اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين).

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 01:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-29-2010, 12:43 PM

othman mohmmadien
<aothman mohmmadien
تاريخ التسجيل: 12-13-2002
مجموع المشاركات: 4732

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين).



                  

07-29-2010, 12:45 PM

othman mohmmadien
<aothman mohmmadien
تاريخ التسجيل: 12-13-2002
مجموع المشاركات: 4732

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)

    -
                  

07-31-2010, 08:02 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)

    sudansudansudansudan7sudan1sudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    (عدل بواسطة adil amin on 07-31-2010, 08:07 AM)
    (عدل بواسطة adil amin on 08-03-2010, 07:54 AM)
    (عدل بواسطة adil amin on 08-16-2010, 06:26 PM)

                  

08-26-2010, 08:12 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    100_1220sudan1sudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    (عدل بواسطة adil amin on 08-26-2010, 08:17 AM)
    (عدل بواسطة adil amin on 08-26-2010, 08:33 AM)

                  

07-29-2010, 01:00 PM

othman mohmmadien
<aothman mohmmadien
تاريخ التسجيل: 12-13-2002
مجموع المشاركات: 4732

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)


    محاولة من شخصي المتواضع أن أرسم على جدران منبر سودانيز أونلاين كل ما يمنحنا فرصة أكبر لنثبت عطاء أخوة لنا ... وعطاء هذا البلد الموهوب ... السودان .. رغم خلافاتنا السياسية والفكرية معهم إلا أنه من واجب الأمانة والصدق ومحبة الأوطان يحتم علينا أن نترك بصماتهم تبقى ... حتى عندما تأخذنا هذه البسيطة أو تأخذهم .... ... وأنا أضع بين أيديكم "قطار الشمال الأخير" ... مجموعة قصص خطها يراع "عادل أمين" بفكره الثاقب ... وموهبته الثرة .... كلماته قد ننحني لها ... قد نفرح أو نتألم ... فأرشفوا منها ما شئتم وقد يراها البعض بسيطة ... ولقد كان كان للأخ عادل الفخر في نيل جوائز من مراكز تهتم بالقصة القصيرة ومؤخراً نال جائزة من إحدى الدور في دبي وحمل عطائه شهادة تقدير وإشادة بذلك ... نرجو الأخ عادل أن يحدثنا عنها ... ونحن نعلم مسبقا أن ما تتصفون به من تواضع قد يحول دون ذلك ولكنهم قد تكون تجربة ثرة لكل مبدع في أن يشق طريقه وتشجعه على العطاء ...

    المهم ... أملي أن يدنو الأخ عادل وهو بعيد منا الآن ... بنفسه لهذا البوست ... ليتزل لنا بالتسلسل قصصه ... "قطار الشمال الأخير" لترتوي أرواحنا منه ... فإن تشبعت فخير من الله وتوفيق منه ... وإن كانت هنالك فجوات كفجوات الجبنة الدنماركية تسرب منها شئ من الضعف ... فذلك لأن الراوي صنف من البشر حيث لا كمال إلا لله العلي القدير ... عادل مؤلفاته تجاوزت الخمس مؤلفات ... ندعو الأخ عادل أمين "عضو البورد" والصديق الودود أن يطرحها هنا لنقترب منه أكثر ونعرف عنه الكثير من الخفايا ...
                  

07-29-2010, 04:10 PM

محمود الدقم
<aمحمود الدقم
تاريخ التسجيل: 03-19-2004
مجموع المشاركات: 8851

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)

    up
                  

07-29-2010, 05:38 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: محمود الدقم)

    شكرا يا عثمان واول زائر محمود الدقم
    انا اكتب عن كل ما هو مشين في السودان القديم ولا يجعل الوحدة جاذبة..كما قال احد كتاب افريقيا
    "انا لا اخجل من نفسي حين اعري عورات وطني والعيوب التي تنفر منه..لانك اذا لم تتطهر امام نفسك ستظل النجاسة تغمر دواخلك مهما استخدمت من ماء وصابون"
    نحن نفقد مرحلة مهمة جدا من التحول الديموقراطي...المحاسبة والشفافية
    وهذا الجهد المتواضع يمضي في هذا السياق

    الشكر لك مرة اخرى
                  

07-29-2010, 05:40 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    )
    لم يكن احد سيئا عندما خلقنا الاله
    لم يكن احد سيئا عندما خلقنا الخالق
    لم يكن احد سيئا عندما خلقتنا القوة التي فوقنا
    لم يكن احد سيئا عندما خرج الناس من حظيرة الخلق
    كنا جميعا سواسية
    اقسم بالموت باننا جميعا اطفال ادم واحد
    محمد ودينق،دينكا وعرب
    اقسم بالموت باننا جميعا اطفال ادم واحد


    (من ترانيم الدينكا..كتاب:صراع الرؤى ونزاع الهويات في السودان،دكتور فرنسيس دينق..مركز الدراسات السودانية
                  

07-29-2010, 05:42 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    الاهداء الي :_
    الاجداد الخالدين
    دينق مجوك وبابو نمر
                  

07-29-2010, 05:43 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    ما تسا لوني عايز احرر الناس من منو!!
    اسالوني عايز احرر الناس من شنو!!
    د. جون قرنق ديمبيور
                  

07-29-2010, 05:45 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    سر الرجل الذي تطارده الكلاب
    أغلق محمد عثمان متجره ، كانت تمطر بغزارة والشوارع يلفها الهدوء .. فجأة مزق السكون وقع إقدام مذعورة تضرب على طريق الإسفلت، اختبأ خلف أحد الأعمدة كان المنظر غريب حقاً !! .. عربة نصف نقل تطارد رجل غامض تقطعت أنفاسه .. سقط الرجل على الأرض في بركة المياه ، توقفت السيارة جوار الجسد المسجى ، ترجل منها ثلاث رجال تبدو عليهم القسوة الشديدة .. انهالوا على الرجل بالضرب المبرح بكعوب البنادق والهراوات.. ظل الرجل يتلوى ويئن حتى همد تماماً ، انطلقت العربة مبتعدة عم الهدوء المؤسف المكان فيما عدا أنفاس الاحتضار الأخير للرجل المسجى على الأرض في بركة من دماء.
    خرج عثمان من مكانه وهرول نحو الرجل التعس في جزع كان الرجل يهزى بكلام غريب .. حكى كل شيء ثم مات بين يدي محمد عثمان المواطن البسيط الذي اخذ يحدق في ذهول الى وجه الرجل الصلب وقد جلله سكون الموت ، كانت المنشورات المتناثرة حوله تعبث بها الرياح وقد اختلطت بالأوحال ومياه الإمطار.. أثرت هذه الحادثة في عقل عثمان ردحاً من الزمن ، لم يصدق أحد قصته ، حتى الطبيب ، شخص حالته بأنه مريض وقد وقع تحت تأثير السينما الأمريكية ويلزمه مزيد من الراحة " أي راحة هذه التي يعينها هذا الطبيب المسكين ؟!.. أن الصدفة وحدها هي التي أتاحت لعثمان الإطلاع على ذلك الجانب الخفي من الحياة ، خلف الكواليس . حياة لمناضلين الشرفاء ، الغزلان الوديعة وكلاب الصيد في قانون الغابة ، وقد روى لعثمان القصة كاملة كشريط سينمائي طويل لحياة رجل مات على قارعة الطريق .
    * * *
    أسرتي بسيطة من الأسر للعمالية التي تقع بها مدينة عطبرة … والدي يعمل في مرفق السكة حديد بينما تصنع أمي بعض الأشغال اليدوية من سعف النجيل وتبيعها في سوق الزيارة أما بقية الأسرة فهم شقيقي أحمد الذي يكبرني بعدة أعوام وشقيقتي فاطمة متزوجه من رجل يعمل في إحدى دول النفط ،أبي من أعيان طائفة الختمية .. دأب والدي على تربيتنا تربية دينية حقيقية ، غرس فينا الصدق والأمانة … كان لوالدي مكانته في هذا المجتمع العمالي البسيط ، يأتيه صاحب حاجة مكسور النفس فيرد له البسمة ... اعتدت منذ الصغر رؤية بيتنا ملئ بالرجال والنساء ، كنت أتصفح المجلات والكتب التي يحضرها أبي .. هذه الكتب تتضمن معاني كبيرة ، النقابات ، الاشتراكية ، الاميربالية كنت لا أعرف لهذه الرموز معناً وبعد أن تقدم بي العمر قليلاً عرفت أن والدي من أعضاء نقابة عمال السكة حديد ، عندما كنت صغير ، كان البوليس يداهم منزلنا مراراً ، فأختبئ في ثوب أمي ، ظلت أصاب برعب شديد كلما رأيت رجل الشرطة … كثيراً ما كان والدي يتغيب عن البيت لمدة تتجاوز أعوام عندما أسأل عنه أمي تخبرني أنه معتقل ، وتتردد هذه الكلمة بأصداء مؤلمة في نفسي … أن تصوري بأن يضع إنسان داخل حجره مغلقة مسألة مؤلمة فقد كنت أنصب الفخاخ للقطط التي تأكل الحمام .. كان القط يسقط في الفخ ويدور داخل القفص ويمؤ بأسى …ظللت أقارن بين النظرة في عيني القط الحبيس وعيني أبي كانت تحملان نفس المعنى … ومن ذكريات الماضي . أعطانا أبي أنا وشقيقي منشورات نبثها في الشوارع ليلاً … كانت مغامرة جريئة كادت تؤدي بحياة شقيقي عندما فاجئنا رجل الشرطة السواري ، طاردنا بحصانه ، اختبأت تحت عجلات عربة القطار تقف عند خط مهجور يمر بالحي الذي نقطن فيه ، ظل شقيقي يركض والحصان خلفه حتى وصل شاطئ النيل ، ألقى بنفسه في الماء وكعادة أهل المنطقة ، كان أخي ماهر في السباحة ،ظل يسبح حتى وصل إلى مكان بعيد . خرج من الماء وملابسة تقطر ماء وقد سبب له ذهاب الحادث مرض الزمه الفراش مدة غير قصيرة ..
    * * *
    كنت يوما مستلقى على فراش أمام غرفة الضيوف يترامى إلى أذني صوت والدي وبعض الزوار يتداولون أمر المظاهرة القادمة بمناسبة عيد العمال العالمي .
    - هذه ثالث مذكرة ترفع للحكومة . ولا حياه لمن تنادي
    - للأسف الرئيس .. أضحى يحيط بنفسه بطبقة سميكة من القاذورات .
    - أرجو أن يفهم الجمهور عدالة قضيتنا ولا يتبعون الإعلام المضلل ..
    - أبتلع السوق الأسود كل مدخراتنا .
    - هذا جحيم البنك الدولي القادم .
    - لقد تعرضت المتاجر للنهب في المظاهرة الماضية الشيء الذي جعل الشرطة تطلق النار على المتظاهرين وقد أدى ذلك إلى وفاة ثلاثة زملاء وجرح عدد من المواطنين .
    - نحن لا نريد أن يتكرر ذلك .
    ظلت أطراف الحوار تترامى إلى أذني ثم أخذتني عفوه. ما كدت اغمض عيناي حتى سمعت ضوضاء شديدة اعرفها جيداً ، داهم رجال أمن الدولة المنزل كالمعتاد … ولم يجدوا منشورات وخرجوا تتبعهم لعنات أمي وتدعو عليهم بالويل والثبور … كان هذا أبي .
    * * *
    أما أمي زينب ابنة سائق القطار ، تمتاز بسداد الرأي والعزيمة الماضية ، الفضائح حديث نساء المدينة ما عدا أمي التي كنت تلتزم الصمت واكسبها ذلك احترام نساء الحي … تتحدث في التربية والاقتصاد فتخالها من كبار المفكرين مع أنها لم تكمل تعليمها الابتدائي عندما كان أبي يرسلنا نبث المنشورات في شوارع المدينة ، تنتظرنا عند الباب وقد غطت الدموع عيناها ، فهي تعرف خطورة ما نحن ذاهبون إليه ، ترافقنا دعواتها الطيبة وتظل ساهرة طوال الليل حتى نعود .
    ومضت السنين تباعاً و انطوت صفحة مشرقة من النضال الوطني … وتوفي والدي في منتصف السبعينات خرجت كل المدينة لتشيعه إلى مثواه الأخير لا زالت أصداء ذلك اليوم ترن في نفسي ، شعر أبي بالأم شديدة في الظهر وخدر في الأطراف حملناه إلى المستشفى .. كنا نتناوب السهر على راحته أنا وأخي وفي ليلة الوفاة سمعت صوته الواهن يناديني كأنه قادم من بئر ،جلست جواره في الفراش ، نظر إلى وقد اختفى ذلك البريق الآخاز من عينيه وبدتا زجاجيتين
    - آن لكم أن تتجهو إلى مستقبلكم وتتركوا العمل بالسياسة .
    - لكن يا أبي
    ضمني إليه بقوة .. ثم همد جسده الذي كان ينضح بالحياة ،تملصت من يديه الباردتين برفق وأغمضت له عينيه ، إنقضت لحظات لا توصف ارتبكت ، فقدت القدرة على البكاء ، طاف بخيالي والدتي .. عندما تحضر صباحاً وتجده رحل .
    * * *
    جاءت والدتي مع لفيف من رجال ونساء الحارة ،ظل شقيقي أحمد جالساً في ركن قصى يبكى بحرقه ، نقل جثمان والدي من المستشفى إلى البيت ودفن في مقابر المدينة وعدنا إلى المنزل الذي كانت تسودة الوحشة " كم كان إحساس بغيض عندما عدنا إلى البيت ولم نجد أبي " إنقضت أيام وذهب كل من حاله وبدأت الأحزان تنحسر تدريجياً … الشيء الوحيد الذي ظل عملاقاً في ذهني وصيه أبي الأخيرة … أخبرت أمي وأخي بالوصيه وإنه يجب احترام رغبة المتوفي .. ومضت الايام تباعاً عكفنا على الدراسة .. جلس أحمد لامتحان دخول الجامعة ولم تسعنا الفرحة لاحقاً عندما ثم قبوله في كلية الاقتصاد ، أطلقت أمي زغرودة شقت الحي الذي نقطن فيه وتقاطرت أفواج المهنئين إلى البيت أنا الوحيد الذي لم يعجبني نجاح أخي ، كان يسد الفراغ الذي خلقه أبي في البيت في يوم الوداع كانت أمي تحاصره بدعواتها ،كان أخي كالنجوم الذين نشاهدهم في السينما الوطنية وهو يرتدي الملابس الجديدة التي ارسلتها شقيقتي من السعودية .. تحرك القطار .. حاولت جاهداً أن اخفي دموعي ،كان الموقف حافل بالشجن .. هذا نوع جديد من الرحيل ، ظل أحمد يلوح بيده حتى غاب القطار وعدت إلى البيت .. وجدت أمي يبدو عليها التوتر هذه أول مرة يذهب عنها أحمد بعيداُ وبعد عدت أيام استلمت الرسالة التالية فعدت إلى البيت:
    - أمي وصلت رسالة من أحمد .
    - انتظر يا ولدي .. لا تقراها حتى أحضر .
    خرجت من المطبخ تقطر عرقاً جلست جواري وفتحت الرسالة .
    الآسرة الكريمة
    تحية طيبة وبعد
    لقد وصلنا بالقطار بعد مسيرة طويلة إلى الخرطوم في منتصف نهار اليوم التالي .. فتعرفت على بعض الطلاب الجدد في القطار وصلت معهم إلى الجامعة كل شيء فيها مبهر مباني تاريخية عريقة ، هل تذكر الصورة في العملة أنها مباني المكتبة الرئيسية … وجدت شيء غريب .. كانت هناك صحف حائطية يصدرها الطلاب .. تشجب الحكومة علناً … هناك حرية في الجامعة لكنى لا زلت عند وعد المرحوم أبي لم أقرأ فيها حتى سطراً واحداً … يوجد بالجامعة طلبة من الدول الشقيقة .. لقد بدأت الدراسة بصورة مكثفة.. أخيراً أستودعكم الله و اتركم في رعايته .
    ابنكم أحمد الطاهر
    طويت الخطاب ، لمعت عينا أمي من فرط السرور وأجبرتني على كتابه الرد فوراً .
    أبني العزيز أحمد
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    وصلنا خطابك الذي طمأننا على أحوالك .. أبني إذا احتجت إلى مصاريف نحن مستورين والحمد لله ، لقد حصلنا على معاش التقاعدي لوالدك وعملنا به متجر صغير اعمل فيه بالنهار ويعمل أخوك بالمساء .. أرجو أن تهتم بدروسك ولا تنحرف خلف أي تيار وتقبل سلام أمك المشتاقة
    الجواب من أمك زينب
    ظلت الرسائل تتوالى بيننا حتى أوشك العام على الانتهاء … كنت فرحاً ذلك اليوم ، سيحضر أخي وتظل نثرثر طوال اليوم … ذهبت إلى محطة القطار مبكراً وصل القطار ولمحت أخي يقف على باب عربة القطار وقد كساه الغبار تلقفته بالأحضان قبل نزوله وحملت عنه الحقائب .. كانت أمي تتنظرنا عند الباب وفتيات الحارة يختلسن النظر خلف الأبواب المغلقة ، لقد عاد ابن الجامعة وهم شئ نادر في حي الداخلة العمالي .
    * * *
    بعد أن استحم وتغدي راح في سيات عميق ، جلست قربة كالقط في انتظار الاخبار … استيقظ عشاءأً ونظر إلى باسماً
    - طبعاً تنتظر الأخبار أيها الفضولي؟!
    - لدي ما يكفيني من أخبار . خاصة عن جارنا العزيز
    لمعت عيناه وقال في استسلام .
    - إذاً لابد من تبادل الأخبار .
    - هات ما عندك أولاً .
    - هناك في الجامعة تنظيمات طلابية سياسية تختلف عن بعضها البعض ولكنها تتفق في عداءها للسلطة … هناك مظاهرات وهتافات لتحريض الطلاب.
    - أين أنت من هذا ؟!
    - أنت تعرف تماماً .. قسم والدي العظيم .. أني أمارس الرياضة فقط.
    نحى احمد منحى أخر عندما حدق في صورة فاطمة شقيقتي وزوجها المعلقة على الجدار .
    - ما هي أخبار فاطمة ؟.
    - وضعت مولد ذكر … اسمته الطاهر
    - أرجو أني يكون جسوراً كجده .
    - أرجو ذلك ما خطتك لقضاء العطلة المملة ؟
    _سألتحق بسلك المحاسبين في السكة حديد للتدريب وأنت .
    - سأجلس في المحل حتى ترتاح أمي .
    * * *
    مضت الشهور تباعاً وأنقضت العطلة الصيفية وعاد أخي إلى الجامعة ، وعدت إلى الدراسة، ظل هناك حافز قوي يحفزني للالتحاق بالجامعة فقد استهوتني تماماً وكانت أمي لا تنفك تطرى شقيقي أمامي وهذا يثير غيرتي .
    مضى وقع الزمن بطيئا في تلك الأيام الراكدة في بداية الثمانينات وأحمد يواصلنا برسائله الحافلة بالإثارة ،كان سرور والدتي عظيما بتلك الرسائل التي ترد إليها ما فتئت تجمعها وتضعها في إحدى علب الحلوى الفارغة وكثيرا ما افاجئها وهي تتأملها وتحملق في طلامسها .
    بعد حين توتر الجو وبدأت الأخبار ترد بأن هناك إضطرابات في الجامعة ، بسبب تردي الاحوال المعيشية وكالعادة ملأت الشائعات الافق والمظاهرات تجتاح الشوارع والشرطة تطلق النار على الطلاب … أزعجنا لذلك وعرفنا بعد ذلك من المذياع ان الجامعة أغلقت أبابها وسيتم ترحيل الطلاب إلى ذويهم بأسرع وقت
    ظللت لفترة استقبل القاطرات القادمة من الخرطوم دون جدوى . سألت العديد من الطلبة العائدين ، أسألهم عن أخي ، بعضهم لا يعرفه والبعض يقول أن هناك بقية لم تأتي بعد . وبين هذا وذاك انزعجت أمي وتملكها المرض … عصفت بى الهواجس والافكار السوداء.. "هل أصابه مكروه ؟"،،
    ظلت أمي تتعزى بقسم أبي . مضى أسبوعان وأخي لم يحضر ، عزمت على السفر إلى الخرطوم …. و قد فرغت من امتحان دخول الجامعة لتوي …. هناك في الخرطوم كانت المفاجئة . أول مرة انزل عاصمة البلاد لم أدر من اين أبدا!! توجهت نحو حافلات يصيح الناس حولها بأنها تسير عبر شارع للجامعة واستقللت احداها ، هناك نزلت لأواجه الجامعة المحاصرة بالجنود ، سألت أحد المارة عن مكان الإستفسار عن الطلاب ، دلوني على عمادة الطلاب ، هناك وجدت قسم من أعضاء الاتحاد ، أعطوني قائمة بأسماء الطلاب المعتقلين ، لم أجد اسم أخي بينهم ، وقد أطلق سراحهم جميعا ، في قائمة المفقودين كان يقبع اسم أخي ومعه اسم طالب آخر يدعى جابر حاج التوم ،تملكني رعب وتوجس شديد وقفلت راجعا في نفس اليوم بالقطار إلى عطبره
    لن أسطيع أن أصف لك ، الايام المروعة التي عشناها أنا وأمي ، أمي التي نحل جسمها واصبحت جلد على عظم … حضرت شقيقتي فاطمة من السعودية وأصيبت بانهيار عصبي ولزمت المستشفى بين الحياة أو الموت .. تشتت جهودي بين اختي أمي ، كنت أعيش في كابوس مزعج ، في هذة الأيام الموت أفضل من الاختفاء ، ظلت تنتابني الهواجس ولااجد منها فكاكا … سمعت اسمي في المذياع مع الطلاب المقبولين في كلية القانون ، لم أعر الامر التفاتا للوهلة الأولى ما جدوى دراسة القانون في بلد تعيش شريعة الغابة . لكن لاحقا قررت بجدية السفر إلى الخرطوم والبحث الدقيق عن اخي … وكان يوم الفراق ، لحظات مرة تنازعتني مشاعر عدة .
    * * *
    كنت أعرف كل شيء عن الجامعة ، كما ظل يحكي أخي.. مقهى النشاط ، منتدى الفلاسفة ..سينما النيل الأزرق … الملعب الشرقي ، هذه الاماكن التي كان يرتادها أخي … كعادة الطلاب في الجامعة كان يتندرون بالطلاب الجدد ويدبرون لهم المقالب الظريفة ، ومع ذلك لم يتعرض لي أحد لعلهم استشفوا الحزن الغريب المخيم على ، كنت أحاول الابتسام وسرعان ما تزوى الابتسامة حالما يحاول الطلاب التعرف علي وجذبي إلى ما يسوقه الطلاب وعقلي نائم ، كنت أعيش في وحده مع نفسي.. بين الأصدقاء وليس معهم …. ظل الحال على هذا المنوال حدث ذات مره أن التقيت بأحدى زميلات أخي في الكلية عن طريق الصدفة ، تدعى سلمى.. تعرفت على الشبه الغريب بيننا أخبرتني أنها رأت صورتي معه … وقد شاهدته مع صديق آخر يدعى جابر في المظاهرات الأخيرة متجهين إلى السوق ومنذ ذلك التاريخ لم تسمع عنهما شيئاً … ولاحقاً عرفت أن جابر التوم اصيب باختلال عقلي ويقبع تحت رعاية شيخ الزاكي في ضاحية الدروشاب الشمالية .. إذا اليوم التقطت طرف خيط ، "يجب العثور على جابر أولاً" .
    * * *
    في مساء يوم الجمعة توجهت إلى الضاحية التي يقيم بها الشيخ الزاكي : هناك دلنى أحد الصبية على داره العامرة ، كانت الدار تنؤ بالرجال والنساء والأطفال وصوت الطبول يهز القلوب هذاً بذلك الايقاع الصوفي الجميل …كانت الحلقة كبيرة والشيخ يدور في استغراق عميق ، عندما لمحني خرج من الحلقة واتجه إلي ناظراً في ود ، أخبرته بمقصدي اشار نحو غرفة عند طرف الفناء البعيد ، اتجهت إليها ودخلت من بابها الموارب وفي ظلال الضوء الشاحب لمحت جابر التعس .. يجلس متكوراً في أحدى اركان الحجرة ، ظل يتلفت حوله في رعب ، أقتربت منه ، نظر إلى في هلع لحظات ثم انبسطت اساريره وهب من مكانه ساحباًً السلسة الطويلة التي تقيد كاحلة وأحتضني بقوة صالحاً "أحمد …أحمد … لقد عدت …ألم يقتلوك ؟!"
    - من هم الذين أخذوني ؟؟
    نظر إلى جبر الله في ارتياب وانسحب بعيداً وتكور في مكانه وأخذ ينتحب بشدة ، اقتربت منه وجلست جواره ، ربتت على كتفه في رفق .
    - قل لي اين ذهب أحمد ؟ أنا شقيقه محمد
    نظر إلى جبر الله في حزن عميق وتمتم بعض الكلمات الغامضة بدأت أشعر بصعوبة المهمة التي جئت من أجلها ، إذ يجب على أن اكسب ثقته أولاً .
    لذلك قررت البقاء عدة أيام .. وفي ذات مره حدثت المفاجئة ، بعد صلاة العشاء .. أجلسني جواره وانحلت عقدت لسانه وبدأ يتداعى .
    * * *
    خرجنا أنا وأخوك إلى السوق ، هناك وجدنا المتظاهرين تغص بهم الشوارع ، كانت الشرطة تطاردهم في جميع الاتجاهات والغاز المسيل للدموع يخنق المكان ،لمحنا رجل بملابس مدنية يضرب فتاة ، كانت تزحف على الارض مختنقة بالغاز ، انفلت أحمد ورفس الرجل بقسوة على بطنه ، اطاحت به بعيداً وهوى عليه لكماً وركلاً ، كانت الفتاة قد أغمي عليها وبعد ذلك توقفت عربة نصف نقل جوارنا وحجبتنا عن الانطار نزل منها أربع رجال طوقونا وحملونا إلى السيارة ذات النوافذ السوداء ثم فارقنا الشعور … عندما افقنا وجدنا أنفسنا في غرفة مظلمة بها نافذة واحدة ، كان أحمد مقيد ومشدود على كرسي وأنا من غير قيود ، هناك رجل قاسي الملامح ذو سحنة غريبة يتحرك أمامنا بعصبية ، كان يرتدي حذاء رمادي صاح فينا .
    - استيقظو يا ملاعين .
    أتجه نحو أحمد
    - أنت لماذا ضربت الرجل .؟!
    - كان يضرب الفتاة .
    - وما شانك أنت ؟!
    ثم أنهال عليه صفعاً ولكما حتى تورم وجهه وأخذ ينذف دماً ، أتجه الرجل نحوي وعيناه تقدحان شرراً .
    - أنت عليك أن تلزم الصمت .
    ثم اشار إلى أحمد .
    - أما هذا فلي معه شأن آخر .
    شعرت ساعتها بأصابع باردة تعتصر قلبي ، هرولت نحو أحمد .
    - لا تأخذوه .. أنه بريء وليس له أي ممارسة سياسية ، لكن هيهات أن يسمعوا ، جذبتني يدين قويتين إلى الوراء وسمعت صوتاً عميقاً يردد .
    - - هذا الشخص رأى الكثير .
    ولم أدر بعدها ماذا حدث شعرت بضربة قوية على مؤخرة رأسي واظلمت الدنيا في عيني ، عندما أفقت وجدت نفسي في قسم الحوادث بالمستشفى وأخبروني بأنه رآني أحد الصيادين وأنا أهوى من الجسر على النيل في ساعات الفجر الأولى فهب لنجدتي وأنقذ حياتي …
    * * *
    ظل جبر الله يروي حكايته في تداعي مرير وأنا استمع إليه في آسى . " اذا المسألة غدت اكبر مما كنت التصور"
    في الصباح ودعت جبر الله وعدت إلى الخرطوم ، أرسلت خطاب اطمئن أمي وعزمت على مواصلة البحث ، علمت أن السجناء السياسيين ينقلون إلى سجن كوبر بعد سلسة من الاهوال .. بدأت الاحداث تتفاقم مرة أخرى عادت اضطرابات والقلاقل .. كانت الخطة تكمن في أن أعراض نفسي للاعتقال .. خرج الطلاب إلى الشارع وعادت الاشتباكات مجدداً لمحت الرجل الاصلع ذو السحنة الغريبة والحذاء العجيب كما وصفه جبر الله .. اندفعت بين جموع الطلاب الهاربة وقفزت في الهواء وأهويت على الرجل بكلتا قدمي.. سقط على الارض ، أطبق على رجال الامن وانهالوا على ضرباً حتى فقدت وعي وعندما افقت وجدت نفسي في الغرفة الرهيبة مقيد على كرسي والرجل أمامي تغطي وجهه ضمادة .
    - أنت محمد الطاهر الابن الثاني للنقابي الطاهر .
    رأيت بطاقتي في يده وأردف
    - إذا لدينا مزيد من الإبطال .
    كانت هناك عصابة تلف رأسي ، نظرت إليه في قرف ثم بصقت على الأرض ، انهال علي الرجل ضرباً ورفساً ونزع العصابة ونتف خيط الجرح ، شعرت بالدم الحار يسيل على وجهي وأغمي علي مرة أخرى توالت سلسلة التعذيب .. كان أقساها أنهم في ساعات الفجر الأولى ، عصبو عيني واخذوني بالسيارة وعرفت أنها تسير في شارع النيل وذلك لأن هواه البارد أنعش روحي ، بعدها رفعو العصابة عن عيني وفتح أحدهم باب السيارة ونكس رأسي حتى كاد يلامس الإسفلت والسيارة منطلقة بأقصى سرعة ، حاولت أن أغمض عيني فلم استطيع ، شعرت بغثيان شديد وأن أمعائي كادت أن تخرج من فمي .. بعد عده مشاوير أعادو العصابة إلى عيني وعادوا بي مرة أخرى إلى مقرهم الرهيب .. ظل الحال على هذا المنوال ، سمعت أنهم يريدون نقلي إلى سجن كوبر وفي سجن كوبر استقبلت استقبال الأبطال .. تحلق حولي السجناء ، شيوعيون ، جمهوريون ، قوميون ، وجمع الفئات الأخرى التي كان ينؤ بها السجن العتيد في هذه الايام العصبية ،أخذت أتحسس من يخبرني عن أخي أو يعرفه.. كان هناك سجين يجلس منزوياً… ظل ينظر إلى مراراً بعينين تحملان كثير من المعاني .. ظلت قوه خفية تشدني نحو هذا السجين …وذات مره فاتحني بالقول بأني أشبه سجين سابق كان معهم يدعى أحمد …قال : إن هذا السجين كان يعاني من حزن عميق وشعور بالذنب حيال أسرته وأنه سبب لهم الألم امتنع أياماً بلياليها عن تناول الطعام .. وأصيب بالملاريا وفي مرة أستبد به هياج شديد أخذ يضرب كل من حوله ،حضر الحراس وأخذوه إلى مصحة السجن … أنتهى عبد الكريم السجين الغامض من سرد قصة أخي … لم يلحظ الدموع الغزيرة التي انسابت من عيني وكان هدفي الأن أن أجد طريقة تنقلني إلى المصحة … أن إدعاء الجنون من الأشياء السهلة التي اتقنها منذ أيام المسرح المدرسي .. تعريت عن ملابسي وأنا أصيح في هستيريا في يوم الجمع الصباحي كانت صرخاتي المفزعة كافية لأن يأخذوني إلى المصحة.
    * * *
    هناك لم تمض مدة طويلة ، تعرفت على أحد أصدقاء أخي في قاعة الطعام حكى لي النزيل الذي كانت عيناه لا تستقران على موضع بعينه ، كان من الشيوعيين القدامي الذين ضاع نصف عمرهم في السجن ومصحات السجون وذهب نصف عقلهم من جراء ذلك ، أخبرني أنه استيقظ ذات يوم فجأة وليجد نفسه غارقاً في الدم ، قطع النزيل السرير الاعلى شرايينه بموس حلاقة !!
    إذا هذه النهاية المحزنة التي وصل لها أخي كان ميال للاكتئاب منذ الصغر ولا يرضى الظلم ،كثيراً ما تأتيه مشاعر ودوافع لاشعورية للانتحار .. خرجت إلى باحة المصحة ، رغم الزهور التي تغطي المكان … كان هناك ضباب كثيف من الدموع التي انسابت من عيني وأنصبغ كل شيء أمامي باللون الرمادي ، جلست على كرسي في الحديقة.. كان أتعس يوم في حياتي رغم أيامنا الكثيرة المؤلمة … قررت الهروب من مستشفى السجن ….وهربت .
    * * *
    تحت جناح الظلام دخلت المدينة ، توجهت نحو الجامعة ورأسي تنؤ بالافكار … التقيت سلمي التي كلفتها إن تراسل أهلي في غيابي .. أخبرتها بوفاة أحمد في مستشفى السجن .. أجهشت بالبكاء ، كانت تحب أخي حقيقة ..في اليوم التالي سافرت عطبرة ... وجدت أبن شقيقتي طاهر مات بالحصبة ، طيبت لها خاطرها … أخبرتها بوفاة أحمد بالسجن زاد ذلك من تعاستها … جلست أيام العزاء وطفقت عائداً إلى الخرطوم وفي رأسي تدور فكرة واحدة … إسقاط النظام !! وانخرطت في صفوف القوميين كما ترى.
    * * *
    في الصباح تجمهر طلاب ومارة حول رجل ملقي علي قارعه الطريق ، كانت المنشورات تعبث بها الريح في كل مكان "مات محمد بن المرحوم الطاهر وعيناه مفتوحتان حتى يعرف كل المناضلين الشرفاء "أن الثورة الحرية الحمراء شمس لا تغيب" .
    أبريل / 1984م

