|
المستجير من الرمضاء بالنار
|
المستجير من الرمضاء بالنار منذ تأسيسها على خلفية أحداث منطقة البلقان لم تحظ هذه المحكمة بالترحيب الدولي المطلوب لمناهضة الولايات المتحدة لها من جهة وعدم قدرتها على فعل شئ ملموس عدا المحاكمات التي طالت بعض قادة الصرب الارثوذكس حلفاء روسيا لصالح المسلمين البوسنيين، ثم عادت وبرأت يوم امس صربيا من جرائم ضد الانسانية في البوسنة!! والمحكمة في نظر الكثيرين هي امتداد لمحاكم مابعد الحربين العالميتين والتي طالت امراء الحرب اصحاب هتلر وموسليني وعلى هذا النحو فإن الاوروبيين اليوم والذين يعيدون استعمار العالم يستخدمون هذه الاداة لمحاكمة رؤساء وافراد الشعوب بحجة انتهاكهم للقانون الدولي الانساني وكأنما هم وسيدتهم امريكا لم يرتكبوا الفظائع في افغانستان والعراق وفلسطين ويشجعون عليها. ان محكمة الجزاء الدولية ليست محكمة قانون ولا عدالة ولكنها محكمة سياسية من الدرجة الاولى وتستخدم كأداة حادة وعصا غليظة تطرق على رؤوس كل ناشز عن بيت الطاعة. مشكلة دارفور التي بدأت محلية وتطورت الى مشكلة دولية على نحو ما تشهده ازمات كثيرة في العالم ومنها مشكلة الجنوب استغلها الغرب باستخدام (شعار التطهيرالعرقي (والحكومة الاسلامية العربية لابادة العناصر الافريقية في دارفور وكأنهم ليسوا مسلمين ولا تجرى في عروقهم الدماء العربية - اكذوبة كبيرة اطلقها الغرب وكانت نتيجتها تدمير مجتمع باسره ومعاقبة شعب بكامله وفي نهاية المطاف يريدون إنصاف هذا الشعب بتقديم اثنين من ابنائه لمحكمة الجزاء الدولية - وهل يعقل ان محاكمة الوزير هارون وكوشيب ستحقق العدالة او تواسي الجراح او ترتق النسيج الاجتماعي في دارفور؟؟!!! ان سياسة المحاكمات والعقوبات ستؤدى حتما الى تأزيم الأوضاع في دارفور وتعمق الخلاف وتؤدي الى حرب اهلية يستفيد منها الاستعمار والذي يستهدف المجتمعات قبل الحكومات. ان دارفور تحتاج الى جهد دولي كبير من اجل اقرار السلام العادل ويتيح لمواطنيها العودة الى سيرتهم الاولى على قاعدة (الحقيقة والمصارحة والمصالحة وهو امر ممكن الحدوث ما دام شعبها مشبعاً بروح الاسلام وتجمعه اواصر العقيدة والارحام وتاريخ طويل من العيش الكريم والمجد المؤثل. لا شك عندي ان ابناء دارفور الذين طالبوا بالتدخل الدولي وبتقديم مجرمين للعدالة لم يكونوا يتصورون ان نتيجة جهدهم هذا في تقديم (كوشيب و(هارون لمحكمة العدالة وهم يدركون الآن ان المجتمع الدولي الذي خان مطالبهم في ابوجا يخونهم للمرة الثانية في (لاهاي عندما تمخض الجمل فولد فأراً. إنني ادعو ابناء دارفور جميعاً لاعمال العقل والحكمة في معالجة قضايا مواطنيهم وقطع العشم والرجاء في الخواجات، لان الذي يطلب العدالة منهم كالمستجير من الرمضاء بالنار. دعونا نلتئم في حوار دارفوري - دارفوري جاد وعميق لنضع حداً لمأساة امهاتنا واطفالنا هنالك. امين بناني
|
|
|
|
|
|