رسالة دكتوارة تناقش وتجاز فى منزل بالدروشاب

Quote: أدركوا التعليم العالي عبد الرحمن الأمين كشفت نسبة النجاح في امتحان المعادلة لمهنة القانون عن تدنٍ مريع في مستوى الطلاب الجالسين، فمن مجموع الجالسين للامتحان والبالغ عددهم 1752، نجح فقط 152 طالباً فقط، أي بنسبة نجاح تبلغ 15%، في حين رسب في أكثر من مادتين 950 طالباً. وظننا (وبعض الظن اثم) أن الرسوب ربما كان راجعاً إلى صعوبة الامتحانات وعسرها، ولكن مولانا صلاح أبوزيد سكرتير مجلس تنظيم مهنة القانون سارع لينفي كل ما دار بخلدنا ، وأكد أن الامتحانات لم تخرج على المقرر وأنها تعد تحت اشراف مهنيين. إذن هذه النتيجة المروعة، تكشف أول ما تكشف عن خلل جذري في التعليم العالي، وسبق من قبل أن كشفت امتحانات القيد الصحفي عن خلل مماثل، ما من أحد ينكر أن الانقاذ توسعت في التعليم العالي ، ولكن هذا التوسع حدث على حساب المستوى، إذ توسع التعليم العالي كماً وانكمش كيفاً، ورأينا كيف أن الجامعات انشئت في غياب الاستاذ الجامعي الكفء والمؤهل ، وفي غياب الكتب والمراجع والمكتبات ودون ان تؤسس المعامل، وظننا ونحن نسابق الزمن أننا بذلك نحدث ثورة ، ولكن الحصاد الذي بين ايدينا أننا أضعفنا المستوى وانحدرنا بالتعليم. دعونا نناقش القضية في اناة وروية ، فالنتيجة التي بين ايدينا تكشف خللاً واضحاً، هذا الخلل يوجب علينا التواضع ومراجعة الثغرات ؟ وأذكر عندما تبنى بروفسير إبراهيم أحمد عمر وزير التعليم العالي آنذاك ثورة التعليم العالي ، أذكر أن أحدهم توجه بسؤال للامام الصادق المهدي عن رؤيته لما يجري ، وكانت اجابته (أن الانقاذ إنما تريد أن تحلي برميل ماء بملعقة سكر)، وكان رد البروفسير إبراهيم (أن الانقاذ ستحليها بالبركة). ولكن النتيجة المستبانة اليوم أنه لا يمكن فعلاً أن تحلي برميل ماء بملعقة سكر. إن اسس الخلل واضحة، إذ تم افتتاح جامعات في أركان قصية وعانت وماتزال تعاني من نقص الاساتذة المدربين والمؤهلين، إن أكثر ما يخيفنا في نتيجة طلاب القانون أن هؤلاء ترتبط مهنتهم بمصير واقدار البشر ، تماماً مثلهم مثل الأطباء ، لذا فإن التأهيل والتأهيل العالي شرط أساس ولازم. ثم إن هذا الذي حدث ينبهنا إلى حقيقة مهمة، أنه في ظل النقص الحاد في الأستاذ الجامعي المؤهل كيف يمكن لنا أن نطيح بـ257 من اساتذة جامعة الخرطوم؟!، إن مثل هذه النتيجة تدفعنا للتمسك أكثر بمجموع هؤلاء الأساتذة ، لنحاصر هذا الخلل التعليمي، ولنبدأ في معالجات جادة ترتفع بالمستوى. ومن بعد أن تبين أن الدولة تستخدم مستشارين في مواقع لا يستشارون فيها ، ويتقاضون مرتبات دون أن تعهد إليهم بمهام محددة، من بعد هذا لا يمكن القول إن ميزانية الدولة ليس بوسعها أن تتعهد وأن تتكفل بأساتذة في تخصصات نادرة . إن الذي أقعدنا و يقعدنا هو سياسة التطفيف وازدواجية المعايير، عليه فإن المصلحة توجب أول ما توجب الأبقاء على الأستاذ الجامعي وسد جوانب النقص ومراجعة التعليم العالي ، حتى لو اقتضى الأمر الدمج والتجفيف، فليس هناك من معنى أن نتوسع كماً ونتراجع كيفاً، وبين ايدينا حصاد ما زرعنا وثمرة ما فعلنا