الطفرة الكبرى: السودان من العصر الحجرى الى العصر السيراميكى .. بقلم : عوض محمد الحسن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 06:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-24-2009, 09:48 AM

مكي النور

تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الطفرة الكبرى: السودان من العصر الحجرى الى العصر السيراميكى .. بقلم : عوض محمد الحسن

    الطفرة الكبرى: السودان من العصر الحجرى الى العصر السيراميكى .. بقلم : عوض محمد الحسن
    الخميس, 24 ديسمبر 2009 10:05



    سجّل السودان فى العقد المنصرم رقماً قياسياً جديداً فى مجال التطوّر البشرى يُضاف الى أرقامه القياسية اﻷخرى ( أكبر البلدان مساحة فى أفريقيا، وفى العشرة اﻷوائل فى ترتيب أكثر الدول فساداً، والعشرة اﻷواخر فى ترتيب اﻷمم المتحدة للتنمية اﻹنسانية)، اذ قفز (أو فى الحقيقة طَفّر) فى مجال العمارة من العصر الحجرى (الجالوصى/القشّى/ الفخّارى) الى العصر السيراميكى( الرخامى/اﻷلومنيمى وربما الفسيفسائى قريباّ - ولعلّه بين ظهرانينا ونحن لاندرى).

    وانظر حولك فى سماء الخرطوم، وفى قلبها الذى سكت عن الخفقان ليلاً، وأطرافها المترهلة، وأحيائها الجديدة والقديمة، الفاخرة والبائسة،المُخطّطة والعشوائيّة، ترى البروج السامقة والصروح المُشيّدة من الفولاذ والزجاج والرخام واﻷلومنيوم ، التى نَمَتْ كما ينمو الفطر السام فى الغابات العَطِنَة، لامعةً مزهوّةً بنفسها ومُستفِزّة، تُطلّ على المدينة الغبشاء المترامية اﻷطراف من عَلٍ، وتَمدُّ لها ألسنتها الزجاجية البرّاقة. هذه هى مقار وزارات الحكومة ومؤسساتها وقوّاتها المسلّحة وأجهزة أمنها وشرطتها، ودواوين زكاتها، وبيمت العاملين عليها، ومساجدها، وجامعاتها ،وشركاتها العامة، والشركات"الهجين"، والشركات "البروس" التى لا نَسَب لها، والشركات الوهمية التى تدمغ على جباهها ومؤخرات سياراتها الفارهة "استثمار"، والمصارف محلّيُّها وأجنبيّها، وترى قصور أغنياء حرب ما خمَدتْ الّا لتَسْتعِر، وأغنياء السلام الوليد، وأغنياء "اﻹنفتاح" على المال العام.

    ما يُثير العجب فى فى هذه الطفرة الكبرى وحلول عصر السيراميك والرخام، أن هذا العصر السعيد يتزامن -ولا أقول يتعايش- مع العصر "الجالوصى" و"القشّى" و"القصبى" الذى استمر فى معظم أنحاء البلاد حتى يوم الناس هذا. قُرون وقُرون والسودانيون يبنُون بيوتهم وأسوارهم واستحكامتهم ومساجدهم وقباب أوليائهم من "الجالوص"، يُجلّدونه بروث البهائم حمايةً وزينةً، أو يبنونها من القصب وجريد النخيل والقشِّ أو ما تيسّر فى بيئاتهم.ويصنعون من الطين المحروق ( الفُخّار) أوانى طبخهم وأكلهم وأباريق وضوئهم وأباريق قهوتهم وأزيارهم.

    وكان أهلى الشايقيّة رأس رمح ذلك العصر الجالوصى ومهندسِيه، بنوا ( وهم حفدة بُناة أهرامات نورى) الخرطوم ومدن الصعيد وبحر أبيض والغرب اﻷوسط. وحين أتى العصر "الصفيحى" فى القرن الماضى، كان السمكرية حُداته وأساطينه، يستخدمون الكاوية وقضبان اللحام فى مهارة فائقة، ويصنعون من ألواح الصفيح العاطلة أعمالاً فنيّة بديعة التصميم والصنعة : أباريق الوضوء، وأكواز الماء (ذات القعر الزُجاجى الذى يُمكّنك من التأمل فى أقدامك المُشقّفة المتربة وأنت تشرب)، و"حُقَقْ السعوط" اﻷسطوانية الشكل، ومُعدات القهوة المختلفة :”الشرَقْرَقْ"، و “الجَبَنة" - وهى كلمة أمهرية وفدت الينا من أثيوبيا مع البُن – الكبيرة للمنازل ، وا"لجَبَنات" الصغيرة "المِينى" للمقاهى ( وذلك قبل غزو ستات الشاى)، وحقائب السّفَر المطليّة باللون اﻷخضر 66 ( اللون الرسمى لجمهورية الخرتيت آنذاك)، والصفائح "القُران" التى كانت من أهم مستلزمات الحج الى بيت الله الحرام.

    ثُمّ حلّ العصر البلاستيكى واضمحلّ العصر الصفيحى الى غير رجعة. اختفت صفائح " غاز الغزالة" وصفائح بنزين "شل" و" ساكونى فاكوم" حين اصبحت المواد البترولية تُنقل "بالتناكر" وتُوزّع بواسطة مضخّات البنزين اليدوية والكهربائية، واحتلت اﻷدوات واﻷوانى المصنوعة من البلاستيك الساحة وسيطرت عليها تماماً : “الجركانات" من مختلف اﻷحجام واﻷشكال تستخدم لنقل الماء، والزيوت، والعسل، وكافة السوائل المُباحة وغير المُباحة.

    وحين تطوّرت صناعة البلاستيك وشملت كافة احتياجات اﻹنسان، ظهرت فى خمسينات القرن الماضى "السفنجات" ( وكانت صيحةً داويةً فى عالم الموضة قبل أن تُصبح مما ينتعل الناس فى البيوت وينتعل المساكين خارجها)، واﻷحذية و"الشباشب" البلاستيكية ( الروقة وحدوقة للنساء، والشدّة للرجال). وحين بلغ العصر البلاستيكى أوجه، ظهرت فى اﻷسواق حبال البلاستيك التى قتلت فَنْ "فتْل" الحبال من اﻷلياف الطبيعية واستُخدِمت لتجليد الكراسى ولكل غرض آخر، ثم الكراسى واﻷثاثات اﻷخرى المصبوبة من البلاستيك، وأكياس البلاستيك المتينة لجمع النفايات ( وكانت فى العصر الجالوصى تُسمى الوِساخة)، وأكياس البلاستيك الخفيفة التى احتلت مركزاً هاماً فى الحياة اﻹقتصادية واﻹجتماعية فى السودان - و لا تزال-تُستخدم لكل ما يخطر على البال : لتعبئة الفول السودانى ( المَرَرُو) عِوضاً عن عِلَبْ الصلصة المقلوبة " المَخفوجة" القُعُور، والتسالى، ومشترياتك الموزونة من البقالات البلدية ( قبل انتشار السيوبر ماركتات) والبهارات، والفول المصرى والزيت، وللنقل اﻵمن لعصائر البلح والذُرة المُقَطّرة. ثم انتقلتْ هذه اﻷكياس بعد أن أدّت دورها الى كل ركن من أركان مدن السودان وقراه، تُزيّن اسوار السلك الشائك والشجيرات والميادين بألوانها الزاهية.

    ثُمّ هبط علينا فجأةً العصر السيراميكى الرخامى ( ولعلّه عَبَر البحر اﻷحمر هو وعادات ومفردات وسلوكيات بلاد العرب البترولية)، و"فجّ" لنفسه مكاناً مرموقاً -وان كان ضيقاً- وسط العصور المختلفة، و"تحكّر". أثار هذا التزامن والتزاحم بين العصور فضولى وقلقى، وهو تزاحم قد يقود إلى الاحتكاك والنزاع وربما " الدواس". وخشيت أن يكون في ذلك أعراض مرضٍ نفسىٍ عُضال أصاب المجتمع السوداني، لعلّه فصام الشخصية الحاد( الشيزوفرينيا)، أو ربما "تعدُد الشخصيات المرَضِى" .

    فللسودان الآن شخصية تعيش في العصر السيراميكي/ الرخامى، ناعمةً ناضرة ، تأكل أطيب الطعام (وترمي معظمه ) يجرى المال في يدها جريان الماء في شلالات السبلوقة(زمان) ،تسكن القصور المحصّنة، وتركب السيارات الفارهة، وتقضى إجازاتها وتُودع حساباتها في "عواصم الجمال" القديمة غرباً والجديدة شرقاً،وتُرسل أطفالها إلى أفضل المدارس والجامعات، وتتواصل مع غيرها ومع العالم بالأنترنت سريع الذوبان .وللسودان، في نفس الوقت، شخصية أخرى تعيش في العصر الحجرى ، تسكن في كهوف الجالوص والقطاطى،وتأكل ‎'أم شِعيفَه" و"البوش" و"الدكوه" بالطماطم ( في الشتاء) )، وتتواصل بالحبال الصوتية( عووووووك! - ولامن مُغيث)، تُمضي سحابة يومها في طلب الرزق صعب المنال ،وتلهث للحصول علي تكاليف الدراسة والعلاج والكهرباء والماء، وما يسدّ ألرمق . ترسل أطفالها إلى مدارس مُهمَلة مُكتظّة لا تصلح " للاستهلاك البشري" ، مُهمّتها إضافة الألاف المؤلّفة إلى جيش "الفاقد التربوي " الذي يبيع ( هواميك ) و هتش الصين في الطرقات ومحطات الحافلات ، ويقود عِلب الموت المسمّاة ب"الأمجاد" و"الركشه"، يكسب بها رزقه ويدهس بها خلق الله ، والقلّة التي تُكمل "نصف" تعليمها في جامعات العلم المُعلّب في المذكرات ومحاضرات الأساتذة الرُحّل ، تنضم إلى جيش آخر هو جيش الخريجين الباحثين عن العمل ، اليائسين والكاظمين الغيظ إلى حين .

    ان ساورك الشكّ فى صحة تشخيصى للحالة السودانية بأنها "شيزوفرينيا" حادّة، أنظر حولك بعين فاحصة، وتأمل حالنا وأحوالنا، وسلوكنا، وسلوك حُكامنا، وسلوك صفوتنا وعَوامِنا، ومبانينا، وشوارعنا، و"يِفَطِنا"، وملابسنا، وطعامنا، وشرابنا، وموسيقانا، ورقصنا،وتلفزيوننا واذاعاتنا (وما أكثرها)، وصحفنا (وما أكثرها هى اﻷخرى)، ترى العصر السيراميكى/الرخامى "يتحكّر" فوق العصر الحجرى والجالوصى والقشّى و"البُرامى". وانظر – حماك الله – على سبيل المثال لا الحصر، الى طقوس أعراسنا لترى "الشيزوفرينيا" فى أبهى حُلَلِها : يصل العروسان فى "الليموزين الممطوط"، ويدخلان الصالة على أنغام "الزفّة" المصرية ( اتمخطرى يا حلوة يا زيناااا)، ثُم على أنغام "مارش" الزفاف الجنائزى وارد بلاد العجم واﻷغانى اللبنانية والغربية، ليرقص العروسان الرقص البطئ، ليعقب ذلك فرقعة "الساون" -كما يدعونه – ليشنف طبلة أذنك، بأغانى الحماسة الجعلية و"العَرْضَة" بالسيوف وسياط "العنج"، وسط الزغاريد وكميات تجارية من مساحيق ومراهم وأصباغ التجميل المتنافرة دائماً، المُنفّرة أحيانا، والتى تكفى "لتجيير" بوابة عبد القيوم وتزيد ! نسأل الله السلامة !


    المصدر:
    www.sudaneseonline.com
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de