|
أجراس الحريّة تحتجب عن الصدور بسبب عودة الرقابة الأمنيّة
|
قررت هيئة تحرير صحيفة أجراس الحريّة عدم الصدور اليوم الخميس وذلك بسبب الكم الهائل من المواد التي حذفت منها بواسطة الرقيب الأمني، واحتجاجاً على عودة الرقابة الأمنية على الصحف الجدير بالذكر أن الرقيب الأمني قد جاء الى مقر الصحيفة في تمام الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم أمس، أي قبل أن تذهب الجريدة الى المطبعة بساعة أو أقل. وبعدها أمر بحذف عدد كبير من المقالات والأعمدة، كما قام بحذف صفحة كاملة خصصت عن الحريّات الصحفيّة؛ الشئ الذي جعل من صدور الصحيفة أمراً غير ممكن.
|
|

|
|
|
|
|
|
Re: أجراس الحريّة تحتجب عن الصدور بسبب عودة الرقابة الأمنيّة (Re: هشام الطيب)
|
ننشر على هذا البوست بعضاَ من المواد التي تعرضت للحجب من النشر الورقي بأمر الرقابة مساء يوم أمس ..
الصحافة السودانية، خطوة للامام خطوتان للخلف تقرير: صالح عمّار
تكريما للصحافي الاميركي دانيال بيرل الذي قتل في باكستان، وبحضور زوجته وطفله ادام البالغ من العمر سبع سنوات، وقع الرئيس الامريكي باراك اوباما امس الاول في واشنطن قانونا يقضي بوضع قائمة بالحكومات التي تنتهك حرية الصحافة، ويقضي القانون بان تقوم وزارة الخارجية باعداد قائمة باسماء تلك الحكومات. وقال اوباما ان القانون سيسهم في الابقاء على ارث بيرل الذي خطف وقتل في باكستان عام 2002، حيا. واضاف اوباما ان "خسارة دانيال بيرل كانت واحدة من اللحظات التي استقطبت انتباه العالم لانها ذكرتنا بقيمة حرية الصحافة". وقال ان القانون "يبعث برسالة قوية من الحكومة الاميركية ووزارة الخارجية باننا نهتم بكيفية تصرف الحكومات فيما يتعلق بالصحافة". واوضح ان "هذا القانون، وبطريقة متواضعة للغاية يضعنا وبوضوح الى جانب الحرية الصحافية". وكان بيرل (38 عاما) رئيسا لمكتب صحيفة وول ستريت جورنال لجنوب اسيا عندما خطف في كراتشي في 23 يناير 2002 اثناء قيامه بتحقيق حول المسلحين الاسلاميين. وسلم الخاطفون القنصلية الاميركية في كراتشي شريط فيديو يصور عملية قطع راس بيرل بعد ذلك بشهر. ويأتي إصدار القانون بعد اسابيع قليلة من الإحتفال بيوم الصحافة العالمي، الذي يعتبر مناسبة عالمية لمراجعة اوضاع الصحافة ومستوي الحريات المتاح لها ورصد الإنتهاكات المرتكبة ضدها. الصحافة السودانية في وادٍ آخر إصدار الرئيس الامريكي لقرار يعاقب الدول التي تنتهك الحريات الصحفية، يأتي في وقت كما يري مراقبون، تصاعدت فيه الإنتهاكات ضد الصحافة السودانية التي تعاني اصلاً من عدد كبير من العقبات والعوائق. آخر هذه التطورات كان ماجري لصحيفة رأي الشعب، ففي مساء السبت (15 مايو) أصدر مدير جهاز الامن قراراً يقضي بالحجز على ممتلكات شركة الندوة للصحافة والإعلام المحدودة وإيقاف صحيفة رأي الشعب المملوكة لها، كما تم إعتقال عدد من صحفيي وإداريي صحيفة رأي الشعب (وهم أبوذر علي الأمين نائب رئيس التحرير، ناجي دهب المدير الإداري، أشرف عبد العزيز المحرر العام، و أبوبكر السماني مشرف طباعة الصحيفة بمطبعة التصوير الملون). واوضح بيان اصدره جهاز الامن ان القرار جاء وفق أحكام المادة 25 (د) من قانون الأمن الوطني لسنة 2010م مقروءاً مع المادة 26 (أ) و(ب) من قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009م. وقال مصدر أمني رفيع لـلمركز السوداني للخدمات الصحفية (المحسوب علي الاجهزة الامنية) إن حيثيات القرار جاءت على خلفية التناول الصحفي المضلل لصحيفة رأي الشعب، والمُضر بالأمن القومي للبلاد، دون مراعاة لأسس التناول الصحفي المهني والموضوعي، في استهداف مستمر لمقدرات الوطن ومكتسباته وإشاعة الفتنة والإساءة لعلاقات السودان بأشقائه وجيرانه والأسرة الدولية. من جانبه أبدى المجلس القومي للصحافة أسفه لصدور القرار الخاص بإيقاف صحيفة رأي الشعب مؤكداً أنه سيقوم بدراسة تداعيات القرار مع كافة الأطراف المعنية بجوانبها المختلفة تمهيداً لما يمكن أن يتعين القيام به. وقال الأمين العام للمجلس العبيد احمد مروح في تصريح خاص لـ(smc) إن المجلس يأسف للقرار من حيث المبدأ مبيناً أن المجلس لم يكن طرفاً في القرار الخاص بإيقاف الصحيفة وقال القرار حتى الآن لا يمس مساحة الحريات التي أتاحتها اتفاقية السلام والدستور حول التعبير المسئول. إلا ان العبيد إستدرك قائلاً أن الخط التحريري الذي كانت تنتهجه الصحيفة كان يمكن أن يؤدي إلى هذه النتيجة أو نتائج أخرى مشابهة، مبيناً أنهم قاموا في المجلس بتنبيه الصحيفة أكثر من مرة بإجراءات يمكن أن يقوم بها المجلس، تتعلق بالرصد والشكاوي وإجراءات أخرى في إطار علاقات المجلس بالمجتمع الصحفي وقال: لفتنا انتباههم أكثر من مرة أن ينتبهوا للمعالجات الصحفية التي من شأنها إثارة الفتن في المجتمع، وهذه مسألة متصلة بالإساءة للدولة ورموزها. رئيس تحرير صحيفة رأي الشعب ياسين عمر الامام اصدر بيانا ادان فيه تعدي جهاز الامن علي مقر ومباني الصحيفة واحتلالها ـ حسب تعبيره ـ وأكد علي أن هذا السلوك المضاد للحريات يشكل انتكاسة كبري للتحول الديمقراطي الوليد، وجرح عميق للحريات السياسية، وصفعة في وجه حرية الصحافة . فيما اصدر عدد من التجمعات الصحفية بيانات نددت بإقفال الصحيفة، وعقدت الاحزاب السياسية المعارضة مؤتمراً صحفياً ادانت من خلاله التعدي علي الحريات الصحفية. من جانبها، ادانت منظمة العفو الدولية إغلاق الصحيفة واعتقال الصحفيين، وقال مدير قسم افريقيا في المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان اروين فان دير بورت "يجب على السلطات السودانية الكف عن محاولة اخراس المعارضة باللجؤ الى قوات الامن لقمع حرية التعبير". واضاف بورت ان العاملين الاربعة في الصحيفة "اعتقلوا لا لشيء سوى لانهم يمارسون سلميا حريتهم في التعبير. ونحن نطالب بالافراج عنهم في الحال". الكاتب والناشط الصحفي اتيم سايمون وفي تعليقه لـ (اجراس الحرية) علي قرار إقفال صحيفة رأي الشعب يقول ان "الحكومة دشنت عهدها الجديد بإعتقال حرية التعبير، في فترة المجتمع والدولة احوج مايكون فيها للصوت الآخر"، ويعتقد سايمون ان هامش الحريات الذي اتيح في مرحلة الانتخابات كان مرحلياً "الحكومة كانت تريد تهدئة الاوضاع مع الصحافة قبل الدخول في الانتخابات، وبعد نهايتها ومع تسليط الصحافة الضؤ علي الانتهاكات المصاحبة للانتخابات وعدد كبير من الصحفيين كانوا من المراقبين، كان لابد للسلطة اتخاذ اجراءات للتضييق" واقع معقد وقيود مكبلة تواجه الصحافة السودانية تعقيدات ومشكلات تمتد لكل تفاصيلها. اول هذه العقبات قانون الصحافة نفسه الذي اقره المجلس الوطني في يوم 10 يونيو 2009 م. وتذهب الكثير من الآراء إلي ان القانون يعتبر الاسوأ في تاريخ السودان، الذى يعتبره الصحفيون الأسوأ في تاريخ السودان، وقد منح القانون الجديد مجلس الصحافة صلاحية إصدار قرارات إغلاق الصحف لمدة ثلاثة أيام دون تفويض من القضاء، الامر الذي يتحفظ عليه الكثيرين باعتبار ان المجلس الذي يتكون من (21) عضوًا، يقوم رئيس الجمهورية بتعيين (6) منهم من بينهم الامين العام ؛ فيما يقوم المجلس الوطني باختيار بقية الاعضاء، في الوقت الذي يسيطر فيه حزب واحد علي رئاسة الجمهورية والمجلس الوطني، مما يفسح المجال لمزيد من سيطرة الدولة على مجلس الصحافة. وبموجب هذا القانون يوكل للسلطات الحكومية القدرة على فرض القيود على الصحافة لإعتبارات "الأمن القومي والحفاظ على النظام العام". و لم يخلو القانون من العبارات الفضفاضة التي تحتمل تأويلات وتفسيرات عدة من قبيل حظر نشر كل ما من شأنه "إثارة الفتن الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الدعوة للحرب أو العنف"، والتأكيد أن على الصحف "إحترام وحماية الأخلاق العامة، والقيم الدينية". وفي الآونة الاخيرة، تواجه الصحف وتحديداً ذات التوجه المعارض للسلطة عدداً من البلاغات المفتوحة ضدها من الاجهزة الامنية ومؤسسات الدولة الاخري، وتأتي صحيفة اجراس الحرية المستقلة وذات التوجه الديمقراطي. ويبلغ رصيد الصحيفة حاليا ستة بلاغات، وفي شهر مايو الحالي تردد رئيس تحرير الصحيفة عدد من المرات علي المحكمة والنيابة المختصة في قضايا رأي، وكان التاسع من هذا الشهر واحداً من المحطات المهمة في مسيرة الصحيفة حيث مثل رئيس التحرير بالإنابة فايز الشيخ السليك امام محكمة الخرطوم شمال في بلاغ مفتوح ضد الصحيفة تحت المادة (66) من القانون تتعلق بإثارة الكراهية بسبب مقال كتبه الحاج وراق، السليك في تعليقه علي التهم الموجهة إليه قال (هذا يؤكد أن التحول الديمقراطي يواجه صعوبات جمة وهذه من أصعب لحظات المخاض للتحول الديمقراطي، المؤتمر الوطني يقول لا للآخرين ولا يريد سماع صوتهم) ويواصل في وصف مأتم قائلاً (هذا يتناسق مع الجو العام السائد في البلد والإنقاذ تتأهب لنسختها الثالثة، أجواء القمع والتخويف والابتزاز وكل الأساليب الاخري المشابهة). الخبير الإعلامي والكاتب الصحفي فيصل محمد صالح يري في حديثه لـ (أجراس الحرية) (أن الملاحقات القضائية هي احدي وسائل القمع، في الماضي كانت السلطات تقمع خارج القانون، ولكن لان القمع خارج القانون مدان محليا ودوليا، تلجأ النظم الشمولية لشكل من أشكال القمع الذكي بالقانون نفسه عن طريق صياغة قوانين تتعارض في جوهرها مع حقوق الإنسان والحريات الأساسية) ويعدد صالح أنواع العقوبات التي يواجهها الصحفيين (هي سلسلة من العقوبات المفتوحة التي تبدأ بالغرامات الباهظة والغير محددة بسقف، كما أن هناك عقوبة السجن في قضايا النشر وهذه لتوجد في النظم الديمقراطية، أما في السودان فيمكن أن يسجن الصحفي بقانون الأمن والقانون الجنائي، إضافة إلي عقوبات الإيقاف المؤقت والإيقاف النهائي وإلغاء التراخيص). المخارج والحلول، رؤي ومقترحات يقول الكاتب الصحفي اتيم سايمون ان الصحافة السودانية وبعد اتفاقية السلام الشامل في 2005 التزمت بما هومناط بها من تعريف بالمرحلة وتسليط الضؤ علي متطلباتها بالتركيز علي عملية التحول الديمقراطي، وكان المجتمع الصحفي في هذه الخطوة متقدما علي المؤسسات الصحفية، وعليه لم يكن من المستغرب ان يتحرك الصحفيين لانتزاع حقوقهم المنصوص عليها في الاتفاقية، في ظل تباطؤ الحكومة وتلكؤها. ويضيف سايمون، نجح الصحفيين في الضغط علي الجهات الحكومية وتوسيع قاعدة الحريات في البلاد، وفي هذا الجانب ظهرت اجسام تعبر عن هموم الصحفيين في مجال عملهم، بدأت بتضامن الصحفيين ثم تحولت لشبكة الصحفيين، ويعتقد سايمون ان ظهور هذا الجسم قاد لاهتمام عالمي ومحلي للانتهاكات التي ترتكب في السودان، واصبحت هناك جهة تقيم ورواية خارج الرواية الرسمية. ويري سايمون ان هناك ضرورة قصوي لتضامن الصحفيين لضمان حرية التعبير وكشف الاخطاء، كما يقترح ضرورة اعداد تقرير عن الاوضاع الصحفية في السودان. فيما يري فيصل محمد صالح وجوب القيام بحملة علي ثلاث مستويات لإنتزاع حرية الصحافة (مستوي النصوص والقوانين التي يجب ان تضمن حرية الصحفيين في الحركة والحصول علي المعلومات، ومستوي الممارسات العملية المنتهكة لحرية الصحافة التي تقوم بها الاجهزة الامنية، ومستوي الحرب علي العقلية الشمولية).
| |

|
|
|
|
|
|
Re: أجراس الحريّة تحتجب عن الصدور بسبب عودة الرقابة الأمنيّة (Re: هشام الطيب)
|
الخرطوم تستقبل رسالة القاهرة، ود.الترابي الضحية صالح عمار [email protected] دون مقدمات اوتهئية الرأي العام للخطوة، وفي ساعة متأخرة من مساء السبت (15 مايو) كان العشرات من ضباط وجنود جهاز الامن، يحملون الامين العام للمؤتمر الشعبي د.حسن الترابي لمكاتب الجهاز، لما يعتقد انها فترة إعتقال جديدة هي الخامسة في مسيرة الشيخ حسن مع أعضاء حزبه وتلاميذه (السابقين) منذ العام 2001 تاريخ اعتقاله الاول. مساء نفس اليوم، كان منسوبي الجهاز يتسلمون مبني صحيفة "راي الشعب" ذات الصلة بحزب المؤتمر الشعبي ويعتقلون عدد من العاملين فيها. في غرب دارفور وجنوبها، وبعد فترة توقف طويلة عقب إتفاق وقف العدائيات بالدوحة، عادت اصوات البنادق والمدافع من جديد، ودارت معارك ضارية بين القوات الحكومية وقوات حركة العدل والمساواة سقط فيها مئآت القتلي من الطرفين ومن المدنيين خلال الايام الماضية. وعلي بعد الآلآف الكيلومترات من الخرطوم ودارفور في العاصمة اليوغندية كمبالا، وقعت اربع من اهم دول حوض النيل لاول مرة في تاريخها، إتفاقية الإنتفاع بمياه النيل وسط رفض من اعلي مستويات السلطة السياسية بالقاهرة، ورفض سوداني مماثل (ولكنه لم يتجاوز مستوي الفنيين والخبراء). في القاهرة حط رئيس حركة العدل والمساواة د.خليل إبراهيم رحاله، واستقبل هناك بحفاوة شعبية ورسمية، لاتترك اي فرصة للإجتهاد للوصول لنتيجة انه إستقبال مقصود ومرتب من اجهزة مصر السياسية والامنية. التركيز الاعلامي والإهتمام السياسي والجماهيري، انصب في معظمه خلال الايام الماضية علي الاحداث آنفة الذكر ونتائجها. ومع انه لايبدو وكأن هناك اي إرتباط بين هذه الاحداث لاول وهلة، إلاان الكثير من الوقائع (والخيوط) تؤكد أن هناك ثمة ربط بين ماجري في القاهرة والخرطوم وعنتيبي ودارفور، مع تفاوت في درجة الإرتباط بين هذه الاحداث. وكلمة السر في هذه المعادلة والرابط بين هذه الخيوط مصر في المقام الاول. مطلوبات مصرية، وغموض في مواقف الخرطوم مصر المثقلة بتاريخها الطويل في صدارة المعادلة الاقليمية، تتعرض في السنين الاخيرة لإختبار حقيقي لمدي مقدرتها علي الحفاظ علي هذه الصدارة، والملف السوداني واحد من أهم نقاط هذا الإختبار. قضايا الوحدة ومياه النيل تبرز كأهم الاولويات بالنسبة لمصر في هذه المرحلة. في هذا السياق، كانت مصر ـ في محاولة هي الاخيرة علي مايبدو قبل إجراء الاستفتاء ـ قد إستضافت في مارس الماضي مفاوضات بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لمناقشة إمكانية الاتفاق علي صيغة للوحدة، وهي المفاوضات التي تم تأجيلها ليونيو القادم، ووفقاً لمصادر شاركت في تلك المفاوضات فقد رفض المؤتمر الوطني صيغة الدولة العلمانية وتغيير التركيبة الحالية للسلطة التي طالبت الحركة بتحقيقها. ويشير مراقبون الي ان مصر تساند المطلبين كثمن ومحفز للوحدة، وتعمل للضغط علي المؤتمر الوطني للتفاوض حولهما، ومن المعلوم والثابت تاريخيا ان مصر تساند وحدة السودان وتقف ضد تقسيمه، لاسباب من أهمها تأمين منابع النيل. ملف مياه النيل الذي دخل في الاسابيع الماضية مراحل حرجة، تتعامل معه مصر كملف "حياة اوموت"، ولهذا السبب ترمي بكل أسلحتها وثقلها وراء الحفاظ علي حقوقها المكتسبة من الإتفاقيات التاريخية التي وقعتها، وتحاول إقفال كل الثغرات الحالية والمتوقعة بهذا الخصوص. وفيما يتعلق بمياه النيل، ظل السودان وطوال تاريخه منذ الاستقلال يقف مع مصر في صراعها مع دول الحوض الاخري. ورغم ان الموقف السوداني الرسمي حالياً يبدو شكلياً منسجماً مع السياق التاريخي للمواقف السودانية، إلاان الثقة المصرية في الموقف السوداني تجاه الملف مهزوزة، وينتاب المصريين تخوف من إمكانية وقوف السودان في خانة الحياد، الامر الذي يعتبر بمثابة ضربة قاضية لمصر التي تصارع ثماني دول. وظهرت مؤشرات التباين في الموقفين السوداني والمصري حول مياه النيل جلية في درجة الاهمية التي تعاملت بها كل من الدولتين تجاه الملف، فبينما تحول الملف في مصر من الوزارات والادارات الفنية المتخصصة لرئاسة الجمهورية، لم يغادر الملف ادراج الخبراء الفنيين ووزارة الري في السودان، وطوال الايام الماضية لم يصدر موقف سياسي من القيادة الحكومية السيادية يرفض مسعي دول الحوض لتوقيع اتفاقية جديدة. إشارة مصرية خضراء للعدل والمساواة تشير معطيات كثيرة ان الخرطوم تباطأت في الإستجابة للمطالب المصرية (في ملفي الوحدة ومياه النيل تحديداً) وإتخاذ مواقف واضحة تجاهها. ولإجبارها علي تغيير مواقفها دخلت القاهرة في إتصالات مكثفة مع حركة العدل والمساواة صاحبت القوة العسكرية الاكبر في دارفور، ووصل هذا التنسيق قمته بزيارة قائد الحركة د.خليل ابراهيم للقاهرة، ليتم إستقباله هناك رسمياً وشعبياً. الخرطوم ردت بغضب علي الزيارة وارسلت خطاب تجديد لطلب سابق كانت قد ارسلته للانتربول للقبض علي د.خليل. ودون إنتظار لمغادرة قائدها للقاهرة، بادرت حركة العدل والمساواة بشن هجوم واسع علي عدد من المواقع والمتحركات العسكرية في دارفور خلفت عدداً كبيراً من القتلي والجرحي، وادت لغضب حكومي وإعلان لحالة الإستنفار وسط اجهزتها العسكرية والسياسية. ووفقاً للانباء الواردة من دارفور، فإن العدل والمساواة نفذت هجوماً واسعاً علي أهداف ومتحركات عسكرية في مناطق واوقات غير تقليدية، وبطريقة مباغتة تنبئ بتوفر معلومات إستخباراتية عالية الدقة للحركة (فوق إمكاناتها)، فيما أعلن مسئولي وزارتي الدفاع والداخلية سيطرت قواتهم علي الموقف وطردهم لقوات العدل والمساواة من عدد من المناطق. الخرطوم التي لم تكن في حوجة لفهم محتوي الرسالة مضت بسرعة في طريق المعالجات، فآنياً قام وزير الداخلية (معظم المتحركات التي تم إستهدافها تعود لقوات الاحتياطي المركزي التابعة لوزارته) بزيارة لدارفور واعلن من هناك حسم قوات العدل والمساواة وتوعد بالقضاء عليها خلال فترة قليلة، فيما دخل الإعلام الرسمي وذي الصلة بالحزب الحاكم في حملة معادية لمصر. غير أنه ومع التأثير السلبي لماجري في دارفور علي الشارع العام والقصص التي يتم تداولها عن المعارك هناك، لم تجد الاجهزة الامنية ـ علي مايبدو ـ حلاً غير القيام بخطوة سياسية وإعلامية كبيرة تستطيع الإستحواذ علي النصيب الاكبر من الإهتمام وتشتت الإنتباه عماجري في دارفور، فكان الشروع في عملية إعتقال الامين العام للمؤتمر الشعبي د.حسن الترابي وإغلاق صحيفة رأي الشعب ذات الصلة بالحزب وإعتقال عدد من العاملين فيها، مع التلميح بوجود علاقة بين الاعتقال واحداث دارفور. ومع ان الاحداث الاخيرة في دارفور عجلت بعملية إعتقاله، إلاان غضب المؤتمر الوطني علي د.الترابي في الاونة الاخيرة ليس له حدود، فهو المتهم الاول بإفشال محادثات الدوحة، كما توجه إليه اصابع الاتهام بالتخريب والتشويش علي الكثير من الملفات ذات الاهمية القصوي والإستراتيجية، ولهذا فإن إبعاد د.الترابي من الاهمية بمكان في هذه المرحلة. التحليل السياسي والإعلامي لعملية إعتقال د.الترابي مضي في أغلبه نحو ربطه بالتطورات العسكرية في دارفور واعتبار المؤتمر الشعبي ذراعا سياسيا لحركة العدل والمساواة، وهي رؤية اثبتت مواقف كثيرة أنها غير صحيحة، فالعدل والمساواة خرجت في مراحلها الاولي من رحم المؤتمر الشعبي وبدعم لوجستي وسياسي كبير منه، إلاأنها تدريجياً بدات تسير في طريق مختلف عنه، ويمكن الجزم حالياً أنها تجاوزته لحد كبير، مع أن هذا لاينفي وجود قنوات إتصال وتنسيق علي خلفية العلاقة التاريخية والفكرية السابقة بينهما. مساعد ومستشار الرئيس في القاهرة، وصلت الرسالة لم يضيع المؤتمر الوطني وقتاً طويلاً في محاولة فهم وإستيعاب الرسالة المصرية (المؤذية)، وتعامل مع هذا التطور بجدية بالغة، واوفد للقاهرة علي عجل كلاً من د.نافع علي نافع ود.مصطفي عثمان إسماعيل. وكواحدة من النتائج السريعة للزيارة، وفي اول حديث لمسئول سوداني رفيع بلغة جادة عن اتفاقية مياه النيل، أكد مستشار الرئيس د.مصطفي عثمان اسماعيل ان موضوع مياه النيل "قضية حياة اوموت للسودان"، وأشار إلي ان مواقف القاهرة والخرطوم بهذا الخصوص "متطابقة". فيما جددت القاهرة موقفها الداعي لوحدة السودان، ودعا وزير خارجيتها احمد ابو الغيط، إلى تقديم حزمة من الحوافز لشريكي الحكم في السودان لجعل خيار الوحدة جاذبا.
| |

|
|
|
|
|
|
|