                  

07-30-2010, 03:43 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    صرخة ميتا
    (( عا آآوووه ………)) صرخة طويلة ممطوطة تشبه صرخة حيوان جريح تصحبها ضحكة مجلجلة تنم عن قلب مفعم بالطيبة ، تردد صداها جنبات مدينتنا عطبرة * ، تأتي دائماً عند الغروب ، تقشعر لها جلود الناس ثم تلين بعد ذلك ويعم السلام المدينة ، يضحك الجميع في طهر طفولي ، يشفى الأطفال المصابين بأمراض المناطق الحارة ، يتوقف العراك بين الأفراد والجماعات ، تنتهي المشاكل الأسرية داخل البيوت ، أنها صرخة صديقي ميتا ، وجدوه يوماً ملقي كعصا أبنوس سوداء سيئة التكوين ، عند ملتقى النهرين في منطقة الحلفا * .
    حمله المواطنون من سكان الحلفا إلى أكواخهم البائسة . اسجوه هناك عند مريوم التي نظرت إليه فيه آسى ورددت بلكنتها العربية المكسرة (( إنها ميتا .. إنها ميتا )) فأسموه ميتا ، ومنذ ذلك الوقت لا يعرف أحد سر ظهوره الغامض على الشاطئ ،هل أتت به مياه النهر المتمرد؟!.. نهر عطبرة الذي يندفع من الهضبة الأثيوبية حاملاً في طريقة الدمار والشرور ، جثث نافقة لمختلف الحيوانات ، جثث ناس ، وأخشاب وكائنات أخرى غريبة تحكي عنها الجدة الحرم * عندما نجلس معها في الليالي المقمرة ، لقد رأيت بنفسي وأنا صغير اندفاع هذا النهر المجنون و هديرة الصاخب الذي يبعث الرعب في القلوب ، وأنا جالس على نخلة أحدق في الأفق الشرقي .. تصطدم مياه النهر بشراسة بمياه النيل التي تبدو هادئة بعد رحلتها الطويلة من جهة الجنوب ويكون هناك فوران شديد في منطقة اللقاء أشبه بمرجل يغلي ، تطفوا أسماك نافقة تدور حولها طيور بحرية في وليمة احتفالية . هناك وجدوا ميتا تحت الجسر الحديدي الذي بناه الإنجليز لمرور قطار الشمال ، هل أتت به مياه النيل ؟؟ … لا أحد يدري فقط إنه أعلن عن قدومه السعيد عندما أفاق عند الغروب في بيت مريوم وأطلق صرخته الدواية التي تشبه صرخة حيوان جريح و انتهت بضحكة مجلجلة رددت صداها المدينة …..
    * * *
    كان صوت طلقات الرصاص يتداعى إلى أذني من بعيد ممزوج بهدير الأشجار في تلك الغابات المتشابكة التي تحيط بمدرسة القرية ، إني أعمل الآن معلماً بمدارس الجنوب . لم يكن اختياري للعمل في جنوب السودان بمحض الصدفة ، بل جئت بإرادتي ، والدي كان تاجراً بالأقاليم الجنوبية ومنذ أن غادر مدينتنا الوادعة في الشمال في ذلك الزمن البعيد لم يعد مرة أخرى ، انطلقت الإشاعات التي تردد بأنه تزوج من إحدى بنات سلاطين الجنوب وطاب له المقام هناك . أن ذكرياتي عن أبي الذي رحل وتركني صغير تبدو غامضة ومبهمة ، لا أدري هل أحتقره أم أحترمه ؟! . عانت أمي الأمرين لتربيني وتعلمني . عملت معلماً في مدينة كريمة * في أقصى الشمال لفترة ثم بعد تجربة حب فاشلة قررت العودة والسفر إلى الجنوب كانت أمي تخشى مثل هذا اليوم الذي قررت فيه السفر إلى حيث ذهب أبي ولم يعد ، لازلت أذكرها وهي تعدو جوار شريط القطار المبتعد حتى سقطت على الأرض وتعفر وجهها بالتراب، كنت أبناً عاقاً عندما ضربت بتوسلات أمي عرض الحائط واندفعت في هذه المغامرة غير مأمونة العواقب في ذلك الجزء الذي يتصاعد منه الدخان . طافت هذه الذكريات بخيالي ولا زال صوت طلقات الرصاص يتداعى إلى أذني ، وعيون الأطفال اللامعة تحدق في توجس وحب عميق لي . كنت أحب تلاميذي من أبناء الجنوب ، بحثت عن شقيق يمكن خلف هذه العيون اللامعة والملامح السمراء ، أرتفع دوي هائل جوار المدرسة والطلقات تزداد قرباً وعنفاً وأصوات أقدام مذعورة على الشعب اليابس تقترب من المدرسة ، أوجست خيفة ولم أتمالك نفسي من الصراخ وأنا أرى حجرة المخزن تطير في الهواء متناثرة ، أصابتها قذيفة هاون ، دب الذعر بين الطلاب خرج الجميع إلى الفناء يتراكضون ثم انطرحوا أرضاً عندما صاح فيهم أحد المتمردين الذين قفزوا إلى داخل سور المدرسة القصير وهم يحاولون في يأس الرد على قوات الحكومة التي كانت تطاردهم ، دارت معركة شرسة وأنهمر الرصاص كالمطر وعلا صراخ الأطفال ، بدأت النار تشتعل المدرسة المصنوعة من الأعشاب والبوص وأنا مسجى على الأرض وقد التصق بي الأطفال كنت أحس بدقات قلوبهم المذعورة على جسدي ..تساقط المتمردين قتلى واحد تلو الأخر وعم الهدوء مرة أخرى ، مضت لحظات وحضرت الأقدام الثقيلة إلى داخل فناء المدرسة المحترقة فصيل كامل مدجج بالسلاح ، ظلوا يتجولون في حطام المدرسة ويقلبون الجثث في حذر شاهرين أسلحتهم الخفيفة وتنبه لي قائدهم ، أقترب مني وأنا دافن نفسي بين تلاميذي اللذين كانوا ينتفضون رعباً ، سحبني جندي من رجلي بقسوة من وسط كومة الأطفال وجذبني من شعري وتفرس في ملامحي جيداً ردد في غضب .
    - أنت …………. مدرس !!
    - نعم …….
    - من أتي بك إلى هنا ؟
    - الحكومة .
    صفعني بغلظة وردد في استهزاء
    - نحن أيضاُ أرسلتنا الحكومة !
    أمرني أن أخفض رأسي ودوت الطلقات النارية من جديد ممزوجة بعويل الأطفال وعم السكون مرة أخرى ، كست رهبة الموت المكان ، لازلت أذكر دقات قلوبهم الصغيرة على جسدي ، رحلت العصافير الصغيرة وانسحب الفصيل وعم الهدوء المؤسف المكان ، نهضت أترنح دون النظر إلى الوراء أريد الهرب من هذا الكابوس الحقيقي ، أجتاح كياني شعور بالألم المرير ((هل كان أخي بينهم؟!)) … كنت أسيراً مترنحاً بين الأشجار أبحث عن حدود آمنة أعبرها كنت أريد الهروب من جسدي الذي تلتصق به قلوبهم الصغيرة ، أريد العودة إلى حضن أمي الطيبة في الشمال ، أريد أن أتحول إلى طائر يحلق بعيداً حيث لا أمنيات والكائنات تمر، أريد أن أدلي بأقوالي في محكمة عادلة عن الحرب ومجرمين الحرب ، قد أتحول إلى لاجئ تمضي به رحلة العمر الكئيبة في ضيافة شعب كريم ، ظلت أسير أياماً بلياليها على غير هدى في الغابة، كنت أتفادي دائماً طرفي الصراع ، بعد مسيرة ثلاثة أيام مضنية عند الغروب خيل لي أنني سمعتها !! .. نعم سمعتها هي نفسها !! … لكن ذلك مستحيل وشعرت بقشعريرة تجتاح جسدي ، أنها صرخة ميتا !! هل فقدت عقلي وأصبحت أهذي ؟؟ .. لقد أضناني الجوع والتعب من طعام الغابة الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، عن كثب حيث خيل لي مصدر الصرخة العجيبة كان يجلس هناك كعصا أبنوس مشوهة التكوين ، جلسة جليلة أشبه بأوثان الأديان البدائية ولهب النار يتراقص على وجهه الهادئ ، ما هذا الهذيان ؟!… إنه أبدا لن أبدا لن يكون صديقي ميتا تداعت إلى مخيلتي الذكريات المشحونة بالشجن وأنا أتقدم بخطى متعثرة نحو الرجل الذي يقبع على بعد أمام النار
    (( عرفت ذلك في يوم أغبر ، رحيل ميتا ، عندما عدت إلى مدينتنا من كريمة حيث كنت أعمل أولاً ، كانت نهايته أشبه بفواجع شكسبير ، كذلك أخبرتني مريوم الحزينة ، في ذلك اليوم المشهود كان هناك نفر من أفراد الجيش يحتسون الخمور البلدية في بيت مريوم في الحلفا كعادتهم دائماً بعد صرف المرتبات وميتا جالس بينهم يغني على قيثارته التي صنعها بنفسه أغاني بوب ماري التي يحفظها عن ظهر قلب ، كان الجميع سعداء لكن السعادة من هذا النوع لا تدوم طويلاً في مدينتنا ، داهمت الشرطة المكان ودارت المعارك بالأيدي والعصي بين أفراد الشرطة والجيش ، ثم تطورت الأحداث بعد أن حصل كل من الطرفين على تعزيزات مسلحة من المعسكرات في الجوار ، دارت معركة رهيبة بالذخيرة الحية ، أحزن ذلك ميتا ، فحاول التوفيق بين الأطراف المتحاربة ، للأسف اغتالته رصاصة ، أطلق صرخة ألم حقيقية لا تشبه صرخته المعتادة وسقط على الأرض مضرجاً بالدماء ، توقف القتال ألقى الجميع السلاح ، تحلقوا حول الجثة يبكون وينتفون شعورهم ، الجميع يحبون ميتا ، صانع الفرح في مدينتنا ، لا أحد يريد أن يتحمل أوزار موته، أقبل الجنود من الطرفين إلى بعضهم يتلاومون وظل النزاع قائم بين سكان الحلفاء بعد هدأت الأحوال مرة أخرى (( هل يدفن ميتا في مقابر المسلمين أم في مقابر المسيحيين ؟! )) ، كان الراحل صديق الجميع ، في الماضي عندما غرق على ود فرحين في النيل جلس ميتا على الشاطئ مع المواطنين ، بعد ثلاثة أيام طفت الجثة ، قفز إلى النيل وأنتشلها وذهب مع المعزيين إلى المقابر للدفن ، وقبل أعوام ماتت تريزا بالذبحة الصدرية في ليلة الميلاد ، كانت تجهز بالونات العيد مع أسرتها وصديقهم ميتا الذي حزن عليها كثيراً وبكى بحرقة في الكنيسة ذلك اليوم .. استمر النزاع حتى ساعة الغروب عندما دخلوا إلى مكان الجثمان داخل غرفته الطينية الصغيرة في بيت مريوم لم يجدوه .. اختفى ميتا ! ومن جهة النهر حيث وجدوه أولاً سمعوا صرخته المعتادة وضحكته المجلجلة للمرة الأخيرة ، ومنذ ذلك اليوم عادت المدينة تمارس كآبتها القديمة ، كثرت الحميات والأمراض التي تقتل الأطفال ، ارتفعت المشاجرات وحوادث الطلاق ، عادت النساء إلى الانتحار باحتساء صبغة الشعر السامة والرجال بالاستلقاء على شريط القطار ، اكتسى كل شيء باللون الرمادي ، رحل ميتا الذي كانت ضحكته تطهر المدينة ، رمز الحرية في مدينتنا ، المتجرد من كل قيود الأديان والأعراق ، أنطوي حضوره الدائم أفراحنا وأحزاننا ، نحن سكان مدينة عطبرة ، مدينة النهر المتمرد … )) .
    * * *
    التفت الرجل الذي يسكن وحيداً في الغابة عندما سمع وقع الخطوات المتعثرة على الحشائش وأبتسم ابتسامة عريضة .
    - السلام عليكم .
    - عليكم السلام
    - اسمي حمزة ، هل تسمح لي بالجلوس .
    - تفضل على الرحب والسعة .. اسمي لوكا
    هكذا تم التعارف كأننا التقينا في فليت أسريت في لندن ، كانت لغته العربية سليمة ، جلست وأنا أتأمل لوكا في فضول ، نهض إلى داخل الكوخ ثم عاد يحمل إناء به حليب ممزوج بعسل النحل ومده لي ، شربت حتى كدت أختنق واستلقيت من فرط الإعياء على العشب ورحت في سبات عميق واستيقظت في اليوم التالي فجراً لأجد نفسي نائماً على فراش وثير ، استجمعت ذاكرتي بقوة إلى أخر لحظة وصلتها أمس ، تذكرت الآن كوخ الأب لوكا ، أصبحت الصداقة بيننا عميقة في وقت وجيز لاحقاً فالرجل مثقف ثقافة عالية ، يعتنق جميع الأديان حسب ما تقتضيه الأحوال وحتى يعيش في هذا الواقع المضطرب ، إذ يمر على كوخه جنود الحكومة والمتمردين أحياناً ، ظلت الحوارات بيننا سجال ، أحاديثه الغريبة تذكرني دائماً صديقي ميتا ، يتحدث كثيراً وكلامه ليس ثرثرة بل حديث عميق ذو دلالات وإيحاءات عميقة ، ذات صباح مشرق ونحن نجلس سوياً أمام الكوخ نشرب الحليب الممزوج بالعسل التفت إلي مردداً في مرارة شديدة .
    - هل تعرف سبب هذه الحرب القذرة الدائرة الآن؟! .
    نظرت إليه في دهشة وبعد تفكير أجبته قائلاً
    - أعتقد أنها مخلفات الاستعمار وقانون المناطق المقفولة .. *
    ابتسم لوكا ابتسامة ناصعة البياض أضاءت وجهه الأسمر .
    - نعم ذلك أحد الأسباب ولكن هناك سبب جديد الآن أنه الحليب الأسود ! اليانكي يحبون الحليب الأسود الذي في ثدي أمنا أفريقيا ، أينما وجد الحليب يأتون بالموت والدمار للمنطقة .
    - إنها مأساتنا عبر العصور .
    - منذ أن داس القرد الأبيض بقدمه بطن ماما أفريكا ، أصبحت تجهض أبنائها أو تلدهم مشوهين .
    - نظرت إليه في دهشة ، خاصة للتعبير الغريب "القرد الأبيض " فأردف مسترسلاً .
    - مات العم توم * وراء البحر وهو يحلم بالحرية المستحيلة التي لا تأتي أبداً أما ما تبقى من أبناء أفريقيا فقد حولوهم إلى مسوخ مشوهة ، قرود ترتدي الأزياء الغربية ويتحدثون لغة الفرنجة ، يعودون إلى أبناء جلدتهم بالويلات والدمار …
    نظرت إلى الأب لوكا متسائلاً
    - هذا يعني أنك غير مقتنع بالحرب الدائرة الآن .
    - ضحك لوكا ضحكة مجلجلة تقطر بالأسى ونظر إلي ملياً
    - كنت من جنود التمرد الأول في الماضي ، وإني اليوم نادم أشد الندم على ذلك كنّا نسعى لطموحات مريضة ، الانفصال !!. إن الحرب تسبب لنا التعاسة جميعاً نحن وحيوانات الغابة !! .
    - حيوانات الغابة ؟ !!
    - نعم .. قبل قدومك جاء إلى كوخي أسد حزين ، فقد زوجته وولديه بعد أن أنفجر فيهم لغم أرضي ، كثير من الحيوانات تحتمي بكوخي ، أرى التعاسة في عيونها .
    - ألا تخشى حيوانات الغابة ؟؟
    - لا …. أنا أخشى الإنسان فقط لأنه أكثر حيوانات الغابة انحطاطاً !
    هكذا كانت أحاديث الأب لوكا الطيب حتى جاء ذلك اليوم المشئوم ، عدت من إحدى جولاتي في الجوار وجدت الكوخ يحاصره فصيل من المتمردين ، ينتزعون اعتراف من لوكا عن هوية من يقم معه ، كان المنظر بشع ، لوكا رجل شجاع صمد حتى فاضت روحه ، تركوه و انسحبوا ، اندفعت نحو الجسد الدامي والدمع يطفر من عيني مدراراً ولا زلت عالقة في ذهن عباراته الأخيرة "الإنسان أكثر حيوانات الغابة انحطاطاً" .….
    * * *
    دفنت صديقي جوار كوخه الصغير ، وتراجعت متجهاً جنوباً وبعد مسيرة أيام شاهدت فيها الأهوال ما لم يشهده أحد وبعد رحلة مضنية لمحت علم غريب يرفرف على البعد ، علم كينيا ، إذا فقد عبرت حدود بلادي المصابة بالخبال، هناك خيل لي أني سمعتها مرة أخرى قادمة مع خيوط أشعة الشمس الغاربة ، إنها صرخة ميتا !! .
    سرت في جسدي المنهك القشعريرة ، أطلقت زفرة حارة وانطلقت نحو العلم الذي كان يرفرف من بعيد .



                  

07-30-2010, 04:29 PM

صديق عبد الجبار
<aصديق عبد الجبار
تاريخ التسجيل: 03-07-2008
مجموع المشاركات: 9434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    أخي عادل أمين ..

    تحية طيبة ..

    حاجة جميلة والله وأهنيك على هذا الإبداع ..

    رددنا عليك عبر البريد الإلكتروني لمركز دراسات الوحدة الوطنية السودانية ، ولقد حاولت الإتصال بك تلفونياً ولم أوفق ..

    "أبوفواز"

    تحياتي وتقديري لك ولصاحب البوست المحترم

    (عدل بواسطة صديق عبد الجبار on 07-30-2010, 04:30 PM)

                  

07-31-2010, 05:08 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: صديق عبد الجبار)

    الاخ العزيز صديق عبد الجبار
    تحية طيبة
    نعم غادرت اليمن لاني في العطلة وتوقف تلفوني
    ولم تصلني رسالة الكترونية منكم
    تواصل معي
    [email protected]
    حتى تصلكم نسخ من الكتاب وانتم تحتفلون بالراحل المقيم..د.جون قرنق
                  

07-31-2010, 05:11 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    قطار الشمال الأخير
    استلقت ميري على العشب عارية تماماً تتأمل القمر الشاحب يطل خلف نتف السحب الهاربة، كان خرير الماء في النهر الممزوج بهدير الأشجار وصرخات وعواء الوحوش يشكل سيموفنية الغابة الموحشة، سمعت وقع خطوات ثقيلة متعثر تدوس على الأعشاب الجافة، أجفلت لحظة واستدارت إلى جانبها تتأمل القادم الجديد، والتقت عيناها بعينيه، ذلك القادم الخجول، كان جندي في ريعان شبابه أبيض اللون أزرق العينين، شهقت ميري وهي تتأمل الرجل الذي وقف في ارتباك، عدل عن رأيه في التبول، لكن كان وقف الانسحاب قد فات، فقد استقلت حورية الغابة على العشب مرة أخرى وباعدت بين ساقيها وأغمضت عينيها في استسلام.. اقتربت الخطوات المترددة وبدأت لعبة الطبيعة بكل عنفوانها، كانت تجربتهما الأولى على ما يبدو، ومضت اللحظات، دون صفير حاد في الجوار يؤذن للفصيل العسكري المدجج بالسلاح بالانسحاب من القرية الخالية من المتمردين إلا قليل من النسوة والأطفال والرجال المسنين ركض الجندي على عجل وارتدى ملابسه، حمل بندقيته، وأخذ يعدو نحو القرية تاركاً المرأة في حالة من الغيبوبة الحالمة، عند الفجر استيقظت ميري وتلفت حولها تبحث عن بقايا الحلم اللذيذ.. هل يعقل أنها كانت تنام مع رجل القمر ؟ . ذلك الرجل الغامض الذي يتجول في الغابات ليلاً ويخصب العذارى فيلدن بنات جميلات، يكن مصدر خير وبركة لأهلن، البنت الجميلة تعني المهر الكثير كعادة أهل جنوب السودان، قد جاء رجل القمر بملابس جندي من جنود الحكومة لا يهم أنه نفسه رجل القمر كما كانت تردد نساء القرية المجربات.. نهضت ميري وجمت الملابس التي جاءت بها تغسلها في النهر، حانت منها التفاته إلى شيء يتلامع على الأرض جوارها، كانت سلسلة ذهبية معلق عليها قلادة منقوش عليها اسم باللغة العربية ومفتاح، وحملتها ميري بلهفة وعلقتها على جيدها الأسمر الجميل ومشت تترنح في نشوة صوب القرية.. حدث ذلك في منتصف الخمسينات من هذا القرن!.
    * * *
    عندما ولدت ميري ابنتها يار، شهق الجميع من الدهشة، كانت طفلة خلاسية غاية في الجمال أخذت هذه الطفلة تكبر وتترعرع بين أترابها وجمالها يزيد ويتوهج ويلتف حتى غدت مزيجاً رائعاً بين الكاكاو وذات قامة ممشوقة كأشجار الأبنوس، وعند بلوغها الخامسة عشرة ذاع صيتها بكل مكان، يار الجميلة بنت رجل القمر، تقاطرت وفود الخطاب، وارتفع مهرها حتى صار ألف بقرة وجدها فرنسيس يساوم في اقتدار وأمها ميري تنظر إليها في فخر واعزاز.. تزوجها أخيراً عثمان دينق ابن سلطان (2) قبيلة دينكا ولياب، تزوجت يار من عثمان وعاشا سعيدين في العهد الذهبي للسودان في السبعينات وبعد أن أطفأت اتفاقية أديس أبابا* نار الحرب الأهلية في البلاد.. ولدت يار ابنها الأول بيتر وفي منتصف السبعينات ثم ولدت بنتها فاطمة وتريز لاحقا.. ومضى الزمان هكذا ليطوي الصفحات المشرقة وينفجر الوضع مرة أخرى في الجنوب بشكل أكثر قسوة نتيجة لعبث السياسيين القذرين.. اشتعلت النار مرة أخرى في منتصف الثمانينات وبدأت حركة نزوح تجري للأهالي في كل الاتجاهات ولأول مرة يتنازع عثمان مع زوجته يار، فقد اختارت يار الاتجاه شمالاً واختار عثمان الاتجاه جنوباً وقد حسما الصراع بينهما، أخذت يار ابنها بيتر ورحلت صوب الشمال إلى مدينة أويل حيث خط السكة الحديد والقطار الذي يقل الناس شمالاً، أما المنكود عثمان اختار السفر جنوباً والعبور إلى الحدود اليوغندية مع ابنتيه للأسف قتله المتمردون اليوغنديون هو وابنتيه وعلقوهم على الأشجار وقد شاهد ذلك بعض النازحين شمالاً وأخبروا يار بموت زوجها وابنتيه، بكت يار بكاء مراً في محطة القطار في أويل وكان بيتر المسكين ينظر إليها في إشفاق.. ووضعت وجهة بين كفيها ونظرت إليه بعينيها الواسعتين الدامعتين ورددت في إصرار.
    - بيتر !! لا تكن غبياً كأبيك عليك دائماً بالقطار الذي يتجه شمالاً.
    - نعم يا أمي سأفعل ذلك دائماً ما حييت.
    تحرك القطار من محطة أويل ينؤ بحملة النازحين، كأن الحظ أراد أن يبتسم ليار و ابنها مرة أخرى، شاهدهما سائق القطار محمد عثمان ومعاونه سيد أحمد يجلسان وسط أكوام النازحين.. يبدو أنه نداء الدم، تفضل عليهما الرجل الطيب الركوب في العربة الخاصة بالسائقين في مقدمة القطار بينما ركب جميع النازحين من مختلف القبائل والأعراق في العربات الخلفية للقطار.. ظل القطار ينهب الأرض في رحلته الطويلة وبعد مسيرة مضنية وصل القطار مدينة الضعين (3)، هناك أطلت مأساة بشعة بوجهها القبيح كان أحد المتنفذين الحزبيين يشعل الفتن والنعرات القبلية بين قبائل الغرب والجنوب ونتج عن ذلك أن قام المستوطنون بإحراق عربات القطار التي تعج بالنازحين.. جاهد السائق محمد عثمان في إنقاذ ما يمكن إنقاذه بفصل العربات المحترقة والانطلاق بالقطار.. نجت يار وابنها من المجزرة بحكم تواجدهما في المقدمة واستانف القطار رحلته، أخذت تظهر حواضر الوسط والشمال أمام يار وابنها كالأحلام.. أخيراً جاءت الخرطوم.
    * * *
    في معسكر البانيتو (4) الذي يقع شمال محطة القطار في مدينة الخرطوم بحري حيث يفصل شريط القطار بين الجنة والنار، الجنة التي تمثلها الأحياء الفارهة الصافية وشمبات، والجحيم الذي يمثله معسكر النازحين المصنوع من الصفيح والخيش والجولات استقرت مع ابنها بيتر، كانت تقوم بزيارات يومية للأحياء الفاخرة، تغسل الملابس وتنظف البيوت وتعود عند الغروب منهكة تعد طعام الغداء من الطعام الذي تجود به ربات البيوت الطيبات في تلك الدور الجملية وتجلس في انتظار عودة ابنها من مدارس رومبيك (5).. وهكذا كانت حياة يار وبيتر، كما حكاها بيتر الرجل الغامض الذي التقاه يجلس بمقعد في شارع النيل الظليل في الربع الأخير من الثمانينات.. وجده بيتر يحمل كراسة وقلم يكتب شيء ما.. لعلها أقوال شاهد إثبات (9).
    * * *
    إن السكن في معسكرات النازحين التي لا تعيرها الحكومة التفاتاً شكل مأساة حقيقة ليار الجملية وابنها المسكين، ظلت تعاني من التحرشات عندما تعمل في تلك القصور الفخمة في الجوار.. بدأ الهزال يدب في جسدها وجمالها يذبل تدريجياً وفي زمهرير شتاء يناير البارد كانت تسعل وتبصق دماً، حز ذلك في نفس ابنها، ترك المدرسة ومضى يغسل السيارات في شوارع الخرطوم، جلست يار في البيت تعاني المرض العضال، ذبل كل شيء فيها، فقط بقيت عيناها الجميلتان تنظر بهما إلى ابنها الذي يعود عند الغروب محملاً بالطعام والدواء، في ذلك اليوم غسل بيتر سيارة الطبيب عصام وأخبره بقصة أمه المريضة.. طلب الطبيب منه أن يحضر أمه عنده في المستوصف وأعطاه كرت الزيارة، فرح بيتر بالكرت الذي سيضع حد لآلام أمه، كان الطبيب فلسطيني يعمل في مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني (6) جوار حديقة القرشي في مدينة الخرطوم.
    * * *
    نزل بيتر من الحافلة التي أقلته قرب المعسكر.. كان الوقت عصراً، عاد مبكراً اليوم ليزف لأمه الخبر السعيد.. في المعسكر كان ينتظره شيء آخر!! أكوام من النسوة الثاكلات أمام كوخهم.. إذاً رحلت أمه يار دون أن تودعه طفح الدمع في عينيه مدراراً، شاهده الأب لوقا وبعض الأصدقاء الطيبين ينسحب القهقري، ناداه الرجل واحتضنه وحمل الجميع الجثمان إلى الكنيسة المصنوعة من الأخشاب عند الطرف الشرقي من المعسكر، هناك تمت مراسم الدفن، وجلس بيتر يبكي عند قبرها كثيراً، اقتربت الأخت ماجوري وأعطته آخر وصايا أمه السلسلة الذهبية والقلادة والمفتاح وسوار ذهب في خرقة من القطيفة القذرة، أخذ أشياء أمه الراحلة وشكر الأخت ماجوري وأنسحب من المعسكر مع أشعة الشمس الغاربة وقف عند شريط القطار، كان القطار يتهادى خارجاً من المحطة في طريقه إلى الشمال في منظر اعتاده مراراً.. ولكنه اليوم يختلف تماماً، اعتملت في نفسه الجريحة أفكار سوداء، " هل يلقي نفسه أمام القطار ؟! أم يستقله ويرحل به شمالاً".. جاءه صوتها الحالم مع نسمات الغروب "بيتر لا تكن غبياً كأبيك.. عليك دائماً بالقطار الذي يتجه شمالاً". ترددت أصداء كلماتها في نفسه مراراً والقطار يقترب ويتخطاه مضاعفاً سرعته، ركض خلف القطار وتعلق بآخر عرباته وصعد على سطح القطار المكتظ بأفواج المسافرين.
    * * *
    على سطح القطار، قطار الشمال المتجه إلى حلفا كانت الدنيا تتبدل وتتغير أمام عيني بيتر الحزين، بدأت تظهر الصحاري والرمال، أشجار النخيل.. إنه السودان ذلك البلد العجيب. "كيف يتباين بهذه الصورة؟!" غابات دائمة الخضرة في الجنوب صحراء قاحلة في الشمال وتوالت حواضر الشمال كأنما كان يقلب البوم صور، مدينة شندي المزدهرة بالتجارة مدينة عطبرة التي تسبح في الأضواء وهي أشبه بمدينة بريطانية في قلب أفريقيا، مدينة أبو حمد النقطة التي يعبر منها القطار إلى الصحراء الموحشة عبر محطات خلوية إلى مدينة وادي حلفا عند بحيرة السد العالي في الحدود السودانية المصرية.. كان هذا التباين في المدن التي يمر بها القطار مثار دهشته.. لهجات كثيرة يتحدث بها الناس لا يعرفها، لغة عربية مكسرة لتتداول بين الغرباء، تمكن بيتر من صنع صداقات عابرة مع عدد من المسافرين، طلاب يذهبون للدراسة في مصر جنود يذهبون إلى زويهم، تجار من دارفور يخبرونه عن النهب المسلح في غرب السودان وتداعياته الأمنية، نساء مسنات يشركنه في زادهن.. إن القطار عبارة عن مدينة متحركة، تتشابك في العلاقات الإنسانية وتتعقد يتبدل الناس تباعاً، إنه شيء أشبه بالحياة.. تتخذ صديقاً فينزل ويودعك في المحطات التالية، هكذا رحيل دائم، "كما فعلت أمه يار!!" بعد رحلة مضنية ومثيرة وصل إلى مدينة حلفا ليلاً وكأنما ناداه الحنين إلى الغابة اتجه نحو المزارع على ضفة النيل هناك تعرى عن ملابسه وقفز إلى النيل سابحاً إلى جزيرة وسط النيل ،خرج من الماء وتمدد على رمال الجزيرة .. شعر بالجوع.. تلفت حوله.. إنه ابن الغابة ،فقد اعتادت الغابة إطعامه في الجنوب.. شاهد ثمار (10) حمراء ملونة صغيرة لنبات بري ينتشر حوله، أخذ يقطفها ويأكلها كان لها طعم لاذع لا ينسجم مع منظرها الجميل، ظل يأكل بنهم وفجأة شعر بخدر يسري في جسده وأنفاسه تتلاحق "تباً لهذه الثمار!!" قذف بها بعيداً ثم شهق وسقط على الأرض ينتفض من الحمى وراح في غيبوبة عميقة، كان آخر ما شاهده طيف رجل يقترب من البعيد ..
    * * *
    فتح عيناه ببطء شديد وشاهد السلسلة الذهبية تتأرجح أمام ناظره ووجه طيب لرجل ذو لحية بيضاء مصقولة وعينان زرقاوان ينظران إليه بحب عميق وسمع بيتر صوت الرجل يتحدث بلهجة قبيلته المحلية في الجنوب لهجة الدينكا.
    - من أنت ؟! ومن أين حصلت على هذه القلادة ؟؟
    تحدث بيتر بصعوبة ولكن كان يبدو عليه الارتياح.
    - اسمي بيتر عثمان دينق وهذه القلادة أعطتني لها أمي يار وقد ورثتها عن أمها ميري التي أهداها لها رجل القمر (8).
    - رجل القمر !!
    - أخبرتني عنه الجده ميري بأنه رجل جاءها بملابس الجنود فنام معها وانجبت منه أمي يار.
    شعر بيتر بأن هناك شيء كالأمطار يتساقط على وجهه، إنها دموع الرجل الجليل الذي ردد في لهفة.
    - أين أمك يار ؟!
    - ماتت في معسكر البانيتو للنازحين بالخرطوم بحري… بالدرن.
    انقض الرجل على بيتر يحتضنه ويبكي بحرقه.
    - آه يا با ابنتي يار .. يا آآ آر..
    أخذ بيتر يجتر بالمأساة للرجل الطيب الذي جلس جواره في سرير المستشفى بعد أن استعاد وعيه وبدأ يتبين الوجوه الطيبة الملتفة حول سريره ينظرون إليه في إشفاق ويتحدثون بلغة لا يفهمها ولكنها ليست العربية..
    أردف الرجل:
    - ماذا كانت تعمل يار ؟
    - تغسل الملابس وأشياء أخرى الـ …
    - ممممم .. لا حول ولا قوة إلا بالله ..
    - ما كان يحزنني ذلك لأنها كانت تفعله من أجلي ..
    - نعم يا ابني أمك كانت عظيمة، يرحمها الله .. إنها الحرب البشعة !! بالنسبة لك يا ولدي انتهت الحرب ستعيش معنا هنا وتدرس في المدرسة عندما تخرج من المستشفى.
    تنفس بيتر الصعداء وأغمض عينيه ونام مرة أخرى في سكينة يشوبها الارتياح..
    * * *
    في الصباح الباكر، كان بيتر يسير مع أقربائه الجدد في طريقه إلى المدرسة يتحدثون بلهجتهم العجيبة التي لا تشبه لهجته وأيضاً ليست بالعربية، يبدو عليهم أنهم فرحون بوجوده بينهم ،أخذ الجد عبدالجليل يشرح له معالم المدينة الوادعة، حلفا القديمة.. كان ينظر إلى أشجار النخيل الباسقة ويقارنها بغابات التيك والمهوقني في الجنوب، ينظر إلى الأرض الصلعاء والرمال من حوله ولا يجد فيها شبه لإعشاب السافنا الغزيرة، الهدوء العام الذي يسود المدينة إلا من ضجيج السيارات الذي يذكره الخرطوم أو هدير البواخر تمخر عباب البحيرة، بحيرة ناصر، تقل المسافرين إلى مصر شمالاً.. لا صدى أبداً لطلقات الرصاص أو الإنفجارات والقرى المحترقة التي علقت بذاكرته منذ الطفولة البعيدة "هنا في الشمال لا حزن لا دمع سائل ولا ليل ولا هم طائل " (11).. كأنما قرأ الجد عبدالجليل أفكاره انبرى له قائلاً:
    - نعم بيتر.. لا توجد حرب هنا.. ولكن هناك الأسوأ الفيضانات والسيول المدمرة التي تقضي على الحرث والنسل.
    أومأ بيتر موافقاً.
    - هو كذلك يا جدي، لكل مكان في بلادنا الحبيبة آفاته الطبيعية ولكن الحرب من صنع الإنسان!.
    - نعم صدقت يا بني .. باللعار !!!
    عند محطة القطار شاهد بيتر بعين دامعة القطار قادم يتلوى من بعيد، تنهد في أسى وردد في نفسه الجريحة "ليت الموت أمهل أمي يار.. حتى تستقل معي قطار الشمال الأخير".
    هوامش:
    * الحرب الأهلية في جنوب السودان.
    (2) ملك أو سلطان.
    (3) أحداث الضعين : فتنة أشعلها أحد النواب بين قبائل الجنوب وقبائل كردفان.
    (4)معسكر البانتيو: اسم معسكر النازحين في الخرطوم بحري ،بانتيو مدينة في جنوب السودان.
    (5) مدارس رومبيك: مدارس فتحت في الخرطوم لاستيعاب الطلاب النازحين من الجنوب، رمبيك مدينة في جنوب السودان.
    (6) الهلال الأحمر الفلسطيني: كان موجود جوار الحديقة ذلك الزمان.
    (7) اتفاقية أديس أبابا 3 مارس 1972م أوقفت نزيف الحرب في الجنوب.
    (8) رجل القمر : أسطورة من تأليف الكاتب.
    (9) أقوال شاهد أثبات: ديوان شعر للفيتوري.
    (10) نبات السيكران: نبات بري سام يكثر في الجذر على النيل وضفافه.
    (11) أغنية صابرين للمطرب الراحل / مصطفى سيد أحمد.

                  

07-31-2010, 09:22 AM

othman mohmmadien
<aothman mohmmadien
تاريخ التسجيل: 12-13-2002
مجموع المشاركات: 4732

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    Quote: "انا لا اخجل من نفسي حين اعري عورات وطني والعيوب التي تنفر منه..لانك اذا لم تتطهر امام نفسك ستظل النجاسة تغمر دواخلك مهما استخدمت من ماء وصابون"


    لك التحية أخي الفاضل عادل .... ووفقك الله العلي القدير ...
    يا عادل في عهد صارت فيه المحاسن السلطانبة ملمحا ... في عهودنا الحالية بعد أن كان في تراث عهودنا القديمة ... ووجبات دسمة متخمة من النفاق تقدم ... صرنا لا نثق في شئ ومزقنا فاتورة الانتماء لأي شئ ... والشك في الهوية صار ديدن لنا .... إلى من ننتمي ومن نحن وإلى ماذ ندعو ... هل يا ترى سنتعامل بمبدأ .."لأن تأكلها الأسود خير من أن تأكلها الذئاب" ... رحم الله قائل هذه العبارة العم نور سعد ...

    الأدب لا يتطلب مجاملة حتى لا يبدو موارباً أو كما قيل "تحت مسمى المجاملة ينبت الأدب الموارب" ... الأدب الذي لا يقول الحقيقة .. ولا يعكس صورة مبدعه ويكون جزء منه ومن عصره ويكون صادقاً منصفا للآخرون رغم عللهم ليس بأدب....
    فلا تخجل من نفسك ... لا تخجل أبداً ... وتعرية الوطن والعيوب التي تنفر منها الأنفس الفطرية السليمة ...

    وفقك الله يا عادل ...،،،
                  

07-31-2010, 09:27 AM

othman mohmmadien
<aothman mohmmadien
تاريخ التسجيل: 12-13-2002
مجموع المشاركات: 4732

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)

    Quote: تحياتي وتقديري لك ولصاحب البوست المحترم

    ولك التحية والتقدير العظيمين أخي الفاضل/ صديق عبد الجبار ...
                  

07-31-2010, 10:26 AM

عبدالأله زمراوي
<aعبدالأله زمراوي
تاريخ التسجيل: 05-22-2003
مجموع المشاركات: 744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)

    تُشكر أخي عثمان على هذا الخيط.

    أنا محظوظٌ جدا حيث أن الكاتب الزميل
    أ. عادل أمين كنت أحلس البارحة
    بجواره، وتفضل مشكورا بإهداء نسخة
    من قطار الشمال الأخير وبدأتُ في
    القراءة وتوقفت بفعل سلطان النوم.

    وسأعود حتما إنشاء الله بعد إتمام
    الكتاب لأحدثكم عن فصوله وقصصه
    المشوقة...
                  

08-01-2010, 05:51 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: عبدالأله زمراوي)

    Quote: وسأعود حتما إنشاء الله بعد إتمام
    الكتاب لأحدثكم عن فصوله وقصصه
    المشوقة...

    الاخ العزيز عبدالاله زمرواي
    تحية طيبة
    وطبعا النقد هو الوجه الاخر للكتاب
    وفي جبد الحسناء يستحسن العقد
    اما سؤالك لي في الاحتفالية امس
    لماذا انا جنوبيا هوايا؟؟
    في هذا الامر الحديث ذو شجون.....
    Quote: كنت اخرج عصرا ذات يوم من العمارة التي تسكن فيها شقيقتي مع زوجها في ضاحية شمبات الاراضي..ومعى طفلتيهماملاذ وضحي وكانو قد عادو من امريكا حديثا سنة 1988
    نسير نحو شريط القطار جنوبا حيث يوجد معسكر للنازحين من ابناء الجنوب بفعل حروب داحس والغبراء التي اوجدتها النخبة السودانية وادمان الفشل عبر السنين..

    عندما نجلس هناك يقترب مننا بعض اطفال المعسكر باجسادهم النحيلة وكروشهم المتدلية وعيونهم التي تلمع ذكاء..تماما كعيون الراحل المقيم د. جون قرنق
    وسالتني ضحي:
    - لماذا يقيم هؤلاء هنا؟
    _....
    - من اين جاءوا؟
    -...
    _ لماذا بيوتهم من الخرق؟
    - ....
    فتحت اسالة ضحى جروح عميقة في نفسي وانتابني احساس بالعار لم ينتهي حتى الان.. اقاومه باستمرار بالكتابة..والكتابة عن معاناة الجنوبيين عبر خمسين عاما من ادمان الفشل وبدوافع انسانية بحتة فالمثقف عليه ان يشخص الازمة والسياسي عليه ان يحلها
    ***********
    مضى ذلك الزمن وجاء ما هو الاسوا..اجهضت مبادرة السلام السودانية 1989 التي خرج لها كل سكان المعسكرات و احلام موسم الهجرة الي الجنوب.. بسبب الفهلوة والاستهتار ليس الا..
    وغادرت وضحى السودان هاجرت انا الي اليمن وهي الى ماليزيا،بدون اسف سنة 1991 ولم نلتقي حتى الان..ولا زالت اسالتها المحرجة في حاجة الى اجابة..ليس مني بل من نخبة السودان القديم... واالبورد
    واضيف سؤالي
    لماذا تعاملت نخبة السودان القديم وادمان الفشل مع اتفاقية نيفاشا بهذا الاستهتار؟؟...هل جرب احد مترفو احزاب السودان القديم اوالحزب الحاكم العيش لمدة عقدين في بيوت الخيش...التي لا تصرف حر الشمس او زمهرير الشتاء وتحت جحيم الغاز المسيل للدموع وكشات الشرطة.....الجنوبيين المساكين. قامو باكبر استفتاء للوحدة بارجلهم عبر قطار الشمال وجاءو بالملايين الي الخرطوم ومدن الشمال المختلفة..وظلو يعيشون في هذه المعسكرات القبيحة في جمهورية العاصمة المثلثة.... فقط ...لان الموت لم ياتي بعد...
    اني اليوم...اضع نفسي مع نيفاشا لانها اسعدت الدكتور جون قرنق والجنوبيين وليس من الضرورى ان اكسب ماديا من ذلك، اكثر من التخلص من عار الاسئلة المحرجة التي سالتنى لها ضحى .. فالمسيح عليه السلام يقول(ماذا يفيد الانسان اذا ربح العالم وخسر نفسه)
    فمن منكم شاري لنفسه ومعتقها من النار ؟؟
    فالسياسة علم والادارة علم..والاقتصاد علم..والمسؤلية تمتد بين دارين..وعدم التشويش من احزاب السودان القديم والالتزام الحرفي والاخلاقي للحزب الحاكم بكافة العقود والاتفاقيات الموقع عليها هو المخرج الاخلاقي الوحيد لاهل البروج في السودان القديم ..اللهم هل بلغت اللهم فاشهد


    .........الجنوبيين...... واسألة البنت " ضحى "المحرجة !!!!
                  

08-01-2010, 05:56 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    شوارع الخرطوم
    - كانوا سبعة أو ثمانية .. لا أدري ولكنهم كانوا سبب تعاستي.
    قال صديقي حمدان ذلك بمرارة شديدة وقد اجتاح وجهه ألم عميق، نظرت إليه في اشفاق وقد تصبب جسده عرقاً وسرح بخياله بعيداً إلى نقاط مظلمة في الماضي ثم أردف.
    - عثمان.. اعتقد أنك الوحيد الذي سيفهمني.
    - نعم يا صديقي أنا لم أحضر هنا لأزجاء الفراغ.
    كانت تجمعنا أن وحمدان وبعض الأصدقاء علاقات متينة منذ أيام الدراسة، نحن أبناء جيل واحد، الآن وقد شارفنا العقد الخامس، وتفرقت بنا سبل الحياة، صرت أنا مدير مدرسة وكان حمدان مقدم في الشرطة، هزني ما قرأته عنه في الصحف والظروف الغامضة التي أحاطت بتركه العمل، رغم علمي أنه من أكثر رجال الشرطة استقامة، تناولته الصحف المأجورة في الصحف الحزبية وغير الحزبية ونهشت في عظمه حتى أصيب بانهيار عصبي، ظل يعاني منه حتى بعد خروجه من المصحة وبقائه في منزله الكائن بالشعبية بالخرطوم بحرى..
    انقطعت عني أخباره حقبة من الزمن كنت معاراً في سلطنة عمان وفور عودتي إلى السودان واجهتني تلك القصة "استقالة المقدم حمدان" التي لا زال يكتنفها الغموض حتى الآن، حمدان الذي لا يثق في أحد غيري اعتكف في منزله وطلق زوجته عواطف وأخذت معها الأطفال الأربعة، وأن أعرف يقيناً مدى حب حمدان لزوجته واطفاله، حمدان كتاب مفتوح بالنسبة لي منذ أيام الدراسة ، يتقمص شخصية رجل الشرطة الأمين، انخرط في صفوف الشرطة منذ سنين بعيدة وجاب أرض السودان طولاً وعرضاً وترقى في الدرجات حتى وصل رتبة مقدم.. ماضيه معطر بالأمجاد و النزاهة، لكن في هذا الزمن الأغبر تنطمس الحقائق، طافت بذهني تلك الذكريات وأنا احدق في وجه صديقي الممتقع وأصابعه المرتعشة، ابتسمت له مشجعاً.. يبدو أن حضوري أشاع في نفسه الطيبة الحبور وبدأت عيناه تستقران بعد أن كان يتلفت كالمذعور .. وأردف:
    - كما قلت لك كانوا سبعة .. لكني لا أعرفهم كلهم .. اعرف فقط آدم.
    - من هؤلاء يا صديقي ؟‍‍‍‍‍‍
    - أنت أيضاً لا تعرفهم، لك العذر غبت فترة طويلة عن السودان.
    - من تعني بهؤلاء؟
    تراجع حمدان على مسند الكرسي الوثير في صالون منزله الهادئ وأغمض عينيه اللتان كانت تتلامع فيهما دموع قديمة لم تجف، بدأ يعود بذاكرته إلى الماضي.. كان صوته ينساب رتيباً ممزوجاً بدقات بندول الساعة الجدارية وكأنما الزمان عاد بنا إلى الوراء إلى جذور المشكلة الحقيقية التي يعرفها حمدان وحده.. ظل سرده متواصلاً كان يتلو عريضة دفاع أمام محكمة عادلة..
    * * *
    - بحكم عملنا بالشرطة كنا نعرفهم .. أحياناً تجدهم يتحركون جماعات وأفراد يهيمون كالطيور في شوارع الخرطوم.. دخلوا الدنيا بدون شهادة ميلاد، في الخريف عندما تهطل الأمطار الغزيرة يختبئون في الخرائب وفي الشتاء القارس لا يجدون غير المجاري القديمة وفي الصيف يجوسون تحت الشمس الحارقة، يمارسون أعمالً ########ة لا تعترف بها الدولة. ماسحوا أحذية. غسيل سيارات ونشالون ولصوص.. قتلة ومع كل هذا كان لهم عالمهم المدهش، ذلك العالم الغريب الذي قادتني إليه الظروف القاهرة وطبيعة العمل فولجت فيه ولكن بزاوية مختلفة عن تلك التي تفرض علينا في التعامل مع هؤلاء.. أنت تعرف جيداً أنني أعمل في الشرطة منذ أيام الانجليز وكنا نعرف شعار الشرطة في خدمة الشعب، كل الشعب وإن الشرطة هي يد العدالة النظيفة.. هذا ما تعودنا عليه خلال عملنا في السلك العسكري.. لكن هذه الأيام التبست الأمور وبدأت القاذورات تحيط بنا من كل جانب.. سكت حمدان برهة ثم أخرج سيجارة واشعلها مع علمي السابق أنه لا يدخن ومن خلال سحب الدخان انتظرته أن يستأنف وقد بدأت تروقني القصة.
    - هل تعرف وزير التجارة السابق.. والحادث الذي جرى لابنه المدلل نادر؟
    - نعم قرأت في الصحف "قتل نادر بن الوزير في ظروف غامضة وجد مطعوناً بمدية في إحدى الخرائب وقد قام القاتل بتجريده من ملابسه ونقوده وتركه جوار سيارته المرسيدين وهرب.
    - نعم .. ولكن هناك شيء أغفلته الصحف عمداً، كان هناك مخدرات في السيارة وأن هذا الولد المدلل كان مدمناً وقد ساقه حتفه إلى تلك المنطقة الخطرة التي لا يؤمها انسان سوى…
    - هل تعرفتم على القاتل؟
    تنهد حمدان وقد اكتسا وجهه بالألم الممض لذكرى تلك الليلة المزعجة.
    - نعم قتله الزعيم.
    نظرت إلى صديق بدهشة عندما نطق هذا الاسم بفخر واعتزاز ثم اردف
    - أنت لا تعرف الزعيم أيضاً‍‍
    أغمض عينيه مرة أخرى وأشعل سيجارة مرة أخرى وبدأ ينفث الدخان في عصبية وواصل حديثه المدهش الممزوج بدقات بندول الساعة.
    - زعيم امبراطورية المتشردين.. هل تصدق أن ذلك العالم السفلي كانت له نظمه وقوانينه وقيمة أيضاً، كما قلت لك أن هذه الجريمة شغلت الرأي العام ووضعتنا نحن رجال الشرطة في موقف حرج، كان لا بد من الحصول على القاتل وبأي ثمن، ظل الوزير الثائر يأتي إلينا كل يوم في المخفر وأحياناً برفقته وزير الداخلية نفسه فهو يمت له بصلة قرابة، الأمر الذي اضطر بعض الزملاء وبتحريض من وزير الداخلية نفسه أن نحاصر هؤلاء، ليتك تعلم الوحشية التي يتم بها اعتقال هؤلاء التعساء ومطاردتهم في الشوارع وضربهم بالعصى الغليظة أمام المواطنين، كانوا يفرون كالفئران المذعورة.. هذا الشيء الذي يسمونه "الكشة"* وضرب المتشردين بعصى كأذناب البقر لا أطيقه، كنا نعتقلهم في جماعات.. إذ لابد من العثور على القاتل، لا بد من إرضاء الحكومة وأن تقوم الشرطة بواجبها على أكمل وجه، ظل الضرب يتواصل داخل المخفر ولا أحد يقر بالقاتل حتى جاء ذلك اليوم ! !وللصدفة المحضة اعتقلنا مجموعة آدم. كانوا سبعة، أحدهم يرتدي نفس السترة الفارهة للمجني عليه وتم التعرف عليها بواسطة والد القتيل الذي انهال صفعاً وركلاً على الغلام. كان المتشرد يصرخ أنه بريء وأنه اشترى هذه السترة من شخص ما، كنت في قرارة نفسي وبحدس الشرطي موقن ببراءة هذا الغلام. رفض الجميع الإدلاء بأي معلومات عن القاتل الحقيقي، ظلوا ينظرون إلى بعضهم البعض في تحدي، لا أحد يعترف وتم اطلاق سراح المجموعة عدا المشبوه الذي أودع الزنزانة، وامتلأت الصحف تشيد بالدور العظيم لرجال الشرطة وحفاظهم على الأمن، ولكن هناك جرائم أخرى تغفلها الصحف عمداً. مثل الشاحنات المحملة بالسكر التي احتجزتها مجموعتنا في كمين في ضواحي الخرطوم. تنهد حمدان المغمض وقد اكتسى وجهه بالقرف والامتعاض.
    - تمكن طوف أمن يقع تحت دائرة اختصاصي من احتجاز أربعة شاحنات محملة بالسكر بدون أوراق ثبوتيه، وتم إحضارها إلى فناء المخفر، وضعت هذه القضية تحت إشرافي المباشر وكان هذا نصف الحقيقة التي لم تظهر وتجسد مأساتي.
    نهض حمدان وأنا أحملق فيه في دهشة واتجه نحو براد الماء وتناول كوباً وشرب كمية كبيرة من الماء، كأنه قادم من صحراء، ثم عاد وجلس على كرسيه واستند في تخاذل وهو يفتح علبة السجائر بأصابعه المرتعشة وأردف:-
    - طبعاً لا بد أنك أصبت بالدهشة لإنتقالي إلى قضية أخرى ليس لها علاقة بالقضية الأولى، دعنى أحدثك أكثر.. الحديث ذو شجون.. سأخبرك عن آدم الذي قلب حياتي رأساً على عقب.
    ظل حمدان يحكي في حزن بالغ، أنه كان يوماً يجلس على كرسي أمام المنزل مع أحد الزملاء الذي حضر بصدد قضية الشاحنات، أرسلته جهة خفية، اقترب منه أحد المتشردين مع عدة غسيل سيارات، كانت السيارة متسخة ولم يجد حمدان مانع من غسلها. اخذ المتشرد يغسل السيارة بهمة ونشاط غير آبه للحديث الخطير الذي يدور بين حمدان وزميله الضعيف أخلاقياً، لم يتنازل قط عن قراره بمصادر الشاحنات بما فيها. الشيء الذي أثار غضب زميله فنهض وانصرف غاضباً وهو يتوعده بالويل والثبور.. انتهى المتشرد من غسل السيارة واقترب منه ، كان حمدان غير مكترث يعبث في جيوبه باحثاً عن ورقة من فئة الخمس جنيهات يناولها المتشرد، كاد يصعق عندما خاطبه المتشرد باحترام بالغ.
    - سيادة المقدم حمدان.
    نظر حمدان في دهشة عميقة إلى المتشرد الذي يعرفه. لكن المتشرد لم يسعفه وأردف:
    - أنت لا تعرفني.. لكني أعرفك جيداً، أنا أحد الذين تم القبض عليهم في حادثة نادر ابن الوزير.
    نظر حمدان إلى المتشرد الذي أمامه، كان شامخاً يكاد يصل عنان السماء، أدرك حمدان بحسة البوليسي الناجح أن هذا الغلام يريد أن يخبره بسر خطير.
    ابتسم له حمدان في ود وطلب منه الجلوس، إلا أن هذا الغلام تمسك بأن يظل واقفاً واردف:
    إن الشخص الذي اعتقلوه بريء .. القاتل الحقيقي هو الزعيم وأنا مستعد لأن أقودك إلى مقره إن كنت ترغب في ذلك.
    حدق حمدان في المتشرد بدهشة، كيف تعترف الآن بالقاتل الحقيقي وفي المخفر رغم العذاب الشديد لم يعترف؟ تابع المتشرد حديثه الواثق.
    -إني أعرف سبب دهشتك، إني أعترف الأن بالقاتل الحقيقي لأن هناك بريء في السجن، اعترف لك لأدفع العذاب عن إخواني، إذا أرادت الذهاب الآن إلى الزعيم دعني أقودك بهذه السيارة.
    كان حمدان من الرجال المثاليين ويحب المبادئ كثيراً فلم يخف إعجابه بآدم الشجاع ونهض وركبا معاً السيارة التي انطلقت تشق شوارع الخرطوم الخالية وقد أرخى الليل سدوله.
    في الطريق أخبر آدم حمدان بكل أسرار حياة المتشردين، إنها امبراطورية عظيمة.. كانت قصه أدم انه من النازحين، حضروا إلى ضواحي أم درمان أيام الجفاف والتصحر الذي ضرب غرب السودان في بداية الثمانينات، كانت الحياة في معسكرات الجوع بين ذلك الحطام البشري لا تطاق، خرج آدم ورفاقه الستة ودخلوا مدينة الخرطوم من أطرافها، استقبلتهم الخرطوم السفلى والعالم المظلم بالركل والمعارك التي لا تنتهي، فأنت لا تدخل امبراطورية المتشردين إذا لم تكن مقاتلاً شرساً، تحت غابات الإسمنت كانت تقع معارك عنيفة الزعيم هو الأقوى، يخيف الجميع، حتى آدم فور وصوله نال منه علقة لم ينساها أبداً، تلك المعركة كانت بطاقة الدخول إلى عالم المتشردين، الزعيم قوي مفتول العضلات أحال وجه آدم إلى كتلة من الدماء وبعد اعترف به الجميع وبرفاقه الستة. ليست المعارك للنصر أو الهزيمة ولكنها وسيلة التعارف في ذلك العالم التعس. لم يكونوا مجرمين، فهم يمارسون المهن ال########ة مثل مسح الأحذية وغسل السيارات إلا القتل فهو ليس من طباعهم، أما الزعيم كما حكى لآدم فكانت لدوافعه العدوانية أسباب كثيرة وترسبات وجذور من الماضي فهو يكره عربات المرسيدس والذين يركبونها، وقد حكى الزعيم لآدم عندما نصحه بتسليم نفسه للشرطة حتى تطلق سراح صديقهم المسكين جاكسون الذي اشترى تلك السترة اللعينة.. حكى له أنه عندما كان صغيراً كان يرقد مع أصدقائه على الرصيف في ساعة متأخرة من الليل، دهستهم سيارة مرسيدس كانت منطلقة باستهتار، تنبعث منها رائحة الخمر والضحكات الماجنة، مات الجميع ونجى الزعيم ومنذ ذلك اليوم بدأ الزعيم رحلته مع القتل، عرف آدم أن الزعيم قتل البنت هند أيضاً التي لم يعرف قاتلها حتى الآن ونهب كل ما تلبسه من مصاغ وأنه لن يسلم نفسه للشرطة، إذا أرادوا فليأتوا ليأخذوه عنوة.
    * * *
    عندما اقتربت العربة من الضاحية الخطرة في هوامش مدينة أم درمان نبه آدم حمدان بأن لا ينزل من السيارة فالزعيم مجرم خطير وقد لاح يترنح عند طرف الزقاق، عندما لمح الزعيم السيارة اتجه نحوها وقذفها بزجاجة الخمر التي كان يحملها، كان ثملاً، تراجع حمدان بالسيارة وانسحب بسرعة تشيعه لعنات الزعيم وسبابه الفاجر.. كانت بداية التعارف بين حمدان وآدم هي الطريق الذي قاده إلى النور، في اليوم التالي تمكنت الشرطة من حصار وكر الزعيم، لم يكن حمدان يتوقع أن خطورة الزعيم تصل إلى أنه يمتلك مدفع رشاش، كانت معركة شرسة استشهد فيها أحد أفراد القوة ومات الزعيم أيضاً. ماتت أشياء كثيرة داخل حمدان، عرف حمدان ذلك الكذب العاهر الذي يتمسح بثوب العدالة، إن المجرمين الحقيقيين الذين تسببوا في موت هذين الشخصين يسكنون القصور العالية ويرتدون الملابس النظيفة ويتحدثون الأحاديث الناعمة وأنهم في الشرطة ليسوا سوى أدوات لتلك النفوس المريضة توجههم إلى حيث لا توجد رحمة ولا توجد عدالة. إن سكان العالم السفلي هم بشر مثلنا تماماً، ملابسهم متسخة وممزقة، قلوبهم نظيفة بيضاء، مستعدين لكافة أنواع التضحية، يدخلون دون شهادة ميلاد ويغادرون دون شهادة وفاة إلى جنة الله وعدالته التي لا تظلم أحد …
    دارت هذه الأفكار المضطربة في نفسه وهو يرى جثتين إحداهما لرجل شرطة مات أثناء تأدية واجبه ومتشرد يبحث عن حقه في الحياة، وفي المخفر تم التعرف على بقية المسروقات والساعة الفخمة التي يرتديها الزعيم كانت ساعة القتيل نادر.. ظهر القاتل الحقيقي ولم تذكر الصحف ذلك.. وفي ذلك اليوم المشهود عندما ذهب حمدان إلى المخفر بعد فراغه من تسوية قضية نادر. طلب منهم أن يعطوه ملف قضية الشاحنات الأربع، لم يجد الملف، تم شطب القضية مع تسويات كثيرة تمت خلف ظهره، لأن الشحنة تخص وزير التجارة نفسه وبمعاونة وزير الداخلية تم ترتيب كل شيء،" تباً لهم!" شعر كأن خنجراً انغرس في ظهره، أي عدالة هذه التي يتحدث عنها هؤلاء؟؟.. هل هي أن تسحق كل هؤلاء المتشردين من أجل موت غلام ماجن يستحق الموت؟؟!!.. يمارس والده أبشع أنواع الفساد، لم تكن الشرطة كذلك، كان يحدق في الملف الفارغ وقد اعتصره الألم عندما حضر الوزير إلى المخفر يحمل لفافة نقود، المكافأة الكبيرة لأفراد القوة الذين يشيعون الأمن في البلاد، لم يتمالك حمدان نفسه أخرج ورقة وسطر عليها استقالته وقذف النقود والاستقالة في وجه رئيسه وخرج.. عند بوابة المخفر ترامى إلى مسامعه صراخ جاكسون الذي كان لا يزال محتجزاً و رجلان من الشرطة يسحبانه من داخل الدهليز ..التفت حمدان إليهم وأمر الجنود بإطلاق سراح المتشرد الذي اندفع نحوه يصرخ بأنه بريء، حمدان يعرف ذلك وأنهم بصدد اطلاق صراحه الآن.. ربت على كتفه في ود أدهش جاكسون جعله يهذي كالمجنون وخرجا سويا إلى الشارع الذي كانت السيارات تتدافع فيه، أمره بأن ينطلق فهو حر. لم يصدق المتشرد أذنيه فأخذ يعدو بعيداً خلف أسراب الحمام وعاد حمدان إلى البيت في غاية الإعياء.
    * * *
    نهض مرة أخرى واتجه نحو البراد، تناول كوباً من الماء وعاد يجلس من جديد ونظر إلى صديقه وأشعل سجارة مرة أخرى وأردف.
    - لعلك تريد أن تعرف آخر فصول المأساة.. طلاقي من عواطف ..!
    بأن على وجه صديقي المعاناة التي بذلها في سرد قصته الشيء الذي جعلني متردداً في تركه يتابع السرد أم يتوقف، ولكن فضلت أن يستمر.
    - واصل إن كنت ترغب في ذلك.
    - إني أشعر بالراحة عندما أخبرك بكل شيء.
    - تماماً كما كنت تفعل في الماضي.
    تنهد حمدان وطفحت الدموع في عينيه.
    - كانت مشاكلي مع عواطف كثيرة ولكن مع ارتفاع الضغوط من وجهة الفساد والاحباط الذي يحيط بي من كل ناحية ومطالبه الكثيرة، فهي امرأة. وكل النساء يحملن بالثراء الفاحش والجاه حتى ولو كان على جثث الآخرين.. لم تفهمني عواطف اطلاقاً، رغم حبي العظيم لها وللأولاد كانت تنظر إلى الزملاء الذي يجللهم الثراء ونساءهم المكسيات بالحلي وتعيرني بالغباء، وإني لا أعرف من أين تؤكل الكتف وأني الوحيد في هذا البلد الظالم أهله الذي لا يعرف مصالحه. أطلق زفرة طويلة وطافت الدموع بعينه فقاطعته.
    - في هذا الزمن الكالح الإخلاص والأمانة تجلب العار لصاحبها.
    - نعم لقد جللتني الصحف بالعار وحاكو عني القصص والأقاويل عن تعاطفي مع المتشرين فخسرت كل شيء، عواطف والأولاد والوظيفة.
    انهار حمدان باكياً، تركه عثمان يبكي، إن الدموع تغسل الأشجان وعندما يبكي رجال الشرطة الذين يظن الناس أنهم قساة وغلاظ القلوب فإن ذلك ينبئ بخراب عظيم، ربت عثمان على كتف صديقه مواسياً.
    - خسرت كل شيء فعلاً، ولكنك ربحت نفسك، قال المسيح عليه السلام "ماذا ينفع الإنسان إذا ربح العالم وخسر نفسه".
    رفع حمدان رأسه ونظر إلى صديقه، كانت هناك بارقة أمل كبيرة تشع من عينيه وبدأت أنفاسه تهدأ ..إن الحديث عن المشاكل والهموم يذهبها ويزيلها خاصة عندما يكون الحديث مع شخص عزيز، ردد حمدان:- .. هل ترى ذلك؟
    - نعم حتماً ستعود عواطف والأولاد.. المسألة مسألة زمن، أما الوظيفة لدى صديق له شركة خاصة سأزكيك عنده ودعك من الحكومة واوزارها.
    نهض عثمان مستأذناً صديقه، خرجا سوياً إلى الشارع، كان هناك شاب أنيق يقف جوار سيارة حمدان.. أشار حمدان إلى الشاب أن يقوم بتوصيل صديقه إلى البيت.. كان ذلك الشاب آدم !!
    * * *
    انطلقت السيارة تشق شوارع الخرطوم ومن نافذة العربة نظر عثمان إلى هؤلاء الذين ذكرهم صديقه ، كانوا يتحركون في جماعات وأفراد يهيمون كالطيور، ينامون على الأعشاب في الحدائق العامة وفي الصالات أمام المتاجر الفخمة، فعلا" دخلوا فقراء إلى الدنيا وكما دخلوا منها خرجوا".

    الخرطوم 1988

                  

08-02-2010, 06:39 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    معسكر اللاسلكي
    ظل أزيز الطائرة الخافت ينساب على أذنيه ويترك أصداء مؤلمة على ذهنه المشوش "اللعنة.. تباً لتلك الرسالة العجيبة ضاع كل شيء..!!" أخبره شقيقه عاطف أن كل شيء ضاع جرفت السيول كل شيء. أخرج علبة الدواء وتناول قرصين وابتلعهما بصعوبة والرسالة الحزينة تدور في راسه. أغمض عينيه في استسلام ورجع بذاكرته إلى أيام الجامعة، عندما سئم الدراسة وشعر بعدم جدواها، تذكر أنه حضر ذلك اليوم ظهراً وجد كل الأسرة مجتمعة على الغداء.. كان "أسد البراري" يقف جوار العربة الكارو يعتلف البرسيم الأخضر ويهز ذيله في جزل، ذلك الحصان المخلص الذي كان معهم منذ أن فتحت أعينهم على الدنيا، يوم مشهود في حياة أحمد أعلن بكل إصرار أنه قرر ترك الجامعة، وقد عرض عليه رجل عقد عمل في السعودية، العقد بقيمة ألفي جنيه في ذلك الزمن الغابر، وافق والده على مضض، كان الحصول على مبلغ الفي جنيه تجربة شاقة "لأسد البراري" الذي عمل يوماً بأكمله من الصباح حتى منتصف الليل الشيء الذي أجهده وأصبح لا يستطيع الحراك لمدة ثلاثة أيام، أحزن ذلك أحمد، أخذه في اليوم الذي تقرر فيه سفره إلى النيل ليغسله كما كان يفعل في الماضي، اغتسلا معاً وعاد الحصان إلى البيت سعيداً منتشياً.
    لا زال أزيز الطائرة يطن في أذنيه" إذا مات أسد البراري..!!" كما ذكر أخوه في الرسالة " فتح عينيه في اعياء وقد غطتمها الدموع، كان الحصان جزء من أسرتهم المتواضعة التي تسكن ضاحية الدروشاب جنوب الخرطوم بحري.
    "جرفت السيول الصالون الذي بناه من كد قلبه، أخذت السيول والأمطار كل ما في المنزل وذهبت تاركة منزلهم أنقاض "..كان أحمد قد عزم على أن يأتي ليتزوج هذا العام .. لكن هيهات!! كارثة أخرى حدثت " تزوج التوم العرة شقيق تاجر العملة الكبير من مريم فتاة أحلامه منذ الصغر " تمت تسوية غريبة مع أبيها الفقير الحاج عبدالله، ذكرها عاطف في رسالته الطويلة " تباً لتلك الرسالة العجيبة!! " إذاً فلتأخذ السيول والأمطار كل شيء لم يعد محتاجاً إلى الصالون أو الأثاث" …
    " ماتت ابنة الجيران ميري بحمى المستنقعات..!!" ، ميري بنت عم دانيال جارهم الطيب وصديق أبيه، من ابناء الجنوب ويعمل في الجيش وكيل عريف والد صديقاه شاول وصمويل. كانت تربط بين الأسرتين كل المناسبات الجميلة، عم دانيال من أعز أصدقاء والده، جمعتهم عشرة عمر طويلة أيام الحلفاء والحرب العالمية الثانية تحصلا على قطعة أرض بصعوبة وتمكنا من البناء سوياً واقتسما الدار … "هرب صمويل وانضم إلى المتمردين..!!".. هذه الأخبار التي أرسلها عاطف كانت تدور كالكوابيس المزعجة في ذهنه المشوش والطائرة السعودية العملاقة تقترب من مطار الخرطوم.. أعلنت المضيفة عن وصول الطائرة مطار الخرطوم الغارقة في البلل.. وهبطت في سلام.
    * * *
    استقل عربة أجرة تشق به طرقات الخرطوم الموحلة التي لا زالت تعاني من كارثة السيول والأمطار، كان ينظر إلى المنازل المدمرة والألم يعتصره، انطلقت السيارة إلى الضواحي، عند أطراف مدينة الخرطوم بحرى عند محطة اللاسلكي،حيث كان معسكر النازحين.. نظر إلى الخيام البيضاء المنتشرة تحت أبراج اللاسلكي الضخمة كأنها أسراب حمائم حطت على الأرض " إذاً هذا هو معسكر اللاسلكي، كما ذكره عاطف".. أوقف السيارة ونقد السائق أجره، واقترب يشق الطرقات ، ظل الكل ينظر إليه بفضول، الشاب الموفور الصحة الذي حضر إلى المعسكر، تعرف على الخيمة التي تقيم فيها أسرته عندما وجد عم دانيال ووالده يجلسان على كراسيهما المعتادة يستمعان إلى الراديو، كما كانا يفعلان في الماضي ويلعبان الدومينو أيضاً، كان اللقاء خافلاً بالدموع، وخرجت والدته من الخيمة وكل الجيران يحيون العائد من الخارج، حضر عاطف واحتضن شقيقه وأجلسه داخل الخيمة، استلقى على الفرش وجلس عاطف الذي أدركه الهزال أمامه. نظر من الفرجة إلى عم دانيال الذي كان يستمع إلى إذاعة المتمردين في أسى وحزن بالغ..
    - مسكين عم دانيال.
    هز عاطف رأسه في أسى
    - منذ أن اتضم ابناه إلى (أس. بي. أل. أي) وهو لا يكل ولا يمل الاستماع إلى إذاعتهم. نهض أحمد جالساً في دهشة.
    - هل انظم إليهم شاول أيضاً ؟!
    - نعم رغم أن تلك لم تكن قناعته وأنت تعرف أنه كان يدرس القانون يؤمن بالعدالة وعندما حضروا إلى المعسكر، كانت الإغاثة تأتي من الخارج من مختلف الدول فيتم صبغها بالأديان هنا ، لم يحتمل ذلك واختفي كالمعتاد، عرفنا لاحقاً أنه مع المتمردين من خلال المذياع وكلما يأتي العصر يستمع عم دانيال إلى صوت ابنه شاول الذي يغطي البث الإنجليزي للإذاعة.
    تنهد أحمد في أسى ثم ابتلع قرصاً آخر من علبة الدواء وشقيقه يحملق في دهشة وأردف في امتعاض.
    - طريقه رديئة لعرض الأديان السماوية !!
    ثم تنحى منحى آخر مواصلاً حديثه.
    - كيف مات أسد البراري؟
    كانت الدنيا شديدة المطر وقام والدنا وبمساعدة "أسد البراري" بنقل كل الأسر التي تقيم في الجوار إلى شريط السكة الحديد، المكان الوحيد المرتفع الذي عصمنا من الماء في تلك الليلة وقد نفق من الإعياء، أحزن ذلك والدنا كثيراً، وقد قمنا بدفنه جوار هذا المعسكر لاحقاً .
    دمعت عينا أحمد ونهض ينظر إلى أخيه في أسى.
    - خذني إلى مكانه.
    نهض عاطف وخرجا من باب الخيمة واتجها غرباً نحو الشمس الغاربة، جلسا هناك تحت ظل شجرة سلم وأشار عاطف إلى مكان مرتفع تعبث به الريح.
    - هناك يرقد أسد البراري.
    تنهد أحمد بحرقة وقد احمرت عيناه وبدأت يده ترتعش.
    - كيف ماتت ميري ؟!
    - أصيبت بحمى المستنقعات وعندما انتقلنا إلى شريط القطار أمرت الحكومة بالابتعاد عن المنطقة ورفض المنكوبين ذلك، حضر رجال الاحتياط المركزي واطلقوا علينا الغازات المسيلة للدموع وماتت ميري مختنقة بالغاز، اشتبك صمويل مع الجنود، ضربوه ضرباً مبرحاً ومنذ ذلك اليوم لم يره أحد، انضم إلى المتمردين وكان ذلك قبل اجلائنا بصورة نهائية إلى هذا المكان.
    - اللعنة !! هرب كل أولاد عم دانيال وانضموا إلى المتمردين.
    - أنا أجد لهم العذر في ذلك، هذه ديماجوجية الأحزاب وليس ديموقراطية.
    نظر إلى أخيه في حنق، وهو يعرف أنه يساري وليس الوقت مناسباً الآن لإثارة جدل، إن داخله محطم تماماً، أخرج قرصاً آخر وابتلعه بأصابع مرتجفة.
    - وضاعت مريم أيضاً.. تزوجها التوم العاطل عن كل شيء، قريب تاجر العملة الثري.
    - نعم كان ذلك.. وأنا أجد آسف لك.
    - لا تأسف يا عزيز إنه زمن الكوليرا *
    حاول أن يخرج قرصاً آخر، نظر إليه شقيقه في امتعاض ممزوج بالحنق وصاح فيه بحدة.
    - انتبه !! ما هذه الأقراص اللعينة التي تناولتها وتتناولها كل لحظة منذ حضورك؟؟!!.
    - دعك منها .. اتركني وشأني.
    نهض عاطف وانقض على شقيقه محاولاً انتزاع علبة الدواء منه، تشبث أحمد بالعلبة وأفرغ الأقراص كلها في قبضته، كانت المعركة غير متكافئة بين أحمد الموفور الصحة القادم من السعودية وعاطف الهزيل المنهك بحمى المستنقعات، التف كالثعبان على شقيقه يمنعه من بلع الأقراص دفع أحمد شقيقه بعيداً وابتلع كل الأقراص انقض عاطف وهو يصرخ صراخاً هستيرياً على جسد أخيه الذي كان يختلج بشده وخيوط رفيعة من الدم تنساب من أنفه وفمه.
    تجمع أهالي المعسكر من كل حدب وصوب، ينظرون في فضول حزين إلى الزائر الغريب الذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة وشقيقه جالس جواره ينتحب بحرقة.. سكن جسده أخيراً نهض عاطف واطلق صرخة دواية رددت صداها جنبات المعسكر.. انفض الأهالي الطيبون.. أهالي الدروشاب عرب، نوبه، مسلمين، مسيحيين بسطاء كالثوب الأبيض كالخيام البيضاء التي تغطي الأرض جوار محطة اللاسلكي، وأسدل الستار على حكاية الزائر الغريب الذي حضر من السعودية مات في السودان في معسكر اللاسلكي.
    الخرطوم 1988

                  

08-03-2010, 04:42 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    الطاووس
    قد ينتقل الإنسان في كفاحه من أجل البقاء في مهن مختلفة تتفاوت هذه المهن بين ما يحتاج لمجهود عضلي وأخرى تحتاج لمجهود عقلي أو كليهما . هناك مهن تقود الإنسان للتعامل مع الآلات الصماء الميتة إلا من الضجيج المنتظم الذي تصدره هذه الآلات في المصانع والمعامل .. مهن أخرى تتعامل مع الجمهور .. هذا النوع الأخير الذي يتعامل مع الكائنات الحية ..مع أسوأها على الإطلاق .. البشر !! هو الذي يستهويني تماماً .. لماذا ؟ لأني منذ الصغر شغوف بتعرية الإنسان من الداخل والتعمق في التحليل السلوكي وغيره .. هذه الهواية القذرة جعلتني عديم الأصدقاء إلا من القليل منهم الذين أحبهم كثيراً رغم انتقاداتهم المرة لي واتهامهم لي بسوء الأدب مع الناس الذين يكونون في نظرهم محترمين وفي نظري غير جديرين بالاحترام ، نسوق إليكم القصة التالية كشاهد على ذلك .. عملت يوماً في أواخر الثمانينات في وظيفة مؤقتة بمكتب القبول بالخرطوم .. هذا المكتب يقوم بتنسيق وتوزيع كافة الطلاب الناجحين من مختف من مختلف مدارس السودان إلى الجامعات والمعاهد العليا في الداخل والخارج .. كان عملي مساعدة لأولياء امور الطلاب بملئ استمارة القبول بالطريقة الصحيحة ، كنت مختص مدارس الكمبوني * فأضحى هذا العمل مفتاح المرور للتعرف والتعامل مع الأوساط " الهاي فاي " .. إذ كان هذه المدارس المترفة يدرس فيها أبناء الذوات وكبار المسئولين الذين نراهم في التلفزيون والصحف .
    * * *
    في ذلك اليوم المشهود دفع رجل في العقد الخامس من العمر ومعه أبنه باب المكتب ودخل يضرب الأرض بحذائه اللامع ، كان الرجل يرتدي بدلة غربية كاملة سوداء اللون ، على الرغم من حرارة الجو في ذلك الصيف في يوليو بالخرطوم ويحمل حقيبة سوداء برزدنت ، في الحقيقة كان الرجل يتلامع كأنه جاء من فليت ستريت رأساً إلى مكتبي الصغير المتواضع و ضمخة بالعطر الخليجي النفاذ الذي يشعر الإنسان بالدوار ، ألقى الرجل التحية باللغة الإنجليزية وجلس على الكرسي قبالتي ، التفت إلى الابن ، كان مكتنز كأبناء الأثرياء في كل مكان لاحظت حزن عميق يطل من عينه الواسعتين ويغمر وجهه الطفولي .. تحركت عقارب التقصي والغوص في الأعماق البشرية في داخلي ، يبدو أن هذا الغلام لايحب والده إطلاقاً وقد أحضره معه قسراً .. قطع الرجل استرسالي في التفكير .
    - هل أنت المسئول عن قبول مدارس الكمبوني ؟ !
    - نعم .
    أخرجت استمارة القبول وتعمدت مخاطبة الولد المذعور الذي يقف في انكسار .
    - الاسم لو سمحت .
    رد الرجل في صلف نيابة عن ابنه .
    - فلان .. الفلاني .
    وتوالت البيانات تباعاً ، أنا أسال الغلام والأب يجيب في غطرسة وتكبر .
    - مهنة الوالد :
    - مهندس في أرامكو .
    - الدخل السنوي للوالد :
    - مائة وأربعون ألف ريال سعودي .
    - بالعملة السودانية لو سمحت .. أعني بالجنيه
    - أحسبها أنت !!
    أيقظت غطرسة الرجل كل النعرات البلشفية والأحقاد في نفسي ، أنا من عطبرة المدينة العمالية الفقيرة فانبريت له .
    - أنا موظف في الدولة وليس تاجر عملة .
    بهت الرجل كأنما لسعه عقرب ، نظرت إلى الغلام الذي لاح طيف ابتسامة واهنة على شفتيه ولمحت في عينيه امتنان خفي ، كان سعيداً بالرجل الذي ينكل بأبيه الطاغية على هذا النحو .. فتح الرجل الحقيبة السوداء وعبق منها عطر آخر أشعرني بالدوار وأخرج آلة حاسبة وعلبة سجارة أمريكية أشعل سجارة وأملاني عدد من ستة أرقام وكان هذا الدخل السنوي ثم انتقلنا إلى الجانب الأهم في البيانات ، رغبة الطالب في نوع الكلية الجامعية التي ينوي الالتحاق بها وهي رغبات غير قابلة للكشط أو التعديل .
    نزع الرجل نظارته الطبية ووجه إلي نظرة نافذة متحديه .
    - كليه الطب .. جامعة الخرطوم فقط !!
    انتهت البيانات ونهض الرجل وانصرف دون مصافحتي وتأخر ابنه قليلاً وصافحني بمودة واحترام وخرج يتدحرج كالكرة خلف أبيه ، أخرجت ملف فحص الدرجات من الدرج لمطابقتها مع درجات الطالب في الشهادة .. كان متفوقاً أحرز خمس علامات من نوع ( A) * في الأربعة المواد العلمية بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية .. إذاً سيحصل على مقعد مريح في كلية الطب ، جلست ساهماً أفكر وأنا أنظر إلى مكتب رئيستي في العمل الخالي ، خرجت لتحضر ابنتها الصغيرة من حضانة في الجوار ، أخذ عقلي يعمل كالماكينة ، يستعرض الموقف الذي انقضى منذ لحظات " أن ملابس الرجل الفارهه لاتنسجم مع ملابس ابنه العادية البسيطة".. كم تمنيت أن ينقطع التيار الكهربائي وهذا شيء يحدث دائماً فيتحول المكتب إلى فرن لأرى كيف يفعل ذلك الرجل الذي يحمل كل صفات الطاووس ماعدا جماله ويرفل تحت أطنان من الملابس الغربية الفاخرة .. مفتاح السيارة المرسيدس الذي ألقاه على مكتبي بطريقة استعراضية ، الدخان الذي أشعله وجعلنا أنا وابنه في جحيم التلوث السلبي للدخان .. من بين فلسفاتي الخاصة في الحياة التي تثير حنق أصدقائي " فلسفة الجحيم هو المدخنون " كنت أردد دائماً أمامهم لإغاظتهم " إن التدخين شكل من اشكال الشذوذ الجنسي الكامن وهو عبارة عن إرتكاس للمرحلة الفمية لفرويد " ألا ترون أني إنسان بذيء أحياناً" .
    * * *
    انفجر الباب فجأة فقطع حبل أفكاري ، دخلت امرأة في العقد الرابع ترتدي ثوب موظفة سودانية أبيض اللون وانفاسها تتسارع ، اتجهت إلي وعيناها تفيضان بالدمع .
    - هل حضر فلان الفلاني هنا مع ابنه للتقديم للجامعة ؟ !
    صدمني اندفاع المرأة للحظة ثم استعدت جأشي وبدأت أبحث في الملفات .. تذكرت أنه الرجل نفسه .. الطاووس !!.
    - نعم يا والدة تفضلي بالجلوس .
    ناولتها الملف أخذت تنظر في البيانات في لهفة وانهارت في إعياء على الكرسي تبكي بحرقة أدمت قلبي .. إذاً هذا هو الوجه الآخر للمأساة ، نظرت إلي في تضرع .
    - هل ممكن إلغاء هذه الاستمارة واستبدالها بأخرى جديدة ؟ !
    - لا يمكن للأسف هذه الاستمارة تملأ بمعرفة ولي الأمر وغير قابلة للإلغاء والتعديل .
    قاطعتني في حزن بالغ وهي تجهش بالبكاء .
    - أنا ولي أمره .. وليس هو .. لماذا لم ينتظرني هذا الولد العاق ؟
    للأسف بدأت تتجمع في دهني خيوط القصة ، هذه المرأة الطيبة بوجهها الخالي من المساحيق الذي ينبئ بأنها لم تتزوج مرة أخرى بعد الانفصال من ذلك الرجل السادي وبذلت شبابها من أجل تربية ولدها المتفوق الذي كان يقيم معها .. المنطق وحده يؤكد ذلك لو نشأ ذلك الغلام في كنف إبيه لكان مصيره المصحة وليس الجامعة ، نظرت إليها وقد هاجت في نفسي كل الشعارات الأممية التي تدعو للتضامن مع المرأة ووضعها المزري في المجتمع الرأسمالي ألم أقل لكم بأني حاقد وبذيء.. وشيوعي أيضاً !! .
    - أني جد آسف لك يا والدة لابد أن نكون واقعيين مهما كانت الظروف
    لن ترضي أن يكون ولي أبنك امرأة مع وجود والده على قيد الحياة ، إن ذلك يهز صورته أمام أصدقائه الذين يقفون خارج المكتب مع آبائهم .
    وكأنما انصب على المرأة ماء بارد واستعادت جأشها وهدأت أنفاسها كففت دموعها ، المسكينة كانت أشبه بملاكم صمد خمس عشر جولة ليسقط في الجولة الأخيرة بالضربة القاضية ، رددت في ود .
    - نعم يا ولدي هذا عين العقل ، فقط كنت أريده أن يدرس الهندسة .
    - الهندسة أو الطب كلها كليات مرموقة .
    نهضت المرأة وإكراماً لها خرجت معها إلى خارج المكتب ، هناك كانت سيارتها الأوبل البيضاء القديمة ، هي مثلنا مواطنة محلية داخل السودان ، استعنت ببعض المارة لدفع السيارة حتى يشتعل المحرك ، تقدمت منها أودعها وأنا أسعل بشدة من الدخان الكثيف الذي خرج من السيارة .
    - أنتِ…امـرأة عظ….ـيمة يا والدة..لكن"الخيل تجقلب والشكر لحماد"*
    أضاءت وجهها ابتسامة عريضة ، فقد أثلجت صدرها كلماتي الأخيرة فرددت كلماتي
    - الخيل تجقلب والشكر لحماد.. نعم إنه كذلك ..
    استدرت عائداً إلى المكتب بين أفواج الطلاب وأولياء الأمور ، لازالت نظرة الامتنان والشكر التي كانت في عينها ماثلة أمامي " الحمد لله على كل حال .. يوجد على الأقل شاهد إثبات واحد يعرف أن ذلك الغلام المتفوق صنعته تلك السيدة الفاضلة " .
    دخلت المكتب ووجدت رئيستي في العمل قد عادت من الحضانة مع ابنتها الصغيرة وهي تنظر إلى مكتبي الخالي في استغراب .
    - عدت منذ لحظة ووجدتك تقف مع سيدة في الخارج .
    - نعم … ويالها من سيدة .
    - بالمناسبة اليوم مررت على سينما النيل الأزرق .
    - ماذا يعرضون مساء اليوم ؟
    - الفلم العربي " لاعزاء للسيدات "
    ضحكت بصورة مفاجئة ضحكة مجلجلة أربكت رئيستي في العمل .. لكنها تعرفني دائماً بأني إنسان غريب الأطوار وهي أيضاً امرأة طيبة مثل كل النساء في السودان ، لم أسمعها أبداً تتحدث معي عن زوجها !!
    * * *
    مثل سوداني : الفرس يكسب السباق والفارس يأخذ الجائزة .

                  

08-03-2010, 05:59 AM

حسب ربه
<aحسب ربه
تاريخ التسجيل: 01-18-2005
مجموع المشاركات: 148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    الاستاذ عادل امين



    ما لاقى اى كلمات اعبر ليك بيها عن مدى اعجابى بمجموعتك القصصية.


    انت تمتلك اسلوب قصصى اقل ما يمكن ان يقال عنه بانه رائع. منذ ان قرات رائعة استاذنا الراحل
    احمد الطيب زين العابدين" دروب قرماش" ,لم اقراء نص يمتاز بهذه الروعة.معظم النصوص التى اطلعت عليها
    تحتفى باللغه على حساب الحدث وهذه احدى مشاكل السرد القصصى المكتوب باللغه العربيه.


    سوف احاول الاطلاع على المجموعه كاملة برواق

    لى قدام

    محمد حسين حسب ربه
                  

08-03-2010, 08:08 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: حسب ربه)

    الاخ العزيز محمد حسين
    تحيةطيبة
    اشكرك على كلماتك الطيبات ومرحب يبك في دار عثمان محمدين العامرة
    والكتابة بالنسبة لي اقوال شاهد اثبات
    ومحاولة تشخيص امراض السودان القديم
    واعتقد ان اللغة مواعين للمعاني....لذلك لا الجا الي زخرفة النص حتى يتوه القاري في دهاليز تقود الى لا شيء...انا اكتب بالبندقية السريعة الطلاقات...حتى تفتح جروح عميقة في نفس القاريء...وتجعله يحس بالالم....والاحساس بالالم هو من اول شروط الاستيقاظ.. زكما قال الدكتور منصور خالد نحن ندير معاركنا في عقول الناس .وفي هذا الامر الحديث ذو شجون

    شكرا محمد وزيارتك شرف عظيم لينا
                  

08-04-2010, 05:45 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    عصام .… الخريج الذي فقد نفسه



    - ألم تظهر وظيفة جديدة ؟ ‍
    أخرج عصام بطاقته وناولها للرجل الذي قلب في الأوراق أمامه ثم رد البطاقة وأجاب
    - نأسف لا توجد وظيفة لك ‍‍‍‍‍‍‍!!
    - لماذا لا توجد وظيفة لي ؟ ‍!
    - أنت محظور .. هل كنت تمارس نشاط سياسي أبان دراستك للجامعة ؟
    - نعم كنت في الجبهة الديموقراطية .
    - هل لا زلت تمارس السياسة اليوم ؟
    - لا إني أتضور جوعاً لا أجد الوقت الكافي لتعاطي مع السياسة .. هل هذا يعني أني لن أحصل على وظيفة ؟
    - يمكنك معاودتنا دائماً ، ربما رفع عنك الحظر أو صدر قرار جديد .
    رد عصام في نفسه " ما جدوى الانتظار .. حتى إذا حصل على وظيفة لابد أنهم سيحيلونه للصالح العام لسبب نفسه .. إذن سينتظر الديمقراطية " .
    نفس الأسئلة ونفس الإجابات لا تتغير وتمضي تباعاً ، هذا الرجل المحنط الذي يجلس خلف النافذة . هذا العاطل عن المواهب ، تحول إلى إنسان آلي يرد ببلاهة يحسد عليها ابتعد عصام من النافذة ، خرج يجرجر أذيال الخيبة . هذا العام الثاني وهو يطارد أحلام الوظيفة من خلال هذا الرجل أبو الهول الذي يقبع خلف الشباك في لجنة الاختيار للخدمة العامة السودانية .
    * * *
    ظل يسير مترنحاً من فرط الجوع .. وهو لا يكاد يتحصل عن ثلاث وجبات في اليوم كما أن مصروفه الاحتياطي الذي أحضره معه من البيت قد بدأ يضمحل .. كانت ظاهرة الثراء الطفيلي والانفتاح تحيط به من كل جانب العربات ذات الدفع الأمامي . المباني الضخمة للبنوك ، محلات السوبر ماركت تعج بالحلويات التي لا تشبع ولا تغني من جوع .
    جلس تحت ظل شجرة لبخ ، قبعت تحتها امرأة تبيع الشاي تناول منها كوب ، أخذ يرشف الشاي في مرارة بعد أن أراح جسده المنهك على حجر جوارها ، كانت الأوراق النقدية من فئة العشرة جنيهات تنهال على المرأة كالمطر وظن أنها تقترب من المئات " تباً لهذه الشهادة الجامعية اللعينة فهذه المرأة دخلها اليومي يبدو أكبر من دخل وكيل وزارة …. اللعنة كل شيء أصبح بالمقلوب" نهض عصام وختم جولته اليومية بالسفارات العربية وأعاد أدراجه بعد أن حشر نفسه حشراً في إحدى الباصات المنهكة التي يتعلق بها الكادحين تعلق النمل بقطعة السكر ، كان الحر قائظ ، وصل إلى منزل عمه في أم بده ، منزل متهالك ، دخل إلى الغرفة ، طالعته صورته الباهتة كالمعتاد في مرآة خزانة الملبس القديم نظر في ذعر إلى نفسه فقد بدت صورته باهتة فعلاً ، " ما هذا ؟! هل هو في طريقه إلى الاختفاء ؟؟ " ، صورته غير واضحة المعالم . حاول صاحبنا إنارة الغرفة ، للأسف لا يوجد تيار كهربائي فتح جميع النوافذ نظر إلى نفسه في المرآة مرة أخرى " يبدو أن في الأمر خلل ما " صورته فعلاً باهتة ، قد يكون ذلك ناجم من الحالات النفسية التي تعتريه ، إن الإحساس بالضآلة يولد لديه هذا الإحساس الكئيب " لا بأس ، لا بأس ، غداً سنرى " . أخرج الفرش المتهالك في الفناء واستقلى عليه ونام .. في الصباح نهض وبدأ يحي أبناء عمومته فرداً فردا فينظرون حولهم في دهشة ممزوجة بالرعب أوجس خيفة ، دخل الغرفة ونظر إلى المرآة " يا للهول !! اختفت صورته تماماً ، إذن فقد تلاشى، كيف حدث ذلك ، لم يعد هناك أدنى أثر لصورته في المرآة" تملكه ذعر شديد " كيف يمكنه التعامل مع الناس ؟!.. كيف سيحصل على وظيفة وقد اختفى عن الأنظار " حتى بني عمومته لم يروه . حاول طرد هذه الأوهام وليكن ما يكون . أرتدى ملابسه على عجل وخرج . ركب الحافلة المكتظة ولدهشته الشديدة تجاوزه الكمساري دون أن يطالبه بالنقود " لم يره الكمساري أيضاً !! ما هذا الكابوس المزعج " نزل كالمعتاد في المحطة الوسطى في الخرطوم وتوجه نحو لجنة الاختيار اللعينة .. نزل وتقدم بخطى ثابته نحو النافذة المعهودة وجد نفس الرجل .
    - السلام عليكم .
    - …………… نظر الرجل إلى الفراغ الخالي في دهشة !! .
    - هل توجد وظائف خالية جديدة من فضلكم ؟
    هب الرجل كالملسوع يحملق في الفراغ أمامه وهو لا يعلم من أين يأتي هذا الصوت تجمع بقية الموظفين حول الرجل المذعور ، كان هناك صوت مجهول يتحدث إليهم … كان الصوت واضح النبرات وتشوبه المرارة .
    - أخبروني .. ألا توجد وظائف جديدة ؟ !
    صعق رجال المكتب عندما رأوا شهادة جامعية وبطاقة شخصية تخرجان من مكان مجهول في الفراغ أمام النافذة وتسبحان في الهواء في طرقهما إليهم ، دب الذعر في المكان وعرف المسكين إنه اختفى تماماً من جراء تعاظم إحساسه العميق بالضآلة الناجم عن الأوضاع المقلوبة في البلاد التي أصبح فيها الوزراءاكثر من المزارعين والبنوك أكثر من المستشفيات .
    تم إغلاق مقر لجنة الاختيار للخدمة لاحقاً بعد أن أصبحت مسكونة بالأشباح التي تخرجت من الجامعات والمعاهد العليا .
    عطبره 1984

    (عدل بواسطة adil amin on 08-04-2010, 05:49 AM)

                  

08-05-2010, 05:29 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)


    النازحين يصعدون إلى السماء
    فتح النافذة وأطل منها كعادته كل صباح ونظر إلى معسكر النازحين الذي يقع في الجوار … هذا المعسكر يضم كل متضررين الحرب في جنوب السودان .. كان المعسكر المشيد بالخرق ، أشبه بالبثور تقبح وجه الحي الراقي الذي تقيم فيه شقيقته مع زوجها الثرى ، خط سكة حديد وطريق اسفلت يفصلان بين الجنة والنار ،شرد بعينيه بعيداً حيث كانت نقطتان تتحركان لرجل يحمل خرقة بين يديه تحوي جسد صغير وامرأة تسير مترنحه " اللعنة .. هذه الجثة الرابعة والعشرون ، منذ أن هاجم رجال الأمن المركزي المعسكر بحثاً عن قتلة عثمان صهر الشيخ عبد الباسط تاجر العملة الكبير وذو النفوذ الجبار ".
    * * *
    أن لمقتل عثمان قصة غريبة يكتنفها الغموض، في يوم عاصف ، قبيل الغروب سمع أهل الحي دوي طلق ناري حملته الرياح التي كانت تعبث بالتراب في الضاحية النائية .. في صباح اليوم التالي عثرت الشرطة على جثة ملقاه جوار المعسكر وبجانبها حقيبة مليئة بالعملات الأجنبية ، كان قادماً من السعودية .. إنتشرت الاشاعات أن ذاك ، إن الذين قلتوه هم قطاع الطرق ، قامت الشرطة بمهاجمة المعسكر بحتاً على القتلة وإقتادت نفر غير قليل من المعسكر إلى المحفر .. أخبرته ميرى وهي إمرأة من النازحين ، تحضر إلى المنزل تغسل الملابس .. أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع وقد أدى ذلك إلى موت العديد من الأطفال .
    ظلت هذه التداعيات تدور في خاطره وعيناه تتابع الرجل والمرأة في طريقهم إلى المقابر … كانت المرأة تولول والرجل يحمل الطفل المسجي كالخرقة ، تنهد طارق وردد في نفسه في آسى " هؤلاء المساكين الموت وحده هو الذي يساويهم مع سكان الضاحية … كانوا يدفنون موتاهم في مقابرها " .
    * * *
    ظل يتابع الجنازة بعينين دامعتين ، كانت جنازة مهيبة ، موكب مكون من شخصين فقط أب وأم وطفل فارق الحياة في لحظة من لحظات الزمن الأسن … ارتدى ملابسه على عجل ونزل الدرج وانطلق صوب الموكب الحزين الذي كان قد شارف على المقابر .. قام بمساعدة الأسرة الصغيرة في دفن فقيدها ، لم يكن ذلك يثير الدهشة … لأن كل سكان المعسكر يعرفون طارق عثمان المحامي الثائر الذي كان يتصدى دائماً لحملات الشرطة الجائرة ويدافع عنهم في المحاكم بدون أجر … كما أن شقيقته وزوجها الفاضل لهم أيدي سابغة على أطفال المعسكر.
    سار مع الأسرة بعد انتهاء مراسم الدفن ودخل إلى المعسكر وطفق يتجول بين أكواخ النازحين والنساء والتواكل ، أخذ يتحرى منهم عن من قتل المذكور عثمان ؟! أنكر كل من له قدرة على القتل ارتباطه بأي جريمة من هذا النوع .. كان يعرف أنهم يصدقونه القول … كان شد ما يخيره " أن القاتل لم يأخذ معه النقود إذا … ماذا كانت دوافعه "؟!
    * * *
    جلس طارق وصديقه الرائد محجوب في الكافتيريا على مقعدين يطلان على النيل تبدو عليهم الحيرة الشديدة .. يتداولان أمره هذه الجريمة الغامضة … ونهضا واتفقا أخيراً أن يسعى كل منهما إلى مزيد من الجهد ومضت الأيام كاد اليأس يتسرب في نفس طارق ، حتى حدثت مفاجئة أخبرته ميرى المذعورة التي تغسل الملابس في بيوت الأثرياء بالقصة العجيبة أن رجل التقطها من الطريق وأخذها إلى البيت هناك حذرها الرجل بأن لا تدخل إلى داخل المنزل فقط تجلس في الفناء تغسل الملابس، بعد خروج الرجل سمعت نشيج مكتوم ونواح ينبعث من داخل المنزل … نهضت وهرعت إلى داخل ضاربة بكلام الرجل عرض الحائط .. سمعت طرق عنيف على باب إحدى الغرف … فتحت الباب امرأة نصف مجنونة تصيح وتولول بأن زوجها أطلق على صهره النار وقتله ! . قتل عبد الباسط شقيقها القادم من السعودية أثناء لعبهم للقمار وقد لعبت الخمر برأسيهما … حبسها الرجل حتى لا تبلغ الشرطة" .
    * * *
    جلسا في مكانهما المعهود في الكفتيريا أخبر طارق صديقة محجوب بالقصة وامسكا بطرف الخيط وتلي ذلك أن توفرت معلومة أخرى … أخبر شرطي الدورية الذي يجلس عند الطريق ، أنه في ذلك اليوم الأغبر كان يقف على جانب الطريق ،رأي سيارة مرسيدس زرقاء تنطلق بسرعة لا تلائم ذلك الجو العاصف كان يبدو على سائقها المخمور الرعب الشديد وبحدثه الأمني سجل رقمها … وبذلك اكتملت خيوط القصة إذا قتل الرجل الثري صهره كعادة المترفين عندما يختلفون ودفع ثمن ذلك أهالي المعسكر التعساء .
    * * *
    بدأت المرحلة الصعبة والمؤلمة فقد فشلت تماماً جهود طارق وصديقه محجوب في إدانة الرجل.. أستغل عبد الباسط نفوذه الجبار في الدولة حتى لا يلتف حبل المشنقة حول عنقه … نقلت زوجته إلى المصحة بعد أختل عقلها تماماً وأضحت لا تصلح كشاهدة إثبات ،مات شرطي الدورية في ظروف غامضة ، تناول طعام مسموم أعطاه له أحد سائقي السيارات الذين يمرون بالمكان .. أقيل محجوب وفصل من سلك الشرطة … تعرض طارق لضرب مبرح من رجال مجهولين في ليلة ممطرة وأصيب بكسر مضاعف، جعله يمشي على عكازتين .
    * * *
    أوقف الصديقان سيارتهم عن كتب ينظران إلى سكان المعسكر يجوسون كالديدان بين الخرق والخيام المتناثرة ، التفت إلى صديقه الساهم .
    - أنا خسرت ساقي ، وأنت فقدت وظيفتك ، ولا زال المعسكر يعاني من الشرطة والغاز المسيل للدموع .
    - نعم إنه كذلك .. كنا أشبه بمن يريد أن يوقف قطار مندفع بالوقوف أمامه ..
    التمعت فكرة في ذهن طارق فالتفت وحدق في عيني صديقه الدامعتين في إصرار .
    - وجدت الحل لسكان المعسكر المساكين!!.
    نظر إلى القمر البازغ في كبد السماء والذي كان يجلو بأشعته الفضية المكان، حدق محجوب في دهشة إلى صديقه الذي هب واقفاً على عكازتيه .
    - هيا معي !!
    - ماذا تريد أن تفعل ؟؟!!.
    ردد طارق في نبره تشفى .
    - سأصعد بهم إلى السماء !! إلى مدينة الله التي لا يظلم فيها أحد !!…..
    * * *
    التقرير الذي أرسله قائد الطائرة البوينج الأمريكية التي كانت تمر عبر أفريقيا في ذلك المساء غريب حقاً.. أزعج الإدارة الأمريكية وفسر ظاهره اختفاء سكان المعسكر الذي كانت تعوي فيه الرياح " أكد الطيار أنه أثناء مروره ليلاً بالطائرة فوق السودان شاهد أقوام ترحل صوب السماء ، يتقدمهم محامي أعرج وضابط شرطة في مقتبل العمر ،يستشعران المرارة وتبدو عليهما الكآبة الشديدة" .
    شمبات الاراضي 1989م

                  

08-05-2010, 12:32 PM

othman mohmmadien
<aothman mohmmadien
تاريخ التسجيل: 12-13-2002
مجموع المشاركات: 4732

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)


    الزميلة الأديبة - صاحبة القلم الرصين - الذي نثر إبداعه عبر إحساسها بالطفولة ... وقلم شفاف مولع بالبراءة ... راق ... ثم عذب وشموخ .... بشموخ كل نساء العالم
    وما أدراك ما ذكرى - صاحبة قلم وعقل رزين ,,, روح طيبة ... وسريرة نقية .... وإحساس جميل ومن ثم حضور باهر ورشيق ... أمام من...؟ أمام أعذب مخلوقات الله وملائكته الأطفال .... فلقد كتبت لهم الكثير من القصص المفرحة وخيالهم الوردي الجميل ... أخي عادل أقدم لك حضور ... ذكرى محمد ...الراقي بكل إجلال وتقدير ... عرفانا وشكرا لحضورها الراقي وهي من أرض السعيدة قد إطلعت على أدب من بلاد ترهاقا ... بلاد الأنهر ... والخيرات والمصاعب الجثام .... وقرأت "قطار الشمال الأخير" بل تجولت به عالم خيالكم القصصي وأستمتعت بشغف وهاهي تعبر عن إنطباع لها ... ولإنسان أرض السعيدة إنطباع لا يتغير ويا لبختك فإن سكان أرض السعيدة إن أخذوا عنك طابع خير فسيظل للأبد ... واليك كلمات ذكرى ... وحضورها الراقي ... نقف له تقديرا



    Quote:
    لقد اطلعت على ماكتب عن الكاتب والقاص الرائع عادل أمين
    وانا بصدد اكمال روايته التي اهديتها لي وحتى الان اجدها راااائعة جدا ولو فقط زحمة الوقت لدي لكنت التهمتها قبل اوانها
    ان شاء الله سوف ياتي الوقت الذي اواجه فيه نفسي
    مع تحياتي لروعة السودان واهلها
                  

08-05-2010, 01:46 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)

    Quote: لقد اطلعت على ماكتب عن الكاتب والقاص الرائع عادل أمين
    وانا بصدد اكمال روايته التي اهديتها لي وحتى الان اجدها راااائعة جدا ولو فقط زحمة الوقت لدي لكنت التهمتها قبل اوانها
    ان شاء الله سوف ياتي الوقت الذي اواجه فيه نفسي
    مع تحياتي لروعة السودان واهلها

    الاخ العزيز عثمان
    تحية طيبة
    احييك من ارض الؤلؤة والمحارة
    واشكر ابنة اليمن السعيد على هذا التفاعل مع ما نكتب....وما تعلمناه من ابناء اليمن وبناته الكثير
    يكفي ان السكينة والهدوء الذى كان يعم الارياف الطيبة والخضرة والماء والوجه الحسن.. فجر فينا ينابيع الابداع
    انا شاكر لك ولها...ومرحب بيها في الدرب الاخضر .درب المحبة والتضامن والسلام
    ومتواصلين ان شاء الله...بلغ التحايا لكل الاخوان هناك...الاديمي وفؤاد حداد...
                  

08-06-2010, 03:59 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    الطيب والشرير والقبيح
    كانت جدتي الحرم امرأة تجللها الحكمة … عندما كنا صغار ، نعود إلى قريتنا الوادعة في شمال السودان مورا . في موسم حصاد التمر، كانت تسكن في بيتها وحيدة بعد رحيل زوجها ود العقيد منذ أمد بعيد وقد أعلنت مرارا أنها لن تربط حمار في مكان حصان وفي الليالي المقمرة نقبع نحن الصغار عند قدميها وتحكي لنا " كان يا ما كان في قديم الزمان سلطان .. هذا السلطان عندما طال به الأمد.. طغى واستكبر وكاد ان يقول أنا ربكم الأعلى ،بلغ الصلف والتعسف به مداه جمع يوما علماء السوء حوله وزعق فيهم حتى كادت تسقط سراويلهم وعبس وبسر وقال : أريد منكم ان تعلموا بعيري هذا القراءة والكتابة .
    أسقط في أيدي القوم ، امتلأت قلوبهم رعبا ، هذا السلطان يعي ما يقول ويجب أن يطاع في المنشط والمكره … كيف يتسنى لهم أن يعلموا هذا الحيوان الأعجمي الكتابة ؟!
    اجتمع العلماء يتداولون أمرهم ، وأمر هذه المصيبة الني وقعت على رؤوسهم الفارغة وكروشهم الممتلئة .. بعد حين صاح كبيرهم الذي علمهم السحر "وجدتها … وجدتها " تماما كما فعل أرخميدس عندما أكتشف قانون الطفو ، حملق فيه بقية العلماء في دهشة يشوبها الارتياح .. لابد أنه الحل الذي سينقذ رقابهم ..ابتسم كبيرهم في خبث ومسد لحيته الصفراء ومد عنقه طويلاً وأردف " الشيخ فرح ود تكتوك عدونا الكبر الذي يؤلب علينا المزارعين ،نخبر السلطان أنه لا أحد يقدر على هذا العمل الفذ سوى الشيخ فرح وله باع كبير في هذا الشأن.. منها نتخلص منه ونزيح عن كاهلنا هذا العبء الكبير" . وافق الجميع دون استثناء .
    كان إقناع السلطان من أسهل الأمور التي يتقنها كبير السحرة ، انه يجيد لحن القول ، تمكن فعلاً من إقناع السلطان واكتملت خيوط ألموامرة .
    في الصباح حضر الشيخ فرح بين يدي السلطان ومعه أربعه من تلاميذه النجباء ، وقف شامخاً كالطود وبصوته القوي الواثق أعلن عن موافقته على تعليم البعير و لكن بشرط أن يمهله السلطان سبعه أعوام ، آذن له السلطان بذلك، خرج الشيخ الجليل مع تلاميذه يقود البعير وسط دهشة حاشية السلطان وعلماؤه اللذين تنفسوا الصعداء وأنتشر الخبر وعم القرى والحضر .
    كان تاج الدين تلميذ الشيخ النجيب و أحد الأربعة يعلم الموآمرة التي حاكها كهنة و سدنة القصر وأقبل على إستاذه في جزع، بعد مبارحتهم القصر يستفسره عن كيفيه تعليم البعير …. تنهد الشيخ وردد الكلام الذي أثلج صدر تلميذه البار "يا أبني بعد سبعه أعوام لكل حادث حديث … أما مات الأمير أو البعير أو العبد الفقير" ثم التفت الشيخ يخاطب تلاميذه في نبرة آسرة " يا أبنائي … إياكم ومجالسة السلاطين فإنهم يأخذون من دينكم أكثر مما تأخذوا من دنياهم "
    مضت السنين تباعاً واستدار الزمن دوره كاملة وطحن برحاه الكثير من أبناء البلاد المساكين وأزفت الساعة المرجوة وجاء جنود السلطان في طلب الشيخ الجليل.. اغتسل الشيخ ذلك اليوم وصلى ركعتين ورفع يديه إلى السماء متضرعاً "يا حي يا قيوم … عبدك الفقير لا يصل إلى الخرطوم " .
    وكان للعبد الصالح ما أراد في الطريق من أم ضواً بان إلى الخرطوم مات العبد الفقير واجتاح الطوفان الغاضب البلاد وهرب الأمير وتلى ذلك أن حكم البلاد البعير !!
    " طارت ثم حطت ودخلت في مؤخرة أصغركم ".. هكذا كانت الجدة العزيزة تختم قصصها البديعة على هذا النحو الفاحش ، وينفجر أخي الصغير باكياً مع ضحكاتها المجلجلة … طيب الله ثراها .

    (عدل بواسطة adil amin on 08-06-2010, 04:01 AM)

                  

08-06-2010, 04:08 AM

عبد المنعم سليمان
<aعبد المنعم سليمان
تاريخ التسجيل: 09-02-2006
مجموع المشاركات: 12158

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    أشهد الله ان اكتب من قرات له في الاونة الاخيرة وكانت تزين قصصه اخيرة صحيفة اجراس الحرية كل خميس هو الكاتب عادل امين
    له التحية والتقدير والاحترام
                  

08-06-2010, 08:10 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: عبد المنعم سليمان)

    Quote: أشهد الله ان اكتب من قرات له في الاونة الاخيرة وكانت تزين قصصه اخيرة صحيفة اجراس الحرية كل خميس هو الكاتب عادل امين
    له التحية والتقدير والاحترام


    سلام يا منعم
    والتحية لاسرة اجراس الحرية
    وان شاء الله نتواصل معاكم في رمضان

    عبر الاميل بتاعك
                  

08-07-2010, 03:34 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    حقل السمسم
    ظلت الحافلة تشق به الطريق المترب وحقول السمسم اليانعة تحيط به من كل جانب وتعطر حوله الفضاء.. كمال الزماري من أبناء اليمن ، ولد في السودان من أب يمني وأم سودانية في أواسط الخمسينات عندما كان السودان مزدهراً ومضيافاً ، اليوم في منتصف الثمانينات ، بعد أن سافرت أسرته وعادت مرة أخرى إلى اليمن ، بقي وحده في السودان من فرط حبه لهذا البلد الطيب وقد درس في جامعته العتيدة ..جامعة الخرطوم في كلية الزراعة ، أخبر والده في المطار أنه سيبقى في السودان ويدير ما تبقى من الاملاك ، البقالة وبيتهم في الصافية.
    سرح بخيالة بعيداً والحافلة تترنح في الطريق المترب وسط لغط الركاب ، كان الطريق مألوفا وهذه ليست أول مرة يزور شرق السودان .. بمعنى أدق قرية صديقة المرحوم عبدالغني .. قبل ثلاث سنوات جاء بجثمان صديقه مع وفد طلابي كبير تذكر آنذاك الاستقبال الحزين من أسرة صديقه وأهل البلدة ونواح النساء إن انطفاء طالب جامعي في هذه المناطق النائية شئ مؤسف … مات عبدالغني في غمرة الاشتباكات والعنف الطلابي الذي كانت تنؤ به جامعة الخرطوم ….… سالم قتل عبدالغني وكلاهما صديقاه ، سالم من الشمال وعبدالغني من الشرق ، سالم يساري وعبدالغني يميني كلاهما كان ضحية التحريض المتشنج الذي كان يثير امتعاض كمال كثيراً ويرى فيه منتهى الابتذال عندما يقتل أبن عامل في السكة حديد ابن مزارع بطعنة واحدة نافذة في القلب .أردته قتيلاً … وانتهى الأمر في المحكمة إلى براءة سالم بعد أن شهد شهود عدول أنه كان في حالة دفاع عن النفس .
    عندما جلس كمال مع والد عبدالغني المكلوم ، كان يعرفه من فرط حديث أبنه الراحل عنه ، لذلك اصطفاه بشجونه الخاصة بأنه حذر ابنه مراراً بأن الجامعة ساحة علم وليس ساحة قتال و أهلاك … وإنهم ادخروه لياتي ويعمل مفتش زراعي ويكون مصدر إعزاز لأبويه وللمنطقة التي تقوم بزراعة السمسم بواسطة الأمطار …كلمات والد المقتول التي ظلت تردد في أعماق كمال ذو الفطرة اليمنية الطيبة واختزنها في قلبة الذهبي عبر السنين حتى تخرج من الجامعة وهي التي عادت به مره أخرى إلى البلدة ، حتى يحقق للأب الحزين حلمه المجهض ، طافت على شفته ابتسامة ظفر وتحسس جيب سترته حيث يقبع جواب التعيين ثم اغمض عينيه وردد في نفسه سيثبت للأهالي قيمة الجامعة في تطوير الزراعة باستخدام أحدث الوسائل ، خاصة أنه تخرج بمرتبة الشرف من قسم إنتاج المحاصيل .
    * * *
    توقفت السيارة ، نزل منها حاملاً حقيبته وأتجه في طرقات القرية.. مر على دكان عم عثمان وحياه بحرارة وتناول عنده مشروب بارد ثم نهض وأنصرف نحو البيت المألوف ، استقبله أبو عبدالغني بالأحضان وجاءت أمه تتلمس طريقها إلى الضيف العزيز فقد ابيضت عيناها حزناً على وحيدها ، فرح الأبوان فرحا شديداً عندما عرفا أن كمال سيقيم معهم في البيت ويترك بيت الحكومة في محطة الأبحاث الزراعية ، ادخلاه إلى غرفة صديقه المرحوم … كانت مرتبة كما رآها منذ سنتين ، صور الأصدقاء ورحلات الجامعة تغطي الجدران ، استلقى على الفراش وتنفس الصعداء ثم اغمض عينه وغرق في سبات عميق …
    * * *
    في اليوم التالي أستيقظ مبكراً ، أغتسل وارتدى ملابسه على عجل وتناول الإفطار مع الأسرة ، وخرج مع والد عبدالغني نحو محطة الأبحاث ، هناك وجد لفيف من المزارعين متجمعين، حيوه بحرارة ، أدرك حجم التحدي الذي يواجهه إن عليه أن يعزز ثقتهم في استعمال سماد اليوريا والأسمدة الحديثة التي يتوجس منها المزارعون البسطاء حتى إنهم يرون دائماً ن هذه المواد الكيمائية التي تأتي من بلاد الكفار لا نفع فيها وإن الأرض تنتج غلتها بالبركة والعمل الصالح لصاحبها … ظل الحديث سجالاً بين كمال الذي يؤمن بالعلم التجريبي الذي درسه في الكلية وبين المزارعين ورؤاهم الغيبية وإيمانهم العميق بالقدر … قطع أبو عبدالغني قول كل خطيب عندما تبرع بأرضه ليجرب فيها المفتش الجديد السماد الحديث ، تهللت أسارير كمال وعرف أن الرجل فعل ذلك إكراماً لصديق ابنه الوفي …
    كان أبو عبدالغني يحب كمال ويرى فيه روح ابنه الراحل منذ أنى رآه أول مرة عندما حضر في تلك السنين الغابرة مع الجثمان وبثه أشجانه …. فقد عرف أنه عاد مرة أخرى إلى البلدة لأجله .
    * * *
    عاد إلى الخرطوم مرة أخرى ليحمل شحنة السماد الذي اشتراه من شركة مشهورة ، متخصصة في استيراد الأسمدة يملكها طبيب بشري ثري جداً من التيار اليمني الذي يؤيده صديقه الراحل ، كان في أشد الشوق إلى تطبيق ما درسه عملياً قفل راجعاً دون أن يزور صديقه عماد الذي يعمل في المعمل المركزي ويهنئه بزواجه الميمون فقد وجد رسالة منه في البقالة في الصافية التي استأجر رجل من أبناء غرب السودان لإدارتها ، حاج آدم ، صديق والده الحميم …
    * * *
    عاد إلى البلدة وظل يعمل بجد ونشاط مع والد عبدالغني في تسميد الحقل بالسماد الجديد ، أراد أن يجرب السماد في نصف الحقل إلا أن أبو عبدالغني حلف بأغلظ الأيمان أن يقوما بتسميد الحقل كله ، نزل عند رغبته ومضى الزمن وبدأت الحقول تزدهر من حولهم ، محملة بسنابل السمسم الذهبية وحقلهم يزوي مصفراً خاوياً على عروشه إلا من أعواد متيبسة هزيلة أوجس كمال في نفسه شيئاً وبدأ يشعر بالإحباط يتسلل في دهاليز نفسه " لابد أن هناك خلل ما !! " .. كان يرى في عيني أبي عبدالغني نظرة العطف والإشفاق التي لا تخلو من الأسى العميق لهذه الخسارة الفادحة ، ثم بدأ المزارعون يثرثون بما يكره ، كان وقع الكلام في أذنيه كوخز الإبر ، ظل ابو عبدالغني يتحمل غمزهم ولمزهم في صبر الجبال فهو رجل أعتاد الصبر الجميل …. إلا أن كمال الذي كان اكثر ما يتسرب إليه حديث أبو عبدالغني الهامس الحزين مع زوجته الوفية ليلاً .. بدأ يشك في جدوى دراسته الجامعية وجدوى السماد اليوريا ويجمع شتات إرادته المضعضعة ويبحث عن حل علمي لهذه الكارثة ، حمل عينة من تربة الحقل المنكوب وعينة من السماد حيث يعمل صديقه عماد …
    * * *
    بعد يومين كانت تنتظره مفاجئة رهيبة ، أن الشركة التي اشترى منها السماد كانت تخلط السماد بالجير ، لذلك أحترق محصول السمسم وتحولت التربة إلى أرض قلوية ، لقد أغتال السماد المغشوش الارض ، وأصاب أبو عبدالغني في مقتل،كانت طعنة نجلاء أخرى ، في ذلك اليوم، بكى كمال بكاء مراً لهذه الهزيمة النكراء التي حاقت به في بداية مشواره في العمل ، حمل تعزيز المعمل المركزي مع صديقة عماد عضو الحزب اليساري المحظور ،وقدما بلاغ إلى النائب العام ضد الشركة المشهورة .
    * * *
    شطب البلاغ وفصل عماد من العمل وأحيل إلى الصالح العام وتم حماية الشركة وصاحبها المتنفذ … استشاط كمال غاضباً وباع أملاك والده وترك البقالة فقط لصديقة والده الحميم حاج آدم وحمل الأموال وسافر إلى البلدة ليلاً وضع المبلغ مع رسالة عند عثمان صاحب البقالة وأوصاه بأن يسلمها إلى أبو عبدالغني عند صلاة العشاء وأنسحب يجرجر أذيال الخيبة وفي ذهنه تدور فكرة واحدة.. الخروج من هذا البلد الذي خبث …فسافر إلى اليمن غضباناً آسفا …
    * * *
    عندما أعطى حاج عثمان صاحب الدكان الأمانة والرسالة إلى أبي عبدالغني ، أنهار المسكين جالساً وأخذ يتمعن في الرسالة وردها لعثمان يقرأها له ، انحدرت دمعة مرة حبسها سنين وهو يستمع إلى آخر فصول المهزلة وتهدج صوته "لا حول ولا قوة إلا بالله…عليهم لعنة الله إلى يوم الدين " ثم نهض يجر قدميه في تثاقل نحو بيته ، دخل من الباب وحيا زوجته في مرارة لمست فيه نبره حزينة لم تألفها من قبل ، أوجست خيفة ،لم يشأ أن يخبرها برحيل كمال استلقى في الفراش وأطلق لدموعه العنان ……
    * * *
    هب من رقدته وقد عصف به غضب مدمر اختطف شعلة نار من الموقد التي تعد فيه زوجته العمياء الشاي واندفع خارجاً نحو الحقل وألقى فيه الشعلة ، سرت النار لتضيء الفجر الحالم وهي تلتهم أعواد السمسم الهزيلة في شره شديد ، كان طيف أبنه الراحل يقف جواره بنظارته الطبية وصوته الهامس .
    - لماذا أحرقت الحقل يا أبي ؟.
    - لقد أحرقوا فوادي مرتين يا ولدي .
    - انه السماد المغشوش!! .
    - نعم يا ولدي أنه السماد الفاسد .
    - سامحني يا أبي أني بريء من هؤلاء .
    - الله يرحمك يا أبني .
    جاءت أم عبدالغني الضريرة تدفع جموع المواطنين الذي تحلقوا حول زوجها المجنون الذى يخاطب الفراغ وقادته إلى البيت وهو يرغي ويزبد …
    في صباح اليوم التالي لم يعثر السكان على الأسرة المنكوبة ،رحل العجوزان عن البلدة وخلفا وراءهما بيت مهجور يضج بالذكريات وحقل سمسم محترق يتصاعد منه غاز ثاني أكسيد الكربون …
    6/4/2000م


    (عدل بواسطة adil amin on 08-07-2010, 05:03 PM)

                  

08-08-2010, 04:37 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    اطفال الزمن الآسن
    - يا حاج محمد الولد عطشان!!!
    - اصبرى شوية يا ولية..
    كان الموكب ينساب فى الرمال غربا كثعبان اسود طويل..نحو افق غارب لا ينبيء بالخلاص..ظلوا يتصببون عرقا وصياح الاطفال يصم الاذان..الرجال يلتفتون الى الوراء بغضب بين الفينة والفينة...
    - يا حاج محمد ولدنا الكنا دايرنو يدخل الجامعة..يدرس ط..
    - يا ولية( الناس فى شنو والحسانية فى شنو)*....هذا ليس وقت هذا النوع من الكلام..
    محيطات من الرمال ..لا نهائية وشمس حارقة وموكب من ناس عاشو فى الزمن الخطا فى الارض اليباب..وانين ومسنين يتساقطون فى الطريق..لتنقض عليهم الجوارح فى وليمة احتفالية لم يسبق لها مثيل..مقاتلين المهدية الشجعان..تقتلهم المنون بلا قتال...
    - يا حاج محمد...الولد..مأأأأأت...ماأأأأأأأأأأت
    - لا حولة ولا قوة الا بالله...
    توقف الموكب وشمس الغروب تصبغ وجوهم السمراء المعروقة بالخضاب..وابتعدت الجوارح فى هدنة قد تستانف فى الغد الذى قد لا ياتى..تم دفن الطفل ادم محمد هارون فى قبر صغير فى رمال ######ة لا تعرف الرحمة وصلوا عليه..وهجعو يجمعون شتات عمرهم الضائع هدر..تكومت النسوة الثاكلات عن كثب..وجلس الرجال يتدالون امرهم..ويناقشون الدليل الذى يعرف طريق الخروج من هذا الجحيم.........
    ********
    فى الصباح عادت الحية تواصل زحفها غربا وكلما عبرت كثيب ظهر كثيب....
    - يا حاج محمد انتو ودرتو الطريق؟!!!
    - اصبرى يا ولية..الزمى الصبر الله كريم...
    وكان الله كريما معهم عندما اختفت الجوارح فجأة وابتعدت فهى ترى ما لا يرون..وبعد عبور كثيب اخير لاح علم الامم التي ما تحدت يوما وعلم تشاد يلوح لهم من بعيد،حيث معسكرات النازحين..حيث يعيشون فيها فقط ..لان الموت لم ياتي بعد..وكانت هذه آخر مرة يلتفت فيها الرجال الى الوراء بغضب ويموت الاطفال عطشا وتبكى النسوة فى زمن الاوغاد....
    *****
    العمل الفائز بجائزة ناجي النعمان 2008


    انتهت المجموعة التي اصدرتها بمناسبة مرور الذكرى السنوية لوفاة د.جون قرنق...وكما تروا..الاسباب الطاردة للمركز تتجلي بين السطور في اكثر من قصة...والامر متروك للاذكياء من ابناء شعبنا في المنبر
    ونشكر كل الزوار والمتداخلين والمخرج عثمان محمدين

    (عدل بواسطة adil amin on 08-08-2010, 04:38 AM)

                  

08-08-2010, 04:54 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)

    wquuuuuusudan1sudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    (عدل بواسطة adil amin on 08-08-2010, 05:06 AM)
    (عدل بواسطة adil amin on 08-08-2010, 05:13 AM)

                  

08-08-2010, 06:56 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)


                  

08-12-2010, 07:12 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    Quote: حكاية لم يروها النهر

    الحديث عن كائنات هذه المدينة العجيبة ذو شجون..اسمه جوك والمدينة الدامر فى السبعينات..يرتدى ذى عسكرى قديم مهترى وحذاء عسكرى ثقيل..كان شرسا ولكنه لم يكن شريرا...عالمه الغريب والعجيب كان مصدر اثارة لدهشتنا الطفولية قبل ان يغتالها الزمن ونكبر وتبكر احزاننا..كان يشجع فريق الرابطة باخلاص الى حد التهور والمهاترات والضرب احيانا..وكثيرا ما نسمع صياحه الجهورى الذى يغمز به ناس الاتحاد فى المنصة(والله لو غلبونا فرحانين..لكن كان غلبنا الفرح الشديد)..وفى احدى المباريات كان تحييز الحكم وضاحا بصورة اغضبت جوك فاستدار الى المنصة الى رجالات الاتحاد((يا ناس الاتحاد يا(...)...الحكم (اب كرش ده..) جبتوا من وين)..وانبرى له حينذاك المخضرم العبيد ادريس مدير مدرستنا مدرسة شيخ مجذوب..وقف وضعا يده فى وسطه وبصوته ا المتميز والممطوط( نوريك جبناه من وين يا جووك..نوريييك من وييين..من مدرسة الدااااايات)...ويستشيط جوك غضبا..ولكن بعد نهاية المباراة ينصرف الجميع كل الى مكانه فى هذه المدينة العلاقات الانسانية المتشابكة فريدة ليس هناك خفير ووزير خاصة فى دار الرياضة ..ويذهب جوك الي انداية بت حمرى فى مربع ثمانية ويمتد به المقيل الى التاسعة مساء يحتسى المريسة ..وبعدها يبدا مشوار البحث عن حفلة..وكثيرا ما كان يشارك فى وصلة غنائيةبصوته الاجش واغنتيه المفضلة((الجواب الجانى بالقندران...الجواب الجانى من بورسودان..قال حبيبي عيان))..لم يعرف احد ابدا لجوك اعمال تخل بالشرف والمرؤة ولم يسجل اسمه اطلاقا فى دوائر الشرطة...
    **************
    عرفت لاحقا بعد تركنا للمدينة الانيقة الدامر ان جوك وضع نهاية فاجعة لحياته..عندما شاهده المواطنين فى الضفة الشمالية لنهر عطبره ذات غروب يندفع من الجهة الجنوبية من النهر بعد ان نزل من باص الدامر ويسير بزيه العسكر وحذاءه الثقيل صوب النهر المتمرد نهر عطبره ذلك السفاح اللعين..غاص فى النهر ولم يخرج مرة اخرى ..واضحى حكاية لم يروها النهر...جوك المواطن من ابناء جنوب السودان الطيبين ..الذين لا تعرف من اين جاءو وكيف جاءوا والى اين يذهبون


    واصبح الراحل جوك بطل قصة صرخة ميتا..بعد ان اختزنه الطفل الاخضر في اروقة الذاكرة..العملية الابداعية ليس سوى قليل من الخيال مع تداعيات الطفولة البعيدة (Childhood reminiscence)
                  

08-16-2010, 06:30 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    Quote: سيرة مدينة:سباق المسافات الطويلة



    عادل الامين
    [email protected]
    الحوار المتمدن - العدد: 2404 - 2008 / 9 / 14
    المحور: سيرة ذاتية
    راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

    كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمةحسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟
    ويطوف بى الخيال واحات في اروقة الذاكرة واتداعي

    في ايام ثروة مايو الاشتراكية..كانت تقام احتفالات بمناسبة اعياد الاستقلال..واذكر ان الاحتفال في محافظة النيل كان متفردا..كنا في الدامر وقد تجمهرنا نحن طلاب مدرسة شيخ مجذوب في الساحة الشعبية لنشهد ظاهرة فريدة في المدينة ..سباق الهجن..كانت الجمال الجميلة البشارية تختال في زهو ويقودها اصاحبها من ابناء قبائل شرق السودان..
    بدا السباق في العاشرة..وانطلقت الجمال شرقا في منظر مبهر..ثم اختفت في الافق..ثم عادت تسابق الريح الي نقطة البداية ..وسط صياح الجماهير..وصل جمل اصهب الي نهاية السباق وقد تقطعت انفاسه ويتصبب عرقا..وتم تسليم الجائزة لفارسه الذى كا يبدو في منتهى السعادة..وتم تجميع الجمال عن كثب لتتواصل الفقرات الاخري للبرنامج..اما انا فلم انفك من سحر الجمل الفائز والذي كان صاحبه يقف معه عن كثب فاتبعته..ولم تمضي نصف ساعة حتى حدثت الفاجعة..استدار الكائن البديع حول نفسه وسقط علي الارض مثيرا زوبعة من الغبار وصاحبة ينظر اليه في هلع..اخذ يرفس بارجله ويطرف بعينيه ويتنفس بصعوبة..لحظات وهمد جسده..واغمضت العيون الجميلة الدامعة اهدابها الطويلة ثم فتحت نصف فتحة ليطل منها الخواء الابدي..جلس صاحبه القرفصاء يصارع دمعة حارة فقلما يجود رجال هذه القبائل بدموعهم العزيزة..واخذ يربت على راسه وقد تجمهر العديد حوله يبدون اسفهم لموت الجمل..سقط مظروف النقود من حجره وهو يتحسر ويردد كلمات بلغته الغريبة كانها مناحة او مرثية ..انطبع هذا المنظرالمؤلم في ذاكرتي الطفولية ..لاعرف لاحقا فداحة ان يكسب الفرس او الجمل السباق .. سباق المسافات الطويلة ثم يموت..دون ان ينعم بالجائزة..هذا الشعور الرهيب بفداحة الخسران شعرت به مرتين...عندما مات الاستاذ محمود سنة 1985..وانا اجلس القرفصاء واندب حظنا لعاثر في ظل حائط منزوي لاشلاق السجون امام سجن كوبر..ثم تكرر يوم السبت المشؤم الذى عرفت فيه رحيل د.جون قرنق الفادح..ولا ادري متي يستشعر السائرون نياما هذه المرارة...مرارات الفقد في السباق .. سباق المسافات الطويلة...وكما قال المرحوم خوجلي..(ونحن بعدك ياهو حالنا ديما للافراح ننادي)...
    كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمةحسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى:لماذا انا هنا؟؟
    واتداعى...
    .
                  

08-24-2010, 03:54 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    Quote: الساجور) كلمة غريبة كانت ترددها الجدة العظيمة الحرم...وكان على ان ارثها منها ولا ادرى اذا كان لها تفسير فى السفر القيم للبروفسر عون الشريف قاسم (معجم العامية فى السودان)..ومنذ كنت طفل كا يخيفنى ذلك الشىء الذى يفغر فاه وتبين احشاءه المتلظية ويسميه السودانيين مكوة الفحم..كان اشبه بالتمساح..ومنذ ذلك الحين اضحت المكوة هى ساجورى دون منازع..ولكن ابى الذى عمل مدرسا بالدلنج وبمريدى..يحب ابناء هذه المناطق..وهم اناس طيبون حرمتهم حروب الهوية والموارد من فرص تعليم عادلة وجاؤ الى الشمال ليعملو مكوجية..اذا كان علي ان اتخطى اكثر من تمساح فاغر فاهه فى محل الغسال الى الجوار فى شمبات الاراضى لانقل لعم دنيال تحيات ابى وملابسه ايضا..وللاسف حتى الان وبعد اثبت ابناء هذه المناطق تفوقهم فى كافة المجالات الفكرية والثقافية والسياسية لا زال البعض من ازلام السودان القديم يعاملهم بشوفينية مريضة كجزء من ثقافة السودان القديم المنحطة..كنت اود بعد غيبة طويلة ان ابدا بتحية الاصدقاء والاعداء..حيث يعج منبرنا الحر بالطيب والشرير والقبيح..ولكنى للاسف اليوم شاهدت ساجور حديث(مكوة كهرباء)..يحمله يمنى ووضعه جوارى فى محل الانترنت..هذا الساجور الحديث له ذيل يخفيه بكيس امريكى كما قال مظفر النواب عن وزراء النفط العرب..وطبعا وزير النفط السودانى ليس منهم لانه فى تلك الفترة لم يكتشف النفط فى السودان ..ومع ذلك لا اتصالح مع هذا النوع من السواجير الامريكية..لان صديقى الذى يجلس جواري الان ويبدو سعيد بحيازته لهذة الالة.. اما كان له او من الافضل ان يطلق زوجته النكدية التى لا اعرفها ولكنها تمارس عليه تسلطها..وتلزمه بشراء مثل هذه الاشياء التى حتما ستقود الى انحرافه لاحقا وتعاطيه للرشوة والفساد...انظرو يا اخوانى انى مستعد ان اغسل كل الملابس العالم واموال تنظيم(...) ولا اكوى جلابية سودانية واحدة..خاصة اذا كانت انصارية لانى لا اعرف اذا كنت قلبتها اثناء الكوى ام لا. واليمنيين يعتبروها رمز لكسل السودانيين.ولا يعرفون انها رمز للسرعة فى نفرة الجهاد..

    توفي ولدي الرحيم منذ عامين الذى عمل معلما في جنوب السودان في الستينات...ولم ينتهي حزني عليه ابدا...تعلمت منه احترام الناس والتعامل معهم في مستوى الارواح....وكا ن يردد(عندما ترتفع الروح فوق عارية الجسد...يتساوى الخلق) واكثر ما يحزنني انه توفى قبل ان انجز هذه المجموعة من تداعيات القصص التي كان يحكيها لي زمان... كان سودان جديد قبل ان يولد د.جون قرنق طيب الله ثراهما ...



    نتعمد الاسراف
    كى نستر الفاقة
    الزاد خبز حاف
    والنفس افاقة
    ..........
    الساجور:الشيء الذى يجلب النحس

    (عدل بواسطة adil amin on 08-24-2010, 03:55 PM)

                  

08-24-2010, 11:11 PM

othman mohmmadien
<aothman mohmmadien
تاريخ التسجيل: 12-13-2002
مجموع المشاركات: 4732

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)


                  

08-25-2010, 06:07 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)

    (عدل بواسطة adil amin on 08-26-2010, 01:55 PM)

                  

08-26-2010, 08:20 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    (( لارض حفيف الاجنحة التى فى عبر انهار كوش المرسلة رسلا فى البحر فى قوارب البردى على وجه المياه ، اذهبوا ايها الرسل السريعون الى امة طوال جرد الى شعب مهاب اينما كان ، الى امة قوية جبارة الخطى تقطع الانهار ارضها .

    يا جميع سكان المسكونة وقاطنى الارض اذا رفعت الراية على الجبال فانظروا ، و اذا نفخ فى البوق فاسمعوا ، لانه هكذا قال لى الرب انى اهدا وانظر من مسكنى كالحر الصافى على البقل ، كغيم الندى فى حر الحصاد ، فانه قبل الحصاد عند تمام الزهر وعندما يصير الزهر حصرما نضيجا يقطع القضبان بالمناجل ، وينزع الافنان ويطرحها ، تترك معا لجوارح الجبال و لوحوش الارض ، فتصيف عليها الجوارح وتشتى عليها جميع وحوش الارض .

    فى ذلك اليوم تقدم هدية الى الله رب الجنود من شعب طويل واجرد ، و من شعب مخوف منذ كان فصاعدا ، من امة ذات قوة وشدة ودوس قد خرقت الانهار ارضها ، الى موضع اسم رب الجنود جبل صهيون ))اشعياء 18 .



    منقول من بوست عبدالله عثمان
                  

09-15-2010, 03:40 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    هذا ما وجده ابناء جنوب السودان والهامش في المركز من 1956-2010


    هل انتم قادرون كما فعلت جنوب افريقيا على الاستبفاء باستحقاق(الشفافية والمصالحة) ام استكبرتم ووليتم مدبرين

                  

09-15-2010, 07:30 PM

خضر عطا المنان
<aخضر عطا المنان
تاريخ التسجيل: 06-14-2004
مجموع المشاركات: 5191

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    الحبيب / عادل امين

    عمل رائع .. وحهد مقدر يتكئ على ايقاع أصيل من الفن القصصي الرصين .

    فلا أملك الا أن أهنئك عليه.. وكم يحدوني أمل في أن تصلني نسخة منه
    حتى اتمكن من استعراضها هنا على صفحات الراية القطرية حيث اعمل .

    لك مودتي وللأسرة سلامي وتهنئتي مكررة على هذا السفر الجميل
    وعبرك التحايا لكل شبر من صنعاء الحبيبة وكافة من يذكرونني هناك .

    خضرعطا المنان
    [email protected]
                  

09-16-2010, 09:20 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: خضر عطا المنان)

    Quote: الحبيب / عادل امين

    عمل رائع .. وحهد مقدر يتكئ على ايقاع أصيل من الفن القصصي الرصين .

    فلا أملك الا أن أهنئك عليه.. وكم يحدوني أمل في أن تصلني نسخة منه
    حتى اتمكن من استعراضها هنا على صفحات الراية القطرية حيث اعمل .

    لك مودتي وللأسرة سلامي وتهنئتي مكررة على هذا السفر الجميل
    وعبرك التحايا لكل شبر من صنعاء الحبيبة وكافة من يذكرونني هناك .

    خضرعطا المنان

    الاخ العزيز خضر عطا المنان
    تحية طيبة
    تقبل تحياتي وتحيات ابناء اليمن الاوفياء فهم لا ينسون السودانيين المبدعين من امثالك ولقد عملت مدة عام في صحيفة الحرية مع عمك عبدالكريم صبرة محرر ثقافي ووجدت اثارك في الارشيف
    للصدف او الاسف كنت في بلد اللؤلؤة والمحارة(قطر) قبل شهر ولم التقيك...وقمت بتوزيع نسخ للاخوان في منتدى البيئة...وتوجد نسخ تركتها هناك عند شقيقتي د.سعاد...والتفاصيل ستجدها في الرسالة التي ارسلتها لك ببريدك الالكتروني والتلفون ايضا
    وجود صحفي محترف مثلك في الصحافة القطرية مكسب كبير...للسودانيين..ويجعل للسودانيين حضور مبهر ان شاء الله في ما تبقي من اشهر معلومات على الدوحة عاصمة الثقافة 2010 واتمنى ان تكون صحيفة الراية نافدة الابداع السوداني المغييب من المحيط الي المحيط
    وكل عام وانتم واسرتكم بخير..وبالله حيي لينا نصب اللؤلؤة والمحارة عند الساحل نيابة عن عشاق الحقيقةوالجمال....
                  

09-16-2010, 09:34 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    وبالله حيي لينا نصب اللؤلؤة والمحارة وشعب اللؤلؤة والمحارة الرائع.. عند الساحل نيابة عن عشاق الحقيقةوالجمال....
    adilssudan1sudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



    اتوهج في بدني
    اتمرغ في شجني
    غيري اعمى
    مهما اصغى
    لن يبصرني

                  

09-18-2010, 05:38 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    بين نصوص هذه القصص
    هل كانت معاناة ابناء جنوب السودان...من الشمال او الشماليين؟يعني من( منو)
    ام كانت معاناتهم من(شنو) المركز والدولةالمركزية الفاسدة والفاشلة والفاشية من 1947 حتى الان

    لنلتف جميعاحول مشروع واحد:الدولة المدنية الفدراليةالديموقراطية




    التحية المقدرة للاخ احمدالصادق/النرويج

    (عدل بواسطة adil amin on 09-18-2010, 05:39 PM)

                  

09-19-2010, 07:03 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    عبر قصص "قطار الشمال الأخير" ورواية "الساقية"عادل الأمين .. راو جديد لصراع الثروة والسلطة في السودان 2010-09-11

    أبطاله يحاربون الفساد السلطوي والاجتماعي بلا هوادة!
    عبد الله الحامدي:
    ثمة نوعان من الكتابة، نوع مبني على الترف، ونوع نابع من المعاناة، والكتابة التي يمارسها كاتب القصة والروائي السوداني المقيم في اليمن عادل الأمين قادمة من المعاناة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كتابة تضع السودان من جنوبه إلى شماله، ومن شرقه إلى غربه، بناسه وسواقيه وقطاراته وحروبه وهجراته، على الورق، هكذا، دون تزيين ودون بلاغة، عدا بلاغة نص الحياة.
    فالأمين وهو يسرد قصصه وحكاياه العجيبة ينسى أنه يكتب، فينسى القارئ معه أنه يقرأ، لتتحول الكتابة والقراءة إلى حديث مفتوح مليء بالأنفاس والنبضات والدمع والدم، وقبل ذلك وبعده بالصدق الذي يجعل اللغة كائناً حياً ماثلاً أمام العين.
    ورغم جمالية اللغة التي يمضي بها الأمين في سرد الوقائع والأحداث، ورغم الحبكة الدرامية ونضج الشخصيات التي تجسد حيوية المشاهد وحركيتها، فإن كل اهتمام الكاتب لا ينصب على التقنيات الفنية بمقدار ما يذهب مباشرة إلى الحياة، بحرارتها وغبارها وأشواق أهلها وتدافعهم في دروبها الشاقة.
    شخصيات واقعية
    في مجموعته القصصية "قطار الشمال الأخير" نتعرف على شخصيات عديدة تتسم بالواقعية وتتميز بحضورها المؤثر، على المستويين الإنساني والرمزي، فهي شخصيات تعيش واقعاً حقيقياً تتفاعل معه سلباً وإيجاباً، وفي الوقت نفسه تجسد أفكاراً ومبادئ أنضجتها التجارب خلال سنوات مديدة .. نتعرف على "محمد الطاهر" ابن عامل سكة الحديد في مدينة عطبرة العمالية الفقيرة وعلى "ميتا" الذي اغتالته رصاصة طائشة ليطلق صرخة مدوية أجفلت المتحاربين على الطرفين وفضحت قذارة الحرب الأهلية الدائرة بلا جدوى ويدفع ثمنها الجميع، ونتعرف كذلك على "ميري" وابنتها الخلاسية "يار" ذات الجمال الصاعق وحفيدها "بيتر" الذي يكثف وجوده أسئلة السودان الحائرة بين الجنوب والشمال، على "حمدان" رجل الشرطة الشريف الذي يدفع ثمناً باهظاً لقاء نزاهته، و"أحمد" المغترب في الخليج والذي عاد ليموت كمداً بمعسكر النازحين في ضواحي الخرطوم، و"عصام" خريج الجامعة الذي فقد نفسه بحثاً عن وظيفة، وكمال المهندس الزراعي الذي يتصدى للفساد الإداري والأخلاقي، و"الحاج محمد" الذي يلوب في الصحراء هرباً من القتل والجوع والعطش إلى مكان يعيش فيه الناس لأن "الموت لم يأت بعد"، بيد أن ابنه يموت أمام ناظريه ولا يستطيع أن يفعل له شيئاً!

    مناصرة الفقراء
    تبدو كل هذه الشخصيات واقعية، وقد دخلت العالم القصصي بأسمائها الحقيقية أو بأسماء مستعارة، وكأن مهمة الكاتب عادل الأمين قد انحصرت في نقلها بأمانة من الحياة المعاشة إلى الفضاء السردي، لتتحرك فيه بأحاسيسها وأفكارها، بأخطائها واجتهاداتها، بلعثماتها وإصرارها على ما تؤمن به بصدق وحرارة شديدين، بل إن السمة الأساسية لهذه الشخصيات أنها تحارب الفساد مهما كلف الثمن، كاشفة بشاعة ممارسة الأنظمة الاستبدادية في سعيها للحفاظ على أوضاعها ومكتسباتها على حساب البسطاء والمحرومين.
    لا شك إن كتابة الأمين تنطلق من خلفية إيديولوجية مناصرة لطبقة الفقراء عموماً ضد طبقة الجشعين والمتسلطين، وهي خلفية واعية ومثقفة، ما انعكس بطبيعة الحال في خطابه السردي، محاولاً ألا يسرّب هذا الوعي ضمن السياق الفني للسرد القصصي أو الروائي، إلا فيما تقتضيه الحال أحياناً، بغية إنارة الموقف من بؤرة السارد، علماً بأن الكاتب يتماهي في كثير من القصص مع السارد، متحدثاً بضميره في الغالب.
    ومن المهم الإشارة هنا إلى أن الكاتب مارس عملية الظهور والاختفاء حسب طبيعة كل قصة من القصص وأحداثها، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في طريقة بناء العبارة ذاتها، ففي قصة "سر الرجل الذي تطارده الكلاب" مثلاً يرد هذا الوصف "عم الهدوء المؤسف المكان"، فمن هو الذي تأسف؟ الكاتب أم بطل القصة؟ ربما يظل الجواب معلقاً حتى خاتمة القصة التي تنتهي نهاية مشابهة لبدايتها، ولعل انتقال الكاتب بين الضمائر الثلاثة (الغائب – المخاطب – المتكلم) هو ما ترك لعبة الاستيهام مفتوحة على مصراعيها طوال عملية السرد، بعد تأسيس إحداثيات حقيقية لا تقبل الوهم مثل هذا المدخل للمشهد التالي: "أسرتي بسيطة من الأسر العمالية التي تقع بها مدينة عطبرة .. والدي يعمل في مرفق السكة حديد بينما تصنع أمي بعض الأشغال اليدوية من سعف النخيل وتبيعها في سوق الزيارة، أما بقية الأسرة فهم شقيقي أحمد الذي يكبرني بعدة أعوام وشقيقتي فاطمة، متزوجة من رجل يعمل في إحدى دول النفط، أبي من أعيان طائفة الختمية" ..

    اللغة وجماليات الخطاب
    وهكذا يسترسل الكاتب بلغة أقرب إلى الحكي اليومي، متعمداً الاستعانة ببعض التعبيرات الدارجة، فعلى سبيل المثال كان الأصح أن يقول في المقطع الآنف من القصة "السكة الحديدية"، أو "سكة الحديد"، فلا يمكن إضافة المعرفة إلى نكرة! هذا لا يستقيم مع البلاغة العربية منذ بناء سوق عكاظ، لكن ثمة أقوال ووجهات نظر متباينة حول لغة السرد، إن كانت لغة الكاتب (المنقحة) أم لغة الشخصية (على علاتها) أم (اللغة الوسطى) بين الفصحى والعامية، والتي نادى بها الأديب العربي توفيق الحكيم خصوصاً في مسرحه، وأظن أن عادل الأمين اختار هذه المسلك اللغوي، لكنه لم يعتن به كثيراً، رغم أهميته البالغة، فالسرد لغة أولاً، ومنها تنبع جماليات الخطاب ثانياً، والأخطاء اللغوية والنحوية والإملائية سوف تضعف العمل الأدبي بالتأكيد، فضلاً عن الأخطاء المطبعية التي لا ذنب مباشر للكاتب فيها.
    فهل قصد الكاتب استعمال اللغة العامية بتعبيراتها الدارجة ضمن فضاء اللغة الفصيحة، لتقريب السرد من الحياة، أم أنه وقع في هذا المثلب دون إرادة منه؟ سيما وأن بعض الأخطاء لا يمكن غفرانها مثل نصب المبتدأ في عنوان القصة، كما في هذا العنوان "النازحين يصعدون إلى السماء"، مع العلم أن هذه القصة والتي سبقتها "عصام .. الخريج الذي فقد نفسه" تفارقان بقية القصص في المجموعة بأسلوبهما السوريالي المدهش.
    مجموعة "قطار الشمال الأخير" تتضمن إحدى عشرة قصة وهي على التوالي: سر الرجل الذي تطارده الكلاب، صرخة ميتا، قطار الشمال الأخير، شوارع الخرطوم، معسكر اللاسلكي، الطاووس، عصام الخريج الذي فقد نفسه، النازحين يصعدون إلى السماء، الطيب والشرير والقبيح، حقل السمسم، أطفال الزمن الآسن .. وتقع المجموعة في 124 صفحة من القطع الصغير وهي صادرة عن سلسلة آفاق الإبداع، مركز عبادي للدراسات والنشر في صنعاء.

    تأثيث المعمار الروائي
    في الراوية ثمة متسع للخيال أكثر من القصة، صحيح أن الرواية تغرق الراوي بتفاصيلها وجزئياتها اللاهثة أحياناً، من أجل تأثيث المعمار السردي بمزيد من الشخصيات والتوصيفات والحوارات، فتتقلص بوجودها فسحة التأمل، إلا أن الكاتب الحاذق يستطيع المناورة والزج بكل تلك المعناصر المؤثثة عبر تشكيل فانتازي خلاق، يعيد بناء الواقع من بؤرة مختلفة، ولعل هذا البناء هو أحد أهم أهداف الرواية أساساً.
    على هذا الأساس جنح الكاتب عادل الأمين في روايته "الساقية" والتي تدور أحداثها في الأمكنة ذاتها التي تدور فيها أحداث قصصه (عطبرة – شندي – الخرطوم) والأزمنة ذاتها (السبعينيات والثمانينات) نحو الحكي باعتباره وسيلة تعبيرية جمالية تتطلب عناصر ومكونات فنية ذات استراتيجية بعيدة الأمداء.
    تذكرنا "الساقية" بأجواء "الأم" للروائي الروسي مكسيم غوركي إحدى أبرز روايات الواقعية الاشتراكية التي هيمنت على فن الرواية في بلدان العالم الثالث شرقاً وغرباً خلال العقود الفائتة، ومنها الرواية العربية طبعاً، حيث تلعب المرأة دوراً محورياً في صناعة الحدث، فضلاً عن أن الرواية بمجملها تستمد جمالياتها من علاقتها المباشرة مع الناس، أولئك الذين اكتووا بنار المعاناة، لكنهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي إزاءها، بل قاوموا كل أشكال الفساد السلطوي والاجتماعي والأخلاقي بعزيمة هائلة وتفاؤل ثوري قل نظيره في هذه الأيام، فقد يخسرون الدنيا لكنهم يربحون أنفسهم في المحصلة، مستجيبين لمقولة سيدنا المسيح عليه السلام: "ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!".
    ما بعد الطيب صالح!
    لا شك أن السودان بما يمتلكه من تنوع طبيعي وبشري سيظل منجماً ومختبراً إبداعياً غنياً قابلاً للتجلي والاكتشاف في كل مرة من جديد، وهذا يتوقف على همة المغامرين وسعيهم أولاً، والنقاد والباحثين ثانياً .. أحياناً يكثر المغامرون ولكنهم يظلون مغمورين، خلف كوكب ساطع، حدث هذا لشعراء العراق وبدر شاكر السياب، ولشعراء الشام ونزار قباني، ولروائيي مصر ونجيب محفوظ، ويبدو أن مجيء عبقري الرواية العربية الطيب صالح قد حجب الأضواء عن كثير من كتاب القصة والرواية السودانيين وهم كثر، ولعل أبرزهم الروائي البارع أمير تاج السر ابن أخت الطيب صالح نفسه!
    ناهيك عن أسماء عديدة خرجت من تحت عباءة الطيب صالح الممتدة الأطراف، متخطية "عقدة" الأبوة هذه، بصورة محايدة أحياناً، ومشاكسة أحياناً أخرى، ولا يكفي ذكر بعض الأسماء هنا مثل محسن خالد ومصطفى مبارك وإبراهيم إسحق وزهاء الطاهر وعلي المك ومحمد خلف الله وبشرى الفاضل وبثينة خضر مكي واستيلا قايتانو وعيسى الحلو وفيصل مصطفى ونفيسة الشرقاوي وعبد الغني كرم الله وآخرون .. للدلالة على بدء مرحلة جديدة بولادة أجيال لاحقة من الكتاب السودانيين، يخرجون تباعاً من الهامش إلى المتن، والمستقبل يعد بالمزيد.
    أخيراً يذكر أن رواية "الساقية" صدرت أيضاً عن سلسلة "آفاق الإبداع" في 190 صفحة، وطبعت بمركز عبادي للدراسات والنشر في صنعاء.


    المصدر:صحيفة الشرق القطرية 11/9/2010
    http://www.al-sharq.com/articles/more.php?id=208389
                  

09-19-2010, 07:23 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    اشكر اسرة صحيفة الشرق القطريةوالناقد البارع عبدالله الحامدي على اهتمامه بالابداع السوداني وتناوله للقصص والرواية..ونشرها في فضاء الدوحة عاصمة الثقافة2010...والشكر موصول للدكتور عبد المطلب مكي سكرتير التحرير والدكتور انور محمد عثمان وكل من تعاون في فتح ثقب في الجدار..لنعرف معنى الهواء الطليق


    Quote: وأن بعض الأخطاء لا يمكن غفرانها مثل نصب المبتدأ في عنوان القصة، كما في هذا العنوان "النازحين يصعدون إلى السماء"،

    واستميح الناقد عبدالله عذرا في ما راه خطا نحوي
    لقد تعمدت ان اجعلهم نازحين وليس نازحون...وضعتهم في محل المفعول لانهم لم يمارسو النزوح بارادتهم بلاغيا...بل بفعل فاعل...وهي الحرب المفروضة عليهم من المركز(الفاعل) ويمكن ان نجعلهم مفعول به لفعل امر محذوف..تقديره انظر النازحين يصعدون الي السماء
    والنقد كما قلنايبرز جماليات النص وهو الوجه الاخر للفعل الابداعي
    الشكر مرة اخرى للاخ عبدالله الحامدي وفعلا رب اخ لك لم تلده امك

    وفي انتظار خضر عطا المنان ايضا


    Quote: أن الرواية بمجملها تستمد جمالياتها من علاقتها المباشرة مع الناس، أولئك الذين اكتووا بنار المعاناة، لكنهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي إزاءها، بل قاوموا كل أشكال الفساد السلطوي والاجتماعي والأخلاقي بعزيمة هائلة وتفاؤل ثوري قل نظيره في هذه الأيام، فقد يخسرون الدنيا لكنهم يربحون أنفسهم في المحصلة، مستجيبين لمقولة سيدنا المسيح عليه السلام: "ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!".


    شكرا للتحليل العلمي الرصين
    وهذا القول للمسيح عليه السلام من اجمل الماثورات الي قلبي...التي تتشبث بها الارواح كصاري السفينة في زمن السقوط المريع

    [email protected]
                  

09-23-2010, 09:42 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    الان كلمة اخيرة قبل الارشفة
    قاتل ابناء الجنوب من 1947 من اجل ثلاث اشياء
    1- الدولة المدنية القائمة على المواطنة
    2- الدولة الفدرالية:التي توزع السلطة بين الهامش والمركز باسس عادلة
    3- الدولة الديموقراطية:التي تتيح مناخات حرة متعافية لتلاقح الافكار والرؤى

    الان انظروا
    هل توجد ثقافة مجتمع مدني حتى على مستوى هذا البورد ام نحن في حالة فقدان هوية مزمن جلابة...غرابة...جانقي... حتى تكون هناك دولة مدنية...وهل يمكن ان تكون هناك مواطنة مع الشريعة بتاعة المؤتمر الوطني..المزعومة
    وماذا عن الفدرالية...هل لدينا فدرالية حقيقية الان في ظل نظام وليس حزب حقيقي مركزي فاسد وشمولي وامني...

    وماذا عن الديموقراطية...لماذا افسد المؤتمر الوطني افضل استحقاق نيفاشي يجعل الوحدة جاذبة وهو الانتخابات...ولماذا تشبثو بي السلطة بهذه الصورة المخيفة
    1- هل يخافون من المحاسبة...ام عجز عن موجهة الذات
    واين المرحلة المهمة للتحول الديموقراطي(لمحاسبة والشفافية والاعتراف والاعتذار ثم المصالحة)

    لماذا تخلت امريكا عن المعارضة السودانية واثرت استخدام الجذرة والعصا مع المؤتمر الوطني
    هل العيب في المعارضة ام في امريكا
    ....
    مجموعة قطار الشمال الاخير....اقوال شاهد اثبات كما نوه الناقد عبدالله الحامدي....في صحيفة الشرق القطرية
    ودعوة للنظر في المخازي التي اعتورت السودان القديم سنين عددا ودعوة لمواجهة الذات وا
    لبحث عن بدايات سياسيةو اخلاقية جديدة تبدا بالنظر والتشخيص للمسكوت عنه وترك سياسة دفن الرؤس في الرمال.. انظرو ما قالته يار لابنها بيتر وخيارها المؤلم باختيار قطارالشمال.. ماذا قدمتو لهاولابنها في معسكرات النازحين؟؟ ...فهل انتم منتهون

    (عدل بواسطة adil amin on 09-23-2010, 09:55 AM)

                  

09-26-2010, 10:11 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    100921121455_dove_226sudan1sudan1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

10-01-2010, 07:26 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    ام كواكية

    استيقظ في الصباح مذعورا..خطف مسدسه من جواره وأطلق النار على سارية العلم عبر النافذة حيث كان يجب ان يكون هناك غراب ينعق في الفضاء ويسلح على علم البلاد..لم يكن هناك غراب يسقط مضرجا في دمائه ويقوم الحراس بدفنه في المقبرة الجماعية في فناء المنزل تحت أشجار الليمون والبرتقال
    لم تنهض زوجته مذعورة توبخه على هذا الفعل المشين والمكر ور...اذ انها لم تكن موجودة الي جواره هذا الصباح"ما هذا الصمت المخيف؟؟!!"..فرك عينيه وأصاخ السمع..عله يسمع صفارة قطار بعيدة من قلب المدينة او أزيز طائرة من مطار ها او الضجيج المعهود في الشارع..."هل هذه كوابيسه المستمرة والتي جعلته يجوب بلاد العالم لطببتها...ام انها الحقيقة؟؟!!"
    لم تأتي سيارة الراسة التي تقله الي القصر الراسي ، رفع سماعة التلفون ووجد المجيب الآلي في الانتظار"ناسف..اما هذا الرقم خارج نطاق التغطية او الهاتف مغلق"...تناول الريموت واراد ادارة التلفاز..ظهرت الشاشة البلورية عارية من كل بث ..فقط التشويش الذى ينبعث من مثل هذه الاجهزة الالكترونية...ادار مؤشر الراديو..نفس الامر ..انطلق صفير ولم يجد له المذياع يمحطة اخبارية واحدة"رباه ..ما هذا الذى يحدث في العالم"
    هب مذعورا واخذ يركض في ردهات القصر وشرفاته الخاوية والاشجار في الفناء تحملق فيه في ذهول وقد خلت من زقزقات عصافيرها"خطب ما الم بالمدينة واغرقها في هذا الصمت المريب؟؟"
    ارتدى ملابسه على عجل وقرر ان يقود سيارته بنفسه...خرج الى الطرقات المقفرة والمتشحة بالغبار...شاهد اوراق ومنشورات تغطي الشوارع...تحملها الرياح وتصفع بها زجاج سيارته...مر امام الشارع المعهود...حيث كانت تقبع مريم بائعة الشاي...وتداعي الى ذهنه المجهد ذكريات من نوع خاص

    كان عندما يمر بموكبه وضجيجه المعهود امام الشجرة التي تجلس تحتها عن كثب من قصر الراسة...لا يطيق النظر اليها...ونظراتها الممتلئة بالوعيد والاحتقار تشوي جسده وتوخذه كالابر...ويحس بالازبز يجتاح كيانه بقوة الف ديسبيل ..كانما سحقته طائرة بوينج 747

    عجز رجال الامن عن ازاحتها شبر من مكانها ولم ينبت احد منهم بكلمة عن ما يحدث له..كلما شرع في مضايقتها..حتى انهم مرة احضرو مشعوذ المدنية الشهير الذى تلجا الحكومة في ملماتها...لهزيمة سحرها الاسود...كانت حادثة...اقشعر لها بدن الجميع واصيبو بالغثيان والخوف معا..جعلتهم يقبلوها كأمر واقع...سقط الرجل مغشيا عليه لمجرد ان حدجته بنظرة من تلك النظرات المخيفة.. ثم نهض يتقصع ويسير ويتحدث في ميوعة فقد استوطنت جسده فجاة امراة...ليت الامر انتهى الي هذا الحد...اضحى المسكين...تحت رغبة لا تقاوم يتسكع عن المدراس يبحث عن عنفوان المراهقين...يصطاد احدهم وياخذه معه الي بيته البعيد في اطراف المدينة...ويتم الامر الذى قد قدر من اجل حفنة نقود..

    بائعة الشاي مريم من قبيلة المساليت في اقصى غرب البلاد..التي تحيط بها الاساطير...لم تاتي الي المدينة بطوعها...وحبا في مباهجها...احرقت طائرات الاباتشي الصينية قريتها في دارفور...داست سنابك خيل الجنجويد على اجساد اهلها الطاهرة...قتل ابيها الشجاع واصيب زوجها بطلق الناري جعله مقعدا ويعاني من الدرن الباهظ التكاليف..وابنها الوحيد يقبع جوارها...وتقيم في هوامش المدينة الغربية...
    عندما كانت مريم طفلة ترعى الماعز في فيافي دارفور الموحشة...ظهر لها رجل فجاة..امسك بها بقوة وطرحها ارضا واجرى لها عملية جراحية غريبة..دفن شيء ما في لحمها الطري اعلى الفخذ..كان يردد على مسامعها الغضة"لا تبكي يا الزينة بنت الزينين...ستتالمي الان ولكنه سيحميك من ام كوكاية ومن ناس الخرطوم بقية حياتك كلها"...ومن يومها وهي تحمل سرها معها..كانت تخيف الرجال... خاصة هؤلاء الاوغاد الذين يتعهرون معها دون حياء ولا يتكلمون بصورة لائقة معها كامراة ملتزمة تبيع الشاي... لها زوج وطفل...
    اضحت الحادثة االمشينة للمشعوذ...القشة التي قصمت ظهر االبعير..وانتشرت وغدت مكان تندر المواطنين.....وفرضت وجودها المخيف تحت شجرة اللبخ جورا قصر الراسة

    نظر الي موقعها تحت الشجرة بعين متوجسة...لمح كل ادواتها قابعة في مكانها والمقاعد الصغيرة متناثر تعبث بها الريح...ولا احد..."تبا..حتى هذه المراة المخيفة..رحلت !!..ما دهى هذه المدينة؟؟!!..ظل يتجول بالسيارة في الطرقات المقفرة...كان الزمن يمضي...والسيارة تائهة في الطرقات...المدينة التي سكنها الضجر منذ امد بعيد...الاوراق المريبة تعبث بها الرياح في كل حدب وصوب... والأتربة ايضا

    شارفت شمس ذلك اليوم على الغروب..عاد بسيارته منكسرا وعندما مر جوار ملعب المدينة الفخم...شعر بالاسي..."اليوم االمبارة النهائية في الكاس اعياد الثورة الظافرة...كان الملعب قابع في الظلام..كانه جبل مرة..وتبرز ابراجه الكهربائية من اركانه الاربعة...مثل كائنات جيمس كاميرون الاسطورية...ترجل من
    السيارة ونظر الى هذا الصرح العظيم الذى كان يملا المدينة ضجيجا وحيوية وقد خيمت عليه سكينة اللحد العميق..تملكه الاسى والرعب تماما..."هل يعقل ان احدهم اخلى المدنية باكملها دون علمه؟؟ابن الاجهزة الامنية والعسس؟؟!!..اين زوجته الوفية؟؟..اين مريم بائعة الشاي؟؟..اين مضى هؤلاء؟؟
    التفت حوله نحو الاوراق التي تغطي المكان وتصفعه من كل جانب..تناول احداها التصقت بوجهه ودسها في جيبه وطفق عائدا بالسيارة الي قصره المنيف والغارق في الصمت المؤسف.....دلف يجرجر اقدامه كانه يسحب فاطرة خلفه....دخل غرفته وأضاء الشموع..حيث لم يعد هناك كهرباء او حياة تدب في جسد المدينة...اخرج الورقة من جيبه وأدناها من عينيه وقرا...كلمة واحدة بخط عريض احمر.. أنيقة وحاسمة"قرفنا"
    هب كالملسوع واخذ يردد في هذيان مرير وينتف شعره" فعلوها...الاوغاد الملاعيين"

    ام كواكية :الفوضي الخلاقة بلغة اهلنا في دارفور

    من مجموعة(خيال ماتة برتبة جنرال لم تطبع بعد)

    (عدل بواسطة adil amin on 10-01-2010, 07:27 PM)
    (عدل بواسطة adil amin on 10-01-2010, 07:29 PM)

                  

10-06-2010, 12:26 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    خيال مآتة برتبة جنرال





    استيقظ مبكرا كالمعتاد، منزعجا من نعيق الغربان الذي يصم الآذان وزقزقات الطير ودبيب جحافل النمل في مزرعته في الجوار...هذه المزرعة اشتراها من مال حساباته السرية التي كانت تكتنز بها ...الهبات والعمولات التي تأتيه من الخارج..جراء العديد من الانقلابات الفاشلة التي ظل يقودها في العهود الماضية وتنتهي بفواجع أليمة وإعدامات... لعب على كل الحبال ،لا يهم الخارج إن كان المعسكر الشرقي أم الغربي...الآن يعيش وحيدا مع زوجته بعد أن هاجر كل أبنائه إلي الخارج...وبقي مع زوجته في تلك التخوم النائية من البلاد هروبا من صديق موجع يسمى((الضمير))...
    ********


    خرج من المنزل ونظر إلى الأفق الشرقي..إلي خيال المآتة الذي يقف في انكسار وسط حقول الذرة الشامي.. وقد استباحته الغربان والطيور وسلحت على رأسه وفكت بمناقيرها مشدة الرأس وجعلت الثوب الأبيض أشبه بخارطة العالم السياسية في أطلس مناهج التربية..
    *********


    ان خيال مآتة في شكل مواطن عادي لا يجدي مع هذا النوع الخبيث من الأعداء..في هذا اليوم اعتزم أمراً جللاً..عاد إلى البيت ودخل غرفته التي يرتفع منها غطيط زوجته النائمة وضراطها أيضا..فتح خزانة الملابس القديمة واخرج بزة الجنرال العتيدة المزينة بالأنواط والنياشين التي أسبغتها عليه الحكومة لجهوده المقدرة في قمع كافة أشكال التمرد والعصيان في طول البلاد وعرضها..ثم نضى الغبار عنها وتركها جانبا واحضر الأخشاب اللازمة لصنع خيال مآتة برتبة جنرال...
    ****************

    في اليوم التالي ...أصاب الغربان والطيور الفزع الشديد وهربت من كل أنحاء البلاد وفي كافة الاتجاهات تتخبط باجنحتها..والتزمت جحافل النمل بحظر التجوال...وعم السكون المطبق المكان إلا من حفيف السنابل مع الرياح..كأنها جماهير الغوغاء تهتف بحياة الجنرال الشامخ المزين بأنواط الشجاعة ووسام الخدمة الطويلة والممتازة الذي يتوسط الحقول...

    ضحك الجنرال،ظل يحدق في الأفق المعتم .. إلي الطاغية الجديد..تتلامع النجوم والنياشين على صدره مع أشعة الشمس الغاربة..عاد إلى المنزل سعيدا..بعد انجازه أول وأخر انقلاب ناجح قام به في حياته دون تدبير قوى خارجية أو أرصدة في البنوك...دلف إلي غرفته التي يرتفع منها غطيط زوجته المعتاد وضراطها أيضا..تناول آخر قرص فياجرا أرسله له ابنه الذي هاجر إلى أمريكا منذ أمد بعيد وتناول عشاؤه الخفيف، قطعة خبز مع جبن فيلادلفيا واستلقي جوار زوجته ونام ..لحظات وارتفع غطيطهما معا...وتبادلا إطلاق نار متقطع في سيمفونية الليل المرعبة..

    *************
    في الخارج خيم السكون المطبق على كل الأرض بعد الهجرة القسرية للغربان والطيور ...والتزام كافة جحافل النمل بحظر التجول..رعبا وفرقا من الجنرال الجديد المصنوع من الخشب الذي حكم البلاد




                  

10-06-2010, 02:57 PM

othman mohmmadien
<aothman mohmmadien
تاريخ التسجيل: 12-13-2002
مجموع المشاركات: 4732

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    ما أكثر خيالات المآته ذات الرتب الكبيرة في هذه الأيام ...
    ما أكثرها ...
                  

10-07-2010, 07:42 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: othman mohmmadien)

    Quote: ما أكثر خيالات المآته ذات الرتب الكبيرة في هذه الأيام ...
    ما أكثرها ...


    سلام يا عثمان

    نعم
    وما اكثر الغربان التي تنعق في الفضاء...دون كتابا او وليا مرشدا

    محن سودانية مش كده

    قلت انزل باقي القصص هنا...للشهادة والتاريخ
    وشكرا لجهودك المقدرة
                  

10-28-2010, 10:30 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    كل الوان الظلام


    كان الوقت قد شارف على الغروب عندما حضرت الآلة القبيحة التي تشبه الديناصور تشق طرقات البلدة في طريقها الى الساحة الشهيرة , اخذ المارة ينظرون اليها في توجس فهم يعرفون تماماً ماذا يعني حضور هذه المجنزرة الى البلدة , احبطت المحاولة الاخيرة للتمرد وشملت الاعتقالات كالمعتاد عدة اشخاص , كانوا أحد عشر شخصاً من مختلف الرتب العسكرية ومعهم خمسة مدنيين تجمهر المواطنون في الساحة ينظرون الى الآلة وهي تقوم بحفر الاخدود فيما كان عدد من العمال يجهزون الاعمدة , سيتم الاعدام في الفجر كالمعتاد , عند حظر التجوال لا أحد يخرج يرى ماذا يحدث , يسمعون دوي الرصاص داخل بيوتهم الكئيبة ويتم تسوية التراب , تنصرف المجنزرة ويعم الهدوء مرة اخرى مخلفاً انين ذوي الموتى خلف الجدران والدموع الصامتة التي تنسكب من حدقات العيون , هذه المرة كان العدد كبير وكان من بينهم العقيد عبد السلام زوج فاطمة , كانت فاطمة تراه كثيراً مجتمعاً بعدد من الرجال ليلاً واحيانا يجرج في ساعات الفجر الاولى ولا يعود الا بعد ثلاثة أو اربعة ايام , كانت فاطمة توقن بأن زوجها سيرحل يوماً ما بأي كيفية لانه صاحب رتبة عالية في الحامية وودائماً ينتقد سياسات الحكومة البغيضة , هذه المرة أحبطت المحاولة اصبح ينتظرهم المصير الاسود , ظلت هذه الافكار تدور في مخيلة فاطمة وهي تحيط طفليها المذعورين بساعدها ويترامى الى أذنها طقطقة السلاح وصةت الاقدام الثقيلة , ظلت تري بخيالها المكلوم العربة السوداء وقد نزل منها المحكوك عليهم مصفدين بأغلال ورصفهم في الاعمدة بحذاء الاخدود ثم صياح الضابط وتحرك كتيبة الإعدام التي تأخذ مكانها المعهود .
    دوي الرصاص ممزقاً السكون وعلا الصراخ في عدد من بيوت البلدة , اخذت فاطمة تصرخ وهي تحضن طفليها في عنف رحل زوجها الان وانطفا صوت الحق من البلدة وهذا يعني استمرار البؤس والشقاء , مضت الايام تباعاً مخلفة ورائها ظلال من الحزن والكآبة على اهل البلدة , ثم حدثت أشياء غربية , تم ترقية عثمان الى رتبة عقيد لدوره الكبير في احباط المحاولة ,اسبغت عليه الحكومة أنواط الشجاعة والاخلاص وتم ترقيته لاحقاً ليصبح حاكماً للاقليم ورحل عن داره المتواضعة الى دار الحاكم , اثار ذلك التغيير المفاجىء دهشة فاطمة الطيبة التي لم يبقى لها من اصدقاء زوجها سوى ابراهيم الذي براته المحكمة وخرج حطام بشري من المعتقل , انطفات إحدى عينيه , اصيب برضوض في رجله , ما فتى إبراهيم وهو المخلص دائماً يزور فاطمة ويتفقد أحوال ولديها ويثني على زوجها الراحل ويجتر معها ذكريات كانت جميلة , أبراهيم من ضابط الصف يحب العقيد عبد السلام ويعرف أي معدن من الرجال كان , ظلت فاطمة تشفق على الحال الذي آل اليه ابراهيم دون ان تعرف السر الكبير الذي يطويه في صدره وفي ذات مرة اخبرها ابراهيم بكل شيء بعد فشل محاولة التمرد أخذت الحكومة عدد من الجنود والضباط كان من بينهم إبراهيم وعثمان أيضاً تعرض ابراهيم لعذاب شديد ضد رفاقه ويكشف سرهم ورفض رفضاً باتاً أن يشهد أو يكون شاهد ملك , عثمان الانتهازي أرتضى ذلك و كشف النقاب عن جميع المتامرين وسلم السلطة الوثائق والمستندات التي بحوزته .


    كان الدور المناط على المقدم عثمان وافراد الجنود معه احتلال مقر الاذاعة المحلية وتباطاً وتم اعتقال المجموعة , لم يعترف الجميع من ضباط وجنود ماعدا عثمان الذي لم ينسى ان يقدم للمحكمة العسكرية فروض الطاعة والولاء , اعتبرته الحكومة أحد ابنائها المخلصين ومن ناحية اخرى تم اطلاق سراح ابراهيم بعد احالته الى حطام منهك , سرت هذه القصة وانتشرت بين أهالي البلدة البسطاء , ظل الاحتقار الذي يكنه المواطنون لعثمان الحاكم يؤرق مضجعه , الكل يبصق عندما تاتي سيرته في مجالسهم .. مضت السنيين وكبر الاولاد طارق وأمين وفاطمة تحثهما على الانتقام لوالدهما , كان ابراهيم يأخذ أمين الى المرتفعات المجاورة ويقوم بتدريبه على إطلاق النار ببندقية والده القديمة فهم أمين الذكي وتعلم الدرس سريعاً.

    ظل أمين ينتظر اليوم الذي ياتي فيه الرئيس لزيارة البلدة ويريح البلاد من جبروته وقد اعتاد الرئيس الحضور في اعياد الحكومة للمدنية ليفتتح بعض المنشئات , أما طارق فقد هرب ذات مرة مستقلاً القطار الذي يتجه في محطة السكة الحديدية في طريقهما الى المدرسة تحرك القطار ومع دوي عجلاته اعتلمت في نفس طارق مشاعر عدة وقرر الهرب والقطار تزداد سرعته تعلق به بغته , شلت المفاجئة شقيقه وزادت سرعة القطار , ركض امين خلف القطار دون جدوى وغاب القطار في الافق خلف الجبال وفي المنزل عرفت فاطمة هروب ابنها طارق وانهارت باكية ولم تفلح مواساة أبراهيم لها يعودة ابنها يوما ما ومضت السنين تباعاً والحال كما هو وبدات البلدة تستعد لاستقبال الرئيس والحاكم عثمان في قمة جبروته وغطرسته , قتل زبانيته ابراهيم في ليلة ممطرة , وجده أمين يحتضر غارقاً في بركة من الدماء , قام مع نفر قليل من البلدة بأجراء مراسيم دفن له, أبراهيم الضميرالحي الذي يقض مضجع الحاكم واكبر حجر عثر له في الزواج من فاطمة الجميلة زوجة الراحل عبد السلام , كما تجمعه صداقة مع امين ابنها الذي فشل الحاكم تماماً في أن ينال رضا أو قدر يسير من الاحترام من هذا الولد المفعم بالحقد الدفين , وفي ذلك اليوم المشهود في العيد الخامس عشر للثورة , اصطف المواطنون المغلوب على امرهم لاستبقال قطارالرئيس وقد زينت شوارع البلدة بالاعلام وأقواس النصر طاف الرئيس بالبلدة وقام بافتتاح المنشئات الجديدة , السجن الجديد ودار المحكمة ولا شي اخر !! وفي اليوم التالي والرئيس في طريقه الى القطار مودعاً , محاطاً بكوكبة من الحراس المدججين بالاسلحة كان أمين في المنزل يبحث عن بندقية والده التي خباتها والدته بعد أن انساها الزمن الحزن على زوجها ورغبتها في الانتقام , اخفتها بعد ان احست بالخطر الذي يقدم عليه ابنها وبعد تفتيش وجدها , انطلق بها خارجا ً راته امه يعدو الى المحطة من نافذة المطبخ وفي يده بندقية , خرجت تولول , كانت المسافة بعيدة , اثار اندفاع أمين الذعر وسط الجمهور , تنبه الحراس واستغل أمين عنصر المفاجئة واطلف النار على الحاكم عثمان , تهاوى الحاكم مضرجاً بالدماء على الارض واندفع الرئيس الى داخل القطار مذعوراً وتحرك القطار بطيئاً .


    أطلق الجنود النار على امين فسقط على الارض , تدافع المواطنون مذعورين ودب الرعب في الجميع وتوالى إطلاق النار وتساقط العديد من المواطنين بين جريح وقتيل وتحرك القطار مبتعداً انكفأت فاطمة تبكي على ابنها الذي يعاني النزع الاخير , كان القطار قد اختفى بين الجبال عندما سمع سكان البلدة دوياً هائلاً وسحابة من الغبار تغطي الافق حيث غاب القطار , يبدوا ان احد ما نسف القطار !! قطار الرئيس. من هو !! لا أحد يدري اخذ الجميع ينظرون نحو الافق المشتعل الذي يتصاعد منه الدخان الاسود الكثيف , كان هناك شخص يتقدم ممتطياً جواداً , دخل الغريب طرقات البلدة تتبعه نظرات الجمهور في دهشة يشوبها الأعجاب , بهذا الذي استطاع إزالة رمز الفساد والاستبداد من البلاد , تقدم الغريب نحو فاطمة وابنها المحتضر ترجل عن صهوة جواده وركع جوار أمه وشقيقه , بعين دامعة نظر طارق الى وجه شقيقه نظرة الوداع الاخير .
                  

11-04-2010, 07:46 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اصدرات سودانية: قطار الشمال الاخير (قصص) - الكاتب ... (عادل أمين). (Re: adil amin)

    السامري
    كان طفلا غريبا ، منذ مولده الذي لا ليته كان ، يتخذ لون الفراش الذي ينام عليه كالحرباء . هذا الشي الذي افزع أمه كثيرا وأوجست خيفة ، توالت المصائب والكوارث علي البلده، غرق المركب الذي يقل القرويين الي البر الشرقي ،فجعت القريه في نفر غير قليل من أهلها ، كان من بين الضحايا والد الغلام ،الذي حملته أمه الي الشيخ ود المبارك في ام ضوبان . قال الشيخ ود المبارك وهو يرمق الطفل في هلع هذا الغلام ملعون ، يوم ولد ولد الشيطان معه ،أنه سيجلب التعاسة لكل اهل هذه البلاد .
    عندما كبر هذا الغلام شاهده بعض الاطفال وهو يلعب مع الافاعي والعقارب التي تعج بها المنطقة دون ان تؤذيه ... كيف تفعل ذلك ؟وهو لايقل عنها اضرارا واذيه ،ماتت امه عند بلوغه السادسة في ظروف غامضة ، أنهار علي رأسها عرق الخشب من سقف السقيفه التي كانت تنام تحتها ، هشم العرق الثقيل رأسها ، كان الغلام يلعب علي السقف آنذاك ، أزاح بنفسه العرق الثقيل فأنهار السقف الثقيل علي أمه النائمه ،ماتت الام المسكينه وذهب سر موتها معها ..
    أخذته جدته التعيسه بعد ذلك ليتعلم القرأن فى خلوة الشيخ التوم لم تمضى شهور على انتظام هذا الغلام فى الكتاب حتى توفى حاج التوم غرقا فى النيل..كان هناك سر وراء موته الغامض،لم يعرفه اهل البلدة..كان حاج التوم يتجول خلف زرائب البقر فوجد هذا الغلام واقرانه يمارسون افعال مشينة،غضب الرجل غضبا شديداوزجرهم جمعا واتى بهم صباحا إلى الخلوة ونصبت لهم الفلقة التى جعلت اقدامهم الصغيرة تدمى وتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الامور ان هم عادو لعمل قوم لوط مرة اخرى..اتعظ الجميع ماعدا الغلام الذى اضمر حقدا اسودا مدمرا للشيخ وفى ذات مساء كان الشيخ يجلس على حافة النهر ليتوضاء،اقترب منه ظل صغير،التفت الرجل بعدم اكتراث ظنا منه ان الغلام حضر ليغسل لوحه من المداد فى النهر..اندفع الغلام ودفع الرجل فى النهر،غاب الشيخ تحت الماء..بعد ثلاثة ايام انتشل الرجال الجثة التى طفت على الماء،لم يعرف احد تفسيرا لنظرة الغضب الممزوج بالدهشة التى كانت ترتسم على وجه المغدور ولم تفلح المياه فى طمس معالمها..رحل حاج التوم ومضى سره معه
    *******
    مضت السنين تباعا،كان لهذا الغلام الفذ شان آخر فى مدارس التعليم النظامى،لم يكن يبذه شانا الا محمود،كان يفوقه فى التحصيل العلمى وحب المعلمين له،لم يرض ذلك الغلام الشرير،عندما ارخى الليل سدوله احضر الغلام عقرب جبلى اسود ودسه فى درج الطالب النجيب واختبأت العقرب بين الكتب،فى الصباح لدغت العقرب محمود،التلميذ الذكى ولم تسعفه الادوية البلدية ولا مجهودات بصير القرية ومات مأسوفا على شبابه الغض وحكمته المتجلية،احرق موته الفاجع فؤاد ابيه المسكين وابيضت عيناه حزنا عليه ومات لاحقا اسفا على ولده الضحية،رحل محمود ولم يجلو احد سر موته الغريب!!
    *******

    ظل الغلام يشق طريقه فى الحياة بهذا الأسلوب المتفرد..فى المدارس وجد هناك اقران أقوياء لا يمكن قهرهم بالقوة،اخذ الغلام يتفنن بكل الاعيبه البهلوانية فى التعايش مع هؤلاء،كان ينسج الفتن والدسائس بينهم.
    مضت السنين تباعا،تجاوز الغلام المرحلة الثانوية وغدا شابا حصيفا لبقا يجيد صنعة الكلام وتمكن من الالتحاق بالجامعة الوحيدة فى البلاد،فى الجامعة ظهرت معادلات جديدة،الحب والزواج،كان له صديق واحد..عباس،احب عباس ابنة رجل عظيم فى ام درمان،ظلت الفتاة تبادله حب بحب ،اخذ عباس صديقه الغريب الى منزل فتاته الفخم عدة مرات وعرفه باهلها وليته لم يفعل ذلك!!..كان الرجل يدبر امرا،سعى فى بذر بذور الفتنة بين صديقه ووالد الفتاة وبمعسول الكلام وسعة الحيلة تمكن من الظفر بالفتاة وخطبها لنفسه رغم انه شق طريقه الى هذه الاسرة المرموقة عن طريق صديقه المكلوم عباس،الذى توارى بعيدا يحسوا جراح قلبه النازف ويبكى ايام الخل الوفى الذى غدى من المستحيلات
    ******
    ومضت السنين وبدا نجم الرجل يسطع فى الاوساط السياسية واصبح يشار اليه بالبنان،تبؤ الكثير من المناصب الحساسة الواحد تلو الاخر على الرغم من تعاقب الحكومات على البلاد وتغيير اشكالها والوانها،فهو كالحرباء تماما يتلون كيفما يشاء ويعزى ذلك لانه يعرف من اين تؤكل الكتف ويؤمن بان السياسة لعبة قذرة يجب التلوث بها دائما.
    بدات دائرة الاضرار التى يسببها هذا الرجل الفريد تتسع وتتسع حتى شملت البلاد
    الله كلها وصدقت نبؤة الشيخ ود المبارك الذى قال:"ان هذا الغلام ملعون سيجلب التعاسة لكل اهل البلد وعندما ولد الشيطان معه "
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de