كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Elmosley)
|
أولاً: في شأن المسكن، فرغماً عن تخرجه مهندساً في كلية غردون غير انه اختار بيت الطين والجالوص رقم «242» في الثورة الحارة الاولى، في الوقت الذي اختار فيه كل رصفائه الغردونيين الانخراط في نادي البرجوازية السودانية المتعلمة، ولسان حاله يقول لهم مع الرازي «دياركم هامانية ومراكبكم قارونية وولائمكم فرعونية.. فأين أنتم من الطريقة المحمدية؟ ثانياً: في شأن الملبس. لم يقتن من الأشياء الا اوتارها. جلباب واحد، وعمامة، ملفحة و«عراقي» ونعلين، ولكن لغرضين مختلفين لا يمكن توحيدهما، وقلنسوة واحدة!! والأدهش.. في مجافاته لاستخدام صنبور المياه «الدُّش» عند الاغتسال. والابتعاد عن شرب المياه المثلجة، بدعوى انهما غير متوافرين لغالب أهل السودان في البوادي والأرياف، وهو داعية لمساواة السودانيين في الفقر. فكيف له ان يستقيم على الطريق، بينما تتناقص أقواله وأفعاله!! ثالثاً: في شأن المطعم. غض النظر عن عدد الناس المتواجدين في بيت الجالوص، فالمائدة واحدة والإدام واحد. والمتغير الوحيد هو القدح. يتحلقون حوله، ثمانية او عشرة، يأكلون ويذهبون.. ثم يعيدون الكرة. وفي الختام.. يجلس هو وأصحاب الاعذار، وقطة داجنة، غالباً ما تشاركهم طعامهم، فيطعمهم بيديه، ثم يأكل قليلاً من الفتات ممزوجاً مع الماء القراح. زهداً وورعا واستقامة.. خلقت منه زعامة «كاريزما» ملهمة.. لا تستمد مشروعيتها بالطرائق التقليدية... من تسلسل رئاسي في المنظومة، أو سلطة القائد في المكافأة والعقاب والإكراه النفسي والعاطفي، أو الخبرات الأعلى والمعلومات الأوفر. فابتدع نهجاً قيادياً متفرداً يستند على سطوع وجاذبية النموذج المرجعي reference power، فكان هو الأب في حنوه لا في تسلطه. فأخاط الجماعة بوشائج الإخوة والمحبة الحقة. فنجت بذلك من الداء العضال والجرثوم الفاتك الذي أصاب الأحزاب السياسية السودانية. فقد عانت جميعها دون استثناء من الانقسام والتشظي والخروج الجماعي واتهام الآباء المؤسسين بالاستبداد والكهنوتية أو التخريفية العقائدية. فما من «أب» غيره إلا وقد خرج عليه أبناؤه وأتباعه يلعنون ويقذعونه. أما هو فحتى أبناؤه الذين انكروه تحت ظلال السيوف في جلسات تفتيش الضمائر.. عادوا لعروتهم الوثقى. والآن قد تفرقت بهم السبل، فما باتوا يأتلفون على شيء سواه. الأستاذ والمقصلة والأراجوز نزار أحمد أيوب
http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=4422&sid=...fe6cea02063816df8f75
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Kostawi)
|
نقلا عن موقع: الأقباط متحدون Copts United
--------------------------------------------------------------------------------
محمود محمد طه ـ " شهيد الفكر وجاليليو العالم الإسلامى "
مقالات مختاره 17th of January 2006
بقلم مسعد حجازى ـ تورونتو ـ كندا " الحرب على الإرهاب " التى شنها الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش فى أعقاب أحداث الحادى عشر من سبتمير عام 2001 هى حرب لن يكسبها بوش، ولن تكسبها الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ليس كلامى بل هو كلام الرئيس بوش الإبن نفسه، ففى أحد أيام شهر أكتوبر 2004 وأثناء حملات إنتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة، أدلى الرئيس بوش بحديث لــ " ماثيو لاو" مقدم برنامج " توداى شو " ـ شبكة إن . بى . سى. التليفزيونية الإخبارية قال فيه بالحرف : " إننى لا أعتقد أننا يمكن أن نكسب الحرب على الإرهاب "!! لم تكد تمضى ساعات قليلة على هذا التصريح الخطير لبوش حتى سارع البيت الأبيض ومستشارو الرئيس الأمريكى ومدراء حملته الإنتخابية الى نفى ما قاله بوش، وأنه لم يكن يقصد ذلك، فقد خشى هؤلاء المستشارون أن يصبح تصريح بوش هو " المانشيت " الرئيسى لكبريات الصحف الأمريكية فى صباح اليوم التالى، خاصة وأن منافس بوش مرشح الحزب الديمقراطى المعارض جون كيرى كان قد نجح فى فرض قضية الحرب فى العراق والحرب على الإرهاب على حملات الدعاية الإنتخابية. التصريح الذى أدلى به بوش لم يكن زلة لسان، بل كان ردا طبيعيا وبطريقة تلقائية على سؤال، إذ تصادف أن شاهدت هذا الحديث التليفزيونى الذى كان قد أذيع على الهواء مباشرة وكان بوش يتحدث مع " مات لاو " فى الباص الذى كان يستخدمه الرئيس الأمريكى ويجوب به جميع أرجاء الولايات الأمريكية فى حملته الإنتخابية. فى الواقع أن التصريح الخطير الذى أدلى به بوش كان محصلة آراء وتوصيات العديد من الخبراء والمستشارين ومراكز الأبحاث الأمريكية المتخصصة ، ومؤداها أن التصدى لخطر ما يسمى بـ " الإسلام المتشدد " أو المتطرف Radical Islam يكون بتشجيع الإسلام المعتدل، وطرحت فى هذا السياق اسماء عديدة لمفكرين إسلاميين معتدلين من عدة بلدان عربية واسلامية، كان من بينهم اسم محمود محمد طه، وهذا الإسم يحظى باحترام وإعجاب كبيرين فى أوساط الجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة فى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا طوال العقدين الأخيرين، وللأسف فإن الجيل الحالى من الشباب فى العالم العربى لا يعرف شيئا عن هذا المفكر السودانى الكبير، وأعتقد أن الوقت قد حان لتعريف القارىء العربى والمسلم بقصة هذا الرجل الذى كان بحق شهيدا للفكر، يستحق لقب " جاليليو العالم الإسلامى "، كما أعتقد أن القائمين على هذه الصحيفة الإلكترونية الغراء يشاركوننى الرأى فى أن المفهوم العصرى للحرية، وحرية الصحافة هو حرية المواطن فى الحصول على المعلومات، وهذا المفهوم الجديد أو المتطور أصبحت تكفله قوانين خاصة صدرت فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا خلال الربع قرن الأخير. إن قصة المفكر الإسلامى محمود محمد طه وهى فى الواقع مأساة ، وعلى الرغم من أنها وقعت منذ أكثر من عقدين من الزمان إلا أنها تكتسب مغزى وأبعادا جديدة فى ظل الأوضاع المأساوية الراهنة التى يمر بها العالمين العربى والإسلامى. فى الثامن عشر من يناير الجارى سوف تحل الذكرى الـ 21 لإعدام المفكر الإسلامى الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري السودانى ، وأحد كبار المهتمين بشئون الدين الإسلامي، ومن أقطابه المجتهدين في تطوره، وتمشيه مع روح العصر الحديث.. وله فيه الكثير من النظريات، والتفاسير والأراء التى طالما إحتدم الجدل والنقاش حولها سواء طوال حياته التى امتدت إلى نحو ستة وسبعين عاما وحتى بعد إعدامه فى صباح الثامن عشر من يناير عام 1985 . جاء إعدام المفكر الإسلامى محمود محمد طه إثر محاكمة هزلية وباطلة من الناحيتين القانونية والشرعية بعد اتهامه بتهمة الردة كما جاء في حيثيات الحكم الهزيل، والتي وصف الاستاذ محمود قضاتها بانهم غير مؤهلين فنياً، وضعفوا اخلاقياً عن أن يمتنعوا عن ان يضعوا انفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لاضاعة الحقوق واذلال الشعب وتشويه الاسلام واهانة الفكر والمفكرين واذلال المعارضين السياسين. لقد عارض الأستاذ محمود قوانين سبتمبر 1983 الخاصة بتطبيق الشريعة الإسلامية فى السودان والتى أصدرها نظام مايو بقيادة الرئيس جعفر النميرى ، أو بمعنى أدق عارض الفهم الخاطئ والتطبيق الخاطئ للشريعة الإسلامية فى وقت كان السودان الشقيق يعانى من وطأة الفقر وانتشار المجاعة ، وسادت البلاد حالة من التذمر والإستياء نتيجة لتدهور الأوضاع وانتشار المظالم والممارسات القمعية لنظام الرئيس نميرى الذى ارتأى فى قوانين سبتمبر طوق النجاة له ولنظامه الإستبدادى الفاسد ـ أو بعبارة أخرى محاولة استغلال الدين لتحقيق أغراض ومآرب سياسية وللحفاظ على السلطة والسلطان والثروة والرشوة ـ نعم الرشوة ... ثمن تواطئ النميرى ومساعداته الثمينة للمخابرات المركزية الأمريكية السى آى إيه فى عملية تهريب يهود " الفلاشا " من اثيوبيا إلى إسرائيل عبر الأراضى السودانية . فى عام 1983 كان قد مضى على الرئيس نميرى فى الحكم قرابة أربعة عشر عاما فلماذا لم يحاول خلالها أن يطبق قوانين الشريعة الإسلامية بحذافيرها ؟!! لقد أعلن محمود محمد طه رأيه جهارا نهارا فى قوانين سبتمبر عقب صدورها ، وكرره أيضا فى محكمة الردة فى السابع من يناير عام 1985 حيث قال : (أنا اعلنت رأيي مراراً في قوانين سبتمبر 1983 من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام. أكثر من ذلك فإنها شوهت الشريعة وشوهت الاسلام، ونفرّت عنه.. يضاف الى ذلك أنها وضعت واستغلت لإرهاب الشعب وسوقه الى الاستكانة عن طريق اذلاله، ثم إنها هددت وحدة البلاد.. هذا من حيث التنظير، وأما من ناحية التطبيق فان القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنياً، وضعفوا أخلاقياً عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا انفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لاضاعة الحقوق واذلال الشعب وتشويه الاسلام واهانة الفكر والمفكرين واذلال المعارضين السياسين ومن اجل ذلك فإني غير مستعد للتعاون مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل، ورضيت أن تكون اداة من ادوات اذلال الشعب وإهانة الفكر الحر والتنكيل بالمعارضين السياسين )... "انتهى" كان ما قاله محمود محمد طه هو كلمة حق فى محكمة سلطان جائر وحاكم مستبد ، وترجمة وتطبيقا عمليا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " خير الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر " . " ان الثامن عشر من يناير 1985 قد أعاد الى الأذهان احلك صفحات التاريخ الإسلامى والانساني سواداً . واخزى ايامها عاراً حينما كان القتل هو ترياق الافكار وجزاء المفكرين . في 18 يناير من عام 1985 روع العالم ، و إهتز الضمير الإنساني ، في جميع أقطار هذا الكوكب ، من جراء المؤامرة السوداء ، و الجريمة البشعة التي أرتكبت في الخرطوم حيث أغتيل الأستاذ محمود محمد طه ، على يد رئيس جمهورية السودان آنذاك جعفر نميري و بطانته المتدثرة بدثار الشريعة و التصوف .. ولقد كان لوقفة الأستاذ الفريدة وابتسامته في وجه الموت انتصارا للحق وهزيمة لخفافيش الظلام ودعاة الهوس الديني في ذلك اليوم المشهود فاستنكر العالم الجريمة النكراء وأدان مرتكبيها ومجد الشعراء والكتاب موقف الأستاذ وبطولته الأسطورية" . ( موقع الفكرة الجمهورية على الشبكة العنكبوتية ) ويقول الدكتور نور حمد ـ الأستاذ فى جامعة واشنطن الغربية: (( " إعدام المفكرين التجديديين، في التاريخ الإسلامي، ليس أمرا جديدا. فلقد ظلت تهمة الزندقة، والخروج على إجماع المسلمين، هي التهمة المفضلة لدى القابضين على أزمة السلطة، والثروة، للقضاء على كل مفكر، وكل فكرة تعمل على تحريك الراكد، وعلى تنوير الناس بإنسانيتهم، وبحقوقهم المسلوبة. جرى ذلك، للحسين بن المنصور، المعروف بالحلاج، في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي). ولقد كان الحلاج، من المتصوفة الذين لم يكتفوا بالصلاة، وبالتسبيح، وبتشقيق المعاني، وحسب، وإنما اتجه للحديث عن تفشي المظالم، وعن غرق الحكام في الترف، وإهمالهم شؤون العامة. حاول الحلاج نصرة المظلومين، من غمار الناس، فأزعج ذلك أهل السلطة، والثروة، في تلك الحقبة، فدبروا له تلك المحاكمة التي قضت بصلبه. ومع ذلك، نجحت السلطات، في تاليب العامة، وفي حشدهم، واستخدامهم ضده، رغم أنه لم يصدع بآرائه، إلا لنصرة أولئك العامة، هادفا إلى استرداد حقوقهم، وكرامتهم الإنسانية المضيعة )).(إنتهى) لقد شهد التاريخ البشرى على مر العصور تحالفا أو تفاهما ضمنيا بين سلطة الحكم أو الدولة والسلطة الدينية على إضطهاد الفكر الحر والتنكيل به ويكمن الخلاف فقط فى الأساليب المتبعة فتجد سلطة الدولة خاصة فيما يعرف باسم الدول البوليسية الفاشية تضطهد الفكر المتجدد بوسائلها المختلفة من سجن وتعذيب وسحل وهتك عرض وخطف وقتل دون محاكمة أو بإجراء محاكمات صورية هزلية لا تتوافر فيها أبسط الحقوق والضمانات للمتهم ...الخ ، كما أن السلطة الدينية أيضا مارست الإضطهاد للفكر وتمارسه بوسائلها المتنوعة من طرد من الهيكل أو الكنيسة أو من هيئة العلماء أو الحرمان من البركة والتخويف من النار أو الحرق حتى الموت أو بالتفتيش عما فى الصدور والقلوب أوالتكفير والذندقة أو بإطلاق تهم العمالة والخيانة والتجسس... الخ هذا التحالف المشبوه بين السلطتين فى إضطهاد الفكر هو فى الواقع إرهاب فكرى وهو أخطر صنوف وأنواع الإرهاب وأخطر من الإرهاب الجسدى لأنه فى حقيقة الأمر إرهاب لضمير الإنسان ولوجوده الحقيقى ، كما أنه إرهاب يرتكب باسم الأديان والأديان منه براء ، وإن كان من يرتكبه ماهم إلا ذئاب بشرية جائعة ومتعطشة للسلطة والمكاسب الدنيوية. من المعروف للخاصة والعامة أنه لا كهنوت ولا رهبانية فى الإسلام .، وبالرغم من ذلك قام بعض كبار رجال الدين وليس كلهم على مر عصور التاريخ الإسلامى وخاصة منذ العصر الأموى بتبرير الكثير من المظالم والتجاوزات والسياسات الخاطئة إما خوفا وهلعا أو نفاقا وتقربا للحكام وطمعا فى تحقيق مغانم ومكاسب دنيوية _ هى إذن سلطة غير أنها تابعة لسلطة الحكم أو الدولة على عكس حال سلطة الكنيسة الكاثوليكية فى أوروبا العصر الوسطى حيث كانت للكنيسة السلطة والسيادة المطلقة ، وللبابا سلطة وسطوة على الأمراء والملوك والأباطرة يمنحهم بموجبها البركة أو اللعنة.
يوم الإعدام: فى الذكرى التاسعة عشر لإعدام المفكر المجتهد الإسلامى محمود محمد طه كتب الدكتور نور حمد مقالا قيما قال فيه: (( جاء في مسرحية الحلاج، للشاعر الراحل، صلاح عبد الصبور : صفونا صفا صفاً الأجهر صوتا، والأطول، وضعوه في الصف الأول ذو الصوت الخافت والمتواني، وضعوه في الصف الثاني، أعطوا كلا منا دينارا من ذهبٍ قاني براقاً لم تمسسه كفْ قالوا صيحوا: زنديقٌ كافرْ صحنا: زنديقٌ كافرْ قالوا صيحوا: فليقتل، إنا نحمل دمه في رقبتنا صحنا: فليقتل، إنا نحمل دمه في رقبتنا نفس هذا المشهد، وأعني مشهد هتاف العامة، في وجه مفكر محكوم عليه بالإعدام، تكرر بعد قرابة الألف، ومائة عام، تقريبا، في سجن كوبر بالخرطوم، في يوم 18 يناير 1985! وقد وثقت بالقلم، لمشهد تنفيذ الحكم على الأستاذ محمود محمد طه، الصحفية الأمريكية، جوديث ميللر، وأشارت إلى صدمتها عند سماع من هتفوا (تحيا العدالة)، أو (أخذت العدالة مجراها)، في ذلك اليوم الأسود، من تاريخ السودان المعاصر. كانت ميللر، وقتها، مسؤولة عن مكتب صحيفة نيويورك تايمز بالقاهرة. وقد جاءت إلى الخرطوم بقصد تغطية الحدث. وبالفعل، فقد أرسلت ميللر، تقريرها الذي أعدته عن حادثة التفيذ، إلى صحيفتها في نيويورك، وتم نشره في صبيحة يوم 19 يناير، 1985. وفي عام 1996 أخرجت جوديث ميللر كتابا، أسمته (لله تسعة وتسعون إسما) God has Ninety Nine Names ناقشت فيه الحركات الإسلامية، في العالم العربي، والإسلامي. وقد كرست الجزء الأول من الكتاب، لحادثة التنفيذ التي جرت في حق الأستاذ محمود محمد طه، في سجن كوبر، في العاشرة من صبيحة يوم الجمعة، 1985، والتي كانت أحد شهود العيان لها. جاء في وصف ميللر، للحادثة، في كتابها (لله تسعة وتسعون إسماً)، ما نصه: (كان صباحا مثاليا. بعد سويعات، تصبح الخرطوم خانقة. ولكن عند السادسة من صباح 18 يناير من عام 1985 كان الهواء صافيا. وكانت السماء قد لبست بالفعل زرقة حمام السباحة. في غرفتي بفندق الهيلتون، كان الصوت الوحيد، هو صوت مكيف الهواء، ذي العشرين سنة، وهو يضخ هواء محتمل السخونة. شربت قهوتي، وقرأت جريدة الصباح، محاولة ألا أفكر فيما سيحدث. لقد رأيت وقمت بأشياء كثيرة، بوصفي رئيسة مكتب صحيفة نيويورك "تايمز" بالقاهرة. كما شهدت أحداثا مروعة عديدة منذ رحلتي الأولى إلى الإقليم في عام 1971، وأنا لم أزل طالبة حديثة السن. غير أني، لم أغطي حادثة تنفيذ حكم بالإعدام. بعد ساعة خرجت في طريقي إلى سجن كوبر. ساحة سجن كوبر مستطيلة الشكل، وبحجم ميدان لكرة القدم. عندما وصلت برفقة جمال محي الدين، مدير مكتب مجلة "تايمز" بمصر، كانت ثلاثة أرباع تلك الساحة ممتلئة بالناس. كنت ألبس جلبابا أبيضا فضفاضا، وغطاء للرأس، لئلا يكتشف حراس السجن أنني شخص أجنبي. لوح لنا الشرطي بيده إيذانا لنا بدخول موقف السيارات. فعل ذلك، من غير أن يلقي حتى بنظرة ثانية نحوي في المقعد الخلفي. علما بأن المقعد الخلفي هو المكان الطبيعي، لوجود امرأة في سيارة، في الشرق الأوسط. خفضت رأسي بينما سرنا أنا وجمال ببطء، وسط الحشد، نحو قلب ساحة السجن، لنجد مكانا للجلوس على الأرض الرملية. كانت المشنقة في الجانب البعيد من الساحة. مرتفعة نوعا ما، غير أنها أقل في الارتفاع من حوائط السجن المبنية من الحجر الرملي. كان المشهد في كوبر مرحا. لا شئ هناك يشبه الصور المتجهمة التي رأيتها للسجون الأمريكية حيث يحتشد أصدقاء وأقارب المحكوم عليهم بالإعدام، خارج الأسوار، وسط المتظاهرين المعترضين الذين يحملون الشموع في الليل. يبدو أنني كنت المرأة الوحيدة في الساحة. وبدا أن كثيرا من الحاضرين، الذين يقدرون ببضع مئات، يعرفون بعضهم البعض. ظلوا يحيون بعضهم البعض، بتحية الإسلام التقليدية " السلام عليكم" ويجيء الرد مرات ومرات "وعليكم السلام". الرجال ذوو البشرات الداكنة، في عمائمهم التي يبلغ ارتفاعها القدم، وجلابيبهم البيضاء الفضفاضة، يتضاحكون ويتجاذبون أطراف الحديث، حول حالة الطقس، بشائر محصول تلك السنة، والحرب التي لا تنتهي في جنوب السودان. ورويدا رويدا، جلس كل واحد على الرمل، تحت وهج الشمس، التي بدأت حرارتها تزداد قسوة مع كل دقيقة تمر. كان الموعد المعلن لتنفيذ الحكم هو الساعة العاشرة. قبل الزمن المحدد بقليل، قيد محمود محمد طه إلى الساحة. الرجل المحكوم عليه والذي كانت يداه مربوطتان خلف ظهره، بدأ لي أقل حجما مما كنت أتوقع. ومن المكان الذي كنت أجلس فيه، وبينما كان الحراس يسرعون به إلى الساحة، بدا لي أصغر من عمره البالغ ستة وسبعين عاما. سار مرفوع الرأس، وألقى نظرة سريعة على الحشد. عندما رآه الحاضرون، انتصب كثيرون منهم واقفين على أقدامهم، وطفقوا يومئون ويلوحون بقبضات أيديهم نحوه. ولوح قليلون منهم بالمصاحف في الهواء. تمكنت فقط من التقاط لمحة خاطفة من وجه طه، قبل أن يضع الحارس الذي قام بالتنفيذ، كيسا ملونا على رأسه وجسده. ولن أنسي ما حييت، التعبير المرتسم على وجهه. كانت عيونه متحدية، وفمه صارما، ولم تبد عليه مطلقا، أية علامة من علامات الخوف. بدأ الحشد في الهتاف، بينما كان مجندان سودانيان يلبسان زيا رملي اللون، يضعان عقدة الحبل على المكان المفترض أن تكون فيه رقبة محمود طه. ورغم أن ضجيج الحشد قد ابتلع أصوات الجنديين، إلا أنه بدا وكأنهما كانا يصيحان ضده. فجأة تراجع الحراس للوراء، ثم سُحبت أرضية المنصة. فاشتد الحبل، واهتز الغطاء الموضوع