|
|
 تشكيل حكومة عم عبد الرحيم وحاجة آمنة
|
برئاسة بت قضيم
تشكيل حكومة عم عبد الرحيم وحاجة آمنة
فتحي البحيري
(1)
مع كامل احترامنا للرعيل الأول من الممثلات السودانيات فإن الاختراق الذي أحدثه الراحل الفاضل سعيد باختلاق الشخصية النمطية بت قضيم كان له أكبر الأثر في رسم الصورة النفسية لحبوباتنا الأكارم على خشبة المسرح وشاشة التلفزيون. بت قضم دون غيرها هي التي أطلقت مبكراً جداً صوت وصورة (حاجة آمنة) التي تجسدت في وقت لاحق بأنغام وحناجر وإيقاعات عقد الجلاد وفي ملابسات ظرفية شديدة الحرج والصبر والجوع. ففي خمسينات وستينات وسبعينات وحتى ثمانينات العز السوداني لم تكن حاجة آمنة محجوبة عن الضحك والامتاع والكوميديا ولكن عوادي الزمان جعلت كلمة (حاجة آمنة- بت قضيم ) لا ترتبط - في مخيلة كاتب الأغنية الجماهيرية للمجموعة الجماهيرية عقد الجلاد – إلا بحبة دقيق ما بسوي شي وحبة عدس ما بسوي شي وسرحت في هموم العيال.. إلخ . وبين الحالين تظل هيئة الإبداع السوداني في كامل هندامها (فول سوت) وهي تقدم لنا أروع ما أنتجته مصانع الصدق والمعاناة والأصالة السودانية الفريدة.
(2)
خسئنا – للوهلة الأولى – عندما خرجت (حاجة آمنة) الأغنية من تلكم المصانع الرائعة، خسئنا ونحن نقارنها بما سبق أن قدمته لنا عقد الجلاد فنجد أن (الجماعة سكتوا) عن الإبداع الأصيل بما رأيناه – للوهلة الأولى – ابتذالاً وسوقية وانحداراً إلى دوغما الدعاية "السياسية" الرخيصة ولكن ما أن تثاءبت في وجوهنا آخر السنوات ونحن نرشف (حاجة آمنة) الأغنية مغموسة بـ(حاجة آمنة) الحالة الوطنية العامة والراهنة والقادمة ولا حول ولا قوة إلا بالله حتى اكتشفنا أن الجماعة لم يسكتوا بقدر ما كانت آذاننا الإنسانية هي الموصدة وهلة- أو لذاك! يالله: البطل هنا ليس علي عبد اللطيف سيداتي آنساتي سادتي ولا هو أبوزيد الهلالى ولا كائناً من كان، البطل هنا هو جالوصنا ذاته ذلك الذي أنضجته شمسنا الصاقعة هذه نفسها على نار "الظروف" الهادئة:
(عارف الوجع فى الجوف شديد
عارفك كمان ما بتقدري
اصبرى.. اصبري
جاهلك شكى وجاهلك بكى
وفى بيتك المرق اتكى
والشيء البحير وما بحير ما بيه يا حاجة الزكاة ...
طلع الصباح لو ليك مراد يا حاجة ما تطلع شمس
والليلة عندك زى أمس
لسه الرويدى مع الصباح من مدة ماجاب ليك خبر
كان جوفو زى جوف العيال من مدة داير ليه حجر
والله على الزمن الحجر
المابي بالصبر اتكرى
سرحتي في هموم العيال كيفن يعملوا مع الدروس
وسرحتي في حق الفطور باقي الامور البي القروش
واحد زمن داير ردا واحد خلاص قلمو اتكسر
زي التقول أكلوا الصبر
يا حاجة آمنة اصبري
مشيتي لي برج الحمام برجك صفحتين ما بزيد
ومشيتي لي برج الحمام كان تلقي ليك جوزاً جديد
يمكن بعد طلع الصباح يغشاكى زولاً يشتري
هبشتي جاي فتشتي جاي كان تلقى سكر بس محال
باقي الرطيل الفي الكرت يا حاجة سفوهو العيال
يا حليل زمان وسنين زمان
يا حاجة لو تتذكري ... يمه
وسمعتي صوت جاك من بعيد
وبعد قليل بابك ضرب
وسمعتي صوت جاك من بعيد
شالك تعب ... ختاك تعب
يا حاجة ناس المويه جوك
أصلو الشهر روح جرى
يا حاجة آمنة اصبري
بعد صراع وصراع طويل
يا حاجة بينك والمحال
ما لقيتي في داك النهار شيتاً ويجو ياكلو العيال
حبة عدس ما بسوي شي وينو البصل وينو اللحم
حبة عجين ما بسوي شي وينو الدقيق وينو الفحم
من جاي لجاي
هبشتي جاي فتشتي جاي
كان تلقي شي
لازمك كتير شان تقدري
لازمك كتير اتقدري )
(3)
