|
|
 لم يحل نفسه ولااحد قام بحله، التجمع الوطني .. سنين الغيبوبة (لم تنتهي)
|
لم يحل نفسه ولااحد قام بحله
التجمع الوطني .. سنين الغيبوبة (لم تنتهي)
صالح عمار
من لندن وبمشاركة احزاب سياسية وحركات مسلحة وشخصيات مستقلة، اعلن نائب رئيس الحزب الاتحادي علي محمود حسنين الشروع في تأسيس جبهة معارضة جديدة، تقرر أن تعقد مؤتمرها التاسيسي آواخر هذا الشهر، وتهدف حسب مااعلن حسنين لإسقاط حكومة البشير.
السقف العالي للاهداف التي أعلنها حسنين للجبهة الوليده (اسقاط الحكومه)، وجولاته الخارجية لحشد الدعم والتأييد لها، تعيد التذكير بتجربة التجمع الوطني الديمقراطي الذي تم تأسيسه في سجن كوبر (اكتوبر 1989) ووصل قمته بعقد مؤتمر اسمرا للقضايا المصيريه (يونيو 1995)، وعادت معظم قياداته للداخل بعد توقيع اتفاقية القاهرة في مايو 2005.
ومع ان آراءً كثيرة تذهب إلي ان التجمع محطة ومرحلة تاريخيه هامه في تاريخ السودان لايمكن تجاوزها، إلاان ماانتهت إليه التجربة وواقعها الحالي يثير علامات إستفهام كثيره، لخصها امين التنظيم وعضو هئية القيادة للتجمع د.الشفيع خضر ـ بلغة اقرب للسخرية اثارت همهمات وسط الحاضرين لندوة مركز الدراسات السودانية حول تقييم تجربة التجمع ـ وهو يقول ( التجمع عاد للداخل، ولانشاط ولااثرله، ولم يحل نفسه ولااحد قام بحله، وهذا شئ مهم وله مدلولاته).
رئيس مركز الدراسات السودانيه المنظم للندوه ومقدمها د.حيدر ابراهيم طرح تساؤلات عن اسباب فشل العمل الجماعي المشترك، ودلل علي ذلك بأنه حتي التجارب التي قامت كجبهة الهئيات والانتفاضه لم تدم طويلا، وتسآءل : هل السودانيون مقاومون لعمل الجبهة الذي يجمع عدد من الناس ؟.
عضو هئية قيادة التجمع د.الشفيع خضر بدأ حديثه في الندوة بذكر الاهداف التي قام من أجلها التجمع والمهام التي كانت موكلة إليه، لاهميتها وارتباطها باي تقييم يمكن ان يتم لتجربته.
ولخص خضر الاهداف والمهام في تغيير نظام الانقاذ، والوصول لصيغة لنظام الحكم، ومعادلة جديدة للحفاظ علي وحدة السودان، ووضع رؤية لقضايا الهوية والدين والدوله والحكم. وكان من الواجبات الملقاه علي التجمع دعم الانتفاضه الجماهيريه بالداخل، وتفعيل العمل العسكري.
ويري خضر ان الانجاز الرئيسي للتجمع هو مقررات اسمرا الذي ناقش كل القضايا، وهو إنجاز لم يكن سهلا، وتم بعد حوارات إستغرقت عدد من السنين، واحتاج حضور المؤتمر لخمسة عشر يوما للاتفاق علي تلك المقررات (1 ـ 15 يونيو 1995). والتزم كل اعضاء التجمع وقتها بان مقررات اسمرا هي أساس ثابت يبني عليه فيما بعد عندما يتم الشروع في صياغة الدستور وترتيبات الفترة الانتقاليه.
الجزء الاكبر من حديث د.الشفيع خضر خصصه لإبداء الملاحظات حول اداء التجمع ومواثيقه، والمعوقات والاخطاء التي صاحبت تجربته. ومن هذه الملاحظات ان الحد الادني للاهداف لم يكن ثابتا وكان يتغير من فترة لاخري، كما لم تتم مناقشة ترتيبات الفترة الانتقاليه، والتباين بين مكونات التجمع حول تفسير مواثيقه ومقرراته.
فيما يتعلق بالعمل العسكري يقول خضر إن مايمكن ان يقال كثير ويحتاج لوقت طويل، وملاحظته ان النشاط العسكري لاحزاب وفصائل التجمع منفردة كان اطول زمنيا من نشاطها بشكل موحد بإسم التجمع.
ايضا وجود قيادات الاحزاب بالداخل ـ والحديث لخضر ـ خلق إشكالية في عملية إتخاذ القرارات، خصوصا ذات الطابع السيادي. وكيفية التعامل مع الاحزاب المنشقه، وهذه تم حلها في النهاية برفض قبول عضوية اي حزب منشق. كما برزت معضلة تمثيل النقابات والجيش في التجمع، في الوقت الذي لاتوجد فيه النقابات والجيش إلابالداخل. ايضا عاني التجمع من غياب كامل للمراه، وتمت محاوله لعقد مؤتمر للمرأه تم الشروع في إجراءات عقده إلاان المؤتمر لم يري النور. بجانب ذلك كانت هناك معضلة غير المنتمين لاحزاب اومنظمات وهذا الموضوع لم تتم معالجته.
