|
|
 كلاب الفريجاب !
|
عندما اختفت الكلاب التي أطلق عليها لقب الكلاب الضالة ، كتبت مقالا ً عن اختفاء الكلاب " وقلت فيه إن معالجاتنا للظواهر والكوارث وقتية ولحظية ولا ننظر فيها للاستفادة من الدروس وقطع دابر هذه الظواهرحتى لا تطل من جديد ونعود لإعادة انتاج الفشل .
واذكر أنني قذفت بالعديد من التساؤلات منها أن الشرطة أوكلت مهمة الكشف عن هذه الظاهرة لما يزيد عن العشرة آلاف من منسوبيها ، لكن لم نعرف إلى أين وصل هذا الموضوع ..؟ ومات البحث بانتهاء هجمات الكلاب الشرسة في الخرطوم التي يطلق عليها شعبيا ً (محل الطيارة بتقوم والرئيس بنوم ) وهذا كناية عن الاهتمام الذي تجده الخرطوم مقارنة بحواضر وارياف البلاد الاخرى .
الكلاب الضالة ظهرت قبل شهر تقريبا ً في منطقة الفريجاب بالقرب من الحصاحيصا ، ونهشت الكلاب أجساد اكثر من عشرة اشخاص ، وقمنا في صحيفة السوداني بنشر هذا الخبر على الصفحة الاخيرة وكان مصدرنا الاساسي هو ضحايا هذا الاعتداء الغاشم .. ولم يسأل أحد بالطبع عن تداعيات الموضوع لأنه في احدى قرى الجزيرة ، لم تتابعه " صحف الاثارة" بالصورة والقلم ولم تقم من اجله الندوات والورش و.. انتهى العزاء بتضميد بعض جراح المصابين لكن كانت جراح الوجدان أكبر ..
في نهاية الاسبوع الماضي عاودت الكلاب حملاتها الشرسة على مواطني الفريجاب الذين اصبحوا فرجة لكل المسؤولين منهم ، سواء على مستوى المحلية أم ولاية الجزيرة ، والتي يظن اهلها أن الكلاب التي هاجمت أهل الفريجاب وروعتهم لن تصل إلى ودمدني !
المصيبة ليست في الحدث نفسه ، مع تقديرنا التام لحقوق أهلنا في الفريجاب في أن يعيشوا آمنين في بيوتهم ، لكن المصيبة في آلية معالجة مثل هذا النوع من الظواهر واذا استرجعنا تصريحات المسؤولين ابان الهجمات الشرسة التي تعرضت لها ولاية الخرطوم ، نتأكد من الفقر المهني الذي تدار به شئون البلاد ومصائر العباد .
أصرت الجهات المسؤولة على أن الكلاب مستوردة أتت بها مجموعة لتربيتها والاستثمار فيها وعندما أصبح طعامها عبئا ً ماليا ً كبيرا ً اطلقوها تسرح وتقتات من اجساد البشر ، وراح ضحيتها طفل من المهمشين ولم يكن هذا بطبيعة الحال – سببا ً كافيا ً لأن ّ تقوم الدنيا ولاتقعد ..
آخرون قالوا إن الكلاب موجودا اصلا ً وكانت تتناول في طعامها الدجاج والحيوانات النافقة وعندما لم تجدها هاجمت الناس ولا أدري اين ذهبت الحيوانات النافقة ، هل انعدمت بفضل الرعاية البيطرية الفائقة ؟ أم أن المواطنين الجياع ظلو يقتاتون منها بدلا ً عن الكلاب ؟
المهم في الامر أن ّ الشرطة والعلماء ، ضاربي الرمل وقارئات الفنجان ، فشلوا كلهم في حل لغز الكلاب الضالة ، والنتيجة أن هذه الكلاب لاتزال هائمة على وجوهها في "حظيرة الوطن " تنهش الاجساد المنهكة وتقذف الرعب في القلوب الآمنة والمطمئنة ، حتى أصبح الناس لا يأمنون ارسال اطفالهم الى الدكان الناصية ، واختلط الامر مع وجود ذئاب بشرية أشد قسوة ووحشية من الكلاب الضالة ..
والمطلوب هو فتح ملف الكلاب او الذئاب التي ظلت تظهر بين الفينة والأخرى وتهاجم الناس وتفتك بهم .. واذا ظهرت هذه الكلاب اليوم في الفريجاب ربما تظهر غدا ً في الفتيحاب أو الدروشاب .. لابد من حل هذا اللغز ومحاسبة كل من تسبب في الدماء التي سالت بفضل الكلاب ومحاسبة الذين تقاعسوا عن درء هذا الارهاب .
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست