|
نصف البرلمان من الّلصوص
|
الأخطاء الصحفية بسبب الطباعة، أو التصميم غالباً ما تصحبها نوادر؛ وفي النهاية تترك إدارة تحرير الصحيفة في اليوم الذي يليه؛ اعتذاراً رقيقاً ينتهي بـ(الخطأ الذي لايفوت على فطنة القارئ) وكأن الصحف لا تعلم أن فطنة هذا القارئ قد أنهكها التعب؛ وأنه أحياناً أصبح بلا فطنة–كالقطار– يتحرّك آلياً في مسارٍ واحدٍ يذهب ويعود من وإلى عمله؛ يصرف مرتّبه كل ما تيسّر ثم يتقمّص شخصية الحاوي؛ فيدفع إيجار البيت، و(لسيد اللبن)، وحساب الدكان، ومصاريف المدرسة، وديون العلاج، والنفقات غير المنظورة؛ من مجاملات وخلافها؛ ثم النفايات، والموية، والكهرباء؛ ثم تأتي الصحف لتترك أخطاءها لفطنة القارئ والمفارقة أن القاريء- في الغالب الأعم- يأتي إلى الصحيفة لإيقاظ وتنشيط هذه الفطنة؛ بالبحث عن خبرٍ يؤكّده، أو ينفيه، أو تحليل رصين يبين له؛ أين يقف من الحاصل السياسي، والاجتماعي، أو الرياضي؟ ... فالقارئ عزيزتي الجرائد اليومية ما صدر منها وما بطن(اللي هو المواطن) منهكٌ أصلاً؛ فعليك أن ترعيه بإحسان ليكون باًرا بك. والمواطن الذي تم تحرير السوق له .. (انسجن) هو في إحباط مرتبٍ هزيلٍ وسوق محفوفةٍ بالجباية، والقرارات المتناقضة لمصالح متضاربة. على المواطن الآن أن (يحلحل) مشكلاته بنفسه بقدر الإمكان من دون اللجوء إلى الاستعانة بحق المواطنة. على المواطن أن (يتضمضم) بقدر الإمكان ولا يخرج يده من الشباك مشيراً إلى أنه (لافّي) خوفاً من أن تنقطع يده؛ قبل أن يخاف من ارتكاب مخالفة . قرأت؛ وأنا الماثل أمامكم- وبكامل قواي المعتبرة شرعاً- في صحف الأسبوع الماضي؛ ما لم يبلغ درجة الخطأ- الذي يترك لفطنة القارئ-؛ ولكن ما يستوجب التفسير لأن (الفطنة قِسَمْ). قرأت دعوةً من أحدهم لولاة الولايات للتنازل عن مناصبهم قبل الانتخابات حتي يدرءوا عن أنفسهم تهمة الاستماتة على السلطة طيلة العشرين سنة الماضية(طيب كيف؟) وعتبت على نفسي(أنا أصلاً الودّاني أقرا ليهو شنو)؛ مما أصاب فطنتي بالإعياء وهزّأْتُ نفسي كثيراً(مالك إنت الكلام ده خاص بالولاة؛ إنت والي؟ ) وكي لا يتمّ اتهامي بحجر الرأي؛ إلاّ أنني (كمرضان قراية على العلي)؛ أتصفّح كل ما يقع في بصري(إن شا الله يافطة)؛ ولي فطنة أعوّل على أن أشارك بها في نهضة هذا البلد. فأتمنى من الصحف الموالية والمتوالية أن ترفق بقارئها العزيز في بعض ما تنشر؛ بأن تبسّطه مثلاً وتشرحه– يعْني–؛ خلاف تصريحات المسؤولين غير المسئولين. هناك النموالاقتصادي المتمثل في الارتفاع في ميزان المدفوعات، واستقرار السعر الموازي والمزازي؛ مع انخفاض في دعم عائدات الصرف الهلامي؛ مما لا يلمسه المواطن بأم عينه في شكل صينية الغداء، ولايشعر بانتفاخ في جيبه. وكما بدأنا بالأخطاء الصحفية؛ نختم بقصة الصحفي الذي اتهم أعضاء البرلمان بمانشيت يقول(نصف أعضاء البرلمان من الّلصوص) فهاج البرلمان؛ وطلب منه القاضي الاعتذار عن الخطأ؛ والذي قد يكون صحيحاً؛ إلا أن قوة البرلمان لن تجعله كذلك . وبما أن القانون ينصّ علي أن تصحيح الخطأ؛ يجب أن يكون في نفس المكان، وبنفس البنط؛ اعتذر الصحفي بمانشيت يقول (نصف البرلمان من الشرفاء).
|
|

|
|
|
|