كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
تأملات جهوية
|
أخذت الجهوية حيزا من تفكيري وتأملاتي خاصة ما يتعلق بعلاقتها بالقبيلة واللغة والدين. ولست معنياً هنا بإيراد خلفيات أو دواعي اهتمامي بالجهوية. إذ يكفي أنها ثابتة ومتمكنة في استعمالات قاموسنا السياسي في إطار يورده السياسيون في سياق يغلب عليه الطابع السلبي استهجاناً واستنكاراً في محاولاتهم للنيل من الخصوم حين يصفونهم بالجهوية وفي بعض الأحيان يلحقونها بالعنصرية لكسب تعاطف أطراف أخرى، كقولهم "التحركات العنصرية والجهوية" أو الحركة الجهوية كدليل التمحور والانكفاء المحلي مجانبةً لضرورات الانتماء الوطني
يتبع
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات جهوية (Re: Omer Sakin)
|
وقبل أن أغوص في أوحال الجهوية، أود التنويه بأني لست بصدد سبر أغوارها بشكل علمي دقيق مدعوم بالإحصائيات والأرقام وتوجهات الرأي بقدر ما أود أن أخذ لنفسي متكأً تأملياً قد يطغى عليه صبغة الخواطر.
يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات جهوية (Re: Omer Sakin)
|
والجهوية في تعريفي الذي خلصتُ إليه في حضرة التأملات ربما شحذت حقيقة الانتماء إلى جهة أو منطقة محددة بحدود جغرافية متعارف عليها، تميّزاً عن مناطق أو جهات أخرى. وربما طابق هذا التعريف الإقليمية في المعني وأن خالفها في سياق الإيراد الإيجابي.
يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات جهوية (Re: Omer Sakin)
|
ولو كان ذلك التعريف كذلك، سيمثل الحيُ أو القرية الدرجات الدنيا للجهوية في إطار انتماء الفرد لبقعة محددة بحدود جغرافية تميّزه عن الآخرين مثال ذلك أبناء حي العباسية مقابل حي أبناء الموردة. وتتدرج مراتب الجهوية تصاعديا باتساع الرقعة الجغرافية نحو المدن ككسلا مقابل بورتسودان أو ولائياً كولايات دارفور مقابل ولايات كردفان أو (جهويا حسب القاموس السوداني المتداول) كأبناء الغرب مقابل البحر أو الجنوب مقابل الشمال. وهكذا تتبلور الجهوية حتى تصل وتتجلي في أعلى مراتبها في الدول والقارات، السودان مقابل مصر وأفريقيا مقابل آسيا.
يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات جهوية (Re: Omer Sakin)
|
الرابطة الجهوية تحكمها المصلحة المشتركة للمنتفعين والمنتمين إلى الرقعة الجغرافية المحددة بصرف النظر عن وجود روابط دم أو صلات قربى أو حتى وجود قواسم مشتركة في المعتقدات. ولتقريب هذا المعني ستجد مثلا في قرية نائية من قري دار فور، قرية جمعت مجموعات عرقية مختلفة لم توجد روابط أو صلات صدم بين كثيرين منهم، رغم ذلك تراضوا العيش في القرية يرتوون من مشربها الواحد ويفلحون الأرض التي تحيط بالقرية. ولعل الأهم في ذلك كله هو تقاسمهم واستشعارهم لأي مهدد أمني للقرية. هذه العلاقة ربما تبلورت مستقبلا نحو علاقات المصاهرة بين المجموعات المختلفة في الأصل العرقي.
يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات جهوية (Re: Omer Sakin)
|
الدولة حسب التسلسل التعريفي ما هي إلا مظهر من مظاهر الجهوية التي جمعت أطرافا جهوية متنوعة الأعراق ومتعددة الخلفيات في سياق وطني يمثل الدستور وحكم القانون الفيصل الذي يحدد حقوق وواجبات الانتماء. بينما تظل المصلحة والمخاطرة مشتركة لرعايا الدولة الواحدة بصرف النظر عن الخلفيات العرقية أو الدينية. ويظل الفرد مرتبطا جهوياً في درجاته الدنيا أو العليا تدغدغ مشاعره انتماؤه للأرض الذي شهد مولده والمجتمع الذي تربي في كنفه وشهد كذلك ترعرعه. ومثال ذلك ارتباط أبناء المهاجرين إلى بلاد أخرى أو ما نسميهم بالجيل الثاني، ارتباطا وثيقا بأرض المهجر رغم ولع الجيل الأول بأوطانهم التي هاجروا منها وتغنيهم بحبها. وقد يصبح عسيرا في بعض الأحيان لأفراد الجيل الثالث أو الثاني من المهاجرين المولودون مثلا في أوروبا أو أمريكا أو حتى المهاجرين الآسيويين إلى إفريقيا استيعاب ازدواجية الانتماء الجهوي في سياقه الوطني أو مثلا التفاعل التام مع هموم الانتماء الوطني للجيل الأول. وبذلك الفهم يظل انتمائهم الجديد ناقضا لأي انتماء جهوي سابق.
يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات جهوية (Re: Tragie Mustafa)
|
ميرم تراجي تحية واحتراما شكرا كثيرا على الإطراء والنصيحة. عموما الحقت البوست بقطار الإرشيف. ساحاول جاهدا ألا أغيب بإذن الله تعالي. خالص ودوي واحترامي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات جهوية (Re: Omer Sakin)
|
الحبيب عمر ساكن...لا أسكن الله لك صوتاً ولا قلماً... أستفدت كثيراً من كتابتك العميقة هذه ...كما هي العادة... وأتفق معك لهذه الخلاصة:
Quote: الدولة حسب التسلسل التعريفي ما هي إلا مظهر من مظاهر الجهوية التي جمعت أطرافا جهوية متنوعة الأعراق ومتعددة الخلفيات في سياق وطني يمثل الدستور وحكم القانون الفيصل الذي يحدد حقوق وواجبات الانتماء. بينما تظل المصلحة والمخاطرة مشتركة لرعايا الدولة الواحدة بصرف النظر عن الخلفيات العرقية أو الدينية. |
نعم... ده البيلم أولاد وبنات السودان كلهم...
لذلك أعجب بشدة لهؤلاء الذين يريدون أن يجعلوا إمتدادتهم في الجزيرة العربية...أو غرب أفريقيا أو جنوب السودان بصورة تفصلهم عن المصير المشترك مع كل أطراف السودان الأخرى... وأعجب كذلك ممن يتشدق بالقول أنو المسلم في فلسطين وأفغانستان والعراق ، أقرب له من المسيحي في كل السودان...هذا غباء!
كل القبائل الحدودية السودانية...على الجانب السوداني متباينة في العادات والتقاليد السودانية بشدة عن إمتداداتها في الدول الأخرى...
وحدة المصير هو ما يجمع بين جميع السودانيين...ويجب أن يحس الجميع أن هذه الأرض لنا...وليعش سوداننا...علماً بين الأمم.
قليل من الجهد وسنصل لتلك النقطة... مودتي وتقديري أنور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات جهوية (Re: AnwarKing)
|
الأخ أنور تحية واحتراما مرة أخرى أكاد أجزم أنك نفذت إلى ما في خاطري في هذه التأملات. المعادلة بسيطة: شخصكم الكريم أخي أنور تربي في بور تسودان بصرف النظر عن خلفياتك القبلية. أعتقد أن بور تسودان هي أحب الأراضي إلى نفسك لأنها شهدت مولدكم وترعرعكم . بذات الفهم أجد أبناء الفور أو الزغاوة أو المنحدرين عموماً من غرب السودان المولودون في حلفا يرتبطون ارتباطا وثيقا ولصيقا بحلفا. يعني باختصار حلفايون من الناحية الجهوية. ويبقي تفاعلهم بما يدور في دارفور لا يعدو في كونه تفاعلا جهوياً بمعناه الوطني الواسع في درجاته العليا لأن مصالحهم مرتبطة وستظل مرتبطة بحلفا حتى إشعار آخر. ودونكم قبائل دارفور الذين استقدمهم الخليفة ووطّنهم في ام درمان. صاروا جزءً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي الأمدرماني ولن تستطيع أن تتحدث عن تاريخ أم درمان بمعزل عنهم. تلك هي حقيقة الانتماء الجهوي للأرض. وستظل مثلا كما أورد احد الأخوة في هذا المنبر امتدادات قبيلة المحاميد وافرعها في السعودية والأردن والسودان وليبيا وتشاد والمغرب ممتدة مع احتفاظ كل فرع منهم بخصوصياته الجهوية التي تحفظ مصالحه وتفرض عليه فرع (نجر) طريقة ما للاندماج والعيش مع المكونات البيئية المحيطة بهم.
شكراً أخي أنور على مروركم وإثرائكم النقاش. لقد أثلج صدري.
| |
|
|
|
|
|
|
|