|
الصحفى الكبير ...محجوب عثمان ...سنوات من الصراع ...يوم من الرحيل ...وداعا
|
[ center>
B]محجوب عثمان سنوا ت من الصراع .. يوم من الرحيل ...
بقلم: صديق محيسى الجمعة, 22 تشرين1/أكتوير 2010 20:38
فى الثالثة من فجر صباح الخميس الموافق 20 اكتوبر انتقل الى رحمة الله الاستاذ محجوب عثمان احد اهم رواد الصحافة السودانية لحقبة ما بعد الاستقلال وجسرا قويا عبر منه الجيل الثانى من الصحفيين الذين ساروا على ضوء التعاليم الوطنية الحقة التى غرسها الراحل والتى كانت هاديا لحملة الاقلام من جيلنا دفاعا عن الحق والحقيقة دون ما خوف او وجل. وبرحيل محجوب عثمان ينهد صرحا اخر من صروح الصحافة بعد صروح بشير محمد سعيد , وعبد الله رجب, وفضل بشير, وصالح عرابى ومحمد الخليفة طه الريفى, ورحمى سليمان , وسعد الشيخ , ومحمد ميرغنى. وبرحيل محجوب كذلك يفقد السودان فارسا شجاعا من فرسان الكلمة التى سخرها فى خدمة الناس البسطاء ومناضلا جسورا استوطن السجون والمعتقلات دفاعا عن مبادىء الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان حتى وهو يلفظ انفاسه الاخيرة فى اخر يوم من حياته الحافلة بكل ما هو نبيل . عرفت محجوبا وانا فى ريعان الشباب ملتحقا بمدرسة الايام طالبا علم صحا فى حقيقى من تلك الاكاديمية الراسخة الاقدام فى هذه المهنة والمانحة الصدق والامانة لكل قادم اليها. كان ذلك فى ستينات القرن الماضى والبلاد تخرج لتوها من ست سنوات عجاف هى عمر اول نظام عسكرى فى السودان تسقطه الجماهير فى اول ثورة شعبية فى العالمين العربى والافريقى, ومن حسن الطالع ان يرحل محجوب عثمان عشية الذكرى السادسة والاربعين لتلك الثورة التى لاتزال سيرتها تسقط القلوب تحت الاقدام عند مجىء دورتها فى التاريخ ,فهو كان من المبشرين بها ولها بكتاباته المناوئة للحكم العسكرى واحد قادتها حين اشتعلت تأكل نيرانها الاستبداد والطغيا.ن
من داخل مبانى صحيفة الايام المتواضعة تحت عمارة ابو العلا القديمة عرفت محجوب عثمان معلما فى صياغة الخبر والعنوان الصحفى وفنون العمل الصحافى الاخرى, وعلى يديه ,ويدي الصالح محجوب الاخر تعلمت كيف اكتب الخبر , والتحقيق ,والتحليل السياسى , ثم كيف اتمثل القارىء دائما فى ذهنى عند الخوض فى القضايا الاجتماعية احترم عقله , واعتز بنقده وملاحظاته. وفى اروقة مطبعة الايام بالخرطوم بحرى اول مطبعة للاوفست فى السودان استقدمها الراحل العظيم بشير محمد سعيد , كان مجحوب عثمان بحركته القلقة وحرصة على متابعة الماد ة الصحفية وهى جنين حتى ترسل الى الطباعة كان حضورا شفافا حتى اول خيط للفجر لايغادر حتى يرى يقرأ اول نسخة من الجريدة ويطمئن عليها . فى ذلك الزمان جاءت الايام مزيجا من اليمين والوسط واليسار كصحيفة ترضى القارى مهما كان مشربة, اختط لها قائدها الكبير بشير مدرسة فريدة من نوعها تشتد فى النقد الشديد الموضوعى حين يراد للحظة ان تعبر عن ذلك وتهدىء نبرة اللعب السياسى عندما يكون التوازن مطلوبا , ثم تميل الى اليسار حين يحتاج ا لوقت التعامل مع الاحداث على غير لغة مواربة, كان محجوب يمثل اليسار فى سياسة االصحيفة فى جو ديمقارطى متسامح يعترف بالرأى والرأى الاخر , وتلك كانت احد اهم مميزات فلسفة بشير محمد سعيد الذى يناصب اليسار العداء الفكرى ولكنه يعترف بوجوده كتيار سياسى يلعب دوره فى الحركة السياسية اداة من ادوات الحوار السلمى بين الاحزاب.
فى خمسينات القرن الماضى غادر الشاب محجوب عثمان بورتسودان تاركا العمل فى جماركها كموظف صغير ليلتحق بصحيفة الرأى العام ,ثم الايام صحافيا يخطو اولى خطواته فى هذه المهنة , يقول عنه عبد الله رجب فى كتابه مذكرات اغبش (اما محجوب عثمان فقد كان ممن سجنوا فى مظاهرات الجمعية التشريعيةعام 1948 ببورتسودان وجاء الخرطوم , وعمل بجريدة الراى العام واتضح انتماؤه الشيوعى حينما سمح باستعمال اسمه كمحرر بجريدة الطليعة العمالية وما لبسنا ان عرفنا ان كان عضوا بالمكتب السياسى لح س ت و ) انخرط محجوب عثمان فى العمل بالايام كشريك فى شركة تجارية يقودها بشير محمد سعيد وضمن سياسة الصحيفة التى اشرنا اليها كان محجوب هو البوابة التى دخل منها الكتاب الشيوعيون امثال عبد الخالق محجوب وحسن الطاهر زروق , وعبد الرحمن الوسيلة , وسيد احمد نقد الله واحمد عبد الحليم ,ومحمود جاد كريم الذى نشر فى ستينات القرن الماضى سلسلة من المقالات عن ثورة زنجبارالتى اشار فيها سلبا فى اكثر من مقالة الى رئيسها عبود جومبى مما اعتبرته وزارة الاعلام اسقاطا على الرئيس عبود فنالت الايام انذارا لفتح محجوب الباب للكتاب الشيوعيين,
يقول محجوب محمد صالح رئيس تحرير الأيام لصحيفة الاتحادى العدد 450 اغسطس1999 إن الصحيفة (أوقفت ثلاث سنوات ونصف السنة على مرتين خلال ست سنوات هي عمر الحكم العسكري، وكان التعطيل الأول في أواخر عام 1958م عندما اعترضت الأيام على محاكمة قادة العمال، واستمر التعطيل لمدة 18 شهراً، وقد كتب الأستاذ بشير محمد سعيد في عموده اليومي مقالاً هاجم فيه المحكمة العسكرية التي تكونت لمحاكمة كل من الشفيع احمد الشيخ سكرتير الاتحاد، ومحمد السيد سلام، وقاسم أمين وآخرين، وطالب الحكومة أن تقدمهم إلى محاكم مدنية يكون فيها حق الدفاع عن أنفسهم مكفولاً، بينما كان التعطيل الثاني عندما جرت محاولة انقلاب ضد النظام في الرابع من مارس 1959 والتي عرفت بحركة«شنان» وقادها معه اللواء محي الدين احمد عبد الله الذي كان متهماً بانتمائه إلى الحزب الوطني الاتحادي، وقد كا ن محجوب عثمان وراء نشر الخبر مما عرضها للإغلاق لان السلطة لم تكن تريد أن يعرف الناس أنباء تلك المحاولة الانقلابية الفاشلة , وتلقت الايام انذارا شفاهيا عنيفا من وزارة الداخلية بسبب مانشيت كبير باللون الاحمر كتبه محجوب عثمان وهو ( انقلاب 17 عربة قطار فى خط بورتسودان ) اشارة الى حادثة قطار وقعت بالفعل فى ذلك الخط فغضبت السلطة العسكرية واعتبرت الايام تشير بالتورية الى انقلاب 17 نوفمبر.
عاش الراحل محجوب عثمان معارك متصلة من اجل افكاره التى يؤمن بها وكانت حياته مغامرات سياسية ما تنتهى معركة والا تبدا اخرى , وكغيره ممن ساندوا نظام النميرى باعتباره حركة ثورية ترفع شعارات الاشتراكية اختير اول وزير للاعلام لحكومة الانقلاب وهو الذى تسبب فى الازمة الشهيرة بين النميرى و الشيوعيين عندما امر باذاعة تصريحات لرئيس الوزراء بابكر عوض الله عند زيارته الشهيرة لبرلين حيث نسب فيها ثورة مايو الى الشيوعيين وكانت تلك نقطة فارقة بين النميرى والشيوعيين حتى جرى الطلاق بين الاثنين فاطيح بمحجوب من الوزارة واستبدل بعمر الحاج موسى المناوىء لليسار واليساريين . اختاره النمير ى الذى كان صديقا معجبا بالراحل اختاره سفيرا فى اوغندا ولكن لم يمض وقت طويل حتى قام الضباط الشيوعيون فى يوليو بمحاولة انقلابية نهارية ناجحة ضد النميرى وصفها البعض بكميونة باريس لقصر ايامها وفى اتصال هاتفى من لندن اجراه معه بابكر النور احد قادة الثورة طلب من محجوب عثمان العودة فورا الى الخرطوم ليكون وزيرا للخارجية للنظام الجديد غير ان كميونة الخرطوم سرعان ما سقطت فبلغ محجوب النبأ فغير وجهته من نيروبى الخرطوم الى نيروبى لندن والا لكان مصيره االموت مثل غيره من القادة الشيوعيين الذين اعدمهم النميرى فى ثورة غضب كانت ستكون اشد ضراوة بالنسبة لصديق احبه ووثق فيه, وهكذا غادر محجوب عثمان الى لندن ثم الى براغ حيث عمل لسنوات فى اتحاد الصحافة العالمى التابع يومئذ للمعسكر الاشتراكى, ظل الراحل فى تشيكوسولوفاكيا معارضا للنظام حتى اصدر النميرى عفوا عاما عن معارضيه طالبا منهم العودة الى البلاد فى مصالحة وطنية اثر فشل محاولة اسقاطه عسكريا بواسطة الجبهه الوطنية فى الاول من يوليو67 والتى اطلق عليها اعلام النميرى بهجوم المرتزقة . وصل محجوب مطار الخرطوم قادما من براغ فو جد رجال الامن فى انتظاره فجرى اعتقاله ليرسل الى سجن الابيض ليقضى فيه ما يقارب العام و كانت تلك لفتة من النميرى الذى لم ينس اصدقاؤه الاعداء حتى وان طال السفر .
بعد سقوط النميرى فى انتفاضة ابريل الشعبية عاد محجوب عثمان للعمل مجددا فى صحيفة الايام التى عاودت الصدور من جديد , عا د كرئيس ثان للتحرير بجانب بشير محمد سعيد , ومحجوب محمد صالح يكتب عموده معالم فى الطريق حتى انهي المتاسلمون الدورة الديمقراطية الثالثة فاختفى محجوب عن الانظار وتسلل هاربا عبر الصحراء الى مصر ليلتحق هناك بالمعارضة ويسهم فى تكوين التجمع الوطنى الديمقراطى . وفى اوائل التسعينات اتصل بى الراحل ضمن مجموعة من الاصدقاء الصحفيين والسياسيين المعارضين لنظام الجبهة الاسلامية فى قطرعا رضا علينا اعادة اصدار صحيفة الايام فى المهجر فى شكل شركة مساهمة ,وبالفعل شرع الراحل فى الاستعداد لصدور الصحيفة ولكن صحافيا انتهازيا معروفا اوصد فى وجهه الباب عندما اوشى به للسلطات السعودية طالبا منها عدم السماح للصحيفة بدخول ارضيها بحجة ان رئيس تحريرها هو قيادى شيوعى وان الصحيفة نفسها تابعة للحزب الشيوعى فنجح الصحافى المريب فى تحطيم المشروع قبل ان يرى النور حارما الايام الجديدة من السوق السعودية ذات القاعدة الواسعة من القراء السودانيين , تلك القاعدة التى كانت تحتكرها صحيفته التى اصبحت الان بوقا من ابواق نظام الانقاذ, الا رحم الله محجوب عثمان صحافيا وطنيا ,ومناضلا جسورا , ومقاتلا صلبا واحسن اليه واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفقيا sedig meheasi [[email protected]]
----------------
ياسر عرمان: رحيل أكتوبرى عظيم .. وداعاً العم محجوب عثمان محمد خير الجمعة, 22 تشرين1/أكتوير 2010 20:47 فى ذكرى ثورة اكتوبر
رحيل أكتوبرى عظيم فى ذكرى ثورة اكتوبر وداعاً العم محجوب عثمان محمد خير حزبى بلا ضفاف حزبية
فى صبيحة ذكرى ثورة اكتوبر وأحلامها الكبيرة رحل مناضل كبير من صناع الأحلام والأمال سنوات طويلة الاستاذ / الجليل محجوب عثمان محمد خير الذى نذر نفسه لخدمة القضايا الوطنية ونشر قيم الاستنارة واضحى علماً من أعلام الصحافة والسياسة السودانية وهو من المهتميين الكبار بعلاقات شمال وجنوب السودان وهو يرحل فى اشدها أوقاتها دقة وحساسية وعرف الاستاذ/ محجوب عثمان محمد خير بالصلابة والوضوح السياسى والاستقامة والنزاهه فى التعاطى مع الشأن العام وهو حزبى بلا ضفاف حزبية تربطه صدقات عبر المسرح العريض للحركة السياسية والثقافية والاجتماعية وربطته علاقات وثيقة بعدد كبير من قاده الحركة الشعبية لتحرير السودان وعلى راسهم الدكتور / جون قرنق دى مبيور وإنحاز دوماً لضرورة العمل المشترك مع الحركة الشعبية وأبدى تقديراً كبيراً لمشروع السودان الجديد وأهميته فى توحيد السودان على أسس جديدة وأبدى فى أكثر من مناسبة تقديره لأهمية الدكتور/ جون قرنق دى مبيور فى خارطه النضال الوطنى الديمقراطى ونحن نتوجه نيابة عن قياده الحركة الشعبية لتحرير السودان ورئيسها سلفا كير ميارديد رئيس حكومة الجنوب والنائب الاول بالتعزية لأسرته ولزملائه وأصدقائه ولحزبه الشيوعى ولمعارفه الكثر ، وإنا لله وإنا إليه لراجعون . ياسر عرمان نائب الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وعضو المكتب السياسي الجمعة : 22/ اكتوبر / 2010
----------------------
رحيل الأخيار – وداعاً محجوب عثمان ...
بقلم: هلال زاهر الساداتي الجمعة, 22 تشرين1/أكتوير 2010 20:54
قرأت مقالا في صحيفة سودانايل الالكترونية للعزيز الصديق كاتب امدرمان الكبير شوقي بدري بعنوان محجوب عثمان أشرف وأصلب المناضلين ناعياً فيه ذلك الرجل العظيم وذاكراً طرفاً من مآثره وكنت لا أعلم بوفاته قبل قراءة المقال , فاهتز كياني كله حزناً وغشتني ظلمات من الغم , وعصتني دموع العين لأن القلب كان يبكي , واجتاحني سيل من الأسي لفقدانه , بل بفقد السودان أحد رجاله المخلصين الاباة فما عاد فيه الا القليل من صنف هؤلاء الرجال الافذاذ من أجيال الاستقلال الذين عبدوا لنا طريق الحرية وحققوا لنا الانعتاق من ذل الاستعمار وتضحياتهم الجسيمة , ودفعوا من أجل ذلك مهراً غالياً من حريتهم في المعتقلات والسجون , ومن صحتهم بما أصابهم من علل , وخرجوا من الدنيا كما جاءوا اليها فلم يمتلكوا مالاً ولا عقاراً , وضربوا الامثال في العفة والنزاهة والصلابة , ويكفي مثال واحد فان أب الاستقلال اسماعيل الازهري غادر الدنيا وبيته مرهون , وكان حسابه في البنك بضعة جنيهات. هؤلاء الرجال كان السودان وأهله أحب اليهم من بنيهم , وساروا في طريق الكفاح فما وهنوا وما بدلوا تبديلا حتي لاقوا ربهم راضين مرضيين عنهم .
لم أكن أعرف محجوب عثمان معرفة شخصية ولم ألتق به سوي في عام 2000 في القاهرة عندما ذهبت اليها وما زلت مقيماً فيها , وان كنت أقرأ له باعجاب عموده في صحيفة الايام فهو يمتلك اسلوباً فريداً بالامكان اطلاق السهل الممتنع عليه , فهو يوضح ويبين الكثير في الكلمات القليلة توفي بالمعني في سلاسة ويسر , وهو من جيل عمالقة الصحفيين من الرعيل الاول الذي لم يتكرر , ولم يتبق منه سوي محجوب محمد صالح والتيجاني الطيب بابكر , أمد الله في اعمارهما ومتعهما بالصحة والعافية . وكنت قبل مجيئي لمصر أكتب في الصفحة الاخيرة من الايام مقالات في صفحة (يوميات العاصمة) , وواظبت عليها وأنا في القاهرة , وكان محجوب عثمان مقيماً بالقاهرة كواحد من أركان التجمع الوطني وأحد قادة الحزب الشيوعي , وقال لي شقيقي عدنان زاهر المحامي أن نزور محجوب عثمان لأتعرف عليه عن قرب , فقد كانا معاً في سجن كوبر ثم في سجن شالا بدارفور في بداية استيلاء الجبهة علي السلطة , وذهبنا الي الرجل فوجدته شخصاً جذاباً كريماً مهذباً ومحدثاً لبقاً , وأحاديثه شيقة لا تمل , وممزوجة بثقافة عالية وناضجة بالتجارب التي خبرها , وهو شخص يألف ويؤلف , وعقب تلك المقابلة تعددت زياراتي له وكنت أعطيه مقالاتي فيبعثها بالفاكس مع مقالاته لصحيفة الايام , كما عرضت عليه كتابي الاول وهو ( أيام التونج – ذكريات في جنوب السودان) , ولقد تشرفت بكتابته مقدمة طيبة للكتاب .
وفي جلسة ثانية ومعي شقيقي عدنان قص علينا كيفية خروجه وحيداً من امدرمان ووصوله ماشياً حتي حلفا وهي تدل علي قوة الرجل وجسارته وقوة تحمله , ومما قاله انه تبقي له من الزاد القليل الذي يحمله نصف رغيف من الخبز وعلبة مربي فكان يتبلغ طيلة اليوم بقضمة من الرغيف ( ولحسة من المربي) وخلصت الرغيفة وبقيت له (لحسة المربي) والتي نفذت آخر الامر , وظل علي هذا الحال لمدة اسبوع , وكان قد وصل الي النيل فعاش علي الماء فقط , وعندما لاحت له بيوت حلفا كان في حالة مزرية , أشعث أغبر متسخ الثياب وفي منتهي التعب والارهاق والجوع , وخاطب أول شخص قابله وعرفه بنفسه وطلب منه أن يدله علي منزل أهل سعاد ابراهيم أحد , وسعاد ابراهيم احمد كانت عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وكان أيضاً محجوب عثمان , وأحتفي به الرجل وأصر أن يأخذه الي داره ليصلح من حاله ويأكل ومن هناك سيأخذه الي منزل ناس سعاد , وقال ذهبنا الي منزل الرجل وكان قريباً وأدخلني في حجرة بها أسرة مفروشة بملآءات نظيفة , فجلست علي طرف السرير حتي لا يتسخ الفرش بملابسي القذرة , فلامني الرجل علي ذلك , ثم أطعمني وسقاني وهيأ لي حماماً وملابس نظيفة , وبعد ذلك ذهبنا الي منزل ناس سعاد ولقد أكرموني غاية الكرم . ليس محجوب عثمان من جيل الاستقلال فحسب بل هو من جنود الحرية البواسل الذين وقفوا في وجه الظلم والطغيان والاستبداد والفساد . ألا رحم الله محجوب عثمان رحمة واسعة وليكن عمله لوطنه ومواطنيه شفيعاً له عند خالق لا يضيع أجر من أحسن عملا .
هلال زاهر الساداتي [email protected]
(عدل بواسطة الكيك on 10-24-2010, 07:35 AM)
|
|
 
|
|
|
|
|
|
Re: الصحفى الكبير ...محجوب عثمان ...سنوات من الصراع ...يوم من الرحيل ...وداعا (Re: الكيك)
|
محجوب عثمان اشرف واصلب المناضلين ...
بقلم: شوقي بدري الخميس, 21 تشرين1/أكتوير 2010 10:58
قبل ايام اتصل بى الاستاذ محجوب عثمان رحمه الله عليه . وربما ليودعنى , وهذا شرف كبير لا استحقه . اليوم سمعت خبر رحيل الاستاذ محجوب عثمان رحمه الله عليه . اعيد نشر هذا الموضوع الذى نشر تحت عنوان عظماء تعلمنا منهم ــ محجوب عثمان . قبل سنوات.
عظماء تعلمنا منهم – محجوب عثمان
العميد يوسف بدري قال السودانيين شكارين ترب لا يهتمون بالإنسان إلا بعد موته . وضرب مثلا قائلا أهو أسه أخوي دكتور حليم ده قدم للطب والرياضة والأدب والشعر كرموه أسه منتظرين شنو؟ لقد أسيئ للأستاذ محجوب عثمان عن قصد وبدون قصد هنالك حادثتين أجرم فيها بعض أهل السودان في حق الأستاذ . الحادثة الأولي أن البعض لا يزال يقول أن الأستاذ محجوب عثمان رفض دفن الزعيم إسماعيل الأزهري بطريقة مشرفة . والحقيقة أن الأستاذ محجوب عثمان أصر علي تأبين الأزهري بطريقة مشرفة . وأعد كلمة لكي تلقي في تلك المناسبة وكان يقول أنها من ناحية إستراتيجية والنظام المايوي لا يزال في بدايته يجب أن لا يترك الناس القيم والأعراف السودانية . وأن إهمال الإشادة ودفن الزعيم الأزهري بطريقة لائقة سيكسب النظام أعداءً جدد . ووافق رجال مايو إلا أن النميري اتصل بمحجوب عثمان وطالبه بأن يوقف أي إجراءات لدفن الزعيم الأزهري بطريقة رسمية. والنميري تأثر بآراء بابكر عوض الله الذي كان يكن قدرا مخيفا من الحقد علي الأزهري لأنه حسب فهمه قد خان قضية الإتحاد مع مصر وقد عض اليد التي أطعمته . وبابكر عوض الله هو القائل عندما سألوه لماذا قبل بوظيفة نائب رئيس الوزراء بعد أن كان رئيسا للوزراء . فقال علي رؤوس الإشهاد : بسبب العزيزة مصر وحتى لو جعلوا مني قنصلا في الإسكندرية لقبلت. وجمال عبد الناصر الذي كان حاكما فعليا للسودان في بداية مايو هو الذي قرر وضع كل السلطة في يد نميري حتى تسهل قيادته. الشابة التي صرخت في المقابر بعد دفن الأزهري (######## ######## محجوب عثمان) كانت قد ارتبطت بعلاقة عاطفية بمحجوب عثمان قبلها بسنين وعندما لم تتوج تلك العلاقة بالزواج حسب توقعها هتفت بعفوية في المقابر وتبعها الآخرون وفي سنة 1999 كانت تلك الفتاة قد صارت سيدة متقدمة في السن وكانت تتحدث بود مع محجوب عثمان ف القاهرة ومحجوب عثمان لم يكن حاقدا عليها وكانا يتبادلان المزاح . ولم أستغرب لأننا في ألسودان قديما كنا لا نحقد . وهذه السيدة لا تزال عائشة وهي من أسرة معروفة جدا في أم درمان ، وجعفر وبابكر لا يزالا عائشان واتحدي أيا من الاثنين أن ينكر هذه الحقيقة. في أغسطس سنه 1971 وأنا في القاهرة سمعت أحد الأساتذة المبعوثين في القاهرة يقول في حفل غداء في منزل كمال إبراهيم بدري أن محجوب عثمان قد سرق خزينة السفارة في عنتبي في يوغندا وهرب إلي شرق أوروبا واعترضت أنا لأني كنت أعرف أن محجوب عثمان أتي إلي براغ وهو لا يملك شروي نقير واضطر للعمل في براغ لكي يكسب قوت يومه . الأستاذ محجوب قد أبعد إلي يوغندا كسفير حتى لا يضايق نميري وجماعته والإشاعة أطلقها زميل الطفولة والصبا والذي كان يميل إلي الدعابة وعدم الجدية رحمة الله عليه زين العابدين محمد أحمد عبد القادر وهذا في ليلة سياسية في بورتسودان بحضور منصور خالد الذي كان أحد أركان نظام مايو . ويمكن سؤال منصور الذي لا يزال يتمتع بصحة جيدة . والغرض كان الإساءة للأستاذ محجوب عثمان والشيوعيين وعندما قرر الشيوعيون الرجوع إلي السودان قائلين سنرجع حتى ولو نصبوا المشانق في المطار كان الأستاذ محجوب عثمان أول الراجعين وعندما قال العقلاء لنميري محجوب ده ما عليه أي حاجة وما عمل أي شيء كان رده بطريقته السمجة المعروفة : (محجوب عثمان الشيوعي يجيني بي رجلينه أفكه) . والحقيقة التي لا يتناطح عليها عنزان هو أن الأستاذ محجوب عندما رجع نميري إلي السلطة لم يكن في عنتبي بل كان ضيفا في السفارة السودانية في نيروبي وكان في حفل عشاء في منزل السفير السوداني في نيروبي . عندما أتت الأخبار برجوع نميري ولم يكن من الإمكان أن يرجع الأستاذ محجوب عثمان إلي عنتبي لكي يقوم بكسر الخزينة ونهب الفلوس. ولقد أعطت وزارة الخارجية في سنة 1974 شهادة خلو طرف وأمانة للأستاذ محجوب عثمان ولو كان قد سرق الخزينة لما تركوه في حاله . وحسب قانون السودان لا تسقط هذه الجرائم إلا بعد انقضاء 25 عاما . عبد الله أحمد المصفي صفوفي ترقي في الجيش السوداني إلي ضابط لأنه كان بطلا حقيقيا في الحرب العالمية الأولي ومنح وسام (نايل كروس) كان في جنوب السودان وورد أسمه في إنقلاب كبيدة سنة 1957 فهرب إلي يوغندا حاملا معه مرتبات الجنود وعندما ذهب اللواء حسن بشير الرجل الثاني في نظام عبود إلي يوغندا اتصل بعبد الله أحمد المصطفي وطمأنه وطالبه بالرجوع إلي السودان إلا أن بد الرحمن الفكي رئيس القضاء العسكري أصر علي مقاضاته قائلا إن القانون هو القانون ولا يتغير ولم يستطع حسن بشير حمايته وحكم عليه بستة سنوات سجن . أمثال الأستاذ محجوب عثمان من الشرفاء لا يمدون يدهم بسرقة ولا يهمهم مال أو جاه وأين ممتلكات وعقارات الأستاذ محجوب عثمان وهو قد عمل صحفي من سنة 1950 وكان شريكا في جريدة الأيام وعمل في فترة كرئيس تحرير لها .؟ في نهاية الستينات انضم الألماني اشتاينر إلي قوات الأنانيا في جنوب السودان وساعدت خبرته العسكرية المتطورة في رفع المقدرات القتالية والروح المعنوية عند جنود الأنانيا لدرجة أن بعض وحدات الجيش الشمالي كانت تتجنب مناطق تواجده . وعندما إعتقله الجيش اليوغندي بطريقة عفوية وهو داخل يوغندا طالبت ألمانية الغربية وقتها بإرساله إلي بون لتجنب الفضيحة ووعدوا يوغندا بمساعدات ضخمة . وكان محجوب عثمان وقتها سفيرا للسودان في يوغندا فبدأ في مناطحة السفارة الألمانية التي فرشت البحر طحينة لرجال حكومة أبوتي . فذهب محجوب عثمان مزودا بوثيقة أقترحها أبوتي وبعض الزعماء الأفارقة لمحاربة الإنكشارية والمرتزقة في أفريقيا وأفهم أبوتي بأن هذه فرصة عظيمة لكي تتخلص أفريقيا من المرتزقة . واستجاب أبوتي لمناشدة محجوب عثمان وخسرت ألمانيا بكل وعودها وتهديدها . ووقتها كانت يوغندا تلقي مساعدات ضخمة من ألمانيا. وجضر اللواء الباقر بطائرة خاصة مصحوبا بفرقة عسكرية والدكتور عبده الدرديري الذي في قتل حادث سطو في الحزام الأخضر سنة 1974 وهو أحد الشيوعيين الصلبين . وقيد إشتاينر في مؤخرة الطائرة إلي اثنين من الجنود السودانيين . وبعيدا عند الباب لوح الأستاذ محجوب عثمان مودعا إشتاينر فبصق إشتاينر في اتجاهه بالرغم من بعد المسافة فأراد أحد الجنود الإعتداء علي إشتاينر فأوقفه محجوب عثمان وحذر الجنود من المساس به أو الاعتداء عليه وجدد هذا الطلب لدكتور عبده الدرديري . وقبل إقلاع الطائرة فتح اللواء الباقر حقيبة مليئة بالدولارات قائلا للأستاذ محجوب نحن عارفين إنك بتكون وعدت بعض الناس بفلوس والجماعة ديل ما بيكونوا فكوا ليك الراجل ده إلا بعد ما يقبضوا ، فأقفل محجوب عثمان الشنطة ودفعها نحو اللواء الباقر قائلا أنا ما وعدت أي زول بأي قروش وما صرفت قروش ده شغل دبلوماسي نضيف .. وهللت منظمه الوحده الافريقيه واقيم احتفال ضخم فى الخرطوم حضره سكرتير المنظمه ووضع ذلك حداً للمرتزقه فى افريقيا اللذين كانت تستعين بهم كثير من الانظمه الافريقيه . ولو أراد محجوب لكان قد أخذ تلك الحقيبة ولكن أمثال الأستاذ محجوب لا يمدون يدهم لمال فلا يهمهم مال ولا جاه فهؤلاء لا يهمهم الطين والطوب فمحجوب عثمان لم يقتن دارا حتى الآن .
حاول نظام نميري أن يشوه سمعة الشيوعيين بتحميلهم تبعة مذبحة بيت الضيافة والنميري يعرف أن هذه فرية كذلك حاول نميري ونظامه أن يشوهوا سمعة الحزب الشيوعي السوداني في شخص محجوب عثمان واتهموه بأنه سرق خزينة سفارة عنتبي عندما كان سفيرا في يوغندا وهرب إلي المعسكر الشيوعي ، عندما حدث انقلاب هاشم العطا حاول الأستاذ محجوب عثمان أن يرجع إلي السودان مباشرة وعندما لم توجد أي رحلة إلي الخرطوم من عنتبي ذهب محجوب عثمان إلي نيروبي لأن الطائرات من نيروبي إلي الخرطوم متوفرة وأنا الآن أتحدث عن 19 يوليو وكانت أول طائرة للخرطوم يوم 26 يوليو . وفي نيروبي كان محجوب عثمان قد نزل ضيفا عند عبد الماجد بشير الأحمدي القائم بالأعمال وكان معه ثلاثة من السودانيين أحدهم الدكتور الفاضل عباس محمد علي المحاضر في لأمارات وسبب حضور دكتور الفاضل إلي عنتبي في وقتها أنه كان في مهمة من وزارة الجنوب التى كان وزيرها الشهيد جوزيف قرنق التي كان منتدبا إليها للعمل مع دكتور محمد مراد في الجهاز الدعائي والفاضل يمكن أن يشهد الآن وفي أي وقت بأن محجوب عثمان كان في نيروبي وعندما كان دكتور الفاضل في عنتبي كان يسكن عند صديقه الفاتح أحمد الحسن مسئول الأمم المتحدة والذي يعمل الآن في الأمم المتحدة في جنيف وله ارتباط بالصادق المهدي . وفي نيروبي سكن دكتور الفاضل والآخرين في استراحة سودانير وقام الأحمدي برسبشن ضخم للزوار في منزله وأثناء الحفل أتت زوجته منزعجه فعرف بأن النميري قد رجع إلي السلطة وتغيرت المعاملة وطرد دكتور الفاضل والآخرين من الاستراحة . ودكتور الفاضل استقال من حزب الامه فى سنه 1988 ونشرت استقالته فى صحيففه الصراحه وكان يحتج على تسيطر الصادق المهدى واسرته على حزب الامه وتحالفه مع الترابى . ولحسن الحظ كان عند الأستاذ محجوب فيزا لدخول بريطانيا فسافر في نفس الطائرة المتجهة إلي الخرطوم لندن . المؤكد أن الأستاذ محجوب لم يرجع إلي أوغندا لكي ينهب الخزينة كما ذكرت مايو ولقد قام دكتور عبد الرحمن أبوزيد بجامعة ماكريري بنقل عفش الأستاذ محجوب إلي منزله حتى جلد حمار الوحش والطبول الأفريقية وهذه المعلومات كان يمكن أن يؤكدها توفيق الملحق العسكري بالسفارة أو عمر يوسف بريدو وفي تلك الأيام اغتيل توفيق في مرقص ولكن بريدو والآخرين يمكن أن يؤكدوا هذه الحقيقة وتلك هي الأيام التي لم تكن الأمور مستقرة فعيدي أمين كان قد استلم السلطة قبل مدة وجيزة . الغريب أنه كان للسودانيين وجود كثيف في بوغندا في تلك الأيام فحتى الشهيد بابكر النور كان في بوغندا قبل مايو وكان الشعب اليوغندي يتعاطف كثيرا مع الأنانيا . ولكن الشيء المؤلم أن كل هؤلاء الناس صمتوا ولم يريدوا أن يذكروا أو يبرئوا ساحة الأستاذ محجوب عثمان لأن أي إدانة للأستاذ محجوب تعني إدانة للحزب الشيوعي السوداني والشرفاء. الأستاذ محجوب عثمان رجل صلب ولم أشاهد شخصا في حياتي يمكن أن يتحمل الشدائد مثله فتصادف في سنة 1999 أن كنت أنتظر بنت أختي في مطار القاهرة فتقدم مني الفاتح أحمد حسن وقدم نفسه لي وأشاد بكتاباتي وأبدي إعجابه بكتبي وأصر علي أن أذهب للسكن عنده في شقته في شارع عرابي فشكرته وأفهمته بأن لي شقة في المهندسين ولكن أفضل السكن مع الأستاذ محجوب عثمان في العجوزة وبعدها بأيام قابلت الفاتح ومجموعة كبيرة من البشر في منزل الأستاذ المحامي أمين مكي مدني . وعندما أردت الانصراف مع الأستاذ محجوب عثمان أصر الفاتح علي أن نأخذ سيارته والسائق وشكرناه وأخذنا تاكسي . واكتفي الأستاذ محجوب بأن قال لي أنه يعرف الفاتح من أوغندا وأنه كان متزوجا بسيدة أوغندية ولم يذكر لي أبدا إلي اليوم أن الفاتح كان أحد الذين قلبوا له ظهر المجن ولو ذكر لي هذه الحقيقة لكفاني مراسلات وتلفونات ومجاملات طويلة لدرجة أنني ارتحت إليه وعندما كان الأخ بيتر نجوت كوك وزير التعليم العالي الحالي في طريقه إلي سويسرا فى نهايه التسعينات طلبت منه الاتصال بالفاتح إلا أن الفاتح تملص منه في مكتبه ولم يقابله إلا معتذرا وعندما ظهر الأخ بيتر في الاجتماع الموسع هرب الفاتح تاركا الاجتماع . وعندما قطعت صلتي بالفاتح بسبب هذا التصرف طلب من الأستاذ محجوب أن يدخل كواسطة بيننا ولم أعرف إلا بعد زمن أن تصرف الفاتح نحو الأستاذ محجوب عثمان لم يكن كريما مثل الكثيرين. من الأشياء التي تذكر لسوء الحظ وبكل صفاقة ضد الأخوان الشيوعيين أن بعض الشيوعيين لصوص ويذكرون هذه الفرية التي لا تليق بالأستاذ ويسكت صغار الرجال ولا يذكرون الحقيقة.
من الأشياء الملموسة في الأستاذ محجوب عثمان والمميزة له هي صلابته وقوة احتماله الخرافية. ففي كل فترة الاعتقالات والسجون الطويلة المدى لم يكن الأستاذ يشتكي أبدا ولا يتضايق من الأكل أو يشتكي من خشونة المرقد . وكما عرفت من بعض المناضلين أنه حتى في فترة سجن شالا التي امتدت لم يطلب أبدا مقابلة طبيب أو يشتكي من ألم أو زهج . والغرض كان إعطاء الشباب وبقية المناضلين صورة للصمود وعدم إظهار مظهر من مظاهر الإنكسار . وحتى الذين كانوا يبدون التأفف من الأكل ويخلقون صدامات ومعارك سخيفة كان الأستاذ يجتهد في أن يبعدوا من سجن شالا . حضرت في سنة 1998 لزيارة الأستاذ من السويد إلي العجوزة في القاهرة لكي أجد الأستاذ مريضا كانت قد مرت عليه بضعة أيام دون الاتصال بأي إنسان ورفض أن أزعج الآخرين بأخبار مرضه . تصادف حضور المناضلة نعمات مالك زوجة الشهيد عبد الخالق محجوب وهي ممرضة متمرسة فاستنجدت بها وبعد تعب وافق علي الكشف عليه. عندما كان المناضل رحمة الله عليه إبراهيم زكريا سكرتير النقابات العالمي في براغ حضر الأستاذ محجوب عثمان لزيارته وتصادف أن الأخت فاطمة النعيم زوجته كانت في أجازة وبعد ذهاب إبراهيم زكريا لعمله دخل الأستاذ محجوب عثمان الحمام ورفض باب الحمام أن ينفتح فجلس الأستاذ محجوب عثمان بكل بساطة وانتظر إلي الساعة الخامسة ساعة رجوع إبراهيم زكريا عليه الرحمة وبعد فترة وقع المناضل الأستاذ حسن الطاهر زروق في نفس المطب وعندما حضر إبراهيم زكريا من العمل كان باب الحمام قد صار في خبر كان فالأستاذ حسن الطاهر زروق كان لاعب كرة جيد . وعندما كان البعض يبدي استغرابه لتحمل محجوب عثمان كان من شركوه السجن والاعتقالات يذكرون مقدرته الخرافية في تحمل الوحدة وكل أنواع الضغوط النفسية . والأستاذ قد تمتع كذلك بقوة جسمانية في شبابه أدخلته في مواجهات جسمانية مع الكثيرين . واشتهر بأنه (سالط) لا يهرب في المواجهات . عندما أتي الشهيد جوزيف قرنق للاجتماع بلاجئي جنوب السودان في أوغندا مصحوبا بالأستاذ محجوب الذي كان سفيرا في أوغندا وقتها كان اللاجئون قد أخفوا كثيرا من الحجارة وجلسوا علي البعض تأهبا لقتل الأستاذ محجوب والشهيد جوزيف قرنق وعندما بدأ الهجوم حاول بعض أفراد من الشرطة الأوغندية منعهم وكان جوزيف قرنق وبعض الحضور يقولون للأستاذ (Let Us Run) والأستاذ يمشي علي مهله بالرغم من إصابته وترديد الجملة فلنجري وحث الشرطة والحضور الأوغندي له ولم يجري حتى دخلوا العربة وذهبوا لحالهم وهذه الحادثة ذكرها قادة اللاجئين وبعض قادة النضال الجنوبي ولهذا كانوا يكنون له الكثير من الاحترام . عندما قرر الحزب الشيوعي السوداني أن يخرج البعض إلي خارج السودان حتى يكونوا الرئة التي يمكن أن تتنفس بها المعارضة السودانية كان الأستاذ محجوب عثمان أول من بدأ الهجرة مشيا علي الأقدام وعابرا النيل عدة مرات في مراكب صغيرة وعلي ظهور الجمال إلي أن وصل الحدود المصرية . وقام الشرطة المصرية باعتقاله واعتقال الدليل السوداني وانتزع الضابط المصري سوط السوداني وسكينه وبعض أغراضه وأراد الاحتفاظ بها إلا أنه أضطر إلي إرجاعها لصاحبها عندما وجد الأستاذ يطالبه بصلابة وقوة ويحذره ويشرح له أن السوط مهم لراكب الجمل والسكين مكملة له . والأستاذ الذي دافع عن حق شعبه طيلة حياته لم يكن مشغولا بحاله بل طالب بحق البدوي وتراجع الضابط المصري. وقضي الأستاذ ستة أسابيع علي الحدود يقتات بالفتات ثم رفضوا دخوله. ورجع الأستاذ راجلا إلي السودان بعد أن أعطي الجنود المصريين خطبة عصماء . عندما حضرت إلي القاهرة في بداية التسعينات سمعت هذه القصة من صلاح عبد الفتاح أحد أولاد المحس وحكي لي كيف أن الأستاذ مشي كل الطريق وعندما طرق باب أهل الأستاذ محجوب محمد صالح في حلفا لم يتعرفوا عليه بسبب شكله الذي تغير وصار مزريا والحالة التي كان عليها . وكما عرفت فيما بعد أن الأستاذ كان يستيقظ في الصباح يجد أثار الضباع حوله . وأغمي عليه من العطش والتعب لدرجة أنه كان يهش الصقور بعكازه ووجد من ساعده وأوصله إلي النيل الذي لم يكن بعيدا وعاد راجعا إلي أم درمان . وعندما حضر فاروق كدودة وعبد الله السفاح لزيارته كان يمزح ويذكر الرحلة وكأنها نزهة ويستعد لإعادة الكرة مرة أخري إلي القاهرة. هذه الرحلة قام بها الزعيم التجاني الطيب بابكر وركوب الجمال يصيب من لم يتعود عليه بقروح مخيفة والأستاذ محجوب كان يقول لي أن ملابسنا كان تصطبغ بالدم ولكن هؤلاء الرجال كانوا يواصلون لأنه ليس هنالك مجال للتوقف وبلغ الإعياء والقروح أن الزعيم التجاني لم يستطع الركوب وجماجم وهياكل من لم يكملوا الطريق كانت تشاهد . واضطروا إلي ربط الزعيم التجاني في بطانية علي ظهر الجمل وكأنه رحل. كنا نجتمع في شقة الأستاذ محجوب عثمان والبعض ينام هنالك وتختلف الأمزجة والأعمار والخلفيات إلا أن للأستاذ مقدرة عظيمة في التعامل مع الجميع والتبسط والمداعبة والمزاح دون أن يفقد وقاره أو احترامنا له كما أن له قدرة علي الاستماع وإعطاء الآخرين فرصة لم تتوفر إلا للشهيد الشفيع رحمة الله عليه كما لا يتعصب لرأيه . وبالرغم من هذا كنت أري الأستاذ يقدم احتراما لمن هم أكبر منه بفترة وجيزة ويبدي احتراما لشقيقه محمد الحسن وتأدبا في حضرته ولا يفوت فطور الجمعة في منزله ويبدي الاحترام علي الطريقة السودانية الأصيلة لأستاذنا رحمة الله عليه محمد توفيق . هكذا هو محجوب عثمان السوداني الأصيل والمناضل الصلب .
شوقي
----------------------------------
كلمة الميدان وداعاً يا أروع وأشجع الرجال.. وداعاً محجوب October 23rd, 2010 فقدنا بطلنا المغوار الكاتب الصحفي والقائد الشيوعي محجوب عثمان محمد خير
كان محجوب ولا يزال رمزاً لجيل قلما يجود الزمان بمثله في التفاني في خدمة الشعب والالتزام التام بقضايا العمال والدفاع عنهم والعمل على تطوير الحزب الشيوعي السوداني.. كان رجل المهمات الصعبة عندما تضيق الحلقات ويتزايد الخطر وتنكسر الصفوف.. يتقدم حين يتراجع سواه.. ويسير بقوة وإلى الأمام ممسكاً بخط الحزب مطوَّراً لرؤاه ومؤمناً بالشعب وبالوطن.
وعبر ميدان الصحافة وصحف الأيام والميدان والطليعة (جريدة اتحاد العمال) في السودان وقضايا سودانية بالقاهرة. حارب محجوب بالكلمة غلاة الرجعية وسارقي قوت الشعب.. وألهب ظهور الطغاة بصوته الجسور، وقلمه الذي لا يرحم.. عبَّر عن أصدق أماني الشعب في الديمقراطية ووحدة الوطن.. لم يساوم أبداً في قضيته.. بل كان مثالاً للالتزام والرؤى الثاقبة والشجاعة المتناهية.
كان ركيزة في حزبنا عندما أعترت الحزب الهزات .. وعند كل المنعرجات التي مر بها حزبنا.. وقف محجوب في الصفوف الأولى في قيادة الحزب وفي لجنته المركزية يدين التراخي أمام إغراء سلطة مايو.. ويدافع عن حرية ضد تغول الديكتاتور نميري وزبانيته.. وحين دعاه الحزب لترك الوظيفة والتوجه إلى براغ للعمل في مجلة “قضايا السلم والاشتراكية” ترك كل شيء وتفرغ لتمثيل الحزب في المجلة وبقية النشاطات العالمية.
وفي الخارج ـ وكما عودنا دائماًـ ثابر في تدعيم التضامن مع شعبنا وتمثيل حزبنا في المجلة ومجمل نشاط الحركة الشيوعية. وعندما دعاه الحزب للعودة للوطن في منتصف السبعينات عاد لمزاولة نشاطه الشيوعي ضمن قيادة الحزب، وشارك بمساهمة في إثراء عمل الحزب في التجمع الذي قاد نضال شعبنا ضد دكتاتورية نميري.
وبسقوط نميري مثل الحزب في التجمع الوطني الذي شارك في تكوين حكومة الانتفاضة الأولى.
عقب إنقلاب عسكر الإخوان في 89 خرج محجوب على أقدامه متجها إلى قاهرة المعز للمشاركة في نشاط اللجنة السياسية بالحزب بالخارج، وعمل بالمعارضة. كما اصدر مع زميله وصديقه الأستاذ التجاني الطيب “قضايا سودانية” بالقاهرة كمنبر للشيوعيين وأصدقائهم الذين شاركوا في المناقشة العامة.
من الأشياء التي ميزت الأستاذ والرفيق محجوب في تلك الفترة موقفه الواضح من برنامج الحزب بأعتبار الاشتراكية هدفاً، والماركسية منهجاً، والمركزية الديمقراطية أساس التنظيم.. ولم تزعجه هزيمة التجربة الاشتراكية في أوربا أو تراجع وإهتزاز بعض أحزاب المنطقة.
وعندما عاد للسودان عقب عودة التجمع، تحرك مع رفاقه في التحضير للمؤتمر الخامس وتدعيم وحده حزبه، وتطوير خطه باتجاه حماية الحزب من الانفلات اليميني والقيادات الانتهازية، والأخلاق الغريبة على حزبنا، وقد كان قائدنا البطل مقدماً في نقده لكل من حاول النيل من الحزب أو سمعة الحزب أو الزملاء.. ووضع المثال الأكثر تقدماً عندما أقعده المرض ولم يستطع الاستمرار في ممارسة عمله القيادي فتنحى عن عمله القيادي لكنه ظل إلى يومه الأخير مواصلاً ومتواصلاً مع زملائه لا يبخل بنصائحه الغالية وإبداء آرائه السديدة.
سنحمل الراية يا أروع الزملاء سنحمل الراية يا رفيق عبد الخالق وقرنق. ولك المجد والخلود يا محجوب!
--------------
رحيل أكتوبرى عظيم فى ذكرى ثورة اكتوبر October 23rd, 2010
نعي أليم
تنعي اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الزميل الأستاذ/ محجوب عثمان محمد خير الذي فارق دنيانا فجر يوم الخميس الموافق 21أكتوبر 2010، بعد صراع طويل مع المرض.
كان الفقيد قيادياً في الحزب الشيوعي السوداني حيث تم انتخابه عضواً في اللجنة المركزية في المؤتمر الرابع، وظل في موقعه القيادي حتى أصابه الداء العضال، كما كان الفقيد علماً بارزاً من أعلام الفكر والصحافة السودانية، ساهم في تأسيس صحيفة الأيام مع الأستاذين/ بشير محمد سعيد ومحجوب محمد صالح.
كما كان الفقيد مندوب الحزب في التجمع الوطني الذي قاد انتفاضة مارس- أبريل 1985.
عمل أيضاً في صحيفة الميدان للفقيد الرحمة والمغفرة . العزاء لأسرته وأصدقائه وعارفي فضله.
وستظل ذكراه خالدة وعطرة
------------------------
ت الخال محجوب عثمان المفكر والإنسان السوداني الخلوق Saturday, October 23rd, 2010 أبو طارق
غيب الموت في الحادي والعشرين أكتوبر 2010 علم فكري ثاقب …ومعصم يحرك جينات الرؤية العميقة نهوضاً بمقومات الحياة الحديثة..يعطى ولا يأخذ ..يفضي ولا يفيض إلا بهمس الواجب المشار إليه استشعاراً بالواجب الوطني الموكل إليه عند ناصية القلم عبر بوابة الصحافة السودانية التي سقاها من وعاء آخذ من المنابع أحقبة النهضة الفكرية ما قبل وبعد الاستقلال..ركب على صهوة الحركة النقابية منذ مهدها حتى صارت واجباً.. يستشف من سيف الوطنية قوساً يغزو الظلم والاستبداد لا يركن ولا يهدأ..تجده هنا وهناك يقارع الحجة بالحجة…والمنطق بالمنطق يقنع بحس زائد ..لا ينزوي عند قافية المقال مشبع بحب الوطن حتى الثمالة…
غيب الموت الخال..والخل الداني دائماً على نفوسنا وأنفاسنا.. تراه دائماً بيننا وجداً صادقاً وعطاءً متدفقاً ومترعاً بحب الآخرين صفاءً يبدو على خطوط شلوخة التقليدية إرثاً يعلن علينا التوقف على سيرته الجادة التي بدأت بمواقف متوازنة عبر الحركة السياسية الحديثة.
خلق لنفسه وجوداً إعلامياً جاذباً عندما أسس مع رفقاء دربة بشير محمد سعيد…محجوب محمد صالح في عام 1953 صحيفة الأيام …سكب عصارة جهده بإخلاص متناهي لا يئن على درب المشقة عند صاحبة الجلالة غاص في بحر اليسار المتزن وكتب على تاريخه في الفترة المايوية وجوداً ومكانة..وشغل منصباً وزارياً بمبدأ لا يقبل التعديل والتصنيف …يقاوم التشدد بامتعاض ينادي على الوفاق النقابي بشكل واضح، لا ينكسر عندما ينادي على حقوق النقابات العمالية على مدى مساحات السودان الشاسعة بدون انهزامية وبصوت لا يهن ولايرتجف حتى لاقى أقسى أنواع الاعتقال الظالم في عهود الدكتاتوريات عند ما قال لا لبعض المواقف التي تعصف بحقوق الطبقة العاملة فكان شموخاً وسنداً، ورمزاً لا يذوب في دهاليز التاريخ المعاصر…
*مات السياسي والقلم الإعلامي المعتق ..الخال المشرئب على تاريخ الرجال محجوب عثمان محمد خير تاركاً وراءه سيرة نادرة في سردها، لأنها كتاب بحالة..تقلب صفحاته بشهية يلازمها مزيج يندر قياسه على كأس الوطن النقي.
*مات خالي محجوب ونحن أكثر حوجة لتواجده ..فعقليته تنضج بكبرياء الوطن عزة ورفعه وتقدم لا يكابر عندما يصف الوطنية والوطن..نراه دائماً بيننا رمزاً نقف عليه، صرحاً يتدفق بحب النيل والنخيل وعذب المياه..وضياء الوطن..أينما كان يكون محجوب ..وأينما نبقيه يكون باقياً في صفحات الوطن المشتاق لمثل هؤلاء ندرة لا تتجدد العشق والانتماء…
*مات بجسده تماماً..وخلته الذاكرة بشخص جذل في قوميته المطلقة..التي لا تعطي لنفسها خيارات.. لا يقبل أنصاف الحلول ولا يرضى بالمعالجات المؤقتة، يسكب العرق من فوق العرق لكي يوصل فكره المتجدد ليكون الإنسان السوداني رقماً مع الذين يدعون بأنهم الأقوياء..وتمسك على مبدأ الإنصاف وخط على نفسه أن يكون هو ذاك القدر ليكسر سيف التسلط وإن كان على حساب نفسه وأنفاسه بوعي وفهم ليس فيه نزعه ترفع تعلن عن تنازله ..حتى مات بفكر ورأى معتدل…
*مات الأستاذ…محجوب والحزن عليه كبير ..لأنه كان بيننا زهرة متماسكة في عطرها وفرعها وجذورها شبّ قوياً وعاش متماسكاً ..ومات فكراً..ليس من السهل أن يغيب من مداخل الطهر الإنساني عند إنسانية الإنسان السوداني….
--------------
محجوب عثمان …سيرة ذاتية كما كتبها
ولدت عام 1926م في حي بيت المال، والدي رحمه الله كان معلماً، درست في خلوة الفكي عبد الرحمن تم انتقلت مع والدي في مدرسة دبيرة في حلفا، ثم مدرسة العباسية ثم التحقت في المرحلة الوسطى للدراسة بمدرسة أم درمان الأهلية بموقف من الوالد. وقد كان عليه رحمة الله من مواليد حفير مشو (دنقلاوي) وأمه شايقية لذلك لم يكن رطاني، هاجر إلى مصر بعد دراسة القرآن بالسودان ودرس في الأزهر الشريف ثم عاد إلى السودان والتحقت بمدرسة الفرقاء بعد التخرج عمل مدرساً في الجزيرة وكردفان ، بعد إحالته للمعاش أسس الاستاذ صالح بحيري مدرسة فوقع اختياره على والدي ليصبح ناظراً للمدرسة الأولية حتى توفاه الله، كان منتمياً للختمية أقرب للحركة الاتحادية، وله صلات وثيقة بمحمد نور الدين والذي قدم له والدي دعوة حضرها عدد كبير من الخلفاء في منزلنا ببيت المال.
في حلفا كان عمري صغيراً ليست لدي ذكريات سوى أني تعلمت لغة الحلفاويين ونسيتها ومن أبناء دفعتي عبد الحليم ماميس والمحامي حسين ووني ومن معلمينا الذين درسنا عليهم محمد حمزة طيب الأسماء، حسن أبو شمة، علي السيد وعثمان أحمد عمر عفان الذي أثر علينا كثيراً.
أشقائي: ذكرنا المرحوم محمد الحسن عثمان ثم نفيسة (أم بثينة وسعاد) ثم سكرة أم أسامة وصلاح والأمين (بورسودان) ثم بتول والدة قيس وعثمان ثم آمنة أصغر مني وبعدها مبارك.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الصحفى الكبير ...محجوب عثمان ...سنوات من الصراع ...يوم من الرحيل ...وداعا (Re: Dr. Ahmed Amin)
|
صحيفة أجراس الحرية http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=13686 -------------------------------------------------------------------------------- || بتاريخ : السبت 23-10-2010 رحيل فارس الايام فى عيد ميلادها وفى ذكرى اكتوبر الاخضر
: فاروق أبوعيسى: محجوب عثمان رجل ودود وصديق لكل الناس ومنزله مفتوح للجميع
مكي عمر الأمين: برحيله فقدت بلادنا ( رجلاً عظيماً)
مصطفى عبد القادرالمحامي : الراحل قدم الكثير للحركة النضالية والجماهيرية
سليمان حامد: ليس هناك نظاماً شمولياً إلا وإعتقله
ابن الفقيد عبد الخالق: نحن فخورون بوالدنا
اعداد/ آدم أبكر علي:حسين سعد
فجعت البلاد صباح امس بموت الأستاذ محجوب عثمان وزير الاعلام الاسبق واحد مؤسسي صحيفة الايام السياسيةاليومية. ودخلت امدرمان برحيله (بيت الحبس) وظل الاستاذ محجوب مدافعا صلبا ضد الانظمة الشمولية والديكتاتورية والعسكرية ،التي ادخلته السجون وقذفت به خلف القضبان لكن ارادة الرجل وعزيمته لم تستلم للجبروت. وظل المحجوب واقفا امام الرياح العاتية بثبات لا يعرف الانهزام والاستسلام .وعاش استاذ الاجيال بسيطا حتي رحيله ، و بفقده فقد السودان قامة من قامات الصحافة السودانية.
وفي سرادق عزائه امس عدد أصدقاء ومحبو الأستاذ محجوب عثمان مناقبه ومآثره، حيث كان الحزن حاضرا على وجوه الجميع خاصة تلاميذه وابنائه واصدقائه. وكان عزاؤهم الصبر والإيمان بقضاء الله وقدره. في هذا الجو المشحون بالحزن إلتقت (أجراس الحرية) بعدد من محبي وأصدقاء الإستاذ محجوب عثمان للتعرف منهم على أثر هذا الفقد العظيم إضافة إلى السيرة العطرة للفقيد.
في البداية توجهنا إلى السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني الأستاذ محمد إبراهيم نقد وطلبنا منه الحديث، إلا أنه أشار إلى الأستاذ مصطفى عبد القادر والذي بدوره قال: الحديث عن الأستاذ محجوب عثمان يطول، لكن سبق وأن كنت معه في المعتقل، وكان محجوب بمثابة الأب والقائد كعادته لأنه كان من القياديين في أكتوبر وكان يناضل طيلة حياته من أجل الديمقراطية بكل شجاعة، وصحح الكثير من الأخطاء عندما كان وزيراً وبالرغم من تكميم الأفواه لكن صوته كان عالياً.
وأبان إنقلاب 1989 كان من أوائل الذين أعتقلوا، وكان من الدفعة الأولى من الذين تم ترحيلهم اإلى سجن شالا بالفاشر، وكان أغلبهم من الشيوعيين والديمقراطيين وكان بالنسبة لهم الأب والمرشد وبقي بسجن شالا لأكثر من عام وعندما أطلق سراحه كانت رحلته الطويلة إلى القاهرة، وسبق لي أن قابلته بالقاهرة وكان من أركان المعارضة في الخارج، وقدم للحركة النضالية والجماهيرية الكثير.
أيضاً لم تكن حياته خالية من متابعة أجهزة الأمن، لكنه حتى بعد مرضه لم يقصر ودائماً ما كان يساهم مع الآخرين وينادي بالديمقراطية وهو من الصادقين في القول وأقرب الناس إلى الديمقراطيين وكان مقبولاً من الجميع عليه رحمة الله وجعله من الخالدين. بهذه الكلمات إختتم الأستاذ مصطفى عبد القادر حديثه معنا. ومنه إنتقلنا إلى الأستاذ فاروق أبوعيسى والذي قال: الأستاذ محجوب عثمان أحد القلائل من جيل الإستقلال الذي بقي، فقد دفع في سبيل ذلك الكثير سُجن وأُعتقل وعُذب.
بدأ حياته النضالية وهو صغير وأعتقل في بورتسودان عام 1948، أما الوجه الآخر من حياته، تأسيسه مع الأستاذين الكبيرين محجوب محمد صالح وبشير محمد سعيد لصحيفة (الأيام) التي تعتبر هرماً من اهرامات الصحافة الرصينة والمتزنة، أسس مع الرمزين الكبيرين لهذه المدرسة التي مازالت شاخصة. وعلى المستوى الشخصي الأستاذ محجوب عثمان رجل ودود وصديق لكل الناس حتى وهو مريض، كان منزله مليئاً بكل ألوان الطيف السوداني، والأستاذ محجوب أرسى وأعطى إلزاماً عندما كان وزيراً للثقافة بضرورة حرية الكلمة ولعب دوراً كبيراً في كشف الجاسوس الألماني إشتاينر عندما كان سفيراً في يوغندا.
تركنا الأستاذ فاروق أبوعيسى وتحولنا إلى الأمين العام لمنتدى الحوار الثقافي الفكري الأستاذ مكي عمر الأمين ويبدو من حديثه أنه من الذين يتواصلون مع الأستاذ محجوب عثمان بإستمرار، فقد بدأ الحديث والألم يعتصر قلبه لهذا الفقد الكبير قائلاً: هذه العائلة هي عائلة ممتدة والأستاذ محجوب بينهم رجل كريم ومحبوب وصداقاته متعددة ودائماً ما تجده ضاحكاً. من جانب آخر كان لآخر نفس فيه يهتم بقضايا الوطن ومبادئه ولا تهمه الدنيا بقدر ما تهمه أهدافه، عاش متجرداً وسلك الطريق الصعب، ومحجوب رجل عظيم أفتقده كل زملائه، عاش الفترة الأخيرة وكان من المتجردين لم تتغير شخصيته عندما كان وزيراً وسفيراً وهو معروف بنظافة يده ومثال للسوداني الأمين وبفقده فقد الوطن وأمدرمان رجلاً عظيماً.
لم ينقطع الحديث عن سيرة الفقيد، والتقينا بالأستاذ سليمان حامد والذي قال: إفتقدت البلاد حقيقة آخر الرجال الأفذاذ في عالم الصحافة والفكر عموماً وفي ذات الوقت كان عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني وأحد مؤسسيه وكان بارزاً ومميزاً في العمل السياسي، وسيظل مكانه في هذه المواقع الثلاثة شاغراً لزمن طويل وهو من أكثر الذين واجهوا الإعتقال لفترات طويلة، ليس هناك نظاماً شمولياً إلا وإعتقله، وقد عشت معه في المعتقلات في كوبر والمعتقلات الأخرى انه كان يبث روح الصمود في بقية المعتقلين وبالرغم من كل ذلك كان رجلاً بسيطاً ومهذباً وكريماً لأقصى الحدود، وكان جم التواضع يموت كما يموت الأسد، واجه المرض بكل ثبات.
وكان لأبن الفقيد عبد الخالق محجوب عثمان حديثاً قصيراً حيث قال عن والده: والدي رجل عظيم، تعب من المرض في لحظاته الأخيرة، وهو احد رجال ثورة أكتوبر، واليوم يرحل في صمت و في ذات التاريخ اي واحد وعشرون اكتوبر ، وتابع (نحن فخورون به و سوف يبقى بيننا ).
ولتواجد استاذ الاجيال امد الله في عمره محجوب محمد صالح في عاصمة الضباب لم نستطيع تقديم اضاءات عن الراحل خاصة وان صالح يعتبر تؤاما للراحل ،ورفيق دربه وصديق عمره في المهنة التي كرسا جهدهما ومالهما ووقتهما لها حتي تم تاسيس صحيفة الايام اليومية السياسية التي عانت ما عانت، وتم تكبيلها وتقييدها في كافة الانظمة العسكرية وسددت فاتورة عالية في الدفاع عن الديمقراطية وحرية التعبير. وخرجت الايام العديد من الصحافيين المميزين الذين تدربوا علي يد الرجلين ومعهما الراحل الاستاذ بشير محمد سعيد ، والايام الصحيفة التي احتفلت في صمت بتاريخ ميلادها السابع والخمسون، لكنها ظلت طوال هذه السنين تقدم التنوير والمعرفة، وهاهي الايام تجرح (الايام الصحيفة) المثخنة بالجراح مرة اخري ، وتخطف احد فرسانها واعمدتها، في وقت تحتاج فيه في بلادنا الي حكمة والد عبد الخالق وشجاعته، وبسالته .فقسما يا المحجوب سيظل القنديل متقدا .والايام هي (الايام ) منبرا للغلابة والمحرومين و(سيفا) مسلطا في رقاب الشموليين والعسكر .
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الصحفى الكبير ...محجوب عثمان ...سنوات من الصراع ...يوم من الرحيل ...وداعا (Re: الكيك)
|
صدي امال عباس
المعلم الرمز محجوب عثمان في سجل الخالدين
لقد رزئنا اخيراً في كوكبة من عمالقة الفكر والسياسة والاعلام الجماهيري، الذي ينطلق من قيم الخير والحب والجمال. إن مصيبتنا عظيمة وفقدنا جلل في رفاق درب الراحل المقيم، المعلم محجوب عثمان الذين تقدموه الى دار الخلد وهم في اوج النضج والعطاء الثر، الذي أضاف قدراً مهولاً في إخصاب قضايا الحركة الوطنية بتراكمات معرفية لا تخطئها الا العين الكليلة والعقل المعاق، نذكر منهم على سبيل المثال، الرائد الاستاذ اسماعيل العتباني والدكتور محمد سعيد القدال، والبروفيسور فاروق كدودة، والدكتور القامة عبد الوهاب المسيري، والأستاذ لطفي الخولي، والأستاذ محمود أمين العالم. لقد افلت هذه الكواكب وتبعها بدرنا المنير المعلم محجوب عثمان، ومنطقتنا يلفها الظلام الدامس وتسبح في محيط من الدسائس والفتن، ويتربص بها الاعداء من كل ملة ومذهب. فنحن اليوم أحوج ما نكون لثني يراعهم وبراعة تناولهم وطرقهم لجسام الاحداث، بمنأى عن الكثافة الحسية والمعنوية التي كثيراً ما تعيد إنتاج مثل هذه الاحداث الكئيبة، وتطوف حولها تعليقاً وتعلقاً مما يخلق قدراً هائلاً من التجهيل والتسطيح والتضليل الذي يزيد من اتساع الفجوة والتباعد بين الاجيال الذي يتمثل في ضعف الانتماء الوطني والقومي، وتحضرنا في هذه الايام الثقال المحملة بالرزايا والاحزان، الكلمات الصادقة، المضيئة التي رثا بها العالم الازهري الأستاذ خالد محمد خالد، رثا بها الزعيم السوفيتي جوزيف استالين، فقال:-
(أما كان لا بد لمثله ان يموت الآن على الاقل؟ وماذا لو تخطته المنية الى غيره من اعداء الحياة؟ ام هل الموت ما زال نقادا.. يختار الجياد؟ لقد قضى العملاق الودود نحبه يا رفاق.. وفي ليلة مروعة تحول سيد الأحياء الى سيد الشهداء). لقد نذر فقيدنا العزيز، المعلم الفذ محجوب عثمان حياته منذ بداياتها الاولى للشأن العام، راكلاً الوظيفة العامة التي كان يتطلع اليها جميع أقرانه وزملائه وتهفو اليها نفوسهم، فكرسها للعمل الصحفي الملتزم المستنير المصوب نحو الدخلاء والعملاء من اعداء الحياة. لقد عاش الفقيد حياة عامرة تفيض بذلاً وعطاءً ونكران ذات، تتنازعه جسام المسؤوليات وبراثن الألم الممض، متمثلاً روح الفنان الشاعر اللاتيني المرموق، بابلو نيرودا الذي قال: (لولا الألم لكنت بوابا في احدى عمارات مدريد).
لقد صهر الألم والمعاناة فقيدنا المعلم محجوب، فأحالاه الى عصارة من الفكر والمعارف المشعة ما زال يسكبها في عموده المقروء في جريدة «الايام» (معالم في الطريق) الى ان بارح الحياة. لقد بارح دنيانا الفانية المعلم الرمز محجوب عثمان يوم الخميس 12 أكتوبر، الذي يمثل ويجسم أعظم وارفع وابرز المعالم في طريق شعبنا العظيم، فهل من دلالة اسطع واوضح وابلغ من هذا التطابق والتوافق المذهل لكي نجلس جميعاً، نفكر ونتدبر ونتأمل ونتذكر ونتعلم ونتدارك امر هذا الوطن؟ منتدى الحوار الفكري الثقافي- ام درمان ٭ تعليق: رحم الله الأستاذ محجوب عثمان الذي كان من رموز التنوير في هذا البلد الحبيب.. اعطى وما بخل في ميدان العمل الصحافي وكل ميادين العمل الوطني.. تعازيّ الحارة لكل اهل الصحافة وعلى رأسهم عميدها وحاديها الاستاذ محجوب محمد صالح، واسرة «الايام» وقراء «الايام» على امتداد عمرها منذ أكتوبر 3591م. هذا مع تعازيّ الحارة لكل أهل السودان أمال
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الصحفى الكبير ...محجوب عثمان ...سنوات من الصراع ...يوم من الرحيل ...وداعا (Re: عبد القادر شادول)
|
المعلّمُ الرمز محجوب عثمان… في سجل الخالدين Thursday, October 28th, 2010 منتدى الحوار الفكري الثقافي – أمدرمان
لقد رزئنا مؤخراً في كوكبه من عمالقة الفكر والسياسة والإعلام الجماهيري، والذي ينطلق من قيم الخير والحب والجمال. أن مصيبتنا عظيمة وفقدنا جلل ورفاق درب الراحل المقيم، المعلم محجوب عثمان الذين تقدموه إلى دار الخلد وهم في أوج النضج والعطاء الثر، الذي أضاف قدراً مهولاً في إخصاب قضايا الحركة الوطنية بتراكمات معرفية لا تخطاها إلا العين الكليلة والعقل المعاق، نذكر منهم على سبيل المثال الرائد الأستاذ العتباني والدكتور محمد سعيد القدال والبروفسير فاروق كدودة والدكتور القامة عبد الوهاب المسيري والأستاذ لطفي الخولي والأستاذ محمود آمين العالم، لقد أفلت هذه الكواكب وتبعها بدرنا المنير المعلم محجوب عثمان ومنطقتنا يلفها الظلام الدامس تسبح في محيط من الدسائس والفتن ويتربص بها الأعداء من كل ملة ومذهب. فنحن اليوم أحوج ما نكون لثني يراعهم وبراعة تناولهم وطرقهم لجسام الأحداث،
بمنأ عن الكثافة الحسية والمعنوية التي كثيراً ما تعيد إنتاج مثل هذه الأحداث الكئيبة وتطوف حولها تعليقا وتعلقا مما خلق قدراً هائلاً من التجهيل والتسطيح والتضليل الذي يزيد من اتساع الفجوة والتباعد بين الأجيال الذي يتمثل في ضعف الانتماء الوطني والقومي، وتحضرنا في هذه الأيام الثقال المحملة بالرزايا والأحزان، الكلمات الصادقة ، المضيئة التي رثى بها العالم الأزهري الأستاذ خالد محمد خالد، رثى بها الزعيم السوفيتي جوزيف استالين فقال:
( أما كان لابد لمثله أن يموت الآن على الأقل؟ وماذا لو تخطته المنية إلى غيره ممن أعداء الحياة، أم هل الموت مازال نقادا.. يختار الجياد ؟ لقد قضى العملاق الودود نحبه يا رفاق ..وفي ليلة مروعه تحول سيد الأحياء إلى سيد الشهداء).
لقد نذر فقيدنا العزيز، المعلم الفذ محجوب عثمان حياته منذ بدايتها الأولى للشأن العام، راكلا الوظيفة العامة التي كأن يتطلع إليها جميع أقرانه وزملاءه وتهفو إليها نفوسهم، فكرسها للعمل الصحفي الملتزم المستنير المصوب نحو الدخلاء والعملاء من أعداء الحياة لقد عاش الفقيد حياة عامرة تفيض بذلا و عطاءً ونكران ذات، تتنازعه جسام المسئوليات وبراثن الألم الممض، متمثلا روح الفنان الشاعر اللاتيني المرموق بابلوا نيرودا الذي قال: (لولا الألم لكنت بوابا في إحدى عمارات مدريد).
لقد صهر الألم والمعاناة فقيدنا محجوب فأحاله إلي عصارة من الفكر والمعارف المشعة التي مازال يسكبها في عموده المقروء في جريدة الأيام (معالم في الطريق)إلى أن بارح الحياة.
لقد بارح دنيانا الفانية المعلم الرمز محجوب عثمان يوم الخميس 21 أكتوبر الذي يثمل ويجسم أعظم وأرفع وابرز المعالم في طريق شعبنا العظيم فهل من دلالة اسطع وأوضح وابلغ من هذا التطابق والتوافق المذهل لكي نجلس جميعا، نفكر ونتدبر ونتذكر ونتعلم ونتدارك أمر هذا الوطن؟
الميدان
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الصحفى الكبير ...محجوب عثمان ...سنوات من الصراع ...يوم من الرحيل ...وداعا (Re: الكيك)
|
في رثاء محجوب عثمان Saturday, October 30th, 2010 يا شفيف الروح
عدوي محمد قسم السيد
يا شفيف الروح والقلب الوضئ يا وردة حمراء مشعة تنير للناس الطريق يا من لا ندري ان نقول ولا نستطيع لمن نعييك ولمن نرفع أكفنا طالبين لك الرحمة والمغفرة؛ ليتقبل عزاؤنا فيك لأسرتك لأصدقائك لقرائك أم الشعب السوداني أم لجريدة الأيام أم القوى الوطنية أم لقوى التنوير والمعرفة كلهم لهم الحق في تقبل عزاؤك ورفع الأكف سائلين لك الرحمة والمغفرةجنوب وشمال وشرق وغرب من الجهات الاربعة لهم حق العزاء فيك والشعب السوداني هو الأحق.
آه محجوب عثمان في البدء كنت نبراس ثورة في الشرق واستقبلك سجن بورتسودان قبل ان نعرف ماهو معنى المواقف وكان موقفك للشعب السوداني منه وله، وتركت ما ذهبت له بورتسودان وعدت للخرطوم لك اصدقاء واصداء في قلوب اهل الشرق والسودان في زمن الجمر والسجون والجلادين لم يتوقف قلمك وفكرك ولم تلن ولم تركع. من قبل اكتوبر كنت وكانت الرأي العام والصرااحة وقوى التنوير والوعي و المعرفة ملح الارض الثورية، كان موقفك وانحيازك للمعرفة والتنوير والوعي الذي لم تبخل به وتحفظه لنفسك ملكته انت واصدقاؤك للشعب السوداني وعانيت ما عانيت سجن وتشريد وايقاف جريدة الايام ولم تلن او تجبن.
آه محجوب لبورتسودان ام كوبر ام شالا ام بيوت الامن ام بيوت الاشباح التي جدرانها هابتك وهابت ثباتك الذي حير اشباه الرجال من الجلادين، هذا الصبر والتحمل من أجل المبادئ.
آه للقوى الثورية وقوى المعرفة والتنوير نرفع أكفنا ونتضرع لله أن يقبل عزاؤنا فيك للرفاق وكل أعضاء الحزب الشيوعي، ونقول للجلادين الطغاة أنّ باب المعرفة والتنوير الذي فتح شبابيكه وبابه عبد الخالق محجوب عندما قال للسفاح) إني اعطيت للشعب السوداني المعرفة والوعي).لم يقفل بل سيظل مشرعا مفتوحاً ولن يقفل لأنّ عبد الخالق قد حررص عليه.
وداعاً محجوب عثمان وسنظل على الدرب نسير وسيظل باب المعرفة والوعي مفتوحاً حراسه الزملاء من قوى التجديد والمعرفة.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الصحفى الكبير ...محجوب عثمان ...سنوات من الصراع ...يوم من الرحيل ...وداعا (Re: الكيك)
|
رحَل صاحبُ القلم الذي لم يَجِف ولم يَرتَجِف بقلم : د. منصور خالد
رحَل صاحبُ القلم الذي لم يَجِف ولم يَرتَجِف
بقلم : د. منصور خالد
عند رحيل الأستاذ عبد القادر حمزة، صاحب البلاغ وشيخ الصحافة في مصر، شَيعَه عباس العقاد بشعر مبين. ومن جميل وصفه لشيخ الصحافة الراحل: جَل المُصاب بفقد عبد القادر ويَحَ البيان على المبين الساحر المستعين على السياسة بالحجى والعلم والقلم القوي القاهر والحجة العليا التي ما طأطأت يوماً لمنتقم ولا لمُناظر هذا وصف لا أجد أبلغ منه في التعبير، أو أكثر مطابقة لمقتضى الحال في الإبانة، عن مناعِت شيخ من شيوخ الصحافة السودانية، رحل عنا قبل عشرة أيام مضين، ولما نَرعَوِ بعدُ إلى جميل الصبر على فقده. محجوب ...المَعْلَم والمُعَلم لم يكن كاتبنا الذي نبكيه اليوم كاتب مقال تحليلي يكشف فيه عن خفايا السياسة، أو صاحب مباحث نقدية يجادل فيها خصومه الفكريين لإثبات صواب، أو إفحام مُناظر. كان مَعْلَماً ومُعَلماً في مجال من مجالات الصحافة هو المركز التي تتشعب منه الفروع: الأخبار. نعم هو المركز ولهذا نُسبت إلى الخبر الإضمامة من الورق التي تصدر بإنتظام وتنقل لقارئها ما يدور في شتى الميادين (Newspaper). في ذلك المجال فاق محجوب النظراء في الإحاطة بالخبر، والتثبت من مصدره، وإستجادة سباكته، وقبل ذلك التمييز بين ما هو خبرٌ صُلب (hard news) وما هو هش.(soft news) على يدي محجوب تربت أجيال من ناشئة الصحافيين، أصبح لبعضهم شأن، إذ كان صحفياً ثَبْتاً يلتزم في أدائه كل المعايير والقيم التي تضبط العمل الصحفي. فمن أبجديات الصحافة: بسط الحقيقة دون تزويق، والولاء للقارئ، لا لأحد غيره، والمصداقية التي لا تتأتى إلا بتقصي الأمور وإقامة الحجة على صدق كل ما يُصدر من الصحفي و يورد، وقبل كل ذلك الأمانة المهنية. الأخيرة خصلة تُكسب بَعناء وتفقد بيسر وبساطة كما كشف ويكشف لنا الزمان. كان محجوب عثمان راعياً لتلك القيم، ملتزماً تلك المعايير مما حمله على أن لا يلوث الخبر برأي، أو يدنسه ببهتان. فعند أهل المهنة الرأي حر والخبر مقدس. طيلة معرفتي به لم أره -رغم إنتمائه الحزبي- يجعل لهواه الحزبي سلطاناً على ما كان يروى من خبر، فالصحفي الأمين لا يجعل نفسه عبداً لحزب أو يمكن سيداً من إعتباده، ناهيك عن أن يسخر صحيفته للإستعباد. بدايات اللقاء علاقتي بمحجوب ضاربة في القدم، فأول لقاء معه كان في مبدأ عمله الصحفي بجريدة «الرأي العام»، ولما أزل يومذاك طالباً في جامعة الخرطوم. كنت، فيما توفر لي من فراغ، أستريض النفس وأنمي القدرات في مجالات كثر كانت تستهويني، ومنها الصحافة. تعرفت يومئذ على نفر غير قليل من شباب الصحافة، وكان من بين من ألفت نفسي منهم محجوب حتى ثبتت في قلبينا مودة كما «ثبتت في الراحتين الاصابع». لهذا لم يكن الراحل يتجشم أدنى مشقة لكي يحرضني على تناول موضوعات وقع في ظنه أنني أملك أن أضيف بها جديداً على القارئ. من ذلك حضه لي على تسجيل رحلاتي إلى الخارج، وكنت منذ ذلك الزمان الباكر أهوى السفر داخل السودان وخارجه سعياً لإستكشاف المجهول. ولعل أول سلسلة مقالات نشرت لي بصحيفة سيارة كان هو ما نشرته تباعاً «الرأي العام» بتقديم من محجوب عن زيارات شبابية قمت بها إلى إيطاليا وسويسرا وفرنسا وإنجلترا والدنمارك. تلك المقالات تولى، من بعد، مكتب النشر جمعها وإصدارها في كتيب.
إرتحل محجوب، من بعد، إلى «الأيــام» وظل في منبره الجديد الذي أصبح له من المالكين، يلحف على بالكتابة، ونشر عني مقالات عددا منها ما لا يتفق البتة مع عقيدته السياسية، ولا يتماثل مع رؤاه الفكرية. محجوب وصاحباه: بشير محمد سعيد ومحجوب محمد صالح أفلحوا في أن يجعلوا من الأيام مؤسسة أكثر منها دار نشر. «الأيــام» لم تَعُد صحيفة، بل أضحت بيت خبرة يؤهل الذين إنضموا إليه فنياً ومهنياً وأخلاقياً، ولكل مهنة قيم تضبط السلوك ومعايير تحكم الاداء إن لم يلتزم بها سالكو المهنة أصبحوا ذوي أطمار لايؤبه لهم، والطِمر هو الثوب البالي.
كثر من زملائه الحزبيين، لا سيما من أبناء جيلي، كانوا يتساءلون عن سر العلاقة بين «الزميل» محجوب وهذا الفتى «البرجوازي»، أو قل مشروع البرجوازي. كنت أعجب لأولئك الذين لا يرون في الإنسان غير وجه واحد منه، ولا يدركون أن في الحياة ما هو أمتن وابقى من السياسة لإدناء النسب بين الناس، والتأليف بين ميولهم وأمزجتهم. فالنفوس يتجاذبها حب الفن والخير، ويقرب بينها حب الشعر والغناء، ويدنيها من بعضها البعض حب الحسن والجمال، وقبل ذلك حب الله ونبيه. كأنى بهؤلاء لم يسمعوا قول القائل: «أحببته لله في لله»، أو كأنهم لم يتلقوا شخصاً سره ما رأى فضرب على صدره وقال: «أحب النبي». في صحبتنا تلك كان يسعنا الماء والشجر ونحن نصغي، عند السماع، إلى ما نظمه الصاغ محمود ابوبكر والأستاذ عبد القادر إبراهيم تلودي. هذه علائق تصعب كثيراً على من ضاقت مواعينهم إدراكها، ولو أراد الله بهم خيراً لوسع لهم في الماعون. غياب ومَعَاد غاب محجوب عن سوح النشاط الفكري في الخرطوم خلال ما يربو على العقد من الزمان ثم عاد ليستقبل سوداناً آخر: «لا الأهل أهل، ولا الديار ديار». هو نفسه أصبح شخصاً آخر. فالصحافة التي وهب حياته لها قد تطورت تطوراً ملحوظاً في جانب، ودُمرت تدميراً فاحشاً في جانب آخر. فمع التطور المهني غير المنكور برزت إلى الساحة صحف دورها الأول والأخير هو نسج الأباطيل، وخلط الوقائع بالشائعات. صحف لا تعرف أن للخبر قدسية كما كان محجوب يعرف، ولا ترى في حرية الرأي إلا الإستباحة كما ينبغي أن لا تكون، ولا تروى خبراً إلا من جهة الفساد، ولا تُفتي في أمر إلا وتُغرِب في الفتوى دون وازع من ضمير أو هدى من كتاب منير. غايتها في الحالتين هي الإعتام لا الإعلام. وبحمد الله فقد عصم ربي عن هذه الظاهرة الوبيئة صحفاً عديدة وصحافيين كُثر آثروا البقاء حيث يجب عليهم البقاء، ضميراً للشعب. مع ذلك اضحت الأقلية الفاسدة المسحوقة هي الأعلى صوتاً. تلك الصحف وصفها نزار قباني «بالجرائد التي تخلع ملابسها الداخلية لكل حاكم من بطن الغيب جاء، ولكل مراب يلمع في راحتيه الذهب». حَسبُنا الله ذو المعارج من أناس لا يستحيون من الكشف عن عوراتهم من أجل كسب مادي، فالحياء يُلجم حتى الفقراء المحاويج عن ذلك. ذلك الألم النفسي كان قاسياً على محجوب، ومازال قاسياً على كل حادب على الصحافة السودانية ذات التاريخ المجيد.
إلى جانب الألم النفسي لحقت بصديقنا الراحل، على المستوى الجسدي، آلام وأوجاع تضاعفت في سني عمره الأخيرة وقد توج الشيب هامته في جلال ومهابة، كما يتوج الجليد مرتفعات الألب، ناصعاً وسامقاً. عاود محجوب الإطلال على قرائه، وهو في صنكة، وما نمى لعلمهم ما كان عليه من أوجاع لو مُني بها رضوى لأهتز. كان جسمه ِبعَرض سقم إلا أن البديهة كانت حاضرة. وكان الداء يهتضم كليته إلا أن الفؤاد لم يُنخَب والبصيرة لم تضل. حمل نفسه، رغم تلك الأدواء، على أن لا يغيب عن قرائه حتى لا يكتب مع الشياطين شيطاناً أخرس. ولو كان محجوب يكتب ما عَنّ له ليسود الصحاف لهان عليه الأمر، ولكنه كان يكتب عن قضايا الناس والألم يعتصر قلبه والداء ينهش جوفه. ما أقسى الكتابة بقلم يغمسه الكاتب في شرايين قلب أدمته تباريح الهوى في شبيبته، وأضنته بُرحاء المرض عند المشيب. في دار أبي سفيان إزدادت معرفتي بالراحل وثاقة في سنوات الإغتراب، ولكم حمدت له سعيه للقائي في لندن حيث أقمت ردحاً من الزمان، وفي نيروبي حيث قضيت بضع سنوات، ثم في القاهرة التي أزمنت فيها. في قاهرة المعز كانت لنا أيام مع من تحن لهم النفس، ويهفو القلب، ويسكن الفؤاد ويطمئن. كانت اللقيا أغلب الأحيان عند أستاذي الأثير محمد توفيق احمد ورفيق دربه في سني عمره الأخيرة محمد نور السيد. كانا يتشاطران داراً أضحت كدار أبي سفيان، كل من دخلها أمن العثار. كنا نسعى اليها كلما افتقدنا المسرة عند قوم جمعتنا بهم السياسة ولكن فرق بيننا وبينهم أن جمعهم كان لا يُدخل في النفس أو القلب إرتياحاً، ومنهم من كان بالمسرة ضنين حتى على نفسه. نلجأ إلى تلك الدار ننزل فيها نزول كريم على كريم، ومن كمثل توفيق في الحفاوة بالأصدقاء، والوفاء للصحاب، والإيفاء بالعهود. في القاهرة توفاه الله وبوفاته فقد الوطن واحداً من أكبر عاشقيه. ثم من كمثل نور في الإيناس بالطرائف، وتشمير الساعد في مصيفه ومشتاته لإكرام الأضياف. ولئن ذكرت اليوم نوراً فلأنه بقى من أكثر اصدقاء محجوب حنواً به، ورفقاً عليه، ومواساة لرجل كانت ثروته الوحيدة التي يُكاثر بها الآخرون، ويتكثر بها على الجاحدين، هي صحبه الأوفياء. كان محجوب، في قرارة نفسه، يكره الجاه والوجاهة، ولا يتبرم بشئ قدر تبرمه بالمال. مع ذلك كان يوقن إيقاناً تاماً أن الشرف قد أدركه كما أدرك المنصور. روى محمد بن سلام الجمحي أن جارية للمنصور رأته مرقوع القميص فقالت: «خليفة وقميصه مرقوع». قال ويحك أما سمعت ابن هرمة: قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه خَلِق وجيبُ قميصه مرقوع كان محجوب هو الفقير الغني، فالرجل بلا مال فقير، ولكن الأفقر منه رجل ليس لديه إلا المال. في أعماق نفسه كان محجوب صوفياً. أحب الحياة على طريقته، وأصطحب الناس على طريقته، وجالد المرض على طريقته، ثم عاش وكأنه لم يولد، ومات وكأنه لم يعش، أي عاش ومات على طريقته. كان في أعماق نفسه أيضاً يدرك أن مآله قبر متواضع. ومخطئ من يظن أن في القبور مستقراً، فالقبور يتوارثها هالك عن هالك ثم تندثر ويطأها البشر بلا رفق ، أو لم يحدثنا شيخ المعرة : «خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد»
ذهب محجوب ولعل اول دين نؤديه عنه بعد مماته هو المزيد من الشكر لرجال ما أنفك يشكرهم حتى رحل. الأطباء الذين توفروا على علاجه بصدق واريحية وحِنة بالغة. الثلاثي البارع الذي تنطس في دقائق مهنته: شاكر زين العابدين، عمر إبراهيم عبود، الفاضل محمد عثمان ومعهم د. سليمان حسين سليمان مدير مستشفى سوبا الذي رفض رفضاً باتاً إرهاق محجوب بأية نفقات مالية طوال فترة علاجه. هؤلاء هم الذين ظلوا يباشرون علاجه يوما بيوم دون كلل أو ملل، وفي صبر دؤوب واهتمام بالغ حتى أخذ الله وديعته. أذكر أيضاً الدكتور خالد ابن صديق العمر والدار الجَنب أحمد عبد العزيز الذي إستنقذ محجوباً ورد له الحياة من مرحلة خطيرة عبر بها وبعد عملية جراحية لشريان صناعي دامت سبع ساعات. من تلك العملية أفاق محجوب معافى وعاش إلى حين ثم مضى، والحَينُ قد يسبق جهد الحريص. رحم الله شيخ الصحافة، ولا غالب إلا الله
| |
 
|
|
|
|
|
|
|