|
رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان ..
|
أحمد البغدادي في ذمة الله
الإثنين 09 أغسطس 2010 الاتحاد
انتقل د. أحمد البغدادي أمس إلى جوار ربه، بعد صراع مع المرض في أحد مستشفيات دولة الامارات .
الفقيد مفكر وأكاديمي كويتي بارز، ولد في 1 يناير 1951. وكان رحمه الله من أكبر المنادين بعلمنة القوانين في الكويت، وقوبل بمعارضة متنامية من تيارات فكرية مختلفة، نظراً لجرأته في الطرح وقناعاته التي لم يحد عنها.
ومارس البغدادي مهنة التدريس في كلية العلوم السياسية بجامعة الكويت، وكان له عمود أسبوعي -كل ثلاثاء- بصحيفة “الاتحاد” في باب “وجهات نظر”. كذلك له عمود بعنوان” أوتاد” في صحيفة “السياسة” الكويتية.
والفقيد حاصل على درجة الدكتوراه في فلسفة الفكر الإسلامي من جامعة أدنبره 1981، وماجستير في الفكر السياسي الغربي من جامعة كلارك - الولايات المتحدة الأميركية عام1977، وبكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة الكويت. ومن مؤلفاته “تجديد الفكر الديني دعوة لاستخدام العقل: محاولة في قراءة عقلية للفكر الديني عام1999، و”أحاديث الدين والدنيا: الواقع المفارق للنص الديني” عام 2005.
تعليق
--------
ظل الدكتور احمد البغدادى يكتب بكل شجاعة ضد قوانيين التخلف التى ابتدعها نميرى وقال انها شريعة اسلامية واراد ان يؤدب بها الناس كما كان ويقول ويدعى وواجه حملات الاخوان المسلمين الكيدية ضده بالفكر والراى وانتصر عليهم بفكره ورايه السديد مفندا كل كلمة وكل شعار رفعوه مسنودا بالحجة والمنطق العقلانى الذى عرف به ولم يهادن او يستكن للاتهامات والمحاكم والقضايا التى رفعوها ضده . واثبت شجاعة فى الراى والمواقف كانت مثار اعجاب ابناء الشعب الكويتى والخليجى والعربى عموما .. وقف الدكتور البغدادى مع الشعب السودانى وله كتابات مشهورة فى صحيفة القبس والسياسة الكويتية وكان يكتب فى صحيفة الاتحاد الاماراتية عموده الاسبوعى .. رحم الله الدكتور البغدادى والجنة مثواه مع الصديقين والشهداء
|
|
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
لماذا انتشرت العلمانية في العالم؟
- أحمد البغدادي
كل دول الغرب علمانية تفصل الدين عن الدولة، وكذلك الامر في الهند والصين واليابان وروسيا والدول الاسكندنافية والكوريتين الشمالية والجنوبية ، ودول اوروبا الشرقية سابقا، ودول اميركا اللاتينية كلها، وكثير من الدول الافريقية، وبذلك يطرح السؤال نفسه: هل كل هذه الدول مخطئة؟ لا شك انها ليست كذلك. ايهما اكثر ثراء وتطورا وتقدما في التقنيات والطب وعلوم المعرفة والعلوم الاجتماعية، الدول العلمانية ام غير العلمانية ? الاجابة، الدول العلمانية. من الذي يعتاش على الثاني، الدول العلمانية تعتاش على غير العلمانية ام العكس؟ الاجابة: ان الدول غير العلمانية هي التي تعتاش على الدول العلمانية، بل والحق يقال، لولا الدول العلمانية، لهلكت الدول غير العلمانية جوعا ومرضا. السؤال الاخير : هل تشكل العلمانية الجزئية جانبا من حياة الدولة المسلمة ام لا؟ الاجابة : نعم، انها تشكل جزءا، من خلال التعليم المدني والقوانين الوضعية والبرلمان والدستور والديمقراطية والتعليم الجامعي، والنظام الراسمالي في الاقتصاد والبنوك والاستهلاك الاستقراضي، بل ان البنوك الاسلامية لا تستطيع ان تعمل من دون الارتباط بالبنوك الراسمالية العالمية. الا يدفعنا كل هذا الاكتساح للعلمانية لكل مناحي الحياة الى التساؤل حول سبب نجاحها ؟ الامر لا يتعلق بمفاهيمنا او بالدين او بالكفر مثلا، قدر تعلقه بحقيقة الواقع، فالعلمانية وبما ادت اليه من عولمة المفاهيم كالديمقراطية والمساواة والدستورية وحقوق الانسان، اصبحت واقعا مفروغا منه، ولا خيار فيه لاي مجتمع او دولة. كل الدول الاسلامية استسلمت لاغراء العولمة، ومحاربتها لا يختلف عن محاربة طواحين الهواء التي تصورها الاسباني دون كيخوته في رائعة المبدع سرفانتس. في العولمة، لا خيار، فاما القبول او الانقراض كالديناصورات، والمكابرة في الموضوع لا تخدم صاحبها. نعود للسؤال المنطقي : لماذا نجحت العلمانية وفرضت نفسها، رغم ان عمر السيطرة الكنسية قبل العلمانية، يقترب من الف عام؟ كيف تمكن العقل الغربي من تدمير بنية الفكر الديني واستبعاده من الحياة وحصره في الجانب الشخصي للفرد؟ كيف انتصرت العقلانية على الغيبية الدينية في الغرب؟ اعتقد - مع كل الاحترام والتقدير للجهود الغربية - ان الاجابة بسيطة. لقد عجز الفكر الديني المسيحي عن تطوير الحياة طوال الف عام، فما كان من الانسان الغربي الا البحث عن حل، فوجده في العقل، والطريف في الامر ان الانسان الغربي وجد العقل في كتابات المفكر ابن رشد الذي حاربت الكنيسة دعوته للعقل، وفشلت رغم احراقها الكتب وكتابها !! اليس غريبا ان فكر هذا المفكر المسلم لا قيمة له عند اهل المشرق والمغرب. وبالمناسبة هل تعلمون كيف تعامل المسلمون مع ابن رشد ؟ (وفي عام 580 هجري، ثار الفقهاء على تعاليم ابن رشد واتهموه بالزندقة فحوكم ونفي واحرقت كتبه الفلسفية) ولا تعليق (خوفا من القانون). ومنذ تلك اللحظة الفاصلة في تاريخ البشرية، اي منذ القرن الخامس عشر الميلادي، والغرب ينطلق تاركا الجميع وراءه محتارا كيف يلحق به. فالعقل العلماني هو الذي جعل الانسان محور الكون، وسعى الى الخلود الدنيوي لاثبات ذاته، وحقق هذا الامر بالعمل الجاد المادي، فحارب الفقر وانقذ البشرية من الجوع والامراض والفقر، واخترع المنجزات التقنية من تلفاز وتلفون وراديو واشعة ومضادات حيوية وامصال طبية انقذت ملايين الاطفال من الامراض مثل شلل الاطفال والجدري والحصبة، ولا ننسى طيب الذكر الانسولين الذي رفض المسلمون مقاطعته يوم اعلنوا الحرب على الدنمارك، بحجة ان " الضرورات تبيح المحظورات "، حيث رفض المسلمون الموت في سبيل الدين، تحقيقا للمصلحة الذاتية. لهذه الاسباب مجتمعة لا يمكن الاستغناء عن العلمانية سواء بصورتها الجزئية كما يحدث في بلاد المسلمين، ام بصورة كلية كما يحدث في الغرب وكثير من البلدان الاخرى، مهما جاءنا منها من شر يتمثل في الحريات المدنية المتطرفة المخالفة للفطرة الانسانية. وبالتالي اصبحت العلمانية شر لا بد منه. وساضرب لكم مثلا على هذا الامر من دون مسميات خشية الملاحقة القانونية لكن الجميع سيفهم المقصود. الا يستخدم احدهم القنوات الفضائية المليئة بالفيديو كليبات الفاضحة لتمويل قناة فضائية اسلامية جديدة ? بمثل هذه العقلية المترنحة بين الهوية العلمانية والهوية الدينية، ضاع ويضيع كثير من الناس. ومثل هذه الازدواجية لا تجدها في الدول العلمانية الواضحة كل الوضوح في عملية الفصل بين الدين والدولة، لذلك ليس غريبا ان تجد : التطور التقني التطور الطبي التطور الفكري التطور التعليمي التطور الفني التطور في حقوق الانسان التطور الاقتصادي التطور العلمي كل ذلك لا يحصل الا في الدول العلمانية، بل ان معظم الحاصلين على جوائز نوبل وفي كل المجالات هم من العلمانيين. ويزيد الطين بلة ان المتدينين يتراكضون للدول العلمانية حين يصابون بالمرض، او حين يرغبون في تعليم ابنائهم ! بكل انصاف، لولا العلمانيون لهلك اهل الارض مرضا وجوعا وفقرا. ومما يجب ان يستقر في العقل ان العلمانية لا تحارب الاديان، بل هي الوحيدة التي توفر لمخالفيها الحرية الدينية، والمقارنة بين عدد المساجد في الغرب وعدد الكنائس في البلاد المسلمة تثبت هذه الحقيقة. والساعون للهجرة الى الدول العلمانية اكثر بكثير من الساعين للهجرة الى الدول غير العلمانية. ويترتب على هذه الحقائق ان محاربة العلمانية عبث لا طائل من ورائه. والامانة تقتضي من محاربي العلمانية التجرد من العلمانية الجزئية التي يعيشونها في بلادهم بالهجرة الى الصحراء والعيش بعيدا عن العلمانية، وليتأكدوا بان الفناء سيكون مصيرهم. ونتحداهم ان يتخلوا عن العلمانية الجزئية، وفي الامثال »صاحب البالين كذاب«، وفي التنزيل الحكيم »ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه«، ومعارضو العلمانية يريدون تحقيق هذا المستحيل !
د . أحمد البغدادي أستاذ في جامعة الكويت
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
أحمد البغدادي
باعتبارها دولة داخل دولة كانت جمعية الاصلاح الاجتماعي التي يعرف الجميع انها تمثل جماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مصر, تستقبل جموع المهنئين بعيدي الفطر والاضحى, في وقت كان فيه سمو الامير الراحل رحمه الله, يمتنع عن ذلك بسبب مصاب اهل الكويت في اسراهم لدى النظام العراقي المقبور. وفي هذا العام اقامت حفل استقبال المهنئين لها برمضان المبارك, منتهزة الفرصة لتذكير الشعب الكويتي بمعاول هدم الامم المحددة بالتالي:
** احتفالات الغناء. ** نشر الفساد. ** الاسراف بالماء والكهرباء ( كذا) ** تشجيع السفور والاختلاط. ** مقاهي الانترنت غير المراقبة.
وكانت فرصة لكي اضحك من القلب على هذه الوصفة التي خلطت الشامي بالمغربي, كما تجاهلت الكثير من الحقائق اتساقا مع المصلحة الخاصة لهذه الجماعة. ولنبدا بمعول الاسراف في الكهرباء والماء, والذي ياتي اتساقا مع دعوة وزارة الطاقة في دعوة وزيرها للكويتيين لكي يتقوا الله في صرف الماء والكهرباء. وهذا المعول لم يكن ضمن عوامل سقوط الامم قبل اكتشاف الغرب للكهرباء, يعني يمكننا حذفه حين ندرس اسباب سقوط الخلافة الاموية الاسلامية على يد الثورة العباسية الاسلامية, التي بدأت عهدها بنبش قبور بني امية واحراقها كما يروي ابن كثير في تاريخه »البداية والنهاية«. لكن هذا العامل المضحك يمكن ان يساعد »حماس« في القضاء على العدو الاسرائيلي, حيث تشجع حماس الاسرائيليين على الاسراف في الماء والكهرباء, في مقابل بقاء الفلسطينيين بسبب عدم توفر الماء والكهرباء من الاساس بصورة منتظمة. لكن هذا العامل توجد فيه مسوءة واحدة, وهي ان اسرائيل هي التي تمد الفلسطينيين بالماء والكهرباء, يعني لا امل لحماس بالقضاء على اسرائيل.....حسافة!
واما الفساد فلا شك انه من معاول هدم الامم ( الحمدلله اننا دولة وليس أمة...يعني اننا لن نتعرض للهدم) الا اذا كان يتعلق بسرقة الناقلات التي لم نسمع صوت جمعية الاصلاح فيها, لا بخير ولا بشر. او اذا كان الفساد من اعضاء البرلمان الذين يتوسطون لناخبيهم في الوزارات, ولم نسمع صوتا لجمعية الاصلاح, او اذا كان الفساد مثلا يتعلق بفشل بيت التمويل الكويتي ماليا وانقاذ الدولة له بمئة مليون دينار كما كتب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء د. اسماعيل الشطي عام 2000, من دون ان يسأل بيت التمويل عن الحلال والحرام في مال الدولة, باعتبار ذلك هبة من ولي الامر!! او اذا كان الفساد يتعلق بالمراقص والكازينوهات وحتى الكفر كما هو حال سكوت جماعة الاخوان المسلمين العاملة في بلاد الكفر!! ترى عن اي فساد تتحدث جمعية الاصلاح? لقد نسيت الفساد المتصل بمخالفة القانون في موضوعات مجلة المجتمع العزيزة على قلب الحكومة, وكذلك الامر مع مجلة الفرقان السلفية. واما حكاية الاختلاط بين الذكور والاناث فمضحكة هي الاخرى, لان اخوان مصر لا يمانعون في السلام مع اسرائيل والجامعات المصرية كلها اختلاط في اختلاط, ومع ذلك يتجاوز عمر الدولة المصرية سبعة الاف عام. الظاهر ان هذا المعول من بلاستيك...يعني لا يصلح للهدم!
حين يقرأ العاقل تصريحات الامين العام لجمعية الاصلاح الاجتماعي التي ما أصلحت في الكويت شيئا منذ ظهورها, يحمد الله على نعمة العقل الليبرالي. وطبعا ما راح نسأل جمعية الاصلاح عن سكوتهم على جرائم النظام السوداني في دارفور يوم كان النظام الاسلامي هو اساس الدولة السودانية التي كان يحكمها الترابي. لذلك يمكن القول ان اهم معول في هدم الامم هو ظهور الجماعات الدينية في المجتمع .
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
بيان صحفي " اللوبي الأصولي التكفيري " يخترق القضاء الكويتي : الحكم بالسجن لمدة عام على الكاتب والأكاديمي البارز أحمد البغدادي بتهمة " تحقير مبادئ الدين "!
21/3/2005
أصدرت محكمة الاستئناف الكويتية يوم أول أمس حكما بالسجن لمدة عام مع الشغل على الكاتب والأستاذ الجامعي الدكتور أحمد البغدادي بتهمة " تحقير الدين والاستهزاء به " ، ولكن مع تعليق تنفيذ الحكم لمدة ثلاثة أعوام شريطة أن يوقع تعهدا بكفالة قدرها 2000 دينار كويتي ( حوالي دولار ) .
وقد وصلت المهزلة إلى حد وضع شرط آخر لليحلولة دون تنفيذ الحكم ضده ، هو توقيعه تعهدا يلتزم فيه " بعدم العودة إلى الإجرام " كما لو أنه يقود عصابة أشرار !!
وكانت دائرة الجنايات في المحكمة الكلية قد برأت في وقت سابق كلا من الدكتور البغدادي و الصحفي أحمد الجار الله رئيس تحرير يومية " السياسة " الليبرالية من تهمة الجنحة الصحفية المرفوعة ضدهما على خلفية مقال كتبه الدكتور البغدادي تحت عنوان " أما لهذا التخلف من نهاية؟ " .
إلا أن النيابة العامة استأنفت الحكم بعد أن رأت فيه " تجاوزا لحدود النقد المباح (..) واستهزاء بدروس الدين ، وربطا بين التربية الاسلامية والإرهاب الفكري " .
وقد وصف الدكتور البغدادي الحكم بأنه " قاس ولا يخدم تعددية الآراء وحرية التعبير " ، كما وصف الديمقراطية في الكويت بأنها " مشوهة في حال استمر بعض السلطات بقمع الآراء والتعدي على الحريات الصحافية التي كفلها الدستور " ( الشرق الأوسط ، 21 آذار / مارس 2005 ) .
والجدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي يحكم فيها على البغدادي بتهمة الإساءة للدين ، فقد سبق له أن سجن في وقت سابق لمدة خمسة عشر يوما كانت سببا في حملة تنديد دولية استدعت من الأمير جابر الأحمد الصباح إصدار عفو عنه .
إن المنظمة العربية للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير ، ومع تقديرها واحترامها للمحكمة التي أصدرت الحكم ، وللقضاء الكويتي عموما ، لا ترى في الحكم الصادر على الدكتور البغدادي أكثر من حكم " قراقوشي " تقف وراءه عملية تصفية حسابات سياسية وفكرية بقيادة اللوبي الأصولي التكفيري الذي يجتاح العديد من مفاصل الدولة والمجتمع الكويتي المشهود له بانفتاحه ، والذي يقاتل بشراسة ضد جميع أشكال الإصلاح في الكويت ، وبشكل خاص حرية الرأي والتعبير والصحافة والحقوق السياسية للمرأة ، مستغلا الهامش الديمقراطي الواسع ونفوذه داخل السلطة القضائية .
وتناشد المنظمة صاحب السمو أمير دولة الكويت بإلغاء هذا الحكم الجائر ، ليس لأنه يشكل ظلما وإهانة لكاتب ومثقف كبير ، وتعديا على حرية الرأي والتعبير وحسب ، بل ولأنه يشكل فضيحة حقيقية لا تليق بسمعة الكويت !
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
محنة العقل العربي: البغدادي أنموذجاً د. شاكر النابلسي
-1-
الأستاذ الدكتور أحمد البغدادي أستاذ للعلوم السياسية بجامعة الكويت. وهو علم من أعلام الكويت الثقافية، ومن المفكرين الليبراليين البارزين في الكويت وفي العالم العربي، ومن الناشطين في الشأن العام الكويتي. وأحمد البغدادي هو الشوكة الجارحة في حلق السلفية والرجعية الفكرية الكويتية. ومن هنا كان أحمد البغدادي أول "سجين فكر" في تاريخ الكويت كله في 1999 ، عندما حُكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر، فقامت لجان حقوق الانسان ومؤسسات حرية الفكر والثقافة في العالم، وفي العالم العربي دفاعاً عن أحمد البغدادي، وأخرجته من السجن بمبادرة خيّرة من أمير الكويت. واليوم تنجح السلفية الكويتية الظلامية مرة أخرى في جرِّ أحمد البغدادي إلى محاكم التفتيش. وتنجح في تلفيق قضية ضده بتهمة "الإساءة للدين الإسلامي". وتحصل على حُكم بسجنه لمدة عام مع وقف التنفيذ، وبغرامة 2000 دينار كويتي، وبفرض الرقابة على مقالاته لمدة ثلاثة أشهر.. الخ. مما اضطر أحمد البغدادي إلى طلب اللجوء السياسي إلى أية دولة غربية في العالم. ومما اضطره إلى التوقف عن الكتابة نهائياً في جريدة "السياسة" الكويتية التي كتب فيها منذ سنوات طويلة. وأعلن بأنه لن يعود إلى الكتابة إلا بعد خروجه من الكويت.
-2- هل هناك محنة في الثقافة العربية المعاصرة أكبر من محنة أحمد البغدادي؟ وهل هناك محنة للعقل العربي المعاصر أكبر من هذه المحنة وأمثالها من المحن، التي أدَّت إلى قتل المثقفين العرب وسجنهم وطردهم من بلادهم واضطرارهم إلى الهجرة واللجوء السياسي في دول الغرب؟ لقد شهدنا في تاريخ الثقافة العربية الغابر محناً للمثقفين من أمثال محنة الإمام أحمد بن حنبل المعروفة والتي تحمّلها الإمام أحمد بشجاعة، ورفض الخضوع والتنازل في القول بمسألة (خلق القرآن)، وحمل الخليفة المأمون الناس والفقهاء على قبولها قسراً وقهراً. ومحنة أحمد البغدادي لم تكن في مسألة دينية خطيرة كمسألة "خلق القرآن"، ولكنها كانت في مسألة الدفاع عن عقل الإسلام حين عارض تحفيظ القرآن للصغار غيباً ، حتى لا يتعوّدوا على التلقين وتحجّر العقول كما نادى بذلك من قبل (جريدة "الحياة" 10/1/1999) المفكر السعودي عبد الله الحامد ، فكَّ الله أسره. وهي دعوة لصالح الإسلام وليست ضده لو كانوا يعقلون. وهي لا تقلل من قدر القرآن بقدر ما تعني إدراك وظيفته الرسالية إدراكاً عقلياً وواقعياً سليماً. لقد شهدنا في تاريخ الثقافة العربية الغابر محناً للمثقفين من أمثال محنة الإمام مالك بن أنس (إمام دار الهجرة) بسبب حسد ووشاية بينه وبين والي المدينة جعفر بن سليمان. ويُروى أنه ضُرب بالسياط حتى شُلّت يده . والإمام أحمد البغدادي في محنة وبلاء، بسبب حسد ووشاية بينه وبين السلفيين الظلاميين الكويتيين الذين كادوا له، وما زالوا يكيدون كيد النساء، واستطاعوا أن ينتصروا عليه كما فعلوا في السابق. وكما استطاعوا أن يضطروا الكاتب الليبرالي الكويتي الآخر عبد اللطيف الدعيج للخروج من الكويت ، حيث يقيم الآن في أمريكا ويكتب من هناك. وكما استطاعوا أن يخرسوا كثيراً من رموز الحداثة والليبرالية في الكويت، ويقفوا في وجه الدولة بأكملها التي تريد للمرأة الكويتية حريتها وتمثيلها في البرلمان، وهم يريدون لها البيت لا تبرحه للخَلَف والعَلَف. لقد شهدنا في تاريخ الثقافة العربية الغابر محناً للمثقفين من أمثال محنة الإمام أبي حنيفة النعمان ووقوفه في وجه ظلم وطغيان الخليفة العباسي المنصور الذي قتل أبا حنيفة بالسم. فنحمد الله على أن السلفيين الظلاميين لم يقتلوا المُعلِّم البغدادي كما فعلوا بفرج فودة وحسين مروة ومهدي عامل ومحمود طه المفكر السوداني وغيرهم، وكادوا أن يقتلوا نجيب محفوظ، واكتفوا بإسكات المُعلِّم البغدادي وطرده من الحلبة الثقافية، وربما دفعه إلى الهجرة، كما فعلوا مع نصر حامد أبو زيد والشيخ الأزهري أحمد صبحي منصور المفكر والمصلح المصري واللاجيء السياسي في أمريكا الآن.
-3- قضية المُعلِّم أحمد البغدادي في هذا الظرف الثقافي الآن قضية كبرى، على كافة المثقفين الليبراليين في العالم العربي وفي المجتمع الدولي التصدّي لها. لقد قامت الأستاذة الدكتورة رجاء بن سلامة بجامعة تونس بكتابة نداء تضامن مع المُعلِّم البغدادي وطلبت من المثقفين الليبراليين وغير الليبراليين من الشرفاء التوقيع عليه، وقد وقّع عليه مجموعة كبيرة من المثقفين من جميع أنحاء العالم حتى الآن من بينهم: إلهام المانع، الكاتبة والمحاضرة بجامعة زيوريخ بسويسرا، فرنسوا باصيلي، شاكر النابلسي، أحمد الحباشنة، الشاعر محمّد عبد المجيد، كامل النّجّار الباحث المقيم بإنكلترا، الكاتب مجد ي خليل، الشاعر موسى برهومة، الباحث محمّد عبد المطّلب الهوني، الشاعر باسط بن حسن، أحمد دبيكي، جمال سند، الكاتب والناشر بيار عقل، المفكر العفيف الأخضر، الشاعر عبد القادر الجنابي، الطبيب فتحي بن سلامة، الكاتب اليمني حافظ سيف فاضل، الأستاذة بريجيت علاّل، الناشر توفيق علاّل، المحامية الجزائرية وسيلة تمزالي، الناشط في جمعيّة حقوق الإنسان بالسّعوديّة إبراهيم المقيطيب، خالد كرم، المُعلِّم طالب المولي، الكاتب الصحافي فاخر السّلطان، المهندس محمّد الشّيخ، المهندسة ليلى الموسويّ، المهندس محمّد بوشهري، صقر العجميّ، أحمد حافظ من مجموعة الدّفاع عن حقوق المرأة السّعوديّة، نادية شعبان، محمّد الأخضر لالا، عضو حركة التّجديد بتونس، جمعيّة التّونسيّين بفرنسا، الناشطة النسوية فتحيّة الشّعريّ، الأكاديمي السعودي إبراهيم عبّاس نتّو، ماجد حبيب، ليلى بن اللاّغة، الياحثة التونسية آمال القرامي، المحامي محمّد دهشان، يوسف الأجاجي، رضا النّمير، جلّول بن حميدة، رئيس تحرير "تونس الأخرى" ، الكاتب السوري محمود زعرور، ناجي الزّيد أستاذ الفيزيولوجيا بجامعة الكويت، والأخصائي التربوي التونسي عمارة بن رمضان. هذا أول الغيث وهو قطرة ثم ينهمر، ومن أراد شرف هذا التضامن فليوقّع على العنوان:
[email protected] أو: [email protected]
-4-
محنة المُعلِّم البغدادي جزء صغير وكبير من محنة العقل العربي الآن. محنة المُعلِّم البغدادي جزء صغير من محنة العقل العربي الآن، قياساً لما يتعرض له العقل العربي في كل أنحاء الوطن العربي من حرب وتخريب وتضليل عن طريق نشر فكر السحرة والمشعوذين، وحجب الرأي الآخر، وحجب المثقفين العقلانيين، ومحاكمتهم وسجنهم وقتلهم وتعليقهم على المشانق وطردهم خارج أوطانهم . محنة المُعلِّم البغدادي جزء كبير من محنة العقل العربي الآن، قياساً لما تقوم به الأنظمة السياسية والقضائية والأمنية من تبنّي لفكر الظلاميين السلفيين وعدم احضارهم إلى المحاكم العربية خوفاً من بطشهم، ودفعاً لشرورهم، واتقاءً من إرهابهم، مما اضطر فئة من الليبراليين إلى رفع شكاواهم إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن (البيان الأممي ضد الارهاب).
-5- لقد كان أحمد البغدادي من أهم المفكرين الليبراليين المعاصرين المدافعين عن الإسلام. وكتابه (تجديد الفكر الديني: دعوة لاستخدام العقل، 1999) من أهم الكتب التي صدرت في العشرين سنة الماضية. وهو يخدم الإسلام العقلاني المنير أكثر بكثير مما تخدمها كتب الشيخ القرضاوي أو حسن الترابي أو راشد الغنوشي ، أو كتب الإخوان المسلمين ، أو كتب كثير من أشياخ الأزهر التي لا تقرأ فيها غير علك الكلام، وتجريم الأنام، والحديث إلى الأنعام، والحطِّ من المقام. وكل من كان يقرأ مقالات المُعلِّم البغدادي في جريدة "السياسة" منذ سنوات طويلة، أو من يقرأ كتابه (تجديد الفكر الديني: دعوة لاستخدام العقل، 1999) سوف يدرك الاضافة الفكرية الحداثية العقلانية التي أضافها المُعلِّم البغدادي لمفهوم الإسلام الحديث والعقلاني. ولعل محاكمته بتهمة "الإساءة للإسلام" هي من قبيل النكات السخيفة، والجرائم الثقافية التي لن تُغفر ولن تُنسى، والترّهات المبتذلة والمعهودة في أوساط السلفيين الظلاميين. ولكن كل قضاء للمؤمن خير له (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) (سورة محمد:31) . والمُعلِّم البغدادي كان من المؤمنين الصابرين، وهو اليوم يتمثل بجزء من القول المشهور للإمام الشافعي: إن كان رفضاً حبُ العدالة والنُهى (العقل) فليشهد الثقلان أني رافضي
[email protected].
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
أمة العجائب ـــ
د. أحمد البغدادي
عجائب الدنيا سبع كما نعلم، ولكن هناك " عجيبة العجائب" التي لا تحتسب ضمن عجائب الدنيا، ألا وهي الأمة المسلمة، ولا أقول الإسلامية، ففي هذه الأمة المسلمة من عجائب الأمور ما لم تشهده أمة من الأمم منذ أن خلق الله سبحانه آدم عليه السلام، وإليكم بعضا من هذه العجائب:
1- الأمة الوحيدة التي ترى أنها الوحيدة بين الأمم على حق وفي كل شيء، وأن الآخرين على باطل.
2- الأمة الوحيدة التي تطلق سراح أو تخفف العقوبة الجنائية للمجرم إذا كان مسلما وتمكن من حفظ بعض سور القرآن الكريم.
3- الأمة الوحيدة التي يمكن لرجل الدين فيها الإفلات من عقوبة التحريض على القتل إذا وصف أحد الخصوم بالمرتد.
4- الأمة الوحيدة التي لا تقتل القاتل إذا أثبت أنه قتل مرتدا.
5- الأمة الوحيدة التي تعامل القاتل بالحسنى بالعقوبة المخففة إذا قتل أخته أو زوجته من أجل الشرف.
6- الأمة الوحيدة التي ورد في كتابها المقدس كلمة " أقرأ"، ومع ذلك تعد من أقل أمم الأرض قراءة للكتب. أو بالأصح لا تقرأ.
7- الأمة الوحيدة التي لا تزال تستخدم كلمة التكفير ضد خصومها المعارضين لرجال الدين والجماعات الدينية.
8- الأمة الوحيدة التي تضع حكم الفتوى فوق حكم القانون، وتدعي بكل صفاقة أنها دولة قانون لا بصنع فرشاة أسنان في العصر الحديث، ومع ذلك تتشدق بحضارتها البائدة.
10- الأمة الوحيدة التي تشتم الغرب وتعيش عالة عليه في كل شيء.
11- الأمة الوحيدة التي تضع المثقف في السجن بسبب ممارسته حرية التعبير.
12- الأمة الوحيدة التي تدعي التدين وتحرص على مظاهره رسميا وشعبيا ومع ذلك لا يوجد بها أمر صالح.
13- الأمة الوحيدة التي تعطي طلابها درجة الدكتوراه في الدين.
14- الأمة الوحيدة التي لا تزال محكومة بكتب الموتى من ألف عام.
15- الأمة الوحيدة التي يداهن فيها رجال الدين الحكام ويسكتون عن أخطائهم حتى ولو كانت شرعية وضد الدين.
16- الأمة الوحيدة التي لا تعترف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
17- الأمة الوحيدة التي تحرم جميع الفنون الإنسانية، ولا تعترف سوى بفن الخط .
18- الأمة الوحيدة التي تشترك في دين واحد ومع ذلك لا تتفق الجماعات الدينية فيها على رؤية واحدة لأحكام هذا الدين.
19- الأمة الوحيدة التي يهذر فيها رجل الدين كما يشاء ثم يختم كلامه ب " والله أعلم"، وكأن الناس لا تعلم ذلك.
20- الأمة الوحيدة التي لا تزال تؤمن بإخراج الجن من جسد الآدمي حتى ولو كان ذلك عن طريق القتل.
21- الأمة الوحيدة التي لديها جيوش وأرضها محتلة وتخشى القتال.
22- الأمة الوحيدة التي ينطبق عليها وصف الخالق سبحانه " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى".
23- الأمة الوحيدة التي تسأل في قضايا الدين وتبحث عن إجابات ترضيها منذ لا يقل عن ألف عام.
24- الأمة الوحيدة التي لديها شهر صيام واحد في العام تتكرر فيه أسئلة الجنس أكثر من أسئلة العبادة.
25- الأمة الوحيدة التي تصدق كل ما يقوله رجل الدين دون تحقيق علمي.. هذه الأمة وبكل هذه الصفات الفريدة ، ألا تستحق أن توصف بأنها ......." عجيبة العجائب"؟

| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
أحمد البغدادي و- الميديا كارتا
شاكر النابلسي [email protected] الحوار المتمدن - العدد: 1169 - 2005 / 4 / 16 المحور: المجتمع المدني راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
أحمد البغدادي و(الميديا كارتا) د. شاكر النابلسي -1-
استطاع التيار الإسلاموي الكويتي أن يحرم القراء الكويتيين والقراء العرب من مقالات الدكتور أحمد البغدادي ويحول بين البغدادي وبين الكتابة والتعبير عن رأيه بحرية، مما أجبره على الكتابة خارج الكويت في جريدة "الاتحاد" الأمارتية الآن، وفي الوقت الذي بدأت فيه ما تُسمى بثورة (الميديا كارتا Media Carta ) بالتنامي واتخاذ مكان كبير لها في الفضاء الغربي عامة. في حين أن العرب في الفضاء العربي والإسلامي ظلوا يدورون كثيران الساقية، حول ساقية حرية المرأة، وتفعيل الاستحقاقات الديمقراطية، والقضاء على الأمية وفصل الدين عن الدولة، ومحاربة الفساد السياسي والمالي، وعدم التوريث السياسي، وضرورة تعديل الدساتير وخلع البساطير.. الخ. في حين أن الغرب تخلص من كل هذه الشرور وحولها من شرور إلى خيرات ومن سلبيات إلى ايجابيات. وانتقل الآن إلى المطالبة لحق جديد من حقوق الانسان وهو الإعلام الحر الشفاف والديمقراطي كحق من حقوق الانسان، وهو ما يسمى بـ (الميديا كارتا) أو المطالبة بحرية الإعلام .
ففي القرن الماضي كانت المطالبة بحقوق الانسان تنحصر بالمطالبة بتحرير العبيد وهي الشغل لمنظمات حقوق الانسان. وكانت حقوق المرأة ونظافة البيئة كذلك هي الشاغل لجماعات حقوق الانسان. ولقد أصبحت كل هذه الحقوق وراء القرن الحادي والعشرين. أما حقوق الانسان الجديدة التي أمام القرن الحادي والعشرين فهي حقوق الإعلام (الميديا كارتا) والتي تشمل حرية التعبير المطلقة، وهي الآن الشغل لمنظمات حقوق الانسان في العالم.
-2- كان أحمد البغدادي المفكر والأكاديمي الكويتي واحداً من المفكرين العرب الذين راحوا ضحية الإعلام المنفتح في الكويت، والذي يعتبر أكثر أنظمة الإعلام العربي انفتاحاً بعد الإعلام اللبناني قبل 1975 وبعد فبراير 2005. فلقد توهَّم البغدادي وتخيّل بأنه يعمل ويفكر ويكتب ويجادل في مجتمع حر ديمقراطي حقيقي وفي إعلام حر ديمقراطي واقعي، فوقع في شِباك السلفيين، كما تقع الفريسة في شِباك الصيادين في الغابة التي عادة ما تكون مغطاة بورق وأغصان الشجر للتمويه وللايقاع بالفريسة. وهكذا كانت حرية التعبير ذات القشرة الذهبية اللامعة، هي المطبّ الذي طبَّ فيه البغدادي، وأدى إلى اصدار حكم ضده ولصالح السلفيين، ولكنه أدى إلى معاضدة الليبراليين من المثقفين العرب والكرد من كافة أرجاء العالم والذين ذكرنا اسماءهم في المقالين السابقين ، وما زالوا حتى الآن يرسلون بتواقيعهم على نداء التضامن مع الدكتور البغدادي ومن هؤلاء:
علي كاظم القطبي الكاتب العراقي، خالد عبد المغني من الكويت، مصطفى كريشان المهندس الأردني، ضرغام سلمان البطيخ من العراق، عمران سلمان الكاتب والصحافي البحريني، د. اقبال العثيمين استاذ مساعد بكلية التربية الاساسية بالكويت، عبد الكريم سعدون الفنان التشكيلي العراقي، د. ابراهيم اسماعيل من جامعة السويد كلية العلوم، المهندس الأردني اياد صوالحة، عبد المحسن المانع رجل الأعمال السعودي، حسان جمالي من كندا، د. خليل جندي الأكاديمي الإيراني في جامعة كوتنكن، المعماري أيوب أوغنا الخبير والمحكم الدولي، محمد خلف، يحيى سلام المنذري قاص من سلطنة عمان، د. رياض الأمير الكاتب والناشط السياسي العراقي، فارس السلمان الصحافي الكويتي، خالد عبد المغني، ايهاب شنودة، طارق مشري أستاذ ومناضل في التجمع الدستوري الديمقراطي، نايلة شرشور حشيشة، محمد معالي صحافي وكاتب ونقابي ، فتحي بن الحاج يحيى مدرس، سلوى الشرفي الجامعية من تونس، نجيب البكوش الباحث في الفلسفة السياسية بجامعة باريس، المختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وليم سدراك مصري مقيم بفرنسا، عيسى شعيب العلي، عبد المجيد الشرفي المفكر التونسي، مهدي العصفور، أحمد الحلي، زكي أبو السعود، محمد البدري المهندس المصري، سعيد بشير علم الدين كاتب لبناني مقيم في برلين، أحمد الشافي الباحث اللغوي المصري، منى عبد الوهاب المعيدة بمركز اللغات و الترجمة بأكاديمية الفنون بالقاهرة، حسام مصباح مقدم برامج، د. ثامر العقيلي، علي الشرع المتحدث الاعلامي للحزب الليبرالي الد يموقراطي العراقي.
اضافة إلى عدد كبير من المثقفين الذين وقعوا في موقع "الحوار المتمدن" على الانترنت.
-3- (الميديا كارتا) التي تتفاعل وتتنامى هذه الأيام في الفضاء الغربي تذكرنا بـ (العهد الأعظم ) أو (الماجنا كارتا Magna Carta) التي صدرت عام 1215 في إنجلترا وأرَّخت لحقوق الإنسان، حيث نص هذا الميثاق، على إكساب الشعب الإنجليزي حقه في تجنب المظالم المالية. وضمنت فكرة حقوق الإنسان وثيقة إعلان الاستقلال الأمريكي سنة 1776، بتأكيد هذه الوثيقة على الحق في الحياة، والحرية، والمساواة. وفي فرنسا وفي أثناء ثورتها، صدرت وثيقة حقوق الإنسان في 26/8/1789م، وهي تعد إعلاناً عن هذه الحقوق.
فهل تلتفت منظمات حقوق الانسان لدعاوى الحسبة التي ترفع من قبل التيارات الإسلاموية على المثقفين والمفكرين الليبراليين كأحمد البغدادي الآن، وتحول بينهم وبين التعبير عن آرائهم كما تحول بينهم وبين الكتابة وهي أداة الاتصال الرئيسية بين المثقف والجمهور؟
-4- الفضاء العربي والإسلامي بحاجة ماسة إلى تطبيق قواعد (الميديا كارتا).
فالعالم العربي يمنع دخول بعض الصحف والمجلات وكثير من الكتب.
والعالم العربي يُقيم الحدود والسدود على المواقع الإليكترونية على الإنترنت.
والعالم العربي يمنع مفكريه ومثقفيه من التحدث في فضائيات معينة تعادي أو تنتقد سياسته.
والعالم العربي يتصنّت على المكالمات الهاتفية لمواطنيه ويراقب البريد الاليكتروني والبريد الجوي والبحري والأرضي ورسائل الفاكس.
والعالم العربي يعتقل الكتاب والمثقفين ويخطفهم ويقتل المفكرين والصحافيين (فرج فودة، حسين مروة، محمود محمد طه، سيد قطب، مهدي عامل، رياض طه، سليم اللوزي، كامل مروة، ميشيل ابو جودة، رضا هلال وغيرهم.
والعالم العربي يرسل طرود الموت للصحافيين (أحمد الجار الله).
وبالإجمال فإن اتصالات المواطن العربي بالآخر في الداخل والخارج هي في قبضة الأجهزة الأمنية والدينية والبوليسية.
فالعالم العربي أحوج ما يكون إلى ثورة (الميديا كارتا).
فما هي ثورة (الميديا كارتا) التي قامت في الغرب الآن؟
يقول ميثاقها الذي نشرته مجلة "آدبيسترز Adbusters" اليسارية الانجليزية في عددها الذي صدر في مطلع هذا العام:
"نحن الموقعين أدناه، نشعر بالضيق من طريقة صناعة وانتشار المعلومات في مجتمعنا. لقد فقدنا الثقة في كل ما نسمعه ونشاهده ونقرأه. فنحن نتلقى الكثير من البرامج الترفيهية والقليل من الأخبار ، والكثير من القنوات والقليل من الجديد، والكثير من حملات الدعاية. وهذا النظام المعلوماتي التجاري قد دمر نظرتنا إلى العالم.
لقد فقدنا الثقة في إعلامنا. فحفنة من المؤسسات الإعلامية تسيطر على أكثر من نصف حجم الإعلام في العالم. وفي الوقت الذي يعاني فيه الناس في كل أنحاء العالم من الجوع والاضطراب الاجتماعي والحروب وعدم حماية البيئة، نجد أن النافذين هم من يعرفوا كيف يمشون ويتكلمون ويدفعون الأموال الطائلة.
لقد فقدنا الأمل في إعلامنا الوطني.
لقد فقدنا الصبر في انتظار الإصلاح.
اننا نتخيل نظاماً مختلفاً لديمقراطية الإعلام. فنحن نرى وعوداً عظيمة في نظام الاتصالات المفتوح على الانترنت، ونحن نريد هذا الانفتاح أن ينساق على كافة على كافة أشكال الميديا. اننا نسعى إلى نظام اتصالات عولمي ديمقراطي قائم على مشاركة المواطنين . فنحن نطالب أن تعاد مفاتيح الميديا للناس.
ونحن نطالب بحق شراء البث الاذاعي والتلفزيوني بنفس شروط وقواعد شركات الاعلان. ونطلب من منظمي الميديا أن يقفوا جانباً لمدة دقيقتين في كل ساعة بث لكي نقدم رسالة المواطن. ونطالب بتفتيت أكبر شركات الميديا الست إلى شركات صغيرة.
اننا نبحث عن حقوق الانسان في عصر المعلومات الذي نعيشه الآن، والتي تقوّي حرية الكلام مع ضمان حق الظهور في الميديا. وهذا الحق الجديد نطلق عليه حق الاتصال المعلوماتي."
ما أجدرنا نحن العرب بمثل هذا الميثاق، وما أحوجنا اليه في ظل هيمنة دولة أو دولتين أو ثلاث في العالم العربي على كل الماكينة الإعلامية العربية المشاهدة والمسموعة والمقروءة، حتى لا تقع في المستقبل القريب ضحية أخرى كأحمد البغدادي.
ومن أراد التوقيع على ميثاق ( الميديا كارتا) فهذا هو العنوان: WWW.Mediacarta.org[/B]
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
المجاهدون الجبناء مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
ألا تلاحظون أن تنظيم "القاعدة" الذي يساعد الإرهابيين على القتل لا يفكر بالتعرض لإسرائيل؟
اغتال" المجاهدون " الأفغان من بني "طالبان" المئات من المسلمين, ومع ذلك لم تدن أي جماعة إسلامية, سواء جماعة "الإخوان المسلمين" أو "الجماعة السلفية " في أي مكان في العالم الإسلامي , هذه التفجيرات الانتحارية, وحتى من يدعون الوسطية ظلوا صامتين عن كل هذه الجرائم بحق المسلمين الباكستانيين, وكذلك الأمر بالنسبة الى التفجيرات الانتحارية التي تحدث كل يوم في العراق. ولا شك أنه لا يمكن لوم الإسلاميين في الكويت على عدم الإدانة, لأن حجاب النائبات أهم من دماء المسلمين الأبرياء, سواء كانوا في العراق أو باكستان! ومن الواضح أن هذا الصمت المريب يدل دلالة قاطعة على انعدام الحس الإنساني, وليس فقط الإسلامي, لدى الإسلاميين. وفي الوقت الذي يتم فيه قتل المسلمين في باكستان, تنشغل جماعة السلف في الكويت بدروس الموسيقى في وزارة التربية, وكأن هذه الدروس الموسيقية اللازمة لكل نفس إنسانية متمدنة, أكثر خطرا من العمليات الانتحارية التي ينفذها مجرمو "طالبان". فالبلدات الباكستانية أصبحت حرما مستباحا لدى جماعة "طالبان" بعد أن وجد هؤلاء المجرمون عديمي الضمير والإنسانية أنهم أعجز من أن يواجهوا القوات الباكستانية المسلحة التي قضت على معاقلهم في وادي سوات, والآن في وزيرستان التي ستتحرر قريبا من هيمنة "الطالبانيين", فاتجهوا بكل نذالة إلى المدن الباكستانية الآمنة, لارتكاب ما حرمه الله سبحانه على عبادة, ألا وهو ترويع المسلمين واستباحة دمائهم لمجرد الانتقام من الدولة الباكستانية.
ومن يستعرض أوضاع من يسمون أنفسهم كذبا وفجورا بـ"المجاهدين" سواء في العراق أو باكستان أو السعودية, سيجد أنهم أجبن من أن يقاتلوا على أرض المعركة, فيتجهون إلى المدن البريئة حيث يجتمع الناس لقضاء مصالحهم الخاصة, فينفذون العمليات الانتحارية وفقا لما دربهم عليها الإرهابي الأكبر اسامة بن لادن الذي سيحمل أوزار كل من نفذ هذه العمليات الانتحارية, لأنه هو الذي سن هذه السنة المجرمة, وعلم هؤلاء الإرهابيين كيفية قتل الناس بدم بارد.
هل تذكرون طريقة الذبح التي استخدموها ضد الجنود والصحافيين الغربيين? وحين زاد كره واحتقار الناس لهم توقفوا عن استخدامها ليبدأوا تنفيذ العمليات الانتحارية ضد المدنيين, من دون وازع من ضمير أو عقل أو دين. وبالنسبة الى من لا يملك دينا أو ضميرا يردعه عن فعل الإجرام, ليس من الصعب لديه قتل الأبرياء, حتى ولو كانوا من المسلمين.
من الواضح أن حركة "طالبان" قد خسرت المعركة في مواجهة القوات الباكستانية والغربية العاملة في أفغانستان, ولن يطول أمرها حتى يتم القضاء عليها تماما. وكذلك الأمر بالنسبة الى مجرمي تنظيم "القاعدة" في العراق. وهذا الوضع يشبه ما آلت إليه أحوال الجماعات الإرهابية الغربية مثل جماعة "بادر ما ينهوف" والإرهابي كارلوس, حيث تم القضاء عليها, وحركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة" لا يختلفان عنهما في شيء, وإن تذرعا بذريعة الجهاد الزائفة. فالجهاد إنما يكون في الحق, وليس في قتل المسلمين والأبرياء.
وللأسف أن الدول الإسلامية لا تقف مع العالم الغربي ضد حركة "طالبان", وكأنها توافق على ما تفعله تلك الحركة, وهي التي اكتوت بنار الإرهاب, في حين أنه يفترض بالدول الإسلامية تقديم كل المساندة المالية والعسكرية للحكومة الباكستانية لكي تضرب "طالبان" الضربة القاضية وتقضي عليها.
المجاهدون الأفغان كانوا حقا مجاهدين يوم قاتلوا السوفيات من أجل تحرير وطنهم, ولكنهم اليوم يسعون إلى تمزيقه حين وجدوا أنفسهم خارج نطاق السلطة السياسية, فأخذوا يتعاملون مع الحكومة الأفغانية وفق منطق, " إذا مت عطشان..فلا نزل القطر ". ألا تلاحظون أن تنظيم "القاعدة" الذي يساعد الإرهابيين على القتل, لا يفكر في التعرض لإسرائيل!
* نقلاً عن "السياسة" الكويتية
شعوب حائرة مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
منذ العدوان الصدَّامي على الكويت، شهد العالم العربي ظاهرة جديدة تتمثل في العداء بين الشعوب العربية. فمن المعروف أن العداء غالباً ما يكون بين الأنظمة السياسية. فمنذ عهد جمال عبدالناصر بدأت ظاهرة معاداة النظام الناصري للأنظمة المحافظة أو الملكية، لكن ظلت العلاقات بين الشعوب غير عدائية. ولم تتوقف هذه الظاهرة إلا بعد نكسة عام 1967، ووصول السادات إلى الحكم حيث أخذ في تحسين العلاقة مع هذه الأنظمة مع تحول السياسة المصرية إلى السياسة الأميركية. لكن بخلاف ذلك جاء العدوان العراقي على الكويت بظاهرة العداء بين الشعوب، فجرح العلاقات الكويتية- العراقية لا يزال ينزف بسبب الأسرى الذين أعدمهم الطاغية صدام حسين، وهي قضية لا تزال قائمة. ولكن ما هو غريب في عالم العلاقات العربية- العربية أن تكون كرة القدم بالذات سبباً في تدمير هذه العلاقات كما حدث في حالة مصر والجزائر مؤخراً، وأدت إلى تسميم العلاقات بين البلدين إلى درجة الكراهية بين الأفراد.
أعتقد أن الأمر يتعلق بشعوب حائرة في حياتها. وبدلا من توجيه السخط إلى الأنظمة السياسية التي لم تحقق نجاحاً في التنمية وحل مشكلة البطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية وتدهور مستوى التعليم وما إلى ذلك من أوضاع معيشية سيئة لا تخفى على الباحثين، وفي ظل انعدام تحقيق تقدم في المجتمعين المصري والجزائري، لم يبق من مجال للنجاح سوى الكرة وخاصة كرة القدم في مجال النهائيات للبطولات المختلفة، وهذا ما حدث مع الشعبين المصري والجزائري اللذين وجها حيرتهما الحياتية، إلى سل العداء تجاه بعضهما بعضاً بالكلام الجارح، ثم قام الإعلام السيئ بدوره المجرم في صب النار على الزيت مما سمم العلاقات بين الشعبين إلى درجة تبادل الاعتداء الجسدي. وما أن تغلبت الجزائر على مصر في السودان حتى بلغ العداء ذروته، وقامت إحدى الفنانات بإعادة الجوائز التي منحتها إياها الجزائر كنوع من الاحتجاج.
وكل ما سبق دليل على أن هذه الشعوب حائرة في حياتها فقامت بتوجيه حيرتها إلى طرف آخر في قضية لا أهمية لها على المستوى الحياتي. ففوز مصر الأول لن يحل مشاكل الشعب المصري، ولا الفوز الجزائري في السودان سيحل مشاكل الجزائريين في بلادهم. وكما هو معروف أن بعض الأنظمة غالباً ما تخلق المشاكل الصغيرة لكي ينشغل الشعب بها. لكن هذه المرة ذهب الشعبان بحيرتهما ضد بعضهما بعضاً.
للأسف أن تتدهور العلاقات بين نظامين عربيين في ظل استقواء إسرائيلي بالاستمرار في بناء المستوطنات، وعدم الحرص على العمل على تحقيق السلام مع الفلسطينيين، لأنها تعلم الضعف العربي في كل الجوانب وليس العسكري فقط. وتأتي أزمة الكرة لكي تزود إسرائيل بالدليل على أن هذه الشعوب لن تستطيع أن تتغلب عليها وهي التي غدت تصنع الدبابات والأسلحة وتثبت نفسها علمياً بتعليم متطور وعلمي.
*نقلا عن "الاتحاد" الإماراتية
-----------------
.. وتعطلت لغة الحوار مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
افتقاد لغة الحوار بين الاطراف المختلفة يعود إلى عدم وجود ارضية فكرية مشتركة بين كل الاطراف
المفكر الباحث جمال البنا وهو شقيق الداعية حسن البنا الذي أسس جماعة "الإخوان المسلمين" المشهورة عام 1928, له آراء حتى لا نقول فتاوى غريبة تخالف ما هو متعارف عليه عند الفقهاء عموماً, مثل جواز التقبيل بين الخطيبين إذا طالت مدة الخطبة, أو جواز التدخين في رمضان, فضلا عن موقفه من الأحاديث النبوية التي عمل على تنقيتها وفقا لما يقبله العقل وبما يتسق مع القرآن الكريم. وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف على ارائه التي لا تملك قوة فرضها على المسلمين, أو أن تقرر تشريعا جديدا, إلا أن فقهاء "الأزهر" لهم موقف متشدد من هذه الآراء بالرفض واتهام جمال البنا بالخروج عن الدين. بل سمعت أحدهم في مقابلة تلفزيونية تناقلها مشاهدو الشبكة الإلكترونية يقول أنه لو كان أخوه حسن البنا حيا لاعدمه في الشارع العام. وهناك من طالب بقتله علنا في خطبة جمعة. وأتساءل: لماذا هذا الموقف المتطرف بالمطالبة بالقتل والتكفير لرجل له مؤلفات دينية عديدة, لمجرد أنه خالف بقية الفقهاء في بعض المواضيع? لماذا لم يحاوروه بشأن هذه الآراء وتبيان خطأها دينيا كما يعتقدون? لماذا اللجوء إلى لغة إهدار الدم? هل دم المسلم رخيص إلى هذا الحد? علما ان القرآن الكريم قد حدد المواضع التي يجوز فيها قتل الإنسان. لماذا لم يردوا عليه بكتابات معارضة لما قاله وتقديم الأدلة الشرعية على بطلان ارائه, رغم أن الإسلام لا يجيز محاكمة الآراء الشخصية حتى ولو كانت دينية.
إن مثل هذه المواقف التكفيرية والدموية للفقهاء تجاه من يعتقدون أن رأيهم مخالفاً للدين, تطرح سؤالا مهما في الثقافة العربية والدينية: لماذا لا تكون بين الفقهاء لغة " حوار "? ووفق علمي أن هذه الثقافة لا تلجأ للغة الحوار, بل تصدر الأحكام وفقا للرؤية الشخصية? وإصدار الأحكام بالإدانة يعد أخطر ما يلجأ إليه الإنسان, بل هي دلالة على عدم وجود ثقافة الحوار بين أطراف المجتمع. بسبب إصدار حكم ديني شخصي بالكفر على المفكر المرحوم فرج فودة, اغتاله أحد الأشخاص. كذلك الأمر بالنسبة إلى المرحوم الأديب العالمي نجيب محفوظ الذي اعتدى أحد الجهلة, والذي لم يقرأ له شيئا. والمفكر نصر حامد أبو زيد الذي حُكم عليه بالتفريق بينه وبين زوجته, بل أن هناك كثيراً من الجهلة المسلمين لديهم الاستعداد لارتكاب جريمة قتل كل من يصدر عليه حكما بالكفر من رجال الدين . لقد عرف اليونانيون في دولة المدينة في القرن الخامس قبل الميلاد لغة الحوار, وآمنوا أن حل المشكلات لا يكون إلا بالحوار. في حين أن المسلمين لا يزالون يرفضون لغة الحوار هذه في القرن الواحد والعشرين! في حين أن العرب المسلمين أحوج ما يكونون إلى ذلك في ظل الصراع المستمر بين الجماعات الدينية المختلفة من جانب, والصراع الليبرالي - الديني من جانب آخر, بما أدى إلى عدم استقرار هذه المجتمعات ثقافيا وفكريا واجتماعيا. وأعتقد أن افتقاد لغة الحوار بين الأطراف المختلفة يعود إلى عدم وجود أرضية فكرية مشتركة تضم جميع الأطراف.
ومما يؤسف له أنه لا يكاد يبين في الأفق العربي - الإسلامي أي احتمال لبدء لغة حوار بين هذه الأطراف, نظرا لأن كل طرف يرى في هزيمته انعداما لوجوده عن الساحة. فالإسلاميون يرون أن المستقبل لهذا الدين كما يرى سيد قطب, والليبراليون يرون أن المستقبل لليبرالية, فأين يلتقيان?
ونتمنى لو تتعطل لغة الكلام في الحب بدلا من الكره.
*نقلا عن "السياسة" الكويتية --------------------
اعترفوا... فارتقوا مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
لا يوجد أي مسؤول في الغرب، يملك الحق في تقييد الأفراد حين ممارستهم حق حرية التعبير، حتى لو بلغ مستوى الممارسة ما قد لا يقبله الذوق العام أو الأخلاق. وفي المقابل يملك المسؤول غير المنتخب في أي دولة عربية، أو مسلمة، الحق وفقاً للقانون في تقييد حرية التعبير إلى الحدود التي يرغبها وبدون أي وازع أخلاقي أو ديني أو حتى عقلي. لقد توصل الغرب إلى حقيقة إنسانية مفادها أن الإنسان الحر لن يتوقف عن ممارسة حقه في حرية التعبير مهما كانت العوائق، حتى ولو كانت دينية أو اجتماعية، بل إنه يضعها في مقدمة حقوقه الطبيعية بما في ذلك حق الحياة. فحياة بدون حرية التعبير لا تستحق أن تُعاش. واليوم يتناسى المسلمون فضيلة الحوار مع الآخر، حتى ولو كان مسلماً إلا بشروط مسبقة!
لقد جرب الغربيون كل الوسائل لمنع حرية التعبير، بدءاً من الحوار المشروط وحتى ممارسة التعذيب ضد معارضيهم، وما عصر محاكم التفتيش عنهم ببعيد. وكم تأذى الفكر الحر على يد الرهبان والقساوسة، وكم أُحرقت من كتب، ولكن لم يثن ذلك من عزم المفكرين الأحرار الذين أبوا الانصياع، وواجهوا جبروت وظلم الساسة ورجال الدين، حتى اضطر الفريق المعارض لحرية التعبير إلى الانصياع والخضوع بعد أن وجد نفسه عاجزاً عن استمرارية المواجهة، فكان الدين هو أول ضحايا حق حرية التعبير.
وبهذا الاعتراف الإكراهي من قبل الكنيسة بقوة الإنسان في الإصرار على ممارسة حقه في حرية التعبير، توصل المجتمع الغربي، ومعه السلطتان السياسية والدينية، إلى حقيقة أنه لا فائدة من المنع، فتأسست بذلك النصوص الدستورية المانعة لسن أي تشريع يقيد حرية التعبير، باعتباره من الحقوق الطبيعية للإنسان. ويُعد الدستور الأميركي الذي يمنع الكونجرس من سن أي تشريع يقيد حرية التعبير من أفضل الدساتير في التاريخ الإنساني، ولا يزال.
ومنذ لحظة الاعتراف الكنسي والسلطوي بهذه الحرية، والغرب يقود العالم ويقدم له العبرة والدليل تلو الدليل على أنه لا تقدم ولا تطور ولا رقي للإنسانية في المجال الحضاري بدون ممارسة حرية التعبير. ألسنا نصدق إذاعة الـ \\"بي بي سي\\" الإنجليزية وقد نكذب إذاعاتنا المحلية؟ ألسنا نبحث عن الخبر الصحيح والحقيقي في الصحف الغربية؟ ألسنا نحرص على سماع الـ \\"سي إن إن\\"، لنضمن الحصول على الأخبار الصادقة؟ ألسنا نعترف بأن الغرب لا يكذب فيميقول كما هو حال بعض إعلامنا العربي الإسلامي؟
لقد آمن الغرب أن ممارسة الأفراد لحرية التعبير تُعد أفضل وسيلة للتعرف على آراء الأفراد في المجتمع، وأنه إذا ما توفرت حرية التعبير فإن ذلك سيخفض من مستوى الجريمة السياسية ومن الاضطرابات السياسية والاجتماعية. ولإيمانهم بمبدأ المساواة في حرية التعبير لم يوفروا زعيماً أو رئيساً من النقد.
لقد ارتقى الغربيون في تعاملهم مع حق ممارسة حرية التعبير، بعد أن اعترفوا وأعلنوا عجزهم عن ملاحقة المعارضين، فكانت النتيجة أنهم ارتقوا في مضمار الحضارة وحقوق الإنسان. فحضارياً اعترفوا بأهمية الموضوع، وثانياً اعترفوا بحق الإنسان في ممارسة هذه الحقوق في حياته اليومية، وبالتالي فإنه في حال المنع، لا يتبقى سوى المحاكمات والغرامات والسجون، كما هو حال بعض بلداننا العربية اليوم حين لا تتردد في إيذاء الإنسان الذي يقوم بممارسة حقه في حرية التعبير التي منحها الله قبل أن تصبح من حقوق البشر.
*نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
----------------
فقدان البوصلة مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
تتزايد صيحات الجماعات الدينية في البحرين، وفي الكويت، وفي مناخ المزايدة في سوق العضلة الأخلاقية التي يرزح المجتمع العربي تحت وطأتها يتجاهل نواب الجماعات الدينية المشاكل الحقيقية التي تواجهها هذه المجتمعات مثل البطالة المقنعة والسافرة، وغياب معايير الشفافية، وتردي الأخلاق العامة، وتدهور التعليم العام، ومشكلة الإثراء غير المشروع للنواب أنفسهم حيث يتم استغلال المنصب النيابي لتحقيق المصالح الشخصية، وغياب معايير العدالة الاجتماعية، وانعدام تكافؤ الفرص في المجتمعات العربية.
والسؤال: لماذا يهتم نواب الجماعات الدينية بضرورة سن تشريعات قانونية لحل المشاكل المذكورة أعلاه؟ لماذا يهتمون بسواقط الأمور، ويتركون عظائمها؟ وإذا كان الموضوع يتعلق بالحلال والحرام، فإن انعدام العدالة الاجتماعية وغياب تكافؤ الفرص أكثر حرمة من غيره.
في الحقيقة أنهم قد فقدوا البوصلة التي تهديهم للتشريع الصحيح لأنهم اعتبروا الحلال والحرام أعلى قيمة من الإنسان ذاته، إضافة إلى حقيقة سهولة وضع تشريع مثلا لمنع سلوك، في مقابل صعوبة وضع تشريعات قانونية لإصلاح التعليم العام وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومحاربة الإثراء غير المشروع، وهم جزء منه، من خلال قانون "من أين لك هذا"؟ وما يتبعه من إلزام أنفسهم والمسؤولين في الدولة من ممارسة سلطاتهم بشفافية. ومن المعروف أن الدول العربية والإسلامية تحتل ما دون قاع اللائحة الخاصة بوضع الشفافية في دول العالم.
نواب البرلمان في البلدان العربية والإسلامية أصبحوا جزءاً من منظومة الفساد العام، بالإضافة إلى الحكومات نفسها، وبسبب كونهم جزءاً من هذه المنظومة فإنهم يتجاهلون وضع قوانين لمحاربة الفساد في المجتمع. بل تكفي الإشارة إلى استغلالهم لمنصبهم البرلماني في الإثراء غير الخاضع للرقابة الحكومية، واستخدام مناصبهم لتنفيع الأصدقاء والأهل، وما هو معروف من شيوع ظاهرة "الواسطة" التي قضت على مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.
من جانب آخر، تتواطأ الشعوب والحكومات العربية مع أمثال هؤلاء النواب لإبقاء الحال على ما هو عليه حتى يخضعوا لرغبات الحكومات التي تتسم ممارساتها بتفشي الفساد الإداري وهدر المال العام وعدم الشفافية. وأما الشعوب فإنها لا تهتم بقضية الإصلاح السياسي والإداري لأنها بدورها مستفيدة من هذا الفساد لتحقيق مصالحها الشخصية على حساب العدالة الاجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرص. من منّا لا يرغب أن تكون له ولأهله الأولوية في الحصول على فرص العمل والترقي الوظيفي؟ من يستطيع أن يكبح جماح نفسه عن إنجاز معاملاته الرسمية غير القانونية؟ من يرفض واسطة نائب أو وزير ليتجاوز معيقات أو متطلبات منصب رسمي يوجد من هو أحق منه به؟ فالنوازع النفسية الإنسانية تنحو نحو الهوى أكثر مما تنحو نحو العدالة. وفي ظل غياب التشريعات القانونية والشفافية والمراقبة تتحقق المصالح والرغبات الشخصية، فلماذا العمل وبذل الجهد لتغيير الأوضاع المقلوبة؟
لكن وضع قوانين للشفافية وتحقيق معايير العدالة الاجتماعية والقضاء على البطالة وإصلاح منظومة التعليم العام وفرض الشفافية، يقضي على الإثراء غير المشروع ويفضح المستور.
لقد فقدت المجتمعات العربية حكومات وشعوباً البوصلة، ولذلك لا خير يُرتجى من وراء البرلمانات العربية والشعوب التي تنتخبها، لأن الفساد أصبح طبيعة وسجية في النفوس والممارسات اليومية.
*نقلاً عن صحيفة "الاتحاد" الإماراتية ----------------------
إهانة رمضان مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
كان رمضان شهراً من بين الشهور، فأصبح اليوم لدى العرب شهراً من الشهور. سمعتُ هذه العبارة من أحد رجال الكويت من كبار السن في مقابلة إذاعية قبل سنوات، وللأسف أنها تزداد تحققاً على أرض الواقع عاماً بعد عام. وقبل فترة كتب الأديب الفاضل غازي القصيبي عن "وداع رمضان"، مبيناً أن العرب المسلمين لا يستقبلون الشهر الفضيل بقدر ما هم يودعون فضائله وسجاياه التعبدية من خلال ما يُعرض من برامج فنية مبتذلة ومتاجرة بالدين على مختلف القنوات الفضائية. ولقد أصاب هذا الأديب قلب الحقيقة فيما يتصل بتصرفات المسلمين في رمضان، ليس فقط من خلال المسلسلات الفنية الرمضانية سواء كانت تاريخية أو دينية، بل ومن خلال سلوكيات يتشدق بها المسلمون في الكتابة والمقابلات الإذاعية والتلفزيونية، لكنهم يمارسون نقيضها في الحياة العملية. وإذا ما تركنا المسلسلات الفنية جانباً ونظرنا إلى واقع التعامل مع هذا الشهر الكريم لوجدنا التالي:
1- زيادة جرعة التظاهر بالورع والتدين في الصحافة، حيث تتكرر الأحاديث والموضوعات الدينية وكأن المسلمين يكتشفون رمضان من جديد.
2- يزداد عدد مرتادي المساجد، خاصة في ليلة السابع والعشرين من رمضان حيث يعتقد المسلمون بأنها ليلة القدر التي تُستجاب فيها الدعوات. ولكن تبدأ أعداد المصلين في التناقص مع الليلة الثامنة والعشرين، حتى يتلاشى التجمع مع نهاية رمضان، ثم لا تجد حجزاً على أي طائرة في العيد في البلاد التي تخلو من الملاهي وغيرها (اللهم إني صائم) مثل الكويت والسعودية. ولا زلت أذكر ما قاله أحد خطباء صلاة العيد منذ زمن مخاطباً الناس بالقول "اعلموا، أن رب رمضان هو نفسه رب ما بعد رمضان"... لكن من يسمع؟
3- كثرة الحوادث المرورية في رمضان حيث يتسابق الشباب للوصول إلى المنزل قبل أذان المغرب بعد أن قضوا سحابة يومهم في التجول في الشوارع بدون هدف.
4- برغم كثرة الإقبال على قراءة القرآن في رمضان، وهو أمر حسن، إلا أن معظم المسلمين لا ينتهزون الفرصة لقراءة الكتب الفكرية المفيدة للعقل، بل إن كل هدفهم أن يختموا القرآن أكثر من مرة ولو بدون تدبر وفهم كما أمرنا الله تعالى.
5- كثرة الموظفين الذين يأخذون إجازاتهم في رمضان بحجة العبادة، وينسون حقيقة أن رمضان عبادة وعمل.
6- في السنوات التي يقع فيها شهر رمضان أثناء الدراسة، يغدو من الطبيعي تغيُّب الطلبة عن الدروس، خاصة في العشر الأواخر من الشهر.
7- ما نسمعه من حكمة من أن الصوم يحث المسلم على العمل، لا نجد له تطبيقاً على أرض الواقع، حيث يتكاسل الموظفون عن القيام بواجباتهم بحجة الصوم والتعب. والدول بدورها لا تقصر وتساعدهم على ذلك بتقصير فترة العمل!
8- ما نشاهده في الأسواق التجارية من تبرُّج في الليل ينسف كل "الستر" الذي نراه في النهار، وكأن للفتاة والمرأة المسلمة شخصيتين مختلفتين.
9- المأساة الحقيقية في اعتقادي التناقض في أقوال الأطباء الذين ينصحون بكثرة شرب الماء في أيام الحر، فإذا ما هلّ رمضان "ابتلعوا" كل ذلك وأخذوا يحثون حتى المرضى على الصوم بقولهم لمرضى السكر والقلب والضغط، "حاول وشوف نفسك" وإذا ما قدرت افطرْ!!
10- المتاجرة بالدين من أكبر المصائب التي تحل على رمضان، شهر العبادة حيث لا يتردد المتدينون الذين يقدمون البرامج الدينية في قبض عشرات الآلاف من الدولارات ثمن تقديمهم "الدين"، ولا أذكر فقيهاً قد تعرض للموضوع، ما إذا كان العمل من أجل الدين، كما يزعمون، حلالاً أم حراماً.
لذلك يجب أن نردد مع الأديب الألمعي غازي القصيبي... "وداعاً رمضان".
* نقلا عن صحيفة "الاتحاد" الإماراتية
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
المؤشر الديني... المؤشر الأخلاقي مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
لا يختلف اثنان على تصاعد المؤشر الديني في حياة المجتمعات والدول التي تتخذ من الإسلام ديناً لها في دساتيرها, دون التصريح بأنها دولة إسلامية, والاكتفاء بالنص على أنها تنتمي للأمة الإسلامية. ويتخذ هذا المؤشر صوراً كثيرة كالحِجاب والملابس النسائية الطويلة مقابل الملابس الرجالية القصيرة! واللحية على اختلاف أنواعها، وكثرة التردد على المساجد، والسفر المتزايد للعمرة والحج, حتى وصل الحال بالمسلمين إلى الإعلان عن حملات حج (vip)، وكثرة الحوقلة والبسملة في كل شيء ولكل شيء, وفي كل مكان، بدءاً من البيت حتى المؤسسات الأهلية والحكومية والمدارس والجامعات, والمستشفيات حيث تشاهد المريض وقد تعلق بالأجهزة والأدوية الغربية "الكافرة", مع وضع ملصقات دينية من كل نوع من آيات قرآنية وأحاديث نبوية, ناهيك عن الكتيبات الدينية المتناثرة في أروقة المستشفيات. المهم، أن المؤشر الديني في تنامٍ متصاعد. ولسنا بصدد تقييم مدى صلاحية ذلك من عدمه, لكن في المقابل يمكن ملاحظة, وبكل سهولة, تدني المؤشر الأخلاقي العام, في الشارع بتنامي حوادث السيارات والسرعة, وارتفاع نسبة الجرائم المختلفة, وتنامي انتشار المخدرات بين الشباب للأسف الشديد. ولا نقول بمسؤولية المؤشر الديني عن تنامي ظاهرة الجرائم في مجتمعاتنا, لكن هذا التناسب الطردي بين المؤشرين يثير إشكالية فكرية يمكن إيجازها على النحو التالي: لماذا يتدنَّى المؤشر الأخلاقي لدى المسلمين, خلافاً للغربيين حيث يتصاعد هذا المؤشر, مع أنه يفترض أن يكون الوازع الديني كابحاً ومانعاً للانحلال الأخلاقي؟
أعتقد أنه لابد من النظر للموضوع من زاوية خصوصية المؤشر الديني, بمعنى أنه عنصر فاعل على المستوى الشخصي فقط, في حين أن المؤشر الأخلاقي عنصر فاعل في مستويين, الخاص (الشخصي), والعام (الاجتماعي). ومن المعروف في علم الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) أن الروح الفردية لدى الإنسان الشرقي، تتجاوز وتتخطى الروح الجمعية (المستوى الاجتماعي العام). ولتوضيح هذا الرأي لتقارن بين النظافة الشخصية لدى المسلم بالنظافة العامة للمجتمع المسلم, ونظافة البيت الخاص مع نظافة الشارع العام, وما ينفقه الإنسان المسلم من كميات ماء على نظافته الخاصة, أكثر بكثير مما يصرفه على النظافة العامة, دون أدنى إحساس بمسألة الحفاظ على الماء كثروة عامة. وعلى هذا المقياس تتركز القضية الأخلاقية على المساق الديني, حيث يكون الفرد أخلاقياً على المستوى الخاص, لكنه لا يأبه كثيراً بالمستوى العام. فاحتقار المرأة من الظواهر المؤسفة في عالمنا الإسلامي, والمتاجرة بالبشر (خدم وعمالة وافدة للخدمات المتدنية برواتب غير مقبولة عالمياً ولا أخلاقياً) من التهم الموجهة لكثير من دول العالم الإسلامي. وعدم وجود حمَّامات عامة نظيفة ظاهرة عامة أيضاً, وبالإجمال, يتعامل المسلم مع الفضاء العام وفقاً لمبدأ (إذا مت عطشاناً** فلا نزل القطْر), أو كما يقولون في علم السياسة (وبعدي الطوفان). والمتدينون حريصون على لوم وتوبيخ من لا تضع حجاباً, لكنهم لا يذكرون الحاكم بأخطائه مثلاً, خشية على مصالحهم, أو خوفاً من غضبه. ومن اللطيف أن الكويتيين الذين ازداد مؤشر التمرد لديهم لاستخلاص حقوقهم التي يدعونها، من خلال الإضرابات العامة, قد قامت الجماعة السلفية بالقول بعدم مشروعيتها, لأنها ضد ولي الأمر!
السؤال: متى يتطابق المؤشر الديني مع المؤشر الأخلاقي في عالمنا العربي والإسلامي؟ والتساؤل الأكبر, والأكثر تحدياً: هل من الممكن حدوث مثل هذا التطابق؟
* نقلا عن صحيفة "الاتحاد" الإماراتية -----------------
رضاع الكبير": أصل صحيح وقياس فاسد مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
قامت الدنيا ولم تقعد على صاحب فتوى جواز رضاع الموظف من صدر الموظفة التي تجاوره في مكتب العمل, حتى تتحقق الخلوة الشرعية!!
وهذا "العالم" لم يقل كفراً يخرج من الملة, بل إن كل ما في الأمر أنه قاس قياساً فاسداً على حديث نبوي صحيح ورد في "صحيح البخاري" , في باب "رضاع الكبير".
وفي اعتقادي أن الآثار التي ترتبت على إثارة هذه الفتوى كانت بسبب الإحراج الذي سببته, وأدت إلى وصف الدين الإسلامي بما لا يليق, لا أقل ولا أكثر. لكنها فتوى صحيحة من جهة الأصل الديني الذي اعتمدت عليه, فلماذا كل هذا النفاق ؟ والرجل لم يأتِ بجديد, فالحديث موجود في البخاري, والفقهاء تلقته بالقبول ما دام الحديث أسيراً في بطون الكتب, لكن ما أن ظهر إلى العلن حتى أخذ المزايدون في دين الله, يتبرؤون منه!!
ومن جهة ثانية لابد من الاعتراف بحق الإنسان في أن يقول رأيه, هذا إذا كنا نؤمن بحقوق الإنسان, وهذه الفتوى ليست ملزمة لأحد, إلا لأصحاب النوايا السيئة, وهي في النهاية مجرد رأي, وصاحبها ليس بذلك المقام الديني الذي يفرض فتواه على الناس, مثل شيخ الأزهر أو سيادة مفتي الجمهورية. بمعنى أن الناس ليست ملزمة تجاهه بالتطبيق.
هذه الفتوى الشاذة والغريبة, تقدم لذوي النهى مؤشراً مهماً على استفحال الظاهرة الدينية في العالم العربي, خاصة مصر. وللسخرية, تعد مصر أم الليبرالية العربية, إن جاز التعبير, منذ القرن التاسع عشر, حتى سقوطها في السبعينيات من القرن الماضي.
كما تبين من جهة أخرى, خطورة التوجه الديني في مجتمع جاهل, يرفض العقلانية وحسابات المنطق في ترشيد فكره وممارساته الحياتية. وما كان لمثل هذا الفقيه, إن جاز التعبير, أن يطلق فتواه غير السوية لولا تيقنه, من أن الطرف الآخر, المسلم الذي فقد عقله في عصر الهيمنة الدينية, سوف يتقبلها بكل سرور. ومن الملاحظ أن رجال الدين المحافظين من المملكة العربية السعودية لم يعلّقوا على الموضوع حتى الآن!!
الأمر الذي يعني بكل بساطة, أن صاحب الفتوى لم يخالف أصل الدين, وفقاً للحديث النبوي. والتخريجات المُخجلة التي ذكرها البعض من الفقهاء ضد هذه الفتوى, كما حدث في الكويت مثلاً, اضطرت إلى ليِّ عنق الحديث النبوي الصحيح باعتباره حالة خاصة لوضع خاص, وهذا هو الافتراء بعينه, لأن الأحاديث النبوية مطلقة من جهة النص والتطبيق, وبدليل حديث قتل المرتد الذي لم يقل أحد من الفقهاء حتى الآن, إنه وضع لحالة خاصة, وكذلك عقوبة الرجم للمحصَن الزاني التي لم ترد في القرآن الكريم.!!
إذن يمكن القول إن الذوق العام كان الأساس في رفض الفتوى وليس النص الديني ذاته, لأن نقد النص الأصلي سيؤدي إلى الإخراج من ملة الدين الإسلامي. وفي مقابل هذه الفتوى الشاذة, نجد سيادة المفتي المصري, يكتب بخط يده, مسألة التبرك ببول الرسول صلى الله عليه وسلم!! وبرغم إنكار البعض لهذه الفتوى, إلا أن أحداً لا يجرؤ على إنكار تبرك الصحابة بنخامة الرسول صلى الله عليه وسلم, وهو حديث صحيح!! إذن كل هذا الصياح على فتوى الرضاعة لم يمس أصل النص الديني الذي يجيز هذه الرضاعة. وفي جميع الأحوال, يعجب العاقل من الضجة المثارة حول هذه الفتوى, في مقابل الفتاوى التي تهدر دم المثقفين والكتّاب!! حقاً إنها أمة عجيبة....وبامتياز.
*نقلاً عن صحيفة "الاتحاد" الاماراتية ------------------------
الثلاثاء 29 ربيع الأول 1428هـ - 17 أبريل 2007م
مبادئ لا نعرفها... ويا قلب لا تحزن مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
رئيس البنك الدولي بجلالة قدره، على رأي إخواننا المصريين, يطأطئ الرأس خجلاً ومعتذراً عما فعله من أجل الأيام الخوالي، لصديقته ذات الأصل الإيراني, حين تدخل لزيادة مرتبها ستين ألف دولار! وقامت قيامة اتحاد موظفي البنك على هذا الأسلوب غير العادل في العمل, ولم يفد معهم اعتذار ولا انتفع رئيس البنك الدولي المدعو وولفوفيتز بوساطة أقوى رئيس دولة في العالم الحديث، وأقصد به الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش. ولا يزال مصيره معلقاً على ما يراه مجلس إدارة البنك الدولي.
هذه القضية التي ليست بشيء يذكر في بلدان العالم الثالث عشر (لأن عصر العولمة حذف دول العالم الثالث إلى آخر الصف)، حيث النهب والهدر المنظم للمال العام من خلال "مؤسسة" الفساد الإداري والسياسي المتعاظم في هذه البلدان. والقضية المطروحة أمامنا تتصل بالعلاقة بين الشأن العام والشأن الخاص، وهو شأن تغيب أهميته لدى ساسة ومواطني دول العالم المتخلف في كل شيء. وللتوضيح نضرب المثال التالي: ففي حين ينحصر مفهوم الشرف في الشرق بما له علاقة بالأنثى، نجد الغرب لا يهتم بالشرف من الناحية الجنسية, قدر اهتمامه بشرف الكلمة والموقف الإنساني والأخلاقي. فالمواعيد في أوقاتها ليست مهمة لدينا، والدقة والنظام وتطبيق اللوائح بشكل عادل ليست من الشرف في شيء بالنسبة للمفاهيم الشرقية، كما هو الحال في الغرب. وأما بالنسبة للواسطة في التعيين والعلاج في الخارج بل وحتى وضع الدرجات في المدارس والجامعات فيتغلب لدينا جانب الطائفة والعائلة والقبيلة على جانب العدل والنظام، رغم كل تفاهات الحديث عن دولة القانون. لذلك يعد الحديث عن دولة القانون نوعاً من اللغو، أو هو اللغو بحد ذاته, نضحك عليه في سرنا, وأحياناً كثيرة في الجهر, وبلا حياء ولا خوف. قضية رئيس البنك الدولي قضية تتصل بالأخلاق والنظام في العمل، وهو جانب لا يتهاون فيه الغربيون، وهو سر انتصارهم على الآخرين في كل شيء, وهي قضية لا محل لها من الإعراب في عالمنا العربي، حيث المحاباة وتخطي حقوق الآخرين. وبرغم أن المذهب الليبرالي يقوم على الفردية في أصوله الفكرية, إلا أننا كعرب تقوم حياتنا على الحياة الجمعية بتمجيد الذات الأنانية, وفقاً لشعار "إذا متُّ ظمآنا فلا نزل القطْر", كما يقول الشاعر العربي. قضية الأخلاق العامة من القضايا المسكوت عنها في عالمنا العربي وبتواطؤ من الجميع، بغض النظر عن مستوى المكانة الاجتماعية أو العلمية. وهي أحد الأسباب المهمة في تدهور أخلاقيات العمل وضعف الإنتاج الوظيفي, حيث نتشدق بشعار "الرجل المناسب في المكان المناسب", لكننا في حقيقة الأمر نكذب جهاراً نهاراً وبلا خوف من القانون أو حياء من الناس. كلنا مشتركون في جريمة تضييع الأوطان وتخريب الإحساس بأهمية النظام والقانون لدى الشباب, وحيث الكل يضحك على الكل. وكثيراً ما يسألني طلابي: دكتور, هل تعتقد أنت تعيش في أميركا؟ هذي الكويت صل على النبي!!.. وأتركهم وأنا أعلم بأنهم مشفقون أكثر من كونهم مستهزئين. وليس الكويت فقط هي "صل على النبي", بل كل جزء من العالم العربي حيث لا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسوة حسنة للمؤمنين به وبرسالته. *نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
------------------------
سبت 11 ذو القعدة 1427هـ - 02 ديسمبر 2006م
قوانين ضد الإنسانية مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
هناك ما يعرف بجرائم ضد الإنسانية، وهي قضية يسعى العالم إلى متابعتها ومعاقبة مرتكبيها, كما حدث مع ميلوسوفيتش وصدام حسين, ومن قبلهما هتلر. لكن لا أحد يهتم بالقوانين التي يتم تشريعها في الدول العربية والتي يمكن وصفها بأنها "قوانين ضد الإنسانية"! نعم, معظم القوانين العربية تتضمن إيذاءً وضرراً للإنسان, إذ من الملاحظ أن المشرّع العربي, لا يتردد في تضمين كل القوانين نصوصاً قاسية بحق الإنسان, ممثلة بعقوبة السجن مدداً زمنية لا تقل عن ستة أشهر في جميع الأحوال. والمشرع العربي حين يقرر عقوبة السجن لا يفكر في مقدار الأذى الجسدي والنفسي والاجتماعي الذي تحدثه هذه العقوبة.
ومن الواضح أن المشرع العربي حين يقرر هذه العقوبة, إنما يهدف إلى التخلص من مشكلة قائمة بدلاً من التفكير في كيفية حلها بما يحفظ حقوق الجميع, ولهذا السبب يغيب مفهوم العدالة من ذهن المشرع وهو يقوم بالتشريع. ولنأخذ مثلاً ما يتضمنه قانون الجزاء (العقوبات) بالجرائم الفكرية, حيث يجرِّم القانون ممارسة حرية التعبير إذا ما اتصلت بالدين أو التاريخ الإسلامي, ورأت الجهات المعنية, فيها مساساً بالدين وتوابعه الدينية. وجميعنا يعرف أن حكوماتنا العربية أبعد ما تكون عن الدين في ممارساتها اليومية, لكن المشرع سرعان ما يحدد النصوص القانونية التي تجرّم هذا الفعل بهدف تأديب الكاتب, فتتم محاكمته لا بهدف المحاورة مع الكاتب ومعرفة نواياه, بل لإدانته ومعاقبته, ومن ثم تغريمه الغرامات المالية الباهظة أو السجن, بما يتنافى مع العدالة ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي لا يعترف به المشرع العربي. وهناك أيضاً العقوبات المقررة على القضايا المدنية, خاصة التجارية؛ كقضايا الإيجارات والديون على أشكالها والشيكات بدون رصيد, حيث يهدف المشرع إلى التخلص من المشكلة بوضع المدين أو صاحب الشيك بدون رصيد في السجن على أساس أن وضعه في السجن سيشكل ضغطاً عليه أو على أهله ومن ثم دفع المبلغ المطلوب وإنهاء المشكلة القائمة, دون أن يهتم بوضع الأسرة التي ستصبح بدون معيل, والمشاكل النفسية للأولاد والزوجة, ناهيك عن الأذى الذي ينال من السمعة الاجتماعية للمدين نفسه. وتشهد المجتمعات العربية نسبة عالية من المسجونين على ذمة قضايا مدنية: نفقة وإيجارات وتجارة وميراثاً, دون أن يفكر المشرع بأن السجن لا يمثل حلاً بل تدميراً نفسياً للمسجون ولأسرته, هذا إن لم يفقد عمله أثناء وجوده في السجن والتداعيات السلبية الأخرى. هذه القوانين وأمثالها يجب أن تصنف باعتبارها قوانين ضد الإنسانية, لأنها تمثل تدميراً حقيقياً للذات الإنسانية لأسباب مالية يمكن حلها بطرق كثيرة لن يعجز المشرع عن اقتراحها وتطبيقها, لكي تكون عقوبة السجن آخر المطاف وبعد استنفاد كل الحلول. ولهذا يتميز القانون الغربي بالجانب الإنساني المفتقد في القوانين العربية, حيث نادراً ما يتم سجن المدين, بل يتم البحث عن حلول عملية لتفادي السجن. والمشرع الغربي يفعل ذلك لإيمانه بحرية الإنسان وتقديره للحقوق الإنسانية، وهو الجانب المفتقد في التشريعات العربية. ومن جهة أخرى طابع العقلانية التي يتسم بها المشرع الغربي في البحث عن حلول للمشاكل وليس التخلص منها بأي ثمن, ولو كان هذا الثمن هو حرية الإنسان. ولكن لماذا نعجب من إنسانية القانون الغربي, في مقابل "وحشية" القانون العربي, والغرب هو الذي أسس إنسانية الإنسان بالإعلان العالمي لحقوق هذا الإنسان! وهي ذات الحقوق المضيعة في العالمين العربي والإسلامي؟! *نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
----------------------------
لماذا فشلنا في الحياة? مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
خرج العالم العربي من الألفية الثانية إلى الثالثة وهو يحمل أوزار التخلف في كل المجالات, حتى يمكن القول أن هذا العالم الغني بثرواته الطبيعية وموارده الغذائية والمائية وتنوعه الحضاري قد استقال حضارياً وترك مقعده الإنساني فارغاً.البلدان الخليجية عاجزة بشريا والبلدان العربية الأخرى عاجزة حياتيا, أكثر من ثلاثمئة مليون نسمة يعم حياتهم الفقر والعطش وسوء الخدمات العلاجية والتعليمية, وفشل كامل في إدارة الدولة وفي كل المرافق. الفشل العام في الحياة هو شعار الدولة العربية في القرن الجديد.لماذا فشلنا? سؤال تلقيته من مجموعة من الشباب من الذين يعتقدون كبقية العرب, أن من لديه شهادة دكتوراه يملك كل الأجوبة, كان لا بد من التنبيه أولاً, إلى أن ما سأقدمه من إجابة لا يمثل إجابة قاطعة, بل مجرد رأي في المقام الأول. والإجابة بسيطة: استقالة العقل من الحياة. وكان لا بد من الشرح شبه المفصل.
منذ أكثر من ألف عام انتصر الفكر الديني المحافظ ممثلا بالفقهاء على الفكر العقلاني ممثلا بالمعتزلة, ومنذ ذلك الحين والعرب في تراجع ملحوظ على المستوى الحضاري, واليوم وبرغم كل الجامعات والمدارس والبرلمانات والوزارات لا يزال العقل المحافظ دينيا هو المسيطر. لن أشير إلى شيوع ظاهرات تفسير الأحلام والعلاج بالجن والرقية الشرعية والفتاوى, فهذا من سقط الكلام أو من هوامشه, بل أتحدث عن الرفض المتعمد لمعظم العرب يستوي في ذلك حملة شهادات الدكتوراه مع الرجل شبه الأمي لاستخدام العقل في جميع شؤون الحياة. الجميع, وبشكل عام يسأل عن الحرام والحلال, رغم قلة الحرام وكثرة الحلال في الدين ذاته, الجميع يلجأ لرجل الدين طلبا للفتوى حتى ولو كان هذا الرجل شاباً لم تنبت لحيته لمجرد أنه يبسمل ويحوقل ويسرد على مستمعيه بضع آيات قرآنية وأحاديث نبوية لا يحاول أحد أن يستعمل عقله للتفكير في مدى المطابقة بين هذه الأقوال وتناسبها مع العقل ومع الواقع الذي يعيشه. إذاعات وقنوات فضائية تعتاش على البرامج الدينية المكررة التي لا جديد فيها. مستمعون كثر وعقلاء قليلون يناقشون متحملين سهام التجريح والتكفير على أمل كاذب بأن يستمع إليهم الآخرون. كيف يمكن لشعب, أي شعب أن يدبر شؤون حياته بلا عقل? والسؤال: لماذا يتجه أكثر الناس إلى اللاعقلانية? والإجابة بسيطة: لأن الحياة بلا عقل أكثر راحة. العقل لا يباع جاهزا في الجمعيات التعاونية, العقل يبتدئ وينمو من خلال البحث والتحري, وهذا يحتاج إلى فعل "القراءة". والقراءة نفسها, فعل صعب. ونظرا لأننا أمة بنت "حضارتها" من خلال الثقافة الشفهية, فأنه يصعب عليها السعي لبناء ثقافة جديدة تعتمد على "الكلمة" المكتوبة. إذن لا مجال لإعادة بناء حياتنا العربية إلا بإلغاء الثقافة الشفهية والبدء بالثقافة المكتوبة, قراءة. ويوم ترتفع نسبة القراءة نكون قد وضعنا أقدامنا على أول الطريق, لأن الكتابة قرينة العقل. فالكلمة المكتوبة تتيح المجال للتفكير ثم التفكر فيما هو مكتوب أمامنا. أما الثقافة الشفهية التي ينتهي تأثيرها بمجرد نهاية الحديث فلا قيمة لها في التقدم الحضاري, لذلك لا مجال للعقل في الثقافة الشفهية, لأن العقل لا يعمل في الفراغ, والثقافة الشفهية, ثقافة فارغة من المضمون. وحيث إن العقل لا يمكن أن يؤتي ثماره إلا في مناخ من الحرية الإنسانية, فإن الإنسان لا يستطيع التفكير فيما يقرأ إذا لم يكن حرا. لا أتحدث عن "هامش" الحرية, بل عن مناخ الحرية, وهو مناخ يصنعه الإنسان لنفسه وبنفسه, أي أنه لا يُمنح ولا يوهب, بل يُنتزع انتزاعا, وهو أمر لا يمكن أن يتم من دون إرادة إنسانية.انتهت إجابتي ولم أجد واحدا من الشباب قد أبدى اعتراضا لما قلته, فابتسمت لهم قائلا: ألم أقل لكم إن ما ينقصنا هو العقل? *نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
-------------------------
الثلاثاء 20 ربيع الأول 1427هـ - 18 أبريل 2006م
لماذا نرسب في امتحان حقوق الإنسان؟ مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
النظام الديمقراطي في معظم الدول العربية والإسلامية، نظام فاشل بامتياز، بدءاً بالدول التي عاصرت الليبرالية منذ أكثر من سبعين عاماً، وانتهاء بتلك التي ستطبقها مستقبلاً، وهذا ليس رجماً بالغيب، بل هو تنبؤ يدعمه الكثير من الشواهد الاجتماعية والتراثية والتاريخية. ولا يحتاج الأمر إلى ضرب الودع أو قراءة الفناجين أو استحضار الجن، بل يعود الأمر إلى جملة من الأسباب الذاتية الداخلية، والموضوعية. ونقصد بالذاتية أن ما استقر في ذهنية الإنسان العربي من تميز ذكوري، سواء كأب أو زوج أو رئيس عمل أو غيره من أنماط التسلط، لا يتيح مجالا للقبول بالديمقراطية كأسلوب حياة على المستويين العام والخاص. فالطاعة، كما يقول الدكتور فؤاد زكريا، مرض عربي. مطلوب من الإنسان العربي منذ الصغر أن يطيع والديه ولو بالإكراه، ثم عليه أن يطيع المدرّس، ثم أستاذ الجامعة، ثم رئيسه في العمل، وكذلك الأمر بالنسبة للزوجة، والرجل الذي يعاني الاضطهاد في العمل، يمارس الاستبداد والديكتاتورية على الخدم والزوجة والأولاد. وعلى مستوى الدول يمكن بكل سهولة، ملاحظة الاستبداد الديمقراطي في الدول الدستورية سواء من خلال قوانين النشر والمطبوعات السيئة أو التقييد القانوني للحريات المدنية والفكرية وكذلك الحريات السياسية بشكل عام.
مجال حقوق الإنسان ليس من تراثنا العربي. أعلم أن الكثيرين سيثورون على هذا الرأي بدافع الاستبداد وانعدام خاصية الحوار، لكن هذه هي الحقيقة التي لا يريد أحد أن يسمعها. هل أستشهد بكتاب "أحكام أهل الذمة" لابن القيم، أم التمايز الديني بين الحر والعبد الذي تحفل به كتب بعض الفقهاء, أو الانحياز للرجل ضد المرأة؟ هل أستشهد بعبد الرحمن الأفغاني الذي أوشك أن يعدم في أفغانستان مؤخرا؟ أم أستشهد بالكُتاب والمثقفين الذين هربوا من إيران، أم ما يفعله رجال الدين السُّنة بالليبراليين؟ برغم كل هذا الغث من الممارسات والقوانين غير الديمقراطية في عالمنا العربي، يخرج علينا وزراء التربية باقتراح تدريس حقوق الإنسان في المدارس بعد قرابة نصف قرن من وضع الدساتير العربية! الأمر الذي يعني بكل وضوح أن هناك من أكرههم على تطبيق هذا الأمر. وحتى لو تركنا مسألة الإكراه جانباً، كيف يمكن الجمع بين النقيضين، الاستبداد الذي يعم حياتنا وتدريس الدستور، إلا إذا كان الموضوع كله عبثاً في عبث. كيف يتم تدريس حقوق الإنسان في المدارس، والمدرّس له حق "الاستبداد" في الفصل؟ كيف والتفكير الحر ليس له موضع في المناهج الدراسية؟ كيف يتم تدريس حقوق الإنسان في حين أن قوانين الدولة تنتهك هذه الحقوق؟ تخيل أحد الأولاد (من الجنسين) وهو، مثلا، يعترض على ممارسة معينة لأبيه محتجاً بما درسه عن حقوق الإنسان في المدرسة؟ لا داعي لأن نحسب كم كفاً على الوجه سيناله! كيف يمكن تدريس موضوع مهم وحيوي مثل حقوق الإنسان، وليس من حق هذا الإنسان المناقشة بحرية؟ من الأمور التي يتم تجاهلها في العالم العربي حالة الازدواجية المريعة التي يعيشها الإنسان في هذا العالم التعس. واقع قانوني واجتماعي وسياسي يؤيد الاستبداد ويطبقه في كل مناحي الحياة، وادعاء أجوف بهذه الحقوق!! الأمر مدعاة للسخرية والاستهزاء، والألم في نفس الوقت. تدريس حقوق الإنسان في المدارس أو التعامل معها في الحياة والقوانين يحتاج إلى أساس غير متوفر حالياً في العالم العربي، وهو من مستلزمات حقوق الإنسان, ألا وهو فصل الدين عن الدولة، وبالتالي يستحيل أن ننجح في امتحان حقوق الإنسان. وأعلم جيداً أن الإنسان العربي اليوم يفضل أن يعيش في بيئة دينية أياً كان نوعها بدون حقوق إنسان، على أن يعيش في بيئة علمانية مهما كانت الحقوق الإنسانية التي سيحصل عليها. لكن هل بإمكانه أن يستمر في هذا الوضع إنسانياً؟ اقرأوا إن شئتم ما صرح به زعيم جماعة "الإخوان المسلمين" في السودان، حسن الترابي مؤخراً..! *نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
-------------------
الحاجة إلى مثقف شجاع مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
تعليقا على ما كتبه جمال البنا من آراء دينية جريئة, كعادته حول بعض القضايا الدينية المتعلقة باختلاط الرجال بالنساء في الأماكن العامة, معتبراً هذا السلوك هو الأفضل للمجتمع, واعتباره أيضاً الحجاب "غير ذي صلة بالشرع الإسلامي", وغير ذلك من طرح مخالف للآراء الدينية التقليدية الجامدة، مما جر عليه, هجوم وتشنيع رجال الدين والعوام, كتب مشاري الذايدي ممتدحاً آراء الأستاذ جمال البنا ومطالباً في الوقت ذاته بقيام فقيه شجاع يتخذ موقفاً حازماً تجاه الآراء الفقهية الراكدة التي عفا عليها الزمن. وكأن الله قد استجاب له, فقرأنا في مقابلة جريئة لأستاذ أزهري آراءً أكثر جرأة, متهما المسلمين بالانحراف عن القرآن, وكحال زميله جمال البنا تعرض الشيخ نهرو(!) وهذا هو اسمه كما عرض في الإنترنت, للأذى من قبل المتزمتين. لكن ما فات الذايدي أن دعواه بقيام فقيه شجاع هي البلاء بحد ذاته لأسباب عدة، منها أن هذه الدعوة مستحيلة على أرض الواقع؛ ألا تراهم وقد زينوا الحق بالباطل حين برروا الصلح مع العدو الصهيوني وهو يحتل أرض المسلمين باسم الشرع, ودبَّجوا الآيات لتمرير هذا الصلح المخزي؟ ألا تراهم يدفعون الشباب للجهاد وهم يتنعَّمون بكل ما لذ وطاب في الحياة, وأبناؤهم في أحضانهم؟ ألا تراهم يشتمون أميركا ويرسلون أبناءهم للدراسة في جامعاتها؟ وباختصار إنهم "يقولون ما لا يفعلون", ويداهنون الحكام تحقيقاً لمصالح دنيوية. فمن أين تواتي كبراءهم الشجاعة لاتخاذ موقف بطولي كما يطالب الذايدي؟ ولو افترضنا من باب اللغو, ظهور هذا الفقيه الشجاع, فهل بإمكانه تحقيق التطوير المطلوب, وهو لا يكاد يأمن على نفسه من الغوغائيين وحراس التقليد؟ وفوق هذا كله، ما الفائدة من الحديث في الموضوعات الدينية إذا كنا ندور في الحلقة المفرغة بالعودة لكتب السابقين الصفراء التي أصبحت من المقدسات ولا يجوز المساس بها؟ الفقيه سواء أكان شجاعاً أم غير ذلك, يظل في نهاية الأمر فقيهاً, بمعنى أننا لن نخلص من الاستبداد الفكري. وباختصار فالعالم ليس بحاجة لأي فقيه, قدر حاجته للمثقف الشجاع الذي يملك الإرادة الحقيقية لمواجهة الاستبداد الديني للفقهاء, والاستبداد السياسي للأنظمة السياسية. ذلك المثقف الذي يملك الشجاعة ليسمي الأشياء بمسمياتها.
المجتمع, أي مجتمع، لا يتطور إلا بالمثقفين والعلماء والأطباء والمهنيين. ولاشك سنجد من يقول: ومن سيشرح لنا ديننا؟ لكن هل كان لدى المسلمين الأوائل فقهاء؟ وبرغم أهمية العلماء، من أطباء ومهندسين وغيرهم, فإن الحاجة للمثقف الشجاع ألزم وأوجب, لما يملكه من رؤية للواقع. العالم لم يتغير نحو الأفضل إلا بوجود المثقفين الشجعان الذين واجهوا التخلف والاستبداد, أي السلطتين السياسية والدينية, ودفعوا ثمن مواجهتهم نفياً وتشريداً وحرقاً واغتيالاً وسجناً وفقراً. من الذي "اخترع" الديمقراطية ونظرية حكم الشعب؟ من الذي فصل بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية؟ من الذي أوجد الدساتير؟ من الذي أعلن حقوق الإنسان؟ المثقف الشجاع ولا أحد غيره, هو ما تحتاجه المجتمعات العربية الراهنة. المجتمع العربي بحاجة للمثقف الشجاع الذي لا يركض وراء مصالحه الخاصة مسترزقاً بالسكوت أو التأييد, وبالصمت عن الدور المدمر للتقاليد الثقافية و"الدينية" العتيقة. يكفي دليلاً للمقارنة بين حالنا في الخمسينيات، حين كانت الريادة للفكر الليبرالي, وحالنا اليوم في ظل هيمنة الفكر الديني, ولا ينكر هذا التدهور إلا مكابر. أين المسرح والمكتبة والأدب الإنساني والثقافة بشكل عام؟ تقريبا كلها اختفت من حياتنا اليوم, في مقابل ازدياد عدد البرامج الدينية المكررة, وندوات الجن وتفسير الأحلام؟ العجيب أن ازدياد الجرعة الدينية في المجتمع لم يحل دون تدهور القيم العامة وانتشار الرشوة والفساد, مما يتناقض ومنطق الأشياء! إن المطالبة بظهور "فقيه شجاع"، كما كتب مشاري الذايدي, لا تمثل حلا لمشكلات المجتمع العربي, ليس فقط لأن هذا الفقيه لن يأتي, بل ولحقيقة أنه حتى ولو ظهر هذا الفقيه, فلن يحقق التقدم المطلوب, إذن ما الفائدة من الانتظار والمطالبة؟ * نقلا عن جريدة "الاتحاد" الاماراتية
---------------------------
الثلاثاء 21 صفر 1427هـ - 21 مارس 2006م
إمبراطورية الرياح الخاوية مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
في مقال شيق أوضح لنا الأكاديمي السعودي يوسف بن أحمد العثيمين نجاح الجماعات الإسلامية في بناء ما أسماه "إمبراطوريات النفوذ الاجتماعي", بصمت في مفاصل المجتمع العربي. والمقال يدل على نفاذ رؤية واعية للدور الذي تقوم به هذه الجماعات وكيفية تغطية هذا التغلغل من خلال العمل السياسي الذي يأتي في شكل "فلاشات" للإلهاء, حتى لا ينتبه الآخرون لعملية البناء لهذه الإمبراطوريات. والمقال يحاول بأسلوب غير تحريضي شد الانتباه إلى أسلوب الجماعات الإسلامية ومدى خطورته على الشباب, وأن الحل يكمن في إيجاد البديل الموثوق به –حسب تعبيره– والمتمثل بجمعيات المجتمع المدني.
لاشك أن ما تفضل به العثيمين صحيح ولا يمكن تجاهله كحقيقة قائمة في المجتمع العربي, لكن استتباعا للحقيقة لابد من تحليل هذا الوضع الغريب من جهة العوامل التي ساعدت هذه الجماعات لكي تتسيَّد الساحة الاجتماعية, والتي ما كان لها أن تنجح فيها لولا هذه العوامل غير الموضوعية, وهي تتمثل في عاملين رئيسيين: العامل الأول, الفقر الضارب أطنابه في العالم العربي, والثاني, تأييد ومساندة الحكومات العربية لهذه الجماعات التي ساندت بدورها هذه الحكومات التي يفتقر أغلبها إلى الشرعية السياسية, وذلك بعد فترة طويلة من مواجهة القوى الليبرالية والقومية امتدت قرابة ربع قرن. العمل الخيري ليس اختراعا إسلاميا, بل قلد فيه حسن البنا, مؤسس جماعة "الإخوان المسلمين", المبشرين المسيحيين, لنشر أفكاره في المجتمع المصري الذي يغلب عليه طابع الفقر. والفقر ظاهرة عالمية, لكن مقارنة الوفرة المادية بالفقر البادي في العالم العربي هو المشكلة. وفي هذا المجال نشطت الجماعات الإسلامية لتحل محل الدولة العاجزة التي رحبت بمن يحمل عنها هذه المسؤولية, والناس عبيد لمن يحسن إليهم. ومن الملاحظ بهذا الصدد أن هذه الجماعات تنشط في المناطق الفقيرة في هذه الدول. الحكومات العربية والتي عانت من المشاكل مع القوى القومية والليبرالية منذ الخمسينيات, حتى السقوط القومية المدوي إثر نكسة 1967, ودور الرئيس المصري أنور السادات في إفساح المجال لجماعة "الإخوان المسلمين" تحديدا لضرب القوى الناصرية المعارضة له, كانت بحاجة لمن يقف معها بعد أن ثبت فشلها في التنمية في كل المجالات. إلى جانب البحث عن بديل للفكر القومي, فكان الفكر الديني هو البديل, خاصة وأن جماعة "الإخوان", وإلى اليوم, لا تزال تساند الاستبداد بالصمت والتجاهل لكي تحقق أهدافها بالتسلط على مؤسسات المجتمع. وحيث إن المال هو العنصر الوحيد القادر على جلب الناس إلى جانبهم بالحق والباطل معا لشبهة الانتفاع, فقد أصبح من السهل عليهم التغلغل في مفاصل المجتمع بسهولة وتثبيت سيطرتهم, دون تجاهل لحقيقة انضباطهم وتنظيمهم وانتشارهم. أما العوامل الفرعية فتتمثل في غياب العدالة الاجتماعية في المجتمع العربي, الأمر الذي يدفع الإنسان للانتماء لجهة, أو منظمة قوية سياسيا واجتماعيا لتعوض له شيئا من العدالة عبر التوظف أو تنمية الإحساس بالقوة الذي يفتقده. وهناك أيضا, عنصر تأثيم الذات, خاصة بالنسبة للمسلم الذي دائما ما يرد فشله إلى عوامل إيمانية. هذا الإحساس بالإثم المصاحب للنفس غالبا ما يدفع أصحابه للرجوع في كل مناسبة إلى رجل الدين باعتبار أن جميع الحلول لديه, الأمر الذي يزيد من هيمنة الجماعات الدينية، ويساعد بدوره على التخلص من المسؤولية الشخصية, تأسيا بالمثل الكويتي الشائع, "حطها في بطن عالم, واطلعْ سالم ". من خلال الفقر والجهل والرغبة المتعمدة للتهرب من المسؤولية, والخوف من مواجهة السلطة, انتشرت الجماعات الدينية في جميع مفاصل المجتمع ومؤسساته, بل وحتى مؤسسات الحكومة, ولكن كل هذا إنما يتم بموافقة الحكومة, وتوفيرها كل الوسائل لتمكن هذه الجماعات في المجتمع, وحتى لو خالفت القانون, الأمر الذي أدى إلى ترسخ القناعة لدى المواطن أن الانتماء إلى هذه الجماعات يجنبه الكثير من المشاكل ويحقق له الكثير من المزايا. لهذه الأسباب مجتمعة ستبقى هذه الجماعات مهيمنة على المجتمعات العربية ما دامت الأسباب, سالفة الذكر, قائمة, ولا أعتقد أن الأمر سيطول على نفس المنوال في المستقبل القريب وذلك حين تصبح هذه الجماعات في السلطة. ألا ترون حركة "حماس" كيف تتنازل وفقا لأسلوب "بيع المرابحة "؟ *نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
-----------------------
الثلاثاء 22 محرم 1427هـ - 21 فبراير 2006م
"حماس" و"البراغماتية" الإسلامية! مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
"البراغماتية"، مصطلح غربي ليس له أصل عربي أو إسلامي، بل هو مناقض لكل المفاهيم والقيم الدينية، وفقا للتعريف الوارد في المراجع كما سنبين لاحقا. لكن هذا المصطلح غير الإسلامي أصبح اليوم الكلمة المفضلة عند جماعة "الإخوان المسلمين", سواء في مصر أو الكويت، وأخيرا حركة حماس، التي كمثيلتها المصرية ما كان لها أن تفوز بالانتخابات التشريعية لولا التدخل الأميركي وممارسة الضغط على الحكومات العربية لممارسة الشفافية، الكلمة التي لا يزال معظم العرب لا يعرفون حتى كيف ينطقونها بشكل سليم!
في الكويت أعلن أحد قيادي جماعة "الإخوان المسلمين" من النواب، وبعد نجاح الحكومة في تمرير قانون الحقوق السياسية للمرأة، أن الحركة براغماتية في سلوكها، ثم تظهر الفضيحة من خلال تصريح رئيس جهاز أمن الدولة السابق، بأن الحكومة دفعت سبعة ملايين دينار لبعض النواب لتمرير هذا القانون، وقد أحالت الحكومة هذا الرئيس إلى النيابة العامة، ولا تزال القضية أمام المحاكم الكويتية. ثم جاء "إخوان" مصر بعد نجاحهم في الانتخابات العامة، وصرح مرشدهم العام، على ما أعتقد, بأن الحركة لن تعترف بإسرائيل، ولكنها لن تلغي الاتفاقات التي عقدتها الحكومة المصرية مع الكيان الصهيوني!! كما أنهم لن يحاربوا إسرائيل!! وكأنه يستطيع ذلك! واليوم تأتي حركة "حماس" لتعلن أيضا "براغمتيتها"، الخاصة بها في التعامل مع إسرائيل. ما هي هذه البراغماتية المزعومة؟ يعلن الرئيس الفلسطيني "الحماسي" غير المتوج، خالد مشعل، مدير مكتب "حماس" في دمشق، أن "حماس" لن تعترف بإسرائيل، لكنها مستعدة لهدنة طويلة الأجل، وكأن زعماء الكيان الصهيوني يشتغلون عند حركته! إنها البراغماتية الفلسطينية بعد البراغماتية الكويتية والمصرية، رغم كل الاتفاقات بين الدولة العبرية والأردن. إنه زمن البراغماتية الإسلامية لمن لا يريد أن يفهم من الأغبياء. ما هي البراغماتية التي يزعم هؤلاء الإسلاميون التمسح بها لتبرير أفعالهم؟ وفقا لمعجم "المغني الأكبر", هي: "فلسفة تحكم على صحة الأشياء وعدمها بحسب النتائج التي تسفر عنها هذه الأشياء وليس بحسب المبادئ العامة". وأما المعنى العام لهذه الفلسفة فهو ما يسميه كثير من الناس خطأ، بالواقعية السياسية، أي لغة التعامل مع الحدث الواقع أو القائم. ذلك أن الواقعية السياسية تعني "سياسة الواقع لا السياسة المبنية على مبادئ أخلاقية"، كما يعرف ذلك معجم، "المغني الأكبر". وفي جميع الأحوال ما يجمع البراغماتية والواقعية السياسية هو البعد عن الأخلاق والمبادئ. لكن نسأل جميع المنتمين للجماعات الدينية ذات الأهداف السياسية، هل هذا من الدين؟ كارثة إذا كانت الإجابة: نعم، رغم أنها كذلك. ومن باب هذه الوسيلة اللاأخلاقية ستتعامل حركة "حماس" مع الواقع السياسي الفلسطيني القائم حين يبدأ العمل التشريعي، ذلك أن كل الاتفاقات التي عقدتها السلطة الفلسطينية مع إسرائيل ملزمة لهم رغم أنوفهم، وسيعلنون وقف العنف، وسيغيرون مبدأهم القاضي بتدمير إسرائيل، وذلك حتى يتمكنوا من توفير الأموال اللازمة لحياة الشعب الفلسطيني الذي لا مجال أمامه للحياة سوى الاعتماد على المساعدات الأوروبية والأميركية، لكن المكابرة الزائفة تمنعهم من الاعتراف بذلك. كما يقولون، من السهل أن تكون في المعارضة، لأنها لا تكلف شيئا، لكن التواجد في سدة الحكم شيء مختلف تماما، وهذا ما ستواجهه "حماس" وهي غير مستعدة له، كما أنها لا تملك من الفكر السياسي للتعامل مع هذا الحدث الجديد سوى مصطلح، البراغماتية، الذي أخذت تدعيه، ودون أدنى اهتمام كونه يتوافق مع الدين أم لا، فالصدمة أكبر من قدرتهم على الاستيعاب، لكنهم سيتأقلمون مع الوقت... وسيعترفون بإسرائيل، ويتخلون عن العنف، ويقبلون التعامل مع معطيات السلام حتى وإن لم يكن عادلا حتى الآن. *نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
الأربعاء 18 ذو الحجة 1426هـ - 18 يناير 2006م
أحلام العاجزين مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
بكل استخفاف يخرج علينا مفكر اسلامي, ليقول بلا ادنى إحساس بمسؤولية الكلمة: الحضارة الغربية ستسقط من دون اطلاق رصاصة واحدة " ! هذا ما يراه المفكر الاسلامي د. مصطفى محمود . الحضارة الغربية التي لم تتوقف عن التقدم منذ القرن الخامس عشر الميلادي ستسقط, هكذا ! ومن دون أن يكلف العالم العربي او الاسلامي نفسه, حتى اطلاق رصاصة واحدة ! طب ازاي يا عم مصطفى ?
الجواب, لأن العملاق الغربي سيموت من الداخل ! هذه المرة بمرض مختلف اسمه الترف والفورة والشبع والتخمة وعبادة الشهوات والغرق في الملذات, هذه المرة الميكروب اسمه: البطالة, والمخدرات والجريمة المنظمة, والمافيا, وعجز الميزان التجاري, وصراع الين والدولار واليورو, وكساد السوق, والمادية التي تأكل الروح حتى اللباب! وكعادة كل حضارة مترفة, تزدهر فيها فنون الانحلال, وقد وصلتنا بشائرها, من سينما العنف ومسرح العبث وغناء العهر وروايات الجنس, فالموت سيكون من داخل البدن الذي اهترأ واصبح خواء من فرط التلذذ ! ياه, ما خلتش حاجة يا عم مصطفى ! طيب ما هو الدليل على ان هذا سيحدث? لان التاريخ حافل بالمفاجآت.... فقد ماتت الدولة السوفياتية وهي واقفة من دون حرب (كده حته وحده !! امال ايه اخبار الحرب الباردة ?), ماتت وعلى ظهرها حمولة من القنابل الذرية تكفي لنسف الكرة الارضية مرات عدة !وسوف يسقط العملاق الغربي بالداء نفسه, ومن دون ان يطلق عليه المسلمون رصاصة واحدة ! الله يبشرك يا عم مصطفى . وخلاص يا مسلمين, خليكو مستنيين, ووفروا على نفسيكو الرصاصتين اللي حيلتكو ! هذا هو الوهم واحلام العاجزين, ومن المخجل ان يكون قائل هذا اللغو الفارغ عالما, وليس رجل دين, كما اعتدنا سماع مثل هذه الترهات بين الحين والاخر. كل السلبيات التي اوردها المفكر الاسلامي موجودة واكثر, في العالمين العربي والاسلامي, ومع موت الحضارة العربية يوم تغلب الفكر الديني على الفكر العلمي العقلاني, بعد افول الفكر المعتزلي الذي ارسى دعائم الفكر العقلي في عالم دار الاسلام التي لم تعرف التعامل مع العقل قبل قيامهم في العصر العباسي الثاني . والرأي الذي قدمه د. مصطفى محمود يخلو من العقلانية, ويغترف من اللا عقلانية الدينية التي يشيعها رجال الدين, واتباع الجماعات الدينية, في المجتمعات العربية اليوم, والناس تصدقهم! ان ما يميز الحضارة الغربية اليوم انها لن تشيخ ابدا, فضلا عن ان تموت ، وهي حقيقة قاطعة وساطعة سطوع شمس الكويت في شهر اغسطس, وكما هي حقيقة ان حضارة دار الاسلام لن تعود أبدا, ما دامت متخلية عن العقل . وواهم كل من يرى خلاف ذلك. الحضارة الغربية تختلف عن كل الحضارات التي سادت ثم بادت قديما, كونها تتوالد بشكل متجدد, ولا تقبل التوقف عند حد معين,وما الاستنساخ, والانترنت, وعلوم الفضاء, والاغذية الجينية, والتطور الطبي المذهل, وعلم الحاسوب المتطور, والهيمنة الاعلامية, سوى بعض الامثلة الدالة على هذه الحقيقة المؤلمة . الحضارة الغربية التي انقذت العالم من الجوع باختراع الاكل المعلب, ثم الاكل المجمد, والآن يعمل على الاغذية الجينية, هذه الحضارة غير قابلة للسقوط رحمة من الله بعباده . تخيلوا لو ان هذا العالم يعيش على المسلمين, لفني الناس واكلوا بعضهم منذ سنين . هذه الحضارة الفذة العجيبة, هي التي انقذت الانسان من الفناء مرضا باختراع مختلف الامصال والادوية التي اطالت عمر الانسان على الارض بعد ان كان يموت في سن ما بين 30 ¯ ,40 هذه الحضارة التي ستعيد تشكيل شكل الانسان من خلال الهندسة الجينية والاستنساخ . هذه الحضارة التي تفكر منذ الان كيف تنقل البشر الى كوكب آخر بعد ان يتلوث هذا الكوكب الذي نعيش عليه, والعرب الى اليوم غير مصدقين حتى, انه سيتلوث يوما ما ! اذا ماتت هذه الحضارة, سيموت حينها كل البشر جوعا ومرضا وقهرا لانعدام وسائل الترفيه وظلما لشيوع الانظمة الاستبدادية, بل وافلاسا ايضا بسبب انهيار الانظمة الاقتصادية والنظم المالية. الحضارة الغربية المعاصرة تمثل الامل الوحيد للمستضعفين للتحرر من الظلم والاستبداد والقهر . هل كان من امل لمسلمي البوسنة والهرسك, وعرب الكويت المسلمين, وعرب العراق من مسلمين وغيرهم, بالحرية من الابادة الجماعية والقتل, وحفظ الكرامة, والتشرد ?وهل هناك من امل لانقاذ القارة الافريقية مما هي فيه الان من دون تدخل الغرب ?وهل من الممكن القضاء على الامراض الخطرة الموجودة اليوم كالسرطان والايدز وغيرها من دون العلم الغربي, والابحاث الغربية ? باختصار شديد ان احلام الوهم هذه لا تخدم المسلمين في شيء, لان المسلمين يمثلون اليوم امة قدمت استقالتها من مجلس ادارة الحضارة الانسانية, والعلمية والثقافية, فضلا عن ان الخاسر الاول لسقوط الحضارة الغربية المسلمون انفسهم, لسبب بسيط وهو, ان كل الامم تزرع وتصنع وتعمل,الا هم, قد تفردوا بالعجز واحتكروه, بل وسجلوه ماركة مسجلة, لن تفكر امة من الامم ان تنافسهم عليها ! *نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
-----------------------
الأربعاء 19 ذو القعدة 1426هـ - 21 ديسمبر 2005م
في انتظار الخيبة مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
هل نتذكر المسرحية الانكليزية الشهيرة "في انتظار جودو" للمسرحي البريطاني صمويل بيكيت? الذين كانوا بانتظار "جودو", ظلوا ينتظرون, فـ"جودو" لن يصل.
العرب والديمقراطية كما هي حال الذين ينتظرون "جودو" الذي لن يأتي ابداً, العرب لا يعملون من أجل الديمقراطية, لانهم لا يريدونها في الاصل. انظروا الى مصر التي عرفت الديمقراطية كنظام حكم منذ اوائل القرن العشرين, وما حدث في الانتخابات الاخيرة, فوضى وقتل واختيار سيئ مضاد للديمقراطية. والكويت التي تأتي بعد اكثر من اربعين عاماً على الدستور وتقدم مشروع قانون المطبوعات والنشر يتناقض مع الدستور, وقانون تجمعات يتناقض مع الدستور, وتمييز بين الناس على اساس الجنس في الفصل بين الذكور والاناث في الجامعة يتناقض مع الدستور, وتغييب الدولة الدستورية من خلال انبعاث الطائفية والقبلية, ماذا حصد المصريون والكويتيون في المسألة الديمقراطية? الخيبة تلو الخيبة لانهم ببساطة حكومات وشعوب لا تؤمن بالديمقراطية. ما الذي يجعل الشعب العراقي احسن في هذه المسألة? ألا يسيطر المناخ الديني المريض على الحياة العامة في العراق? الا يتحدثون عن المرجعيات الدينية في دستورهم بدلاً من الديمقراطية? الا يسعون الى الفصل بين الجنسين في مدارسهم ضد مبادئ الدستور? الاجابات كلها, نعم, اذن فليحصدوا الخيبة في قادم الايام. كل الوهم الاميركي بعراق ديمقراطي سيتبدد ويتلاشى حين يرفض العراقيون الديمقراطية الغربية ويعيشون وهم الدستور مثل الكويتيين, ألسنا جيرانهم?! الاميركي الانسان لا يعلم, بل ولا يريد ان يفهم ان الانسان العربي المسلم محصن جينياً "من الجينات الوراثية" ضد الديمقراطية يعني هو استبدادي خلقة ألم يقل شاعرهم منذ قديم الأزل:والظلم من شيم النفوس فان تجدفلعلة لا يظلم?!ألم يقل شاعرهم:ونحن أناس لا توسط بيننالنا الصدر دون العالمين أو القبر? والعرب المسلمون مرتاحون جداً لحصولهم على "صفر" مدور في كتب الحريات الدينية والفكرية وتقديرهم ضعيف في مجال حقوق الانسان, والتقارير عنهم سواد وجه ومع ذلك يتبجحون ويتشدقون بحقوق الانسان! قسماً بالله, لم أقرأ في حياتي صفاقة مثل صفاقة العرب المسلمين في مجال انتهاك حريات وحقوق الانسان, وفوق هذا لا يخجلون من الحديث في الدين!!العراقيون اختاروا طريقهم من الآن دولة دينية في الجوهر ودولة دستورية في المظهر, يعني مثل بقية الدول العربية, وللحق لم يعرف العراقي حياة ديمقراطية بالمعنى الصحيح الا نادرا فمن اين يأتي بالديمقراطية? نعم ستكون حالهم من حالنا, دولة قانون ولا قانون, دولة نظام حكم ديمقراطي ولا ديمقراطية مجلس نيابي وفساد سياسي, مؤسسات دولة وفساد اداري جنباً الى جنب مع تنامي الفكر الديني, حتى يصلوا في نهاية المطاف الى نهايتنا في الكويت: الخيبة تلو الخيبة في كل شيء, بنوك اسلامية متخمة بالمال والتنمية صفر, والفقر منتشر, مدارس وجامعات تليها بطالة وعدم كفاءة في الاداء ثم سيجدون ان الوصول الى البرلمان متاح للجميع عن طريق شراء الاصوات وتقديم الخدمات بالوساطة. كل ما نقوله للاخوة العراقيين:(أهلاً وسهلاً بكم في نادي الخيبة .. وحياكم الله). * نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
-----------------------
بت 01 ذو القعدة 1426هـ - 03 ديسمبر 2005م
مشية الغراب مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
عادل القصار الكاتب في القبس ميت من الفرح بفوز جماعة الاخوان المسلمين في مصر, وأعتقد لو سألته انت من الاخوان? لأجابك ب¯: لا كبيرة!! المهم ان المرشد العام لهذه الجماعة يقول بالحرف الواحد »ان السخط على الحزب الحاكم في مصر زاد عدد الاصوات التي حصلت عليها جماعته في المرحلتين الاولى والثانية من الانتخابات التشريعية المصرية«. وبتعبير بسيط يعترف المرشد العام ان المصريين لم ينتخبوا هذه الجماعة لصلاحها مثلاً,
بل لانهم ساخطون على الحزب الحاكم, ومع هذا الاعتراف »اوضح ان الاخوان لا يعترفون باسرائيل لكنهم لن يحاربوها بل سيحترمون جميع المعاهدات التي وقعتها مصر معها, اي مع اسرائيل« وعلى الوزن نفسه لنتصور التالي:لن نعترف بالخمر ولكن لن نغلق الخماراتلن نعترف بالرقص الشرقي, لكن لن نغلق الملاهيلن نعترف بالقمار, لكن لن نغلق الكازينوهاتلن نعترف بالسياحة الترفيهية, لكن لن نعارض استمراريتهالن نعترف بالربا, لكن لن نغلق البنوك الربويةبالله عليكم هل هذا من الاسلام الحقيقي في شيء? أم أنه تدين زائف لخداع الجماهير الساخطة على الحزب الحاكم في مصر?أما سالفة أنهم لن يحاربوا اسرائيل فهي نكتة حلوة!! بلا خيبة ولن تستطيعوا حتى ان تمسوا شعرة في رأس اي اسرائيلي, نفخة على الفاضي مثل صاحبنا الذي استعرض النباطة للجهاد الاسلامي لاسترداد القدس, ولا يعلم سوى الله كم مليون حصدت »سنابله« وفي اي بنك اجنبي ربوي كافر وضعها?!وليظهر للناس أني مخطئ وأتحداه?! لكنه سيصمت صمت ابو الهول خوفاً على ملايينه التي نسمع عنها »حديث الدواوين« مثل الملايين السبعة الرشوة والتي تقول حديث الدواوين أنها دفعت لبعض النواب لتمرير الحقوق السياسية للمرأة.
المهم الجيش المصري لا يخضع للاخوان المسلمين, اذن سيحاربون بماذا? هل لدى جماعة الاخوان المسلمين سلاح مخبأ يمكنهم من شن مثل هذه الحرب? بالطبع لا, لكن عجرفة على الفاضي, قال يعني أقوياء!! وليس لديهم من العضلات سوى الشحم.بعد هذا تزداد شعلة الذكاء فيوضح المرشد العام أنهم سيحترمون جميع المعاهدات التي وقعتها مصر مع اسرائيل .. يا سبحان الله, اذا لم تكونوا تعترفون باسرائيل, اذن مع من تم التوقيع? هل رأيتم مثل هذا الخداع للذات وللاخرين? لا يعترفون باسرائيل ويقبلون المعاهدات معها, فيلم هندي!الفوز الذي حققه الاخوان في مصر, يعود الفضل فيه الى الولايات المتحدة الاميركية التي ضغطت على النظام المصري لافساح المجال للمزيد من الديمقراطية التي تسعى أميركا لنشرها في العالم العربي, ولو بالقوة. والدليل على ما أقول ان الاخوان صار لهم منذ عام 1928 وهم لا يحصدون سوى الخيبة وقلة الهيبة, واليوم بعد تحرير الكويت ثم تحرير افغانستان ثم العراق ثم اخيراً لبنان من التواجد السوري, والضغط على مصر, أتيح المجال لهذه الجماعة التي تعيش على وهم الانتصار ان تصل الى البرلمان, ومع ذلك لن تستطيع ان تفعل شيئاً له قيمة ما دامت لا تعترف باسرائيل وتقبل عدم محاربتها والاعتراف بالاتفاقات التي تم توقيعها!! وهذه مشية الغراب قد اصبحت واقعاً.بالمناسبة, وفقاً لما ورد في الصحف ان »75« في المئة من المصريين لم ينتخبوا!.نبارك للأخت الفاضلة الشاعرة سعدية مفرح فوزها بالجائزة الادبية وتستاهل أكثر وهو ما نتمناه لها.*
نقلا عن جريدة "السياسة الكويتية
------------------
السبت 15 رجب 1426هـ - 20 أغسطس 2005م
ما أجمل تسامحهم مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
حين أنظر إلى الدالاي لاما ممثل البوذية وأرى ابتسامته الساحرة الهادئة, وحين أستمع إلى بعض أحاديثه, أو حين أرى طيب تعامله مع الآخرين, أتساءل: لماذا لا نرى مثل هذا في كبار رجال الدين المسلمين? كذلك الأمر مع البابا الراحل وكيفية تسامحه وتواضعه مع الناس. هذان المثلان لممثلي ديانات كبرى يعد أتباعها بالملايين أكثر من المسلمين, وينتمون لبلدان أكثر تطوراً من بلدان المسلمين, يقدمان الأمثولة لأجمل صور التسامح الإنساني والديني. وحين أستعرض ما أراه في البرامج المتلفزة الوثائقية عن رجال الدين غير المسلمين عموماً,
أرى فرقاً كبيراً في درجة التسامح الإنساني, لا يمكن لرجل الدين المسلم أن يبلغها يوماً. والطابع الإنساني الذي يجمع هذين العملاقين إنسانياً يتسم بالتالي:* لم يكفروا إنساناً, ولم »يبشروه« بالنار في الآخرة.* لم يتدخلوا يوماً في إيمان أو معتقد, بل تركوا الأمر للخالق.* لم يؤذوا كاتباً أو مثقفاً.* احترموا أنفسهم فلم يأخذوا كاتباً إلى النيابة والمحاكم حتى ولو كتب ضد دينهم.* لم يتدخلوا قط لمنع كتاب أو مقال حتى ولو كان ضد دينهم.* لم يصدروا قط فتاوى دينية ضد الآخرين.* لم يؤذوا أحداً في دينه كما يحدث في فتاوى المسلمين تجاه غير المسلمين.* لم يظهروا في الفضائيات والمجلات والصحف لتفسير الأحلام.* لم يتعاملوا يوماً مع الجن على اختلاف جنسياتهم.* لم يروعوا أحداً بفتاوى الدم والقتل.* لم ينصروا يوماً طاغية أو مستبداً, بل اعتذرت الكنيسة الكاثوليكية عن صمتها إزاء جرائم هتلر.* لم يتدخلوا في حياة الناس الخاصة.* لم يتدخلوا في عمل الساسة ولم يسعوا إلى جمع المال باسم الدين.* لم يرتقوا يوماً منبر كنائسهم أو معابدهم لشتم الآخرين.* لم يداهنوا حكاماً لمصالح دنيوية.* لم يدعوا قط لقتال الآخرين باسم الدين.* لم يضعوا أتباعهم فوق الآخرين دينياً أو أخلاقياً.* لم يدعوا قط أن دينهم فقط هو دين الحق وأن الأديان الأخرى باطلة.*
يتجنبون التحريم والتحليل حتى لا يحرجوا الآخرين.* يتجنبون الإثارة الإعلامية لكسب الأتباع.* يزهدون في الدنيا برغم قدراتهم الكبيرة على التلذذ بها مادياً وأدبياً.* يطلبون الغفران لكل نفس من دون النظر إلى دينها.* على مستوى من الفضيلة أنهم لا يترددون في الاعتراف بالخطأ حتى ولو كان تاريخياً.* لا يجبرون حكوماتهم على تدريس دينهم ونبذ ديانات الآخرين.أتساءل: من أين جاؤوا بهذا القدر الهائل من التسامح الإنساني تجاه الآخرين المختلفين عنهم دينيا? وما هي القوة الروحية التي لديهم والتي تمدهم بهذه الروح الإنسانية التي لا نجد لها مثيلاً في ديار الإسلام? لماذا لا نتعلم منهم كيفية إشاعة هذه الروح الكريمة المتسامحة في مجتمعنا المسلم? واقرأوا معي ما كتبه المرحوم سيد قطب في كتابه »في ظلال القرآن« المجلد 2 - ص .134»إن البشرية اليوم تعيش في ماخور كبير .. إن البشرية تتآكل إنسانيتها, وتتحلل أدميتها, وهي تلهث وراء الحيوان, وميراث الحيوان, لتلحق بعالمه الهابط, والحيوان أنظف وأشرف وأطهر..«.حتى الحيوان لم يسلم من الشتم .. بالله عليكم لو يصل هؤلاء إلى السلطة ماذا سيفعلون ببني البشر?وختاماً, رجل الدين المسلم الوحيد الذي يمنع بناء المعابد للآخرين في بلاد المسلمين, في حين لا يمانع البابا والدالاي لاما بناء المساجد في أي بقعة يصل إليها نفوذهم الديني .. هل هناك تسامح أكثر من هذا?
* يحرص المتدينون على إلباس خادماتهم الحجاب الديني, ثم لا يمانعون قيام الخادمة المحجبة بغسيل سياراتهم!! هكذا الإنسانية. * نقلا عن السياسة الكويتية
---------------------
الثلاثاء 04 رجب 1426هـ - 09 أغسطس 2005م
القانون لا يحمي المغفلين... فمن إذن؟ مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
حين أنظر إلى المؤلفات وضخامتها وتعقيداتها اللفظية، وحين أقرأ القوانين الكثيرة في مختلف التخصصات من مدني وتجاري.. إلخ، أتساءل: كيف يحق لرجال القانون القول: إن القانون لا يحمي المغفلين... إذن يحمي من؟ هل كل الناس وعلى اختلاف مستوياتهم التعليمية يفهمون القانون؟ وهل من الممكن حقاً متابعة كل القوانين التي تصدر يومياً لتنظيم مختلف مشاكل الحياة؟ وهل مطلوب من الناس البسطاء مراجعة القانون أولاً قبل الإقدام على التعامل مع مختلف المعاملات في المجتمع والدولة؟ وهل من المنطق السماح لغير المغفلين باستغلال ثغرات القانون لإيذاء المغفلين؟ ويتبين من استعراض وضع العدالة القانونية في عالمنا العربي من خلال ما نقرأ عن مشاكل الناس في الصحف والمجلات، أن هناك خللاً في هذه العدالة، ربما بسبب كثرة القوانين إلى درجة إرباك الناس حين يتعاملون معه عبر أروقة المحاكم، بل يحدث كثيراً أن تفسيرات الأحكام القضائية على درجة من التعقيد تحتاج معها إلى أهل الاختصاص.
القانون "اختراع" غربي تم وضعه لتنظيم حياة الناس من خلال سلطة مستقلة، وإذا ما استثنينا إنجلترا قديماً، فإن القارة الأوروبية كانت تعاني من هيمنة الملوك على السلطة القضائية، ووجود القوانين الجائرة التي تخدم الأثرياء واللوردات ضد الفقراء، ومع انطلاقة العصر الحديث الناتجة عن عصري النهضة والإصلاح الديني، كانت المنظومة القانونية واستقلال السلطة القضائية وسيلتان لجعل حياة الناس أفضل، وهذا ما حدث. ورغم أن القانون لا يحمي المغفلين مبدأ صاغه رجال القانون أنفسهم، إلا أن تطور مفهوم العدالة قد تجاوز القانون، خاصة مع اعتمادهم نظام المحلفين. أما في عالمنا العربي، فكثيراً ما يتنازل الناس عن حقوقهم المشروعة حتى لا "يتبهدلوا" في المخافر وأروقة النيابة العامة والمحاكم، كما هو الحال في قضايا الديون الصغيرة وحوادث السيارات، بل وحتى في سرقات المنازل، لأن الناس تعلمت من التجربة أن هناك عدة مشاكل مع القانون، فيما لو حاولت اللجوء إلى المؤسسات التي تتعامل مع القانون. من جانب آخر أدى تعدد المشاكل وتعقد الحياة بشكل عام إلى اختلال العلاقة بين الناس والقانون حتى أصبح كل الناس -باستثناء المحامين- مجموعة من المغفلين الذين لا يحميهم القانون، وهذا مخالف لمنطق الأشياء، ولهذا ربما يخاف الناس من القانون في دول العالم الثالث، لأن القانون منطقة مجهولة المعالم لا تدري أهي معك أم ضدك حتى ولو كنت المجني عليه، كأن يعتدي عليك أحد ما، ثم تدافع عن نفسك فتصيبه بعاهة مستديمة، أو يعتدي عليك بالسب والشتم وليس لديك شهود فتصبح معتدياً إذا ما قمت بتأديبه. وفي عالم مليء بالغش والاحتيال وضعف المعرفة القانونية يتعرض الناس لشتى المشاكل التي تظهر لهم مثلاً في عقود الإذعان، مثل عقود التأمين، حيث اشتراطات لا يمكن القبول بها لعدم منطقيتها، لكن ليس أمامك سوى القبول بها، ولأن الخيارات منعدمة. من جانب آخر، يكون اللجوء أحياناً إلى القانون مضيعة للمال والوقت، ولنفرض أن سيارة شرطة مسرعة مرت أمامك وصدر عنها حجر صغير أدى إلى كسر زجاج سيارتك، ماذا تفعل؟ تشتكي على الشرطي؟ ليت شعري كم مواطناً عربياً مستعد للشكوى ضد الشرطة؟ لذلك يجب أن يحمي القانون المغفلين، ولو سألت معظم الناس عن القوانين لقالوا لك إجابة واحدة: لا أدري! فهل من المنطق أن نعتبرهم جميعاً مغفلين؟ مهمة القانون حماية المغفلين الذين يغرر بهم، أو يتم خداعهم. مهمة السلطة القضائية تثقيف الناس قانونياً لكي يعلموا ما لهم وما عليهم، وتشجيعهم على الإيمان بالقانون، لكن حين يكون الحال كما في فيلم "سلام يا صاحبي" للفنان عادل إمام، حين تعترضه مشكلة فيقول له صاحبه الفنان سعيد صالح: "ما تخافش يا خويا، البلد فيها قانون"! فيرد عليه عادل إمام ضاحكاً، "يا خوفي نتضرب بالقانون"؟! * نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
-----------------------
الثلاثاء 07 جمادى الأولى 1426هـ - 14 يونيو 2005م
العربي الممتهن مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
في الطبعة الثالثة من "موسوعة أديان العالم" الصادرة عن دار ويبستر في الولايات المتحدة، ورد أن تعريف العربي جاء بوصف "المتشرد، المنحرف، المتسكع، المتسول، الغبي، الفوضوي". أما الإسلام فقد قدمته هذه الموسوعة كمرادف لـ"العداء للساميّة وللدين اليهودي". وقد اعترض المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم "إيسيسكو" التي تمثل إحدى وخمسين دولة مسلمة، على هذا الوصف، من خلال رسالة وجهها إلى رئيس تحرير قاموس ويبستر يطالبه فيها بالاعتذار وتدارك هذه المغالطات والافتراءات في ملحق خاص.
وكذلك كان موقف الجمعية الدولية للمترجمين العرب التي تخوض حملة عالمية ضد شركة ويبستر، حيث أصدرت بياناً استنكرت من خلاله هذا التحريف والتشويه المتعمد في حق العرب والمسلمين. وأكدت على رفض المترجمين واللغويين العرب التعامل مع جميع الجهات التي تقف وراء إصدار هذا القاموس، ووجهت الدعوة إلى المترجمين العرب لعدم اقتناء هذا القاموس المزور... (الرأي العام - الكويت 5/6/2005). للأسف أن جريدة "الرأي العام" لم تنشر نسخة مصورة لنص التعريف الوارد في القاموس، بل وضعت غلاف الطبعة الثالثة التي يفترض أنها أوردت التعريف سابق الذكر.
إثر قراءتي لما ورد في الصحيفة الكويتية، انطلقت من نفسي عدة تساؤلات على افتراض صحة ما تم ذكره:- ماذا ورد في الطبعتين الأولى والثانية كتعريف للعربي والإسلام؟- كم مواطنا عربيا ومسلم ضمن المليار ونصف المليار مسلم يستطيع مادياً شراء هذه الموسوعة العالمية؟- ما هو دور منظمة الـ"إيسيسكو" المعرفي في العالمين العربي والإسلامي باعتبارها ممثلة للتربية والعلوم؟- ما هو الدور المعرفي للجمعية الدولية للمترجمين العرب، التي أسمع بها لأول مرة في حياتي؟- كم نسخة يتم بيعها في العالمين العربي والإسلامي؟ (أقصد قاموس ويبستر).- كم عربيا ومسلما يعرف معنى اللاساميّة؟- كم عربيا ومسلما عرف عن الموضوع نفسه؟مهما كان موقفنا من تعريف قاموس ويبستر، ترى ما هو موقفنا كعرب ومسلمين في الساحة الحضارية القائمة اليوم، ونحن نظهر للعالم في الصورة المشوهة التي يقدمها الإرهابيون على الساحة العالمية؟ ألسنا نسيء لأنفسنا حين نظهر بصورة العالم السيئ في كل شيء؟ في التعليم متخلفون، في السياسة استبداديون، مع المعارضة قمعيون، في حريات الفكر "شموليون"، في تكفير الآخرين.. في المقدمة، لا نستطيع العيش بدون استيراد كل شيء من الغرب.. حتى خبز يومنا! أليست تركيا المسلمة أحد أسباب الرفض الأوروبي لدستورهم الاتحادي؟
من يستطيع إنكار حقيقة أن العربي لا يستطيع أن يقف في الطابور في أي مؤسسة، بل يلجأ إلى الواسطة في كل شيء؟! أليس التعليم عندنا مجرد تلقين خالٍ من أدنى درجات استعمال العقل؟ ألا نؤمن حقاً برغم كل التخلف الذي نعيشه بأننا "خير من ركب المطايا..."؟! ألسنا الجناة على أنفسنا قبل الآخرين؟ هل يوجد في العالمين العربي والإسلامي قاموس ويبستر عربي واحد؟ ألسنا العالم الوحيد اليوم الذي يضع أصحاب الفكر في السجون حين يمارسون حرية الرأي، ثم نتبجح بعد ذلك وبكل صفاقة بأن ديننا أول من اعترف بحقوق الإنسان، علماً بأن المكتبة الإسلامية لا تضم كتاباً واحداً عن الحريات وحقوق الإنسان؟ من يجب أن نلوم، قاموس ويبستر، أم أنفسنا؟ وهل قاموس ويبستر هو الوحيد الذي ظلمنا بهذا الوصف العنصري؟ ألم تتعطل الاتفاقات المعقودة بين الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي بسبب إصرار الأخير على قضايا الحريات وحقوق الإنسان والشفافية، مقابل إصرار دولنا على عدم تطبيقها؟أعتقد أنه حين يكون لنا دور حقيقي وفعال في الشأن العالمي، سيتغير هذا التعريف... لكن هيهات. * نقلا عن جريدة "الاتحاد" الاماراتية
-------------------------------
الإثنين 08 ربيع الثاني 1426هـ - 16 مايو 2005م
حق حرية التعبير .. لمن لا يفهم مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
الأصل في الأمور الإباحة إلى أن يرد نص التحريم, وهذا من المبادئ القطعية عقلاً ونقلاً. وقياساً على هذا الأصل, يعد حق حرية التعبير مطلقاً مثلها مثل أي حق إنساني آخر إلى أن يرد التنظيم وليس القيود, وبادئ ذي بدء فإن من يريد أن يعرض فكره بضرب الآخرين الليبراليين بالنعال ليس له حق الحديث في الموضوع من الأصل, لسبب بسيط وهو أنه لا يحترم الآخر, وحق حرية التعبير لا يقوم إلا على احترام هذا الحق أولاً.يقل معاوية - إن صدق - من نقل الخبر في كتب التراث - (لا نحول بين الناس وبين ألسنتهم, ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا) والمعنى واضح ويتضمن حق الآخرين في الكلام كما يريدون ما لم يرفعوا سيفاً في وجه حكمه. ولا ينطوي كلام معاوية على أي مضمون علمي لحرية التعبير, بقدر ما يدل على حكم عقلاني في زمن كثرت فيه المعارضة للحكم الأموي.
وبالنسبة للعصر الحالي فعلى من يريد أن يعرف كيف تكون ممارسة حق حرية التعبير شعبياً ان يشاهد العرض الأميركي في سوبر كوميدي في اوربت والمسمى »بريميم بلند« ليعرف ان الولايات المتحدة الاميركية هي أم وأب حرية التعبير في الدنيا, أما على المستوى الاكاديمي والسياسي والقانوني فلابد من قراءة كتاب »حرية التعبير في مجتمع مفتوح« من تأليف رودني أ. سموللا وترجمة كمال عبدالرؤوف والصادر عن الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية, والكتاب يقع في أكثر من خمسمئة صفحة من القطع الكبير, ومن دون مبالغة لا مثيل له في مكتبتنا العربية.يقوم الكتاب كله على تحليل نص التعديل الدستوري الأول الذي يعلن صراحة ان الكونغرس يجب أن لا يصدر أي قانون يعتبر تعدياً على حرية الكلام, هذا النص يضع على كاهل الحكومة أن تبرر أي تعديات من جانبها على التعبير,
ولا يضع هذا العبء على كاهل الكلام لكي يبرر نفسه. خلال ما يزيد على خمسمئة صفحة لم يستشهد الكاتب بكتابي العهد القديم والعهد الجديد, ولم يرد ذكر رأي لرجل دين, بل إن جميع الاستشهادات والقضايا ذات العلاقة بحرية التعبير هي لرجال القانون والمفكرين وكتاب صحافيين ممن أضافوا تطورات عميقة وجدية لتوفير كل الضمانات لحق حرية التعبير في المجتمع الأميركي, وقد كان لقضاة المحكمة العليا دور كبير وآراء نافذة وناصعة.وحيث أنه لا يمكن اختصار ما ورد في هذا الكتاب القيم سأورد بعض الأسطر للدلالة فقط على أهمية حق حرية التعبير:من الذي يقرر ما هو المناسب واللائق, وفي ثقافة مفتوحة, فإن هذا القرار يتوقف افتراضاً على المتحدث, وليس على مسؤولي الحكومة, كبارا كانوا أم صغاراً.إن حرية التعبير تعني حق الكلام عما يدور في ذهن الشخص لمجرد أن هذا ذهن ذلك الشخص, وهو حق الكلام بتحد, وبقوة, وبلاهيبة, وحتى لو لم يكن عند المتحدث أمل واقعي أن المستمعين سيقبلون وجهة نظره أو وجهة نظرها, فإن حرية الكلام من دون أي قيد يوفر للمتحدث شعوراً داخلياً بالراحة, وإدراكاً بذاته, وهما عنصران أساسيان لتحقيق ذات الفرد.
من الذي يستطيع الدفاع عن حق الدولة في فرض رقابة على الفكر? إن هذا التدخل الوحشي والرهيب لا يمكن تبريره إلا إذا قبلنا أن الإنسان مخلوق تابع للدولة.لا يمكن قبول الإجابة التي تصر على أن المفكرين يجب أن يحتفظوا بأفكارهم لأنفسهم, لأن الوازع الإنساني الذي يدفع الإنسان للتفكير يتضمن أيضاً وازعاً لكي يفكر بصوت عال, فالفكر والكلام يكملان بعضهما, ويدعمان الحريات, وهي حريات تقتطع على الفور من النواحي الخاصة والاجتماعية للشخصية. إن الروح الإنسانية يغذيها كل من الفكر والكلام, مثلما يغذي الطعام والماء جسم الإنسان.إن الدولة لا تملك الحق الأخلاقي لأن تفرض ما هو الكلام الذي »يستحق أن يقال« ومتى »كل ما يستحق أن يقال«.إن حكم الناس لأنفسهم هو مبرر مهم لحرية الكلام.معظم المعركة التي تجري للمحافظة على حرية التعبير هي تلك التي تدور حول ما الذي يجب أن يحدد بأنه ضرر. وفي مجتمع مفتوح, فإن مجرد الحزن أو الألم العاطفي أو الفكري بسبب محتوى التعبير لا يكفي ابداً وحده لكي يفي بمتطلبات الضرر.التعبير العام عن الأفكار لا يجوز حظره لمجرد أن الأفكار نفسها تعتبر مسيئة لبعض من يستمع إليها.لا يوجد مسؤول كبيراً كان أم صغيراً يستطيع أن يقرر ما هي المعتقدات القويمة في السياسة أو في الوطنية أو أية أمور أخرى تتعلق بالرأي,
أو إرغام المواطنين أن يعترفوا بالقول أو بالفعل بإيمانهم بما يقرره هذا المسؤول.إن القوانين التي تحد من التعبير تميل بالذات إلى أن تتأثر بالأحقاد أو جنون العظمة, ويدفع لصدورها تفكير قصير المدى وليس بعيد المدى.إن حرية التعبير ستتحول إلى تمثيلية هزلية إذا خولنا الحكومة سلطة خلق »مناطق لا يجوز الحديث فيها« وذلك حسب رغبتها وسواء أرادت أم لا.هذا كلام ناس تفتهم وتحترم حرية التعبير, فلا تضع الكاتب مهما كان رأيه في سجن أو تجرجره في النيابة العامة أو تفرض عليه غرامة *
نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
--------------------
الثلاثاء 02 ربيع الثاني 1426هـ - 10 مايو 2005م
حوار الأديان: ذلك الوهم مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
الحوار الإسلامي-المسيحي انتهى إلى لا شيء، وما كان له أن يكون شيئاً لسبب بسيط، لأن الأديان لا تتحاور. وقد تنبه القائمون على هذا الحوار في مؤتمره الأخير في الدوحة إلى عدم الحرص على الحوار مع اليهود واقتصار الحوار الديني دائماً مع المسيحيين دون غيرهم من أهل الديانات، فجاءت كلمة الافتتاح بالدعوة للحوار مع اليهود. وقد هاجم الخطباء تلك الدعوة باعتبار العداء مع الدولة الصهيونية القائمة حالياً، دون أي تفرقة بين اليهودية كدين، والصهيونية كعقيدة سياسية. ومن باب العدل والإنصاف أن اليهود لم يدعوا يوماً للحوار مع أي دين بسبب اعتقادهم الراسخ بتفوقهم الديني على غيرهم،
وأعتقد أنه من النادر جداً أن يتحول يهودي غربي إلى الإسلام. وبرغم كل النوايا الطيبة لدى الداعين إلى الحوار الديني، نعتقد أن هذا وهم ما بعده وهم لأسباب عديدة منها، انعدام العامل المشترك بين هذه الأديان، وخاصة أن معظم الشعوب والدول حين تتحدث عن الأديان فتقصد جميع الأديان السماوية الثلاثة إلى جانب الديانات البشرية كالهندوسية والبوذية. وإذا كان عنصر التوحيد يجمع الديانات الثلاث المعروفة، فإن الديانات الأخرى لا تعرف التوحيد.وإذا اشتركت هذه الديانات في التوحيد، فإنها تختلف في إيمانها بالأنبياء برغم إيمان المسلمين بكل الأنبياء بشكل عام،
إلا أن الآخرين لا يحملون نفس التوجه الإيماني، إضافة إلى أن الدين الإسلامي يعد كل الكتب الدينية الموجودة الآن كتباً قام أتباعها بتحريفها، ومن ثم فهي ليست معتمدة لدى المسلمين، ونفس الرأي لدى الآخرين. وهناك أيضاً الآراء الفقهية المدعمة بالنص الديني ومصادره المختلفة بعدم وجود مساحات مشتركة بينها مثل عدم السماح بتواجد دينين في أرض الجزيرة وفقاً للحديث النبوي، وعدم السماح ببناء كنائس في البلاد المسلمة الأمر الذي يثير الكثير من المشاكل على المستوى الديني. وهناك أيضاً عدم التوافق بين الفقهاء المسلمين بشأن هذا الحوار، فما يؤيده فقهاء الأزهر في مسألة الحوار قد لا يجد قبولاً عند فقهاء الجزيرة العربية المحافظين، وفي ظل عدم وجود قواسم مشتركة تشكل أرضية ثابتة للحوار يصبح الحوار بدون جدوى.كل هذا لا يعني بالضرورة قيام العداء بين الأديان، فقد انتهت الحروب الدينية إلى غير رجعة على مستوى الدول،
ولم يتبق الآن سوى إرهابيي ابن لادن الذين يدفعهم خليط فكري مريض لتبرير قتل غير المسلمين، بل وحتى المسلمين! لكن من جانب آخر لا يجب أن نعطي هذا الحوار الوهمي أكبر من حجمه، بل يجب وضعه في حجمه الطبيعي برغم توفر النوايا الطيبة لدى البعض. كما يجب التفكير مسبقاً وقبل الدعوة لأي مؤتمر بمدى القدرة على تحويل التوصيات إلى آلية عمل فاعلة. وإذا ما اقتصر الحوار الديني على المسلمين والمسيحيين فقط، فإنه -كحوار بين طرفين- لن يصل إلى نتيجة مع مرور الوقت، لأن المجتمعين لن يجدوا في كل مؤتمر قضايا جديدة يتناقشون حولها، وخاصة أن القضايا الدينية محدودة بطبيعتها ما لم تُربط بقضايا العالم المادية. وإلى حين يظهر في فقهاء الإسلام فرد في مستوى تفكير البابا يوحنا الذي توفي مؤخراً، وتكون لديه القدرة فعلاً على فرض آرائه على المسلمين -وهو أمر مستحيل تماماً- فلن يتغير شيء.لذلك يحتاج العالم وهو يعيش في ظل الأصولية الدينية بكل سلبياتها إلى نظرة أو رؤية إنسانية عالمية، ولهذا الموضوع حديث آخر.
*نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
-----------------------
الأربعاء 26 شوال 1425هـ - 08 ديسمبر 2004م
أكذوبة اللاعنف في الجماعة السلفية مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
من بداهة القول والاعتقاد ان الجماعة السلفية المعاصرة لا علاقة لها بالسلف الصالح من الصحبة الكرام الذين قام على أك########م هذا الدين, وذلك تأسيسا على تقسيم زعيمهم الفكري ابن تيمية في الدول: دولة النبوة, ودولة الخلافة, ودولة الملك. وبما ان المسلمين منذ عهد معاوية بن ابي سفيان قد أقاموا دولة الملك وارتضوها وأسسوا مشروعيتها الدينية، فإن هذه الدولة كما يفترض شرعا وعقلا لا علاقة لها بدولة الخلافة، وكذلك الأمر مع الجماعة السلفية المعاصرة المكونة من مسلمي هذا العصر في أنهم ليسوا امتداداً لذلك السلف الصالح, بل ولا يمكن ان يدركوا أعتابه، وإنما يتخذون هذا المسمى لاعتقاد ملأ رؤوسهم بالوهم في أنهم كذلك. وحيث أنهم الآن ينقسمون الى ثلاث جماعات أو أجنحة فإن اثنين من هذه الثلاثة سيكون مع الفرق الضالة في النار وفقا للحديث النبوي (تفترق أمتي ...), والثالثة ستكون الفرقة الناجية بزعمهم. ولا أود الإطالة في هذا الجانب لان البحث فيه لا طائل من ورائه, لكن أود كشف أكذوبة اللاعنف في الفكر السلفي المعاصر (وكلمة فكر واسعة عليهم, لكن نقولها تجاوزاً), والادلة كثيرة.
لدينا أولاً كتاب د. حاكم المطيري "الحرية أو الطوفان" علماً بأن الحرية (السياسية) التي يدعو إليها الكتاب ليست من الدين في شيء. كذلك يتضمن الكتاب دعوة للثورة على الأنظمة الوراثية والعسكرية, والثورة بالطبع لن تكون بسيوف من خشب, ولا أعلم أن احد السلف الحاليين قد أنكروا على المطيري فيما ذهب إليه أو كتب ضده مفندا فكره, الأمر الذي يعني أنهم يوافقونه ولو بالاجماع الصامت, وعدم مواجهتهم لما ورد في الكتاب من عنف يدل على تأييدهم له. هناك ايضاً ما ظهر حديثا في المغرب العربي والعراق فيما يعرف ب¯(الجماعة السلفية الجهادية) وهي تتبنى العنف بشكل إجرامي لم يسبق له مثيل, بل وتفوقوا حتى على الجماعات الإرهابية. ولا شك ان هذه الجماعة المجرمة تستخدم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتبرير جرائمها, وما قرأنا قط لأي جماعة سلفية إدانة لهذه الجماعة, بل لم نسمع من أي جماعة سلفية إدانة لعمليات قتل الأميركيين في الكويت, ألا يعني هذا تأييدهم للعنف?أما على مستوى العنف اللفظي فقد قرأناه في مقالات د. عبدالرزاق الشايجي ضد اعضاء من السلف أنفسهم حين اختلفت وتفرقت بهم السبل لا اعادها الله الى الجماعة, وهي مقالات مشهورة يمكن العودة إليها في جريدة "الوطن". وأما مشروع الحدود الإسلامي الذي قدمه النائب السلفي د. وليد الطبطبائي وقام القانونيون بتفنيده, كما ان معظم الكتاب انتقدوه واضطر الى سحبه لاجراء بعض التعديلات عليه, وهو كمشروع لا يخلو من عنف قانوني باسم الدين. وأما موقف أي جماعة سلفية من أي مسلم يترك دينه فهو القتل دون تردد او استتابة ضربا بالخشب او الحبس أو إيذاء جسدي. لكن كل هذا العنف يتوقف عند قدمي الحاكم الذي لا يجوز حتى نصحه في العلن!! لا إله إلا الله. أين أنتم من حديث (المسلمون سواسية كأسنان المشط)? فالحاكم لأن لديه مصالح لا تجوز مناصحته علنا, لماذا? خوفا من المفسدة, لكن إيذاء الناس ليس مفسدة, بل يتقربون الى الله بايذائهم. اللاعنف أكذوبة اخترعتها الجماعة السلفية لتعطي لنفسها صورة مقبولة, لكن لا يصدق ذلك إلا الجهلة الذين لم يقرأوا لهم * نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
الأربعاء 18 ذو الحجة 1426هـ - 18 يناير 2006م
أحلام العاجزين مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
بكل استخفاف يخرج علينا مفكر اسلامي, ليقول بلا ادنى إحساس بمسؤولية الكلمة: الحضارة الغربية ستسقط من دون اطلاق رصاصة واحدة " ! هذا ما يراه المفكر الاسلامي د. مصطفى محمود . الحضارة الغربية التي لم تتوقف عن التقدم منذ القرن الخامس عشر الميلادي ستسقط, هكذا ! ومن دون أن يكلف العالم العربي او الاسلامي نفسه, حتى اطلاق رصاصة واحدة ! طب ازاي يا عم مصطفى ?
الجواب, لأن العملاق الغربي سيموت من الداخل ! هذه المرة بمرض مختلف اسمه الترف والفورة والشبع والتخمة وعبادة الشهوات والغرق في الملذات, هذه المرة الميكروب اسمه: البطالة, والمخدرات والجريمة المنظمة, والمافيا, وعجز الميزان التجاري, وصراع الين والدولار واليورو, وكساد السوق, والمادية التي تأكل الروح حتى اللباب! وكعادة كل حضارة مترفة, تزدهر فيها فنون الانحلال, وقد وصلتنا بشائرها, من سينما العنف ومسرح العبث وغناء العهر وروايات الجنس, فالموت سيكون من داخل البدن الذي اهترأ واصبح خواء من فرط التلذذ ! ياه, ما خلتش حاجة يا عم مصطفى ! طيب ما هو الدليل على ان هذا سيحدث? لان التاريخ حافل بالمفاجآت.... فقد ماتت الدولة السوفياتية وهي واقفة من دون حرب (كده حته وحده !! امال ايه اخبار الحرب الباردة ?), ماتت وعلى ظهرها حمولة من القنابل الذرية تكفي لنسف الكرة الارضية مرات عدة !وسوف يسقط العملاق الغربي بالداء نفسه, ومن دون ان يطلق عليه المسلمون رصاصة واحدة ! الله يبشرك يا عم مصطفى . وخلاص يا مسلمين, خليكو مستنيين, ووفروا على نفسيكو الرصاصتين اللي حيلتكو ! هذا هو الوهم واحلام العاجزين, ومن المخجل ان يكون قائل هذا اللغو الفارغ عالما, وليس رجل دين, كما اعتدنا سماع مثل هذه الترهات بين الحين والاخر. كل السلبيات التي اوردها المفكر الاسلامي موجودة واكثر, في العالمين العربي والاسلامي, ومع موت الحضارة العربية يوم تغلب الفكر الديني على الفكر العلمي العقلاني, بعد افول الفكر المعتزلي الذي ارسى دعائم الفكر العقلي في عالم دار الاسلام التي لم تعرف التعامل مع العقل قبل قيامهم في العصر العباسي الثاني . والرأي الذي قدمه د. مصطفى محمود يخلو من العقلانية, ويغترف من اللا عقلانية الدينية التي يشيعها رجال الدين, واتباع الجماعات الدينية, في المجتمعات العربية اليوم, والناس تصدقهم! ان ما يميز الحضارة الغربية اليوم انها لن تشيخ ابدا, فضلا عن ان تموت ، وهي حقيقة قاطعة وساطعة سطوع شمس الكويت في شهر اغسطس, وكما هي حقيقة ان حضارة دار الاسلام لن تعود أبدا, ما دامت متخلية عن العقل . وواهم كل من يرى خلاف ذلك. الحضارة الغربية تختلف عن كل الحضارات التي سادت ثم بادت قديما, كونها تتوالد بشكل متجدد, ولا تقبل التوقف عند حد معين,وما الاستنساخ, والانترنت, وعلوم الفضاء, والاغذية الجينية, والتطور الطبي المذهل, وعلم الحاسوب المتطور, والهيمنة الاعلامية, سوى بعض الامثلة الدالة على هذه الحقيقة المؤلمة . الحضارة الغربية التي انقذت العالم من الجوع باختراع الاكل المعلب, ثم الاكل المجمد, والآن يعمل على الاغذية الجينية, هذه الحضارة غير قابلة للسقوط رحمة من الله بعباده . تخيلوا لو ان هذا العالم يعيش على المسلمين, لفني الناس واكلوا بعضهم منذ سنين . هذه الحضارة الفذة العجيبة, هي التي انقذت الانسان من الفناء مرضا باختراع مختلف الامصال والادوية التي اطالت عمر الانسان على الارض بعد ان كان يموت في سن ما بين 30 ¯ ,40 هذه الحضارة التي ستعيد تشكيل شكل الانسان من خلال الهندسة الجينية والاستنساخ . هذه الحضارة التي تفكر منذ الان كيف تنقل البشر الى كوكب آخر بعد ان يتلوث هذا الكوكب الذي نعيش عليه, والعرب الى اليوم غير مصدقين حتى, انه سيتلوث يوما ما ! اذا ماتت هذه الحضارة, سيموت حينها كل البشر جوعا ومرضا وقهرا لانعدام وسائل الترفيه وظلما لشيوع الانظمة الاستبدادية, بل وافلاسا ايضا بسبب انهيار الانظمة الاقتصادية والنظم المالية. الحضارة الغربية المعاصرة تمثل الامل الوحيد للمستضعفين للتحرر من الظلم والاستبداد والقهر . هل كان من امل لمسلمي البوسنة والهرسك, وعرب الكويت المسلمين, وعرب العراق من مسلمين وغيرهم, بالحرية من الابادة الجماعية والقتل, وحفظ الكرامة, والتشرد ?وهل هناك من امل لانقاذ القارة الافريقية مما هي فيه الان من دون تدخل الغرب ?وهل من الممكن القضاء على الامراض الخطرة الموجودة اليوم كالسرطان والايدز وغيرها من دون العلم الغربي, والابحاث الغربية ? باختصار شديد ان احلام الوهم هذه لا تخدم المسلمين في شيء, لان المسلمين يمثلون اليوم امة قدمت استقالتها من مجلس ادارة الحضارة الانسانية, والعلمية والثقافية, فضلا عن ان الخاسر الاول لسقوط الحضارة الغربية المسلمون انفسهم, لسبب بسيط وهو, ان كل الامم تزرع وتصنع وتعمل,الا هم, قد تفردوا بالعجز واحتكروه, بل وسجلوه ماركة مسجلة, لن تفكر امة من الامم ان تنافسهم عليها ! *نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
-----------------------
الأربعاء 19 ذو القعدة 1426هـ - 21 ديسمبر 2005م
في انتظار الخيبة مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
هل نتذكر المسرحية الانكليزية الشهيرة "في انتظار جودو" للمسرحي البريطاني صمويل بيكيت? الذين كانوا بانتظار "جودو", ظلوا ينتظرون, فـ"جودو" لن يصل.
العرب والديمقراطية كما هي حال الذين ينتظرون "جودو" الذي لن يأتي ابداً, العرب لا يعملون من أجل الديمقراطية, لانهم لا يريدونها في الاصل. انظروا الى مصر التي عرفت الديمقراطية كنظام حكم منذ اوائل القرن العشرين, وما حدث في الانتخابات الاخيرة, فوضى وقتل واختيار سيئ مضاد للديمقراطية. والكويت التي تأتي بعد اكثر من اربعين عاماً على الدستور وتقدم مشروع قانون المطبوعات والنشر يتناقض مع الدستور, وقانون تجمعات يتناقض مع الدستور, وتمييز بين الناس على اساس الجنس في الفصل بين الذكور والاناث في الجامعة يتناقض مع الدستور, وتغييب الدولة الدستورية من خلال انبعاث الطائفية والقبلية, ماذا حصد المصريون والكويتيون في المسألة الديمقراطية? الخيبة تلو الخيبة لانهم ببساطة حكومات وشعوب لا تؤمن بالديمقراطية. ما الذي يجعل الشعب العراقي احسن في هذه المسألة? ألا يسيطر المناخ الديني المريض على الحياة العامة في العراق? الا يتحدثون عن المرجعيات الدينية في دستورهم بدلاً من الديمقراطية? الا يسعون الى الفصل بين الجنسين في مدارسهم ضد مبادئ الدستور? الاجابات كلها, نعم, اذن فليحصدوا الخيبة في قادم الايام. كل الوهم الاميركي بعراق ديمقراطي سيتبدد ويتلاشى حين يرفض العراقيون الديمقراطية الغربية ويعيشون وهم الدستور مثل الكويتيين, ألسنا جيرانهم?! الاميركي الانسان لا يعلم, بل ولا يريد ان يفهم ان الانسان العربي المسلم محصن جينياً "من الجينات الوراثية" ضد الديمقراطية يعني هو استبدادي خلقة ألم يقل شاعرهم منذ قديم الأزل:والظلم من شيم النفوس فان تجدفلعلة لا يظلم?!ألم يقل شاعرهم:ونحن أناس لا توسط بيننالنا الصدر دون العالمين أو القبر? والعرب المسلمون مرتاحون جداً لحصولهم على "صفر" مدور في كتب الحريات الدينية والفكرية وتقديرهم ضعيف في مجال حقوق الانسان, والتقارير عنهم سواد وجه ومع ذلك يتبجحون ويتشدقون بحقوق الانسان! قسماً بالله, لم أقرأ في حياتي صفاقة مثل صفاقة العرب المسلمين في مجال انتهاك حريات وحقوق الانسان, وفوق هذا لا يخجلون من الحديث في الدين!!العراقيون اختاروا طريقهم من الآن دولة دينية في الجوهر ودولة دستورية في المظهر, يعني مثل بقية الدول العربية, وللحق لم يعرف العراقي حياة ديمقراطية بالمعنى الصحيح الا نادرا فمن اين يأتي بالديمقراطية? نعم ستكون حالهم من حالنا, دولة قانون ولا قانون, دولة نظام حكم ديمقراطي ولا ديمقراطية مجلس نيابي وفساد سياسي, مؤسسات دولة وفساد اداري جنباً الى جنب مع تنامي الفكر الديني, حتى يصلوا في نهاية المطاف الى نهايتنا في الكويت: الخيبة تلو الخيبة في كل شيء, بنوك اسلامية متخمة بالمال والتنمية صفر, والفقر منتشر, مدارس وجامعات تليها بطالة وعدم كفاءة في الاداء ثم سيجدون ان الوصول الى البرلمان متاح للجميع عن طريق شراء الاصوات وتقديم الخدمات بالوساطة. كل ما نقوله للاخوة العراقيين:(أهلاً وسهلاً بكم في نادي الخيبة .. وحياكم الله). * نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
-----------------------
بت 01 ذو القعدة 1426هـ - 03 ديسمبر 2005م
مشية الغراب مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
عادل القصار الكاتب في القبس ميت من الفرح بفوز جماعة الاخوان المسلمين في مصر, وأعتقد لو سألته انت من الاخوان? لأجابك ب¯: لا كبيرة!! المهم ان المرشد العام لهذه الجماعة يقول بالحرف الواحد »ان السخط على الحزب الحاكم في مصر زاد عدد الاصوات التي حصلت عليها جماعته في المرحلتين الاولى والثانية من الانتخابات التشريعية المصرية«. وبتعبير بسيط يعترف المرشد العام ان المصريين لم ينتخبوا هذه الجماعة لصلاحها مثلاً,
بل لانهم ساخطون على الحزب الحاكم, ومع هذا الاعتراف »اوضح ان الاخوان لا يعترفون باسرائيل لكنهم لن يحاربوها بل سيحترمون جميع المعاهدات التي وقعتها مصر معها, اي مع اسرائيل« وعلى الوزن نفسه لنتصور التالي:لن نعترف بالخمر ولكن لن نغلق الخماراتلن نعترف بالرقص الشرقي, لكن لن نغلق الملاهيلن نعترف بالقمار, لكن لن نغلق الكازينوهاتلن نعترف بالسياحة الترفيهية, لكن لن نعارض استمراريتهالن نعترف بالربا, لكن لن نغلق البنوك الربويةبالله عليكم هل هذا من الاسلام الحقيقي في شيء? أم أنه تدين زائف لخداع الجماهير الساخطة على الحزب الحاكم في مصر?أما سالفة أنهم لن يحاربوا اسرائيل فهي نكتة حلوة!! بلا خيبة ولن تستطيعوا حتى ان تمسوا شعرة في رأس اي اسرائيلي, نفخة على الفاضي مثل صاحبنا الذي استعرض النباطة للجهاد الاسلامي لاسترداد القدس, ولا يعلم سوى الله كم مليون حصدت »سنابله« وفي اي بنك اجنبي ربوي كافر وضعها?!وليظهر للناس أني مخطئ وأتحداه?! لكنه سيصمت صمت ابو الهول خوفاً على ملايينه التي نسمع عنها »حديث الدواوين« مثل الملايين السبعة الرشوة والتي تقول حديث الدواوين أنها دفعت لبعض النواب لتمرير الحقوق السياسية للمرأة.
المهم الجيش المصري لا يخضع للاخوان المسلمين, اذن سيحاربون بماذا? هل لدى جماعة الاخوان المسلمين سلاح مخبأ يمكنهم من شن مثل هذه الحرب? بالطبع لا, لكن عجرفة على الفاضي, قال يعني أقوياء!! وليس لديهم من العضلات سوى الشحم.بعد هذا تزداد شعلة الذكاء فيوضح المرشد العام أنهم سيحترمون جميع المعاهدات التي وقعتها مصر مع اسرائيل .. يا سبحان الله, اذا لم تكونوا تعترفون باسرائيل, اذن مع من تم التوقيع? هل رأيتم مثل هذا الخداع للذات وللاخرين? لا يعترفون باسرائيل ويقبلون المعاهدات معها, فيلم هندي!الفوز الذي حققه الاخوان في مصر, يعود الفضل فيه الى الولايات المتحدة الاميركية التي ضغطت على النظام المصري لافساح المجال للمزيد من الديمقراطية التي تسعى أميركا لنشرها في العالم العربي, ولو بالقوة. والدليل على ما أقول ان الاخوان صار لهم منذ عام 1928 وهم لا يحصدون سوى الخيبة وقلة الهيبة, واليوم بعد تحرير الكويت ثم تحرير افغانستان ثم العراق ثم اخيراً لبنان من التواجد السوري, والضغط على مصر, أتيح المجال لهذه الجماعة التي تعيش على وهم الانتصار ان تصل الى البرلمان, ومع ذلك لن تستطيع ان تفعل شيئاً له قيمة ما دامت لا تعترف باسرائيل وتقبل عدم محاربتها والاعتراف بالاتفاقات التي تم توقيعها!! وهذه مشية الغراب قد اصبحت واقعاً.بالمناسبة, وفقاً لما ورد في الصحف ان »75« في المئة من المصريين لم ينتخبوا!.نبارك للأخت الفاضلة الشاعرة سعدية مفرح فوزها بالجائزة الادبية وتستاهل أكثر وهو ما نتمناه لها.*
نقلا عن جريدة "السياسة الكويتية
------------------
السبت 15 رجب 1426هـ - 20 أغسطس 2005م
ما أجمل تسامحهم مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
حين أنظر إلى الدالاي لاما ممثل البوذية وأرى ابتسامته الساحرة الهادئة, وحين أستمع إلى بعض أحاديثه, أو حين أرى طيب تعامله مع الآخرين, أتساءل: لماذا لا نرى مثل هذا في كبار رجال الدين المسلمين? كذلك الأمر مع البابا الراحل وكيفية تسامحه وتواضعه مع الناس. هذان المثلان لممثلي ديانات كبرى يعد أتباعها بالملايين أكثر من المسلمين, وينتمون لبلدان أكثر تطوراً من بلدان المسلمين, يقدمان الأمثولة لأجمل صور التسامح الإنساني والديني. وحين أستعرض ما أراه في البرامج المتلفزة الوثائقية عن رجال الدين غير المسلمين عموماً,
أرى فرقاً كبيراً في درجة التسامح الإنساني, لا يمكن لرجل الدين المسلم أن يبلغها يوماً. والطابع الإنساني الذي يجمع هذين العملاقين إنسانياً يتسم بالتالي:* لم يكفروا إنساناً, ولم »يبشروه« بالنار في الآخرة.* لم يتدخلوا يوماً في إيمان أو معتقد, بل تركوا الأمر للخالق.* لم يؤذوا كاتباً أو مثقفاً.* احترموا أنفسهم فلم يأخذوا كاتباً إلى النيابة والمحاكم حتى ولو كتب ضد دينهم.* لم يتدخلوا قط لمنع كتاب أو مقال حتى ولو كان ضد دينهم.* لم يصدروا قط فتاوى دينية ضد الآخرين.* لم يؤذوا أحداً في دينه كما يحدث في فتاوى المسلمين تجاه غير المسلمين.* لم يظهروا في الفضائيات والمجلات والصحف لتفسير الأحلام.* لم يتعاملوا يوماً مع الجن على اختلاف جنسياتهم.* لم يروعوا أحداً بفتاوى الدم والقتل.* لم ينصروا يوماً طاغية أو مستبداً, بل اعتذرت الكنيسة الكاثوليكية عن صمتها إزاء جرائم هتلر.* لم يتدخلوا في حياة الناس الخاصة.* لم يتدخلوا في عمل الساسة ولم يسعوا إلى جمع المال باسم الدين.* لم يرتقوا يوماً منبر كنائسهم أو معابدهم لشتم الآخرين.* لم يداهنوا حكاماً لمصالح دنيوية.* لم يدعوا قط لقتال الآخرين باسم الدين.* لم يضعوا أتباعهم فوق الآخرين دينياً أو أخلاقياً.* لم يدعوا قط أن دينهم فقط هو دين الحق وأن الأديان الأخرى باطلة.*
يتجنبون التحريم والتحليل حتى لا يحرجوا الآخرين.* يتجنبون الإثارة الإعلامية لكسب الأتباع.* يزهدون في الدنيا برغم قدراتهم الكبيرة على التلذذ بها مادياً وأدبياً.* يطلبون الغفران لكل نفس من دون النظر إلى دينها.* على مستوى من الفضيلة أنهم لا يترددون في الاعتراف بالخطأ حتى ولو كان تاريخياً.* لا يجبرون حكوماتهم على تدريس دينهم ونبذ ديانات الآخرين.أتساءل: من أين جاؤوا بهذا القدر الهائل من التسامح الإنساني تجاه الآخرين المختلفين عنهم دينيا? وما هي القوة الروحية التي لديهم والتي تمدهم بهذه الروح الإنسانية التي لا نجد لها مثيلاً في ديار الإسلام? لماذا لا نتعلم منهم كيفية إشاعة هذه الروح الكريمة المتسامحة في مجتمعنا المسلم? واقرأوا معي ما كتبه المرحوم سيد قطب في كتابه »في ظلال القرآن« المجلد 2 - ص .134»إن البشرية اليوم تعيش في ماخور كبير .. إن البشرية تتآكل إنسانيتها, وتتحلل أدميتها, وهي تلهث وراء الحيوان, وميراث الحيوان, لتلحق بعالمه الهابط, والحيوان أنظف وأشرف وأطهر..«.حتى الحيوان لم يسلم من الشتم .. بالله عليكم لو يصل هؤلاء إلى السلطة ماذا سيفعلون ببني البشر?وختاماً, رجل الدين المسلم الوحيد الذي يمنع بناء المعابد للآخرين في بلاد المسلمين, في حين لا يمانع البابا والدالاي لاما بناء المساجد في أي بقعة يصل إليها نفوذهم الديني .. هل هناك تسامح أكثر من هذا?
* يحرص المتدينون على إلباس خادماتهم الحجاب الديني, ثم لا يمانعون قيام الخادمة المحجبة بغسيل سياراتهم!! هكذا الإنسانية. * نقلا عن السياسة الكويتية
---------------------
الثلاثاء 04 رجب 1426هـ - 09 أغسطس 2005م
القانون لا يحمي المغفلين... فمن إذن؟ مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
حين أنظر إلى المؤلفات وضخامتها وتعقيداتها اللفظية، وحين أقرأ القوانين الكثيرة في مختلف التخصصات من مدني وتجاري.. إلخ، أتساءل: كيف يحق لرجال القانون القول: إن القانون لا يحمي المغفلين... إذن يحمي من؟ هل كل الناس وعلى اختلاف مستوياتهم التعليمية يفهمون القانون؟ وهل من الممكن حقاً متابعة كل القوانين التي تصدر يومياً لتنظيم مختلف مشاكل الحياة؟ وهل مطلوب من الناس البسطاء مراجعة القانون أولاً قبل الإقدام على التعامل مع مختلف المعاملات في المجتمع والدولة؟ وهل من المنطق السماح لغير المغفلين باستغلال ثغرات القانون لإيذاء المغفلين؟ ويتبين من استعراض وضع العدالة القانونية في عالمنا العربي من خلال ما نقرأ عن مشاكل الناس في الصحف والمجلات، أن هناك خللاً في هذه العدالة، ربما بسبب كثرة القوانين إلى درجة إرباك الناس حين يتعاملون معه عبر أروقة المحاكم، بل يحدث كثيراً أن تفسيرات الأحكام القضائية على درجة من التعقيد تحتاج معها إلى أهل الاختصاص.
القانون "اختراع" غربي تم وضعه لتنظيم حياة الناس من خلال سلطة مستقلة، وإذا ما استثنينا إنجلترا قديماً، فإن القارة الأوروبية كانت تعاني من هيمنة الملوك على السلطة القضائية، ووجود القوانين الجائرة التي تخدم الأثرياء واللوردات ضد الفقراء، ومع انطلاقة العصر الحديث الناتجة عن عصري النهضة والإصلاح الديني، كانت المنظومة القانونية واستقلال السلطة القضائية وسيلتان لجعل حياة الناس أفضل، وهذا ما حدث. ورغم أن القانون لا يحمي المغفلين مبدأ صاغه رجال القانون أنفسهم، إلا أن تطور مفهوم العدالة قد تجاوز القانون، خاصة مع اعتمادهم نظام المحلفين. أما في عالمنا العربي، فكثيراً ما يتنازل الناس عن حقوقهم المشروعة حتى لا "يتبهدلوا" في المخافر وأروقة النيابة العامة والمحاكم، كما هو الحال في قضايا الديون الصغيرة وحوادث السيارات، بل وحتى في سرقات المنازل، لأن الناس تعلمت من التجربة أن هناك عدة مشاكل مع القانون، فيما لو حاولت اللجوء إلى المؤسسات التي تتعامل مع القانون. من جانب آخر أدى تعدد المشاكل وتعقد الحياة بشكل عام إلى اختلال العلاقة بين الناس والقانون حتى أصبح كل الناس -باستثناء المحامين- مجموعة من المغفلين الذين لا يحميهم القانون، وهذا مخالف لمنطق الأشياء، ولهذا ربما يخاف الناس من القانون في دول العالم الثالث، لأن القانون منطقة مجهولة المعالم لا تدري أهي معك أم ضدك حتى ولو كنت المجني عليه، كأن يعتدي عليك أحد ما، ثم تدافع عن نفسك فتصيبه بعاهة مستديمة، أو يعتدي عليك بالسب والشتم وليس لديك شهود فتصبح معتدياً إذا ما قمت بتأديبه. وفي عالم مليء بالغش والاحتيال وضعف المعرفة القانونية يتعرض الناس لشتى المشاكل التي تظهر لهم مثلاً في عقود الإذعان، مثل عقود التأمين، حيث اشتراطات لا يمكن القبول بها لعدم منطقيتها، لكن ليس أمامك سوى القبول بها، ولأن الخيارات منعدمة. من جانب آخر، يكون اللجوء أحياناً إلى القانون مضيعة للمال والوقت، ولنفرض أن سيارة شرطة مسرعة مرت أمامك وصدر عنها حجر صغير أدى إلى كسر زجاج سيارتك، ماذا تفعل؟ تشتكي على الشرطي؟ ليت شعري كم مواطناً عربياً مستعد للشكوى ضد الشرطة؟ لذلك يجب أن يحمي القانون المغفلين، ولو سألت معظم الناس عن القوانين لقالوا لك إجابة واحدة: لا أدري! فهل من المنطق أن نعتبرهم جميعاً مغفلين؟ مهمة القانون حماية المغفلين الذين يغرر بهم، أو يتم خداعهم. مهمة السلطة القضائية تثقيف الناس قانونياً لكي يعلموا ما لهم وما عليهم، وتشجيعهم على الإيمان بالقانون، لكن حين يكون الحال كما في فيلم "سلام يا صاحبي" للفنان عادل إمام، حين تعترضه مشكلة فيقول له صاحبه الفنان سعيد صالح: "ما تخافش يا خويا، البلد فيها قانون"! فيرد عليه عادل إمام ضاحكاً، "يا خوفي نتضرب بالقانون"؟! * نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
-----------------------
الثلاثاء 07 جمادى الأولى 1426هـ - 14 يونيو 2005م
العربي الممتهن مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
في الطبعة الثالثة من "موسوعة أديان العالم" الصادرة عن دار ويبستر في الولايات المتحدة، ورد أن تعريف العربي جاء بوصف "المتشرد، المنحرف، المتسكع، المتسول، الغبي، الفوضوي". أما الإسلام فقد قدمته هذه الموسوعة كمرادف لـ"العداء للساميّة وللدين اليهودي". وقد اعترض المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم "إيسيسكو" التي تمثل إحدى وخمسين دولة مسلمة، على هذا الوصف، من خلال رسالة وجهها إلى رئيس تحرير قاموس ويبستر يطالبه فيها بالاعتذار وتدارك هذه المغالطات والافتراءات في ملحق خاص.
وكذلك كان موقف الجمعية الدولية للمترجمين العرب التي تخوض حملة عالمية ضد شركة ويبستر، حيث أصدرت بياناً استنكرت من خلاله هذا التحريف والتشويه المتعمد في حق العرب والمسلمين. وأكدت على رفض المترجمين واللغويين العرب التعامل مع جميع الجهات التي تقف وراء إصدار هذا القاموس، ووجهت الدعوة إلى المترجمين العرب لعدم اقتناء هذا القاموس المزور... (الرأي العام - الكويت 5/6/2005). للأسف أن جريدة "الرأي العام" لم تنشر نسخة مصورة لنص التعريف الوارد في القاموس، بل وضعت غلاف الطبعة الثالثة التي يفترض أنها أوردت التعريف سابق الذكر.
إثر قراءتي لما ورد في الصحيفة الكويتية، انطلقت من نفسي عدة تساؤلات على افتراض صحة ما تم ذكره:- ماذا ورد في الطبعتين الأولى والثانية كتعريف للعربي والإسلام؟- كم مواطنا عربيا ومسلم ضمن المليار ونصف المليار مسلم يستطيع مادياً شراء هذه الموسوعة العالمية؟- ما هو دور منظمة الـ"إيسيسكو" المعرفي في العالمين العربي والإسلامي باعتبارها ممثلة للتربية والعلوم؟- ما هو الدور المعرفي للجمعية الدولية للمترجمين العرب، التي أسمع بها لأول مرة في حياتي؟- كم نسخة يتم بيعها في العالمين العربي والإسلامي؟ (أقصد قاموس ويبستر).- كم عربيا ومسلما يعرف معنى اللاساميّة؟- كم عربيا ومسلما عرف عن الموضوع نفسه؟مهما كان موقفنا من تعريف قاموس ويبستر، ترى ما هو موقفنا كعرب ومسلمين في الساحة الحضارية القائمة اليوم، ونحن نظهر للعالم في الصورة المشوهة التي يقدمها الإرهابيون على الساحة العالمية؟ ألسنا نسيء لأنفسنا حين نظهر بصورة العالم السيئ في كل شيء؟ في التعليم متخلفون، في السياسة استبداديون، مع المعارضة قمعيون، في حريات الفكر "شموليون"، في تكفير الآخرين.. في المقدمة، لا نستطيع العيش بدون استيراد كل شيء من الغرب.. حتى خبز يومنا! أليست تركيا المسلمة أحد أسباب الرفض الأوروبي لدستورهم الاتحادي؟
من يستطيع إنكار حقيقة أن العربي لا يستطيع أن يقف في الطابور في أي مؤسسة، بل يلجأ إلى الواسطة في كل شيء؟! أليس التعليم عندنا مجرد تلقين خالٍ من أدنى درجات استعمال العقل؟ ألا نؤمن حقاً برغم كل التخلف الذي نعيشه بأننا "خير من ركب المطايا..."؟! ألسنا الجناة على أنفسنا قبل الآخرين؟ هل يوجد في العالمين العربي والإسلامي قاموس ويبستر عربي واحد؟ ألسنا العالم الوحيد اليوم الذي يضع أصحاب الفكر في السجون حين يمارسون حرية الرأي، ثم نتبجح بعد ذلك وبكل صفاقة بأن ديننا أول من اعترف بحقوق الإنسان، علماً بأن المكتبة الإسلامية لا تضم كتاباً واحداً عن الحريات وحقوق الإنسان؟ من يجب أن نلوم، قاموس ويبستر، أم أنفسنا؟ وهل قاموس ويبستر هو الوحيد الذي ظلمنا بهذا الوصف العنصري؟ ألم تتعطل الاتفاقات المعقودة بين الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي بسبب إصرار الأخير على قضايا الحريات وحقوق الإنسان والشفافية، مقابل إصرار دولنا على عدم تطبيقها؟أعتقد أنه حين يكون لنا دور حقيقي وفعال في الشأن العالمي، سيتغير هذا التعريف... لكن هيهات. * نقلا عن جريدة "الاتحاد" الاماراتية
-------------------------------
الإثنين 08 ربيع الثاني 1426هـ - 16 مايو 2005م
حق حرية التعبير .. لمن لا يفهم مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
الأصل في الأمور الإباحة إلى أن يرد نص التحريم, وهذا من المبادئ القطعية عقلاً ونقلاً. وقياساً على هذا الأصل, يعد حق حرية التعبير مطلقاً مثلها مثل أي حق إنساني آخر إلى أن يرد التنظيم وليس القيود, وبادئ ذي بدء فإن من يريد أن يعرض فكره بضرب الآخرين الليبراليين بالنعال ليس له حق الحديث في الموضوع من الأصل, لسبب بسيط وهو أنه لا يحترم الآخر, وحق حرية التعبير لا يقوم إلا على احترام هذا الحق أولاً.يقل معاوية - إن صدق - من نقل الخبر في كتب التراث - (لا نحول بين الناس وبين ألسنتهم, ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا) والمعنى واضح ويتضمن حق الآخرين في الكلام كما يريدون ما لم يرفعوا سيفاً في وجه حكمه. ولا ينطوي كلام معاوية على أي مضمون علمي لحرية التعبير, بقدر ما يدل على حكم عقلاني في زمن كثرت فيه المعارضة للحكم الأموي.
وبالنسبة للعصر الحالي فعلى من يريد أن يعرف كيف تكون ممارسة حق حرية التعبير شعبياً ان يشاهد العرض الأميركي في سوبر كوميدي في اوربت والمسمى »بريميم بلند« ليعرف ان الولايات المتحدة الاميركية هي أم وأب حرية التعبير في الدنيا, أما على المستوى الاكاديمي والسياسي والقانوني فلابد من قراءة كتاب »حرية التعبير في مجتمع مفتوح« من تأليف رودني أ. سموللا وترجمة كمال عبدالرؤوف والصادر عن الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية, والكتاب يقع في أكثر من خمسمئة صفحة من القطع الكبير, ومن دون مبالغة لا مثيل له في مكتبتنا العربية.يقوم الكتاب كله على تحليل نص التعديل الدستوري الأول الذي يعلن صراحة ان الكونغرس يجب أن لا يصدر أي قانون يعتبر تعدياً على حرية الكلام, هذا النص يضع على كاهل الحكومة أن تبرر أي تعديات من جانبها على التعبير,
ولا يضع هذا العبء على كاهل الكلام لكي يبرر نفسه. خلال ما يزيد على خمسمئة صفحة لم يستشهد الكاتب بكتابي العهد القديم والعهد الجديد, ولم يرد ذكر رأي لرجل دين, بل إن جميع الاستشهادات والقضايا ذات العلاقة بحرية التعبير هي لرجال القانون والمفكرين وكتاب صحافيين ممن أضافوا تطورات عميقة وجدية لتوفير كل الضمانات لحق حرية التعبير في المجتمع الأميركي, وقد كان لقضاة المحكمة العليا دور كبير وآراء نافذة وناصعة.وحيث أنه لا يمكن اختصار ما ورد في هذا الكتاب القيم سأورد بعض الأسطر للدلالة فقط على أهمية حق حرية التعبير:من الذي يقرر ما هو المناسب واللائق, وفي ثقافة مفتوحة, فإن هذا القرار يتوقف افتراضاً على المتحدث, وليس على مسؤولي الحكومة, كبارا كانوا أم صغاراً.إن حرية التعبير تعني حق الكلام عما يدور في ذهن الشخص لمجرد أن هذا ذهن ذلك الشخص, وهو حق الكلام بتحد, وبقوة, وبلاهيبة, وحتى لو لم يكن عند المتحدث أمل واقعي أن المستمعين سيقبلون وجهة نظره أو وجهة نظرها, فإن حرية الكلام من دون أي قيد يوفر للمتحدث شعوراً داخلياً بالراحة, وإدراكاً بذاته, وهما عنصران أساسيان لتحقيق ذات الفرد.
من الذي يستطيع الدفاع عن حق الدولة في فرض رقابة على الفكر? إن هذا التدخل الوحشي والرهيب لا يمكن تبريره إلا إذا قبلنا أن الإنسان مخلوق تابع للدولة.لا يمكن قبول الإجابة التي تصر على أن المفكرين يجب أن يحتفظوا بأفكارهم لأنفسهم, لأن الوازع الإنساني الذي يدفع الإنسان للتفكير يتضمن أيضاً وازعاً لكي يفكر بصوت عال, فالفكر والكلام يكملان بعضهما, ويدعمان الحريات, وهي حريات تقتطع على الفور من النواحي الخاصة والاجتماعية للشخصية. إن الروح الإنسانية يغذيها كل من الفكر والكلام, مثلما يغذي الطعام والماء جسم الإنسان.إن الدولة لا تملك الحق الأخلاقي لأن تفرض ما هو الكلام الذي »يستحق أن يقال« ومتى »كل ما يستحق أن يقال«.إن حكم الناس لأنفسهم هو مبرر مهم لحرية الكلام.معظم المعركة التي تجري للمحافظة على حرية التعبير هي تلك التي تدور حول ما الذي يجب أن يحدد بأنه ضرر. وفي مجتمع مفتوح, فإن مجرد الحزن أو الألم العاطفي أو الفكري بسبب محتوى التعبير لا يكفي ابداً وحده لكي يفي بمتطلبات الضرر.التعبير العام عن الأفكار لا يجوز حظره لمجرد أن الأفكار نفسها تعتبر مسيئة لبعض من يستمع إليها.لا يوجد مسؤول كبيراً كان أم صغيراً يستطيع أن يقرر ما هي المعتقدات القويمة في السياسة أو في الوطنية أو أية أمور أخرى تتعلق بالرأي,
أو إرغام المواطنين أن يعترفوا بالقول أو بالفعل بإيمانهم بما يقرره هذا المسؤول.إن القوانين التي تحد من التعبير تميل بالذات إلى أن تتأثر بالأحقاد أو جنون العظمة, ويدفع لصدورها تفكير قصير المدى وليس بعيد المدى.إن حرية التعبير ستتحول إلى تمثيلية هزلية إذا خولنا الحكومة سلطة خلق »مناطق لا يجوز الحديث فيها« وذلك حسب رغبتها وسواء أرادت أم لا.هذا كلام ناس تفتهم وتحترم حرية التعبير, فلا تضع الكاتب مهما كان رأيه في سجن أو تجرجره في النيابة العامة أو تفرض عليه غرامة *
نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
--------------------
الثلاثاء 02 ربيع الثاني 1426هـ - 10 مايو 2005م
حوار الأديان: ذلك الوهم مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
الحوار الإسلامي-المسيحي انتهى إلى لا شيء، وما كان له أن يكون شيئاً لسبب بسيط، لأن الأديان لا تتحاور. وقد تنبه القائمون على هذا الحوار في مؤتمره الأخير في الدوحة إلى عدم الحرص على الحوار مع اليهود واقتصار الحوار الديني دائماً مع المسيحيين دون غيرهم من أهل الديانات، فجاءت كلمة الافتتاح بالدعوة للحوار مع اليهود. وقد هاجم الخطباء تلك الدعوة باعتبار العداء مع الدولة الصهيونية القائمة حالياً، دون أي تفرقة بين اليهودية كدين، والصهيونية كعقيدة سياسية. ومن باب العدل والإنصاف أن اليهود لم يدعوا يوماً للحوار مع أي دين بسبب اعتقادهم الراسخ بتفوقهم الديني على غيرهم،
وأعتقد أنه من النادر جداً أن يتحول يهودي غربي إلى الإسلام. وبرغم كل النوايا الطيبة لدى الداعين إلى الحوار الديني، نعتقد أن هذا وهم ما بعده وهم لأسباب عديدة منها، انعدام العامل المشترك بين هذه الأديان، وخاصة أن معظم الشعوب والدول حين تتحدث عن الأديان فتقصد جميع الأديان السماوية الثلاثة إلى جانب الديانات البشرية كالهندوسية والبوذية. وإذا كان عنصر التوحيد يجمع الديانات الثلاث المعروفة، فإن الديانات الأخرى لا تعرف التوحيد.وإذا اشتركت هذه الديانات في التوحيد، فإنها تختلف في إيمانها بالأنبياء برغم إيمان المسلمين بكل الأنبياء بشكل عام،
إلا أن الآخرين لا يحملون نفس التوجه الإيماني، إضافة إلى أن الدين الإسلامي يعد كل الكتب الدينية الموجودة الآن كتباً قام أتباعها بتحريفها، ومن ثم فهي ليست معتمدة لدى المسلمين، ونفس الرأي لدى الآخرين. وهناك أيضاً الآراء الفقهية المدعمة بالنص الديني ومصادره المختلفة بعدم وجود مساحات مشتركة بينها مثل عدم السماح بتواجد دينين في أرض الجزيرة وفقاً للحديث النبوي، وعدم السماح ببناء كنائس في البلاد المسلمة الأمر الذي يثير الكثير من المشاكل على المستوى الديني. وهناك أيضاً عدم التوافق بين الفقهاء المسلمين بشأن هذا الحوار، فما يؤيده فقهاء الأزهر في مسألة الحوار قد لا يجد قبولاً عند فقهاء الجزيرة العربية المحافظين، وفي ظل عدم وجود قواسم مشتركة تشكل أرضية ثابتة للحوار يصبح الحوار بدون جدوى.كل هذا لا يعني بالضرورة قيام العداء بين الأديان، فقد انتهت الحروب الدينية إلى غير رجعة على مستوى الدول،
ولم يتبق الآن سوى إرهابيي ابن لادن الذين يدفعهم خليط فكري مريض لتبرير قتل غير المسلمين، بل وحتى المسلمين! لكن من جانب آخر لا يجب أن نعطي هذا الحوار الوهمي أكبر من حجمه، بل يجب وضعه في حجمه الطبيعي برغم توفر النوايا الطيبة لدى البعض. كما يجب التفكير مسبقاً وقبل الدعوة لأي مؤتمر بمدى القدرة على تحويل التوصيات إلى آلية عمل فاعلة. وإذا ما اقتصر الحوار الديني على المسلمين والمسيحيين فقط، فإنه -كحوار بين طرفين- لن يصل إلى نتيجة مع مرور الوقت، لأن المجتمعين لن يجدوا في كل مؤتمر قضايا جديدة يتناقشون حولها، وخاصة أن القضايا الدينية محدودة بطبيعتها ما لم تُربط بقضايا العالم المادية. وإلى حين يظهر في فقهاء الإسلام فرد في مستوى تفكير البابا يوحنا الذي توفي مؤخراً، وتكون لديه القدرة فعلاً على فرض آرائه على المسلمين -وهو أمر مستحيل تماماً- فلن يتغير شيء.لذلك يحتاج العالم وهو يعيش في ظل الأصولية الدينية بكل سلبياتها إلى نظرة أو رؤية إنسانية عالمية، ولهذا الموضوع حديث آخر.
*نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
-----------------------
الأربعاء 26 شوال 1425هـ - 08 ديسمبر 2004م
أكذوبة اللاعنف في الجماعة السلفية مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
من بداهة القول والاعتقاد ان الجماعة السلفية المعاصرة لا علاقة لها بالسلف الصالح من الصحبة الكرام الذين قام على أك########م هذا الدين, وذلك تأسيسا على تقسيم زعيمهم الفكري ابن تيمية في الدول: دولة النبوة, ودولة الخلافة, ودولة الملك. وبما ان المسلمين منذ عهد معاوية بن ابي سفيان قد أقاموا دولة الملك وارتضوها وأسسوا مشروعيتها الدينية، فإن هذه الدولة كما يفترض شرعا وعقلا لا علاقة لها بدولة الخلافة، وكذلك الأمر مع الجماعة السلفية المعاصرة المكونة من مسلمي هذا العصر في أنهم ليسوا امتداداً لذلك السلف الصالح, بل ولا يمكن ان يدركوا أعتابه، وإنما يتخذون هذا المسمى لاعتقاد ملأ رؤوسهم بالوهم في أنهم كذلك. وحيث أنهم الآن ينقسمون الى ثلاث جماعات أو أجنحة فإن اثنين من هذه الثلاثة سيكون مع الفرق الضالة في النار وفقا للحديث النبوي (تفترق أمتي ...), والثالثة ستكون الفرقة الناجية بزعمهم. ولا أود الإطالة في هذا الجانب لان البحث فيه لا طائل من ورائه, لكن أود كشف أكذوبة اللاعنف في الفكر السلفي المعاصر (وكلمة فكر واسعة عليهم, لكن نقولها تجاوزاً), والادلة كثيرة.
لدينا أولاً كتاب د. حاكم المطيري "الحرية أو الطوفان" علماً بأن الحرية (السياسية) التي يدعو إليها الكتاب ليست من الدين في شيء. كذلك يتضمن الكتاب دعوة للثورة على الأنظمة الوراثية والعسكرية, والثورة بالطبع لن تكون بسيوف من خشب, ولا أعلم أن احد السلف الحاليين قد أنكروا على المطيري فيما ذهب إليه أو كتب ضده مفندا فكره, الأمر الذي يعني أنهم يوافقونه ولو بالاجماع الصامت, وعدم مواجهتهم لما ورد في الكتاب من عنف يدل على تأييدهم له. هناك ايضاً ما ظهر حديثا في المغرب العربي والعراق فيما يعرف ب¯(الجماعة السلفية الجهادية) وهي تتبنى العنف بشكل إجرامي لم يسبق له مثيل, بل وتفوقوا حتى على الجماعات الإرهابية. ولا شك ان هذه الجماعة المجرمة تستخدم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتبرير جرائمها, وما قرأنا قط لأي جماعة سلفية إدانة لهذه الجماعة, بل لم نسمع من أي جماعة سلفية إدانة لعمليات قتل الأميركيين في الكويت, ألا يعني هذا تأييدهم للعنف?أما على مستوى العنف اللفظي فقد قرأناه في مقالات د. عبدالرزاق الشايجي ضد اعضاء من السلف أنفسهم حين اختلفت وتفرقت بهم السبل لا اعادها الله الى الجماعة, وهي مقالات مشهورة يمكن العودة إليها في جريدة "الوطن". وأما مشروع الحدود الإسلامي الذي قدمه النائب السلفي د. وليد الطبطبائي وقام القانونيون بتفنيده, كما ان معظم الكتاب انتقدوه واضطر الى سحبه لاجراء بعض التعديلات عليه, وهو كمشروع لا يخلو من عنف قانوني باسم الدين. وأما موقف أي جماعة سلفية من أي مسلم يترك دينه فهو القتل دون تردد او استتابة ضربا بالخشب او الحبس أو إيذاء جسدي. لكن كل هذا العنف يتوقف عند قدمي الحاكم الذي لا يجوز حتى نصحه في العلن!! لا إله إلا الله. أين أنتم من حديث (المسلمون سواسية كأسنان المشط)? فالحاكم لأن لديه مصالح لا تجوز مناصحته علنا, لماذا? خوفا من المفسدة, لكن إيذاء الناس ليس مفسدة, بل يتقربون الى الله بايذائهم. اللاعنف أكذوبة اخترعتها الجماعة السلفية لتعطي لنفسها صورة مقبولة, لكن لا يصدق ذلك إلا الجهلة الذين لم يقرأوا لهم * نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
الأربعاء 18 ذو الحجة 1426هـ - 18 يناير 2006م
أحلام العاجزين مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
بكل استخفاف يخرج علينا مفكر اسلامي, ليقول بلا ادنى إحساس بمسؤولية الكلمة: الحضارة الغربية ستسقط من دون اطلاق رصاصة واحدة " ! هذا ما يراه المفكر الاسلامي د. مصطفى محمود . الحضارة الغربية التي لم تتوقف عن التقدم منذ القرن الخامس عشر الميلادي ستسقط, هكذا ! ومن دون أن يكلف العالم العربي او الاسلامي نفسه, حتى اطلاق رصاصة واحدة ! طب ازاي يا عم مصطفى ?
الجواب, لأن العملاق الغربي سيموت من الداخل ! هذه المرة بمرض مختلف اسمه الترف والفورة والشبع والتخمة وعبادة الشهوات والغرق في الملذات, هذه المرة الميكروب اسمه: البطالة, والمخدرات والجريمة المنظمة, والمافيا, وعجز الميزان التجاري, وصراع الين والدولار واليورو, وكساد السوق, والمادية التي تأكل الروح حتى اللباب! وكعادة كل حضارة مترفة, تزدهر فيها فنون الانحلال, وقد وصلتنا بشائرها, من سينما العنف ومسرح العبث وغناء العهر وروايات الجنس, فالموت سيكون من داخل البدن الذي اهترأ واصبح خواء من فرط التلذذ ! ياه, ما خلتش حاجة يا عم مصطفى ! طيب ما هو الدليل على ان هذا سيحدث? لان التاريخ حافل بالمفاجآت.... فقد ماتت الدولة السوفياتية وهي واقفة من دون حرب (كده حته وحده !! امال ايه اخبار الحرب الباردة ?), ماتت وعلى ظهرها حمولة من القنابل الذرية تكفي لنسف الكرة الارضية مرات عدة !وسوف يسقط العملاق الغربي بالداء نفسه, ومن دون ان يطلق عليه المسلمون رصاصة واحدة ! الله يبشرك يا عم مصطفى . وخلاص يا مسلمين, خليكو مستنيين, ووفروا على نفسيكو الرصاصتين اللي حيلتكو ! هذا هو الوهم واحلام العاجزين, ومن المخجل ان يكون قائل هذا اللغو الفارغ عالما, وليس رجل دين, كما اعتدنا سماع مثل هذه الترهات بين الحين والاخر. كل السلبيات التي اوردها المفكر الاسلامي موجودة واكثر, في العالمين العربي والاسلامي, ومع موت الحضارة العربية يوم تغلب الفكر الديني على الفكر العلمي العقلاني, بعد افول الفكر المعتزلي الذي ارسى دعائم الفكر العقلي في عالم دار الاسلام التي لم تعرف التعامل مع العقل قبل قيامهم في العصر العباسي الثاني . والرأي الذي قدمه د. مصطفى محمود يخلو من العقلانية, ويغترف من اللا عقلانية الدينية التي يشيعها رجال الدين, واتباع الجماعات الدينية, في المجتمعات العربية اليوم, والناس تصدقهم! ان ما يميز الحضارة الغربية اليوم انها لن تشيخ ابدا, فضلا عن ان تموت ، وهي حقيقة قاطعة وساطعة سطوع شمس الكويت في شهر اغسطس, وكما هي حقيقة ان حضارة دار الاسلام لن تعود أبدا, ما دامت متخلية عن العقل . وواهم كل من يرى خلاف ذلك. الحضارة الغربية تختلف عن كل الحضارات التي سادت ثم بادت قديما, كونها تتوالد بشكل متجدد, ولا تقبل التوقف عند حد معين,وما الاستنساخ, والانترنت, وعلوم الفضاء, والاغذية الجينية, والتطور الطبي المذهل, وعلم الحاسوب المتطور, والهيمنة الاعلامية, سوى بعض الامثلة الدالة على هذه الحقيقة المؤلمة . الحضارة الغربية التي انقذت العالم من الجوع باختراع الاكل المعلب, ثم الاكل المجمد, والآن يعمل على الاغذية الجينية, هذه الحضارة غير قابلة للسقوط رحمة من الله بعباده . تخيلوا لو ان هذا العالم يعيش على المسلمين, لفني الناس واكلوا بعضهم منذ سنين . هذه الحضارة الفذة العجيبة, هي التي انقذت الانسان من الفناء مرضا باختراع مختلف الامصال والادوية التي اطالت عمر الانسان على الارض بعد ان كان يموت في سن ما بين 30 ¯ ,40 هذه الحضارة التي ستعيد تشكيل شكل الانسان من خلال الهندسة الجينية والاستنساخ . هذه الحضارة التي تفكر منذ الان كيف تنقل البشر الى كوكب آخر بعد ان يتلوث هذا الكوكب الذي نعيش عليه, والعرب الى اليوم غير مصدقين حتى, انه سيتلوث يوما ما ! اذا ماتت هذه الحضارة, سيموت حينها كل البشر جوعا ومرضا وقهرا لانعدام وسائل الترفيه وظلما لشيوع الانظمة الاستبدادية, بل وافلاسا ايضا بسبب انهيار الانظمة الاقتصادية والنظم المالية. الحضارة الغربية المعاصرة تمثل الامل الوحيد للمستضعفين للتحرر من الظلم والاستبداد والقهر . هل كان من امل لمسلمي البوسنة والهرسك, وعرب الكويت المسلمين, وعرب العراق من مسلمين وغيرهم, بالحرية من الابادة الجماعية والقتل, وحفظ الكرامة, والتشرد ?وهل هناك من امل لانقاذ القارة الافريقية مما هي فيه الان من دون تدخل الغرب ?وهل من الممكن القضاء على الامراض الخطرة الموجودة اليوم كالسرطان والايدز وغيرها من دون العلم الغربي, والابحاث الغربية ? باختصار شديد ان احلام الوهم هذه لا تخدم المسلمين في شيء, لان المسلمين يمثلون اليوم امة قدمت استقالتها من مجلس ادارة الحضارة الانسانية, والعلمية والثقافية, فضلا عن ان الخاسر الاول لسقوط الحضارة الغربية المسلمون انفسهم, لسبب بسيط وهو, ان كل الامم تزرع وتصنع وتعمل,الا هم, قد تفردوا بالعجز واحتكروه, بل وسجلوه ماركة مسجلة, لن تفكر امة من الامم ان تنافسهم عليها ! *نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
-----------------------
الأربعاء 19 ذو القعدة 1426هـ - 21 ديسمبر 2005م
في انتظار الخيبة مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
هل نتذكر المسرحية الانكليزية الشهيرة "في انتظار جودو" للمسرحي البريطاني صمويل بيكيت? الذين كانوا بانتظار "جودو", ظلوا ينتظرون, فـ"جودو" لن يصل.
العرب والديمقراطية كما هي حال الذين ينتظرون "جودو" الذي لن يأتي ابداً, العرب لا يعملون من أجل الديمقراطية, لانهم لا يريدونها في الاصل. انظروا الى مصر التي عرفت الديمقراطية كنظام حكم منذ اوائل القرن العشرين, وما حدث في الانتخابات الاخيرة, فوضى وقتل واختيار سيئ مضاد للديمقراطية. والكويت التي تأتي بعد اكثر من اربعين عاماً على الدستور وتقدم مشروع قانون المطبوعات والنشر يتناقض مع الدستور, وقانون تجمعات يتناقض مع الدستور, وتمييز بين الناس على اساس الجنس في الفصل بين الذكور والاناث في الجامعة يتناقض مع الدستور, وتغييب الدولة الدستورية من خلال انبعاث الطائفية والقبلية, ماذا حصد المصريون والكويتيون في المسألة الديمقراطية? الخيبة تلو الخيبة لانهم ببساطة حكومات وشعوب لا تؤمن بالديمقراطية. ما الذي يجعل الشعب العراقي احسن في هذه المسألة? ألا يسيطر المناخ الديني المريض على الحياة العامة في العراق? الا يتحدثون عن المرجعيات الدينية في دستورهم بدلاً من الديمقراطية? الا يسعون الى الفصل بين الجنسين في مدارسهم ضد مبادئ الدستور? الاجابات كلها, نعم, اذن فليحصدوا الخيبة في قادم الايام. كل الوهم الاميركي بعراق ديمقراطي سيتبدد ويتلاشى حين يرفض العراقيون الديمقراطية الغربية ويعيشون وهم الدستور مثل الكويتيين, ألسنا جيرانهم?! الاميركي الانسان لا يعلم, بل ولا يريد ان يفهم ان الانسان العربي المسلم محصن جينياً "من الجينات الوراثية" ضد الديمقراطية يعني هو استبدادي خلقة ألم يقل شاعرهم منذ قديم الأزل:والظلم من شيم النفوس فان تجدفلعلة لا يظلم?!ألم يقل شاعرهم:ونحن أناس لا توسط بيننالنا الصدر دون العالمين أو القبر? والعرب المسلمون مرتاحون جداً لحصولهم على "صفر" مدور في كتب الحريات الدينية والفكرية وتقديرهم ضعيف في مجال حقوق الانسان, والتقارير عنهم سواد وجه ومع ذلك يتبجحون ويتشدقون بحقوق الانسان! قسماً بالله, لم أقرأ في حياتي صفاقة مثل صفاقة العرب المسلمين في مجال انتهاك حريات وحقوق الانسان, وفوق هذا لا يخجلون من الحديث في الدين!!العراقيون اختاروا طريقهم من الآن دولة دينية في الجوهر ودولة دستورية في المظهر, يعني مثل بقية الدول العربية, وللحق لم يعرف العراقي حياة ديمقراطية بالمعنى الصحيح الا نادرا فمن اين يأتي بالديمقراطية? نعم ستكون حالهم من حالنا, دولة قانون ولا قانون, دولة نظام حكم ديمقراطي ولا ديمقراطية مجلس نيابي وفساد سياسي, مؤسسات دولة وفساد اداري جنباً الى جنب مع تنامي الفكر الديني, حتى يصلوا في نهاية المطاف الى نهايتنا في الكويت: الخيبة تلو الخيبة في كل شيء, بنوك اسلامية متخمة بالمال والتنمية صفر, والفقر منتشر, مدارس وجامعات تليها بطالة وعدم كفاءة في الاداء ثم سيجدون ان الوصول الى البرلمان متاح للجميع عن طريق شراء الاصوات وتقديم الخدمات بالوساطة. كل ما نقوله للاخوة العراقيين:(أهلاً وسهلاً بكم في نادي الخيبة .. وحياكم الله). * نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
-----------------------
بت 01 ذو القعدة 1426هـ - 03 ديسمبر 2005م
مشية الغراب مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
عادل القصار الكاتب في القبس ميت من الفرح بفوز جماعة الاخوان المسلمين في مصر, وأعتقد لو سألته انت من الاخوان? لأجابك ب¯: لا كبيرة!! المهم ان المرشد العام لهذه الجماعة يقول بالحرف الواحد »ان السخط على الحزب الحاكم في مصر زاد عدد الاصوات التي حصلت عليها جماعته في المرحلتين الاولى والثانية من الانتخابات التشريعية المصرية«. وبتعبير بسيط يعترف المرشد العام ان المصريين لم ينتخبوا هذه الجماعة لصلاحها مثلاً,
بل لانهم ساخطون على الحزب الحاكم, ومع هذا الاعتراف »اوضح ان الاخوان لا يعترفون باسرائيل لكنهم لن يحاربوها بل سيحترمون جميع المعاهدات التي وقعتها مصر معها, اي مع اسرائيل« وعلى الوزن نفسه لنتصور التالي:لن نعترف بالخمر ولكن لن نغلق الخماراتلن نعترف بالرقص الشرقي, لكن لن نغلق الملاهيلن نعترف بالقمار, لكن لن نغلق الكازينوهاتلن نعترف بالسياحة الترفيهية, لكن لن نعارض استمراريتهالن نعترف بالربا, لكن لن نغلق البنوك الربويةبالله عليكم هل هذا من الاسلام الحقيقي في شيء? أم أنه تدين زائف لخداع الجماهير الساخطة على الحزب الحاكم في مصر?أما سالفة أنهم لن يحاربوا اسرائيل فهي نكتة حلوة!! بلا خيبة ولن تستطيعوا حتى ان تمسوا شعرة في رأس اي اسرائيلي, نفخة على الفاضي مثل صاحبنا الذي استعرض النباطة للجهاد الاسلامي لاسترداد القدس, ولا يعلم سوى الله كم مليون حصدت »سنابله« وفي اي بنك اجنبي ربوي كافر وضعها?!وليظهر للناس أني مخطئ وأتحداه?! لكنه سيصمت صمت ابو الهول خوفاً على ملايينه التي نسمع عنها »حديث الدواوين« مثل الملايين السبعة الرشوة والتي تقول حديث الدواوين أنها دفعت لبعض النواب لتمرير الحقوق السياسية للمرأة.
المهم الجيش المصري لا يخضع للاخوان المسلمين, اذن سيحاربون بماذا? هل لدى جماعة الاخوان المسلمين سلاح مخبأ يمكنهم من شن مثل هذه الحرب? بالطبع لا, لكن عجرفة على الفاضي, قال يعني أقوياء!! وليس لديهم من العضلات سوى الشحم.بعد هذا تزداد شعلة الذكاء فيوضح المرشد العام أنهم سيحترمون جميع المعاهدات التي وقعتها مصر مع اسرائيل .. يا سبحان الله, اذا لم تكونوا تعترفون باسرائيل, اذن مع من تم التوقيع? هل رأيتم مثل هذا الخداع للذات وللاخرين? لا يعترفون باسرائيل ويقبلون المعاهدات معها, فيلم هندي!الفوز الذي حققه الاخوان في مصر, يعود الفضل فيه الى الولايات المتحدة الاميركية التي ضغطت على النظام المصري لافساح المجال للمزيد من الديمقراطية التي تسعى أميركا لنشرها في العالم العربي, ولو بالقوة. والدليل على ما أقول ان الاخوان صار لهم منذ عام 1928 وهم لا يحصدون سوى الخيبة وقلة الهيبة, واليوم بعد تحرير الكويت ثم تحرير افغانستان ثم العراق ثم اخيراً لبنان من التواجد السوري, والضغط على مصر, أتيح المجال لهذه الجماعة التي تعيش على وهم الانتصار ان تصل الى البرلمان, ومع ذلك لن تستطيع ان تفعل شيئاً له قيمة ما دامت لا تعترف باسرائيل وتقبل عدم محاربتها والاعتراف بالاتفاقات التي تم توقيعها!! وهذه مشية الغراب قد اصبحت واقعاً.بالمناسبة, وفقاً لما ورد في الصحف ان »75« في المئة من المصريين لم ينتخبوا!.نبارك للأخت الفاضلة الشاعرة سعدية مفرح فوزها بالجائزة الادبية وتستاهل أكثر وهو ما نتمناه لها.*
نقلا عن جريدة "السياسة الكويتية
------------------
السبت 15 رجب 1426هـ - 20 أغسطس 2005م
ما أجمل تسامحهم مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
حين أنظر إلى الدالاي لاما ممثل البوذية وأرى ابتسامته الساحرة الهادئة, وحين أستمع إلى بعض أحاديثه, أو حين أرى طيب تعامله مع الآخرين, أتساءل: لماذا لا نرى مثل هذا في كبار رجال الدين المسلمين? كذلك الأمر مع البابا الراحل وكيفية تسامحه وتواضعه مع الناس. هذان المثلان لممثلي ديانات كبرى يعد أتباعها بالملايين أكثر من المسلمين, وينتمون لبلدان أكثر تطوراً من بلدان المسلمين, يقدمان الأمثولة لأجمل صور التسامح الإنساني والديني. وحين أستعرض ما أراه في البرامج المتلفزة الوثائقية عن رجال الدين غير المسلمين عموماً,
أرى فرقاً كبيراً في درجة التسامح الإنساني, لا يمكن لرجل الدين المسلم أن يبلغها يوماً. والطابع الإنساني الذي يجمع هذين العملاقين إنسانياً يتسم بالتالي:* لم يكفروا إنساناً, ولم »يبشروه« بالنار في الآخرة.* لم يتدخلوا يوماً في إيمان أو معتقد, بل تركوا الأمر للخالق.* لم يؤذوا كاتباً أو مثقفاً.* احترموا أنفسهم فلم يأخذوا كاتباً إلى النيابة والمحاكم حتى ولو كتب ضد دينهم.* لم يتدخلوا قط لمنع كتاب أو مقال حتى ولو كان ضد دينهم.* لم يصدروا قط فتاوى دينية ضد الآخرين.* لم يؤذوا أحداً في دينه كما يحدث في فتاوى المسلمين تجاه غير المسلمين.* لم يظهروا في الفضائيات والمجلات والصحف لتفسير الأحلام.* لم يتعاملوا يوماً مع الجن على اختلاف جنسياتهم.* لم يروعوا أحداً بفتاوى الدم والقتل.* لم ينصروا يوماً طاغية أو مستبداً, بل اعتذرت الكنيسة الكاثوليكية عن صمتها إزاء جرائم هتلر.* لم يتدخلوا في حياة الناس الخاصة.* لم يتدخلوا في عمل الساسة ولم يسعوا إلى جمع المال باسم الدين.* لم يرتقوا يوماً منبر كنائسهم أو معابدهم لشتم الآخرين.* لم يداهنوا حكاماً لمصالح دنيوية.* لم يدعوا قط لقتال الآخرين باسم الدين.* لم يضعوا أتباعهم فوق الآخرين دينياً أو أخلاقياً.* لم يدعوا قط أن دينهم فقط هو دين الحق وأن الأديان الأخرى باطلة.*
يتجنبون التحريم والتحليل حتى لا يحرجوا الآخرين.* يتجنبون الإثارة الإعلامية لكسب الأتباع.* يزهدون في الدنيا برغم قدراتهم الكبيرة على التلذذ بها مادياً وأدبياً.* يطلبون الغفران لكل نفس من دون النظر إلى دينها.* على مستوى من الفضيلة أنهم لا يترددون في الاعتراف بالخطأ حتى ولو كان تاريخياً.* لا يجبرون حكوماتهم على تدريس دينهم ونبذ ديانات الآخرين.أتساءل: من أين جاؤوا بهذا القدر الهائل من التسامح الإنساني تجاه الآخرين المختلفين عنهم دينيا? وما هي القوة الروحية التي لديهم والتي تمدهم بهذه الروح الإنسانية التي لا نجد لها مثيلاً في ديار الإسلام? لماذا لا نتعلم منهم كيفية إشاعة هذه الروح الكريمة المتسامحة في مجتمعنا المسلم? واقرأوا معي ما كتبه المرحوم سيد قطب في كتابه »في ظلال القرآن« المجلد 2 - ص .134»إن البشرية اليوم تعيش في ماخور كبير .. إن البشرية تتآكل إنسانيتها, وتتحلل أدميتها, وهي تلهث وراء الحيوان, وميراث الحيوان, لتلحق بعالمه الهابط, والحيوان أنظف وأشرف وأطهر..«.حتى الحيوان لم يسلم من الشتم .. بالله عليكم لو يصل هؤلاء إلى السلطة ماذا سيفعلون ببني البشر?وختاماً, رجل الدين المسلم الوحيد الذي يمنع بناء المعابد للآخرين في بلاد المسلمين, في حين لا يمانع البابا والدالاي لاما بناء المساجد في أي بقعة يصل إليها نفوذهم الديني .. هل هناك تسامح أكثر من هذا?
* يحرص المتدينون على إلباس خادماتهم الحجاب الديني, ثم لا يمانعون قيام الخادمة المحجبة بغسيل سياراتهم!! هكذا الإنسانية. * نقلا عن السياسة الكويتية
---------------------
الثلاثاء 04 رجب 1426هـ - 09 أغسطس 2005م
القانون لا يحمي المغفلين... فمن إذن؟ مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
حين أنظر إلى المؤلفات وضخامتها وتعقيداتها اللفظية، وحين أقرأ القوانين الكثيرة في مختلف التخصصات من مدني وتجاري.. إلخ، أتساءل: كيف يحق لرجال القانون القول: إن القانون لا يحمي المغفلين... إذن يحمي من؟ هل كل الناس وعلى اختلاف مستوياتهم التعليمية يفهمون القانون؟ وهل من الممكن حقاً متابعة كل القوانين التي تصدر يومياً لتنظيم مختلف مشاكل الحياة؟ وهل مطلوب من الناس البسطاء مراجعة القانون أولاً قبل الإقدام على التعامل مع مختلف المعاملات في المجتمع والدولة؟ وهل من المنطق السماح لغير المغفلين باستغلال ثغرات القانون لإيذاء المغفلين؟ ويتبين من استعراض وضع العدالة القانونية في عالمنا العربي من خلال ما نقرأ عن مشاكل الناس في الصحف والمجلات، أن هناك خللاً في هذه العدالة، ربما بسبب كثرة القوانين إلى درجة إرباك الناس حين يتعاملون معه عبر أروقة المحاكم، بل يحدث كثيراً أن تفسيرات الأحكام القضائية على درجة من التعقيد تحتاج معها إلى أهل الاختصاص.
القانون "اختراع" غربي تم وضعه لتنظيم حياة الناس من خلال سلطة مستقلة، وإذا ما استثنينا إنجلترا قديماً، فإن القارة الأوروبية كانت تعاني من هيمنة الملوك على السلطة القضائية، ووجود القوانين الجائرة التي تخدم الأثرياء واللوردات ضد الفقراء، ومع انطلاقة العصر الحديث الناتجة عن عصري النهضة والإصلاح الديني، كانت المنظومة القانونية واستقلال السلطة القضائية وسيلتان لجعل حياة الناس أفضل، وهذا ما حدث. ورغم أن القانون لا يحمي المغفلين مبدأ صاغه رجال القانون أنفسهم، إلا أن تطور مفهوم العدالة قد تجاوز القانون، خاصة مع اعتمادهم نظام المحلفين. أما في عالمنا العربي، فكثيراً ما يتنازل الناس عن حقوقهم المشروعة حتى لا "يتبهدلوا" في المخافر وأروقة النيابة العامة والمحاكم، كما هو الحال في قضايا الديون الصغيرة وحوادث السيارات، بل وحتى في سرقات المنازل، لأن الناس تعلمت من التجربة أن هناك عدة مشاكل مع القانون، فيما لو حاولت اللجوء إلى المؤسسات التي تتعامل مع القانون. من جانب آخر أدى تعدد المشاكل وتعقد الحياة بشكل عام إلى اختلال العلاقة بين الناس والقانون حتى أصبح كل الناس -باستثناء المحامين- مجموعة من المغفلين الذين لا يحميهم القانون، وهذا مخالف لمنطق الأشياء، ولهذا ربما يخاف الناس من القانون في دول العالم الثالث، لأن القانون منطقة مجهولة المعالم لا تدري أهي معك أم ضدك حتى ولو كنت المجني عليه، كأن يعتدي عليك أحد ما، ثم تدافع عن نفسك فتصيبه بعاهة مستديمة، أو يعتدي عليك بالسب والشتم وليس لديك شهود فتصبح معتدياً إذا ما قمت بتأديبه. وفي عالم مليء بالغش والاحتيال وضعف المعرفة القانونية يتعرض الناس لشتى المشاكل التي تظهر لهم مثلاً في عقود الإذعان، مثل عقود التأمين، حيث اشتراطات لا يمكن القبول بها لعدم منطقيتها، لكن ليس أمامك سوى القبول بها، ولأن الخيارات منعدمة. من جانب آخر، يكون اللجوء أحياناً إلى القانون مضيعة للمال والوقت، ولنفرض أن سيارة شرطة مسرعة مرت أمامك وصدر عنها حجر صغير أدى إلى كسر زجاج سيارتك، ماذا تفعل؟ تشتكي على الشرطي؟ ليت شعري كم مواطناً عربياً مستعد للشكوى ضد الشرطة؟ لذلك يجب أن يحمي القانون المغفلين، ولو سألت معظم الناس عن القوانين لقالوا لك إجابة واحدة: لا أدري! فهل من المنطق أن نعتبرهم جميعاً مغفلين؟ مهمة القانون حماية المغفلين الذين يغرر بهم، أو يتم خداعهم. مهمة السلطة القضائية تثقيف الناس قانونياً لكي يعلموا ما لهم وما عليهم، وتشجيعهم على الإيمان بالقانون، لكن حين يكون الحال كما في فيلم "سلام يا صاحبي" للفنان عادل إمام، حين تعترضه مشكلة فيقول له صاحبه الفنان سعيد صالح: "ما تخافش يا خويا، البلد فيها قانون"! فيرد عليه عادل إمام ضاحكاً، "يا خوفي نتضرب بالقانون"؟! * نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
-----------------------
الثلاثاء 07 جمادى الأولى 1426هـ - 14 يونيو 2005م
العربي الممتهن مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
في الطبعة الثالثة من "موسوعة أديان العالم" الصادرة عن دار ويبستر في الولايات المتحدة، ورد أن تعريف العربي جاء بوصف "المتشرد، المنحرف، المتسكع، المتسول، الغبي، الفوضوي". أما الإسلام فقد قدمته هذه الموسوعة كمرادف لـ"العداء للساميّة وللدين اليهودي". وقد اعترض المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم "إيسيسكو" التي تمثل إحدى وخمسين دولة مسلمة، على هذا الوصف، من خلال رسالة وجهها إلى رئيس تحرير قاموس ويبستر يطالبه فيها بالاعتذار وتدارك هذه المغالطات والافتراءات في ملحق خاص.
وكذلك كان موقف الجمعية الدولية للمترجمين العرب التي تخوض حملة عالمية ضد شركة ويبستر، حيث أصدرت بياناً استنكرت من خلاله هذا التحريف والتشويه المتعمد في حق العرب والمسلمين. وأكدت على رفض المترجمين واللغويين العرب التعامل مع جميع الجهات التي تقف وراء إصدار هذا القاموس، ووجهت الدعوة إلى المترجمين العرب لعدم اقتناء هذا القاموس المزور... (الرأي العام - الكويت 5/6/2005). للأسف أن جريدة "الرأي العام" لم تنشر نسخة مصورة لنص التعريف الوارد في القاموس، بل وضعت غلاف الطبعة الثالثة التي يفترض أنها أوردت التعريف سابق الذكر.
إثر قراءتي لما ورد في الصحيفة الكويتية، انطلقت من نفسي عدة تساؤلات على افتراض صحة ما تم ذكره:- ماذا ورد في الطبعتين الأولى والثانية كتعريف للعربي والإسلام؟- كم مواطنا عربيا ومسلم ضمن المليار ونصف المليار مسلم يستطيع مادياً شراء هذه الموسوعة العالمية؟- ما هو دور منظمة الـ"إيسيسكو" المعرفي في العالمين العربي والإسلامي باعتبارها ممثلة للتربية والعلوم؟- ما هو الدور المعرفي للجمعية الدولية للمترجمين العرب، التي أسمع بها لأول مرة في حياتي؟- كم نسخة يتم بيعها في العالمين العربي والإسلامي؟ (أقصد قاموس ويبستر).- كم عربيا ومسلما يعرف معنى اللاساميّة؟- كم عربيا ومسلما عرف عن الموضوع نفسه؟مهما كان موقفنا من تعريف قاموس ويبستر، ترى ما هو موقفنا كعرب ومسلمين في الساحة الحضارية القائمة اليوم، ونحن نظهر للعالم في الصورة المشوهة التي يقدمها الإرهابيون على الساحة العالمية؟ ألسنا نسيء لأنفسنا حين نظهر بصورة العالم السيئ في كل شيء؟ في التعليم متخلفون، في السياسة استبداديون، مع المعارضة قمعيون، في حريات الفكر "شموليون"، في تكفير الآخرين.. في المقدمة، لا نستطيع العيش بدون استيراد كل شيء من الغرب.. حتى خبز يومنا! أليست تركيا المسلمة أحد أسباب الرفض الأوروبي لدستورهم الاتحادي؟
من يستطيع إنكار حقيقة أن العربي لا يستطيع أن يقف في الطابور في أي مؤسسة، بل يلجأ إلى الواسطة في كل شيء؟! أليس التعليم عندنا مجرد تلقين خالٍ من أدنى درجات استعمال العقل؟ ألا نؤمن حقاً برغم كل التخلف الذي نعيشه بأننا "خير من ركب المطايا..."؟! ألسنا الجناة على أنفسنا قبل الآخرين؟ هل يوجد في العالمين العربي والإسلامي قاموس ويبستر عربي واحد؟ ألسنا العالم الوحيد اليوم الذي يضع أصحاب الفكر في السجون حين يمارسون حرية الرأي، ثم نتبجح بعد ذلك وبكل صفاقة بأن ديننا أول من اعترف بحقوق الإنسان، علماً بأن المكتبة الإسلامية لا تضم كتاباً واحداً عن الحريات وحقوق الإنسان؟ من يجب أن نلوم، قاموس ويبستر، أم أنفسنا؟ وهل قاموس ويبستر هو الوحيد الذي ظلمنا بهذا الوصف العنصري؟ ألم تتعطل الاتفاقات المعقودة بين الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي بسبب إصرار الأخير على قضايا الحريات وحقوق الإنسان والشفافية، مقابل إصرار دولنا على عدم تطبيقها؟أعتقد أنه حين يكون لنا دور حقيقي وفعال في الشأن العالمي، سيتغير هذا التعريف... لكن هيهات. * نقلا عن جريدة "الاتحاد" الاماراتية
-------------------------------
الإثنين 08 ربيع الثاني 1426هـ - 16 مايو 2005م
حق حرية التعبير .. لمن لا يفهم مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
الأصل في الأمور الإباحة إلى أن يرد نص التحريم, وهذا من المبادئ القطعية عقلاً ونقلاً. وقياساً على هذا الأصل, يعد حق حرية التعبير مطلقاً مثلها مثل أي حق إنساني آخر إلى أن يرد التنظيم وليس القيود, وبادئ ذي بدء فإن من يريد أن يعرض فكره بضرب الآخرين الليبراليين بالنعال ليس له حق الحديث في الموضوع من الأصل, لسبب بسيط وهو أنه لا يحترم الآخر, وحق حرية التعبير لا يقوم إلا على احترام هذا الحق أولاً.يقل معاوية - إن صدق - من نقل الخبر في كتب التراث - (لا نحول بين الناس وبين ألسنتهم, ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا) والمعنى واضح ويتضمن حق الآخرين في الكلام كما يريدون ما لم يرفعوا سيفاً في وجه حكمه. ولا ينطوي كلام معاوية على أي مضمون علمي لحرية التعبير, بقدر ما يدل على حكم عقلاني في زمن كثرت فيه المعارضة للحكم الأموي.
وبالنسبة للعصر الحالي فعلى من يريد أن يعرف كيف تكون ممارسة حق حرية التعبير شعبياً ان يشاهد العرض الأميركي في سوبر كوميدي في اوربت والمسمى »بريميم بلند« ليعرف ان الولايات المتحدة الاميركية هي أم وأب حرية التعبير في الدنيا, أما على المستوى الاكاديمي والسياسي والقانوني فلابد من قراءة كتاب »حرية التعبير في مجتمع مفتوح« من تأليف رودني أ. سموللا وترجمة كمال عبدالرؤوف والصادر عن الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية, والكتاب يقع في أكثر من خمسمئة صفحة من القطع الكبير, ومن دون مبالغة لا مثيل له في مكتبتنا العربية.يقوم الكتاب كله على تحليل نص التعديل الدستوري الأول الذي يعلن صراحة ان الكونغرس يجب أن لا يصدر أي قانون يعتبر تعدياً على حرية الكلام, هذا النص يضع على كاهل الحكومة أن تبرر أي تعديات من جانبها على التعبير,
ولا يضع هذا العبء على كاهل الكلام لكي يبرر نفسه. خلال ما يزيد على خمسمئة صفحة لم يستشهد الكاتب بكتابي العهد القديم والعهد الجديد, ولم يرد ذكر رأي لرجل دين, بل إن جميع الاستشهادات والقضايا ذات العلاقة بحرية التعبير هي لرجال القانون والمفكرين وكتاب صحافيين ممن أضافوا تطورات عميقة وجدية لتوفير كل الضمانات لحق حرية التعبير في المجتمع الأميركي, وقد كان لقضاة المحكمة العليا دور كبير وآراء نافذة وناصعة.وحيث أنه لا يمكن اختصار ما ورد في هذا الكتاب القيم سأورد بعض الأسطر للدلالة فقط على أهمية حق حرية التعبير:من الذي يقرر ما هو المناسب واللائق, وفي ثقافة مفتوحة, فإن هذا القرار يتوقف افتراضاً على المتحدث, وليس على مسؤولي الحكومة, كبارا كانوا أم صغاراً.إن حرية التعبير تعني حق الكلام عما يدور في ذهن الشخص لمجرد أن هذا ذهن ذلك الشخص, وهو حق الكلام بتحد, وبقوة, وبلاهيبة, وحتى لو لم يكن عند المتحدث أمل واقعي أن المستمعين سيقبلون وجهة نظره أو وجهة نظرها, فإن حرية الكلام من دون أي قيد يوفر للمتحدث شعوراً داخلياً بالراحة, وإدراكاً بذاته, وهما عنصران أساسيان لتحقيق ذات الفرد.
من الذي يستطيع الدفاع عن حق الدولة في فرض رقابة على الفكر? إن هذا التدخل الوحشي والرهيب لا يمكن تبريره إلا إذا قبلنا أن الإنسان مخلوق تابع للدولة.لا يمكن قبول الإجابة التي تصر على أن المفكرين يجب أن يحتفظوا بأفكارهم لأنفسهم, لأن الوازع الإنساني الذي يدفع الإنسان للتفكير يتضمن أيضاً وازعاً لكي يفكر بصوت عال, فالفكر والكلام يكملان بعضهما, ويدعمان الحريات, وهي حريات تقتطع على الفور من النواحي الخاصة والاجتماعية للشخصية. إن الروح الإنسانية يغذيها كل من الفكر والكلام, مثلما يغذي الطعام والماء جسم الإنسان.إن الدولة لا تملك الحق الأخلاقي لأن تفرض ما هو الكلام الذي »يستحق أن يقال« ومتى »كل ما يستحق أن يقال«.إن حكم الناس لأنفسهم هو مبرر مهم لحرية الكلام.معظم المعركة التي تجري للمحافظة على حرية التعبير هي تلك التي تدور حول ما الذي يجب أن يحدد بأنه ضرر. وفي مجتمع مفتوح, فإن مجرد الحزن أو الألم العاطفي أو الفكري بسبب محتوى التعبير لا يكفي ابداً وحده لكي يفي بمتطلبات الضرر.التعبير العام عن الأفكار لا يجوز حظره لمجرد أن الأفكار نفسها تعتبر مسيئة لبعض من يستمع إليها.لا يوجد مسؤول كبيراً كان أم صغيراً يستطيع أن يقرر ما هي المعتقدات القويمة في السياسة أو في الوطنية أو أية أمور أخرى تتعلق بالرأي,
أو إرغام المواطنين أن يعترفوا بالقول أو بالفعل بإيمانهم بما يقرره هذا المسؤول.إن القوانين التي تحد من التعبير تميل بالذات إلى أن تتأثر بالأحقاد أو جنون العظمة, ويدفع لصدورها تفكير قصير المدى وليس بعيد المدى.إن حرية التعبير ستتحول إلى تمثيلية هزلية إذا خولنا الحكومة سلطة خلق »مناطق لا يجوز الحديث فيها« وذلك حسب رغبتها وسواء أرادت أم لا.هذا كلام ناس تفتهم وتحترم حرية التعبير, فلا تضع الكاتب مهما كان رأيه في سجن أو تجرجره في النيابة العامة أو تفرض عليه غرامة *
نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
--------------------
الثلاثاء 02 ربيع الثاني 1426هـ - 10 مايو 2005م
حوار الأديان: ذلك الوهم مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
الحوار الإسلامي-المسيحي انتهى إلى لا شيء، وما كان له أن يكون شيئاً لسبب بسيط، لأن الأديان لا تتحاور. وقد تنبه القائمون على هذا الحوار في مؤتمره الأخير في الدوحة إلى عدم الحرص على الحوار مع اليهود واقتصار الحوار الديني دائماً مع المسيحيين دون غيرهم من أهل الديانات، فجاءت كلمة الافتتاح بالدعوة للحوار مع اليهود. وقد هاجم الخطباء تلك الدعوة باعتبار العداء مع الدولة الصهيونية القائمة حالياً، دون أي تفرقة بين اليهودية كدين، والصهيونية كعقيدة سياسية. ومن باب العدل والإنصاف أن اليهود لم يدعوا يوماً للحوار مع أي دين بسبب اعتقادهم الراسخ بتفوقهم الديني على غيرهم،
وأعتقد أنه من النادر جداً أن يتحول يهودي غربي إلى الإسلام. وبرغم كل النوايا الطيبة لدى الداعين إلى الحوار الديني، نعتقد أن هذا وهم ما بعده وهم لأسباب عديدة منها، انعدام العامل المشترك بين هذه الأديان، وخاصة أن معظم الشعوب والدول حين تتحدث عن الأديان فتقصد جميع الأديان السماوية الثلاثة إلى جانب الديانات البشرية كالهندوسية والبوذية. وإذا كان عنصر التوحيد يجمع الديانات الثلاث المعروفة، فإن الديانات الأخرى لا تعرف التوحيد.وإذا اشتركت هذه الديانات في التوحيد، فإنها تختلف في إيمانها بالأنبياء برغم إيمان المسلمين بكل الأنبياء بشكل عام،
إلا أن الآخرين لا يحملون نفس التوجه الإيماني، إضافة إلى أن الدين الإسلامي يعد كل الكتب الدينية الموجودة الآن كتباً قام أتباعها بتحريفها، ومن ثم فهي ليست معتمدة لدى المسلمين، ونفس الرأي لدى الآخرين. وهناك أيضاً الآراء الفقهية المدعمة بالنص الديني ومصادره المختلفة بعدم وجود مساحات مشتركة بينها مثل عدم السماح بتواجد دينين في أرض الجزيرة وفقاً للحديث النبوي، وعدم السماح ببناء كنائس في البلاد المسلمة الأمر الذي يثير الكثير من المشاكل على المستوى الديني. وهناك أيضاً عدم التوافق بين الفقهاء المسلمين بشأن هذا الحوار، فما يؤيده فقهاء الأزهر في مسألة الحوار قد لا يجد قبولاً عند فقهاء الجزيرة العربية المحافظين، وفي ظل عدم وجود قواسم مشتركة تشكل أرضية ثابتة للحوار يصبح الحوار بدون جدوى.كل هذا لا يعني بالضرورة قيام العداء بين الأديان، فقد انتهت الحروب الدينية إلى غير رجعة على مستوى الدول،
ولم يتبق الآن سوى إرهابيي ابن لادن الذين يدفعهم خليط فكري مريض لتبرير قتل غير المسلمين، بل وحتى المسلمين! لكن من جانب آخر لا يجب أن نعطي هذا الحوار الوهمي أكبر من حجمه، بل يجب وضعه في حجمه الطبيعي برغم توفر النوايا الطيبة لدى البعض. كما يجب التفكير مسبقاً وقبل الدعوة لأي مؤتمر بمدى القدرة على تحويل التوصيات إلى آلية عمل فاعلة. وإذا ما اقتصر الحوار الديني على المسلمين والمسيحيين فقط، فإنه -كحوار بين طرفين- لن يصل إلى نتيجة مع مرور الوقت، لأن المجتمعين لن يجدوا في كل مؤتمر قضايا جديدة يتناقشون حولها، وخاصة أن القضايا الدينية محدودة بطبيعتها ما لم تُربط بقضايا العالم المادية. وإلى حين يظهر في فقهاء الإسلام فرد في مستوى تفكير البابا يوحنا الذي توفي مؤخراً، وتكون لديه القدرة فعلاً على فرض آرائه على المسلمين -وهو أمر مستحيل تماماً- فلن يتغير شيء.لذلك يحتاج العالم وهو يعيش في ظل الأصولية الدينية بكل سلبياتها إلى نظرة أو رؤية إنسانية عالمية، ولهذا الموضوع حديث آخر.
*نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية
-----------------------
الأربعاء 26 شوال 1425هـ - 08 ديسمبر 2004م
أكذوبة اللاعنف في الجماعة السلفية مقالات سابقة للكاتب د. أحمد البغدادي
من بداهة القول والاعتقاد ان الجماعة السلفية المعاصرة لا علاقة لها بالسلف الصالح من الصحبة الكرام الذين قام على أك########م هذا الدين, وذلك تأسيسا على تقسيم زعيمهم الفكري ابن تيمية في الدول: دولة النبوة, ودولة الخلافة, ودولة الملك. وبما ان المسلمين منذ عهد معاوية بن ابي سفيان قد أقاموا دولة الملك وارتضوها وأسسوا مشروعيتها الدينية، فإن هذه الدولة كما يفترض شرعا وعقلا لا علاقة لها بدولة الخلافة، وكذلك الأمر مع الجماعة السلفية المعاصرة المكونة من مسلمي هذا العصر في أنهم ليسوا امتداداً لذلك السلف الصالح, بل ولا يمكن ان يدركوا أعتابه، وإنما يتخذون هذا المسمى لاعتقاد ملأ رؤوسهم بالوهم في أنهم كذلك. وحيث أنهم الآن ينقسمون الى ثلاث جماعات أو أجنحة فإن اثنين من هذه الثلاثة سيكون مع الفرق الضالة في النار وفقا للحديث النبوي (تفترق أمتي ...), والثالثة ستكون الفرقة الناجية بزعمهم. ولا أود الإطالة في هذا الجانب لان البحث فيه لا طائل من ورائه, لكن أود كشف أكذوبة اللاعنف في الفكر السلفي المعاصر (وكلمة فكر واسعة عليهم, لكن نقولها تجاوزاً), والادلة كثيرة.
لدينا أولاً كتاب د. حاكم المطيري "الحرية أو الطوفان" علماً بأن الحرية (السياسية) التي يدعو إليها الكتاب ليست من الدين في شيء. كذلك يتضمن الكتاب دعوة للثورة على الأنظمة الوراثية والعسكرية, والثورة بالطبع لن تكون بسيوف من خشب, ولا أعلم أن احد السلف الحاليين قد أنكروا على المطيري فيما ذهب إليه أو كتب ضده مفندا فكره, الأمر الذي يعني أنهم يوافقونه ولو بالاجماع الصامت, وعدم مواجهتهم لما ورد في الكتاب من عنف يدل على تأييدهم له. هناك ايضاً ما ظهر حديثا في المغرب العربي والعراق فيما يعرف ب¯(الجماعة السلفية الجهادية) وهي تتبنى العنف بشكل إجرامي لم يسبق له مثيل, بل وتفوقوا حتى على الجماعات الإرهابية. ولا شك ان هذه الجماعة المجرمة تستخدم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتبرير جرائمها, وما قرأنا قط لأي جماعة سلفية إدانة لهذه الجماعة, بل لم نسمع من أي جماعة سلفية إدانة لعمليات قتل الأميركيين في الكويت, ألا يعني هذا تأييدهم للعنف?أما على مستوى العنف اللفظي فقد قرأناه في مقالات د. عبدالرزاق الشايجي ضد اعضاء من السلف أنفسهم حين اختلفت وتفرقت بهم السبل لا اعادها الله الى الجماعة, وهي مقالات مشهورة يمكن العودة إليها في جريدة "الوطن". وأما مشروع الحدود الإسلامي الذي قدمه النائب السلفي د. وليد الطبطبائي وقام القانونيون بتفنيده, كما ان معظم الكتاب انتقدوه واضطر الى سحبه لاجراء بعض التعديلات عليه, وهو كمشروع لا يخلو من عنف قانوني باسم الدين. وأما موقف أي جماعة سلفية من أي مسلم يترك دينه فهو القتل دون تردد او استتابة ضربا بالخشب او الحبس أو إيذاء جسدي. لكن كل هذا العنف يتوقف عند قدمي الحاكم الذي لا يجوز حتى نصحه في العلن!! لا إله إلا الله. أين أنتم من حديث (المسلمون سواسية كأسنان المشط)? فالحاكم لأن لديه مصالح لا تجوز مناصحته علنا, لماذا? خوفا من المفسدة, لكن إيذاء الناس ليس مفسدة, بل يتقربون الى الله بايذائهم. اللاعنف أكذوبة اخترعتها الجماعة السلفية لتعطي لنفسها صورة مقبولة, لكن لا يصدق ذلك إلا الجهلة الذين لم يقرأوا لهم * نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: صديق عبد الهادي)
|
شكرا صديق عبد الهادى ظل الدكتور احمد البغدادى يواجه اصحاب العقول المتحجرة والتى تتاجر بالدين مبصرا بالاخطاء ومحذرا من النتائج وكانت معظم ارائه سليمة فهو المفكر الذى يؤمن برسالته ويقود مصباح التنوير لبلده وللمسلمين والعرب بلاشك .. وقد ادى امانته بكل تجرد ونزاهة ..كان صادقا فى نفسه ومع الاخرين ومتسامحا لابعد الحدود مع اعدائه الذين يهللون اليوم لموته ويكتبون ما يشينهمو و لا يؤثر على افكاره التى ستبقى طالما هى كلمة مكتوبة تستفيد منها اجيال واجيال .. رحم الله الفقيد الدكتور احمد البغدادى واحسن اليه والجنة مثواه فهى مثوى كل صادق ان شاء الله
تحياتى لك
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: ياسر احمد محمود)
|
شكرا ياسر على الاطراء على الفقيد وهنا اهديك اخر عمود كتبه مودعا الدنيا الفنية قبل ان يكتب وصيته
اقرا اوتاد
أوتاد
لم أعدم الأمل بشباب الكويت رغم تشاؤمي المعروف… ولا أملك سوى شكر طلبتي كثيرا ما يقولون و”وداعا وإلى لقاء” وبكل ألم لن أستطيع أن أقول لكم ذلك بسبب الظروف الصحية السيئة التي أمر بها الآن,أبنائي: لقد جمعتني بكم الجامعة وقاعات المحاضرات, لقد كانت أياما جميلة لن تعود مع الأسف الشديد, سنوات قضيتها في رحاب الجامعة ولم يخطر على بالي يوماً أنني سأعجز حتى عن توديعكم شخصيا.
أعلم تماما أنني لم أكن كما يقولون “كامل الأوصاف”, لكنني حاولت جهدي أن أقدم لكم كل ما لدي من علم عن موضوعات المحاضرات, موضوعات لم تتعلق بها حياتكم يوما, ولن تتعلق بها في المستقبل بعد التخرج, لكنها علم لا يستغني عنه العقلاء.أعلم تماما الأوصاف التي كنتم تطلقونها علي من وراء ظهري…” نحيس” … “لعين”, أسئلته صعبة , لا يقدر الظروف..لا يساعد في الدرجات..وهي آراء لا تخلو من الصحة, لكن ضعوا عيونكم في عيوني مباشرة وقولي لي صراحة: هل كنت مقصرا في شرح المادة العلمية? هل كنت أعاملكم بظلم او بمحاباة بعضكم على بعض? هل كنت أتغيب عن المحاضرات?
هل شعرتم يوماً بعدم العدل أو بالظلم عند حصولكم على الدرجات? هل استثنيت نفسي بالمحاباة بإتيان ما كنت أنهاكم عنه? ألم أكن حريصا ومذكرا دائما وبإلحاح لكم بأهمية الالتزام في الحياة? لم تكونوا يوما ما طلبة أغبياء, لكنكم كنتم طلبة كسالى بامتياز, وكنت لا أتردد عن قول ذلك لكم جهرا. ولا بد أن تعترفوا في المقابل أنكم كنتم كثيري التغيب وعدم الانتظام في الحضور وعدم الاستعداد بقراءة الموضوعات المطلوبة للمحاضرة, وما أكثر أعذاركم الواهية! كل هذه ” المتع ” ستظل ترافقني بقية حياتي التي سأقضيها بعيدا منكم. فما أقصر الطريق, وما أطول الآمال!أتدرون كم هي ممتعة حياة التدريس? وأصارحكم القول, لقد جلبتم المتعة لحياتي الشخصية.
قد لا تصدقون ذلك.لكنها الحقيقة… كنتم مرآة الزمن التي كنت أرى من خلالها شبابي الماضي. وبرغم مشكلاتكم سأعترف لكم اليوم بعد أن حالت ظروف المرض دون مقابلتي إياكم, أن الحياة معكم لم تخل من ضحكات عابرة ضحكناها معا في جنبات قاعة المحاضرات. كنتم تروني ديكتاتورا, وكنت أرى ضرورة تعليمكم الآن معنى وأهمية الالتزام قبل انغماسكم في خضم الحياة, كنت أجمع الكتب التي كنتم تتخلصون منها بعد تقديم الامتحانات, متحسرا على الأموال التي أنفقتموها دون إحساس بالمسؤولية, فاللامبالاة كانت لكم أسلوب حياة, ولست ألومكم في هذه المرحلة من الحياة الطائشة.خلال أكثر من ثلاثين عاما, استحضر اليوم أسماء طلبة تشرفت بتدريسهم, وفرحت لما وصلوا إليه من مناصب في الدولة, ومنهم من فرضوا أنفسهم بشقواتهم. الذاكرة لا تتسع لهم جميعا, لكنها تضم في خباياها,
الشاعر والباحث عقيل العيدان وحمد بورحمة ( سفيرنا في السنغال ), وعلي نخيلان (سفيرنا في السويد ), ومنصور مبارك وعلي الظفيري ( الخارجية ) ويوسف الهولي و “مدحت “, أقصد محمد ششتري ( يعلم ماذا أقصد ), وطلال المطر (زعيم الرواد ), وعبد العزيز الفلاح ( أفغانستان ) الذي بدأ دراسته معي مكفراً لكل الليبراليين ثم ينتهي به الأمر بإعادة التفكير في مفاهيمه الدينية بعد بعض النقاشات بشأن ما ورد في بحثه من مغالطات, وهو اليوم بحمد الله أكثر عقلانية, وفيصل العنزي وحسين الصباغة وسالم المذن وسالم المري, وحتى أوس الشاهين زعيم طلبة “الإخوان المسلمين” في الجامعة, والذي رسب بسبب التغيب, ثم تقدم بالشكوى ضدي! ولا يعلم سوى الله إلى أين وصلت اليوم هذه الشكوى, والأوزبكستاني نور الدين وابن البحرين, إلى جانب الطالبات اللواتي تمنعني العادات والتقاليد من ذكر أسمائهن…لكل هؤلاء الشكر على إسعادهم إياي بتكاسلهم والصد عني حين كنت أحرجهم بالأسئلة,
أشكر الذين واللواتي شاركوا وشاركن في النقاش ليشعروني أن الدنيا لا تزال بخير, وأن الكويت لا تعدم شبابا نافعا.اليوم والمرض يقعدني عن مقابلتكم لأشكركم على تلك اللحظات السعيدة والمزعجة, لا أملك سوى التمنيات لهم بالتوفيق سواء أثناء دراستهم وبعد تخرجهم, وليتذكروا أن لي نصيباً في كل ما يحققونه في حياتهم, لا شك أن الحياة ستلهيهم بمشكلاتها, لكنهم لن يعدموا سويعات ترجع بهم إلى سنوات الجامعة بحلوها ومرها, وقد يتذكرون أستاذا حاول جهده أن يعلمهم أهمية الالتزام وأن يبين لهم أهمية العلم, من هؤلاء من شكرني بعد سنوات طويلة بعد التخرج…وخلال هذه السنوات الطوال لا أفتخر بشيء كافتخاري بما قاله لي أحد أصدقائي الأعزاء يوم زارني في الجامعة, كان يبحث عن مكتبي.. فسأل أحد الطلبة العابرين في القسم, فقال له الطالب معتقدا أنه أحد الطلبة: إذا كنت تريد علما, عليك بالدكتور البغدادي, أما إذا كنت تريد درجة, فلا تسجل عنده! وبرغم أن هذا الطالب قد وضع من دون قصد وساما على صدري, إلا أنه كغيره من الطلبة لم يعلم كم ساعدت من طلبة كانوا على وشك الفصل من الجامعة, وطلبة قبلت أعذارهم الواهية حتى لا يرسبوا بالغياب,
واخرون تركتهم يتوسلون الدرجة, ولم يعلموا أنهم حصلوا عليها بمساعدتي, لأنني أردت أن يؤمنوا بأنفسهم, كنت كغيري من الأساتذة الأفاضل, نضع التقديرات على ورقة الأسماء, ثم نستغفر الله على “مبالغتنا” وأحيانا “كذبنا ” في هذه التقديرات. وكم كنت أمزح مع بعض الأخوة قائلا لهم بعد رصد الدرجات: ولا حتى ماء زمزم يطهرنا مما “اقترفناه”من جناية بحق العلم والتعليم…وكان رد معظمهم” يا معود.. إهي اوقفت على هاذي”, الديرة كلها خربانة. كان ردهم يحمل الكثير من الصحة ومن الألم, مثل هذه الردود تجعلك وكأنك تحرث في البحر, لكنني لم أعدم الأمل بشباب الكويت رغم تشاؤمي المعروف, لم نكن نملك غيرهم, ولم يكن أمامي سوى الإيمان بقدراتهم على التغيير.في العزلة التي فرضتها الظروف الصحية السيئة علي, لا أملك سوى شكركم من بعيد على كل لحظة كسل وتقاعس, وكذبة بيضاء والتعلل بالأعذار الواهية…حتى ساورني الشك أن أحدكم قد لا يمانع في وفاة أحد أقربائه لمجرد تقديم عذر حتى لا يُفصل من المقرر بعد أن تجاوز النسبة المحددة قانونا! مرة أخرى أشكركم لأنكم أدخلتم المتعة البريئة إلى حياتي.لكن ما أريده منكم حقا أن تتذكروه…الالتزام في حياتكم العائلية والوظيفية, لا شك أنكم ستنسون الكثير مما تعلمتموه, لكنني أثق بكم.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
قالوا عن الراحل الكبير الدكتور البغدادى
رشيد الخيّون أحمد البغدادي و استخدام العقل! تاريخ النشر: الأربعاء 18 أغسطس 2010
فقدت العلمانية- ليست حسب نعت "الإخوان المسلمين" وأحفادهم - خلال فترات متقاربة ثلاثة من الأعلام: عابد الجابري، نصر حامد أبو زيد، وأحمد البغدادي. كان لكلٍّ منهم أسلوبه وتأثيره. لكن ما يجمعهم هو مقاومة استلاب العقل. على أن الانتصار للعقل تصدى له علماء دين كبار أيضاً، من الأولين والمتأخرين، اجتهدوا من أجل تقدم الحياة، وإلغاء المواءمة ما بين الدِّين والجمود. ما لفت نظري في ردة فعل المتشددين على انقضاء آجال الثلاثة هو اعتبار موتهم عقوبة وسموهم بالهالكين، غير أن موت أقطابهم يعني كرامةً ففي موتهم آية من الآيات، قالوها للانتحاريين الذين يقتلون المئات، بعد إنشاد قصائد الهلاك.
دعا الحال الأستاذ أحمد البغدادي الكتابة بما حُوكم عليه، ففي 5 أكتوبر 1999 مثلَ أمام المحكمة بتهمة الإساءة إلى الدِّين، ورمي بالسِّجن، بدعوى المس بالرَّسول الكريم، لتفسير مفردة "فشل"، وقضى أسبوعين سجيناً، مع أن كلَّ كاتب تخونه المفردة، إلا أن المعنى يبقى واحداً، فماذا قالت كتب التاريخ، والحديث النَّبوي، عن معركة أُحد مثلاً! وبماذا تحدثت كتب السِّيرة، عن اضطرار النَّبي صلى الله عليه وسلم للجوء إلى الطَّائف، بعد اليأس من قريش! إنها مفردات اللُّغة، وردت بلا تقعر في آي القرآن ومتون الحديث. ألم يرد قوله تعالى: "كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْي مِنَ الْحَقِّ"(الأحزاب: 53)، أقول: لماذا الشدِّة، والتربص!
لكن أمير الكويت آنذاك استمع للنداءات فأصدر عفواً أميرياً. شعر حينها الاُصوليون بالخذلان، لأنهم يريدون الأمور أن تجري حسب منطلقاتهم، بهضم الآخرين، فظلوا يتحينون الفرصة حتى نشر البغدادي: "أما لهذا التخلف من نهاية"، في "السياسة" الكويتية، رداً على زيادة دروس الدِّين على حساب بقية العلوم. فاُتخذ الردُّ مساساً بالدِّين، وحكم حينها (19 مارس 2005) بالسِّجن لسَّنة واحدة مع وقف التَّنفيذ، والتَّعهد "بعدم العودة إلى الإجرام". إنها طامة كبرى عندما يوصف مفكر مثل البغدادي مجرماً، بينما الانتحاري شهيداً!
في حالة مشابهة تعرض الأستاذ الجامعي السعودي حمزة المزيني للموقف نفسه، فبسبب مقال حُكم عليه بالجلد، وأخبرني أنه كادت تنفذ به العقوبة، لولا أن الحريصين على كرامة الأستاذ الجامعي، سعوا لإصدار إرادة ملكية، فنجا المزيني من الهلاك، وهي حالة تكررت بالسُّودان، واليمن، وبلدان أُخر، لكن من دون منقذ. يحدث ذلك لمحاولة المتشددين إظهار أنفسهم حماةً للدِّين، مع أن الأمر يتعلق بالتديّن، وهو من صنع الرِّجال، لا بالدِّين نفسه.
فتاوى مستلة: "الشِّفا بتعريف حقوق المصطفى"، لليَحصُبي (ت 544 هـ)، أو "الصَّارم المسلول على شاتم الرَّسول" لابن تيمية (ت 728 هـ)، وما فيهما مِنْ عقوبات مروعة. مع أن الدِّين إيمان وقناعة. تقول الآية: "وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا"(الفرقان: 72)، وتقول أخرى: "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ"(الأنعام: 108). فمَنْ له مصلحة أو جرأة على الإساءة للرَّسول صلى الله عليه وسلم، وهو محط تكريم وتبجيل الجميع، وإن حصل لا سمح الله فهو لغو، حسب الآية الأولى، وهو ردة فعل، حسب الآية الثانية، فاسمعوا لأئمة المنابر العشوائية، كيف يتقصدون النَّاس وينالون منهم، بسبب مخالفة آرائهم بما يتمنطقون به من البراء والولاء.
إن فوضى المدارس الدِّينية، والدراسة الدِّينية، التي انتقدها أحمد البغدادي، في فترة ما بعد الجهاد بأفغانستان، غدت مخيفة ومقلقة حقاً، فالعديد منها يتخذ من "الشُّروط العُمرية"، ما يخص معاملة أهل الذِّمة، وهي واحد وعشرون شرطاً، مادة لها، فماذا يُرجى من تلك الدُّروس والعالم يتقدم نحو الحوار بين الثَّقافات والأديان! ولا يعني أن البغدادي عندما أعلن أنه يريد تعليم ولده الموسيقى والكيمياء والفيزياء أنه خرج من الدِّين، وكيف لهذه الأمم أن تتطور إذا لم تركز عنايتها على تلك العلوم.
أتذكر أن مدرس الكيمياء، في المدرسة المتوسطة(1968)، كان يشدنا إلى الدُّروس العلمية، بكتابة الآية على السَّبورة أمامنا: "إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطَانٍ"(الرَّحمن: 33)، محذراً من التَّهاون بهذه العلوم، في وقت كان السعي جاداً للصُّعود إلى القمر، بينما رجال دِّين كانوا يستهزئون من هذه الخطوة علانيةً. أليس مدرسنا والبغدادي يريدان لهذه الأمم الخاملة على ما يبدو، والتي مازالت غير قادرة على صناعة إبرة الخياط، الالتحاق بركب الحضارة العلمية!
يغلب على الظن أن المعتزلة عندما اعتبروا العقل هو الأول، قبل النُّصوص، وتبنوا مقالة "الفكر قبل ورود السمع" كانوا يحرضون على استخدام العقل، ولا انتقاص من رأي باحثين آخرين لاعتبارهم ظهور المعتزلة دفاعاً عن الإسلام ضد الثَّقافات الأُخر، التي اختلط بها العرب حاملو لواء الإسلام، أقول: إنما حتم وجودهم (المعتزلة) هو تراجع العقل، بما وضع من الأحاديث، وما سرى من فتاوى، وخُلق من روايات، تُشل العقل عن الحركة، ولولا هذا العقل، الذي انتصر له المعتزلة، وهو السُّلطان، مثلما ورد في الآية، وشرح لنا مدرس الكيمياء، الذي به سيتدبر المسلمون مركبة فضائية، وينفذون إلى عالم الفضاء الرحيب، إذا استخدم بموضوعية.
كذلك فإن الإكثار من دروس الدِّين على حساب بقية العلوم، والبقاء على آيات المودة والسَّلام والمحاججة وقبول الرَّأي منسوخة بآية "السَّيف"؛ مثلما سماها هبة الله البغدادي (ت 410 هـ) في "الناسخ والمنسوخ"، هي دافع أحمد البغدادي إلى التَّنبيه لتلك الظاهرة، فما علاقة ذلك بالإساءة للدِّين! على العكس أراه انتصاراً للدِّين، لكن غير الذي يتخذه الإسلام السِّياسي سيفاً على الرؤوس. فهل رأيتم في موقع أو جريدة من جرائد التَّشدد آية "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"، أو الآيات التي شرعت الاختلاف: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ" (هود: 118)، وإن ذكروا تلك الآيات فلا يتركونها بلا تفسير وتأويل لنصرة التَّشدد، وخنق الحياة! وهذا ما نطق ضده نصر حامد أبو زيد والبغدادي.
كان البغدادي جريئاً في ما ذهب إليه، يعتز برأيه، وربما مشاركته للدَّاعين إلى محكمة دولية للمفتين بالقتل، من مختلف الأديان، تحمي مَنْ لا يملك سوى لسانه وقلمه، وكان هو قاب قوسين أو أدنى بفتوى أحدهم، إنه سبب آخر يضاف إلى الهجمة الشَّرسة ضده، حتى قضى شطراً من حياته حذراً، من شاهر خنجر مارق.
إغلاق جريدة الاتحاد الأربعاء 08 رمضان 1431 - 18 أغسطس 2010م www.alittihad.ae ------------------------------------------
جريدة الجريدة العدد 1014 - 18/08/2010 تاريخ الطباعة: 18/08/2010 اطبع
-------------------------------------------------------------------------------- في رثاء د. البغدادي...الأفكار لا تموت د. بدر الديحاني [email protected] ندرك ونحن نودع الزميل الإنسان المتواضع المفكر الراحل د. أحمد البغدادي أن الوداع قاسٍ جداً على النفس البشرية، إلا أن عزاءنا هو أننا على ثقة تامة بأن أفكار الزميل الراحل الجريئة ستظل باقية حتى بعد رحيل جسده الضعيف لأن الأفكار لا تموت.
لقد رفع الراحل د. البغدادي، الملتزم دينياً، صوته عالياً واضحاً ضد محاولة بعض التيارات الدينية إيهام الناس بأنها تحتكر الحقيقة في تفسير أحداث التاريخ الإسلامي، بيد أنه لم يدعِ أنه يمتلك الحقيقة الكاملة، بل إنه ظل حتى آخر أيامه يدافع بقوة عن حق الإنسان في التعبير عن رأيه واستخدام عقله في تفسير الظواهر والأحداث الدينية التي لعبت دوراً مؤثراً في تشكيل الفكر الإسلامي والتي تدَّعي التيارات الدينية أنها صاحبة الحق المطلق في تفسيرها، رغم أن التاريخ الإنساني يثبت لنا أنه ليس هناك حقيقة كاملة في تفسير الظواهر والأحداث التاريخية إذ إن الحقيقة تظل دائماً نسبية تتحكم فيها ظروف الزمان والمكان وطبيعة القوى المسيطرة.
لم يكن د. البغدادي وحيداً في هذا الميدان إذ سبقه الكثير مثل المفكرين الكبيرين الراحلين حسين مروة ود. فرج فودة، اللذين اغتيلا بسبب آرائهما الجريئة التي لم تطالب إلا بإعادة قراءة الأحداث التاريخية وإعادة تفسير المحطات المفصلية المهمة التي لعبت دوراً رئيسياً في مسار الحضارة العربية الإسلامية بشكل آخر مختلف تماماً عما هو سائد من تفسير يروّج له الإسلام السياسي. كما سبق د. البغدادي أيضاً المفكر الراحل د. نصر حامد أبوزيد ود. سيد القمني، اللذان تم تكفيرهما وتعرضا للكثير من المشاكل الحياتية بسبب آرائهما الجريئة في إعادة قراءة الأحداث والظواهر الدينية بطريقة جريئة.
ولعله من الأهمية بمكان أن نؤكد هنا أن هؤلاء المفكرين التنويريين الذين قدموا لنا رؤية جديدة ومختلفة لكيفية قراءة التراث العربي الإسلامي لم ينطلقوا من موقف عدائي مبدئي ضد الدين الإسلامي، بل على العكس من ذلك تماماً، فإنهم كانوا من الملتزمين دينياً، كما هو حال الزميل الراحل د. البغدادي الذي نعرفه شخصياً إذ زاملناه في الجامعة سنواتٍ طويلة، وكل ذنبهم أنهم كانوا من أشد المدافعين عن أهمية دراسة التاريخ والتراث الإسلامي بروح جديدة تستخدم العقل من أجل استخلاص العبر باعتبارهما، أي التاريخ والتراث، من صنع البشر وليس لهما قدسية، بل إن إعادة قراءتهما وتفسير الأحداث التي تشكلا منها يحتملان الصواب كما يحتملان الخطأ أيضاً، لذا فمن الطبيعي أن يكون هناك أكثر من قراءة وأكثر من تفسير للتاريخ والتراث البشري إذ يمكن تناولهما من زوايا عدة تفرضها ظروف الزمان والمكان وطبيعة المرحلة التاريخية.
لهذا فإن دعوة هؤلاء المفكرين تتلخص في ضرورة إعادة قراءة التاريخ الإسلامي من جديد باستخدام العقل لا العاطفة، وذلك من أجل تجديد الفكر الإسلامي ليتناسب مع روح العصر ومتطلباته كما كانوا يقولون في كتاباتهم ومؤلفاتهم العديدة. لذا فليس غريباً أن يكون عنوان أحد أهم مؤلفات د. البغدادي هو 'تجديد الفكر الديني... دعوة لاستخدام العقل'.
ليس من الضروري أن نتفق مع كل ما طرحه د. البغدادي أو غيره من آراء وأفكار إذ إنها قابلة للنقاش والنقد والاختلاف، كما هو حال أي أفكار أو آراء بشرية، بيد أننا لابد أن نحترمها أولاً ثم نخضعها بعد ذلك للتحليل والنقاش العلمي مع الأخذ في الاعتبار أنه من المستحيل منع العقل البشري من التفكير، كما أن الافكار النيّرة والجريئة لا تموت أو تتوقف مع توقف قلب مبدعها عن الخفقان، بل إنها تبقى حية وتتناقلها العقول جيلاً بعد جيل مادام العقل البشري قادراً على التفكير.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
----------------------------
. رضوان السيد أحمد البغدادي والصراع على الإسلام تاريخ النشر: الخميس 12 أغسطس 2010 صدمتني وفاة الصديق الكويتي الدكتور أحمد البغدادي، كما صدمتني من قبل وفاة الدكتور نصر حامد أبو زيد. ومع أنهما عانيا من المشكلة نفسِها (أي الصِدام مع تيارات الإسلام الاُصولي والسياسي)؛ فإنّ البدايات ما كانت متشابهة، كما أنّ "المشروع" مختلف. فقد بدأْتُ بالقراءة للدكتور البغدادي في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، وقد كان معنياً بالتراث السياسي الإسلامي. وبسبب تشابُه الاهتمام؛ فقد جذبتني دراساتُهُ في هدوئها وعلميتها ودقْتها. وقد علمتُ قبل أن أتعرف عليه شخصياً عن طريق الراحل الدكتور أحمد الربعي، أنّ البغداديَّ كان قريباً من "الإخوان"، لكنه استقلّ عنهم، وانصرف للدراسات والبحوث الأكاديمية. ثم التقيتُهُ في أواخر الثمانينيات، وتناقشْتُ معه في دراسةٍ ونصّ. أمّا الدراسةُ فكانت عن الفقه الدستوري في الإسلام، وأمّا النصّ فكان تحقيقاً جديداً للأحكام السلطانية للماوردي. والدكتور البغدادي يُعالجُ النصّ السياسيَّ الإسلامي من وجهة نظر أستاذ العلوم السياسية، لذلك فهو يهتمُّ بأمرين: المنظومة السياسية التي ظهر النصُّ السياسيُّ الإسلاميُّ في سياقاتها، والتوظيفات الحديثة الممكنة للنصوص السياسية الكلاسيكية. ولا أذكُرُ الآن إن كان البغدادي قد دخل على خطّ الجدال مع الإسلاميين (إخواناً وسلفيين) قبل غزو الكويت أو بعدها. لكني بدأتُ اقرأُ له في أواسط التسعينيات مقالاتٍ وأُشاهد مقابلات تلفزيونية، بدا فيها عنيفاً تُجاه الخطاب الديني والسياسي للإسلاميين الحزبيين وغير الحزبيين. وكان الدكتور نصر حامد أبو زيد وقتَها يُُصارع الإسلاميين بمصر في مجالين: مجال خطابهم الديني والسياسي، ومجال مشروعية عمله في قراءة النصّ القرآني قراءةً أدبيةً وتاريخية. والمعروف أنّ الإسلاميين المصريين ما استطاعوا الصمود في وجهه في هذين المجالين، فَجرُّوه إلى المحاكم بتهمة الكفر، وتوصلوا إلى قرارٍ أوليٍ بتطليق زوجته منه! لكنّ أبو زيد ظلَّ مصراً على الاختلاف مع خصومه في مسائل السياقات وتأويلات النصوص، وما قاده الجدال إلى أبعد من ذلك، من مثل إعادة قراءة قضايا الوحي والنبوة، والصورة السائدة عن التاريخ الإسلامي الأول، وظلَّ مقتنعاً بإمكان قراءة القرآن والسيرة النبوية قراءةً تنويريةً وإصلاحية. وهي الاُمور التي ما توافرت ظروفُها ولا شروطُها في حالة البغدادي. وربما سَّهلَ الأمر على الراحل أبو زيد، وأعاد إليه بعض التوازُن، اضطراره للهجرة إلى أوروبا، حيث انصرف لدراساته، وانتظمت حياتُهُ من جديد.
ولست أعرفُ التفاصيل التي قادت الدكتور البغدادي لهذا الصدام المدوّي مع إسلاميي الكويت، ثم مع ما يُعتبر "معلوماً من الدين بالضرورة". إنما الذي نعرفُهُ جميعاً، أنّ الأجواء الكويتية أكثر ضيقاً وحرارةً ونزاعاً وصوتاً عالياً مقارنة بالأجواء المصرية على قتامتها وانقساميتها. وقد بدا لي البغدادي، في بعض ما نشره في الصحف قبل النزاع في المحاكم، عنيفاً عنفاً كان يحسبُهُ موجَّهاً إلى "خطاب" الإسلاميين، لكنه في الحقيقة مضى كالسهم باتجاه إعادة قراءة القديم كلّه (نصاً وتاريخاً) قراءةً حداثيةً إنكارية. وقد قابلْتُهُ في أحد المؤتمرات في أواخر التسعينيات، وأعطيتُهُ مقالةً لي عن "قراءات الاستشراق الجديد للقرآن" باعتباره نصاًً سريانياً مترجماً، فنظر فيه نظرةً سريعةً، ثم قال لي: أعرفُ بعضَ ما ذكرْتَهُ من مصادره، لكنّ توفيقيتك وتسويتك لن تقودَك إلى شيء، فهم يكرهونك مثلما يكرهونني أنا وخليل عبد الكريم وعزيز العظمة وأركون!
ولستُ هنا في معرض تقييمٍ أخلاقيٍّ أو دينيٍّ لما كتبه الدكتور أحمد البغدادي أو كتبه خصومه. فقد قطعوا معه قبل أن يقطع معهم، كلَّ الخطوط الحمر والزُرق والصُفْر! بيد أنّ العقود الأخيرة كانت من القتامة والانقسام في المجالات الفكرية والدينية والسياسية، وفي سائر أنحاء العالم العربي، بما يترك "الحليم حيران" كما كان المسلمون الأوائل يصفون "الفتنة". ولنتذكَّر أن العقدين الأخيرين بدآ بغزو العراق للكويت، وغزو أميركا للخليج، ثم حوصر العراق وجُوِّع، ثم غزت "القاعدة" أميركا، وغزت أميركا أفغانستان والعراق، وخربت عشرات الدول العربية والإسلامية، فازدادت الاُصولياتُ تعْملُقاً، واتخذت أبعاداً جماهيريةً أُسطوريةً، وصار الحجابُ بل البُرقُع أساس الدين والدنيا، كما صار كُلُّ مَنْ يقول شيئاً مهما بلغت براءتُهُ منشقّاً متّبعاً لأقاويل المستعمرين والمستشرقين وعُتاة الصليبية المُعادية للإسلام! وما كان من رأْيي في الكتابات الكثيرة، صحفيةً وغير صحفية؛ التربيتَ على الجراح، لكني ما استطعتُ تجاهُلَ الإسلاموفوبيا التي توازتْ وترافقت في الغرب والشرق مع التعملُق الأُصولي في ديارنا. أمّا صديقي الدكتور أحمد البغدادي فقد أراد التحرر من تأويلات الإسلاميين للنصوص، ثم تجاوز ذلك إلى نقد الفهم السائد تاريخاً وحاضراً، فاصطدم بالطبع بالإسلاميين، ثم اصدم بالمناهج الدراسية الكلاسيكية، ومضى وراء مناهج القراءة المعاصرة والجذرية للنصّ والتاريخ معاً. وما فارقته معارفُهُ التراثية والحديثة، وإنما فارقه التهيُّبُ- الذي صاحب ويصاحب كثيرين منا- وفارقته ثوابتُ التفريق بين الإسلاميين والإسلام. فمن نلوم: هل نلوم العقائديين الذين اعتبروا -شأن الحكام التقدميين العرب- أنّ طليعيتهم تبرر لهم كل شيء، أم نلومُ البغدادي وزملاءه الذين أرادوا أن يبقوا صادقين مع أنفسهم ومع بني قومهم؟!
لقد نشب في العقدين الأخيرين صراعٌ مستميتٌ على الإسلام، وتجلّى بأشكالٍ حربيةٍ وإعلاميةٍ وسياسيةٍ وفكرية، وشاركت فيه عدةُ جهات: الأميركيون (والأوروبيون)، والإسلاميون، والأنظمة، والمثقفون المسلمون. وكان المثقفون هم الفئة الأضعف والأقلّ تأثيراً، لأنهم ما كانوا مشاركين في الصراع على السلطة. وكان منهم من اعتبر أنّ المهمةَ الآن استعادة التوازُن، وصَون الاستقرار، وعدم قطْع الصلة بالجمهور، والخوض مع الإسلاميين في نقاشٍ وحوارٍ بشأن المسائل الكبرى باعتبارنا ننطلقُ من مواقع مشتركة. أمّا الدكتور أحمد البغدادي وفريقه، فقد رأى أنّ الإسلام الذي يحمله الأصوليون المسيطرون على الجمهور يملكُ بوجوه ضعفه ونشازه ورؤيته الاختزالية للإسلام والعالم، ما كان يسمّيه الأستاذ مالك بن نبي: "القابلية للاستعمار". لذلك فقد اعتبر أنّ مهمته تظلُّ تحريريةً وتنويريةً، وانتصاراً للمجتمع المدني، والحريات الفردية، والدولة الحديثة.
أمّا الصراع فما انتهى وإنما تطامنت أمواجُه. وأما التفكير الإسلامي ففي محنةٍ كبرى بشأن الأمانة والجدوى ورؤية المستقبل. ورحم الله الدكتور البغدادي والدكتور الربعي والدكتور أبو زيد، الذين ناضلوا بدون خوفٍ ولا وَجَل، إلى أن غَلَبهم المرضُ والموت:
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تنوعت الأسبابُ والموتُ واحدُ
إغلاق جريدة الاتحاد الأربعاء 08 رمضان 1431 - 18 أغسطس 2010م www.alittihad.ae ------------------------------------
ترجل فارس الكلمة الحرة أحمد البغدادي (صوت العراق) - 11-08-2010 ارسل هذا الموضوع لصديق
بقلم: داود البصري
برحيل الأستاذ الدكتور أحمد البغدادي للرفيق ألأعلى تفقد الكلمة الحرة في الكويت واحد من أبرز و أشجع فرسانها ، كما فقد الفكر في الخليج العربي و العالم العربي واحدا من المبدعين الذين برزوا في سوح الفكر و المواجهة العقلية و أثاروا ما أثاروا من آراء قد يختلف عليها القوم و تختلف فيها الرؤى و لكنها في النهاية تعبر عن الإجتهاد الفكري الحر الملتزم بالثوابت ، لقد عاش الأستاذ الدكتور أحمد البغدادي مرحلة من أهم مراحل التكوين و البناء الوطني و برز في مرحلة إبداع العناصر الوطنية الذين أضافوا لساحة الفكر العربي إضافات مهمة ، و كغيره من المجتهدين و أصحاب الآراء الحرة فقد دفع من دمه و أعصابه و راحته و صحته ثمنا غاليا في سوح المواجهة الفكرية ، ترحل الأجساد و الأبدان و تختفي الشخوص و لكن الأفكار تظل أبد الدهر هائمة ومنفتحة على الجميع و تخضع للتغيير و التبدل و التنقيح في متلازمة تاريخية مستمرة في حياة الشعوب ، لقد كان الأستاذ الدكتور أحمد البغدادي قلما رشيقا و فكرة أصيلة و منهج فكري واضح وثابت الأركان تزينت بقلمه و أفكاره صفحات صحيفة ( السياسة ) التي تمثل بدورها قلعة كويتية مهمة من قلاع الفكر الحر الملتزم بالثوابت ، كما خسرته اليوم بإعتباره واحدا من نجوم القلم و الفكر و الإبداع ، فالبغدادي سيظل أبد الدهر الحاضر الغائب في إرشيف الأقلام الحرة التي إحتضنتها السياسة ووفرت لها كل مجالات و أشكال التعبير الفكري الحر ، و المصاب الجلل بفقدان الدكتور البغدادي ليس حكرا على عائلته الصغيرة و لا على زملائه و منبره و قرائه و متابعيه و محبيه بل أنه يشمل الوطن الكويتي الصغير بحجمه الكبير بحريته و تسامحه و إسهاماته الفاعلة في تطور الفكر العربي ، و برحيل البغدادي إنطوت صفحة مهمة من صفحات الصراع الفكري و ستستمر قافلة التطور و الإبداع عبر الأجيال الجديدة و الناهضة التي نهلت من فكر البغدادي الذي كان مؤمنا إيمانا لا يتزعزع بقيم الحرية و الإنطلاق و التسامح و الجمال ، وكان عدوا شرسا للتطرف و التعصب بكل أشكاله و صيغه ، سيختفي إسم أحمد البغدادي من صفحة المقالات اليومية و لكن إسمه و فكره و مساهماته الحداثية لن تختفي أبدا من تراث و تاريخ الحرية في الكويت و التي أينعت أوراقها و زهورها لتنتج جيلا طويلا و عريضا من الأحرار و المبدعين و المثقفين ، فبالأمس القريب فقدنا واحدا من أروع و أبدع أقلام الحرية المسؤولة وهو المرحوم الدكتور أحمد الربعي الذي ترك فراغا لا يعوض بسهولة ، فالرجال المتميزون لا يتكررون كثيرا في حياة الشعوب ، و اليوم يفارقنا جسدا الدكتور أحمد البغدادي ، وبين ( الأحمدين ) مسافات مشتركة واسعة من الحرية و الشغب الفكري و المناكفة الفكرية إلا أنهما كانا علامات فارقة كبرى في مسيرة الثقافة في الكويت العربية الحرة التي كانت ولازالت نموذجا لكل فكر حداثي متطور ، نعزي أشقائنا شعب الكويت العزيز برحيل إبنهم البار ، كما نعزي الوسط الإعلامي و الصحفي الكويتي و نعزي بشكل خاص عائلة الفقيد الصغيرة برحيله وقد ترك لهم ذلك الإسم الرائع الذي سيفخرون به على مدى الأيام... وداعا يا أستاذنا الجليل الذي تخرجت على يديه طاقات شبابية كبرى تقود اليوم مسيرة الحرية و الإبداع و التطور في الكويت.. وداعا يا دكتور أحمد البغدادي و عزاؤنا الوحيد يكون في كوننا جميعا على دربك سائرين ، فكل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام..ولا حول و لا قوة إلا بالله.
dawoodalbasri -----------------------------
وهلك الملحد! د. ساجد العبدلي [email protected] الجمعة الماضية، وبعدما فرغنا من صلاة الجمعة، إذا بالخطيب يستوقف المصلين لكلمة إضافية، فجلس أغلبهم للاستماع، وكنت من هؤلاء الذين جلسوا.
في الجزء الأول من حديثه، تحدث الخطيب عن أهمية الاستفادة من أوقات رمضان في النافع من الأعمال، منبهاً إلى خطورة إضاعة الوقت أمام الفضائيات في هذه الأيام المباركة، وهذه دعوة طيبة ولا شك، لكن 'غير' الطيب كان في الجزء الثاني من كلمته، حيث تحدث عن وفاة د. أحمد البغدادي، وانطلق هادراً غاضباً، حتى وصل إلى نعته بالإلحاد وأنه قد هلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
لم تسنح لي الفرصة لأن ألتقي الدكتور البغدادي، رحمه الله، في حياته، ولم أعرفه إلا من خلال قراءاتي المتفرقة العجلى لبعض ما كتب هنا وهناك، وأعترف بأني لم أكن على وفاق مع خيوط أفكاره التي كان بعضها يتكشف لي، لكن ما عرفته يقيناً عن الرجل، وبشهادة من أثق بهم، هو أنه كان مصلياً صائماً، ولم يكن ملحداً أبداً، وحتى لو لم أكن أعرف عنه شيئاً في هذا الجانب على الإطلاق، فلم أكن لأملك الجرأة أمام الله لأن أقول في حقه شيئاً مثل هذا، ولا أدري كيف لأحد أن يقدم على شيء من هذا دون خجل أو وجل؟! صحيح أن للبغدادي كتابات وتصريحات مثيرة حمالة للكثير من التأويلات، ولكن أبسط ما أعرفه عن الدين هو أنه ما دام أحد، أي أحد، يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن علينا أن نحمله على المحمل الحسن ما لم يقل غير ذلك صراحة وبكل وضوح لا يحتمل التأويل.
كما أني أتساءل، ما جدوى وفائدة مثل هذا الكلام، أعني اتهام رجل توفاه الله وأفضى إلى ما قدم بالإلحاد؟ ما الفائدة التي ستعود على جمهور من المصلين، كان أغلبهم من الآسيويين، وكبار السن، والبعيدين كل البعد عن البغدادي وعن كتاباته وأفكاره؟! وأيضاً لو كان هذا الخطيب يدين لله حقاً بما قال ولا يخشى فيه لومة لائم، لماذ لم يقله من على المنبر، حيث الخطبة مسجلة مرصودة؟ ولماذا انتظر إلى ما بعد الصلاة حيث توقف التسجيل؟!
لست هنا في معرض الدفاع عن البغدادي، فأنا كما أسلفت لا أعرف الرجل، ولعلي إن اطلعت على ما كتب بشكل متعمق فسأنتهي إلى أن أكون مع من يختلفون معه فكرياً وبشكل جذري، لكنني هنا أدافع عما أعتقد أنه حق ضد ما أعتقد أنه باطل. أدافع عن الدين الصحيح الذي أعتنق وأفهم. دين الإنسانية والكرامة والارتقاء.
ما بدر من هذا الخطيب كان مسيئاً بحق، ولم يكن لائقاً أن يقال في المسجد على الإطلاق، وكم أتمنى على وزارة الأوقاف لو هي ضبطت مثل هذه الأمور، حتى لا تصير المساجد مستباحة لترويج هذه الأفكار ومثيلاتها على يد البعض ممن لطالما خانتهم الحكمة ولازمهم سوء التقدير.
--------------------------
البغدادي... قساوة الحياة والموت ناصر الظفيري [email protected] التقيت الدكتور أحمد البغدادي مرتين، الأولى وهو يزورنا ويواظب على الحضور معنا في ملتقى الثلاثاء، الذي كان يقام في مكتب أستاذنا وعميدنا الأدبي إسماعيل فهد إسماعيل، والمرة الثانية في قصر العدل حين حوكمت الأديبتان ليلى العثمان وعالية شعيب بتهم التطاول على الدين والكتابة الجنسية. وفي ذلك الوقت أيضاً كان الدكتور البغدادي يحاكم من جراء إحدى مقالاته. ولن أتطرق إلى المحاكمات لأنني أثق بالقضاء وأنزهه عن الانسياق خلف رغبة تيار ما على حساب تيار آخر. المهم في الموضوع هو الرجل الذي رحل شامخاً مناضلاً بقلمه نحو تحرير العقل من سطوة الوهم.
في ملتقى الثلاثاء كان حضور البغدادي دعماً قوياً لنا نحن الكتاب، وكنا ننتظر تعليقاته ونقاشه لما نطرحه من أفكار، إلا أن العكس هو ما كان يحدث، فالرجل كان يتمتع بأدب الإصغاء، ويستمع أكثر مما كان يتكلم، وفي كل مداخلة يقدم اعترافه بأنه ليس ناقداً أو أديباً، وإنما جاء ليستمع لما يقوله الشعراء والروائيون. وفي عودة ملتقى الثلاثاء ثانية في العام الماضي انقطع البغدادي عن الحضور وهو يحمل جسده المرهق من مشفى الى آخر.
حياة البغدادي أغضبت أقلام الإسلام السياسي ووقوفه في وجه أطروحاتهم الداعية إلى تغييب العقل والتشكيك في العلم، وتقديمهم التهم الجاهزة لأصحاب العقول العلمية، واتهامهم باتهامات لا أساس لها في الواقع وإنما محاولة إبعاد الناشئة عن الاستماع والقراءة لهؤلاء 'الليبراليين' 'العلمانيين'، وربما كان آخر هذه التهم التهمة /النكتة التي أطلقها أحدهم بأن العلماني ناكح أمه. هذه الأقلام لم تجد ما ترد به على أصحاب النظرة العقلية سوى توزيع الاتهامات الشاذة وتقديمهم للمحاكمات تحت قوانين الحسبة. وقادت هذه القوى الدكتور البغدادي الى القضاء ليأتي متواضعاً واثقاً من كل كلمة قالها وحقه في قولها. الدكتور البغدادي لم يكن قلماً راجفاً خائفاً من ضجيج الأصوات، وبقي 'وتداً' صلباً في زاويته أوتاد يعمل نحو الخروج من الماضي والإقرار بفشل المشاريع المتحجرة التي تستمد فكرها من الكتب الصفراء، ولا تستطيع أن تنظر الى الأمام وأعناقها مشرئبة الى الوراء.
كان البغدادي يحلم بجيل شاب يستطيع النظر بجدية الى مشروع عقلي يحرر الإنسان من سيطرة الفكرة الدينية القديمة، ويفرق بين الإسلام وتسييس الإسلام، بين العقل المعاصر وحضارته العملاقة والحياة التي يشدنا إليها أصحاب الدشاديش القصيرة واللحى الطويلة، بين أن نجد لنا موقعاً فاعلاً في عالم اليوم أو الخروج كلياً من المنافسة الحضارية. ومعركة البغدادي التي لن ندعي أنه كسبها أو خسرها، ولكنها معركة قائمة ومستمرة، تفرضها تعددية الفكر المعاصر واختلاف مناهل هذا الفكر، هي معركة الشجاعة في طرح الفكرة وبغض النظر عن وقوفنا معها أو ضدها، فلقد علمنا البغدادي أن نقول ما نؤمن به وما نرى أنه طريق بلدنا للتقدم ومواكبة النهضة التكنولوجية دون التخلي عن إيماننا.
الرسالة الأخيرة موجهة إلى تلاميذ البغدادي الذين حمل عنهم أو معهم مشعل الحرية الفكرية: لقد رحل البغدادي عن عمر قصير لم يكمل من خلاله مشروعه العلماني الكبير، وترك لكم جرأته في الطرح، وأعلم أن أغلبكم صامت فإلى متى يستمر صمتكم؟
-----------------------
مركز الحوار: البغدادي أحد مشعلي شمعة التنوير في الكويت
أحمد البغدادي أصدر مركز «الحوار» للثقافة (تنوير) بيانا يتصل برحيل أحد مؤسسيه المفكر الدكتور أحمد البغدادي قال فيه: «بقلوب ملؤها ألم الفراق وحسرة الرحيل وصدى المظلومية، ينعى مركز «الحوار» للثقافة (تنوير) رحيل أحد مؤسسي المركز المفكر الدكتور أحمد البغدادي بعد صراع طويل مع مرض القلب. ويعتبر الراحل قدوة في شجاعة الرأي ومثالا في نزاهة الموقف، كما يعتبر أحد أبرز من سار في طريق الذود عن العقلانية والدفاع عن الحرية في مقابل ثقافة الخرافة والخنوع والإذعان، كما اتصف بحسن الخلق والتزام بالقانون استنادا إلى اعتبارات حقوقية إنسانية دستورية. إن غياب الدكتور البغدادي عن الحياة يمثل صدمة لمسيرة التيار التنويري العقلاني في الكويت بالنظر إلى انجازاته على الصعيد الفكري والثقافي والأكاديمي والصحافي التي تمثل حلقة من الحلقات المضيئة المؤثرة في تاريخ الكويت، مما ساهم في أنسنة الفكر وعقلنة الثقافة، وتلك الانجازات لم تتأتَّ إلا بعد مواجهة طويلة مع التيار الظلامي المعادي للحرية وحقوق الإنسان تخللتها مواقف عبرت بشكل واضح وصريح عن مظلومية الراحل. لذا يود مركز «الحوار» أن يعبّر لأسرة الدكتور البغدادي ولأصدقائه ومحبيه والسائرين على دربه العقلاني، بأن الراحل لم يكن إلا أحد ملهمي العقلانية البارزين، وأحد مشعلي شمعة التنوير في الكويت، وأحد المتصدين الشجعان للظلامية الثقافية. لقد خاض الراحل الكثير من الصراعات مع التيار الظلامي، الذي حاول بشتى الطرق اقصاءه ووأد فكره، بالسعي لحبسه تارة، وبإظهاره بأنه ضد الدين تارة أخرى، لكنه كان مدافعا صلبا وشجاعا وثابتا في مواقفه التي كانت تصب من دون أي خوف أو مواربة في اطار الحرية والعقلانية والأنسنة من أجل فضح الاطروحات الاسطورية الخرافية السلطوية المتسترة بستار الدين. ولم تكن محاولات اقصاء الراحل والتشنيع عليه إلا دافعا له لتحدي الواقع الظلامي والسير بهمة وشجاعة في طريق العمل التنويري، واضعا نصب عينيه الذود عن الثقافة الانسانية، معتمدا على شريحة الشباب التي تمثل مخزونه الشعبي الأصيل. ارقد بسلام ايها الدكتور الابي، فما قاسيته في صراعك مع التيار الظلامي لن يستطيع احد ان يجعله حجراً في طريق التنوير. كتاباتك باقية، مواقفك ملهمة، افكارك تفتح آفاقا من نور للمستقبل... رحمة البارئ عليك.
-------------------------------
د. البغدادي... دعوة لاستخدام العقل طالب المولي [email protected] 'حين سقطت العقلانية في المجتمع الكويتي، وهيمنت قوى الظلام الديني، كان لابد من التحرك لتحريض المجتمع على استعادة الرشد والوعي'، د. أحمد البغدادي 'تجديد الفكر الديني- دعوة لاستخدام العقل'.
لم ينطلق الدكتور الراحل أحمد البغدادي في كثير من آرائه وأفكاره التنويرية، إلا بعد سيطرة تيارات الإسلام السياسي على مفاصل المجتمع الكويتي، وبعدها تحولت الكويت من منارة ثقافية من مجتمع تعددي بطبيعته يتعايش فيه المختلفون منذ بداية تأسيس الدولة الدستورية الحديثة، إلى دولة فتاوى وغياب القانون وتشريع القوانين المخالفة للدستور وحقوق الإنسان، بفضل التحالف الديني مع السلطة. ولذلك لم يكن الدكتور البغدادي والحداثيون في العالم العربي والإسلامي إلا فكراً لمحاولة رأب الصدع في الثقافة العربية من خلال دورهم في إنعاش العقول والتفكير العلمي، لإنقاذ ما تم إفساده من ثروة ثقافية بدءاً من دور المعتزلة والمدارس الفكرية وانتهاءً إلى ما قبل نكسة العرب 1967. الدور الذي لعبه كل من طه حسين وزكي نجيب محمود ومحمود محمد طه وفؤاد زكريا وفرج فودة ونصر حامد أبو زيد وأحمد البغدادي وجمال البنا ومحمد شحرور وأحمد صبحي منصور وغيرهم الكثير، هو دور فعال لإعادة دور العقل والنقد الى التراث الديني باعتباره تجربة إنسانية خاضعة للتحليل والنقد. إلا إن هؤلاء وغيرهم من التنويريين يشتركون في سمة واحدة، وهي أنهم عانوا سلطة الكهنوت الديني فأعدم محمود محمد طه بتهمة الردة في السودان، وقتل فرج فودة على يد أحد المتطرفين وبتأييد شيخ الأزهر و'الإخوان المسلمين'، واتهم بالردة نصر أبوزيد والتفريق بينه وبين زوجته بقانون الحسبة، وسُجن البغدادي ورفعت ضده قضايا عدة بسبب آرائه المناوئة لسلطة الكهنوت، وغيرها من القضايا على الكثير من المفكرين التي ستبقى عنواناً للدور الديني في مواجهة الآخر.
اجتهد البغدادي في كتابه 'تجديد الفكر الديني- دعوة لاستخدام العقل' في إبراز دور النقد واعتماد المنهج العقلي في التفكير بعيداً عن نمطية التفكير السلفي، أو كما يقول البغدادي 'إن السلف ليس أفضل من الخلف'... فالبغدادي امتداد فكري للمفكرين العقلانيين الذين حاولوا إعادة النظر في المنهج الديني المتبع والخالي من النقد والتحليل.
وباعتبار أن الزمن والمكان والبيئة خلاقة لمفاهيم لا يمكن اعتبارها ذات علاقة بالدين، بل هي ذات علاقة بسلطة الفهم الديني، وهو بالضرورة تفسير بشري للدين لا يمكن بحال من الأحول إلا بوضعه تحت منظار التحليل والنقد. ولذلك يقول البغدادي: 'العلاقة بين النص الديني والبشر علاقة عضوية، بمعنى وجود العنصر البشري في النص الديني قرآنا كان أم حديثاً'. لذلك فإن دلالات النص الديني مختلفة باختلاف المفسرين لهذا النص وباعتباره 'حمّال ذو وجوه'، إلا أن تلك الاجتهادات التي مارسها الأوائل في الدولة الإسلامية ووسع النص الديني لتفسيراتهم واجتهاداتهم المختلفة ولم تسع اللاحقين من بعدهم!
إن الضرورة قد شكلت في فكر الدكتور البغدادي أهمية البحث والتحليل والنقد للجانب التاريخي للطوائف الدينية المتناحرة والتي مزقت أواصر المجتمع الكويتي والعربي الإسلامي على حد سواء، بسبب التعصب وغياب الوعي الثقافي لدى تلك الطوائف الدينية وإشاعة ثقافة الكراهية بين الطائفتين الكبيرتين الشيعة والسُنّة. وتنامى شعور الخوف لدى البغدادي على المجتمع الكويتي من إثارة تلك القضايا المختلفة حول قضايا تاريخية (الخلافة، حديث الدار، الصحابة) في ظل نظام الدولة الدستوري، وغياب دور الدولة والمواطنة في أدبيات التيارات الدينية، واستبدالها بفكرة دولة الخلافة (حزب التحرير)، متناسين بذلك الأساس الشرعي لديهم لقيام الدولة الدينية وآليات اختيار الخليفة وغيرها من الآليات التنظيمية للدولة المزعومة، وهي ليست سوى دعوة لتكريس مفهوم الدكتاتورية في نظام الدولة الدينية... ويتساءل البغدادي في هذا الإطار عما هو سبب انتهاء دولة الخلافة الراشدة؟ وما هي الأسباب التي حالت دون ديمومتها وتحولها إلى دولة وراثية قمعية؟
إن الوعي والقراءة للتراث الديني برؤية نقدية كفيلان لمعرفة المسيرة التاريخية للدولة الإسلامية التي تحولت بفعل التجربة وغياب الأصل التشريعي إلى قيام الدول الدينية كما يتصورها أصحاب فكرة الدولة الدينية، اضافة الى القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والتعددية المذهبية والدينية والفكرية والحريات كمفاهيم متأصلة بين بني البشر.
لم يكن البغدادي إلا ثائراً على النمطية في التفكير في زمن الإجابات الجاهزة التي يقدمها رجال الدين بعيدة، وناقداً على المجتمع الذي لا يسعى الى الدفاع عن حريته بل يعاضد من يقمع حرياتهم، وناقداً شرساً لتيارات الإسلام السياسي المتقنع بثوب الصلاح والإيمان، وهو يمارس أشنع الجرائم والتكسب باسم الدين والإيمان الساذج. إن دعوة البغدادي الى استخدام العقل هي دعوة الى تحرير الإنسان وعقله في زمن كثرت فيه الأساطير وتفسير الأحلام وخداع الإنسان تحت مسمى الإيمان، وحتى يعود الى العقل دوره ونشاطه في بناء الإنسان والمجتمع، وحتى لا نغرق في لجة الفكر الظلامي.
وداعاً 'أبا أنور' سنفتقدك أباً وأخاً وعقلاً، لكننا سنناضل في سبيل الحرية كما علمتنا.
كتاب الجريدة
-------------------------
علي الطراح الإساءة للموتى تاريخ النشر: الأربعاء 18 أغسطس 2010 يتألم المرء للحال التي وصل إليها البعض من التيارات التي تدعي الإسلام، فهي اليوم أخطر على الإسلام من أعدائه، فهؤلاء ودون أن يعلموا، يسيئون للإسلام من خلال إصرارهم على التصلب والتمسك بالرأي والتعصب لتفسير لا يخدم الدين ولا يفي بغرضه. قالت عائشة رضي الله عنها: قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا". كما قيل: "اذكروا محاسن مواتكم، وكفوا عن مساوئهم". فالأحاديث التي تنهي عن سب الموتى، وحتى الكفار منهم، كثيرة. فمن مات فقد قضى نحبه وعاد بين يدي الخالق عز شأنه، ومن يسب الموتى فقد مارس الغيبة، والغيبة منهي عنها... وهكذا نجد كثيراً من هذه الأقوال السامية لا تطرق عقول هؤلاء الذين يدعون الحرص على الدين وعلى نصاعة الرسالة السماوية.
بالله عليكم هل يعقل أن بعض المنتديات المحسوبة على بعض الإسلاميين والتي تلبس ثوب الدين، تستقبل وفاة المفكر أحمد البغدادي بفرح وبهجة وتكتب تحت عنوان "هلاك ال###### العلماني"، وتبث سمها وهي تدعي التدين والدين والحرص على الرسالة، وهي بالأحرى تمارس التدمير والتخريب للرسالة السماوية؟! هذه الكتابات تعبر عن إفلاس منقطع النظير، وعن طاقة شريرة كامنة في النفس لم تخشع ولم تحركها الأقوال السامية التي نقلت لنا من خلال الأحاديث النبوية وأقوال الصحابة وفحوى القرآن الذي لم يدخل عقول هؤلاء النفر المسيئين للدين ولأمة الإسلام. عندما تصفحت ما كتب في بعض المنتديات شعرت بالحزن على حال الأمة وبالبؤس لما وصل له الحال، وشعرت بالفرح عندما قرأت عن توجه خادم الحرمين الشريفين لتقنين الفتوى وحصرها بين أهل العلم وليس من هب ودب كما هو حادث في وقتنا الحالي.
عندما صدر كتاب الدكتور مصطفى محمود، "الله والإنسان"، قوبل من بعض مشايخ الدين بالرفض وقذفوا الكاتب بالكفر وطالبوا بمحاكمته، وكان في حينها الأمام الأكبر للأزهر الشيخ حسن مأمون، فأفتى بصحة الكتاب وانسجامه مع الدين، وكانت فتواه هي الفيصل بوضع حد للهجوم الذي تعرض له الدكتور مصطفى محمود.
هؤلاء الذين يدعون التدين والدين ويصادرون حق العقل في النقد ليس لما جاء في الدين بقدر ما هو النقد الموجه لمدارس التكفير التي استولت على الرسالة السماوية وشوهتها وتدعي الدفاع عن هذه الرسالة، هؤلاء هم حقاً أشد خطراً على الإسلام من أعدائه. فالدكتور والعالم البغدادي بذل الجهد وواصل الطريق لبث الوعي ليرفع من قيمة الدين ويعلي من شأنه، فتصدى لتفسير النص ووقف بحزم ضد تحنيط النص وتقديس رجال الدين. فكتبه ومقالاته هي استكمال لما كتبه غيره من علماء النهضة، وهي امتداد لهذه الحركة الديناميكية التي تقلق هؤلاء الذين يرون في إنهاض العقل نهاية لفكرهم الأجوف. كان البغدادي يتصدى بشراسة لمثل هؤلاء وقد دفع الكثير ولم تغره مباهج الحياة، كما فعل من يدعو التدين... ثم يظهرون علينا في شاشات التلفزيون ليحدثونا عن الدين، والأولى أن يحدثوا أنفسهم، لأن لنا عقولا عامرة ناهضة لا تخاف سموم أنصاف مشايخ الدين.
إغلاق جريدة الاتحاد الأربعاء 08 رمضان 1431 - 18 أغسطس 2010م www.alittihad.ae
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
د البغدادي : دعوة لاستخدام العقل طالب المولي 2010 / 8 / 11
" حين سقطت العقلانية في المجتمع الكويتي ، وهيمنت قوى الظلام الديني ، كان لابد من التحرك لتحريض المجتمع على استعادة الرشد والوعي " . د أحمد البغدادي تجديد الفكر الديني –دعوة لاستخدام العقل . لم ينطلق الدكتور الراحل أحمد البغدادي في كثير من آرائه وأفكاره التنويرية ، إلا بعد سيطرة التيارات الإسلام السياسي على مفاصل المجتمع الكويتي ، وبعدها تحولت الكويت من منارة ثقافية من مجتمع تعددي بطبيعته يتعايش فيه المختلفون منذ بداية تأسيس الدولة الدستورية الحديثة ، إلى دولة فتاوى وغياب القانون وتشريع القوانين المخالفة للدستور وحقوق الإنسان ، بفضل التحالف الديني مع السلطة .
ولذلك لم يكن الدكتور البغدادي والحداثيين في العالم العربي والإسلامي إلا فكرا لمحاولة رأب الصدع في الثقافة العربية من خلال دورهم في إنعاش العقول والتفكير العلمي ، لإنقاذ ما تم إفساده من ثروة ثقافية بدءا من دور المعتزلة والمدارس الفكرية وانتهاء إلى ما قبل نكسة العرب 1967 . الدور الذي لعبه كل من طه حسين وزكي نجيب محمود ومحمود محمد طه وفؤاد زكريا وفرج فودة ونصر حامد أبو زيد وأحمد البغدادي وجمال البنا ومحمد شحرور وأحمد صبحي منصور وغيرهم الكثير ، هو دور فعال لإعادة دور العقل والنقد للتراث الديني باعتباره تجربة إنسانية خاضعة للتحليل والنقد . ألا إن هؤلاء وغيرهم من التنويريين يشتركون بسمة واحدة وهو أنهم عانوا من سلطة الكهنوت الديني فأعدم محمد محمود طه بتهمة الردة في السودان ، وقتل فرج فودة على يد أحد المتطرفين وبتأييد شيخ الأزهر والأخوان المسلمين ، وأتهم بالردة نصر أبو زيد والتفريق بينه وبين زوجته بقانون الحسبة وسجن البغدادي وغيرها من القضايا التي رفعت ضده بسبب آرائه المناوئة لسلطة الكهنوت وغيرها من القضايا على الكثير من المفكرين التي ستبقى عنوانا للدور الديني في مواجهة الآخر .
اجتهد البغدادي في كتابه ( تجديد الفكر الديني – دعوة لاستخدام العقل ) في إبراز دور النقد واعتماد المنهج العقلي في التفكير بعيدا عن نمطية التفكير السلفي ، أو كما يقول البغدادي ( إن السلف ليس أفضل من الخلف ) ، البغدادي امتداد فكري للمفكرين العقلانيين الذين حاولوا إعادة النظر في المنهج الديني المتبع والخالي من النقد والتحليل . وباعتبار إن الزمن والمكان والبيئة خلاقة لمفاهيم لا يمكن اعتبارها ذات علاقة بالدين ، بل هي ذات علاقة بسلطة الفهم الديني ، وهو بالضرورة تفسير بشري للدين لا يمكن بحال من الأحول إلا بوضعه تحت منظار التحليل والنقد . ولذلك يقول البغدادي ( العلاقة بين النص الديني والبشر علاقة عضوية ، بمعنى وجود العنصر البشري في النص الديني قرآنا كان أم حديثا ) . لذلك إن دلالات النص الديني مختلفة باختلاف المفسرين لهذا النص وباعتباره "حمّال ذو وجوه " ، ألا إن تلك الاجتهادات التي مارسها الأوائل في الدولة الإسلامية ووسع النص الديني لتفسيراتهم واجتهاداتهم المختلفة ولم تسع اللاحقين من بعدهم !!.
إن الضرورة قد شكلت في فكر الدكتور البغدادي أهمية البحث والتحليل والنقد للجانب التاريخي للطوائف الدينية المتناحرة والتي مزقت أواصر المجتمع الكويتي والعربي الإسلامي على حد سواء ، بسبب التعصب وغياب الوعي الثقافي لدى تلك الطوائف الدينية وإشاعة ثقافة الكراهية بين الطائفتين الكبيرتين الشيعة والسنة ، وتنامي شعور الخوف لدى البغدادي على المجتمع الكويتي من إثارة تلك القضايا المختلفة حول قضايا تاريخية ( الخلافة ، حديث الدار ، الصحابة ) في ظل نظام الدولة الدستوري . وغياب دور الدولة والمواطنة في أدبيات التيارات الدينية ، واستبدالها بفكرة دولة الخلافة (حزب التحرير) ، متناسين بذلك الأساس الشرعي لديهم لقيام الدولة الدينية وآليات اختيار الخليفة وغيرها من الآليات التنظيمية للدولة المزعومة ، وهي ليست سوى دعوة لتكريس مفهوم الدكتاتورية في نظام الدولة الدينية . ويتساءل البغدادي في هذا الإطار عن سبب انتهاء دولة الخلافة الراشدة وحالت دون ديمومتها وتحولها إلى دولة وراثية قمعية . إن الوعي والقراءة للتراث الديني برؤية نقدية كفيلان لمعرفة المسيرة التاريخية للدولة الإسلامية التي تحولت بفعل التجربة وغياب الأصل التشريعي لقيام الدول الدينية كما يتصورها أصحاب فكرة الدولة الدينية ، ناهيك عن القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والتعددية المذهبية والدينية والفكرية والحريات كمفاهيم متأصلة بين بني البشر .
لم يكن البغدادي إلا ثائرا على النمطية في التفكير في زمن الإجابات الجاهزة التي يقدمها رجال الدين ، وناقدا على المجتمع الذي لا يسعى للدفاع عن حريته ، بل يعاضد من يقمع حرياتهم ، وناقدا شرسا لتيارات الإسلام السياسي المتقنع بثوب الصلاح والإيمان ، وهو يمارس أشنع الجرائم والتكسب باسم الدين والإيمان الساذج . إن دعوة البغدادي لاستخدام العقل هي دعوة لتحرير الإنسان وعقله في زمن كثرت فيها الأساطير وتفسير الأحلام وخداع الإنسان تحت مسمى الإيمان ، وحتى يعود للعقل دوره ونشاطه في بناء الإنسان والمجتمع ، وحتى لا نغرق في لجة الفكر الظلامي . وداعا أبا أنور سنفتقدك أبا وأخا وعقلا ، ولكننا سنناضل في سبيل الحرية كما علمتنا . [email protected]
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل المفكر الكويتى ...احمد البغدادى... المناصر لقضايا السودان .. (Re: الكيك)
|
أمة العجائب ـــ
د. أحمد البغدادي
عجائب الدنيا سبع كما نعلم، ولكن هناك " عجيبة العجائب" التي لا تحتسب ضمن عجائب الدنيا، ألا وهي الأمة المسلمة، ولا أقول الإسلامية، ففي هذه الأمة المسلمة من عجائب الأمور ما لم تشهده أمة من الأمم منذ أن خلق الله سبحانه آدم عليه السلام، وإليكم بعضا من هذه العجائب:
1- الأمة الوحيدة التي ترى أنها الوحيدة بين الأمم على حق وفي كل شيء، وأن الآخرين على باطل.
2- الأمة الوحيدة التي تطلق سراح أو تخفف العقوبة الجنائية للمجرم إذا كان مسلما وتمكن من حفظ بعض سور القرآن الكريم.
3- الأمة الوحيدة التي يمكن لرجل الدين فيها الإفلات من عقوبة التحريض على القتل إذا وصف أحد الخصوم بالمرتد.
4- الأمة الوحيدة التي لا تقتل القاتل إذا أثبت أنه قتل مرتدا.
5- الأمة الوحيدة التي تعامل القاتل بالحسنى بالعقوبة المخففة إذا قتل أخته أو زوجته من أجل الشرف.
6- الأمة الوحيدة التي ورد في كتابها المقدس كلمة " أقرأ"، ومع ذلك تعد من أقل أمم الأرض قراءة للكتب. أو بالأصح لا تقرأ.
7- الأمة الوحيدة التي لا تزال تستخدم كلمة التكفير ضد خصومها المعارضين لرجال الدين والجماعات الدينية.
8- الأمة الوحيدة التي تضع حكم الفتوى فوق حكم القانون، وتدعي بكل صفاقة أنها دولة قانون لا بصنع فرشاة أسنان في العصر الحديث، ومع ذلك تتشدق بحضارتها البائدة.
10- الأمة الوحيدة التي تشتم الغرب وتعيش عالة عليه في كل شيء.
11- الأمة الوحيدة التي تضع المثقف في السجن بسبب ممارسته حرية التعبير.
12- الأمة الوحيدة التي تدعي التدين وتحرص على مظاهره رسميا وشعبيا ومع ذلك لا يوجد بها أمر صالح.
13- الأمة الوحيدة التي تعطي طلابها درجة الدكتوراه في الدين.
14- الأمة الوحيدة التي لا تزال محكومة بكتب الموتى من ألف عام.
15- الأمة الوحيدة التي يداهن فيها رجال الدين الحكام ويسكتون عن أخطائهم حتى ولو كانت شرعية وضد الدين.
16- الأمة الوحيدة التي لا تعترف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
17- الأمة الوحيدة التي تحرم جميع الفنون الإنسانية، ولا تعترف سوى بفن الخط .
18- الأمة الوحيدة التي تشترك في دين واحد ومع ذلك لا تتفق الجماعات الدينية فيها على رؤية واحدة لأحكام هذا الدين.
19- الأمة الوحيدة التي يهذر فيها رجل الدين كما يشاء ثم يختم كلامه ب " والله أعلم"، وكأن الناس لا تعلم ذلك.
20- الأمة الوحيدة التي لا تزال تؤمن بإخراج الجن من جسد الآدمي حتى ولو كان ذلك عن طريق القتل.
21- الأمة الوحيدة التي لديها جيوش وأرضها محتلة وتخشى القتال.
22- الأمة الوحيدة التي ينطبق عليها وصف الخالق سبحانه " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى".
23- الأمة الوحيدة التي تسأل في قضايا الدين وتبحث عن إجابات ترضيها منذ لا يقل عن ألف عام.
24- الأمة الوحيدة التي لديها شهر صيام واحد في العام تتكرر فيه أسئلة الجنس أكثر من أسئلة العبادة.
25- الأمة الوحيدة التي تصدق كل ما يقوله رجل الدين دون تحقيق علمي.. هذه الأمة وبكل هذه الصفات الفريدة ، ألا تستحق أن توصف بأنها ......." عجيبة العجائب"؟
| |
 
|
|
|
|
|
|
|