|
ورقة التوت مقال لاستاذ نبيل أديب عبدالله
|
ورقة التوت
لماذا لم تحترم وزارة الصحة إتفاقها مع الأطباء فعادت بهم إلى مربع الأضراب؟ . لا يبدو أن هنالك سبباً منطقياً واحداً لذلك. شاهدت في الأسبوع الماضي وزارة الصحة مرتين، وهي تطرح قضيتها في تلفزيون البي بي سي الناطق بالعربية، وكان المتحدث في المرة الأولى طبيب معروف، وفي المرة الثانية أحد إعلاميي الحكومة في الخارج، ولم يكن لأي منهما حجة في مواجهة لآ الداخل ولا الخارج . لقد عجبت لذلك الطبيب الذي يتحدث عن مهنية الأطباء تمنعهم من الإضراب ألم يشارك ذلك الطبيب في إضراب الأطباء إبان الإنتفاضة؟ هل يمكن أن توجه مثل هذه الحجة لشعب يفاخر بأنه في مرتين أسقط نظامين عسكريين، عن طريق إضراب سياسي، كان الأطباء جزء من الأول وقادوا الثاني . ألم يأتي الجزولي دفع الله لرئاسة الوزارة، وحسين أبوصالح لوزارة الخارجية على خلفية قيادتهم لإضراب الأطباء الشهير؟ ألم يشارك ذلك الطبيب فى ذلك الإضراب؟ ألا يعيبه نكوصه آنذاك إن فعل وإنكاره لحق زملائه الآن إن كان قد فعل.ألا يعرفون هؤلاء تاريخهم إذا لم يكونوا قد ساهموا في صناعته؟ ألا يعلمون أن أمة لا تعرف تاريخها لا تحسن صياغة مستقبلها؟ أما خالد المبارك فقد وجه حديثه للخارج ضارباً على وتر ما يسببه الإضراب للمرضى، متناسياً ما يلزم ذلك الدولة من ضمانات تجاههم. صحيح أن العاملين في الخدمات الضرورية يمكن تقييد حقهم في الإضراب حسب قواعد منظمة العمل الدولية، ولكن تقييد ذلك يلزم الدولة بتوفير ضمانات لهم تتمثل في إيجاد نظام سريع وفعال لتحكيم يفصل بين العاملين والمخدم بشكل حيادي ومنصف، والسماح بالإضراب المتعاطف بأن يسمح القانون لأعضاء نقابة أخرى أن يضربوا تعاطفاً مع العاملين في الخدمات الضرورية، وأخيراً جواز الإضراب بشكل لا يمنع إستمرار الحد الأدنى من الخدمة وهذا ما منعت السلطات المضربين من القيام به. وكل ذلك فى إطار قانون يحمى المضربين من الإجراءات التعسفية ويمنع العقوبة الجنائية على الإضراب . هذه هي القواعد التي يعرفها المجتمع الأوروبي والتي قررتها منظمة العمل الدولية وأيدتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان . عندما أقرأ تصريحات الأطباء من جانب وزارة الصحة يكيلون الإتهامات لزملائهم بعدم المهنية أعجب لأمرهم . أي مهنية في إجبار الأطباء على التعيش من قيادة الرقشة ليتمكنوا من إطعام أطفالهم؟ هل هنالك مهنية للجوعى؟ . إن ما تتدثر به الوزراة من حجج أصغر من رقة التوت التي حاول أن يستر بها أبونا آدم سوءته . المسألة أبسط من كل ذلك . المسألة ليست في هل هنالك حق للطبيب في أن يضرب ولكن هل هنالك حق لوزارة الصحة أن تأكل بنيها . يا وزارة الصحة كفى لجاجة وأنصفى أبناءك فوراً ليعودوا للقيام بما يجيدون عمله وهو العناية بالمرضى .
نبيل أديب عبدالله المحامي
|
|
|
|
|
|