الحركة الشعبية تدرك أن منصة الحرب القادمة ضد الجنوب المنفصل ستنطلق من ولاية غرب وجنوب كردفان. أو على أقل تقدير، أي ضغط أو مشاكسة ستمارس على الجنوب لا بد وأن تمر عبر هاتين الولايتين. وبالتالي فان مسألة الوضع الإستراتيجي لهاتين الولايتين أمر محسوم للمؤتمر الوطني وعدم التفريط فيهما أمر مفروغ منه كذلك. مع العلم أن هذا العامل وعناصره الداعمة غير موجود في النيل الأزرق أو ربما تقل بالمقارنة مع كردفان. الأحداث الجارية تؤكد أن المؤتمر الوطني سيستثمر كل موارده في السيطرة على الولايتين. لاسيما وأنه حاول أولاً، ترغيباً بتسويق هارون الذي ظهر وكأنه في انسجام تام مع الحلو (لا أدري إن كان الحلو يعلم أنه كان يرواض ذئباً) وصوره لأهل الولاية بالوالي الذي يستطيع أن يحقق انجازات يعجز غيره عن تحقيقها وقد كانت هذه فاتورة لحساب الانتخابات المؤجل وقد حل موعد تسديده. (أريد أن أسألك منذ متى كانت الحكومات المركزية جادة في تنمية الاقاليم ؟). بعد فشل سياسة الترغيب على ما يبدو، أخرج المؤتمر الوطني الورقة الثانية في رهان السيطرة على الولاية وهي الترهيب، الذي بدأ بطيئاً بأحداث تصور للرأي العام بأنها انفلات أمني ربما تضطر الحكومة في غمرتها بالغاء الانتخابات واعلان حالة الطورائ الذي ستستمر فيه تلقائياً ولاية هارون بالقبضة الحديدية. سيحاول المؤتمر الوطني جاهداً اضطرار الحلو وحركته الشعبية لاستخدام العنف حتى ولو دفاعاً عن النفس وحينها ستعاد سيناريو دار فور. سيحاول المؤتمر الوطني أيضا استخدام أساليب أخرى أكثر ايلاماً لتماسك الولاية، وهي ورقة القبلية والدين. وكما تعلم فان اهل الولاية منقسمون إلى ثلاث أعراق تقريبا: قبائل ذو اصول عربية، قبائل النوبة، وقبائل غير منتمية للفئتين السابقتين. في تقديري سيتم تصنيف النوبة دون تمييز وبالضرورة على أنهم حركة شعبية. وسيحاول المؤتمر الوطني استمالة بعضهم بالمال والدين. أما القبائل العربية، فسيُزرع فيهم هاجس استهدافهم من النوبة (راجع سودانيز اونلاين فقط بدأت تتضح ملامح ذلك) وأي عنف منهم سيصور على أنه دفاع عن النفس وسترافقه حملات ضربات استباقية لمواقع الحركة الشعبية. أما القبائل غير المنتمية للفئتين فسيحالون تحييدها كما تم تحييد قبائل في دار فور. ستكون معضلة الحلو وحركته الشعبية كبيرة هي كيفية المحافظة على تماسك النسيج الاجتماعي في الولاية والحركة. وربما يتم التشكيك في أيضا في قيادة الحلو بعدم انتمائه إلى النوبة حسب علمي. وأعتقد أن أول شيء ينبغي فعله هو عدم جر الحركة في صراع يصور كأنه أثني. للعلم كان هذا أكبر أخطاء حركات دار فور التي حاولت في البداية تصوير صراعها مع الحكومة بصراع عرب ضد قبائل أفريقية. وهذا الادعاء استثمرته الحكومة جيداً وجعل كثيراً من القبائل العربية تقف موقف الحياد رغم تعرض بعضها للتنكيل بآلة الجنجويد. قد تحاول الحكومة تجنيد معظم مقاتليها من القبائل العربية ولكن يجب ادراك أن كل القبائل العربية ليست مع الحكومة. وأعتقد بضرورة تركيز خطاب الحركة الشعبية على الوطنية ورد المظالم والابتعاد عن الصغائر والضغائن العرقية وتركيز بؤرة الصراع ضد الحكومة وليس مع قبائل أو افراد. هذه الحقيقة أدركتها حركات دار فور مؤخراً ولكن ما فعلته في البدء سيظل متجسداً في العلاقات الاجتماعية حتى حين. لماذا اختارت الحكومة هارون: هارون كما تعلم مطارد كرئيسيه من العدالة الدولية. وقد أغترف من الجرائم أعظمها. ومستقبله مرهون بمستقبل الحكومة، ولو أغترف جرائم أخرى ستضاف فقط إلى جرائمه السابقة وبالتالي فهو أكثر الناس تأهيلاً للمرحلة القادمة. وليس له مخرج إلا تسليم نفسه. ولو حاول الامتناع عن تلبية رغبات المؤتمر الوطني الجانحة ربما تضحي به الحكومة بتسليمه للمحكمة في محاولة تسوية (وهذا مستبعد بعد اتهام البشير) أو التخلص منه بالتصفية إذا مثل خطراً وتهديداً. اعتقد أن المشكلة التي تؤرق المؤتمر الوطني حالياً هو كيفية التعامل مع الواقع الجديد بعد انفصال الجنوب الفعلي في يونيو أو يوليو وذهاب اكثر من 40% من من الموازنة العامة التي كانت تغذيها عائدات البترول. لذا كما قلت في اعلاه ستحاول مضايقة حكومة الجنوب بكل الوسائل خاصة المناطق الحدودية المتنازع عليها. قد يحاول المؤتمر الوطني الوصول إلى تسوية مع الحلو وحركته الشعبية نظير سيطرة الأول على ولاية جنوب كردفان. من يدري ربما قام المؤتمر الوطني بمساومة الحلو بحقيبة أو حقيبتين وزاريتين في الحكومة المركزية نظير ذلك. لكن المؤكد أن المؤتمر الوطني لن يفرط في الولايتين (جنوب وغرب كردفان). خيارات الحلو والحركة الشعبية: لا أدري إن كان الحلو والحركة الشعبية مستعدان للدخول في مغامرة العنف مع المؤتمر الوطني رغم أني لا أحبذ ذلك لأن المؤتمر الوطني سوف لن يتورع في استخدام اقذر الأساليب وبالتأكيد ستتكرر مأساة دار فور مرة أخرى. سيكون الحلو في موقف لا يحسد عليه وهو يواجه ضغوط التهرش بالعنف من المؤتمر الوطني واصرار بعض مريديه ومؤيديه على الرد بعنف مثله أو أكثر منه. لو حدثت مواجهات العنف سيضطر الحلو إلى اعلان التمرد وستجد الحكومة ذريعة التفريط في استخدام العنف خاصة مع انشغال العالم باحداث أخرى يعتبرها أكثر أهمية من انقاذ شعب جبال النوبة. أعتقد أن على الحلو استباق الأحداث وتكثيف آلة الاعلام والتبصير بالأحداث الحالية، خلفياتها وتوقعات تطوراتها. وعلى هذه الخلفية لديّ ملاحظات في البيان الصحفي الذي صدر بتوقيع الحلو في هذه الأحداث: 1) راجعت سوانيز اونلاين (المسجل في مكتبة الكونغرس الأمريكي) ويعد أكثر المنابر مناكفة للحكومة ولم أجد البيان رغم وجود أعضاء كثيرون محسوبون للحركة الشعبية. 2) راجعت سودان نايل الالكترونية أيضا وهي من المواقع المنتشرة ولكني لم أجد البيان. 3) أعتقد أن البيان ولغته لم تكونا كافيتان بالقدر الذي يكشف عما يجري في الولاية. 4) لغة البيان فيه أخطاء لغوية ونحوية واضحة لذا من غير المعقول أن يوقع الحلو على بيان صحفي باسمه بأخطاء. وهذا مصدر تهكم في رئيس الحركة. يكفي أن يكون البيان ممهوراً باسم الحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان. والحلو هو مرشح الحركة. 5) اعتقد بضرورة كتابة بيان باللغة الانجليزية ونشره أيضا في المواقع الانجليزية. 6) استغربت من وصف احمد هارون بمولانا. كيف تصف عدوك بمولانا؟ 7) لا أرى أي رابط بالبيان الصحفي والأحداث وحركة العدل والمساواة التي وردت اسمها في نهاية البيان. أهم شيء هو استثمرار الحركة الشعبية لوجود كوادره في الخارج. لأنهم يستطيعون اطلاق انذار الخطر وهذا ما يخفيف المؤتمر الوطني. التركيز على لغة البيان عربي أو أنجليزي لأنه مهم في اقامة الدعوى لك أو عليك.
تقديري واحترامي
|
أسأل الله سبحان وتعالي أن يمدد في عمر اللازم سليمان وأن لا يريه وأهله مكروهاً. ولكن جملة من الأسئلة والاستفسارات دارات في رأسي وأن أقرأ المأساة الإنسانية في جنوب كردفان. هل كان الحلو مستعداً لخوض هذه المعركة رغم أن نتائجها أو على أقل تقدير كيفية سير أحداثها كانت واضحة المعالم. ولو لم يتوقع الحلو أو المحيطون به ذلك فهذه مأساة أخرى؟ أعتقد أن ما حدث في دار فور ولم ينته بعد كفيل بأخذ العبر والحكمة. . . والعبرة بالنتائج. . . لأني لا أرى نتيجة أيجابية في مقتل العشرات من الأخيار وحدوث دمار ينتهي بادانة المجتمع الدولي للحكومة وهي لا تزال جاثمة في صدور السودانيين. . . . . المجتمع الدولي ربما يتعاطف ولكنه لا يدرك مقدار ألم أسرة فقدت أبنائها أو أم ثكلى أو طفل يتيم فقد أباه أو مجتمع بأت مأكله وملبسه ومشربه مرهون باغاثة الأسرة الدولية وهو يملك من الأراضي أخصبها. لا زلت مصراً على أن العبرة بالنتائج لأن: كل قيادات الحركة الشعبية ستكون مستهدفة في جنوب كردفان. لا اعتقد أن الحركة الشعبية تملك جيشاً تستطيع به منازلة حكومة المركز. لا أعتقد أن حكومة الجنوب الوليدة ستدخل في غمار حرب لتساند الحلو. لا أريد احباط الناس وتبيط هممهم ولكن اريد فقط لفت الانتباه لكيفية إدارة الثوراث لأنها مسئولية القيادات، ويكتوي بنارها المواطنيين العزل. . . حياتهم المبرجلة أصلاً بسبب سياسات الحكومة ستتبرجل أكثر. قولوا لنا ما هي خيارات الحلو وهو يرى خيرة أبناء الحركة يتعرضون للتصفية هذا إذا نجا هو أصلا من التصفية والملاحقة.
|
|

|
|
|
|