|
جمهمذما
|
في ذلك الصباح خرجت أم الحسين الدلالية من بيتها غضبانة توعد نفسها بنسف المجتمع الذكوري على وجه الأرض.. ذلك المجتمع الذي سلبها وبنات جنسها الحرية والمساواة، بل وفرض عليها الوصاية في كثيرٍ من جوانب حياتها وكانت تتحدَّث مع نفسها بصوت مسموع ولم تدرِ أنها دخلت الى جارتها طيبة بل وتقف أمامها .. احتارت طيبة في هذه اللغة المستحدثة على أم الحسين، إذ لم يعرف عنها غير الحجة في اقناع النساء ببضاعتها ثم الشراسة في استخلاص أقساطها من (عيونهن) فكيف لها بهذا الكلام الكُبار كُبار والذي وقفت معه طيبة باعتباره ألغازاً وطلاسماً يجب فكّها ... لم تسلِّم أم الحسين على جارتها طيبة ولم تدعها تستمتع بانتظار الشمار .... شوفي الرجال ديل لازم نضع ليهم حد ... هكذا بدأت أم الحسين كلامها لطيبة.. وأم الحسين - لمن لا يعرفها - إمرأة فيها بقية جمال وعقل منتبه .. تركت الدراسة في المرحلة الثانوية بناء على رغبتها ودون إبداء أي أسباب مقنعة أو غير مقنعة بعدها بقليل تقدم لها ابن عمها التاجر وأنجب منها ولدين وبنتين وتوفي عنها، تاركاً لها ثروة ربَّت منها عيالها وعلَّمتهم حتى تخرجوا وتزوَّجوا إلاّ البنت الوسطى، والتي رفضت أم الحسين تزويجها لموظف عادي بالرغم من كثرة المتقدمين لها لجمالها.. زملاء عمل وأقارب ، حتى أطلقت على البنت لقب الخازوق، مما أدخلها في نفسيات إلاّ أنها أصرت على زوج البنت الصغرى بأن البنت ستبقى الى جوارها وتفصل لها جزء من المنزل ... لتكتشف بعد فترة وحسب اعتقادها أن البنت خاتماً في يد زوجها .. أمشي .. أقعدي.. واغتاظت من هذ التحكُّم في بنتها وهي مالكة البيت وتصرف فيه بقدر ما يصرف الزوج وووو.. وتوصلت الى أن زوج ابنتها هذا قد يلعب (بديله ويسف البت ويتخارج ) اذاً لابد من تنبيه البنت اولاً لأعيب الرجال، ثم تحذير زوجها من الانفلاتات الرجالية غير المسؤولة في رأيها مثل أن يفكر في الزواج ثانية أو اقناع البنت بأن تعطيه مالاً ليبدأ به تجارة أو لهواً، وكبرت الفكرة في رأسها وتذكرت أن نفس هذه الحالة هي حالة جارتهم الأخرى إخلاص.. لذلك قررت أن هذه المسألة لابد أن تكون لها جسماً اعتبارياً ذو أهداف محددة وهي الحد من هيمنة المجتمع الذكوري على مفاصل حياة المرأة.. بدأت أم الحسين مرحلة الدعوة السرية وتنوير نسوان الحلة اللائي تحمسن للفكرة عدا واحدة منهن، كانت ملاوزة من زوجها ذو الطبيعة العصبية، ولكنها وافقت على مضض .. وبعد أن تبلورت الفكرة تمت الدعوة للاجتماع التفاكري لتكوين ( الجمعية المناهضة لهيمنة المجتمع الذكوري علي المجتمع الأنوثي بمنزل أم الحسين على هامش جلسة الجبنة وفي فاتحة الاجتماع تلت أم الحسين مقررات الاجتماع التشاوري ودستور الجمعية الذي أجيز بالاجماع وأهم بنوده مقاطعة الرجال والمطالبة بالمساواة التامة في غسيل العدة وحمَّام الشفع والطبيخ والكنس، في هذه الأثناء دخلت شامة الدلالية وهي متعلمة وحائزة على الماجستير الاّ أنها فضَّلت العمل الحر على وظيفة تننظرها من شهر لآخر، وهي زميلة أم الحسين من الحي المجاور، وقبل أن تشيل نفسها وتسأل عن هذه اللَّمة تناولت أقرب فنجان قهوة ودخلت في تفاصيل الإعداد لزواج لبنى بت إقبال، وأخذت توصف بالتفاصيل منذ فتح الخشم الى الشيلة أم عشرين عشرين ومفتاح العربية المرفق، وكيف أن بت اقبال أوقعت ذلك العريس في حبالها بمساعدة والدتها بالعوازيم غير المباشرة مرة وبإفتعال المناسبات مرات أخرى من عيد ميلاد الى عيد ميلاد، حتى تقدَّم الشاب زميل البنت في العمل ولأنه لا يستطيع بمرتبه ذاك وما وفره لا يستطيع أن يظهر بالبرستيج العائلي لأسرة إقبال، فقد دعمته إقبال تحت تحت من ميراث أبيها حتي يظهر العريس بالشكل اللائق في هذه الأثناء تذكرت أم الحسين ابنتها الخازوق، وعادت الى مشروعها ( الجمعية المناهضة لهيمنة المجتمع الذكوري على المجتمع الأنوثي (جمهمذما) لتغيِّر أجندتها وتُعلن في الاجتماع عن زواج ابنتها في الشهر القادم.. مصرحةً بأن (البت كان طارت للعرس).
|
|

|
|
|
|