على جسد طه في الهواء. اشتعل الهدير في الساحة "الله أكبر". وتكثف الهتاف عندما بدأ الحشد في تكرار الهتاف بشكل جماعي، "الإسلام هو الحل". الرجال الذين امتلأوا حماسة، عانقوا وقبَّلوا بعضهم البعض. أحد الرجال الذين كانوا بجانبي صرخ، "أخذت العدالة مجراها"، ثم جثا على ركبتيه، ووضع جبهته على الرمل وتمتم بصلاة إسلامية. الحالة الاحتفالية التي جرت من حولي، صعقتني، وأصابتني بالغثيان. جذبت جمال من كم قميصه، محاولة أن أشعره بأنه يتعين علينا مغادرة المكان، فقد كنت بالفعل، عاجزة عن النطق. في حالة التوتر العصبي التي اعترتني لابد أنني قد قمت لا شعوريا بسحب الغطاء الذي كان يغطي رأسي، فانحرف عن موضعه. استشعر جمال الخطر، وجذب الغطاء على ناصيتيْ شعري اللتين انكشفتا، ودفعني بحزم صوب المخرج. وبينما كنا نشق طريقنا صوب البوابة الحديدية الثقيلة، بدأت الرمال في الثوران والارتفاع في شكل سحابة برتقالية نتيجة لجرجرة الحشد لأقدامهم على الأرض الترابية. عند وصولي للمدخل، لويت عنقي لألقي نظرة أخيرة على المشنقة. كان الكيس، وجسد طه لا يزالان متدليان على الحبل. فتساءلت في نفسي، متى سينزلونه؟. لدى كثير من السودانيين الذين هللوا لإعدامه في ذلك اليوم، فإن طه قد اقترف أسوأ جريمة يمكن أن ترتكب. لقد أدين بتهمة الردة عن الإسلام. وهي تهمة نفاها طه، الذي أصر حتى النهاية، أنه ليس مهرطقا، أو مرتدا عن الإسلام، وإنما مصلح ديني، ومؤمن وقف في وجه التطبيق الوحشي للشريعة الإسلامية، "قانون المسلمين المقدس" والطريقة التي فهمها ونفذها بها الرئيس جعفر نميري. من وحي الموقف، أحسست، أنا أيضا، أن طه لم يقتل بسبب يتعلق بنقص في قناعته الدينية، وإنما بسبب من نقصهم هم)) .. إنتهى نص ميللر. (ص. ص.11 –12). التهليل لإعدام أي إنسان، بغض النظر عن جريرته، سلوك قوي الدلالة، على سيطرة الروح الهمجية والبربرية، على وعي من يتحمس له، ويقوم به. وقد مر الغرب بتجارب مماثلة لهذه التجارب، في مسار تطوره الوئيد، نحو الديمقراطية، وترسيخ حكم القانون، ودولة الحقوق، والمواطنة. فمشهد العامة الذين تحشدهم السلطات، وتعبئهم ضد المفكرين، والعلماء، فيتوافدون على ساحات التنفيذ، مستمتعين بإعدام الأبرياء، مهللين له، مشهد قد كان شائعا، في أوروبا القرون الوسطى. ولقد عرفت المناطق الوسطى من أوروبا، حتى بداية القرن السابع عشر، محاكم الساحرات، وإدانتهن بتهمة ممارسة السحر، بل وحرقهن في أتون المحارق، وهن حيات. كما ظلت أنجلترا، تمارس محاكمة المخالفين للعقيدة الدينية السائدة، حتى القرن السابع عشر. وقد تعرض وليام بن، الذي هاجر في عام 1682 ، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح الأب المؤسس لولاية بنسلفانيا، إلى المحاكمات، والسجن، بسبب إنتمائه إلى طائفة الكويكرز. وطائفة الكويكرز، طائفة دينية، مسالمة، لا يؤمن أتباعها بالعنف، وبالحرب. وهي طائفة تدعو إلى الإخاء، والمساواة، وكفالة الحريات. غير أن الكويكرز تعرضوا لمحاكمات مستمرة من جانب السلطات الكنسية الإنجليزية، حتى إضطروا إلى الهجرة، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب المضايقات. ولعل أكثر ما اثار حفيظة رجال الدين الإنجليز على الكويكرز، قولهم بضرورة خروج رجال الدين من بين الله، وبين الناس. ومعروف أن الكويكرز ليس لهم قساوسة مثل بقية الطوائف المسيحية. لاحقت الكويكرز المحاكمات، في أمريكا التي هربوا إليها. فقد حوكموا في أمريكا، وعذبوا، وسجنوا. وتم منعهم من الدخول إلى الأراضي الأمريكية. وقد وصل الأمر بسلطات نيو إنجلند، حد محاكمة قبطان أي سفينة تأتي إلى السواحل الأمريكية، بواحد من طائفة الكويكرز. والطريف أن أمريكا التي منعتهم من دخول أراضيها، بادئ الأمر، بل وقامت بشنق بعضهم، أسست فيما بعد، أهم سمات دستورها، وقوانينها على فكر الكويكرز. ويعتبر ويليام بن، الذي ورد ذكره قبل قليل، أحد الآباء المؤسسين للحريات الدينية في التاريخ الأمريكي. وقد أعتبرت الوثيقة التي كتبها ويليام بن، وحملت عبارة: ((ليس هناك رجال يملكون التخويل، أو السلطة، حتى يتحكموا في ضمائر الناس، في الأمور الدينية))، أول تأكيد واضح، في التاريخ الأمريكي، على هيمنة (القانون الأساس)، على كل قانون آخر، يمكن أن تتم إجازته. كان الشعار الملازم للأستاذ محمود محمد طه، طوال حركته الفكرية، هو شعار: ((الحرية لنا، ولسوانا)). وقد قال الأستاذ محمود أيضا، في هذا المنحى، : (( ليس هناك رجل من الكمال بحيث يؤتمن على حريات الآخرين، فضمان الحرية، هو دوام سهر كل فرد عليها)). وقد انصبت كثير من كتابات الأستاذ محمود على نقد ظاهرة رجال الدين، وأنها ظاهرة دخيلة على الفضاء الإسلامي. فهي، كما يرى الأستاذ محمود، ظاهرة ذات جذور يهودية مسيحية. وقد انتقلت إلى الفضاء الإسلامي، حين تحولت الدولة الإسلامية إلى مملكة، وأصبحت لرجال الدين وظائف في بلاط الملوك، الغرض منها الحفاظ على الأوضاع السائدة، وإعطاء تلك الأوضاع سندا دينيا. وما من شك، أن تهديد افكار الأستاذ محمود لهذا الكهنوت الدخيل الذي ظل مستمرا منذ العصر الأموي، هو الذي قاد رجال الدين عندنا، إلى السعي الدؤوب لإعدامه. أردت أن أشير، بكل ما تقدم، في قصة الكويكرز، ومحاكماتهم، إلى أن التاريخ الإنساني، متشابه. ونحن لا نزال نعيش، بهذا المعنى، في المرحلة الأدني في مسار حركة نمو الوعي. خاصة، فيما يتعلق بكيفية إدارة الصراع في قضايا الخلاف الديني، وقضايا الحرية، والدستور، والحقوق. نحن لا نزال في المنطقة التي خرجت منها أوروبا، وخرجت منها أمريكا، قبل ثلاثة قرون تقريبا. ولابد أن ترسى بنا السفينة، في مجال كيفية التعامل مع قضايا الخلاف الديني، وكيفية إدارة الخلاف الفكري، في نفس المرسى الذي رسوا فيه هم قبلنا، بنحو قرنين، أو ثلاثة. ولا يعني هذا أنه لا فكاك لنا من أن يكون الغرب، مرجعيتنا في كل شيء. وإنما يعني فقط، أن قضية الحقوق الأساسية، قضية عالمية، ولابد من أخذ المرجعية الغربية فيها، بعين الإعتبار. والمرجعية الغربية نفسها لم تأت من العدم. وإنما تعود إلى مرجعيات سبقتها، في الفكر الإسلامي، وفي الفكر الإغريقي. مشكلتنا أننا نسينا سمة التركيب في تراثنا. وأصبحنا ننظر إلى ثقافة الغير، بعين الريبة. حتى بلغنا درجة العجز عن رؤية عناصر، ومكونات ثقافتنا التي حدث أن تبناها الآخرون، وطوروها. هناك إتجاه، وسط بعض الناشطين الإسلامويين لكي يجعلوا من قضية الحقوق، قضية نسبية، تأخذ مرجعيتها، من المحيط الثقافي الخاص بالجماعة البشرية المعينة. وكأنهم يريدون بذلك أن يقولوا: ليس هناك مقياس عالمي موحد لحقوق الإنسان. ولذلك، لا يحق لبقية العالم أن يحشر أنفه في شؤوننا، فيما يتعلق بقضايا الحقوق. وكل هذه الإلتواءات التي يمارسها الناشطون الإسلامويون، القصد، الأول، والأخير منها، هو تكريس حالة مصادرة الحقوق القائمة في الفضاء العربسلامي. وهذه النسبية، التي تبدو مثل،(نسبية بلا ضفاف)، يمكن أن تجعل ـ على سبيل المثال ـ من استخدام القانون لمنع النساء، من قيادة السيارات، في بلد مثل السعودية، عملا مبررا، دستوريا، وقانونيا. كما يمكن، أيضا، أن تجعل من قتل الناس، بسبب أرائهم عملاً مبرراً أيضا!. نعم، هناك اختلافات فيما يتعلق ببعض الحقوق، بين ثقافة وأخرى. فقضايا مثل الإجهاض، والمثلية الجنسية، والزواج من نفس الجنس، (الجندر) على سبيل المثال، ستظل قضايا خلافية. وهي محل خلاف شديد، حتى في داخل الفضاء الغربي نفسه. غير أن الحقوق الأساسية، التي لا يكون الدستور دستوراً، إلا إذا تضمنها، تبقى أمرا عالميا، لا خلاف عليه. وحقيقة الأمر، فإن الإعتراضات على (عالمية) حقوق الإنسان، لا تاتي عادة، إلا من جانب البلدان العربية، والإسلامية، التي هي صاحبة أسوأ سجل في حقوق الإنسان! من الحقوق الأساسية التي لا خلاف عليها، (عالميا) حرية الإعتقاد، وحق التعبير عن الرأي، والدعوة للمعتقد، وحق التنظيم، وحق اختيار الحاكم، وحق عزله. قال أبو العلاء المعري، قبل قرون، وقرون: مُلَّ المقام، فكم أعاشر أمةًً، أمرت بغير صلاحها، أمراؤها ظلموا الرعيةَ، واستباحوا كيدَها، وعدوا مصالحَها، وهم أجراؤها فضرورة أن يكون للناس الحق، في انتخاب من يلي أمورهم، وحقهم في عزله، متى ما حاد عن خدمة مصالحهم، ليست مسألة غربية بحتة. كما أن حرية الضمير، والمعتقد، أمور كفلها القرآن أصلا، ولم يتركها لأهواء القابضين، على أزمَّة السلطة، والثروة. فقد جاء في القرآن الكريم: ((فذكر إنما انت مذكر، لست عليهم بمسيطر)). وجاء أيضا: ((لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد، من الغي)). وقبل هذا وذاك فالبداهة تقول، ليس من حق كائن من كان، أن يدعي أن الله قد منحه، تخويلاً بأن يقرر في صحة وبطلان عقائد الناس، إلى الحد الذي يمكنه به إهدار دمهم، وتجويز قتلهم. نعم، لم يجر تطبيق عملي للآيات التي سبق ذكرها، في الحيز العملي، عبر التاريخ الإسلامي. فالتاريخ الإسلامي، على سبيل المثال، قد أقر الرق، الذي وجده ممارسا، كما أمر بقتل المرتد، بل وقتل تارك الصلاة. غير أن التاريخ الإسلامي، مشابه لتاريخ بقية الأديان الأخرى، على ظهر الكوكب. فالغرب المسيحي، لم يعرف كفالة الحقوق، إلا قبل قرنين، أو ثلاثة، فقط، كما تقدم. غير أن الغرب، تجاوز تلك المرحلة. وبقينا نحن فيها. وأسوأ من ذلك، أننا بدل أن نفهم الإطار التاريخي للحقوق، ونفهم من ثم ضرورة التطوير، أصبحنا ندافع عن قيم القرون الوسطى، وما قبلها. من أميز ما جاء به الأستاذ محمود محمد طه، هو التفريق بين أصول القرآن، التي تكفل الحقوق الأساسية، ولكن لم يتم تطبيقها في الماضي، وبين فروع القرآن التي لم تكفل كل الحقوق، وتم تطبيقها في الماضي كمرحلة إعداد نحو الأصول. ودعوة الأستاذ محمود، التي سوف لن يجد المسلمون منصرفا عنها، فيما أرى، إنما تؤكد على ضرورة نسخ الفروع، التي كانت محكمة منذ القرن السابع، وإحكام الأصول التي كانت منسوخة منذ القرن السابع. وقد يحاجج هنا بعض المغالين من دعاة العلمانية، بأن فكر الأستاذ محمود، فكر جيد، في حالة أنه لا خيار لنا، إلا في إقامة دولة دينية. غير أن الدولة الدينية، مرفوضة، من الأساس، لدى العلمانيين. ومشكلة هذا الإعتراض، تكمن في كونه اعتراض صفوي محض. فهو اعتراض يفترض أن الجماهير، مؤمنة بإشكاليات الدولة الدينية، تماما كما تؤمن بها الصفوة، ذات التوجه الغربي. وظن الصفوة والنخب السياسية التي تستلهم النموذج الغربي، ظن لا سند له في الواقع العملي. وقد أثبتت التجربة العملية، التفاؤل، غير المؤسس، لدعاة هذا النهج. فالدين ظل وسوف يبقى عاملا شديد التاثير في مجريات الأمور، وفي تشكيل رؤى الناس. ولا بد من تاسيس اتجاهات التحديث من داخله، لا من خارجه. وهذا ما وقف له الأستاذ محمود عمره، ولم تستجب له عبر أربعين عاما سوى قلة قليلة من المتعلمين. ولعل الوقت قد أزف، ليدرك المثقفون، نفاذ رؤية هذا المفكر العظيم. الإتجاه للتحديث، من غير التاسيس له من مصادر ثقافتنا، يفقد حركة التحديث كثيرا من حجيتها، وشرعيتها، خاصة في نظر السواد الأعظم من الجماهير. ومن ثم يصبح التحرك في وجهة التحديث، مثار شك لدى الجماهير العريضة. وفي الناحية الأخرى، فإنه ولو بقي الناس على قديمهم، فيما يتعلق بالمفاهيم الدينية، وظلوا يلوكون ذلك القديم البالي، ويعيدون تدويره، فإن فرص الرقي، والتمدن، والإنسجام مع المحيط الكوكبي المشرئب، كل صبح جديد، إلى التقارب، والتشابك، سوف تصبح ضعيفة جدأ. هذا إن لم نقل باحتمال أن نرتد إلى أوضاع أسوأ من أوضاعنا الراهنة، من حيث الإنغلاق، والعزلة. ومن يقرأ ما جرى لنا في العقود الثلاث الأخيرة، لابد أن يلحظ مستوى تراجع الفهوم، وتراجع الممارسة عن مكتسبات التحديث، في كثير من بقاع منطقة الشرق الأوسط. وحادثة إعدام الأستاذ محمود، نفسها، لأبلغ دليل على هذا التراجع المخيف. )) انتهى كلام دكتور حمد وقد آثرت أن أعرض الجزء الأكبر من مقاله بنصه ودون تعليق منى لأننى أكاد أتفق معه فى معظم ما قاله . لقد نجحت المجتمعات الأوروبية والغربية فى التخلص من محاكم التفتيش وبقيت المشكلة فى مجتمعاتنا العربية الإسلامية ، والسؤال هو كيف نتخلص نحن من أصحاب محاكم التفتيش عندنا ؟!! من أولئك الذين ينصبون أنفسهم أوصياء وقضاة يفتشون عما فى القلوب والصدور مع أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد وضع نهاية للوصاية على العقل البشرى والضمير الإنسانى حينما قال" أنتم أعلم بشئون دنياكم " ، وأيضا عندما قال لأحد الصحابه : " هلا شققت عن قلبه؟ " وكأن هذه العبارة الوجيزة البسيطة الواضحة لم تكن كافية فيجادل الرجل رسول الله قائلا: ـ يارسول الله ، إنه يخفى فى نفسه غير ما يعلن. ويجيبه رسول الله وخاتم النبيين: " إن الله لم يأمرنى أن أشق صدور الناس لأرى ما فيها". وكلمات الرسول صلى الله عليه وسلم هذه رغم يسرها وبساطتها إلا أنها تنطوى على مضمون ومعان تشكل فى جوهرها دستورا هائلا يحمى الضمير الإنسانى ويصون حريته فى الفكر وإعمال العقل ، وهذا التقدير لحرمة الفكر ورعايته من جانب رسولنا الكريم هو بحق نقطة إنطلاق الضمير فى شريعة محمد بن عبد الله ودينه الحنيف ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ويقول الله تعالى فى كتابه العزيز: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( الزمر ـ آية 7 ) ثم اقرأ قوله تعالى لنبيه الكريم: ((اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ)) ( الأنعام ـ آية 106 ، 107 )
لقد أصدرت المحكمة الهزلية حكمها بالإعدام على المهندس الأستاذ محمود محمد طه ... على مناضل كافح الإحتلال الإنجليزى للسودان وزج به فى سجون الإحتلال قرابة ثلاث سنوات ، على رجل مسالم لقبه معارفه وإخوانه بغاندى السودان، على شيخ كبير طاعن فى السن لم يملك من حطام الدنيا شيئا ـ ولا حتى عصا يتكأ عليها فى شيخوخته ـ إلا إيمانا عميقا وعقلا راجحا وبصيرة نافذة . ، ورفض المتصوف الزاهد الأستاذ محمود محمد طه أن يتراجع عن أراءه ويقدم إلتماسا بالعفو عنه إلى الرئيس نميرى الذى أخذته العزة بالإثم فتكبر واستكبر ورفض جميع النداءات والتوسلات من جميع دول العالم بأن يرفض التصديق على حكم الإعدام الذى نفذ فى صباح الثامن عشر من يناير عام 1985 . قتل الأستاذ محمود حتى يكون عبرة لغيره من المعارضين كما جاء فى حيثيات الحكم الهزلى لمحكمة المهداوى الهزلية . الشيخ المتصوف المسلم المسالم قتلته السياسة . وأحدث خبر إعدام الأستاذ محمود محمد طه البالغ من العمر ستة وسبعين عاما صدمة وردود فعل مدوية فى جميع أرجاء العالم ، ولأن ربك بالمرصاد لكل طاغية جبار فهو يمهل ولا يهمل تشاء الحكمة والإرادة الإلهية أن يهب الشعب السودانى بعد مرور ستة وسبعين يوما بالتمام على إغتيال الشهيد محمود فى انتفاضة عارمة أطاحت بالرئيس السودانى جعفر النميرى ونظامه الذى استمر فى حكم السودان نحو ستة عشر عاما ويفر النميرى خارج البلاد ... إلى أين؟ إلى مصر ليعيش فيها كلاجئ سياسى ينعم بالأمن والأمان!!! ... مصر التى رفض النميرى طلب رئيسها حسنى مبارك ونداءات ومناشدات أحزابها السياسية بالإبقاء على حياة الشهيد الأستاذ محمود محمد طه . وفى عام 1986 ترفع إبنة الأستاذ محمود محمد طه دعوة قضائية لإبطال وإلغاء حكم الردة الصادر ضد أبيها ، وتصدر المحكمة العليا فى السودان حكمها ببطلان محكمة المهداوى من أساسها ، ولكن جاء الحكم متأخرا وبعد فوات الأوان!! ويرحم الله الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور حين قال في "مأساة الحلاج": " ليس الفقر هو الجوع إلي اللقمة والعُري إلي الكسوة الفقر هو القهر." نعم الفقر هو القهر . . وظلم الإنسان لأخيه الإنسان فلينكسر السيف الأموى الباطش المسلط على رقاب العرب والمسلمين . نحن ياسادة فى القرن الحادى والعشرين. * كاتب وصحفى مصرى ـ كندى [email protected]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: عبد الحي علي موسى)
|
الأخوة الكرام تحية طيبة للإحتفال بذكرى محمود محمد طه ومعرفة الكثير عنه الرجاء زيارة البوست التالي لتجد ان محمود محمد طه يقول:
ان الأنسان الكامل يصل لمرتبة الإله من الكمال !!! وان الإنسان الكامل هو زوج الله !!! وأن الإنسان يكون الله !!! وأن محمود يزعم بأنه المسيح المنتظر !!! وأنه (محمود) يزعم انه نبي ورسول من عند الله !!! وأنه وأتباعه أفضل من الصحابة بمن فيهم ابو بكر !!! وان محمود ترك الصلاة المعهودة مدعيا صلاة الأصالة !!! وأن محمود لم يحج أيضا بدعوى الأصالة !!! وأن الشريعة لا تصلح للقرن العشرين لذا جاء هو لتغييرها !!! ويدعى انه يحمل إذنا من الله بتغيير الشريعة وهذا ما لم يستطع هو وتلاميذه إثباته !!! وأن الإنسان يصل لمرحلة التشريعات الفردية ليأخذ عباداته من الله مباشرة ، فتكون له صلاته وشهادته وحجه وصومه !!! وأن الشهادة تبتر لتصير في النهاية لا اله الا الله المجردة ويحذف منها محمد رسول الله لإنتهاء دور محمد وتقليده عند الأصيل الذي يقلد الله ويترك تقليد محمد !!! وأن محمود كان يعتقد بأنه يأخذ تشريعاته من الله مباشرة وانه ترك تقليد النبي وإنتقل لتقليد الله !!! وأن اتباعه كانوا يعتقدون بعدم موته وأن أمرا ما سيحدث دون تنفيذ الحكم عليه !!! كل ذلك والكثير عن الفكر الجمهوري في البوست التالي :
الفكر الجمهوري ....... جرد الحساب
الفكر الجمهوري ....... جرد الحساب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: عبدالله الشقليني)
|
ِ
26th Annual Ustadh Mahmoud Mohamed Taha Commemoration
Celebrate The Legacy
The Vision of Ustadh Mahmoud Mohamed Taha for New Sudan
Date: January 22, 2011
It is the honor and privilege of the disciples of the martyr Ustadh Mahmoud Mohamed Taha to invite you to the 26th commemoration of Ustadh Mahmoud Mohamed Taha, modernist Islamic Reformer of Sudan. As Sudan faces the challenge of genuine self-determination for all its peoples, this event celebrates the pioneering vision of Ustadh Mahmoud for genuine popular self-determination and development with justice for all Sudanese. Speakers at this event include
- Professor Abdullahi A. An-Na’im, Emory Law School Ustadh Mahmoud’s, Foundations of the Constitution of Sudan - His Excellency Ezekiel Lol Gatkuoth, head of Mission, Government of Southern Sudan. The referendum and future of two countries : From 1955 to 2010
- Journalist, Fathi Aldaw - Mr. Omer Hawari - Dr. Ismail A. Al-Mahdi, Ohio Universtiy - Mr. Azhari Baloul
There will be an exhibition and Inshad Irfani “Sufi songs” led by the acclaimed chanter Mr. Abdulkarim Ali Musa “ Karooma” .
Mason District Governmental Center
6507 Columbia Pike Annandale, VA 22003-2029
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: ايوب عبدالرحيم)
|
التحية لشهيد الفكر والكلمة القامة والعلامة الفارقة - الإستاذ محمود محمد طه ....... سيظل دوما منارة في درب الاستنارة والتنوير وسيظل في طليعة من علو من قيمة ومكانة الإنسان ومن إستوعبوا طبيعة ومتغيرات عصره ومن إعملوا الفكر وقدحوا الذهن من أجل حلول لمشاكل مجتمعاتهم وزاوجوا مابين روح الدين وقيم العصر....... وسيظل جهده الفكري وذكراه السنوية زادا يلهم الناس ونورا يضي الطريق ويبدد الظلام.... التحية لكل من قام ويقوم بإحياء الذكري السنوية بإقامة الندوات والفعاليات الثقافية......
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: جمال المنصوري)
|
ازمة التفكير الاستراتيجي في السودان من النخب السودانية المؤدلجة...اعاق مشروع الدولة المدنية الفدرالية الديموقراطية السودانية من 1947 حتى الان يوجد فقط مفكرين استراتيجيين حقيقيين سودانيين قدما مشورع حقيقي للدولة السودانية
1- محمود محمد طه-الثورة الثقافية 2- د.جون قرنق (السودان الجديد)
وهذين المشروعيين ذى النيل الابيض والنيل الازرق...يلتقيان في المركز
فقط انتظروا ان ينقشع الزبد الذى لا يذهب جفاء المخييم على السودان لينهض طائر الفنينق وكوش الجديد في كامل ارض السودان
... اعيب على الاخوةالجمهوريين في امريكا عدم الاستفادة من فضائية الحرة لتغطية الفعاليات الفكرية الهامة هناك وايضا في السودان عدم استخدامهم لخدمة البث المباشر للجزيرة او france24 ذلك يظل العمل صفوى ومعزول عن الشعب في زمن الشعوب تقرر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Kostawi)
|
نبق وبلِيلْة وعجوة وبسكويت (منين بالحبة السوداء) ورز بلبن وشاي بالحليب... و10 متحدثين!
بكل هذا أحيى الأخوة والأخوات الجمهوريين الذكرى السادسة والعشرين لإستشهاد الأستاذ والمفكر العبقري محمود محمد طه.. والذي علمنا وأدبنا وفدى بروحه إنسانيتنا.
لقد سعدت أينما سعادة بالمشاركة في هذة المناسبة والتي جاد علينا بها إخوة وأخوات لنا خبِروا وخبّرونا بأفضال رجل صنع الطوفان وأرسى بفكره معالم التغيير الحق، وتنبأ بأحداثيات واقعنا المعاصر.
تحدث كثيرون في هذة التظاهرة، من مختلف ألوان الطيف السوداني، ولكن إستوقفتني كلمة أخي وصديقي الأستاذ فتحي الضو والذي قال إنه وعلى قدر ما تحدث في مناسبات تأتي مناسبة حديثه في ذكرى الأستاذ محمود كتشريف وشرف يناله لأول مرة. وخبرنا عن كتابه الذي كان سيكون الكتاب الاول له عن الأستاذ محمود والذي باشر في إعداده وأخذ يجمع في مادته من مصادر قريبة من الأستاذ طه - رحمه الله وغفر له
وعبر لنا الأستاذ فتحي عن حزنه عند زيارته للمنزل الذي شهد ولادة مفكرنا العبقري وشاهد بقاياه والتي وصفها بأنها عبارة بقايا لجدران متهالكة! وقال إن مثل هذا المحمود يجب أن يكرم بأفضل من هذا.
وأضاف لنا بنبرة حزينة وقال أنه كان يكتب في كتابه هذا عندما يتيسر له الوقت من مكتبه في صحيفته في الكويت قبل العزو العراقي. وعند الغزو مُنع من دخول مكتبه لأخذ كتابه الذي كان يقبع في أدراج مكتبه ولم يكتمل بعد. وحكي متأثراً مشاهدته منظر الجنود العراقيين يحملون مكتبه الابيض بما فيه.. وذكر قائلاً أن كل محاولاته التي بذلها لأستعادة الكتاب باءت بالفشل وكان الرد يأتيه بالعراقي: "أوراق ماكو!"، هكذا ضاع مشروع كتابه الأول....
26 عاماً مضت على إستشهاد هذا الرجل الإنسان... وهو السوداني الوحيد الذي يُحتفَل بذكرى إستشهاده سنوياً فكم منا من مضى ومضت معه مواقفه... وهاهو هو محمودنا باق بيننا بأرثه وعلمه الأنساني خالداً أبدا.
لك الرحمه والمغفرة أيها المحمود...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Mohamed Yassin Khalifa)
|
Quote: ولكنه قبل دعاءهم في الكاذب محمود فقتل بتلك الطريقة المذلة المهينة وتنكر له أصحابه في وضح الضحى وتفرق جمعه وفنيت دعوته ، وتمكن اعداؤه من السلطة !!! أبشر أخي زمراوي فأي قبول غير هذا الذي رأيناه في محمود وفكره وضح النهار ؟؟؟ لا يهمك أخي زمراوي ولا تكترث بنواح الثكالى ودموع الحسرة !!! |
كاذب انت ولا اخلاق لك وهي فعلا تبدر من تربية الهوس الديني لامثالك
الحسد وسوء الظن يملا القلب والعقل لذا لا تستطع رؤية الجميل
ادعو لك بالهداية وانت تتخذ البوست الذي هو بوست احتفاء واحتفال لحكم جائر قد اثبته القضاء والناس انه كان باطلا
فانت فتحت البوست ولم تنجح اغراضك ولاحقت الجمهوريين وهم هن بالادب والترفع عن النزول لما تحمله قد جادلوك باحترام وفقا لما تربوا\ن عليه
اما انت الذي تعلمت ثقافة ابغض في الله هذا هو فهمك للاسلام وواصل فيه لكي يعرفك الناس اكثر
لك التحية وادعو اليك بالهداية والرشاد وان يفتح الله قلبك للمحبه لانها هي الاصل والكراهية زائله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Kostawi)
|
رؤيا في المشهد السياسي: يا .. مُشرع الحلم الفسيح ...
بقلم: د. الشفيع خضر سعيد
الإثنين, 24 كانون2/يناير 2011 09:47
(2) سجن "كوبر"... في 17 يناير من العام 1985. كان السجان طيبا، يسمح بحرية الحركة بين الأقسام المختلفة داخل السجن.. وكان الشيخ في قسم "زنازين الغربيات". قضيت معه كل صباح الخميس وبعضا من الظهيرة...إستقبلني بإبتسامة جميلة تنضح بالحياة....كان ممتلئا حيوية وثقة بالنفس، وكان جميلا بهيا وهو في جلبابه الأبيض. جلسنا فوق "البرش"، وقدم لي البلح والشاي. حدثني: عن الهوس الديني وتشويه الإسلام، عن سرقة قوت الفقراء بإسم الله، عن أن "النميري" مطية غبية لتجار الدين، عن صراعه المحتدم والمستمر مع جماعة الهوس، عن رفضه الثابت لقوانين سبتمبر (1983)، وأنه لن يتنازل أبدا حتى ولو كلفه ذلك حياته!.. وحدثني عن الثورة..!! قال لي بالحرف الواحد: "حال البلد هذه الأيام أشبه بحالها في الأيام الأخيرة قبل ثورة أكتوبر 1964....الشعب في حالة غليان وسينفجر ويطيح بالهوس...إني أرى الخضرة في كل شيئ....وأراها قريبا جدا". ثم أخرج من جيبه ورقة أعطاني إياها قائلا: " هذا منشور من جماعتكم، أصدروه صباح اليوم". كانت الورقة بيانا من الحزب الشيوعي السوداني بعنوان "أرفعوا أيديكم عن محمود محمد طه"
وواصلت الإستمتاع بالإستماع إليه والحديث معه. تحدثنا في كل شيئ..، إلا الموت وحكم الإعدام. وفجأة جاءني السجان الطيب مسرعا ومشفقا يطلب مني سرعة الرجوع إلى (عنبري) في قسم "المديرية" (أحد اقسام السجن). ودعت الشيخ ووعدته بالحضور إليه صباح الجمعة .... وأنا لا أدري...
في الطريق إلى العنبر كان السجان الطيب مهموما.. سألته فقال لي: "السجن مليان جيش..ويظهر في حاجة بطالة حتحصل...". دخلت إلى العنبر لأجد زملائي المعتقلين متجمعين حول التلفاز يستمعون إلى فحيح السفاح "نميري" وهو يؤيد حكم الإعدام.. وجم السجن، وإزدادت جدرانه وجوما. كان الصمت مطبقا إلا من نبضات الحزن والغضب المكبوت....
أتجه أبوبكر الأمين، زميلي في المعتقل، إلى الجدار الفاصل بين قسمنا وساحة الإعدام...اسمها " ساحة العدالة الناجزة"!! وبدأ أبوبكر يحفر في الحائط .... قضى الليل كله، ونحن معه، يحفر ونحفر، بكل ما هو متاح: بقية من "علبة صلصة"، قطعة زجاج، مشبك حزام بنطال...ونصل مخبًأ.!! حتى زحزحنا الحجر الضخم / الصخرة الصغيرة...وأصبحنا نرى قبح المشنقة بكل وضوح..
أطل الصباح الشتوي الحزين...الجمعة 18 يناير 1985. رفضنا إستلام الغذاءات وأعلنا إضرابا عن الطعام في كل أقسام السجن. بدأت جموع المرجفين ترد إلى ساحة الإعدام وهم يهتفون ويتصايحون.... كانوا في حالة لا توصف من الهيستريا والهوس المجنون... وكان بعضهم يرقص...!!! ونحن ننظر من خلال تلك الكوة السرية، مجموعة تلو الأخرى في تنظيم وترتيب دقيق، صامت ومتوتر.
