جائزه غاده مجتبي محسي / لجنة الدوحه

Quote: نـدى الغـياب على ورد أحــلام القادمـين الخرطوم: عادل كلر ضمن الكتابات العظيمة التي يحفظها أرشيف الأدب في العالم، كتابة الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي عن “الموت” في تقدمته لديوانه (أزهرت شجرة الحديد) إذ كتب: “إنَّه تجلٍّ من تجليات العشق الأصيل، ولحظة يتم فيها هزم الانفصام، ويحل فيها التوحُّد في جسم أرحب بكثير من جسم العشق الثنائي، إنه توحُّد في الذات الجماعية (…) وفي تلك البؤر من وعيهم ولا وعيهم التي تصان فيها الكرامة والأمل وطاقة العدل والتغيير”.. وضمن اللحظات العظيمة للأدب السوداني، والتي تفيض دلالاتها ومعانيها في إطار الأدب والثقافة، وقبلاً الإنسانية، عن سعة ذا المجال؛ إطلاق (جائزة غادة محسي للكتاب المتميزين من الشباب) بمبادرة رفيعة من آل محسي وآل المجمر وأصدقاء الأسرتين وأصدقاء وصديقات الإبنة الحاضرة رغم غيابها غادة مجتبى محسي والتي بارحت عالمنا عشية يوم تخرجها من المرحلة الثانوية في الرابع والعشرين من يوليو الماضي، في أعقاب المقترح الباذخ لـ”الأم” والأكاديمية د.عائشة موسى السعيد القاضي بإعلان جائزة للشباب بإسم غادة محسي (16 سنة) للكتاب الواعدين من الجنسين في اللغتين العربية والإنجليزية، إستكمالاً لمشروعها التي لم يكتمل برحيلها الفاجع، والذي كان ينبيء عن موهبة واعدة في مجال الأدب.. غير أن الأقدار أعملت قضاءها.. ومساء الجمعة الماضي، كنَّا شهوداً من طرف (الميدان) على إكتمال اللمسات النهائية والترتيبات لإعلان الجائزة/ المسابقة، وسط لفيف من أهل غادة وزميلاتها وزملائها والأصدقاء والمهتمين بضاحية الجريف، في مشهد عافية يستعيد للحلم معناه، إذ يجيء تخصيص الجائزة للكتاب الشباب من الجنسين في الفئة العمرية (من 12 الى 18 عام) مستهدفاً إعداد ناشئة قادرة على تحقيق سودان الأدب والثقافة من الأجيال الفتية القادمة، وباللغتين العربية والإنجليزية، ورعايتها وتحفيزها في ظل مواسم التداعي والتردي التي تشهدها البلاد منذ عقود طالت وإستطالت. ومن بعد، وفي الإطار العام تجيء جائزة غادة إضافة حقيقية لمجهودات المجتمع الثقافي التي يتصدي بإهاب “أهلي” السمات والطابع لرعاية المواهب الإبداعية وتحفيزها عبر العديد من المحافل كالجوائز التي يرعاها مركز عبد الكريم ميرغني للرواية (للمحترفين بالبطبع!) وجائزة الطيب صالح للشباب في القصة القصيرة.. وهكذا إذن تتصدى هذه الجائزة: المشروع لهمٍ نبيل وإنساني رفيع يسعى لتوطين حرفة الكتابة والإبداع في مهدها، مستهدفة تلك الأعمار الغضة، والنبض الفتي القادم بالبشارة والوعد، من كافة ربوع البلاد متعددة الأعراق والأمشاج والثقافات والأديان والألسن.. وهكذا يخرج رحيل: حضور غادة مجتبى محسي من معناه المجرد، في فقدان مشروع كاتبة موهوبة، كما بشَّرت كتاباتها، إلى مشروع كبير يشمل بعطفه ونبله شباب وطن إسمه السودان، فعلاً يهزم تجربة الرحيل نفسها، ويتسامى عن إدعاءات الغياب، مرة وللأبد. وتجيء (غادة) حضوراً رحباً يتسع لرعاية آمال الآخر وآمال الغير في شفافية باسلة، ولكأنها من على الضفة الأخرى تردد مع أمل دنقل: “نمتلك النور.. عشب البحيرات.. صوت الكناريا.. مجالسة الورد.. أنشودة المهد.. رقص البنات الصغيرات في العرس.. تمتمة القس في الصلوات.. خرير الينابيع.. هذا التساؤل عن لو ن عينين عاشقتين كنافذتين على البحر”.. وسنعودكم في أعداد (الميدان) القادمة، بأكثر من صوت في أمر جائزة غادة للكتاب المتميزين من الشباب، والتي تفتح سماء الأدب على (باكر) ضد الحزن ورغم الغياب، حضوراً فاعلاً ومستحق من أجل “غادة” التي أضحت معادلاً لشباب البلاد القادمين..