إهداء لود الباوقة ومن لف لفه ((طيارة جات بي فووووووووق ))

Quote: انا اقول ليك يا حبيب، لكين لازم تعرف انو بعد التخريمة فى زنقة،، وركز لى فى الاشارات الحمراء والخضراء مفاجأة.. "التيار" تحصل على التفاصيل الدقيقة لغارة بورتسودان كشف شاهد عيان لـ (التيّار) لحظات قصف الطائرة الإسرائيلية للعربة السوناتا مساء الثلاثاء الماضية. وقال سائق تانكر غاز- فضل حجب اسمه- أنّه شاهد الطائرة الهلكوبتر الإسرائيلية (اباتشي) وهي قادمة من البحر الأحمر فيما كانت العربة السوناتا قادمة من الاتجاه المعاكس في طريقها إلى بورتسودان، ثم فجأة انقضت الطائرة على السيارة السوناتا وأطلقت عليها رشقة من مدفع رشاش ثقيل (توجد إحدى الطلقات لدى الصحيفة) لكنّها أخطأت الهدف واحدثت حفرة كبيرة في الشارع مما جعل السوناتا تخرج عن الشارع، لكن الطائرة الأباتشي استدارت فوق شاحنة الغاز واتجهت ناحية السوناتا ونزل بالتدريج نحو السيارة ثم نزل منها جندي. محمد البلة (29) عاماً.. مواطن بسيط يعمل سائقاً لشاحنة "تانكر".. شاء القدر أن يكون الشاهد الأقرب للحادثة.. شهادته التي رواها لنا تنسف كثيراً من الرويات المتبادلة بما فيها توقيت الغارة نفسه.. يقول محمد (كنت في طريقي من بورتسودان إلى الخرطوم.. الساعة كانت حوالي الخامسة عصراً.. الرؤية كانت واضحة تماماً.. الطريق أمامي طويل لأني بالكاد خرجت من مدينة بورتسودان ولم أتجاوز (15) كيلومتراً منها.. فجأة لمحت في الأفق طائرة غريبة الشكل.. سوداء اللون. لونها يبعث على الخوف والرهبة.. شكلها أشبه بطائر أسطوري كبير يريد أن ينقض على فريسة.. الطائرة كانت على ارتفاع منخفض للغاية. بضع عشرات من الأمتار من سطح الأرض. قادمة من اتجاه الجنوب في اتجاه الشمال. أي عكس اتجاهي تماماً..) واصل محمد البلة رواية اللحظات العصيبة السريعة القاتلة.. (كانت أمامي سيارة سوناتا واضحة المعالم. السيارة السوناتا أيضاً كنت تسير عكس اتجاه حركتي.. فهي قادمة من اتجاه المطار نحو المدينة.. وأقل لكم بكل صدق. والصورة مرتسمة في ذهني بدرجة صافية للغاية.. كنت أرى بوضوح سائق السيارة رجل سوداني واضح جداً من ملامحه أنه من أهل الشرق. لكني رأيت بجواره رجلاً أبيض ملامحه ليست سودانية..) (حتى هذه اللحظة) يواصل محمد روايته( لم يكن هناك ما يدعو للدهشة سوى منظر الطائرة الهيلوكوبتر التي تطير على ارتفاع منخفض وأزيز محركها يهدر بقوة.. لكن فجأة حدث ما لم يكن في حسباني أبداً.. ولن أنساه مدى العمر..). يعتصر محمد البلة مشاعره بقوة ليروي الثواني القاتلة العصيبة( بكل وضوح رأيت جنديين يرتدينا الملابس العكسرية الكاملة أحدهما يضع رجله خارج الطائرة بينما يثبت رجله الأخرى في جانب الطائرة. نفس المشاهد التي نراها في الأفلام الحربية..). (كنت أرى بكل وضوح آلة دائرية تشبه "البكرة" بجوار الجندي بينما أمسك بيده على مدفعه مصوباً نحو الأرض..) {الجندي كان يلبس حذاءً عسكرياً طويلاً ( بوت) ويرتدي قناعا} (في لحظة انطلق صاروخ من الطائرة نحو الشارع أمامي مباشرة.. الصاروخ أصاب الجانب الذي يقع في طريقي مباشرة. ولم يصب السيارة (السوناتا) التي كانت قريبة من الصاروخ لكنها في الجانب الآخر من شارع الأسفلت..) ويضيف شاهد العيان )اقتربت الطائرة من العربة (الهيواندي) وأطلقت قذائف تجاهها (تمتلك الصحيفة إحداها لم تنفجر) ولكنها أخفقت الرمية في المرة الأولى وأصابت القذائف طريق الأسفلت مما أدى إلى قطعه في مسافة تقدر تقريباً بـ20 متراً.. وانحرفت السيارة عن الطريق وخرجت إلى الطريق الترابي وفي هذه الاثناء إستدارت الطائرة فوق الشاحنة التي أقودها وعادت مرة أخرى في اتجاه العربة.) (تملكني خوف رهيب.. فالقذيفة وقعت في طريقي وأمامي مباشرة.. وليس هناك وقت.. الطائرة صارت فوقي تماماً وتستدير راجعة مرة أخرى.. وبينما السيارة السوناتا بعد أن أخطأتها القذيفة نزلت من شارع الأسفلت يبدو في محاولة للهرب من الطائرة..) (كنت أتوقع أن تقع القذيفة التالية في رأسي تماماً.. لأني أسير في اتجاه الموقع الذي سقطت فيه القذيفة الأولى.. لم يكن بوسعي سوى الانحراف بالشاحنة خارج الطريق المسفلت لأتجنب القذيفة التالية.. ولكن.. يا للهول.. كانت المفاجأة الكبرى..) يواصل محمد روايته المثيرة (في اللحظة التي أدرت فيها مقود الشاحنة للخروج من الشارع كان في طرف الشارع جسر صغير.. تدحرجت الشاحنة من فوقه إلى الأرض وانقلبت رأساً على عقب.. كل هذا حدث في ثواني معدودات..). (لم أصب بأي جرح يذكر.. بعض خدوش.. وتمكنت من الخروج من السيارة بسرعة.. لأشاهد اللحظات المرعبة..) (واصل الجندي المطل من نافذة الهيلكوبتر إطلاق النيران من المدفع الضخم الذي كان يتدلي على جنبه.. الصاروخ التالي أصاب السيارة "السوناتا" بدقة وفي وسطها تماماً.. أوقفها وأحرقها.. لكن الجندي استمر في إمطارها مزيداً من النيران.. ثم كانت المفاجأة الأكبر..) هبطت الطائرة الهيلوكوبتر إلى الأرض.. كنت أرى كل تفاصيلها ومن بها بصورة واضحة وأنا بجوار شاحنتي المقلوبة.. فالمسافة قريبة للغاية بيننا. توقعت أن ينزل الجندي إلى الأرض.. لكن لم يهبط من الهليكوبتر.. يبدو أنه حاول فقط أن يطمئن تماماً من أن الهدف تحقق بنسبة مائة في المائة.. ألقى نظرة من موقعه في الهيلكوبتر وهي جاثمة على الأرض.. ولم يستغرق ملامستها لسطح الأرض سوى ثوانٍ قليلة ثم عاودت الارتفاع تدريجياً.. ثم انحنت في اتجاه البحر و غادرت السماء والأفق الذي نراه. من موقعي كنت أرى العربة "السوناتا" وهي محترقة تماماً.. لم استطع أن أفعل شيئاً.. لم أكن قادراً على الاقتراب منها لأني لم أتمالك نفسي حتى تلك اللحظة.. ولم أكن أعرف على وجه الدقة ما يجب علىَّ أن أفعله.. وما يجب علىَّ أن أتجنبه.. بعد قليل تماسكت شيئاً ما ) يواصل شاهد العيان روايته (ذهبت في اتجاه العربة المحترقة ولاحظت بها جثثاً تفحمت تماماً.. ولكني أيضاً لاحظت وجود ملابس للأطفال داخل العربة..) ظل الوضع هكذا لبضع دقائق.. أكثر قليلاً من ربع الساعة.. ثم بدأت سيارات عسكرية سودانية وأخرى رسمية تصل سريعاً إلى الموقع وتحاصره.. وتمنع الاقتراب من موقع الحدث.. وتعاين بقايا السلاح والقنابل والصواريخ التي حول العربة.. حملوني إلى المستشفى لأني كنت مصاباً بعدة جروح.. لكن حالتي لم تستدعِ البقاء في المستشفى طويلاً.. فخرجت بحمد الله.. وتركت شاحنتي المقلوبة في مكانها.. لأعود إلى أهلي لأذبح كرامة السلامة من صواريخ الغارة..