ثم جاءوا بالشيخ مكبلا ومغطى الرأس حتى العنق....كان يمشي بثبات وبطولة... لم، وأعتقد لن، أرى خطوة ثابتة وقوية مثل تلك الخطوات التي كانت تتجه، مدركة، إلى السكون الأبدي... كانت الخطوات تكتب على أرض ساحة الإعدام: نعم، أشهد أني أنقله من الشيخ القوي إلى الشيخ الشهيد...لكنه الشيخ الثابت على المبدأ... الشيخ المنتصر... الشيخ الملهم...... تعالت صيحات الهيستريا والهوس المجنون...وتضاعفت...كانوا كثر...أتوا ليروا هزيمتهم...ولكن هل يروا؟ كان الجلاد حزينا وهو يلف حبل المشنقة حول عنق الشهيد....بعد تلك اللحظة تخلى عن "مهنته" إلى الأبد!. وفجأة أمر القاضي بكشف الغطاء عن وجه الشهيد قائلا بتلذذ عجيب: " ليرى الزنديق كيف ينبذه الناس"... وكشف عن وجه الشهيد....يا للروعة ويا للعظمة...كان مبتسما وهادئا وساخرا... ما أجمل ذلك..شجاعة وصمود وبسالة وإيمان...وإزدراء للموت...لم، وأعتقد لن، أرى مثل ذلك قط..! ومع كشف وجه الشيخ أخرست كل عواءات الهوس...وأطبق صمت رهيب..رهيب إلا من أصوات إرتجافاتهم...والشيخ ينظر إليهم في إبتسامة خالدة...إبتسامة تجهيل ورثاء..! ما أقوى أن ترد الحقد بالرثاء حتى وهو يقتلك!!
ونحن، كنا ننظر في صمت وخشوع ورهبة....لحظة لا تملك أي قدرة على وصفها....فهي غشتنا لمرة واحدة فقط...لكنها فعلت الكثير في دواخلنا وأنسجة مشاعرنا وعقولنا....فعلت ما لم تستطع فعله سنوات الدراسة والتجربة والعمل....تغذينا بلحظة الموت تلك ما لم تستطع أن تغذينا به لحظات الحياة.....!! وفي لحظة السكون تلك..قررنا نحن أن يسمعنا الشيخ قبل استشهاده....فهتفت كل أقسام السجن في لحظة واحدة وبنغم واحد، رددته معنا السماء والجدران:
شهيد...شهيد يا محمود، فاشي...فاشي يا كباشي، سفاح سفاح...سفاح يا نميري، مجرم نازي يا....،
وسمع الشيخ الهتاف، وإزدان وجهه بإبتسامة أجمل..! وسرى الرعب في كل المهووسين وإزداد بؤسهم صمتا...وسمعنا حشرجة القاضي يأمر الجلاد بالتنفيذ....سريعا غطى الوجه المبتسم....وتدلى جسد الشيخ النحيل....لا صوت إلا هتاف المعتقلين.. يشق عنان السماء مصاحبا لروح الشيخ الشهيد.....
يا صنوج الإعلان.......يا طبول الشهادة دقي...رددي.........دقي للشيخ الذي كان يدري أن يضحك.....ولا يبكي للحياة.....الباطن والظاهر صمت الجميع....إلا صوت الشارع في المدن الحبلى بالثورة.
وتحدث الصمود، تفجر المخزون المكبوت، وإلتقت روح الشيخ الشهيد بروح حفيدته "مشاعر"، وكانت إنتفاضة الشعب في مارس / أبريل 1985
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: عبدالله عثمان)
|
يا لروعة هذة الكلمات
فضلت ان ابقيها بروعتها فهى لا تحتاج لأنة من الاجمل ان تنفرد بجمالها الذى لا يوجد اجمل منة فى وصف هذا المشهد
Quote: رؤيا في المشهد السياسي: يا .. مُشرع الحلم الفسيح ...
بقلم: د. الشفيع خضر سعيد
الإثنين, 24 كانون2/يناير 2011 09:47
(2) سجن "كوبر"... في 17 يناير من العام 1985. كان السجان طيبا، يسمح بحرية الحركة بين الأقسام المختلفة داخل السجن.. وكان الشيخ في قسم "زنازين الغربيات". قضيت معه كل صباح الخميس وبعضا من الظهيرة...إستقبلني بإبتسامة جميلة تنضح بالحياة....كان ممتلئا حيوية وثقة بالنفس، وكان جميلا بهيا وهو في جلبابه الأبيض. جلسنا فوق "البرش"، وقدم لي البلح والشاي. حدثني: عن الهوس الديني وتشويه الإسلام، عن سرقة قوت الفقراء بإسم الله، عن أن "النميري" مطية غبية لتجار الدين، عن صراعه المحتدم والمستمر مع جماعة الهوس، عن رفضه الثابت لقوانين سبتمبر (1983)، وأنه لن يتنازل أبدا حتى ولو كلفه ذلك حياته!.. وحدثني عن الثورة..!! قال لي بالحرف الواحد: "حال البلد هذه الأيام أشبه بحالها في الأيام الأخيرة قبل ثورة أكتوبر 1964....الشعب في حالة غليان وسينفجر ويطيح بالهوس...إني أرى الخضرة في كل شيئ....وأراها قريبا جدا". ثم أخرج من جيبه ورقة أعطاني إياها قائلا: " هذا منشور من جماعتكم، أصدروه صباح اليوم". كانت الورقة بيانا من الحزب الشيوعي السوداني بعنوان "أرفعوا أيديكم عن محمود محمد طه"
وواصلت الإستمتاع بالإستماع إليه والحديث معه. تحدثنا في كل شيئ..، إلا الموت وحكم الإعدام. وفجأة جاءني السجان الطيب مسرعا ومشفقا يطلب مني سرعة الرجوع إلى (عنبري) في قسم "المديرية" (أحد اقسام السجن). ودعت الشيخ ووعدته بالحضور إليه صباح الجمعة .... وأنا لا أدري...
في الطريق إلى العنبر كان السجان الطيب مهموما.. سألته فقال لي: "السجن مليان جيش..ويظهر في حاجة بطالة حتحصل...". دخلت إلى العنبر لأجد زملائي المعتقلين متجمعين حول التلفاز يستمعون إلى فحيح السفاح "نميري" وهو يؤيد حكم الإعدام.. وجم السجن، وإزدادت جدرانه وجوما. كان الصمت مطبقا إلا من نبضات الحزن والغضب المكبوت....
أتجه أبوبكر الأمين، زميلي في المعتقل، إلى الجدار الفاصل بين قسمنا وساحة الإعدام...اسمها " ساحة العدالة الناجزة"!! وبدأ أبوبكر يحفر في الحائط .... قضى الليل كله، ونحن معه، يحفر ونحفر، بكل ما هو متاح: بقية من "علبة صلصة"، قطعة زجاج، مشبك حزام بنطال...ونصل مخبًأ.!! حتى زحزحنا الحجر الضخم / الصخرة الصغيرة...وأصبحنا نرى قبح المشنقة بكل وضوح..
أطل الصباح الشتوي الحزين...الجمعة 18 يناير 1985. رفضنا إستلام الغذاءات وأعلنا إضرابا عن الطعام في كل أقسام السجن. بدأت جموع المرجفين ترد إلى ساحة الإعدام وهم يهتفون ويتصايحون.... كانوا في حالة لا توصف من الهيستريا والهوس المجنون... وكان بعضهم يرقص...!!! ونحن ننظر من خلال تلك الكوة السرية، مجموعة تلو الأخرى في تنظيم وترتيب دقيق، صامت ومتوتر.
ثم جاءوا بالشيخ مكبلا ومغطى الرأس حتى العنق....كان يمشي بثبات وبطولة... لم، وأعتقد لن، أرى خطوة ثابتة وقوية مثل تلك الخطوات التي كانت تتجه، مدركة، إلى السكون الأبدي... كانت الخطوات تكتب على أرض ساحة الإعدام: نعم، أشهد أني أنقله من الشيخ القوي إلى الشيخ الشهيد...لكنه الشيخ الثابت على المبدأ... الشيخ المنتصر... الشيخ الملهم...... تعالت صيحات الهيستريا والهوس المجنون...وتضاعفت...كانوا كثر...أتوا ليروا هزيمتهم...ولكن هل يروا؟ كان الجلاد حزينا وهو يلف حبل المشنقة حول عنق الشهيد....بعد تلك اللحظة تخلى عن "مهنته" إلى الأبد!. وفجأة أمر القاضي بكشف الغطاء عن وجه الشهيد قائلا بتلذذ عجيب: " ليرى الزنديق كيف ينبذه الناس"... وكشف عن وجه الشهيد....يا للروعة ويا للعظمة...كان مبتسما وهادئا وساخرا... ما أجمل ذلك..شجاعة وصمود وبسالة وإيمان...وإزدراء للموت...لم، وأعتقد لن، أرى مثل ذلك قط..! ومع كشف وجه الشيخ أخرست كل عواءات الهوس...وأطبق صمت رهيب..رهيب إلا من أصوات إرتجافاتهم...والشيخ ينظر إليهم في إبتسامة خالدة...إبتسامة تجهيل ورثاء..! ما أقوى أن ترد الحقد بالرثاء حتى وهو يقتلك!!
ونحن، كنا ننظر في صمت وخشوع ورهبة....لحظة لا تملك أي قدرة على وصفها....فهي غشتنا لمرة واحدة فقط...لكنها فعلت الكثير في دواخلنا وأنسجة مشاعرنا وعقولنا....فعلت ما لم تستطع فعله سنوات الدراسة والتجربة والعمل....تغذينا بلحظة الموت تلك ما لم تستطع أن تغذينا به لحظات الحياة.....!! وفي لحظة السكون تلك..قررنا نحن أن يسمعنا الشيخ قبل استشهاده....فهتفت كل أقسام السجن في لحظة واحدة وبنغم واحد، رددته معنا السماء والجدران:
شهيد...شهيد يا محمود، فاشي...فاشي يا كباشي، سفاح سفاح...سفاح يا نميري، مجرم نازي يا....،
وسمع الشيخ الهتاف، وإزدان وجهه بإبتسامة أجمل..! وسرى الرعب في كل المهووسين وإزداد بؤسهم صمتا...وسمعنا حشرجة القاضي يأمر الجلاد بالتنفيذ....سريعا غطى الوجه المبتسم....وتدلى جسد الشيخ النحيل....لا صوت إلا هتاف المعتقلين.. يشق عنان السماء مصاحبا لروح الشيخ الشهيد.....
يا صنوج الإعلان.......يا طبول الشهادة دقي...رددي.........دقي للشيخ الذي كان يدري أن يضحك.....ولا يبكي للحياة.....الباطن والظاهر صمت الجميع....إلا صوت الشارع في المدن الحبلى بالثورة.
وتحدث الصمود، تفجر المخزون المكبوت، وإلتقت روح الشيخ الشهيد بروح حفيدته "مشاعر"، وكانت إنتفاضة الشعب في مارس / أبريل 1985
|
تبقى جميلة فليس ماهو اجمل منها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Mohamed Yassin Khalifa)
|
نعم .. لقد كنت هنالك عندما أعدم الشيخ
محمد عبد الله الصايغ
[email protected]
الموت ذلك المجهول.. ياتي بغتة ... وذلك من نعم الله على البشر .. يعرف الكل انهم سوف يموتون ولكن متى ؟ لا احد يعرف فقد خلق الله لهم العقل و جعل الموت مجهول الاوان .. فالعلم به امر مؤلم يأخذ الانسان الى كثير من المعاناه .
