منذ رمضان المنصرم وقناة السودان الفضائية وقناة الشروق تعيدان وتكرران في سلسلة من الحلقات الدرامية التي تهدف إلى إبراز حالة التمازج الشمالي الجنوبي ، ولا تثريب في ذلك. إلا أن هذه الدراما أصابت هذا التمازج في مقتل من حيث لا تدري . أولا كشفت هذه الأعمال الدرامية عن ندرة شبه تامة للوجوه الدرامية الجنوبية ، الأمر الذي يؤكد أن الجنوبيين كانوا بعيدين عن صناعة الدراما السودانية ، وتبين هذه الندرة من خلال تكرار نفس الوجوه الجنوبية أو من خلال قيام بعض الممثلين الشماليين بأداء الأدوار الجنوبية لمجرد أن ملامحهم وألوان بشرتهم تساعد على ذلك ، وهو في تقديري أمر يماثل قيام ممثل مصري بأداء دور السوداني ، فهل يكون هذا الأمر في هذه الحالة مهضوما لدى المتلقي السوداني ؟ لا بكل تأكيد ، وبنفس القياس لا أتصور أن المشاهد الجنوبي لهذه الأعمال الدرامية (إن وجد) سيتلقى هذه المسألة بالقبول. الأمر الثاني أن هذه الأعمال الدرامية ومن شدة تركيزها وسعيها لإثبات التمازج والتواصل الإجتماعي الشمالي الجنوبي غاب عن بالها أن السودان العريض هذا لا يتكون من شماليين وجنوبيين فقط ، وبذلك إنحصرت الأعمال الدرامية على تكرارها في محورين إثنين فقط لا ثالث لهما : الشمالي بصورته وملامحه النمطية والجنوبي بصورته وملامحه النمطية ، فأين بقية أبناء السودان والملامح السودانية من مختلف مناطق القطر ؟ أين أبناء دارفور وجبال النوبة وأدروب ومناطق التماس ؟ بل اين هي الأعمال الدرامية التي تبرز أبناء جبال النوبة مثلا في حياتنا المهنية والإجتماعية ؟ بل اين وجود أبناء الهامش كمذيعين ومذيعات ومقدمي برامج في قنواتنا التي تستورد الوجوه من الخارج ؟ أم أننا لن نتذكرهم ذلك إلا حين يأتي دورهم في تقرير مصيرهم ؟ ، وهم حسب علمي أكثر تمازجا وتواصلا وانصهارا مع الشماليين ومع الجنوبيين خاصة أهل مناطق التماس في جنوب كردفان وجنوب دارفور ، أين هؤلاء من كل هذا الزخم الدرامي المفتعل ولماذا هم غائبون ؟ أليس لهم نصيب في قسمة الدراما ؟ سؤال ينتظر الإجابة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
كمال حامد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست