|
دماء على الاسفلت
|
دماء على الاسفلت ! دلقت من المداد مايزيد عن حجم الدماء التي دُلقت على الأسفلت ولقى اصحابها حتفهم ، فقط ، لأنهم كانوا على متن مركبات تسير على الأسفلت ، واذا جمعت ماكتبته وماكتبه الآخرون عن "الموت سمبلة " على شوارع الموت بين صحاري ووديان ومشاريع بلادنا الزراعية ، فسوف يتم ملء كتب ومجلدات لا أول لها ولا آخر .! تأمل كم من الأرواح ذهقت في شوارع مرور سريع تفتقد للحد الأدنى من مواصفات مُسمّاها ! وأنظر يا عزيزي إلى سرادق العزاء التي تنصب "صباح مساء " بسبب السفر أو الموت على أرصفة الطرقات .. ! لم تنفع كتاباتنا ولم تشفع صرخاتنا ولكننا لن نيأس ، ولن نتوقف عن الكتابة في هذا الجرح ، عسى ولعل أن يقّيض الله لنا واليا ً من الذين يخافون أن يسألهم الله اذا عثرت حافلة بين مدني وفداسي ، أو تقابل "بالرأس " بصان بين شندي وعطبرة أو انفصلت مقطورة ودهست عربة تسير في الاتجاه المعاكس بالقرب من جبل أولياء ! ذات يوم ٍ أجريت حوارا ً مع أحد قيادات الشرطة ، وبالتحديد شرطة المرور ، وكان سؤالي المباشر عن مدى تطابق طرق المرور السريع ببلادنا مع الحد الأدنى للمعايير الدولية المطلوبة ، وكان الرجل صريحا ً وقال لي عبارة لاتزال محفورة في عقلي ووجداني قال الرجل إن بلادنا هي الوحيدة في العالم التي تتم فيها حوادث عن طريق "التقابل بالرأس " ! والتقابل بالرأس في الخارج لايحدث إلا بين القطارات ، وفي حالة الاخطاء الجسيمة كأن يسير قطاران ، احدهما قادم من الشمال والاخر من الجنوب في مسار واحد ! المعايير المطلوبة في طرق المرور السريع إلا ّ يلتقي (القادم مع الجاي ) في مسار واحد ، بمعنى آخر، لابد من الفصل بين المسارين ، وهذا يعنى – تلقائيا ً – توسعة المسار الواحد بالقدر الذي يتيح التخطي بسهولة والواقع أن كل طرقنا السريعة أقل من عرض المسار الواحد . ودونكم مانُسب الى ممثل العقيد معمر القذافي عندما افتتح طريق العيلفون فقد شاهد الطريق ضيقا ً وقال – والعهدة على الراوي " دا اللى ماشى فين اللى جاي " !. واذا احصينا أعداد الأرواح التي تروح بسبب حوادث السير نجدها تفوق أعداد القتلى في الحروب وكافة الكوارث الطبيعية أو التي يصنعها البشر ، وبهذا الفهم فإن ّ توسيع شوارع المرور السريع يصبح ضرورة قصوى ، لأن الحوادث أصبحت يوميا ً ، بل أن اليوم الواحد يشهد اكثر من حادث مأسوي .. والاضرار التي تخلفها هذه الحوادث جسيمة بدءا ً بالارواح والتي لا يعوضها شئ ، ثم الجرحى والمصابين الذين ينتهي بهم المطاف – عادة – إلى الأذى الجسيم والعاهات المستديمة ، ثم انظر إلى مايعانيه أهل وذوي الضحايا من ضغط نفسي واجتماعي واقتصادي ، اضافة للهلع الذي يسيطر على اجواء كل اسرة ودعت احد ابنائها وتركته يواجه مصيرا ً غامضا ً داخل كتل الحديد الهائج ! نكرر الاسئلة التي ظللنا نقذف بها في كل مرة نكتب فيها عن هذا الموضوع : لماذا لايريد المسؤولون تشييد طرق مرور سريع تفي بالحد الأدنى من المواصفات العالمية ؟ لماذا لاتحرك الدماء التي تسيل على الاسفلت يوميا ً عاطفة من بيدهم القلم ليكتبوا عن هذه الكوارث ؟ أين تذهب جبايات الطرق التي "تقتلع " يوميا ً من اية مركبة تسير على أربع وتنفث الدخان ؟ ثم من هو المسؤول المباشر عن هذه الحوادث ؟!. صحفي بجريدة السوداني [email protected]
|
|
|
|
|
|