قرّرت أن أكتب لانني اوقن أن التأريخ يجب أن يكتب .. أن يدوّن في حقّ الرّجال ما صنعوا وأن يعطوا حقّهم بعد أن رحلوا وذلك أدعى للعدل وهو مسئوليه على عاتق الاحياء . .. عندما يكون هنالك رجال بهذا الحجم الاسطوري من الايمان بالمبادئ .. الشجاعه .. الصلابه .. سمعت عن الكثيرين في مواجهة الموت بسبب ما امنوا به ، ويقيني انّ ما سمعته كان صحيحا ، ولكنّني ما رأيت الاّ واحدا .. رأيته وانا في كامل وعيي .. أحاسيسي .. شعوري وعنفواني .. أنقله لكم وأنا شخص محايد لم ار الرجل الاّ صباح رحيله ولكني سمعت عن نضاله من أجل وطن أنتمي أنا اليه .. وسمعت كلماته الواثقه القويّه امام المحكمه تلك الكلمات التي جاءت أحمى وطيسا من الدواس .. خرجت بالرجل من دائرة الشياطين الخرس .. وما أكثرهم ، لللاسف ، وبينهم علماء .. وأشار " بعصاته " ، ليس من طرف خفي وليس على استحياء ، فرأت عشيرته الفرعون عاريا كيوم ولدته أمّه .... " ومحل رهيفه تنقد " .
استيقظت مبكرا , كعادتي , في ذلك اليوم الشتوى للحاق بعملي . كنت حينها نقيبا بشرطة المرور الخرطوم . كان يطغى عليّ في ذلك اليوم شعور بالحزن ... فقد جاء في الاخبار ان تنفيذ حكم الاعدام بحق الاستاذ الشيخ محمود محمد طه سيكون في ذلك اليوم .
كنت ، مع عدم انتمائي لمدرسة الرجل وعدم المامي حتى بافكاره ، مبتلّا بذلك الشعور ... شعور الحزن فتصفية الخصوم بسبب الرأى امر يتعدّى الفجور في الخصومه . كان الاستاذ الشيخ كبيرا في دواخلي بتاريخه النضالي.. واخيرا بمواقفه الشجاعه وهو يواجه محاكمه يعلم ان تصفيته هو هدفها ... فتحدّث امامها حديث الرجال الذين تمتد اهتماماتهم لاوطانهم وشعوبهم قبل انفسهم واسرهم وبيوتهم وهذا قطعا ما لا نجده الا في من سمت قاماتهم الى جلائل الامور ترفّعا عن صغائرها وهؤلاء هم الذين يشكلون حياة شعوبهم .. بل شعوب البشرية جمعاء .
وصلت الى مكان عملي عند السادسة صباحا بشرطة مرور الخرطوم . وجدت انه كان منوطا بي في ذلك اليوم الاشراف على سير حركة المرور في القطاع الذى يقع جنوب كبرى القوات المسلحه " منطقة الخرطوم " وشمال الكبرى " منطقة كوبر وامتداداتها , شارع كسلا شرقا وغربا حتى السكه الحديد .مما يضع منطقة السجن العمومى بكوبر داخل ذلك الاختصاص ، من الناحيه المروريه بالطبع ، ..
كنت واجما وانا في طريقي ومعي نفر كريم من الزملاء رجال شرطة المرور لتسهيل حركة المواطنين في تلك الانحاء ... كان تفكيرى في تلك اللحظات غارقا في كنه الموت .. في رجال ثبتوا للموت وخطوا باتجاهه دون تهيّب دفاعا عن مبادئهم وعن ما يؤمنون به فمضوا احياء في تاريخ اممهم بل وفي تاريخ البشريه جمعاء . هل يمكن مواجهة الموت بكل صلابه ؟ ان كان نعم .. فمن هم هؤلاء الذين يستطيعون ؟ هل هم بشر من طينة أخرى ؟ ما الفرق بين الشجاعة والجبن ؟ قوّة المراس وضعفه ؟ الشموخ .. ....؟ ..؟ .. الذين تغنّت لهم وبهم القصائد الخالده في الادب الشعبي .. " قارحك غير شكال ما بقربو الشدّاد " .. " كاتال في الخلا وعقبا كريم في البيت " .. وفجأة قفز الى ذهني بيت الشعر الرائع للمرحوم عمر الدوش :
ايّ المشانق لم نزلزل بالثبات وقارها ....
قررت ان اذهب لارى بام عيني .. كيف يجعل الرجال " الموت " ذلك البعبع المخيف أهون من شرب كأس من الماء المثلّج .. ذهبت لارى كيف ترتجف المشانق أمام الثبات .. سمعت كثيرا عن رجال هزموا الموت وبالتالي هزموا الواقفين على تنفيذه .. كان أحدهم " رضوان " عندما صاح بطابور اعدامه الذي كان حينها قد اطلق المجموعه الاولى من الرصاص فجاءت في خاصرته وأسفل بطنه " علّوا التنشين " .. كان ذلك في " وادي الحمار " بعطبره حيث " دروة ضربنار " عقب انقلاب حسن حسين . والرجل حينها كان رقيبا بالمظلاّت تمّ الحاقه لنا ونحن بعد طلبه بكليّة الشرطه 1975 لتدريبنا في مجال الرياضه وقد كان أحد أساطينها ولهذا حديث اخر
بعد اطمئناني على عملي اوقفت سيارتي امام البوابه الرئيسيه للسجن من الناحيه الشماليه وكانت مفتوحة ودلفت الى داخل السجن وكان ذلك في الساعة الثامنه صباحا كانت الساحه الداخليه هادئه والمكان يغصّ برجال شرطة السجون يروحون ويغدون أداء لواجباتهم وبعض المواطنين كان بعضهم يجلس على الارض والبعض الاخر في طريقه لذلك .
بمجرد دخولي وجدت رجلين يقومان على حراسة زنزانه كانت قريبه من المدخل , عرفت منهما انها حراسة الشيخ . سألتهم عنه فأشاروا الى حيث كان يجلس . كان ذلك أمام الزنزانه من الناحية الشرقيّه حيث رأيت الشيخ يجلس على " مسطبه أسمنتيه " كتلك التي تفصل بين الميادين . كان يجلس متجها الى الشرق في هدوء لم اشهد له مثيلا من قبل وكان في حالة " توهان " بيّنه كانما في عالم غير هذا العالم . وقفت خلفه لمدة تزيد على العشرين دقيقه وأنا أنظر اليه ...كان غاية ما اتمناه ان اتحدث اليه ان استمع اليه في اى موضوع في تلك اللحظات الرهيبه والبالغة الدقّه ولكنني ، للاسف ، لم أجرؤ .. ربّما لدقّة الموقف او ربّما لانني اخترت أن احترم تلك الخلوة الساميه والهدؤ العجيب لرجل على بعد ساعة من الموت .. وفضّلت عدم التدخل لايقاظه منها والعودة به الى دنيا البشر . كنت متاكدا انه كان في سمو غير عادي مفتح العينين واثب بكل جوارحه نحو الافق الشرقي.
التغتّ الى احد الرجلين وسألته عن الشيخ وكيف تسير حياته هنا . اجابني بأن " الهدؤ " هو ما يميزه و بأنّه لم يتناول طعاما منذ ان احضر الى السجن اى انه فضّل الا ياكل وكان فقط يشرب الماء وكان يقضى جل وقته مستقبلا القبله تائها فيها منقطعا عن العالم من حوله . في هذه الاثناء كانت اعداد الناس تتزايد في الساحه الداخليه للسجن . كانوا يحضرون فرادى او في مجموعات .. في هذه اللحظات ارتفعت هتافات ممن هم حول الساحه " الله اكبر " .
خرجت الى حيث عملي , وواضح ان حركة المرور كانت تزداد على الطرق المحيطه و ... عدت الى السجن فى الساعه التاسعه والنصف .
الان الساحه الداخليه ليس بها موطىء لقدم , تموج بمختلف الهيئات والسحن والازياء من عسكريه بالوانها المختلفه الى مدنيه . اعداد كبيره كانت تجلس على الارض في صفوف منتظمه بالجهه الشرقيه والباقين كانوا وقوفا في سائر انحاء الحوش يحيطون بالمشنقه التي كانت تقف في منتصف الساحه بكل جبروتها ... كالهة الموت عند قدماء الاغريق .
هذه المشنقه عباره عن نصب عال من الكمر الحديدى يصعد اليها عموديّا بواسطة السلم الموجود خلفها ويمكن للذي يسير بالشارع الواقع شمال السجن ان يرى الجزء العلوي منها . كان الهتاف ياتي مستمرا من الجالسين وكان هتافا مبرمجا اوانه كان يبدو كذلك وكان ايضا يبدو " كالمباركه " لما سوف يحدث . وكان الواقفون في حالة تحرك قلق محدود هو للغليان اقرب .
كنت اقف امام باب الزنزانه الذي فتح قبل الساعه العاشره بربع ساعه وخرج منه الشيخ في ملابس السجن ويغطي لباس احمر اللون من اعلا راسه وحتى اسفل رقبته ويديه مقيدتين خلف ظهره بجنازير تمتد الى حول خصره ثم تتابع تدليها في قسمين يذهب كل منهما الى معصم كل قدم .
كان الشيخ يسير وحده دون اعتماد على اي شخص ولا حتى مساعده من الجنديين الذين كانا يسيران خلفه في بطء يتفق مع خطوه المتمهل . كان كل ما أراه يدعو للعجب .. شيخ جاوز السبعين .. لم يذق طعاما منذ ايام .. مغطى العينين .. يحمل كل تلك الاثقال من الحديد ويسير " الى الموت " معتمدا على نفسه فقط وعلى ذاكرته عن المكان .. بل ويرتقي درج ذلك السلم الطويل الضيّق العمودى دون مساعده من احد نعم لقد ارتقى السلم وحده في تمهّل حتى وقف اخيرا على المنصه العريضه في الاعلا ... شامخا بحجم كلماته أمام المحكمه ، عملاقا .. بحجم التأريخ الّذي أرسى حجر أساسه .
كان الهتاف الذي اشرت اليه يتوقف ليعود من جديد . ساد بعض الوجوم في تلك اللحظات واوقف تلامذة الشيخ خلف المشنقه من الناحيه الغربيه .
احسست في تلك اللحظات ان جسدي كله صار عباره عن نبض وان كل اجهزته قد تداخلت في بعضها وفجأة دوى هتاف واحد موحد هز اركان السجن وارتجفت له حتى المشنقه وكان هتافا جماعيا متتاليا " لن ترتاح يا سفاح " ولم يكن الهتاف من الجمهور الذي بالساحه فقد سكن ذلك الجمهور كأنّما على رأسه الطّير امام المدّ الطاغي والمتتابع لذلك الهتاف ..الذي كان يأتي من مكان مجهول . علمت فيما بعد انه كان صادرا من المعتقلين السياسيين والذين كانوا بالزنازين الشرقيه حينها كما اكّد لي احد كرام الاصدقاء فيما بعد وقد كان بينهم .
بعد ان استقر الشيخ في علوّه ذاك منتصب القامه قام شخص في مقتبل العمر بالهتاف بصورة انفعاليه وهو يردد بصوت عال ان الرجل ، ويعني الشيخ ، لن يموت وما هي الا لحظات حتى غاب عن الانظار بعد ان اقتادته مجموعة من الاشخاص في ملابس مدنيه .
وقف شخص يخظب في اعلا المشنقه امام الشيخ . كان حديثه يتلخص في كيف انهم سيقيمون الحد في ذلك الرجل وفي اي شخص يقوم باي ما من شأنه.... والخروج عن الدين ... وكانت الهتافات تتردد الله اكبر وبلغت القلوب الحناجر والتفت الرجل ناحية الشيخ ونزع العطاء عن رأسه ووجهه تماما .
اسفر نزع ذلك الغطاء عن لوحة لاحد كبار الفنانين اخذ وقته في رسمها فجاءت واثقه مطمئنه نضره ثابته وليس فيها اى نشاز .. وجه صبوح هادىء فيه ابتسامة عميقه غير متكلفه .. مرسومة من القلب ومدعّمه ومسنوده بكل الخلايا والحنايا والجوارح .. كأنما ايقظه احد احفاده الصغار من نومة هادئة طويله وظل يداعبه ويلاطفه واقسم على هذا . اجال الشيخ طرفه لجهة اليمين اولا في التفاتة كامله ثم ببطء وتؤده الى ناحية الشمال وكان وجهه يحمل في ان معا كل معاني القوة والصلابه والهدوء والعزة والكبرياء .. مجتمعه .. وعندها هدأت نفسي تماما وامتلآ المكان بطمأنينة غريبه . وعندها علمت أيضا لماذا كان ذلك الشخص ، الذي تمّ اقتياده ، يهتف " ان الرجل لن يموت " .
في هذه الاثناء طغى صوت مروحيه " هليكوبتر " وهي تهبط في المنطقه الواقعه غرب السجن خارج اسواره . اعاد الخطيب غطاء الرأس الى موضعه وفجأة بدا جسد الشيخ وهو يتأرجح من اسفل المشنقه ..
بعدها قام شخص بالكشف عليه بواسطة سمّاعه ثمّ لفّ في بطانيه سوداء .. وما هي الا لحظات عادت بعدها المروحيّه لتقلع من جديد مثيرة الكثير من الغبار والضوضاء .. لا أحد يعلم الى أين .. ولم يعلم أحد حتّى الان ربّما .. ولكنها ، قطعا ، كانت قد ذهبت الى حيث لا أمنيات تخيب ولا كائنات تمر .. ليس بالضرورة ان يسأل الناس " أين دفن فلان " اذا كان فلان هذا قد دفن في قلب كلّ فرد من أمّته .. فمن يموت ليهب الحياة للاخرين لا يتسع قبر لرفاته .. وعاد بيت الشعر الخالد للرائع عمر الدوش ليملآ قلبي ، روحي ووجداني وليستقر هناك .. والى الابد .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: واشنطون دي. سي. إحياء الذكرى السادسة والعشرين لاغيتال شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: عبدالله عثمان)
|
في ذكرى الشهيدين .. بقلم: امين حسن احمد مكي- ستكهولهم الجمعة, 14 كانون2/يناير 2011 07:42
ونحن نستهل العام الميلادي الجديد وفي غرته احتفالنا بعيد استقلال السودان المجيد ,ذلك الاستقلال وان بدا لنا معه انه بداية لعهد حكم وطني للبلاد رشيد , كافح لأنجازه ثلة من ابناء وطننا العريض بداية من ثورة اللوآء الابيض مرورا بنشوء الحركة الوطنية وتأسيس مؤتمر الخريجين. وعند محاولة قراءة ماحواه تاريخ تلك الفترة يجوز القول بأن منذ وبعد اعلان الاستقلال ,تعاقبت على الوطن عبر السنين حكومات وانظمة الواحدة تلو الاخرى تارة ديمقراطية حزبية مفعمة فيما بين نوابها بتصارع القوى وغوائل الهوى وقصر وتضارب الرؤى فغدت متخبطة السياسات منقوصة الاداء . وتارة عسكرية قابضة شمولية الحكم , تتدثر احيانا( كما هي عليه الآن) بغطآء ايدلوجي ضيق فِجُّ يقصي الاخر ولا يقر بالتنوع , فارغ المحتوى عديم الجدوى, مفتقراً للبرامج الرشيدة والمنهاج السويّ, فأمعنت في الفساد وعاقت مسيرة البلاد والعباد. مرت الحقب والبلاد لا يؤمها دستوردائم يرعى الحقوق الاساسية لكل مواطن من دون إستثناء أوتمييز ينظم علاقات الافراد بالدولة والمجتمع, ويرسخ المؤسسات والسلطات الموجه صوب الحفاظ على مفاهيم السيادة وفعالية حكم القانون, وآلية التناوب السلمي الديمقراطي للسلطة وادارة التباين المتعدد في البلاد عبر الحكم الامركزي, والنهوض بالتنمية والكرامة للمواطن. هذا ومما جرَّالى وطننا الآن العظيم من المآسي والكثير من المحن والاقتتال ,فطالنا الركود وحلَّ بنا الجمود وقعست أمتنا عن تطورها لتأخد دورها الطليعي المنشود وهي على التحقيق أهلاً لذلك الموعود. نستقبل العام الجديد وفي شهره الاول هذا جدير بنا أن نجول بفكرنا لنستحضرجزءً من التاريخ وفي ذاكرته رحيل علمين شامخين من اعلام وطننا العريق, نذرا حياتهما لإرساء دعائم وطن قومي ديمقراطي رحِب, تسود افراد شعبه روح الحرية والمساواة والإخآء,وتعم أرجآئه حياة العدل والاستقراروالرخآء, يشيع بالخيرات والنماء.حق علينا ذكراهما وفاءً وتقديرا لشخصهما لما قدموه من إرث جليل وفكرٍ أصيل وخلق نبيل تمثل بإستدام عبر مواقف مشهوده تسامت معها أشرف القيم وأعلى المبادىء وتناهت عندها أصدق الدروس وأبلغ المعاني في حب الاوطان وفدآء الشعوب وكمال الانسان , العارف الاستاذ محمود محمد طه والحسيب الشريف الحسين الهندي عليهما من الله موفور الرحمة والغفران.فكم لهم من مآثررفيعة بلسان الحال والمقال ناطقة , وبطولات نادرة, وعبارات خالدة, تستطرد الكلمات بحثا في تبيانها , ويقف المرء تبجيلاً لصاحبيها. فالاستاذ محمود كان ولا يزال رمزاًمن رموز الوطن العِظام شارك بجد مخلصٍ في قضاياه الجِسام لينعم اهله جلَهم في ظله بالعزة والحرية والسلام, واجه المستعمرمتحمساً ثائراً لجلائه.. وقد تم , دعى الجميع من ابناء الوطن للالتفاف حول مذهبية علمية واضحة المعالم واسعة الادراك متعددة الجوانب.. متسقة.. واعية ومبصرةٌ بعمقٍ في بواطن الاسباب لمشكلات الوطن والمواطنين جميعُها ومكامن الخلل فيها ومن ثم المطلوب من العمل لوضع الحلول الجذرية بما ينعكس بالنفع والنجاح والارتقاء في شتى مناشط الحياة وادارة دفة البلاد حاضراً ومستقبلاً. عاش الاستاذ ينشر الفضيلة ويدعو الى مكارم الاخلاق مشفقاً بأمته ناصحاً وفيَاً لها ,تجرد لخدمة دينه وشعبه , مخلصاً صادقاً صدّيقاً لربه ,مسلماً مستسلماً للارادته, صدع بالحق متَوخَّياً له.... فقابله خصومٌ سوء لايرقبون في مؤمنٍ الاّ ولاذمة, بالكيد والفجور والفرّية والبهتان يقول تعالى (و اكثرهم للحق كارهون).. فما حادَ عن الحق ولا إستكان ولا وهِن ولا جَبُن ..فمضى شهيداً من أجله هنالك في اعلى عليين مع الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. فما أغزر ما أهدى لنا من فكرٍ مستفيض متقد مدمغٌ بالحقائق ,زاخرٌ بالمعارف ..يبث الحياة , كيف لا وهو الموقن علماً بقوله تعالى (مافرطنا في الكتاب من شيء) دأب عن بصيرة يدعودوماً إلى مفتاح فهم القرآن الحكيم الا وهو حياة محمد النبي الكريم عليه افضل الصلوات واتم التسليم . قال تعالى (يأيها الذين آمنواستجيبو لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واعلمواان الله يحول بين المرء وقلبه وانه اليه تحشرون ) قال قتادة _احد المفسرين_ (لما يحييكم) قال هو القرآن فيه النجاة والتقاة والحياة. فعكف الاستاذ عليه متدبرا ومدكُرا مستعيناً بتقليد المعصوم في حركاته وسكناته فأستنبط فكراً نقياً سليم مستمدا من لدن حكيم عليم .. ومع كل الاحياء والاشياء عدلاً يستقيم .فكما قال احد السادة الصوفية ( من ذاق عرف ..ومن عرف اغترف ).تصدى بفكره الحر الطليق من نوازع الرغبة ومكابل الرهبة لمجمل القضايا الشائكة في أرجاء المعمورة, المتعددة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مقدما الحلول الناجعة والتصور الصواب لها من خلال النموذج الاسلامي الفطري في مستواه العلمي, الذي لافكاك منه ولا محيد عنه طال الزمن أم قصر لسعادة وسلامة بني البشر.. ليس في حدود القطر الواحد وحسب بل وعلى نطاق شامل.. عالمي كوكبي, طارحاً تلك الرؤية على نحو حِواري متزن تجادلُ فيه الحجة بالحجة والرأي بالرأي بإسلوب علمي متمدن ريثما ينجلي الغموض وتنشرح الصدور ويستبين الحق. ونحن اذ نعايش في هذه الايام الحالكات من ايام الوطن العزيز وقد اضحى على شفى جرف هاوٍ من الانقسام شماله وجنوبه اقتبس جزءاً من كلمة الاهداء للاستاذ محمود في كتابه جنوب السودان المشكلة والحل يقول (فعلى المثقفين من ابناء الشمال, ومن ابناء الجنوب ,واجب عظيم هو توحيد شقى البدن الواحد بالفكر الثاقب والعلم الصحيح,والخلق القوى,الرصين,حتى تخرج من توحيد السودانيين :شماليين , وجنوبيين , قومية واحدة خصبة,ذات خصائص متنوعة ,ونكهة متميزة, يشحذ فكرها , ويخصب عاطفتها , الملكات المختلفة, المشرجة في تكوين الشماليين , والمشرجة في تكوين الجنوبيين, كلٍ على حدة, وعلى السوية!! ليس لهذا الشعب غير الوحدة!!و ليس لهذا القطر غير الوحدة!! كان على ربك حتما مقضياً!!). ومانضال الشريف الحسين الهندي في سيبيل تحقيق سودانِ ديمقراطي اشتراكي أبيّ حر باليسير القليل ولا بالزهيد المتواضع, كان كالطود العظيم لا يتزحزح , ثابتاً مؤمنا بمبادئه مإا نثنى عزمه ولا خارت قواه في خضم دعوته لها والتبشير بها.هميماً بوطنه,لم يدخر جهداً.. ولم يألُ عملاً, تدبيراً وتخطيطاً فكراً واصلاحاً لخلق السبل الحسنة والوسائل الفاعلة لضمان العيش الرغيد لشعبه خصوصاً اولئك المسحوقين والبسطاء والمحرومين منهم فعمل ليل نهار بلا كلل ولاملل.. بلا ضجرولاكدر..سخيّاً بالنفس والمال لا يخشى شيءًواثقاً بربه.. ولا عجب.. فهو من اهل بيتٍ اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً حتى أختاره الله بجواره مظفراً شهيدا. ان في سيرتهما العطرة ومسيرتهما العامرة للغنيٌ الوفير والثريٌ الجم بما هو كفيل .. زعيم ليضئ الطريق ويجدد الامل ويوقظ الهمم ويحي الامم. وماذاك الذي ذكرت الا قطرة من عطآء معينٍ لا ينضب وقبس من نورٍ لا يخْفُت. 0046734878749 [email protected]
نشر في سودانايل
| |
|
|
|
|
|
|
|