غريزة الدكتاتور*

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 02:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-12-2011, 06:08 AM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
غريزة الدكتاتور*

    غريزة الدكتاتور*
    محمد جميل أحمد
    (شجرة الحرية تسقى بدماء الطاغية) روبسبير
    العيون نوافذ الروح ... من يتأمل عيني مبارك ، فيما كان يلقي خطابه الأخير ، لا يخفى عليه بريق متوحش كان يخرج منهما مشوبا بطاقة هائلة من الحقد ؛ طاقة كان لمعانها كافيا بأن يجعل من كلامه المعسول هباء منثورا .
    إنها حقيقة الدكتاتور : حقد بدائي ، غريزة متوحشة ، ومزاج دموي. لذلك كان الدكتاتور يجهد كثيرا لتثبيت سحنته في هيئة بشرية ، وبالكاد كان يقاوم الظهور كحيوان مفترس والكف عن الأثير المتوحش الذي تدفق من عينيه ، دون جدوى . فقد شوشت عليه تلك " المخلوقات " المارقة ما أعتاد عليه لأكثر من ثلاثين سنة في جنة النسيان . في هذه اللحظة من الغضب المدمر لا يليق بالدكتاتور إلا أن يتصرف كإله ممتن على مخلوقاته . كان غضبه كبيرا لأنه فقط تعجب : لماذا يكرهونه كل هذا الكره ؟ وبين مشهدين متناقضين في ذات واحدة ، بدت نوافذ الروح أصدق تعبيرا من خطاب اللسان . فذلك التناقض هو الذي جعل الدكتاتور يتذكر فجأة وبعد أكثر من 15 يوما ، الحاجة البرجماتية للاعتذار عن موت الشباب الذين قتلوا بأوامره. وكان لسان حاله يتقمص هيكل إله جريح حين تعهد بتفويض سلطاته إلى نائبه عمر سليمان . في مثل هذه اللحظات الحرجة تتكشف ظاهرتان خطيرتان تعملان بطريقة عكسية : طاقة سحرية طردية لقوة الشعب وإرادته ، في مواجهة طاقة عكسية متوحشة للدكتاتور من أجل البقاء على السلطة بأي ثمن . وخلال العمل الطردي والعكسي للظاهرتين يمكننا رصد حقيقة كبرى تتجلى للعيان مع انهيار كل الأقنعة عن وجه مبارك. ذلك أن إحساس الدكتاتور بالسلطة المطلقة في هذه المنطقة هو بالنسبة له جزء من معطيات الطبيعية ؛ كطلوع الشمس وتدفق الماء والهواء .ولهذا كيف بمن له مثل هذا الإحساس الأوقيانوسي بالسلطة أن يصغي لتلك الملايين من " الحشرات المؤذية " ؟ إن ذلك التدفق الجاف للكلمات العقيمة عبر أداء مسرحي نزق ومتعجرف ، كان يختزن حمولة معنوية نقيضة للالفاظ ؛ حمولة تفيض بأقذع أنواع التحقير والإذلال عبر الجدل الواضح بين عين الدكتاتور ولسانه وهي حقيقة مؤلمة تضعنا أمام مسافة هائلة في نفس الدكتاتور عن كل القيم السياسية التي يتشدق بها . فهو لا يسمع هياج تلك الملايين أمامه بالرحيل إلا كما يسمع الفيل طنين البعوض. إنه نسخة صدئة لإله من العالم القديم في الأزمنة الحديثة ، ولكنه إذ يكشف عن مثل هذا الشعور الخطير واضحا وجليا بعد خفاء كان ينام تحت جلده طوال ثلاثين سنة ـ وهو بالطبع شعور يسكن في العقل الباطن لكل دكتاتوريي هذه المنطقة ـ ؛ يكشف عن ذلك العار التاريخي المخزي والمعبر عن الإهانة والإذلال كطريقة وحيدة لعلاقات القوة بين السلطة و الشعب . فجأة تأخذ المعاني الجديدة التي يكتبها الشعب للحرية والكرامة والحقوق والعدالة دلالات أخرى في قاموس الدكتاتور. فالتجمع في ميدان التحرير ـ بحسب الدكتاتور ـ مؤامرة خارجية ، والحراك الكبير للشعب المصري هو نتيجة استماع ضار لبعض القنوات الخارجية ، والديمقراطية ترف لا تستحقه مصر في هذه اللحظة . وهكذا نجد أن المشهد برمته في ما يحدث في مصر الآن ليس فقط صراعا في حدود مصر بين الدكتاتور والشعب ؛ بل وكذلك هو انكشاف وحراك بشع للأساطير التي تقبع في نفوس دكتاتوريي هذه المنطقة . إنها طبقات أركلوجية تتجلى الآن بأوضح معانيها وتكشف عن قناعها المخزي أمام الملايين من البشر وعلى الهواء مباشرة بأن قضايا الديمقراطية والحريات والحقوق التي هي من بديهيات العالم الحديث هي هنا في هذا الجزء من العالم ألغاز عويصة مستحيلة على الفهم في عقل الدكتاتور فضلا عن التطبيق . إنها الأفكار الملوكية المتخلفة للقرون الوسطى تبدو بأوضح صورها إزاء مسألة السلطة في أذهان ديكتاتوريي العالم العربي . وبهذا الاعتبار فإن ما يجعل تحقيق تلك المفاهيم خبزا يوميا للناس والحياة في المنطقة العربية هو فقط تضحيات وإصرار الشعوب على الموت من أجل إشاعة تلك القيم وجعلها في متناول أيدي الناس. ان الانتقال الديمقراطي في هذه المنطقة مخاض عسير ليس فقط بسبب أن الماضي وما ينطوي عليه من رؤى وتصورات قروسطية لمفاهيم السلطة والطاعة ظل باستمرار هو الجدار الصلب خلف كل المظاهر الحداثية الخادعة لمجتمعاتنا العربية ، بل وكذلك بفعل استعصاء استراتيجي حديث أجمعت عليه القوى الدولية لمنع هذه المنطقة من دخول مرحلة الحداثة السياسية ، وإدراجها في استثناء من رياح التغيير الديمقراطي خوفا على أمن ورفاهية إسرائيل. وهكذا فإن مايعرفه الدكتاتور من علاقته بالقوى الدولية التي سوقت له القمع بحجة الاستقرار غذى لديه تلك الغريزة السلطوية المستحكمة ورفعها إلى مصاف جعلته يصدق أن سلطته على الشعب هي جزء من غريزة البقاء الطبيعي في الحياة بما يجعل حياته مساوية تماما لغريزته السلطوية . بيد أن الشباب المصري الجديد الذي هو أقرب لنبض العالم الحديث كان يطرح أفكاره بعيدا عن تلك المعادلات والموازنات الدولية والتاريخية التي جعلت من التاريخ في هذه المنطقة يسير بخطى السلحفاء.هذا شباب يريد أن يعيش ببساطة (لا يمكن أن يتصورها الدكتاتور) حياة ديمقراطية قائمة على الحقوق والحريات والعدالة مثل كل الشباب في العالم بل ومستعد لأن يموت من أجل تحقيقها بحسب ما ذكر (وائل غنيم) أحد قادة الثورة المصرية الشبابية . هذه اللغة الجديدة والغريبة على عقل الدكتاتور المتحجر أصبحت بالنسبة له لغزا عويصا ، فيما أصبحت بالنسبة للولايات المتحدة وأوربا حرجا أخلاقيا بالغ الحساسية . لهذا تعجب الدكتاتور من موقف الغرب الذي آثر في العلن الوقوف مع الشباب بدلا من الوقوف معه . والسبب ببساطة: أن ما يجعل الغرب يقع في هذا الحرج الأخلاقي هو إجماع الشعب وخروجه بالملايين إلى الشوارع من أجل إسقاط النظام . إنها صناعة ثقيلة للتاريخ ينتجها الشباب المصري لكسر ذلك الاستثناء الذي جعلته الأنظمة الغربية نصابا مفروضا على هذه المنطقة . وبما أن حيازة الدكتاتور للسلطة في نظره جزء من هبات الطبيعة فإن ما يقتلع ذلك الإحساس الأركلوجي من نفس الدكتاتور لابد أن يكون زلزالا اجتماعيا يشبه زلال الطبيعة كما يحدث في مصر الآن.
    * نقلا عن صحيفة إيلاف الإلكترونية ـ الجمعة 11/2/2011م
    [email protected]
    http://www.elaph.com/Web/opinion/2011/2/631161.html?entry=homepagewriters
                  

02-12-2011, 05:30 PM

أحمد الشايقي
<aأحمد الشايقي
تاريخ التسجيل: 08-08-2004
مجموع المشاركات: 14611

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غريزة الدكتاتور* (Re: محمد جميل أحمد)



    Quote: إنها حقيقة الدكتاتور : حقد بدائي ، غريزة متوحشة ، ومزاج دموي. لذلك كان الدكتاتور يجهد كثيرا لتثبيت سحنته في هيئة بشرية ، وبالكاد كان يقاوم الظهور كحيوان مفترس والكف عن الأثير المتوحش الذي تدفق من عينيه ، دون جدوى


    شكراً محمد جميل

    كل الدكتاتوريات بنات عـم


    أحمد الشايقي
                  

02-13-2011, 12:23 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غريزة الدكتاتور* (Re: أحمد الشايقي)

    شكرا أحمد على المرور والقراءة والتعليق
    محمد جميل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de