كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
***///*** [في دائرتَي (النَّفس) و(الرُّوح)] ***///***
|
الإخوة الأعزاء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد في الربع الماضي افترعت بوستاً (حول النفس والروح)! لم أوفق في الاحتفاظ به عالياً، فهوى إلى قاع المنبر العام! في هذا البوست أستعيد خلاصة ما تمّ نشره هناك! ومن ثمّ أستأنف المسير، محاولاً إيفاء هذا الموضوع حقّه، ساعياً إلى بناء رؤية متكاملة حول مفهومي النفس والروح استناداً إلى نصوص اللغة العربية، ونصوص الكتاب والسنة! في فضاء إنسانيّ عقلانيٍّ رحب، بقدر ما يتيسر! آملاً بعد الفراغ من ذلك: أن أتبعه ببوست آخر (حول القلب والعقل)! فمرحباً!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ***///*** [في دائرتَي (النَّفس) و(الرُّوح)] ***///*** (Re: صلاح عباس فقير)
|
Quote: معنى النفس في لسان العرب |
نفهم من لسان العرب، أنّ للنفس معنيين: معنى عام يصدق على كلّ شيء، ومعنى خاصّ بالإنسان! ================================================================ أولاً: المعنى العامّ: يقول ابن منظور في لسان العرب: Quote: (النَّفس: عين الشيء، وكنهه وجوهره). |
وهو المعنى الّذي أكّده كذلك بقوله عن النّفس أنّها: Quote: (جملة الشَّيء وحقيقته). |
[لسان العرب: 6/233-236]. وهاتان العبارتان تلخصان ما ورد في معاجم اللُّغة من معانٍ حول مفهوم النَّفس! وبناءً عليهما فإنّ كلمة النَّفس في دلالتها العامّة تُطلق على أمرين اثنين: الأول: أنّها (عينُ الشَّيء) أو (جملة الشَّيء)، سواء كان هذا الشَّيء إنساناً أو حيواناً أو جماداً. والثّاني: أنّ في ذلك الشيء جزءاً منه يُعتبر: (كنهَه وجوهره) و(حقيقته)! ================================================================ ثانياً: المعنى الخاصّ: ونستأنس فيه بقول ابن إسحاق الذي ذكره ابن منظور في اللسان، قال:
Quote: "النَّفْس في كلام العرب يجري على ضربين: أَحدهما: قولك خَرَجَتْ نَفْس فلان أَي رُوحُه، وفي نفس فلان أَن يفعل كذا وكذا أَي في رُوعِه. والضَّرْب الآخر: مَعْنى النَّفْس فيه مَعْنى جُمْلَةِ الشيء وحقيقته، تقول: قتَل فلانٌ نَفْسَه وأَهلك نفسه، أَي: أَوْقَع الإِهْلاك بذاته كلِّها وحقيقتِه". |
[لسان العرب: 6/233]. بناءً على ذلك تنتج المعادلة التالية: [النفس الإنسانيّة = جسد + روح] جسد بمكوّناته المختلفة + روح بوظائفها المتعدّدة! فالإنسان هو الكلّ، وحقيقته هي هذا الرُّوح الإنسانيّ! وهذه الروح لا تفارق الجسد مفارقةً كليّةً، إلا عند الموت وفي الحياة البرزخيّة! فحقيقة الإنسان هي هذه الوحدة المركبة من نفخة الروح في الجسد! وهذه الوحدة المركبة، يُطلق عليها اسم النفس فقط، لا يُطلق عليها اسمُ (الرُّوح) إذ:
Quote: "لا يُقال لشيءٍ من الخلق رُوحانيٌّ إلاّ للأرواح الَّتي لا أجسادَ لها، مثل الملائكة والجنِّ وما أشبهها، فأما ذوات الأجساد فلا يُقال لهم روحانيّون). |
[تاج العروس ، 6 /413].
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***///*** [في دائرتَي (النَّفس) و(الرُّوح)] ***///*** (Re: صلاح عباس فقير)
|
تلك الدلالة التي قرّرناها لكلمة (نفس) في اللغة العربيّة، تتأيّد بما أورده الشيخ ابن عاشور من:
Quote: "أن العرب يستشعرون للإنسان جملة مركبة من حسدٍ وروح، فيسمونها النفس، أي الذات، وهي ما يعبر عنه المتكلم بضمير " أنا " ويستشعرون للإنسان قوة باطنة بها إدراكه" |
{تفسير التحرير والتنوير: 14 / 302 ]. كما تتأيّد بما توصل إليه الدكتور عبد الرحمن بدوي وهو يستقرئ الآيات القرآنية، حيث وجد: Quote: "أن كلمة النفس تدلّ على معنى إنساني خالص" |
[موسوعة الفلسفة ، جـ2 صـ 506 ]. كما تتأيّد بما قرّره عضْد الدين الإيجيّ أن النفس:
Quote: "في بعض الأشياء قد تتبرأ عن البدن، لكن لا يتناوله اسم النّفس إلاّ باعتبار تعلقها به" |
[المواقف: ص230].
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***///*** [في دائرتَي (النَّفس) و(الرُّوح)] ***///*** (Re: صلاح عباس فقير)
|
معنى الروح في نصوص الشرع
لقد ورد ذكر الروح في القرآن الكريم واحداً وعشرين مرة( )، وباستقراء الدّلالات التي وردت بها (اعتماداً على تفسيري ابن كثير ومختصر القرطبي)، انتهت دلالات الروح إلى خمسة معان: 1- الملائكة. 2- القرآن. 3- التأييد للمؤمنين. 4- عيسى –عليه السلام-. 5-الروح الذي يكون به حياة الجسد. وبعد استقراءٍ في نصوص الشرع، توصلنا إلى أنّ: ذلك الروح في مختلف معانيه مردُّه لمادة "النور"، ووجدنا في صحيح مسلم قولَ الرَّسول –صلَّى الله عليه وسلّم–:
Quote: [حجابه –أي الله سبحانه وتعالى- النُّور.]( ) |
، واستنتجنا: بما أ نّه حجابه؛ إذن فهو أقربُ الخلق إليه، فجاز أن نقول: إنَّه عُلويُّ المصدر، وقد خُلقت منه الملائكة، وهو غير النور الذي هو صفةٌ لذاته –سبحانه وتعالى– وإن كان تجلّياً لصفة ذاته( ).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***///*** [في دائرتَي (النَّفس) و(الرُّوح)] ***///*** (Re: صلاح عباس فقير)
|
إذن _وفيما يتعلّق بالإنسان_ هما روحان: 1- الرُّوح الّذي تكون به الحياة الإنسانيَّة للجسد. 2- الروح النوراني السماوي الفائض عن نور الذات الإلهية، تأييداً للمؤمنين. يؤيد ذلك الدكتور عبد الرحمن بدوي الذي وجد في استقرائه للآيات القرآنية: أن كلمة "روح": Quote: "تستعمل بمعنىً إلهي... لا تدل على الروح أو النفس الإنسانية ، بل على كيان إلهي يتنزل من الله ، ويقرب من معنى كلمة "اللوغوس"." |
وبهذا التحليل يزول اللبس الحاصل بين كثيرٍ من المذاهب، فيما يتعلق بكون الروح قديمةً أو مبدعةً، حيث انتهى بنا التحليل إلى تقرير أنّهما روحان: روح قديمة غير مخلوقة، طيبة خيرة مطلقاً وأبداً ، لأنّها فائضة عن نور الله سبحانه وتعالى. وروح مبدعة مردُّها إلى ذلك الحجاب النوراني، وهي روح الآدميِّ، وقد وردت أحاديث صحيحة تؤكد أن هذا الروح الآدميّ يمكن أن يصيبه الخبث بعد نفخه في الجسد، كما يمكن أن يسمو في المراتب، مستمدّاً المدد من ذلك الروح الإلهيّ السماويِّ، ومترقّياً من خلاله إلى أعلى درجات الكمال الإنسانيّ.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***///*** [في دائرتَي (النَّفس) و(الرُّوح)] ***///*** (Re: صلاح عباس فقير)
|
وهذا المعنى الّذي قررناه عبر استقراء نصوص الشرع، والذي يُشير إلى العلاقة بين النفس الإنسانية والروح السماويِّ، نجد نصوص اللغة تتضمّنه بصورةٍ عجيبة: يقول الأزهري في "تهذيب اللغة":
Quote: (وسمّيت النَّفْس نفساً لتولّد النَفَس منها … كما سمّوا الرُوح روحاً؛ لأنَّ الرَّوح موجودٌ به)( ). |
وQuote: (الرَّوح نسيم الريح) |
ويؤيد الدكتور عبد الرحمن بدوي هذا المعنى الّذي تقترن فيه (النّفْسُ) بـ (النَّفَس)، و(الرُّوح) بـ (الرِّيح) ويُبيّن أن لفظ النفْس:
Quote: (سواء في العربية، أو في اليونانية، أو اللاتينية، وما انحدر منها من لغات صوتية: مأخوذ من التنفّس وهبوب الريح)( ). |
إذن نلاحظ تقابلاً واضحاً بين الأصلين الحسيين اللذين يرجع إليهما كلٌّ من مفهومي النفس والروح، أي: التنفّس وهبوب الريح.
Quote: (التنفّس قِوام الإنسان)( ) |
أي ما به حياته. وهو عبارةٌ عن: Quote: (استمداد النّفَس)( ) |
، ممّاذا ؟ من وQuote: (الريح: الهواء المسخر بين السماء والأرض … الغالب عليها في هبوبها المجيء بالرَّوْح، والراحة، وانقطاعُ هبوبها يُكسب الكرب والغمّ والأذى)( ). |
إن هذه الملاحظة تشير إشارةً عميقة إلى حقيقة معنى كلٍّ من النفس والروح، كما تشير إلى حقيقة العلاقة بينهما، وممّا يدعو إلى التفكر: كون هذه العلاقة بين النفْس والنفَس، والرُّوح والرّيح، لها صدى في كثيرٍ من اللغات العالميّة، بحسب إفادة الدكتور والفيلسوف عبد الرحمن بدوي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***///*** [في دائرتَي (النَّفس) و(الرُّوح)] ***///*** (Re: صلاح عباس فقير)
|
إذن فقد تعلقت نفخة الملك بألطف شئ في الجسد ، أي بالروح الحيواني أو ما يسميه ولي الله الدهلوي بالنسمة أو ما يسمى الآن بالأكسجين ، فلذلك يَعتبر ولي الله الدهلوي هذا الروح الحيواني
Quote: "برزخاً متوسطاً بين الروح الإلهي والبدن الأرضي" |
بحيث لا يتصل الروح الإلهي بالبدن مباشرة ، ولكن من خلال الروح الحيواني فعندما يكون هذا سارياً عبر العروق والشعيرات من القلب إلى سائر الجسد يكون الروح الإلهي مستقراً فيه متعلقاً به . ولا شك أن هذه العلاقة بين الروح السماوي المنفوخ والروح الحيواني اللطيف (الأوكسجين). تذكرنا بما رأيناه من علاقة في اللغة بين الروح/ الريح والنفس/النفس (بسكون الفاء ثم بفتحها)
| |
|
|
|
|
|
|
|