وعلى الرغم من أن البون شاسع بين هموم ومشاكل بت قضيم زمان وبين هموم ومشاكل حاجة آمنة الآن. على الرغم من أن المجال هناك كوميديا (ربما تتراءى لنا بعض موضوعاتها الآن ساذجة إلى هذه الدرجة أو تلك ) وهنا تراجيديا (جارحة ومحرجة المحتوى ) إلا أن الملامح الإبداعية الواضحة الشمم هي هي . إلا أن رائحة الإيواء السوداني السخي هي هي. إلا أن طعم الحياة والحب الذي كتبه الله لنا وعلينا في أول الأمر وآخره هو هو. لهذا ربما يعن لنا أن نطالب بإلغاء كل ما دون هذا الطعم وتلك الرائحة وتينك الملامح . إلغاء كل ما دونها فوراً وبأية مراسيم شئتم. إلغاء المساحات والفرص المهدرة والمسلسلات التركية والمكسيكية والبيكومونات العجيبة التي لا تزال تنزو وتتقافز على حاضرنا ومستقبلنا نزو القرد. أجل. شكلوا وبأعجل ما تيسر حكومات (توفير العدس) وحده والطباشير بمفرده والأدوية المنقذة للحياة فقط لا غير، حكومات (تفقه) الجالوص ولا تضيع حفيدات بت قضيم وحاجة آمنة في السلالم والأسانسيرات التي ليست هي منهما ولا من جوعنا وربوعنا تعالي يا بت قضيم نشكل حكومة حاجة آمنة... حكومة ربات البيوت.
(4)
الفكرة هنا سيداتي آنساتي ليست نسونةfeminism لهذا سنستدعي مرة أخرى عم عبد الرحيم (النص يحمل بين طياته مرة أخرى حاجة آمنة وحاجاتنا تلك التي تؤلمنا هاهنا، أليس كذلك ؟ ) والفكرة هنا سيداتي آنساتي ليست سياسة بالمعنى الفج لهذا سنكتفي بهذا القدر:
فتاح يا عليم رزاق يا كريم صلى على عجل
همهم همهمه
حصن للعباد وهوزز سبحتو ودنقر للتراب
هم فوق هم هما
صنقع للسما وكان في الجو في غيم
وكم نجمات بعاد.. وكان الدنيا صيف
لا قالتو كيف اصبحت كيف ..
لا لمست حنان ..
لا لمست وداد.. لا رمشة طريف
من قلبا وفي
زي أيام زمان أيام الدفي
كانت ماها في
كانت في المراح ..
شدتلو الحمار تحلب في الغنم..
لــي شاي الصباح
والطير ما نضم.. ما رسل نغم..
عم عبد الرحيم اتوكل نزل
***
عم عبد الرحيم ماشي على الشغل
الدنيا أم صلاح تبدأ من التكل
من حجة صباح في حق الملاح
في اللبس الجديد..
في القسط القديم.. وبيناتن عشم
في الفرج البعيد..
أمونة الصباح.. قالتو النعال والطرقه انهرن..
ما قالتو جيب..
شيلن يا الحبيب غشهن النقلتي والترزي القريب
بس يا أم الحسن طقهن ما بفيد
وإن طال الزمن لازمك توب جديد
بي أي تمن...
غصباً للظروف والحال الحرن
عشان يوم الرحول ما تنكسفي يوم...
لو جاراتنا جن مارقات لي صفاح..
أو بيريك نجاح..
دا الواجب اذن..
وإيه الدنيا غير.. لمت ناس في خير أو ساعة حزن
عم عبد الرحيم ياحر ماك حر
ياريت التمر ياريت لو يشيل كل تلات شهر
ولا أيام زمان كانت ما تمر
كان ما جاك هوان ما لاقاك ضر
كان لا ضقت ضيق.
لا اتغرغرت الصبر
لا شابيت غريق
لا طوحك الفقر..
وكان ما كان وكان اكسيك در..
***
يا العبد الشقي ما اتعود تشكي
لكن الكفاف فوقك منتكي
والسوق فيك يسوق حالاً ما بتسر
إلا كمان في ناس فايتاك بالصبر
ساكنين بالإيجار ... لا طين لا تمر
واحدين بالإيجار ما لاقين جحر
سلعتهم الضراع والعرق اليخر
تقدح بالأجر ومرة بلا أجر
***
عم عبد الرحيم يا كمين بشر
صح الموت سلام ما يغشاك شر
(5)
صح الموت سلام يا عبد الرحيم ويا مصطفى سيد أحمد ويا الفاضل سعيد ما يغشاك شر وسلام مربع لعقد الجلاد وهلاوي (رغم مرارة الأيام) .. والتحايا لكل ربات البيوت في ربوع هذه البلاد..كل بت قضيم وحاجة آمنة... اتصبّري اتصبّري..
|
|
  
|
|
|
|
فتحي البحيري
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست