الطاحونة- قصة قصيرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 11:20 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-29-2011, 10:09 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الطاحونة- قصة قصيرة

    عندما شاهدتْ حليمةُ بت عبد الرحمن الدقيق يخرج من فوهة الطاحونة ناعماً أبيصاً زغردة زغرودة انتصبت لها قامات الرجال فى قرية مديفين فحولة. أما خالها " الضبيب" حلف بكل جدوده ان ما يحدث هو من خزعبلات الترك و(صحرمة) الجلابة ثم زعم أن كل آكل من دقيق الطاحونه هو بلامحالة تركاوى ثم يحشر يوم القيامة مع الاتراك وليس له من خلاص.بالفعل هذه أول طاحونة تدخل ذلك الجزء من العالم ، فقرية" مديفين " نبتت وحيدة معزولة كأنها مقطوعة من قعر شجرة لا أحد يعرف حتى أين موقعها على سفح جبل طمبرية...الغريب فى الأمر ولم يُشار اليها فى كل كتب الجغرافيا والتاريخ السودانى. لكن لقد ظلت القرية موجوده دون أدنى شك منذ زمن طويل. قيل أن سكانها الاوائل كانوا ينتسبون الى مملكة الباقرمى فى غرب السودان ، ومن المعروف ان ممالك غرب السودان ظلت مهملة لدى تاريخ السودان أيضاً. ما يهمنا هنا حكاية الطاحونة ، فالناس من قبل كانوا يسحنون ذراهم بالمرحاكة وهى رحاة حجرية يتم تسويتها من جبل "طمبريه" الذى يقع على بعد 20 كيلو من القرية .
    كان للطاحونة اثر كبير على حياة الناس محدثة تحولات اقتصادية واجتماعية. صوت البابور (تف..تف .تف ) يشق صمت القرية البهيم طاردا للوحشة السرمدية. كماأستطاع صاحبها توليد الكهرباء من ذلك الجرنيتر الصغير المرفق بالرحاة. فشهدت القرية أول لمبة كهربائية .أنقطع راس الناس هناك وهم يرون الكهرباء لأول مرة.فمن قبل لم يكن النور موجودا!!.
    قال أحدهم – لم أر كهرباء منذ أن ترك الانجليز هذا البلد يوم أن كانوا يأتوننا بالسينما بالمتجولة!!
    وقال آخر – الدنيا خربت ! ماذ تبقى لنا بعد أن دخلت الكهرباء دارنا غير أن نتحدث بالخيوط والتلفونات وينطبق علينا قول الشيخ فرح ود تك توك ( فى آخر الزمان الكلام بالخيوط والسفر فى البيوت).
    هكذا صارت النساء منعمات وتخلصن عنف الرحيك بأيدهن ..كانت ايادى نساء قرية ( مديفين) من قبل الطاحونة ايادى خشنة ، متفنة ، قوية ..اذ كانت المرأة تقضى نصف النهار ترحك العيش لتوفير الدقيق للطعام ثم تقضى النصف الآخر فى احضار الحطب لأشعال نار الطعام. لكن اليوم النساء صرن نواعم الايادى بلامحالة. حتى قال فكى القرية ابكر ود شيخ الدنعيم – ربما تحولن الى نساء بندر والعياذ بالله!!
    لم يكن المعتمد يرغب فى هكذا تحول الاجتماعى المبنى على بنى اقتصادية وعلاقات انتاج . كل التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية يجب أن تتم بواسطة المعتمد فهو المسؤول الاول والاخير فى هذه المنطقة التحولات. يستعين فى ذلك بلجنة خاصة يستشيرها عن كل شيئ . عموما بعد مضى زمن مقدر وصل تقرير الى السيد المعتمد يزعم أن الطاحونة مملوكة لحزب سرى يعمل على تغيير نمط كسب العيش وحياة الناس وتدمير ثقافتهم المحلية .!!!
    لم يصدر المعتمد قرارا ينص على ايقاف أو قفل الطاحونة ، لكن بنظرية الثنائية التنافسية ، أستطاع المعتمد احضار طاحونة أخرى. كانت طاحونة المعتمد كبيرة فخمة ، لها أنوار ، وكشافات ، تقف منتصبة كما الطود الاشم ، لها شنة ورنة ، وعند الافتتاح حُشر لها الناس ضحى ، ولأول مرة دخلت السيارات اللاند كروزر تلك القرية النائية ، وتم تعليق مكبرات الصوت فوق أفرع الأشجار ، ثم بدأت مباراة فى الكلام ، ابتدرها السيد المعتمد الذى زعم : من أدخل ربع كيله من الذره فى طاحونه حصل على كيله من الدقيق ، والحسنة بضعف أمثالها !! ثم أعقبه مسؤول كبير جاء من دار صباح له كرش كبير ، ودم مليئ بالدهون الى درجة الزبحة الصدرية ، قال : لقد وعدناكم بالطاحونة وها نحن نبر بوعدنا ، وقريبا سوف يصلكم ماء النيل منحدرا فعليكم بزراعة السمك.فقال فكى أبكر ( لا زراعة لحى)!فأخذه رجال غلاظ مهمين بعيدا لبرهة فعاد أغبرا!!
    فى اليوم التالى هرع المواطنون بذراهم لطاحونة المعتمد كى يحظ كل منهم بضعف مقدار قلته..لأن الحسنة بضعف أمثالها. لكن ما حدث هو العكس ، كان يصبون كيلة كاملة من الذرة فى الطاحونة ولا يحظ الشخص الا ببعض دقيق بمقدار الكف الواحدة . ثم يستلم الشخص ايصال مكتوب علية عدد من القطوعات وهى كالآتى:
    - ضريبة الجريح
    - ضريبة اللون الابيض للدقيق
    - ضريبة حجر الرحاة
    - دمغة الجهاد
    - دمغة الاشياء التى تشبه الاشياء

    كل هذه الاستقطاعات تتم من مقدار الدقيق !!
    بعد مرور سبعة أيام أصدر فكى ابكر فتوة تنص على الآتى" طاحونة المعتمد تأكل السحت ومن يتعامل معها يقع فى حبال الحرام" . هكذا اختفى فكى أبكر الى الابد ...أما طاحونة قرية مديفين لا زالت تُسمع صوتها الدفين الناعم ..تك..تك..تك..تك . هكذا انقسم الناس فى قرية مديفين الى حزبين "حزب طاحونة مديفين" و"حزب طاحونة المعتمد"

    فى اليوم التالى أصدر المعتمد قرارا هو الاول من نوعه ( يتم قفل طاحونة مديفين بالضبة الى حين اشعار آخر) .هكذا توقفت الطاحونة من (التكتكه ) الليلية والنهارية ، وخمدت اللمبة الكهربائية الوحيدة فى قرية مديفين ، وعادت النساء الى سحن الدقيق بايديهن حتى الرعاف. لكن هناك شيئ واحد لم يعط له المعتمد بالا وهو جبل ( طمبرية) الذى ظل يرمى بظلاله منذ نحو خمسين ألف سنة فوق القرية....هذا الجبل هو الشاهد الوحيد على المظلمة فبدأ يتململ فى وتده ..ثم بدأ يزحف رويدا ..رويدا نحو قرية مديفين ...الناس بين مصدق وغير مصدق ظل الجبل يواصل زحفه الهادى ....كانت القرية تقع غرب الجبل ، فيكسوها الجبل بظله لباساكل يوم ، لكن ها هو الظل يتجاوز القرية حتى صارت فى حضن الجبل...تلك كانت ظاهرة كونية فريدة ، متى تسير الجبال مظلمة ، الجبال أوتاد ، فهرعت كل أجهزة الاعلام المحلية والعالمية ، ثم تطور الأمر عندما نقلته الفضائيات ، (جبل يسير) ...الجبل الزاحف ، فعجت المنطقة بالسواح الاجانب من أوربا ، وأمريكا ، وآسيا. أما أهل القرية كانوا يمارسون حياتهم بهدوء وكأن شيئا لم يكن . وفى زمرة ذلك هتف هاتف قائلا...سوف ترمى علينا الجبال معاطفها لتخبأنا من ظلم المعتمد.
    ثم حدث ما لم يكن متوقعا ، أمام كل الاعين ، أصدر جبل طمبرية أزيزا وهدير ، ثم أمتدت صخرة كبيرة فى شكل لسان ، تحركت الصخرة وأصلها ثابت فى الجبل نحو (طاحونة المعتمد). أندهش الناس فى هذا الاجراء الجبلى المهول ، وهم يرون كل شيئ بأم أعين .استدعى المعتمد قوات الشرطة ، لكن دون جدوى واصلت الصخرة تقدمها ، حتى اذا ما وصلت الى طاحونة المعتمد نزلت بهدوء أشبه بسكين طرين عريض لتقتلع طاحونة المعتمد من الأرض فاصبحت الطاحونة على المقلاع والمنجنييق فرمى بها المقلاع الجبلى الى وسط الجبل كرررررررررررررو حتى ارتجت الارض ، ثم عادت الصخرة بهدوء الى أصلها الجبلى حتى اختفت فيه كليا . بعد ذلك مباشرة بدأ الجبل فى الزحف الى الوراء الى مقره ، بهدوء تام ، حتى اكتمل الظل ..
    قال الناس فى قرية مديفين (( الله يخلى لينا جبلنا...والزارعنا يجى يقلعنا))
    انتهت
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de