تعقيب علي تحديات السيد عبدالرحيم حمدي ( حلقة 2 )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 04:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة صلاح الباشا(Abulbasha)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-04-2006, 04:55 PM

Abulbasha
<aAbulbasha
تاريخ التسجيل: 02-27-2002
مجموع المشاركات: 805

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تعقيب علي تحديات السيد عبدالرحيم حمدي ( حلقة 2 )

    ________________________________________________
    تحرير الإقتصاد السوداني ... بين الحقيقة والخيال (2-5)
    *****
    إلغاء نظام البطاقة التموينية كان خطأً فادحاً أضر بعامة الناس.
    مشورة قطاع قليل من تجار السوق ساعد علي التدهور الإقتصادي
    تلك السياسات الإقتصادية جعلت الجماهير تتمسك أكثر بأشواقها الحزبية

    بقلم: صلاح الباشا
    [email protected]

    صلة لما إنقطع من حديثنا بالحلقة السابقة .. نقول الآن أن كل هذا العسر والعوز والمشقة التي أصبحت ملازمة لحياة الناس المعيشية كانت نتاجاً لتلك الإجراءات الإقتصادية ، فضلا علي أنها قادت إلي سلسلة إنهيارات واضحة لكل مشاريع القطاع العام الزراعية المروية صناعياً ( الجزيرة ، الرهد ، السوكي، حلفا) والتي كان إسهامها في الماضي القريب واضح جداً في حركة الصادر وتقوية ميزان المدفوعات لما يقارب السبعين عاماً للوراء حيث كانت صادرات الناتج الزراعي تشكل أكثر من ثمانين بالمائة من حصيلة البلاد من العملات الأجنبية بميزان المدفوعات حتي وقت قريب قبل الإنقاذ ، وسلسلة الإنهيارات الأخري التي ألمت بمشاريع ومصانع القطاع الخاص والتي كان لها أيضاً مواقع متقدمة ومتعددة في خانة زيادة حصيلة الإيرادات العامة للدولة من النقد الأجنبي من خلال عدة صادرات تقليدية معروفة وهي ( غزول وحبوب وزيوت وصمغ ولحوم وجلود) ، وقد كان كل ذلك متزامناً مع الخدمات الإجتماعية والصحية التي تقدمها تلك المصانع والمشاريع لمجتمع العاملين المنضوين تحت مظلتها .
    _________________________
    لذلك نتمني أن يستمع السيد حمدي هذه المرة جيداً دون إستعلاء لما ظل يكتبه المخلصون في هذه البلاد ، ويجيب علي ما نطرحه من تساؤلات مشروعة تعبر بصدق عما يجيش بصدور وعقول الجماهير التي لا تتاح لها فرصة الكتابة ولا تتوفر لها مواعين إبداء الرأي ، فضلا علي أهمية الرجوع والمشورة لدائرة السياسات الإقتصادية العريضة لكل وجهات النظر من كافة أشكال المجتمع وتياراته المتباينة ولخبراء الإقتصاد من داخل القطاع الحزبي الحاكم ومن خارجه أيضاً ، حتي لايتم إستغفال الجماهير مرة أخري ، مع ضرورة أن يعاد النظر في الكثير من الإجراءات والقرارات الإقتصادية الخاطئة والتي سببت كوارث عديدة لمجمل أهل السودان الذين ( بالطبع لم يحتك بهم السيد حمدي ) ، ولن تسمح له ظروفه العملية والإجتماعية أن يتوغل داخل تلك الأوساط العريضة من الجماهير الكادحة ، ولا أظنه يفعل ذلك ، وذلك حفاظاً علي ما تبقي من رمق في جسد الإقتصاد السوداني من ناحية ، وللعمل علي وقف الإنهيارات التي نتجت عن تلك السياسات في العديد من المشروعات الحيوية من ناحية أخري، مع الإبتعاد بقدر الإمكان عن مشورة السياسيين من قطاع التجار ( التكنوقراط ) المشتغلين بالسوق والسياسة معاً نظراً لعدم إيجابية مشورتهم من الناحية الفكرية البحتة ، ولأن مشورتهم قد سببت أضراراً بالغة التعقيد للإقتصاد القومي سابقاً وكانت ممارساتهم التجارية المستقوية بالبنوك هي المتسببة بوضوح بائن لاتخطئه العين في إنعدام السيولة في المصارف العامة والخاصة في زمان مضي ، فمثل هؤلاء لن يكون رأيهم ونصحهم متجرداً وخالصاً لصالح الجماهير ، حيث تغلب هنا المصلحة والتربية التجارية الشخصية البحتة والشرهة جداً مهما حاول التاجر المتنفذ الإقتراب من قضايا الجماهير المعيشية ، فضلاً علي إبتعاد تلك المجموعات التجارية ولعقود طويلة من الزمان عن مناطق ومجتمعات الهامش بوسط المدن وأطرافها وأريافها .. وهو (النفق المظلم) ، الذي يحتوي بداخله معاناة معظم مكونات المجتمع السوداني العريض ، فقد تكون تلك العناصر علي علم بما ينضح في الإناء بداخل نفق المعاناة ذاك ، ولكنها لايمكنها عملياً الإحساس بمصاعب من هم داخل النفق وهم غالبية أهل السودان ، إلا من باب إظهار التعاطف و المجاملة بأسلوب العلاقات العامة فقط.
    ومن المعروف سلفاً أن مخترعي ومنظري ومنفذي وفلاسفة تلك الإجراءات الإقتصادية والتي سميت بتحرير الإقتصاد وعلي رأسهم السيد عبدالرحيم حمدي ، ومنذ بدايات تسعينيات القرن الماضي لم يسبق لهم مطلقاً أن إعتادوا كما قلنا من قبل علي إتاحة الفرصة لأنفسهم لسماع أي إنتقاد، ولنا أن نتذكرالآن كيف كانوا يقابلون إعتراضات وإشفاق بعض الخيرين من أبناء السودان بنوع من التعالي والسخرية أحياناً عبر كل وسائل الإعلام وبدرجة عالية من النرفزة في التخاطب، وكانت الدروس في مباديء الإقتصاد تتلي طوال اليوم علي جمهور المستمعين وقراء الصحف ، وكأن الناس لم تسمع من قبل بمباديء الإقتصاد الحر مطلقاً ، فتلك الأدبيات المستحدثة في التعامل إبان تنفيذ تلك السياسات لايمكن نسيانها بسهولة 0 نعم 000 نتذكر كل ذلك جيداً ولم يغب عن بال الناس أبداً ، وكيف يغيب عن البال بعد تمدد شبح المعاناة التي نتجت من جراء تلك الإجراءات الإقتصادية المتشددة التي كان يقول مخترعوها وفلاسفتها ومنفذوها بأنها كمشرط الجراح الذي يستأصل الداء ليرتاح الجسد ، فإذا بالداء قد عاد وإستشري بسرعة خرافية في كل الجسد ، فإختفي وقتها الجراحون ومعهم كل أدوات ومسكنات مابعد آلام الجراحة ، فكان لابد من (قراءة الفاتحة) علي ذلك الجسد المسجي الذي لايزال في إنتظار الصلاة عليه لتكملة إجراءات الدفن ثم ينتهي العزاء بعد ذلك ، وبهذه المناسبة نود أن نقول 00لا عزاء للسيدات 0000والدوام لله وحده0
    لذلك00نقول أن مثل تلك القسوة والتعالي في التعامل مع الرأي الإقتصادي الآخر كان أمراً جديداً ونشازاً غريباً لم يألفه مجتمعنا طوال تاريخه الحديث في أدب النقد الإقتصادي والسياسي، حيث كانت هنالك ممارسات تجهيل وتهميش متعمدة ، و كان يسندها منطق أحادي قاسي و يعتمد بقوة واضحة علي سياسة القبضة الحديدية الجبارة التي كانت سائدة أبان تلك الفترة والتي لم يتعودها أهل السودان المتسامح من قبل خاصة وأن الجماهير قد إفتقدت نقاباتها وإتحاداتها المهنية الحرة التي كانت الحكومات ترجع لها للمشورة . فقد كانت القرارات تتم تحت ظل أجواء مرعبة تشبه تمام الشبه القبضة الستالينية في أوج مجد الإتحاد السوفيتي سابقاً، حيث تحملها شعب السودان كثيراً برغم التعطيل الذي حدث له في إبداء رأيه حتي لو كان رأياً مشفقاً وخالصاً وسلمياً (وناعماً) .
    كل ذلك0كان يتم ... لأن المرجعية الأحادية المركزية القابضة والتي كانت تعتمد عليها السلطة في إجازة برامجها الإقتصادية والسياسية في ذلك الوقت كانت مرجعية مركزية مشدودة طول الوقت ومتعالية جداً وبالغة العنف علي مناهضيها في الفكرة وفي الفعل السياسي،وكانت لا تقبل حتي المناقشة الهادئة ، ولاندري حتي من الناحية النفسية العلمية البحتة ماهي تلك الأسباب التي نتجت عن تلك القسوة الستالينية الغريبة التي لم يكن يحتاجها شعبنا مطلقاً ، بل ولم تكن تحتاجها الحركة الإسلامية السودانية ، حيث ظلت تتعمد التعالي والتهميش حتي لمناصريها من ذات الأيدولوجية الإسلامية إن كانت لهم بعض إعتراضات علي إجراءات إقتصادية أو صحافية أو سياسية معينة، مما أدي إلي هجرة العديد من العقول المستنيرة والخيرة من التنظيم المرجعي الحاكم قبل سنوات عديدة من ظهور مؤشرات إنقسامه الحاد التي ظهرت مع نهاية القرن الماضي فيما بعد ، للدرجة التي خبأت بموجبها حركة الجماهير الكادحة تماماً 0و لكنها - تلك الجماهير - لم تنس مطلقاً حقها المشروع في العيش الكريم الذي تتمني أن تحققه كاملاً (ومعظمهم قد فوض أمره إلي الله) 0
    أما الشيء الذي يجب ملاحظته والذي ربما خيب آمال وأخاف في نفس الوقت تلك المرجعيات المركزية هو أنه وبعد مرور كل تلك السنوات نجد من ناحية سياسية بحتة أن الجماهير لم تبتعد كثيراً عن أشواقها الحزبية والفكرية القديمة ولو للحظة واحدة ، فظلت متمسكة بتراثها السياسي التقليدي القديم ، وفي ذلك دحض واضح لتصورات البعض من أن الجماهير سوف تنسي بمرور الوقت تلك الأشواق والإرتباطات السياسية القديمة ، فإذا بها تفاجيء الجميع بأن إزدياد معدل الأشواق للماضي الحزبي قد طغي بدرجات أكبر حتي من عنصر الشباب الذي كان يافعاً عند إنتهاء فترة الديمقراطية الثالثة ( ونتائج إنتخابات طلاب الجامعات العريقة خير دليل ) ، وقد إتضح هذا الأمر من خلال عدة مؤشرات وأدلة بائنة حدثت مؤخراً عند وصول بعض الزعامات إلي البلاد في أوقات متفاوتة، أو في إتجاهات حركات الطلاب أو في النقابات التي بدأت تظهر ببعض الحياء المؤقت تمسكها بحقوقها المادية مثل علاواتها وترقياتها وإنتظام رواتبها الشهرية التي ظلت تتأخر لعدة أشهر، فهذه الحركة الجماهيرية التي بدأت تطفو علي سطح الأحداث مؤخراً و التي أظهرت أشواقها ومعتقداتها السياسية المتباينة قد أربكت بذلك كل الحسابات التي وضعتها تلك المرجعيات الرسمية التنظيرية في زمان مضي والتي بدأت في التخبط مؤخراً مثلما شاهدنا كيف إنتهي بها ذلك التخبط بعد أن إصطدم المشروع الحضاري( الحٌلم) بحائط الواقع الإقتصادي البائس الذي لم يساعد في تحقيق نسبة واحد بالمائة من ذلك المشروع الحلم 0 فالتدهور الإقتصادي يهزم دائماً كل البرامج ، إضافة عليه ، تلك العزلة (المجيدة) التي ضربتها المرجعية علي نفسها وعلي كل البلاد لعدة سنوات قاسية ومحزنة ، حيث ظلت الجهود تبذل في سنوات لاحقة من وزارة الخارجية لتجميل صورة بلادنا وسط الأسرة الدولية ، ولخلق وجود جديد فاعل لبلادنا وسط هذا الكون المترابط المصالح ، لكي يبقي السودان تحت الشمس حتي لايصيبه العمي الليلي، وهنا نقول ( من المسؤول عن تلك المآلات التي أجهدت الدبلوماسية السودانية كثيراً ). فكل ذلك مربوط بالقرارات الإقتصادية القاسية .
    أما إذا عدنا إلي الوراء قليلاً وتحدثنا بكل تجرد وأمانة خالصة ، لوجدنا حتي مجلس ثورة الإنقاذ في تكوينه الأول لم يكن قادراً علي تناول تلك السياسات الإقتصادية بالنقد والتحليل والتقويم وإبداء الرأي ، فكانوا يهيمون في جزيرة معزولة تماماً عن السيطرة علي الأحداث الإقتصادية نظراً لصغر سن أعضائه ولقلة تجربتهم في هذا المجال الحيوي الهام ونظراً لأن المرجعية المركزية آنذاك لم تكن أصلاً تتيح لأي جهد آخر أن يظهر إمكانياته الفكرية أو قدراته العملية في الشأن العام فتعطل إثر ذلك إبداع شباب المجلس تماماً ولم تتح لهم إبراز أي قدرات إدارية وتنظيمية ، مما دعاهم إلي الذهول ثم الضجر ثم الإبتعاد فردا فردا ، حيث كان ذلك المجلس مغيباً عن الإسهام العملي في الشأن العام ، فمنهم من آثر الإبتعاد حسب ماصرح به بعض أعضاء المجلس مؤخراً للصحف بعد صمت بلغ عقداً كاملاً من الزمان ، فضلاً علي إبتعاد ما تبقي من التكنوقراط في الحياة المدنية عن الإسهام العام من خلال الأجهزة الإعلامية وميديا النشر الداخلي التي كانت حكراً علي أقلام معينة لازال بعضها يتحدث بنفس أدب القبضة الماضي الذي تجاوزته الإنقاذ نفسها حالياً بهذا الهامش المتاح الذي يراه البعض أنه يسبب بعض القلق الذي ربما يتطور إلي حريات كاملة تعيد للجماهير آليات إسهامها في بناء المجتمع وفي وقف أي اخطاء إقتصادية مستقبلية، علماً بأن كل أصحاب الإيدولوجيات العقائدية المتعددة والمتباينة الألوان والطرح الفكري في بلادنا لم يعتادوا جميعهم في أدبهم السياسي عبر تاريخ تنظيماتهم علي التناول الديمقراطي للأمور حيث تركت كل الأمور مثلاً في يد مرجعية مركزية واحدة ربتهم علي ذلك لعشرات السنين ، بما في ذلك أصحاب المركزية الديمقراطية في حركة اليسار السوداني بعد سنوات الألق القليلة التي عاشتها الحركة اليسارية في منتصف الستينيات من قرننا الماضي ، تلك المركزية التي قادت فيما بعد إلي كساحه وإضمحلاله وإنقساماته المستمرة إلي عدة تكوينات متناهية في الصغر وضعيفة التأثير علي حركة الحياة السياسية الواسعة ، فضلاً علي الضغوط الإستهدافية العالية القسوة والتي واجهتها بها الحركة الإسلامية في السنوات الأولي من إستلامها لمقاليد الحكم بالسودان ، مما أدي إلي تشتتها في كل أرجاء العالم ، فقاد كل ذلك إلي ضآلة تأثيرها الداخلي علي حركة الجماهير بالبلاد ، فظلت تمارس التنظير السياسي من خلال أبحاث صحفية بالخارج أومنشورات جيدة التحرير ومتماسكة اللغة وحسنة النوايا ومقنعة التحليل ووطنية الطرح ، ولكنها في النهاية قليلة التأثير داخل أوساط أهل السودان في طول الوطن وعرضه ،وتنحصر فائدتها فقط في تهيئة وتوفير كميات أكبر من الأكسجين للقاريء فتساعده في التثقيف والتنفيس الذاتي معاً ، وبخاصة من يقيمون خارج الوطن جغرافياً 00أليس كذلك؟؟
    ونقول هنا عن هذا المطب الإقتصادي المعقد بأنه ناتج عن توفر عامل المركزية المرجعية في الفعل السياسي والذي كانت نتائجه السالبة هو ماحدث الآن للحركة الإسلامية السودانية بطريقة واضحة وغير مخبأة علي الشارع السوداني وعلي وسائل الإعلام السريعة الإنتشار كما رأيناها عبر حوارات الفضائيات المتعددة .
    فلابد إذن من تمهيد الطريق لسودان المستقبل ليحكمه جيل المستقبل بمفاهيم تربوية سياسية جديدة تبتعد عن العنف وتقترب من تداول السلطة سلماً بطريقة أكثر تحضراً كي نؤسس لمشروع حضاري حقيقي وليس نظري عن طريق صندوق الإنتخابات العادل جداً ، وقد يلقي ذلك الصندوق بنتائجه مسؤوليات عديدة علي الأحزاب الكبيرة تتمثل في ضرورة تغيير مفاهيم عملها وتجديد شباب تكويناتها حتي يكتب لها النجاح بحيث لا تتيح مجالاً للتفكير في لجوء البعض لإستلاب السلطة بالقوة والعنف لكي لا نبدأ من الأول سلسلة المجاهدات والشد والجذب للحصول علي الحريات ، مع أهمية ترك أدبيات المكايدات التي تربت عليها تلك الأحزاب لمدة تزيد عن نصف قرن من الزمان ، وهنا نقول بكل الصراحة بأنه قد تتوفر نفس ممارسات المركزية العقائدية من حين لآخر أيضاً داخل تكوين الأحزاب التاريخية الكبيرة نفسها ، فهي ليست مبرأة من نفس هذه الممارسات السالبة ، ولكن لم نجدها مطلقاً بنفس الحدة المتوفرة في الأحزاب العقائدية التي ينتهي بها الأمر في الغالب إلي عداء خطير ربما تكون نهايته عنف ودماء - راجع تداعيات حركات 25 مايو69م و19 يوليو 71م و30يونيو 89م ، وأيضاً إنعكاسات مابعد قرارات الرابع من رمضان التي نعيشها حالياً - مع ملاحظة توافر قوانين وأعراف التسامح في الخلافات التي تنشب وسط الأحزاب التاريخية ذات الشعبية الكبيرة والذي يميزها عن الأحزاب العقائدية ، إذ أنها لا تميل إلي توظيف العنف والعنف المضاد في كل إنقساماتها عبر تاريخها السياسي، وهذا بلاشك تراث إيجابي يسجل لصالح الأحزاب التاريخية العريقة التي تعتمد التطوير بمرور الزمن داخل جسدها ولو أتي بتناغم بطيء نوعاً ، دون تواجد لثقافة العنف والإستئصال في كل تاريخها إلا نادراً ، ويساعد كل ذلك علي لم شملها في الوقت المناسب 0
    أما إذا عدنا لمواصلة الحديث في موضوعنا الأساسي حول تحرير الإقتصاد ، فقد كانت
    من السلبيات الواضحة التي نتجت من تنفيذ تلك الإجراءات الإقتصادية أيضاً أنها كانت تتيح لمصالح بعض الأسماء التجارية المحدودة العدد والعدة مزيداً من التوسع ومزيداً من الإحتكار لسلع إستراتيجية بعينها للدرجة التي أصبح السوق السوداني بسببها في وقت من الأوقات موزعاً بين خمسة أو ستة تجار يحتكرون معظم حركة الإستيراد التجاري لتلك السلع ويسيطرون علي كل مفاصل الحركة الإقتصادية بالبلاد بمافي ذلك السيطرة التامة علي إتحادات الصادر والوارد بالغرفة التجارية السودانية فضلاً علي التأثير في أنشطة البنوك ومجالس إداراتها وشركاتها المتفرعة منها ، سواءً كان الإستيراد يأتي رأساً بتمويل مصرفي غير عادل في إتاحته لفرص التمويل مما قاد فيما بعد إلي إختفاء عدة بنوك من الوجود وأشهرت مصارف أخري إفلاسها قانونياً بسبب عدم الوفاء بسداد القروض والمرابحات حيث تسبب كل ذلك في إنهيار مراكزالبنوك المالية تماماً ، وإختفت العديد من البيوتات التجارية الوطنية الشريفة من مجري الإقتصاد السوداني بسبب تضييق الخناق التجاري عليها ، فأصبحت تعيش علي هامش الحياة ، وباع معظم التجار التقليديين ممتلكاتهم ومنازلهم وهاجروا إلي بلاد أخري بحيث يصبح من الصعب العودة بعدها ، ثم أضاعت تلك البنوك التي تم دمجها أو أشهرت إفلاسها كل أرباح ودائع المستثمرين بها ، وهنا من حقنا أن نقول : أين تحرير السلع وتحرير الإقتصاد من كل تلك الأخطاء المدمرة التي لاينكر نتائجها السالبة إلا مكابر .
    ونذكر هنا كمثال ، كيف أن هامش مرابحات البنوك كانت تصل إلي 50% من أصل التمويل التجاري للسلعة أو للخدمة ، ولنا أن نتخيل كيف يصل سعر بيع تلك السلعة الممولة عندما يضيف التاجر فائدة البنك علي سعر السلعة ثم يضيف بعد ذلك ماصرف علي إستيرادها أو إعادة تشغيلها بالأسواق ، فضلا علي إضافة هامش ربح التاجر نفسه ، أليس هذا من الخطل أن نقول بأنه تحرير للسلع بعد أن تصل إلي يد المستهلك باسعار لا قبل له بها ؟
    أما كان الأجدر أن تظل البطاقة التموينية متاحة للجمهور لشراء السلع الهامة كالسكر والرغيف والصابون وزيت الطعام والمحروقات ، علما بأن هناك سلع كانت تطرح بالسعر التجاري الحر للمتيسرين ، كالخبز التجاري والبنزين التجاري والسكر التجاري، وبالتالي تتاح للمتيسرين الإستمتاع بمداخيل أرزاقهم ، وفي ذات الوقت لايتم حرمان الكادحين ( الأغلبية ) من توفير مستلزماتهم ؟؟؟
    وفي الحلقة القادمة نأتي ببيانات الإنهيار للمرافق الإقتصادية الهامة التي نتجت عن التحرير أيضاً ... وذلك حسب وعدنا من قبل للقاريء العزيز ، حتي لايُحسب ما نكتبه ليس هو إلا أسلوب إنشائي فقط لدغدغة مشاعر الناس ، وسنري كيف أن الإجراءات الإقتصادية قد أضرت بأهم مرفق إنتاجي حيوي كانت تعتمد عليه الكثير من الصناعات الوطنية الأخري ، ألا وهو مشروع الجزيرة العملاق .. أو بالأحري الذي كان عملاقاً ... حتي نتمكن سويا من إعادة الحياة إليه .. وكيفية خطوات إعادة الحياة تلك .... ونواصل ،،،،،،
    * نقلاً عن صحيفة الخرطوم
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de