|
مرحبا بالغزو المصري للسودان! ألف مبروك ياشعب مصر
|
أعترف أنني بعد أن قضيت أشهرا في مصر وأنا في ريعان الصبا حينها، لم يعجبني الشعب المصري كثيرا، وكان أشد ما أثار استيائي فيه ألقاب بيه وباشا التي كان المصريون يستعملونها وكأننا لا زلنا في عهد الأتراك، واحتقار الأغنياء لفقراء الفلاحين والعمال وإهانة كرامتهم بسبب فقرهم. خرجت من مصر وأقسمت ألا أعود لها مرة أخرى وهو قسم بررت به حتى الآن! كانت تلك الصورة التي رأيتها لمصر مخالفة تماما للصورة التي تلقيتها من أبي وأعمامي من جيل الإستقلال المؤيد لوحدة وادي النيل، والذين كانت مصر بالنسبة لهم هي المنارة الفكرية: مصر الأزهر وعلوم اللغة العربية والدين الإسلامي، مصر العقاد وطه حسين والمجلات الثقافية الشهيرة، مصر عبد الناصر والقومية العربية، وقد تدهورت مكانة مصر الثقافية تباعا عبر العقود الماضية فانصرف عنها جيلنا إلى منابع ثقافية أخرى. لكنني اليوم صحوت من النوم وفتحت قناة البي بي سي ليطالعني وجه رجل يحمل تعبيرا مهولا وهو يلقي البشرى بتنحي مبارك. غلبتني العاطفة فسالت دموعي فرحا للمرة الثانية خلال أسابيع بعد تحرر شعب الشابي.
يالها من لحظة تاريخية أحمد الله أنني عشت حتى رأيتها، ولا شك أنها دخلت في عمق أعماق روحي وأصبحت جزءا لا يتجزأ من تكويني النفسي والروحي. الآن تحرر المصريون من اضطهاد الفراعنة مدعي الألوهية ومن اضطهاد المماليك واضطهاد الأتراك. الآن أصبح المصريون بشرا أحرارا يشاركون إخوتهم الأحرار في أنحاء العالم بناء عالم يسعى لغد أفضل.
لم أؤمن بوحدة وادي النيل يوما لكنني حين أنظر لشعب بلدي الذي تحول لشعب من العبيد الأذلاء الذين يخشون أن تكف الشمس عن الشروق وأن تكف الأمطار عن النزول إذا فقدوا الجنرال الذي سامهم سوء العذاب، حين أرى شعبا أصيب بالماسوشية فأصبح يستمتع بتعذيب الحاكم له، أتمنى حينها أن تنهار الحدود بين مصر والسودان! عدنا مرة أخرى لكي نتعلم منكم أيها المصريون، فليت عدوى فيروس أنفلونزا الحكام تنتقل منك إلينا سريعا!
عاشت الحريات الأربعة، وعاش الغزو المصري للسودان!
|
|
|
|
|
|