بمناسبة عيد الميلاد المجيد التهاني لاهلنا الاقباط و"رسالة حب" من سناء جعفر اليهم

Quote: رســــــالـــــــــــــة حــــــــــــــــب .. إلى الذين شكّلوا ملامح طفولتي .ورافقوني في رحلة مراهقتي ونضجي.. إلى العم صبحي اندراوس وزوجته روز في قبرهما ... إلى ماجدولين وسارة وميري وابراهيم وجوجو وبولس أينما كانوا .. إلى صديقتي العزيزة هالة التي علمتني كيف اعجن واخبز واطبخ وأتقن .. إلى ( نديدي ) اشرف الذي لم تمنعه ( منغوليته ) من الانضمام إليّ في ممارسة شقاوة الأطفال ومبادلتي المودة بأصفى منها ..إلى أيمن الذي فتح ( صالون ) بيته عقب رفع صيوان عزاء والدي ( رحمه الله ) وأصر على استضافة كل من بقى من الأهل والأصدقاء وقدم الشاي والقهوة لعدة أيام متتالية بلا كلل أو ملل ... إلى خالتي رينيه التي تطاول صبرها وهي تعلمني كيف أجدل ضفائر الجبن الحارة وكيف اضبط مقادير ( الكمون الأسود ) وكيف استفيد من بقاياها السائحة في صنع بسكويت شهي .. وإلى أبنائها ميشو وميري والتوأم جانيت وجاكلين الذين طعمّوا الطفولة بنكهة خاصة .. إلى آنا الجنوبية الإغريقية الجميلة التي أعارتني مئات المجلات والقصص عرفتني على تان تان وطرزان والوطواط وأرسين لوبين والقديس سيمون تمبلار.. جالستني في غرفتها الفسيحة وهي تلاعبني لساعات طويلة .. وأمسكت بيدي خلال عبوري شارع الإسفلت الفاصل بين بيتهم وبيتنا ..إلى مارجو التي علمتني قراءة مجلات سمر وتشاركنا حب فرانكو كسباري .. إلى نيكولينا وتيريزا وروزينا الإغريقيات الجميلات اللائي قمن باحتضاني في أحرج مراحل مراهقتي وقدمن لي وعياً كنت احتاجه .. إلى خالتي قوت القلوب التي كان بيتها الصغير ملجأي الرسمي في ساعات فراغي والمكان الوحيد الذي أتلذذ فيه باحتساء أكواب الشاي الأحمر المخلوط بالنعناع الطازج ترافقه ثرثرة حميمة .. والى زوجها عمو فيليب الذي رحل عن دنيانا مبكراً .. والى إبنتها صديقتي الحبيبة جاكلين التي أحبت مسلماً فخذلها .. وبرغم ذلك ظلت صديقتي وظلت تحبني كما أحبها.. إلى مجدي والصغير نادر الذي أصبح رجلاً على غفلة مني .. إلى خالتي سنيورا .. إلى شيرين ونرمين .. والى ايزيس وموريس .. إلى سوسن وفريال وعمو سعد وخالتي ايلين في مهاجرهم البعيدة وقبورهم التي لم أراها ... لقد أبهجتموني بجيرتكم الطيبة ومعاملتكم الودودة وحبكم غير المشروط .. إلى عمو جوزيف وزوجته سميرة .. والى ميري وجوجو وغريسي .. عندما احضر في إجازاتي ولا أجدكم جلوساً أمام شجرة النيم الفتية ( في خشم باب بيتكم المرشوش صيف وشتا ) أحس بان الشارع ينقصه شئ هام ..إلى عم عبده بجلبابه السوداني الأصيل .. ولكنه أهالي الشمالية المحببة الطاغية .. والى زوجته ناهد .. والى ابنتيه .. صديقتي الهام في مهجرها بمدينة الضباب .. والصغيرة نجلاء التي أصبحت أم .. والى إيهاب وزوجته عفاف وابنته تالين .. والى جوجو الذي ما زلت اذكر ولادته ..وفي آخر إجازاتي فاجأني بأنه أصبح يفوقني طولاً وبرغم ذلك لم استطع التخلي عن لقب التدليل ومناداته بإسمه الأصلي.. إلى عطيات صديقتي الحبيبة التي تشبهني وتشبه أي سودانية صميمة .. ولا يستطيع أي كان تمييز ديانتها إلا إذا دقق النظر في الصليب الصغير الذي ترتديه في عنقها .. إلى سوزي ابنة جنوبنا الحبيب وزميلة الدراسة في مدرسة الخرطوم الثانوية بنات .. إلى جيمس لولو الذي كان يصنع أحلى قهوة واطعم شاي كركدي في مقر عملي بالخرطوم .. ويسجل حسابي المتضخم في دفتره الصغير .. يطالبني آخر الشهر بسماحة ويستدير بحياء إن أشهرت في وجهه ( إفلاسي ) ثم يحضر لي كوب كركدي آخر دون أن يسألني ثمنه ..إلى تولبرت بطيبته وأناقته وابتسامته الدائمة وسلوكه المتحضر وأسلوب تعامله الراقي .. إلى كل الإخوة والأخوات المسيحيين الذين التقيتهم في دربي ..شكرا لكم لأنكم كنتم وما زلتم جزءاً جميلا من كياني .. شكرا لكم لأنكم شكلتم ملامح طفولتي ورافقتموني أثناء تدرجي في رحلة الحياة .. افتقدكم بشدة ..افتقد أيامنا معاً ... افتقد حضور أفراحكم في الكنيسة أفتقد صلاتي ببيوتكم على السجادة التي تحفظونها خصيصاً لأجلي .. أفتقد جلساتنا ساعة المغرب في ( خشم الباب ) .. افتقد الشاي و ( خميرة اللبن ) و ( بسكويت المفرمة ) .. افتقد (حليفتكم) التي تشبه (حليفتي ) وكلمات ( وحيات النبي .. وحيات الرسول ) التي تنطقوها بعفوية مذهلة ... ونصف الشهادة الدارجة على ألسنتكم ( لا اله إلا الله ) ومزاحي لكم بأنكم ستصبحون مسلمين فقط إن أكملتموها .. افتقد دعوتكم لي لتناول غداء العيد و طعم الديك الرومي .. افتقد مناداتكم وطلبكم لعودي بخور صندل لتعطير منازلكم.. افتقد زياراتنا لبيوت بعضنا .. تفقدنا لبعضنا .. ووقوفنا بجانب بعضنا .. افتقد بيوتكم برائحتها المميزة .. ونظامها المميز .. افتقد صفاءكم .. ونقاءكم .. وبهاءكم وطيبتكم .. يؤسفني أنني صرت بعيدة عنكم جسداً وحضوراً .. وعزائي أنني قريبة منكم خاطراً ومودة .. يؤسفني أنني لم اعد التقيكم كما ارغب ..وعزائي هو جميل الذكريات التي احملها لكم ..اعتذر إليكم عن بعض الفتاوى الغريبة التي حرمت عليّ تهنئتي لكم بعيد ميلاد المسيح عليه السلام .. اعتذر إليكم عن عدم إدراك البعض لمدى عمق العلاقة التي تربطنا ... فهم لا يستطيعون فهم المشاعر التي لم تجعل إسلامنا ومسيحيتكم عائقاً بيننا .. لم يستوعبوا احترامنا لعقائد بعضنا البعض .. لم يتفهموا قدرتنا على العيش بتسامح .. لم يخوضوا تجربة التآلف والتآخي التي كانت وما زالت مستمرة بيننا منذ عشرات السنين .. اعتذر إليكم عن التطرف الذي أصبح سمتنا..اعتذر إليكم عن جهل البعض بجوهر الإسلام الذي سمح لنا بتناول طعامكم .. ومنح رجالنا رخصة الزواج من نساءكم .. أشكركم على الثراء الذي منحتموني إياه طيلة وجودي بينكم أرسل إليكم رسالتي هذه وكلي أمل أن تجدكم كما أتمنى لكم .. يطيب لي أن أهنئكم بعيد مولد المسيح .. عيد ميلاد مجيد .. وكل سنة وانتو طيبين ... المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وبالناس المسرة... الراسلة : ابنتكم وصديقتكم التي تشتاقكم / سناء عمر بابكر جعفر ...