ابرز الإنتقادات ومظاهر الضعف التي رصدها د.الشفيع خضر عضو قيادة التجمع واحد مؤسسيه لاداء التجمع كان حديثه عن عدم وجود خطة عمل واضحة ومحدده، وبالتالي ـ يقول خضر ـ لم يكن الاداء القيادي يستند لخطة عمل وكان يخضع للاجتهادات والمبادرات. كما افتقد التجمع للتناغم والتفاعل المؤسسي مع الاحداث، وبعض الفصائل اتخذت هذا الوضع ذريعة للتصرف بانفراد.
ويضيف خضر انه وبعد توقيع اتفاق القاهره دار نقاش مطول حول المشاركة في السلطه من عدمها، إنتهي باصدار قرار من قيادة التجمع في 6 اكتوبر 2005 بعدم المشاركه في السلطه التنفيذيه، وفي آخر اجتماع لقيادة التجمع (الاول من نوفمبر 2005) تم التأكيد علي نفس القرار، ولكن تم إدخال نص يقول يجوز لمن يريد المشاركة من احزاب وفصائل التجمع ان يشارك في السلطة التنفيذية، وتحت ستار هذا النص شاركت بعض الاحزاب في السلطه.
الامين العام للتجمع مبارك الفاضل وبطريقته الديناميكية في الحركة والحديث اضفي جواً من الاثارة علي الندوه، وروي قصصاً وحكايات متعدده عن تجربته مع التجمع، ولم يخلو حديثه ايضا من هجوم لاذع علي المؤتمر الوطني ونعته بعدد من الاوصاف ومن بينها "ان المؤتمر الوطني وبفضل ضغط المعارضه جرد من ملابسه الخارجيه" و "الحركة الاسلاميه إنتهت الي حركة انتهازيه نشاله".
وعلي النقيض من سابقيه من المتحدثين افرد مبارك الفاضل مساحةً اكبر للحديث عن إنجازات التجمع الوطني وايجابيات التجربه، ويري الفاضل ان التجمع حقق نجاحات واخفق ايضا في جوانب كثيره، ولكنه في النهايه نجح في بناء هيكل ضم القوي الوطنيه في معظمها، ولاول مره في تاريخ السودان يتم انجاز تحالف يضم شمال وجنوب السودان. كما نجح التجمع في بناء برنامج تفصيلي ناقش القضايا السياسيه، ورغم ان التجمع غاب عن الساحه السياسيه، إلاان هذا البرنامج ظل يشكل هذه الساحه والقضايا التي اثيرت وتم نقاشها ماتزال هي المسيطره، وحتي نيفاشا لم تبعد كثيرا عن هذه القضايا، والكثير من بنودها كان قد تم طرحها في برامج ومواثيق التجمع، رغم ان هناك تعديلات طفيفه قد اجريت علي بعض المسميات، ومن ذلك المشورة الشعبيه لجبال النوبه والنيل الازرق، فقد تم طرح فكرة ان تستفتي هذه المناطق علي مستقبلها الاداري في إطار السودان الموحد ضمن مواثيق التجمع، في اعقاب الجدل الذي دار حول مصير هذه المناطق.
ويعدد الفاضل ايجابيات اخري لنشاط التجمع منها نجاحه في فتح جبهة عسكريه اثرت في إضعاف النظام الحاكم؛ وهذه الجبهة العسكريه نقلت مجموعات كبيره من الجنوبيين لشرق السودان لعمل مشترك؛ والاحتكاك والعمل المشترك غير مفاهيم كثيره لدي كل الاطراف؛ ودعم طرح الوحده، كما نجح التجمع اعلاميا ودبلوماسيا في عزل النظام، خاصة فيما يتعلق بحقوق الانسان ودعم التطرف في المنطقه، وكل هذه الضغوط ادت لتراجعه عن المشروع الحضاري والآحاديه وكل يوم هو يمضي للوراء.
مظاهر واسباب فشل التجمع في تحقيق هدفه النهائي بإزالة نظام الانقاذ يلخصها الفاضل في مشكلة الثقه والتنسيق بين مكونات التجمع، وفشله في تحريك الساحة الداخليه شعبيا، والفشل في إيصال العمل العسكري لغاياته، والفشل في تحريك سودان المهجر والاستفادة من إمكانات الكادر الموجود هناك والدعم المالي.
القيادي في التجمع د.إبراهيم الأمين قال في كلمته امام الندوه ان نزعة العمل الجماعي في الشخصية السودانية ضعيفة وانطبق ذلك علي روح العمل في التجمع، واشار ابراهيم الى ان كل فصائل التجمع كانت تنظر الى الإنقاذ بأنها لن تستمر اكثر من شهور معدودة، مما أدى الى حالة من الأستكانة حتى تمكنت الإنقاذ من أضعاف القوى السياسية، وعاد التجمع للداخل عبر إتفاقية القاهره التي تمت بطريقه مهينه. ودعا إبراهيم لعقد سلسلة من الملتقيات لتشريح تجربة التجمع، وفتح كل الملفات المتعلقة به سياسيا وعسكريا وماليا، والإستفادة منها في التجارب المستقبليه، وتمليكها للاجيال الجديدة.
|
|
 
|
|
|
|
هاشم نوريت
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست