|
بمناسبة يوم المياه العالمي... أطول طابور في العالم أمام المرحاض!
|
بقلم ثاليف ديين/وكالة انتر بريس سيرفس
الأمم المتحدة, مارس (آي بي إس) - من المقدر أن يصطف مئات بل وآلاف الأشخاص في طوابير أمام المراحيض في مختلف أنحاء العالم يوم 22 مارس، في مبادرة مبتكرة للتنديد بحرمان نحو 2,5 مليار نسمة من المرافق الصحية، تزامننا مع "يوم المياه العالمي”.
وتأتي المبادرة في إطار حملة عالمية أطلقها مشتركة بين المجلس التعاوني لإمدادات المياه والمرافق والمنظمتين غير الحكومتين "فريش ووتر أكشن نيتويرك" و"إند وتر بوفرتي".
ويأمل المنظمون أن يبلغ طول الطوابير حدا يؤهلها للدخول في سجلات كتاب "غينيس" للأرقام القياسية كأطول طابور في العالم أمام المراحيض، وذلك كوسيلة للفت أنظار وسائل الإعلام والرأي العام تجاه هذه المشكلة. ويذكر أن أطول طابور مسجل في "غينيس" حتي الآن قد ضم 868 شخصا. وصرحت سيرينا او سوليفان، مسئولة الإعلام والحملات بمنظمة "إند وتر بوفرتي" في لندن، وهي تحالف من أكثر من 100 منظمة ناشطة من أجل حل أزمة المياه والمرافق، أن "الغاية من الحملة هي توحيد العالم حول مبادرة جماعية واحدة".
وشرحت لوكالة انتر بريس سيرفس أن الحملة ذات نطاق عالمي "وحتي الآن نعرف عن طوابير ستصطف في 45 دولة في أوروبا، أفريقيا، آسيا، أمريكا الشمالية وأستراليا"، وأن المشاركة فيها تتطلب جمع عددا من الناس، كبيرا أو صغيرا، للإصطفاف أمام مرحاض لعشر دقائق علي الأقل. وتشرح الحملة أن المرحاض المطلوب الإصطفاف أمامه يمكن أن يكون حقيقيا أو زائفا علي شكل مرحاض أو حتي كشخص مقنّع كمرحاض. وأعربت عن الأمل في أن يعني المشرفون علي تنظيم الطوابير بتعبئة وسائل الإعلام والدعودة إلي العمل علي حل هذه المشكلة العالمية.
ويفيد منظمو الحملة أن أكثر من 4,000 طفلا تحت سن الخمسة أعوام يلقون حتفهم، كل يوم، بسبب الإفتقار إلي المرافق الصحية والمياه. وشددوا علي ضرورة أن تمنح الحكومات الأولوية الضرورية لها في مجال مكافحة الفقر والأمراض.
ونبهوا إلي أن غالبية الحكومات لا توليها الإهتمام اللازم علي الرغم من أن نصف البنات يتوقفن عن المواظبة علي الذهاب إلي المدارس الإبتدائية بسبب عدم وجود مراحيض فيها. ومن المقرر أن يشارك وزراء من أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية، في واشنطن في آواخر أبريل المقبل، في أول إجتماع رفيع المستوي حول الموافق الصحية والمياه. فعلقت او سوليفان "سنأخذ نتائج حملة أطول طابور أمام المراحيض لواشنطن لعرضها علي الوزراء" في إجتماعهم هذا.
هذا ولقد أشار أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون في تقرير للمنظمة للعام الماضي، إلي أنه رغم الجهود الضخمة التي بذلتها الحكومات والمنظمات غير الحكومية والناشطون، فإن التقدم نحو تحقيق هدف الألفية بخفض عدد المحرومين من المرافق الصحية الأساسية بنسبة 50 في المائة بحلول 2015، مازال "بطيئا وغير متكافئ". فقد إنخفض عدد المحرومين من هذا المرافق من 2,6 مليارا قبل "عام المرافق الصحية" في 2008 إلي 2,5 مليار الآن، فيما يقدر أن يبلغ عددهم 2,4 مليارا بحلول عام 2015. وحذر التقرير من أن غالبية الدول النامية عاجزة عن تحقيق هدف المرافق الصحية بدون تعاون المجتمتع الدولي ودعمه.(آي بي إس / 2010)
|
|
  
|
|
|
|
|
|
Re: بمناسبة يوم المياه العالمي... أطول طابور في العالم أمام المرحاض! (Re: حليمة محمد عبد الرحمن)
|
تناقص المياه يصعد إلى قمة الأولويات الأميركية (من ستيفن كوفمان، المحرر في موقع أميركا دوت غوف)
واشنطن – حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودام كلينتون من أن زيادة النمو السكاني وآثار تغير المناخ سوف تؤدي إلى اضطرار ما يقرب من ثلثي سكان العالم إلى العيش في ظل ظروف ضاغطة لناحية توفر المياه بحلول العام 2025، وتقول إن الولايات المتحدة عمدت إلى إعلاء مسألة ندرة المياه في سياستها الخارجية ليس فقط من أجل تشجيع استخدام أكثر كفاءة للمياه، ولكن أيضا للحد من الصراعات السياسية في المستقبل عندما تصبح الموارد المائية أكثر ندرة. وكانت كلينتون تتحدث في الجمعية الجغرافية القومية ( http://www.america.gov/st/texttrans-arabic/2010/March/2...376.html?CP.rss=true ) في واشنطن يوم 22 آذار/مارس بمناسبة اليوم العالمي للمياه، الذي كانت الأمم المتحدة قد أعلنته لأول مرة في العام 1992 لرفع مستوى الوعي بأزمة المياه المتفاقمة عالميا.
وقالت كلينتون: "إن تحديات المياه هي أكثر وضوحا في الدول النامية، ولكنها تؤثر على كل بلد على وجه الأرض، وهي تتجاوز الحدود السياسية. وفيما تصبح المياه أكثر ندرة، فإنها قد تصبح عاملا إضافيا محتملا لنشوب الصراعات بين البلدان وداخلها." وقالت وزيرة الخارجية الأميركية إنه إلى جانب رؤية غالبية سكان العالم يعيشون في ظل ظروف مائية ضاغطة خلال 15 عاما فقط، فإن 2.4 بليون نسمة سيواجهون "ندرة مطلقة في المياه،" وهي "النقطة التي يصبح فيها نقص المياه مهددا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية." وقالت إنه عندما لا يكون هناك ما يكفي من المياه للمرافق الصحية أو الري، فإن النتائج يمكن أن تتراوح حينئذ بين حدوث تدهور اقتصادي واضطرابات وعدم استقرار في المجتمعات.
ونصحت كلينتون بأنه بدلا من مجرد التركيز على الحدود الجغرافية السياسية، فإنه ينبغي النظر إلى مناطق العالم من حيث مستجمعات المياه وأحواض الأنهار والمياه الجوفية، مشيرة إلى أن أكثر من 260 من أحواض الأنهار في مختلف أنحاء العالم يتشاركها بلدان أو أكثر.
وقالت كلينتون: "لا يمكننا التصدي لتحديات المياه في هذه البلدان بصورة منفصلة. فينبغي لنا أن نستخدم كل مستجمعات المياه الإقليمية أو المياه الجوفية باعتبارها فرصة لتعزيز التعاون الدولي. وإذا ما تم ذلك بصورة مناسبة، فيمكن أن تكون هناك منافع سياسية واقتصادية هائلة كنتيجة لدبلوماسية المياه الإقليمية." واضافت أنه وإن ليس هناك "حل سحري تكنولوجي" حاليا لمشكلة ندرة المياه، فإن الابتكارات الحالية يمكن أن توفر تحسينات في مجالات مثل تعقيم وتخزين مياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي وتحلية المياه. وقالت إن "علينا أن نعمل بكد أكبر لتشاطر هذه المعرفة مع بقية العالم." وقالت وزيرة الخارجية الأميركية: "يحدوني الأمل بأنه مع جعل قضية المياه قضية ملحة الآن، وأولوية عالية في حواراتنا القومية والدولية، فإننا سنستطيع أن نوفر لأطفالنا وأطفال أطفالنا المستقبل الذي يستحقون."
وفي تصريحات أدلت بها في مقر وزارة الخارجية في 22 آذار/مارس، لخصت وكيلة وزارة الخارجية للديمقراطية والشؤون العالمية ماريا أوتيرو الرسالة الشاملة لخطاب كلينتون، قائلة: "نريد ضمان ألا يموت شخص واحد من مرض متعلق بنقص المياه تمكن الوقاية منه وألا تصبح المياه عائقا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية أو تهديدا للسلم والأمن الدوليين." وقالت أوتيرو إن حكومة أوباما تدمج قضية المياه في أولويات سياستها الخارجية، فضلا عن رفع هذه القضية لتكون "أولوية قائمة بذاتها." وقالت إنه حيث توجد ندرة مياه قائمة حاليا "فإننا نرى بالفعل بلدانا تسعى إلى التوصل إلى اتفاقات بينها، وفي بعض الحالات نرى توترا كبيرا بينها. هذه بالضبط هي القضية التي نريد أن نكون قادرين على المساعدة فيها."
وأردفت تقول: "نريد أن نكون قادرين على توليد القدرات الزائدة لدى البلدان لتمكينها من التحاور في ما بينها، لتكون قادرة على التوصل إلى اتفاقات حول تلك الأنهار التي تتشاركها ولتكون قادرة على وضع الخطط الطويلة الأجل للعقد المقبل وللعقود التي بعدها، بشأن الطريقة التي ستستخدم فيها موارد المياه الحالية والطريقة التي ستتشارك فيها المياه التي لديها."
وقال مايكل ييتس من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إن الوكالة تنفق الآن ما معدله 500 مليون دولار سنويا على مشاريع مائية تفيد أكثر من 70 بلدا في سائر أرجاء العالم.
وأضاف أن الوكالة تمكنت في العام 2008 من توفير الوصول إلى المياه لـ 6 ملايين شخص في مختلف أنحاء العالم. وبالنسبة إلى 4 ملايين من هؤلاء كانت تلك "أول مرة يتمكنون فيها من الوصول إلى مياه محسنة." ثم خلص ييتس إلى القول إن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مكنت 7 ملايين شخص في العالم في العام 2008 من الوصول إلى خدمات الصرف الصحي، وكان ذلك بالنسبة لأكثر من 2 مليون منهم أول مرة يتمكنون فيها من الوصول إلى خدمات الصرف الصحي المحسنة.
| |
  
|
|
|
|
|
|
Re: بمناسبة يوم المياه العالمي... أطول طابور في العالم أمام المرحاض! (Re: حليمة محمد عبد الرحمن)
|
الماء والأمن الغذائي (يجب ان تكون إمدادات المياه الموجودة أكثر إنتاجية لمواجهة الطلب المتنامي على الأغذية)
بقلم فرانك ريجسبرمان
في هذا الفصل:
المقدمة: ليتر واحد لإنتاج سعر حراري واحد– الحضارات المائية–
الثورة الخضراء: أنواع محاصيل تنتج غلة عالية، والأسمدة، والمياه الزهيدة الثمن
قيمة المياه– نفاذ المياه– تغيّر المناخ–
الفقراء يدفعون الثمن– الخلاصة: إدارة طريقنا للخروج من الأزمة
المقدمة: ليتر واحد لإنتاج سعر حراري واحد
يستهلك إنتاج سعر واحد من الغذاء ليتراً واحداً من المياه، أو على الأقل آلاف ليترات الماء لكل فرد يومياً. وكمية المياه اللازمة لزراعة الغذاء الذي نتناوله تبلغ 70 ضعفاً أكثر من كمية المياه التي نحتاج اليها للشرب، وللاستحمام، وللغسل. ومن المتوقع أن يتضاعف الطلب العالمي على الغذاء على مدى السنوات الأربعين القادمة ويقتضي ذلك ضمنياً مضاعفة كمية المياه المستعملة لتحقيق الأمن الغذائي العالمي. اليوم، أصبح ثلث عدد سكان العالم متأثرين بندرة المياه. كما من المتوقع ان يؤدي تغيّر المناخ إلى تفاقم هذه الحالة من خلال زيادة تكرر وشدة الفيضانات وحالات الجفاف.
إن هذا، باختصار، يرسم الصورة الحقيقية القاسية لوضع الماء والغذاء. وقد أدى هذا الوضع إلى توقعات بأن الحروب المستقبلية سوف تندلع بسبب النزاعات حول المياه، وان المياه سوف تصبح النفط الأزرق للقرن الواحد والعشرين.
ما هي تحديات المياه والغذاء التي يواجهها العالم؟ ولماذا لا تُفهم بصورة كافية؟ كيف سيكون وضعنا النهائي في مثل هذه الحالة الرهيبة؟ هل توجد حلول لتخفيف حدة أزمة المياه في العالم؟ هذه هي الأسئلة التي سوف تتطرق اليها هذه المقالة.
الحضارات المائية
في بعض مناطق العالم، كأوروبا الغربية والغرب الأميركي، يمكن زراعة المحاصيل التي تنتج غلة عالية باستخدام الرطوبة التي يزودها المطر لوحده. لكن في مناطق أخرى فإنها تكون إما جافة جداً كالشرق الأوسط أو شمال أفريقيا أو القسم الأكبر من ولاية كاليفورنيا، أو تهطل الأمطار فقط خلال هبوب بضع عواصف شديدة في كل سنة، كالأمطار الموسمية في آسيا. الحضارات التي ازدهرت في ظل هذه الظروف اعتمدت جميعها بشدة على قدرتها على إدارة المياه لأغراض الزراعة. كان الري على ضفاف نهر النيل مصدر الثروة في مصر القديمة. أقنية جر المياه وأنفاق المياه تحت الأرض الرومانية كانت روائع هندسية واسعة الانتشار، ولا يزال بعضها موجوداً حتى يومنا هذا. يتذكر الناس الملوك والأمراء المشهورين الذين حكموا جنوبي الهند وسريلانكا بإنجازاتهم في بناء السدود بقدر ما يتذكرونهم ببسالتهم في ميادين القتال. كان الأمن الغذائي ولا يزال متشابكاً بشكل وثيق مع إدارة المياه منذ آلاف السنين ولكن سرعة تطوير الموارد المائية في التاريخ الحديث لم يسبقها أي مثيل.
خلال القرن العشرين، ازداد عدد سكان العالم ثلاث مرات، ولكن ازدادت الكمية الإجمالية للمياه المستخرجة من الأنهار وطبقات المياه الجوفية لاستعمال الإنسان ستة أضعاف. وبحلول منتصف القرن الماضي كان يبلغ عدد السدود الكبيرة في العالم، أي السدود التي يزيد ارتفاعها عن 15 متراً 9000 سد يقع ثلاثة أرباع منها في الدول الصناعية. واليوم، هناك حوالي 49 ألف سد كبير في العالم، ويقع ثلثا عددها في دول نامية ولا سيما في آسيا. في نفس الوقت، أدى تطوير مضخات المياه الصغيرة التي تباع بثمن زهيد وتعمل بالديزل او بالكهرباء إلى الازدهار السريع في تطوير المياه الجوفية. حُفر في الهند وحدها ما يزيد عن 20 مليون بئر ارتوازي وضخت مياهها لاستعمالها في الري بالأكثر. أصبح إنتاج الغذاء العالمي في نهاية القرن العشرين كافياً لتغذية سكان العالم (فقط لو تمكن الفقراء من تحمل ثمنه) وتدنت أسعار الأغذية إلى معدلات تاريخية وذلك على الأكثر بفضل الاستثمار العالمي الهائل في تطوير الموارد المائية من أجل ضمان الأمن الغذائي، والطاقة المائية، والسيطرة على الفيضانات. الثورة الخضراء: أنواع محاصيل تنتج غلة عالية، والأسمدة، والمياه الزهيدة الثمن
في الستينات والسبعينات من القرن العشرين، أدّت الزيادات السريعة في عدد السكان في نصف الكرة الجنوبي، والمجاعات المأساوية في شبه القارة الهندية وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى انتشار المخاوف بأن الأرض لن تستطيع دعم العدد المتوقع من السكان مستقبلاً البالغ 6 بلايين نسمة. قادت مؤسستا فورد وروكفلر التحرّك للمباشرة ببذل جهود دولية رئيسية من اجل تعزيز زيادة الغذاء في العالم. باتت هذه الجهود تُعرف بصورة مجتمعة "بالثورة الخضراء". وكان العنصر الأكثر شهرة لهذه الثورة هو أنواع المحاصيل المحسنة كثيراً كالأرز، والقمح، والذرة. أدى هذا الجهد أيضاً إلى منح أول جائزة نوبل للسلام لعالم زراعي هو نورمان بورلو عام 1970 لتطويره أنواع قمح "تقتل المجاعة" وكان هذا القمح يتسم بقصره الشديد، وينتج غلة عالية، ويقاوم الأمراض.
تطلب هذه الزيادة في الإنتاج الزراعي توفر الأسمدة ومياه الري. كان الافتراض بأن توفير المياه بكلفة زهيدة للمزارعين يُشكِّل جزءاً من البنية التحتية الأساسية، بالترافق مع شق الطرق مثلاً، الذي هو أمر ضروري لتعزيز التنمية وتحقيق الأمن الغذائي. بدعم من البنك الدولي والعديد من المانحين الثنائيين كالوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، سارت الحكومات في مجمل قارة آسيا، وإلى مدى معين في مجمل قارة أفريقيا، على خطى برامج البناء الكثيف للسدود وأقنية الري المنفذة في أماكن مثل غرب الولايات المتحدة وحوض دارلينغ-موراي في استراليا. واستثمر المزارعون بصورة متزامنة في الآبار والمضخات لتطوير المياه الجوفية. وبحلول بداية القرن الواحد والعشرين كانت نسبة 17 بالمئة من الأراضي الزراعية مروية وهي أنتجت نسبة 40 بالمئة تقريباً من الغذاء العالمي. وقد أصبحت دول مثل تايلاند، الهند، فيتنام، والمكسيك دولاً مصدرة للأغذية رغم زيادات عدد السكان فيها.
قيمة المياه
ركزت جهود تنمية الموارد المائية تاريخياً اهتمامها على تحويل المياه في الأنهر والطبقات الجوفية لاستعمالها في الزراعة، وفي المدن او المصانع. اعتبرت الأراضي الرطبة الشاسعة، مثل أراضي إفرغليدز في فلوريدا، بمثابة أرض قاحلة وتشكل مصدراً للأمراض مثل داء الملاريا. ولو افترضنا أن الماء لا قيمة له في الطبيعة، فإن أية قيمة تنتج من خلال الري كان ينظر إليها بمثابة مساهمة للمجتمع. كانت السياسة السائدة حول العالم تنص على (أ) وجوب ان تتحمل الحكومات أكلاف الاستثمار في البنية التحتية المائية، و(ب) وجوب تزويد كميات مياه الري إلى المزارعين مجاناً او بأسعار تقل عن كلفة التشغيل والصيانة.
كانت عواقب هذه السياسة غير متوقعة. فالمزارعون الذين يحصلون على المياه مجاناً أو بسعر قريب من المجاني، لم يكن لديهم أي حافز لاستعمال المياه بحكمة او للاستثمار في تكنولوجيا المحافظة على المياه. وكانت هناك عاقبة أخرى هي ان البيروقراطيات الحكومية المكثفة التي شُكلت لتزويد المياه إلى المزارعين اعتمدت في وجودها على موازنات حكومية بدلاً من واردات يتم تحصيلها من المزارعين. ولم يتوفر لدى البيروقراطيين أي حافز ليكونوا عرضة للمساءلة أمام المزارعين او لتزويد خدمة عالية النوعية. في أماكن عديدة، ابتكر المسؤولون عن الري طرقاً بارعة غير رسمية للحصول على إيراد خاص، من الرشاوى على عقود البناء أو الصيانة وصولاً إلى تأمين إمكانية وصول آمنة للمزارعين الراغبين والقادرين على دفع مبالغ إضافية. أصحاب الأراضي الميسورون ومسؤولو أنظمة الري كانت لديهم كافة المبررات لإخفاء، وحماية، واستدامة هذه الترتيبات غير الرسمية. لكن المزارعين الفقراء كانوا يحصلون على اقل من حصتهم المنصفة من المياه ويدفع المجتمع ككل ثمن نظام منخفض الأداء. أما المياه المستعملة فكانت تولّد قيمة أقل بكثير مما تستطيع توليده.
مع مرور الزمن، أدركت المجتمعات بصورة تدريجية ان المياه "غير المطورة" لها قيمة كبيرة. فالنهر، والأراضي الرطبة، ودلتا الأنهر، وغابات الأشجار والأعشاب الساحلية التي تعتمد كلها على المياه غير المطورة، تدعم عدداً من الوظائف الحيوية:
* المسامك؛
* الاستعمالات التي توفرها السهول الفيضانية، مثل: الزراعة الرجعية، والرعي، وغابات السهول الفيضانية؛
* الحماية من الفيضانات؛
* نقل المواد الغذائية إلى السهول الفيضانية؛ و
* المحافظة على دلتا الأنهر والسواحل التي تنجرف من دون الترسبات.
باختصار، تُثمّن الآن الأراضي الرطبة والمناطق الساحلية لما تقدمه من خدمات للنظام الايكولوجي.
الدرس المكتسب هو ان كافة كميات المياه الموجودة تخدم غرضاً، كما أنها جميعها تمثل قيمة. فقد ولّدت بعض مشاريع الري قيمة للمجتمع أقل من الأنظمة البيئية التي حلت محلها.
نفاذ المياه
وصلت المقاربة القديمة إزاء تطوير الموارد المائية إلى حدودها النهائية. تتطلب الزيادات السكانية المتوقعة إنتاج كميات إضافية من الغذاء عندما يزداد معدل استهلاك الغذاء للفرد الواحد مع نمو الثروة في بلاد كالهند والصين. تشير هذه الاتجاهات سوية إلى مضاعفة الطلب العالمي على الغذاء بين الآن والعام 2050. وإذا استمر العمل كما كانت العادة فإن ذلك سوف يتطلب مضاعفة كمية المياه المستعملة في الزراعة أيضاً. يمكن نظرياً تنفيذ ذلك من خلال زيادة مساحة الأراضي المزروعة، ولكن لم تعد هناك ببساطة أراضٍ باقية كافية. وقد تحاول استراتيجية اخرى سحب كميات اكبر من المياه الطبيعية، ولكن الأنهر الأسهل منالاً والمواقع الأفضل لإنشاء السدود قد تمّ استغلالها. في الواقع، توجد إشارات عديدة بأن قدراً كبيراً جداً قد تم استغلاله:
* أنهر كانت عظيمة في السابق كالنهر الأصفر، ونهر كولورادو او نهر الأردن لم تعد تصل إلى البحر خلال الفترات الحرجة؛
* جفّ بحر الآرال وأصبح ظلاً لما كان عليه في السابق وتحول إلى أحد أسوأ الكوارث البيئية في العالم.؛
* طبقات المياه الجوفية في أجزاء عديدة من آسيا، مثل ولاية غوجارات الهندية، قد هبطت بنسبة تزيد عن 150 مترا خلال 25 و30 سنة، وتمّ هجر الآلاف من الآبار والقرى بكاملها. فقد تم تطوير الطبقة الصخرية المائية الجوفية وتم استهلاكها خلال جيل واحد؛
* أتلف جفاف طويل دام لعدة سنوات في استراليا الأراضي المروية مؤخراً وأدى إلى ارتفاع أسعار القمح العالمية إلى ذروتها خلال عشر سنوات؛
* حدّت محاكم ولاية كاليفورنيا من تحويل المياه من شمال كاليفورنيا لتلبية احتياجات الري والمدن في القسم الجنوبي من الولاية من اجل حماية الأنواع الحياتية المهددة بالانقراض في دلتا نهر ساكرامنتو-سان جوكين، الأمر الذي أحدث أزمة في الزراعة المروية في أحد أعظم الأنظمة الزراعية إنتاجاً في العالم؛ و
* نهر النيل في مصر، المسمى سلة الخبز منذ أوقات الفراعنة، لم يعد يزود كمية كافية من الماء لإنتاج اكثر من نصف كمية الغذاء الذي تحتاج إليه البلاد واصبح من الضروري استيراد ما تبقى.
الخيار الواقعي الوحيد هو في زيادة إنتاجية المياه الستعملة حاليا، وإنتاج محاصيل اكثر مقابل كل قطرة مياه، ووضع قيمة أكبر لكل قطرة مستعملة للغذاء، وللوظائف، وللصحة، وللبيئة. هذا ما يُشكِّل تحدياً رئيسياً، خاصة حيث لا تزود أسعار المياه المدعومة حوافز لزيادة الإنتاجية. إلاّ أن ذلك لا يزال ممكن التحقيق.
تغيّر المناخ
تماماً كما يعتمد الأمن الغذائي على إمكانية الوصول إلى الغذاء بدلاً من مجرد الإنتاج الإجمالي للغذاء، تعتمد درجة التعرض لأخطار تغيّر المناخ على قدرة التكيف بدلاً من مجرد إدارة مخاطر المناخ. في ما يتعلق بالمياه، فإن مفتاح تحقيق الأمن الغذائي سوية مع إدارة مخاطر المناخ يكمن في القدرة على إدارة التغيّر اليومي والسنوي في معدل هطول الأمطار (بالنسبة للزراعة التي تعتمد على الأمطار) وانسياب مياه الأنهر (بالنسبة للزارعة المروية).
التغير من يوم ليوم في معدل هطول الأمطار يُشكِّل عامل خطر رئيسيا لمعظم أشكال الزراعة. سوف تكون أنماط التغير في معدل هطول الأمطار (في المكان والزمان) بالتالي من أهم مظاهر تغيّر المناخ بالنسبة للأمن الغذائي. العديد من خيارات التكيف هي نسخ مختلفة عن الإدارة الحالية لأخطار المناخ، ولا سيما لأنظمة الري. تؤمن أنظمة الري القدرة على إدارة المياه وبالتالي زيادة الصمود في وجه تغير المناخ. من جهة أخرى، تتعرض أحواض الأنهر التي "بدأت تجف" لأخطار عالية بسبب المناخ.
الفقراء يدفعون الثمن
ينتج العالم كمية من الأغذية تكفي لإطعام كل فرد بنسبة تزيد 17 بالمئة عن الطاقة الموصى بها وهي 2700 سعر حراري للفرد في اليوم. مع ذلك فإن تقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) تشير إلى ان عدداً متزايداً من الناس هم جياع. يضع الرقم الأكثر حداثة عدد الناس المصابين بسوء التغذية بأكثر قليلاً من بليون شخص، وهي نسبة تبلغ 15 بالمئة من العدد الإجمالي لسكان العالم. وهي أعلى من عدد 824 مليون شخص الذي سجل عام 1990. الفقر هو السبب الرئيسي للجوع. والناس الجياع إما لا يملكون مساحة من الأرض كافية لزراعة غذائهم او المال الكافي لشراء هذا الغذاء. يعني ذلك ضمنياً بكل بساطة ان إنتاج كمية أكبر من الغذاء من المحتمل أن لا يؤدي إلى تخفيض عدد الجياع في العالم، ما لم يتم ذلك بطريقة تؤمن فرص العمل والمداخيل للجياع.
الخلاصة: إدارة طريقنا للخروج من الأزمة
هل يمكننا زيادة إنتاجية المياه بدرجة كافية لدعم مضاعفة الإنتاج الغذائي بحلول العام 2050؟ هل يمكننا أن نحقق ذلك بأسلوب يخفض عدد الذين يعانون من سوء التغذية ويحسن أو يحافظ على الخدمات التي يوفرها النظام الايكولوجي؟ الأخبار الطيبة هي ان إنتاجية المياه منخفضة حاليا في معظم الأماكن. ويعني هذا وجود مجال لتحسينها. يمكن ان تتراوح قيمة المياه في الري بين 1 و2 سنت أميركي للمتر المكعب عند استعمالها لإنتاج الحبوب، و5-10 سنتات للمحاصيل النقدية مثل قصب السكر، وحتى 50 سنتا للفواكه والخضار. لكن هذا الرقم يعتمد ليس فقط على المحصول بل أيضا على الموقع، والممارسات الزراعية، وتقنيات المحافظة على المياه. ففي حين يحتاج معظم المزارعين إلى ما بين متر ومترين مكعبين من المياه لإنتاج كيلو غرام واحد من الحبوب، يتمكن آخرون من تحقيق ذلك بأقل من نصف متر مكعب. وهكذا هناك إمكانية ذات شأن أمام المزارعين لإنتاج المزيد من المحصول مقابل كل نقطة مياه. ولكن لن يتم تحقيق ذلك بسهولة. فهي مشكلة حاول العديد حلها ولم ينجح سوى القليل منهم.
الحلول السحرية، مثل الأنواع التي تعطي محاصيل عالية والتي رفعت المحاصيل الزراعية بنسبة 50 بالمئة بغضون خمس سنوات فقط في الهند وباكستان في السبعينات من القرن العشرين، ليست متوفرة. بعض هذه الحلول ليست باهظة الثمن، لكنها تتطلب اجراء تغيير مؤسساتي واسع النطاق في كل من إدارة المياه والمساءلة لمستخدميها. والاثنان يصعب تحقيقهما. يمكن العثور على بعض الحلول في الاختراقات التكنولوجية الجديدة، مثل أنظمة الري بالتنقيط التي طورتها إسرائيل والتي يمكن لها ان تضاعف إنتاجية المياه، لكن تبني التكنولوجيا الجديدة يتطلب في معظم الأحيان استثمارات رأسمالية تتخطى إمكانيات معظم المزارعين الصغار.
سوف تتطلب إدارة المياه لتحقيق الأمن الغذائي للجميع بالترافق مع بيئة سليمة جهوداً هائلة. وسوف يتوجب على الحكومات في كل مكان التوقف تدريجياً عن تقديم الإعانات الزراعية، وإدراك القيم البيئية، وإيقاف السباق إلى القعر حيث يتنافس الذين يملكون الإمكانيات مع جيرانهم بحفر آبار أعمق وأعمق. سوف يصبح التكيف مع تغير المناخ أولوية في كل مكان. وفي الدول الصناعية سوف يكون التشديد على:
* القضاء على انتشار المواد الكيميائية المركبة مثل مبيدات الحشرات، والعقاقير، والأدوية؛
* إنعاش الأنظمة الايكولوجية المتداعية، مثلاً، من خلال إزالة السدود؛ و
* تمكين المياه من الانتقال إلى أعلى استعمالاتها قيمة.
يستلزم الأمن الغذائي للجميع في الدول النامية تركيز الانتباه على توفير الفرص للفقراء. وسوف تساعد بنوع خاص المبادرات التي تساعد المحتاجين في زراعة الأغذية وتوليد المداخيل. وهذه قد تشمل مشاريع الري بالتنقيط المتدنية الكلفة، تجميع مياه الأمطار، او مشاريع المياه المتعددة الاستعمالات التي تزود الأُسر بمياه للشرب والاستحمام، وتروي الحدائق في الفناء الخلفي، وتعنى بالمواشي، أو تدعم الصناعات الريفية.
باختصار، وفي حين ان الأمن الغذائي في القرن العشرين قد تمّ إنجازه من خلال الزيادة السريعة لكمية المياه المستخرجة من الطبيعة، لكن التحدي الآن أمام القيّمين على إدارة الموارد المائية يكمن في مضاعفة إنتاجية المياه المستعملة في الأربعين سنة القادمة.
يقوم فرانك ريجسبرمان بإدارة البرامج البيئية والصحية لمؤسسة غوغل أورغ، وهي منظمة خيرية لشركة غوغل. وهو المدير السابق للمؤسسة الدولية لإدارة المياه في سريلانكا، ومؤسس شركة استشارات بيئية في هولندا، وبرفسور سابق في المؤسسة الدولية لتعليم المياه. يحمل ريجسبرمان شهادة دكتوراه في الهندسة المدنية من جامعة ولاية كولورادو.
يو اس انفو
| |
  
|
|
|
|
|
|
|