|
من يدير الحزب الحاكم ... ؟؟!!
|
من يدير الحزب الحاكم ... ؟؟!!
عدد من التحديات تُحدق بحزب المؤتمر الوطني وتقف حجر عثرة في طريق تمدده في حكم الدولة وتقلل من قوة دفعه التي ما عادت هي ذات القوة التي بدأ بها الحزب حكمه للبلاد في 30يونيو 1989م والمخاطر تهدد الحزب والحركة الإسلامية عماد الحزب وركنه الركين , فالجنوب يسير بخطوات ثابتة ووثابة نحو الإستفتاء مردداً لحناً إنفصالياً بكلمات وحدوية ..!!! والوحدة رغبة الحركة الشعبية وكرتها الذهبي الضاغط على شريكها في الإتفاقية فالحركة تشترط شروطاً جديدة للوحدة وتقبل الوحدة على أُسس جديدة تقوم على قيم العدالة والمساواة بين طرفي البلاد مع تمييز إيجابي للجنوب بسبب إنهاكها بحرب طويلة إختار لها الشمال أن تدور في رقعة الجنوب الجُغرافية , تلك الحرب التي أنهكت الزرع والضرع وعمقت من فجوة الخلاف النفسية والإجتماعية بين الشمال والجنوب , ودارفور تتضافر عُدة جهود لزيادة أوارها المشتعل بالأساس فاللوبي الأمريكي يسعى لضغط الإدارة الأمريكية لتزيد من ضغطها على حكومة الخرطوم والمعارضة تعيد فتح دفاترها القديمة لتقذف بحطبها بالنار المشتعلة والحركات تهدد بشن هجوم كامل وشامل يزيد من التوتر الأمني بالمنطقة وإثيوبيا يرتفع صوتها بجر منطقة القرن الأفريقي لمشاحنات إقليمية تُدخل فيه السودان قسراً بتحالفات يحاول جاهداً الإبتعاد عنها ... فالشرق والغرب والجنوب عبارة عن بارود يبحث عن فتيل إشعال مع أرضية سياسية داخلية غير مستقرة بتفعيل قُوى المعارضة لآلياتها لتعطيل تروس ماكينة الحكومة وشلّْ حركتها وزيادة الإحتقان الداخلي الجماهيري بتصيّد أخطاء الحكومة والحزب الحاكم , بالمقابل تجد أن رد الفعل الحزبي لا ينسجم والتحديات المرصودة والمعلومة لرجل الشارع العادي وتأتي ضربة الحزب ديالكتيكياً من داخله فالإنقاذ صارت هي ألدّ أعداء الإنقاذ على ما ذكره المفكر الأستاذ الدكتور حسن مكي في مقابلة قديمة معه فالآن الحركة الإسلامية تعارض الحركة الإسلامية في الدوائر الجغرافية وقيادات تتمرد على الحزب والتنظيم وتتحدى بالنزول بمواجهة ماعونه الذي أكل منه وشرب, والحركة الإسلامية تقاتل الحركة الإسلامية في الميدان في الحركات المسلحة , وكتاب الحركة الإسلامية في الصُحف وبالأعمدة يسلخون الحركة الإسلامية أكثر من بقية الكُتاب وأحياناً يشكلون لوبي غير متفق عليه بينهم والحركة الإسلامية تعيق الحركة الإسلامية في تنفيذ البرامج وتهيئة المناخ الجماهيري المناسب وتقف أزمة سوق المواسير بالفاشر دليلاً على ضرب الحركة لبرنامجها ... ففي قمة الإستعداد الكبير للجميع لإعادة فتح ملف دارفور تقدم لها حكومة الولاية المفتاح على طبق من ذهب وتفتح الباب على مصراعيه للدخول الجماعي للراغبين بضرب الحزب من جهة دارفور وحكومة الولاية للآسف تحاول التعامل مع الملف بشكل قانوني لمحاولة تغييب الجوانب السياسية والخلل الحكومي في رصد الظاهرة من بداياتها وتأثيراتها المستقبلية على الأمن الإقتصادي للولاية والإقليم والبلاد ... فالسيّد والي الولاية عثمان يوسف كبر أدلى بتصريح لصحيفة الأهرام اليوم مفاده أن الحكومة كانت تعرف بأمر السوق منذ 2009م ...وأنها (أي الحكومة) قامت بدراسة الجوانب الشرعية والقانونية للسوق وتأكدت من سلامة تلك الجوانب ... فدراسة حكومة الولاية للسوق هو إقرار صريح من الحكومة بعلمها بحدوث شئ ما فيه , هذا العلم كان يلزمها بدراسة كل الجوانب المتعلقة بالمسألة وليس الإكتفاء فقط بالجوانب القانونية والشرعية فيه , فواجب الحكومة هو القراءة الكُلية للظواهر الكبيرة والصغيرة حتى ورصدها ومعرفة تأثيراتها الآنية والمستقبلية على الواقع الإقتصادي والإجتماعي لتلك الظاهرة فالمعاملات الخاصة في جوانبها القانونية والشرعية ليست مسئولية الولاية ولكن مسئوليتها في منع تمدد آثار تلك المعاملات على الأمن الإقتصادي للكلي للولاية بما سنعرض له تفصيلياً بمقال لاحق , ويبقى رد فعل الحكومة من الضعف بمكان وهزيمة للحزب أكبر وأخطر من كثير من المعارك التي خاضها الحزب في السابق بما يؤكد ضعف أجهزة الحزب بالولاية في التعاطي مع الملف وضعف قطاعات وآليات الإتصالات التنظيمية بين المركز والولايات وضعف (مركزي) حتى في أمانات الحزب المعنية بالشأن . وبالمقابل يُلاحظ ذات التشويه التنظيمي في التعاطي مع ملف الجنوب عامةً والحركة الشعبية خاصة ً ... دون وضع في الإعتبار أن البلاد تسير بوتيرة متسارعة للإستفتاء , فالمعالجات التي تتم في إدارة الملف تحتاج إلى كثير من الجرح والتعديل , فقضية الوحدة ليس ملف من ملفات الحزب الصغيرة وهي ملف يُعد أخطر وأكبر وأهم من ملف نيفاشا نفسه والذي قاده بشكل مباشر الشيخ علي عثمان محمد طه في أخطر عملية قيصرية سياسية بالبلاد والحفاظ على المولود لا يقل أهمية عن مسألة خروجه إبتداءاً للحياة فإنفصال الجنوب هو قمة فشل الإتفاقية وتحوِّل الإتفاقية من (جهد وطني) كما قال الشيخ بالسابق إلى (جهد حزبي) كما يحاول البعض قوله الآن والملف يحتاج إلى أكبر من مجرد برنامج حكومي أو هيئة لدعم الوحدة تُعتبر نفسها أكبر محفّز للإنفصال إستناداً لتكوينها وموقف الحركة الشعبية منها فهي الهيئة التي تجاهلت إستصحاب قضية إعادة إنتخاب الفريق سلفاكير مييرديت رئيساً للجنوب ضمن أجندتها وهي الهيئة التي تضم شخصيات خلافية وذات عداء مع الحركة الشعبية وهي الهيئة التي تحاول إدارة مسألة الوحدة من قلب الخرطوم ...إلخ ...!!!! ثُم : أين جهد الحزب وحركته الجماهيرية ؟؟!! وأين 80% إلى 90% منحوا أصواتهم للرئيس ونواب الحزب المختلفين ؟؟؟ فتحريك تلك الجماهير وتغعيلها يؤكد أولاً وجودها الفعلي ويقطع الطريق على المشككين بوجود مثل هذا الدعم الجماهيري للحزب ومن ناحية ثانية يؤكد قدرة أجهزة الحزب التنظيمية على التواصل الدائم مع الجماهير وقدرة تلك الأجهزة على تحركي الشارع السوداني في قضايا البلاد المصيرية فالإنقاذ بدأت مسيرتها بإنقلاب على وأين أجهزة الحزب التي يُفترض أن تحول هذه الجماهير إلى مشروعات دعم وحدة حقيقية ؟؟!! فما يخرج من القلب يصل القلب ... وما يخرج من العقل يصل العقل ... وما تقوله الجماهير بالشمال تسمعه الجماهير بالجنوب ... فالحزب هو المسئول الرئيسي عن العمل الجماهيري والعمل الجماهيري الحقيقي بالجنوب وليس بالشمال ... والعمل الجماهيري مكمل للجهد الحكومي والسياسي وليس تابع له , وهو جهد وليس تشريف ... فإنفصال الجنوب سيظل هو وصمة عار الحزب بالحاضر والمستقبل وسيكتب التأريخ يوماً أن السودان كان دولة واحدة وقد إنفصل في عام 2011م بعهد حزب المؤتمر الوطني حينها وبرئاسة المشير عمر حسن أحمد البشير ... وستتوارى طوابير الحزب الحاكم الحالية عن دائرة التجريم التأريخية ... كل ذلك يجعل الشارع يتسائل عمن يدير حزب المؤتمر الوطني ومن يخطط له ؟!! ومن هم مستشاروا الحزب ؟!! وتنطلق الشائعات بوجود حزبين أحدهم مُسيطِر والثاني مُسيطَر عليه , صقور تحاول الإنقضاض الدائم على الكُل وحمائم تحلم بالسلام وبوطن آمن ومستقر وموحد ... مقابل صمت شبه كامل للحزب ومؤسساته وقياداته أمام هذه القضايا الكُبرى فأين د.نافع الذي بشرنا بحقبة تشبة شرعية الحزب الجماهيرية والذي تحرك من 1989 إلى 2010 من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية إلى الشرعية الجماهيرية وأين الشيخ علي عثمان الذي بشر شعب السودان كُله وأهداه نيفاشا وجهدها ونادى بخلوص النية ووحدة الصف ووضوح الرؤية وأين المشير البشير والذي وعد الجماهير بمواصلة التنمية أين تلك القيادات الحزبية وغيرها ... ليبقى السؤال الذي تتناقله الألسن والأقلام ( من يدير حزب المؤتمر الوطني الآن ؟؟!!) هل تديره أجهزة ومؤسسات ؟!! أم أمزجة شخصية ومبادرات فردية خاصة ؟!!! .... والله المستعان
أحمد موسى عمر ـ المحامي
[email protected]
|
|
 
|
|
|
|