|
|
 عاشوراء: التاريخ والحاضر
|
عاشوراء هي المناسبة السنوية التي يحيي فيها المسلمون الشيعة ذكرى مقتل الإمام الحسين على يد جيش يزيد بن معاوية، في نزاعهما من أجل خلافة المسلمين.
والحسين ابن بنت رسول الله وقف في هذه المعركة مقاتلا رغم قلة عدد أنصاره بعد أن تخلى عنه من وعدوه بالنصرة، أمام جيش كبير العدد تقدره الروايات الشيعية بثلاثين ألف مقاتل.
وهي من ثم تحمل الكثير من معاني الثبات على الحق، والصمود، والشجاعة، والتضحية والإيمان بالمبدأ والدفاع عنه حتى النهاية.
وتعاد في إحياء الذكرى روايات تفصيلية عن وقائع المواجهة، وأقوال الإمام الحسين ووصاياه في لحظاته الأخيرة.
تحيط أصوات الرواة بأجواء المكان من خلال مكبرات الصوت، بصوت خاشع، يصل إلى البكاء في مواضع عدة، مصحوبا بشهيق عال لبكاء الجمهور الذي يستمع إليها.
وتسير جموع من الشباب والرجال والفتية تضرب على صدورها، في ما يعرف باللطائم، تعبيرا عن الحزن. كما تنشد الندبيات بإيقاعها الحزين وكلماتها المؤثرة.
وأضافت الأمطار التي هطلت بغزارة على بيروت يوم الثلاثاء العاشر من محرم هذا العام - 2007 الميلادي - جوا شاعريا مؤثرا، حيث بدا وكأن السماء تبكي مع الباكين.
وعادة ما تحيط بفعاليات إحياء الذكرى في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله اللبناني، إجراءات أمنية مشددة لضبط الجموع الغفيرة التي تحضرها، وللحيلولة دون حدوث ما يعكر صفو الذكرى الدينية.
ولأن عاشوراء هذا العام هي الأولى بعد حرب تموز التي تعرضت خلالها الضاحية الجنوبية لقصف مركز من إسرائيل، ولأنها تأتي وفي الذاكرة ما يشهده إحياء الذكرى في العراق في السنوات الأخيرة من اعتداءات على المشاركين فيها، فقد كانت الإجراءات الأمنية أشد.
كما كانت الاستحضارات التاريخية للذكرى على الواقع الحاضر أكثر.
المعنى
فعاشوراء في معناها الأساسي هي "ذكرى تجديد البيعة للإمام الحسين". وبالنظر إلى ما تعرض له لبنان خلال حرب تموز من قصف إسرائيلي استهدف بشكل خاص المجتمع الشيعي الذي نشأ فيه حزب الله، الطرف الثاني في الحرب، فإن تجديد البيعة يعني لهذا المجتمع الكثير.
والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله افتتح خطابه بالتأكيد لهذا المجتمع الذي تعرض أثناء الحرب للتهجير من جنوب لبنان، ومن الضاحية، ومن البقاع، بأنهم كانوا في عام 2006 "الأصدق والأقوى" في عهدهم مع الإمام الحسين على الصمود.
من أطفال بعمر السنتين إلى شيوخ في خريف العمر تسير جموع على رأسها عصابات حمراء وصفراء وخضراء مكتوب عليها "يا حسين"، "يا أبا الفضل" وترفع رايات تقول إن "عاشوراء تؤكد انتصار الحق على الباطل" و"كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء". شابات ونساء يتجمعن في مسارات خاصة، بعضهن يشاركن في المسيرة، وبعضهن يقفن على جانبي الطريق ضمن لجنة التنظيم ؟ الانضباط، وكثير منهن يحملن أطفالهن الصغار رغم المطر والبرد.
العلاقة مع إيران
وفي ظل هذا الجو المشحون بالمشاعر يصل منشد المسيرة الخيط بين صاحب الذكرى، وبين مفجر الثورة الإيرانية التي أنبتت نظاما إسلاميا شيعيا حاكما، وبين الحزب اللبناني الذي يرى نفسه الوريث لهذا الإرث.
مسيرات عاشوراء تزرع في أجيال جديدة معاني معاصرة للذكرى التاريخية
"بالدم الحسيني.. نحفظ عهد الخميني.. بايعناك حزب الله بالروح واليدينِ"، والعلاقة العضوية بين حزب الله والثورة الخمينية مثار جدل سياسي داخلي دائم في لبنان.
معارضو هذه العلاقة يقولون إنها تتجاوز أطر العلاقة الروحية ؟ كالتي تجمع المسيحيين بالفاتيكان مثلا ؟ إلى علاقة تحدد للحزب خياراته متجاوزة الدولة اللبنانية، ومتسببة بالضرر لها، من وجهة نظرهم، في بعض الأحيان.
أما حزب الله الذي لا ينفي علاقته الوطيدة بإيران الثورة الخمينية فإنه يصر على أن الحزب لبناني في خياراته. وإن "الصداقة" مع إيران هي تحالف لكنها ليست تبعية مطلقة.
وتأتي ذكرى عاشوراء هذا العام بعد أن وضعت الإدارة الأمريكية، على لسان الرئيس جورج دبليو بوش، حزب الله في المرتبة الثانية من حيث الجماعات "الإرهابية" ؟ حسب التصنيف الأمريكي ؟ الأكثر خطورة، بعد تنظيم القاعدة.
ولذلك يرى عزت، أحد المشاركين في المسيرة، أن عاشوراء تذكره بـ "وجود يزيد كطالب سلطة ؟ والآن هناك كثيرون طلاب سلطة ؟ وفي عصرنا هناك كثيرون يزيديون، وعلى رأسهم جورج بوش."
وفي المسيرة الحسينية يكرر، من ثم، أنصار حزب الله هتافهم المعتاد "الموت لأمريكا.. الموت لأمريكا." بقبضاتهم المرفوعة في الهواء.
وتعارض قوى 14 أذار التي تمثل الأغلبية النيابية مثل هذه المواقف المتشددة تجاه القوة العظمى.
ويرى رئيس الهيئة التنفيذية في حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، أن الأزمة السياسية الحالية في لبنان هي أزمة بين رؤيتين للبلد مختلفتين في أمور كثيرة أحدها أنها بين "لبنان المنفتح على العالم كله، ولبنان ؟الموت لأمريكا؟".
لكن حزب الله يرى أن الانفتاح لا يعني التخلي عن مقاومة المعتدين، وهو يصنف أمريكا على رأسهم.
كما جاءت ذكرى عاشوراء هذا العام بعد أقل من أسبوع من مواجهات شهدتها منطقة الطريق الجديدة ومحيط الجامعة العربية بين أنصار تيار المستقبل وأنصار لحركتي أمل وحزب الله أودت بحياة ثلاثة أشخاص على الأقل.
وقد أثارت هذه المواجهات المخاوف من انزلاق البلد إلى فتنة سنية شيعية، رغم تأكيد زعماء التيارات السياسية من الجانبين أنهم لن يسمحوا أبدا بهذا.
بعد أن انفضت مسيرة عاشوراء سألت شيخا وشابا وفتاتين عن معنى عاشوراء في هذه الظروف، فاتفقوا جميعا على أن عاشوراء "هي مدرسة تعلم وحدة المسلمين جميعا، وأنها لا تخص الشيعة وحدهم، لأن الإمام الحسين خرج للإصلاح في أمة جده."
الأكبر سنا من هؤلاء أضاف أنها تعلمه أيضا "حب الشهادة"، وعدم الخوف من الموت إذا سارت الأمور إلى الأسوأ.
منقول يا جماعه !!!!!
|
|
 
|
|
|
|
ايهاب نميري
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست