|
|
 أغلق هذه الخليعة وشغل لنا السديس - زين العابدين بن علي
|
زين التائبين بن علي
: من قلم : ايمان عياد
بعد خراب تونس قرر بن علي أن يغادرها إلى مالطا. يبدو أنه قرر مغادرتها فحسب دون أن يحدد وجهةً معينة، فلازال يعيش على وهم الوجاهة السابقة. سيكون عليه أن يقلع سريعا، وفي الجو سيفكر بهدوء إلى أي بلد يتجه..
أتخيله محرجا كثيرا من قائد الطائرة، لإيمانه أنه يقوم بعمل إنساني لا أكثر هذه المرة، وبدافع من شفقة، لكنها لحظات ويصل إلى حيث يريد ويعود الطيار إلى تونس..
في هذه اللحظة يفكر الطيار: هذا الذي كان كل شيء لم يعد شيئا الآن، يمكنني أن أقفز بمظلتي وأتركه يواجه مصيره في السماء كما واجه مصيره على الأرض، ولن يتهمني أحد بقتل ولي الأمر، فليس له من الأمر شيء!!..
لكنه لم يتمكن من استيعاب ما حدث بعد، كملايين من أبناء الوطن العربي، من المحيط إلى الخليج، من النهر إلى البحر.. يعود الطيار ويستغفر الله العظيم، بصوت مسموع، ثم يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
في تلك اللحظات كان بن علي ينظر من النافذة إلى البلد الذي لن يعود إليه ثانية، ثم يضع رأسه بين ركبتيه، ربما كان يستعرض شريط الماضي: اللعنة عليك يا ليلى وعلى البهيمية التي جعلتني أقترن بك.. فعلا، وراء كل رئيس مخلوع امرأة.. تأكدتُ الآن أن ياسر عرفات لم يمت بسم إسرائيلي، بل بسم سها الطويل..
يحس الطيار بما يعانيه ويحاول أن يهدئ من روعه: لا معنى للندم على ما فات سيدي الرئيس، من يدري.. قد يتمنى بعض الزعماء نهاية كنهايتك هذه.. عُثر على الرئيس صدام في قبو ثم أُعدم يوم عيد، وقُتل الرئيس السادات على المنصة شر قتلة، ومات الرئيس ياسر عرفات شهيدا شهيدا شهيدا بسُـم إسرائيلي، ولقي الرئيس الأمريكي كيندي حتفه على يد شخص معتوه لا يساوي بصلة، أعني أنك محظوظ بهذه النهاية كثيرا.. إنها في كل الأحوال بداية لحياة جديدة..
بن علي: فهمتك.. أي نعم، أنا فهمتك
الطيار: والدهر يومان، يوم لك، ويوم عليك
بن علي: فهمتك
الطيار: وإذا ما التامَ جرحٌ.. جد بالتذكار جرحُ
بن علي: فتعلم كيف تنسى.. وتعلم كيف تمحو
الطيار: أحسنت سيدي الرئيس.. هكذا أريدك..
يُفكر بن علي: لن أُستقبل كرئيس، ولا حتى كلاجئ، سأكون في نظر الجميع، الرئيس الذي طرده شعبه شر طردة، ستتحدث كل وسائل الإعلام عن نهايتي كدكتاتور، وعن بطولة الشعب التونسي، ستُفتح كل الملفات المتعلقة بالفساد، حتى أقرب المقربين لي سيتجملون للشعب على حسابي، وهذا الحمار يطبطب عليَّ بمثل هذه الجُمل..
يفكر الطيار: كانت البلاد تحت رحمته، وهاهو الآن تحت رحمتي، ما أسوأ أن يكون المرء رئيسا، يصبح كل ما يتعلق به كبيرا، هل كانت علاقة بيل كيلينتون بمونيكا ستتحول إلى قضية رأي عام لو لم يكن رئيسا؟.. أكيد لا..
بن علي: شغِّـل لنا أي شيء نسمع
الطيار: حاضر سيدي الرئيس.. ويفتح فيروز: ردني إلى بلادي
بن علي: أسمعنا شيئا آخر
الطيار: حاضر سيدي.. ويفتح لطيفة التونسية: حبيب ما تروحش بعيد
بن علي: وهذه غيرها أيضا
الطيار: حاضر سيدي.. ويفتح هيفاء: بوس الواوا.. ليك الواوا.. خلي الواوا بح..
يمتد بن علي على ظهره ويضع يديه مشتبكتين على رأسه ورجلا على رجل ثم يقرر أن يتجه إلى جزيرة مالطا: اتصل بالمسئولين في مالطا وأخبرهم أن طائرة الرئيس بن علي ستهبط في مطارهم..
الطيار: رفضوا سيدي الرئيس
بن علي: لماذا؟.. ثم يتذكر أنه لم يعد رئيسا: طيب شوف أي دولة قريبة أخرى
الطيار: ليبيا رفضت سيدي الرئيس
بن علي: كان بإمكان هذا المجنون صاحب الكتاب الأخضر أن يستقبلني حتى في خيمته التي في الصحراء.. طيب شوف مصر..
الطيار: رفضوا سيدي الرئيس.. قالوا بأنهم يحترمون إرادة الشعب التونسي!!.
بن علي: مبارك آخر من يحق له أن يتكلم عن احترام إرادة الشعوب.. اللعنة على العرب.. شوف فرنسا.
الطيار: اعتذروا سيدي الرئيس
بن علي: إيطاليا
الطيار: اعتذروا سيدي الرئيس
بن علي: اللعنة على العرب والعجم والفرس والترك والبربر..
كان بن علي بحاجة إلى أزمة كهذه حتى ينسى صدمة فراق العرش التي كانت ستقضي على ما تبقى من عقله تماما.. هاهو الآن معلق بين السماء والأرض، يرفضه العالم بعد أن طرده شعبه، ولا هم له سوى أن يجد مسكنا يأوي إليه حتى لو كان خيمة من قش..
بن علي بعد تفكير طويل: جرب السعودية
الطيار: مبرووووووووووووووووك.. وافقوا سيدي.. ثم يترك كرسي القيادة ويقوم ليعانق الرئيس..
بن علي: لا إله إلا الله.. أغلق هذه الخليعة وشغِّل لنا السُـديس.
(وصلني بالايميل) مع خالص التحية ..
|
|
 
|
|
|
|
ABU QUSAI
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست