الذين آثروا مصالحة جلاديهم نمازج وصور

Quote: د.مضوى الترابى الجو يميل الى البرودة فى احدى امسيات الخميس فى النصف الثانى من اكتوبر وبالتحديد 19 اكتوبر 1989 م كنت افكر ان اذهب لقضاء عطلة اية الاسبوع فى قريتنا – حلة حمد الترابى – بمنطقة شمال الجزيرة. كما هى عادتى دائماً ولكن نقص الوقود فى محطات البنزين جعلنى اغير رأيى وأبقى فى منزلى بضاحية الصافية شمال الخرطوم بحرى. فى الواحدة والنصف صباحاً سمعت طرقاً عنيفاً على شباك غرفة نومى، توقعت ان يكون من رجال الأمن فقد شعرت فى الاسابيع الثلاثة الاخيرة السابقة لهذا اليوم أن حركتى ومنزلى قد وضعا تحت المراقبة . كان عددهم حوالى 7 أو 8 أشخاص وكانت العربة "البوكس" التى اقلتهم تقف غير بعيدة من المنزل محروسة أيضاً باثنين من عناصر كتبية المظلات رقم 142 . اكملوا تفتيش المنزل فى الرابعة صباحاً، وتم اقتيادى لمبنى لجنة الانتخابات السابق الواقع بين المصرف العربى ومبنى قيادة الخرطوم المركزية وهنال وجدت صديقى وزميلى الشريف الصديق الهندى وبعد ساعة 3 متر ولا توجد به شبابيك * تم احضار نصرالدين حسين من وزارة المالية وضعنا كلنا فى مبنى أصم الجدار مساحة 3 وبابه من الحديد "الصاج" السميك وأرضه من الاسمنت – أظنه كان مبنى حفظ صناديق الانتخابات او مخزن للسلاح .

Quote: بدأ ذلك المسلسل المضحك المبكى الذى مر به كل من أصبح نزيلاً فى بيوت الاشباح بالشتائم البذيئة، الحرمان من النوم، عدم الاغتسال او السواك، الذهاب لدورة المياه مرة واحدة فى اليوم، أو مرتان فقط، مرة فى الصباح ومرة فى المساء، عدم تغيير ملابسى ائياً، ملء الغرفة بالماء القذر حتى لا نجلس او ننام، الضرب بخراطيش المياه فى الامسيات وهكذا بقينا حتى ذهبنا الى سجن كوبر بعد مدة، ولم يصدق من كانوا بسجن كوبر وقتها ماقلناه لهم لولا أم رأوا بعيوم الحالة المزرية التى وصلنا ا الى السجن فى الحادية عشر ليلاً، لأننا كنا أول مجموعة تتعرض لمثل هذه المعاملة وتدخل فيما عرف لاحقاً ب "بيوت الأشباح" كنت وقتها اعانى من مبادئ قرحة نازفة، كما أرتفع عندى ضغط الدم بصورة ملحوظة، كما لاحظت أن الزيارة التى كان من العادة يسمح فيها للمعتقل باستقبال أهله وذويه بعد اسبوعين لم يسمح لى والاخ الشريف الصديق الهندى ا وقد قرر الطبيب المشرف على السجن أن نحول الى السلاح الطبى لعمل منظار للمعدة ، وكذلك اقر الموضوع طبيب آخر زائر كان برتبة مقدم بالسلاح الطبى. وبقيت منتظراً حتى تم الافراج عنى من سجن كوبر دون ان يُسمح لى بزيارة السلاح الطبى بامدرمان . تطورت القرحة النازفة فى هذا الوقت بعد اربعة اشهر فى سجن كوبر دون ادوية اوعلاج الى ورم بالمعدة وهبط مستوى الهموقلوبين فى الدم الى أقل من 40 % نتيجة للنزيف وكنت لا ادرى لذلك سبب اً . بعد الخروج من كوبر، وكما هى عادم مع بعض المعتقلين، تعرضت الى مراقبة مستديمة تكاد تكون على مدار الساعة وهى من العوامل التى تؤدى الى زيادة التوتر وازدياد معدل ضغط الدم وتفاقمت القرحة والنزيف. تقدمت باكثر من طلب للسفر للخارج اولاً لمواصلة عملى بالخارج حيث لا عمل لى ثانياً للعلاج ولم يستجب لطلباتى أخيراً قررت الخروج وبطريقتى الخاصة وأفلحت فى ذلك وأجريت فحوصات فى المانيا والمملكة العربية السعودية وأجريت عملية جراحية لإستصال الورم فى المعدة وكللت والحمد لله بالنجاح، ولكن تم إستصال نصف المعدة والاثنى عشر والمرارة معها. وأخضع الان لعلاج مستديم من ضغط الدم . أثناء وجودى بالخارج التقيت بالطبيب المقدم الذى قرر ان يتم علاجى بالسلاح الطبى ومارس بعض الضغوط وكتب بعض التقارير عن حالتى. علمت منه أنه قد فصل من العمل بواسطة زميله الطيب ابراهيم محمد خير لأم رأوا منه تعاطفاً معى او مع حالتى وأخبرنى أن اموعة العسكرية المكونة من عبد الرحيم محمد حسين وبكرى حسن صالح والطيب ابراهيم محمد خير وابراهيم شمس الدين كانت تتمنى أن يتم علينا القضاء بالمرض طالما أن هنالك ظروف سياسية تحول دون تقديمنا الى محاكمة أيجازية او صورية . الشخص الذى أ شرف على الاعتقال والتعذيب والمتابعة فى كوبر والمراقبة فيما بعد، فى حالتنا وغيرها من الحالات الكثيرة جداً هو ضابط أمن أسمه الحركى "عمر ود الحاج" وأسمه فى الجهاز محمد احمد، كان قد تعرض الى حادث حركة

Quote: فى صيف 1990 م ولزم الفراش فى السلاح الطبى لمدة طويلة لاصابته بكسر مركب فى رجله اليسرى وحوضه. يتقلد الان رتبه امنية قنصلية فى جنوب افريقيا .

Quote: بيد أنه ليس هنالك أي تاريخ نضالي يذكر للرجل خلال تلك الفترة حسبما يمضي إلى ذلك القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي (المسجل) محمد الشيخ محمود الذي يشير في حديثه لـ(الحقيقة) إلى أن الترابي والذي عمل كعضو ومساعد للأمين العام بالحزب كان يُظهر طموحا كبيرا ويضع منصب الأمين العام للحزب نصب عينيه، لكن سرعان ما تلاشت آماله عندما اختار الشريف الهندي الدكتور جلال الدين يوسف الدقير للمنصب عقب عودته للسودان على خلفية مبادرته الشهيرة التي وقعها مع النظام الحاكم في العام 1996لتضع حدا لخلافاته مع النظام الإنقلابي الجديد ..وبعد أن فقد الترابي موقعه الذي كان يطمح فيه كان يعمل على افتعال الصراع بين الأفراد داخل الحزب؛ الأمر الذي أدى لخلق جفوة بين أجهزة الحزب (المكتب السياسي والأمانة العامة) فبدلا من أن يلعب الاثنان دورا تكامليا كان مضوي الترابي يخلق جفوة غريبة بين الجهازين أدت إلى جعل أحدهما يعمل كمواز للآخر وليس مكملا له حسب محمد الشيخ . لكن دور الرجل المثير للجدل لم يقتصر على حدود حزبه الذي توالى مع الحزب الحاكم فقد عرف الناس مضوي الترابي كبرلماني معين يدافع باستماتة عن سياسيات نظام الإنقاذ مفنداً لمزاعم المعارضين وداحضاً لحججهم وهو الأمر الذي فتح أمامه أجهزة الإعلام الرسمية على مصراعيها ،فقل أن تجد برنامجاً تلفزيونيا او إذاعيا يهدف إلى مهاجمة المعارضة دون أن يكون مضوي الترابي متوسطا لضيوفه إن لم يكن هو الضيف الرئيسي . وإن كانت مسيرة مضوي الترابي خارج الحزب تمضي بسلاسة وتمدد إعلامي كبير فإن الحال كان مختلفاً تماما داخل أروقة الحزب فمع بروز أزمة إقليم دارفور للسطح تراجعت علاقة مضوي الترابي بزعيم الحزب الشريف زين العابدين الهندي الذي غضب عليه غضبا كبيرا عقب إقحامه للحزب في مشكلة يصفها محمد الشيخ بالكبيرة مبينا أن الرجل طرح رؤية قال للحكومة إنها من أجل رأب الصدع الدارفوري ،لتكتشف الحكومة فيما بعد أن الأمر لايعدو كونه خدعة كبيرة حدت بالحزب لدفع الكثير من الأموال لتغطية هذا الشرخ الذي أحدثه مضوي الترابي وهو ماجعل الشريف الهندي يأمر بعدم زيارته له في المستشفى إبان مرضه الذي فارق بعده الحياة.

Quote: وبعد أن آلت الأمور للدكتور جلال الدقير عقب رحيل الشريف الهندي تم تعيين مضوي الترابي كمساعد للأمين العام للشئون الإستراتيجية وهي الفترة التي يرى رفيقه محمد الشيخ أنها شهدت إخفاقات كبيرة في مسيرة الرجل الذي لم يحدث أن اجتمع بدائرته لوضع إستراتيجية للبناء الحزبي ،فكان الجهاز الذي يرأسه في الحزب معطلا طيلة الأربعة أعوام التي تسنم خلالها المهمة ،ليترك مكانه شاغرا ويحل محله القيادي بالحزب ووزير التربية بولاية القضارف البشير جمعة سهل . ويغادر مضوي الترابي كأمين عام لما عرف بعد توقيع إتفاقية نيفاشا بهيئة أحزاب حكومة الوحدة الوطنية وهي الهيئة التي تضم الأحزاب المكونة للحكومة التي ينال فيها المؤتمر الوطني أغلبية؛ تليه الحركة الشعبية التي لم تكن ضمن تشكيلة الهيئة والتي قادها مضوي بعلاقاته مع النظام والتي ربطته به علاقات منذ أن كان في مهجره بلندن كما دفع لي بذلك القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) علي أحمد السيد المحامي والذي يشير في حديثه لـ(الحقيقة) إلى أن الترابي يعد كادرا للمؤتمر الوطني وأخلص له الخدمة . لكن بالمقابل لم تكن خدمة مضوي الترابي للنظام الحاكم شيئاً يستحي منه الرجل فقد ظل منافحاً عن سياسات النظام ومهاجماً لمعارضيه على الملأ باتهامات عديدة ساقها الترابي مرارا. بيد أن أشرس معركة له مع قوى المعارضة كانت تلك التي نشبت في أعقاب انعقاد مؤتمر جوبا الذي أقامته قوى المعارضة في سبتمبر الماضي بعاصمة جنوب السودان (جوبا) وهو الملتقى الذي قاطعه المؤتمر الوطني والأحزاب الموالية له والتي كان الاتحادي (المسجل) في مقدمتها حيث كان ممثله في هيئة أحزاب حكومة الوحدة الوطنية يرشق الملتقى ويقلل من نتائجه الأمر الذي أثار امتعاض الكثيرين في المعارضة والذين شنوا هجوماً عنيفاً على الترابي الذي تشبهه الكاتبة سارة عيسى في مقالها الموسوم بـ(مثلث حمدي بين الواقع والخيال) المنشور على الشبكة العنكبوتية بفرقة البيتلز الغنائية التي اشتهرت في بريطانيا في منتصف القرن الماضي ، لأنه –حسب سارة عيسى- عاد للسودان من لندن وهدفه لا يتعدى قضية تحقيق الذات وتطوير الأحلام في بلد اختلط فيه الحابل بالنابل ،فبعد خمسين عاما كما تروي سارة اكتشف جمهور البيتلز أن فرقتهم المحبوبة كانت تخدعهم ، فحتى المراهقات اللائي كن يتهافتن على نجوم الفرقة ويُظهرن حالات التشنج والانهيار في الواقع كان يُدفع لهن لتمثيل هذا الدور ، فالبيتلز السودانية العائدة من لندن أيضاً وظفت لمهاجمة مؤتمر جوبا والتقليل من نتائجه

Quote: ولقائد البيتلز السودانية -كماترى سارة عيسى- سجل حافل بالمعارك ليس مع قوى المعارضة فقط بل تعداه إلى الصحفيين الذين أغضبهم مضوي الترابي، عندما هاجم الصحافة السودانية مشيرا إلى أنها تكتب ما لا قيمة له معلناً عن نية حزبه (الإتحادي-المسجل) المساهمة في تأهيل رؤساء تحرير الصحف. حيث غضب بعض الصحفيين مما اعتبروه تطاولاً من السياسي النشط، فغمزوا من قناة تأهيله ومعرفته كما يبين ذلك الكاتب الصحفي محمد عثمان إبراهيم في مقالته (الفهلوستراتيجيا) مشيرا إلى أن بعض الدوائر قد شككت في شهادات مضوي الترابي الجامعية، وهو التشكيك الذي نقلته الصحافة من مرحلة التداول السري إلى العلن. ويمضي محمد عثمان إبراهيم قائلا:(بالطبع السيرة العلمية للسيد مضوي مليئة بالثقوب خصوصاً مع لقب (خبير إستراتيجي) الذي ما فتيء الرجل ينوء بعبء حمله منذ سنوات. الشك في أوراق اعتماد الرجل العلمية، حديث متناول بكثافة في كافة الدوائر غير الرسمية ،كعادتنا السودانية في التجمل-ظاهرياً- مع الناس على حساب الحقيقة). ليبين كذلك أن مضوي الترابي رجل كثير الأقوال، وكان عليه أن يكون ذَكوراً، حتى لا يشككن أحد في حصوله على شهادة الماجستير مثلاً، والتي يقول تارة إنه حصل عليها في الإدارة (الصحافة)، أو في العلوم العسكرية. وبعد أشهر طويلة من هدوء معركته مع الصحافة في السودان هاهو مضوي الترابي يقود معركته مع الجميع ليهاجم الانتخابات السودانية الأخيرة التي كان مرشحا فيها عن حزبه لإحدى الدوائر الجغرافية (دائرة الكاملين )بولاية الجزيرة والتي سقط فيها الترابي وفاز بها مرشح حليفه المؤتمر الوطني الأمر الذي جعله يقدح في مصداقية الانتخابات وسط ذهول المعارضين والحلفاء في ذات الوقت ، قبل أن يفاجئ قادة حزبه الذين نالوا مقاعد برلمانية في الانتخابات الأخيرة ويطالبهم بتقديم استقالاتهم لكونهم فازوا في انتخابات مزورة .لكن و-حسب محمد الشيخ محمود- سرعان ماتراجع الترابي عن طلبه بعد أن كان أداؤه ضعيفا في الحملة الانتخابية لحزبه ،ليهرول إلى الكاملين ويصبح أول المستقبلين لوالي الجزيرة الذي فاز في انتخابات كان مضوي يرى أنها مزيفة ،لكنه كان أول المستقبلين للزبير طه في الكاملين إلى أن هتفت في وجهه جماهير المؤتمر الوطني بالكاملين (خائن خائن يامضوي) بعد أن رفضت منحه فرصة للحديث للجماهير كمايروي ذلك محمد الشيخ. لكن الترابي ذاته نكص على عقبيه وتراجع عن حديثه بتزوير الانتخابات الذي تحدث عنه في تصريحاته ليلبس طلبه باستقالة قادة حزبه المنتخبين تبريرا آخر يسرده الترابي للصحفيين دون أن يورد عبارة تزوير التي كررها لأكثر من مرة في إطلالته الأولى حيث يقول مضوي الترابي: ( طالبتهم بتقديم استقالاتهم لأننا كقيادات فشلنا في أن يتخطى الحزب حاجز الـ 40% المطلوبة كنسبة مؤهلة للأحزاب ،لذلك طالبتهم بالاستقالة حتى نرسي أسلوباً جديداً في العمل الديمقراطي كما هو متعارف عليه في الديمقراطيات الراسخة عندما تفشل القيادة في المحافظة على أمانة الحزب جمهوراً وتمثيلاً). الصورة الآن تبدو قاتمة جدا بالنسبة لمضوي الترابي الذي فارقه الجميع وفقاً لعلي السيد والذي يُرجع غضبة الترابي الأخيرة إلى تخلي المؤتمر الوطني عنه بعد أن سحب مرشحيه لأربعة من قيادات حزبه لم يكن الرجل بينهم الأمر الذي جعله يغضب غضبته هذه ويفتح النار في جميع الجهات ثم يتراجع مرة أخرى بعد أن تخلى عنه الجميع حزبه والمؤتمر الوطني وأصبح يقاتل وحيداً.

Quote: يجمعهم قاسم مشترك واحد هو "الوضاعة".

Quote: يجمعهم قاسم مشترك واحد هو "الوضاعة".

(عدل بواسطة على عجب on 02-07-2011, 09:52 PM)

Quote: الترابي يتأبط ورقاً..؟! بواسطة: admino بتاريخ : الإثنين 06-07-2009 01:44 مساء خط الاستواء عبد الله الشيخ سنعود للتعرف اكثر على الدكتور مضوي الترابي، الذي استسمح قدرات ما يسمى بالحزب الاتحادى التنظيمية لتتفضل بتأهيل الصحافة السودانية.. وقال انه عند كلمته، وانه لن يلحس (كلامو)!.. قيل ان الدكتور مضوي الترابي درس فى لندن.. فى أية جامعة، او معهد، او كاتدرائية درس كل هذه العلوم العسكرية، والسياسية والاستراتيجية، والفكرية؟ لعل الدكتور مضوي الترابي يحتفظ باسماء (أولاد دفعته)، أو لديه اصدقاء حميمين يشهدون بانه تأبط اوراقاً ذات صباح سادراً أو قافلاً من حلبة الدرس؟ رأيت الدكتور مضوي الترابي (بعيني هاتين) فى العام 1987م يتأبط ورقاً.. وهو يهم بالدخول الى جريدة السياسة، ومناسبة اللقاء بطلعته البهية اننى كنت محرراً متدرباً بالصحيفة فى تلك الايام الخوالى، وغمرتنى السعادة ان اقف امام الدكتور الشاب انذاك وهو يتلفح بالشال قبل ان تكتشف الانقاذ الاسرار (العرفانية) فيه. وكما هو معروف فان الانقاذ حين اكتشفت تلك الاسرار بعد ذلك، اتجهت (طوالى) الى أدلجة خطوطه الثلاث بالصيغ المعروفة.. كان الدكتور مضوي الترابي حينها يتأبط ورقاً، لا شك انه كان يحوى مقالات ديمقراطية إصلاحية يسعى لنشرها فى الصحيفة، واغلب الظن انه جاء الى الصحيفة راجلاً، بعد جولة فى مكاتب استقبال صحف الحقبة الديمقراطية، وكان اغلبها يستأجر دوراً فى وسط الخرطوم وحول ميدان ابوجنزير. عرفت من الدكتور مضوي الترابي حينها انه كادر سياسي بالحزب الاتحادى الديمقراطي، ووجدته يبذل جهداً خرافياً لتأكيد ألا علاقة له بالدكتور حسن الترابي، وان الحكاية كلها تشابه فى الاسماء. وكان ذلك التاكيد ضرورياً فى تلك المرحلة، حتى تفتح له الصحافة الديمقراطية ابوابها، وحتى يؤكد انه (انتفاضي) جداً.. فالمهنيون الحقيقيون كانوا حينها يسدون عين الشمس، ولم يتجرأ بعد هؤلاء اليمانية، اصحاب الكناتين الناصية فى الصحف الحالية من الظهور. لم يظهروا انذاك، حتى يضطر الدكتور باكراً لاستسماح حزبه الديمقراطي ليتعهد الصحافة كلها تأهيلاً.. ربما لانه لم يلمس ضرورة ذلك، لان الصحيفة كانت حينها يتم تحريرها (مرة واحدة). ولكن ليس لدينا متسع للحديث عن الدكتور مضوي الترابي فى جولاته المكوكية بين بيوت فى جبل اولياء، ومحدثاً للبعض انه ناضل ضد نظام نميرى، وانه يخفى وثائق نضالية خطيرة فى اماكن لا تصلها عيون جهاز الاجهزة.. وكذلك لا نجد متسعاً للحديث عن الدكتور مضوي الترابي وهو فى القاهرة يدافع عن الديمقراطية، وفي مؤتمر القضايا المصيرية يتحدث عن مستقبل السودان، ومتصدراً ورش العمل ومقدماً مرافعات جزيلة عن تلازم احترام الديمقراطية والتعددية بمبادئ حقوق الانسان، ومنتقداً الاداء السياسي للاحزاب فى عهد الديمقراطية الثالثة. ولكننا نرصد هنا تضجره ذات يوم وهو فى الشارع العام، يقود عربته الفارهة بعد ان تأبط من عند الكاثوليك ورقاً اخضر، ففي يوم مشهود ألقى (الفتى الاستراتيجي) محاضرة قيمة على رجل عجوز عبر امامه الشارع وهو يحمل كيساً.. وبرع الفتى الاستراتيجي فى تلقين الرجل الطاعن دروساً عن استخدام المشاة للطريق، وسكب الفتى الاستراتيجي من مقود السيارة على الرجل الطاعن عصارة رؤيته الحضارية عن فنون المشى على الاقدام فى الشارع العام.. حدث هذا قبل أشهر قليلة، عند تقاطع شارع 41 مع شارع محمد نجيب.. وكانت نتيجة المحاضرة الحركاتية ان الرجل الطاعن ارتعب ونسي ان يبادر ويستفسر عن (منو الغلطان).. هل هو الغلطان أم تلك الفارهة هي التى هبشت الكيس هبشاً كاد ان يلغي وجود الرجل المسيكين؟! وليس لدينا متسع لنتحدث عن الدكتور مضوي المناضل فى بغداد، وفى العواصم المجاورة والبعيدة من اجل استعادة الحرية فى السودان بطرح نفسه كأحد القريبين جداً من الشريف حسين.. ليس لدينا متسع، فهناك شخصيات ألمعية فى ما يسمى بالحزب الاتحادي الديمقراطي تستحق منا بعض العناية، على رأسها على سبيل المثال لا الحصر، هذا الوجيه جلال يوسف الدقير الذى دخل سودان الانقاذ بعد توليه امر وزارة الصناعة دائرة التصنيع (الثقيل)، وذاك الذى خُلق ليكون وزيرا فى كل الحكومات حسين سليمان ابوصالح، وذاك الذى لا ينصلح حال الصحة فى بلاد السلطنة الزرقاء إلا به، احمد بلال.. هذه هى الشخصيات الاهم فى ما يسمى بالحزب الاتحادي الديمقراطي فى هذه المرحلة من التاريخ. وتكمن اهمية هذه الشخصيات فى انها تؤكد على الدوام للمندسين والمارقين، ولناس قربت، ولناس قريعتي راحت، ان الانقاذ باقية الى يوم الدين. وللذين لم يتم تسكينهم فى عداد المرجفين بعد.. يا هؤلاء.. اذا اضفتم الحابل الى النابل، ووضعتم الاسماء اللامعة التى وضعت نفسها فى السلة التى اختاروها (من اجل الوطن) وبعد جنوح التجمع الوطني للسلم والوفاق! إذا فعلتم ذلك، حتماً تعرفون ان الانقاذ بافضال هؤلاء عليها ستبقى الى يوم الدين. وكيف لا تبقى الانقاذ الى يوم الدين وهى تضم هذه الكواكب السنية، وتلك الدرر الألمعية؟!