|
( ما لا يعرفه البعض عن الرّاحل نجم الدين ) مقال للأُستاذ ( الصّدّيق الزّاكي الصّدّيق )
|
ما لا يعرفه البعض عن الراحل نجم الدين
نعى الناعون بالأسى العميق عبر مجالس عزاء ومراسم تأبين متفرقة بالسودان وخارجه وعبر الصحف المحلية، وعبر الشبكة العنكبوتية الراحل المقيم الاستاذ/ نجم الدن محمد نصر الدين المحامي، الذي انتقل إلى دار الخلود بعيد عيد الأضحى بقليل بعد صراع طويل مع داء الكلي في مشافي أمريكا والسودان، وقد سطروا عن مناقبه كل فيما يعرف من جانب، في الود والحميمة، في سماحة العشرة، في حسن الخلق، في نقاء السريرة، في توطئة الكنف والألفة، في تعدد المعارف، في تنوع المواهب في الأريحية وخفة الروح، في الصبر على البلاء، بل والهم والإنشغال بالانتشار المروع للمرض (داء الكلى) بالسودان والتفكير في الحد منه وتخفيف ضراوته عبر أفكار وأراء نيرة نالها من تجربته الطويله معه وبثها لبعض أصدقائه كما وثقها د.اسامة عثمان في مقاله عبر صحيفة سودانايل من نيويوك بتاريخ 10/12/2009م وغيرها من مناقب.
في هذا المقام وأنا لست بكاتب في الصحائف ولا مرسل لمقالات عبر أي وسيط إعلامي وإنما تلح النفس علي أن أشهد بما يليني مما رأيت عيانا وعلمت يقينا من صفات وشمائل أخرى عظيمة للراحل لا يعلمها إلا ذووه أو من كان لصيقا به من الأصدقاء وقد كنت قريبا جدا من الراحل لعامين اثنين مباشرة قبيل إصابته بهذا الداء اللعين حيث كنا شريكين في المهنة والعمل والمكتب وكنت ذا صلة به في المنزل، كان ذا بر عميق ومشهود لذويه الأقربين يجري منه مجرى الدم في العروق و يملأ عليه جنانه ونفسه ووقته كما كان ذا بر موصول ومشهود بأهله عامه وعشيرته وكل من تربطه به وشيجة دم أو رحم فقد كان رغم ارتباطات المهنة المتعددة والمزعجة يقف شغولا بتدبير شؤون أهله وأقاربه, في قضاء حوائجهم في شتى مناحي الحياة ما استطاع لذلك سبيلا، في مؤآزرتهم ومساندتهم بالمال والراي والجهد، وكانت داره العامرة بكوبر دوما غاصة بأهله وذويه وأقاربه وأصدقائه، كانت قبلة يؤمها أهله وذووه صباح مساء حيث كان يلقاهم بالبشر والترحاب طلق الوجه متهلل الأسارير بأريحيته وجبلته المعهودة رغم ارهاق المهنة.
كان الراحل كذلك انسانا بكل ما تمتليء به الكملة من معان عظيمة، إذ كان فعالاً للخير معطاء للمحتاجين، حيث كان مكتبه (مكتبنا وقتئذ) مطروقا باستمرار للكثير من الفقراء والمساكين والأرامل والسائلين لا يردهم راد لينال أيهم ما يرزقه به الله على يد الراحل و ما تجود به استطاعته... كان بعضهم يأتي بصورة راتبه وينال عطاء منتظما من الراحل لتدبير قوته أو لتدبير بعض مصروفات دراسية لأبنائه أو لغيرها من حوائج الدنيا.. كان بعضهم يجلس منتظراً قدوم الراحل للمكتب لينال عطاءه دون أن يرى من الراحل تقطيبا للوجه أو اشاحة به، أو تذمرا أو ضيقا وقد يكون الراحل ساعتها قد قدم لتوه من جلسة عمل مضنية مليئة بالشطط والضجر والتأذي بممثلي الخصوم أو بالخصوم حسب ما نشهده في كثير من المؤسسات العدلية في بلادنا.
ولعمري هذا هو المحك والإختبار الحق لتحقق الإنسانية والترقي في مدارجها نحو معانيها الأتم وهو اختبار يتساقط دونه الكثيرون ممن حباهم الله بالمال والرزق الوفير والحظ. حتى من تلفح منهم بعباءة الدين. وهو اختبار له وزنه الأثقل في رصيد المرء لدى سعيه وكدحه لملاقاة ربه. قال جل وعلا شأنه:- "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس" صدق الله العظيم.
وبذلك عن الراحل أقول وبحق أنه لم يعش لنفسه ولم يكن فقط لها يتكلس بداخلها او ينكفئ عليها مؤاثرا إياها وإنما عاش لغيره، وكان لغيره، فهو ورغم وزنه المعلوم في المهنة وممارسته الطويلة (ثلاثون عاماً) ورغم ما كان يضطلع به من اعباء ومهام قانونية كبيرة ومتعددة وما يقدمه مكتبه من خدمات قانونيه نوعيه لم يكنز أو يفكر في كنز ما تعود به هذه الأعمال من كسب ليصيب به دنيا أو يبني به مجداً وإنما رحل دون أن يملك شيئا من حطامها لإن همه ومتعته كانت في إيثاره لغيره، كيف لا وهو الحاصل ومنذ وقت طويل على وثيقة الإقامة والعمل في الولايات المتحدة الأمريكية التي افتتن بها الكثيرون، وهو الذي أقام وعاش لفترة هناك وظل يملك هذا الحق إلى يوم رحيله، إلا أن كل ذلك لم يرقه وإنما آثر العودة والعيش على تراب وطنه وتحت سمائه على أي ميزات أخرى قد يصيبها في أرض المهجر وقد كلفه ذلك ما كلفه من ثمن لكنه رجح الوطن واختاره لحبه الصادق له وعشقه لترابه ولرائحته ولأناسه ولبسطائه. إذ لم يكن يتغنى بحب الوطن أو يبث لواعج الشوق للوطن من أرض المهجر كما يفعل المهاجرون وإنما كان ترديده لهذا الحب أمراً مكروراً ومشهوداً من داخل الوطن رغم أنه لم يكن ينعم فيه بحياة رغدة أو عيش هنيء أو يملك فيه منزلاً ولا حتى أرضاً شاغرةً بل كان يعاني كما يعاني الكثيرون ويكابد حياته ويعيش همومه مع غمار الناس من أقربائه وأهله وأصدقائه وزملائه منحازاً إليهم مؤثرا اياهم مخالقاً لهم بالخلق الحسن. وعلى هذه القيم السمحة وغيرها من قيم ومعان مما شهد به الأكثرون أسس سيرته العطرة وخلد ذكراه السمحة وأبقى أثره الطيب وبلغ مداه البعيد الذي يشهد به كل من يعرفه فذكّرنا في هذا المقام بقول الشاعر :- يريد الملوك مدى جعفر ولا يصنعون كما يصنع وليس بأوسعهم في الغنى ولكن معروفه أوسع
ارحم اللهم الراحل رحمةً واسعة، وأبق ذكراه عطرة وأرفه يتفيأ ظلالها أبناؤه وأهله ومحبوه ومعارفه، واجعل البركة فيهم جميعاً، واشمله اللهم بغفرانك وعفوك ورحمتك يا واسع المغفرة والعفو والرحمة، وألهمنا جميل الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الصديق الزاكي الصديق (أبوظبي)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ( ما لا يعرفه البعض عن الرّاحل نجم الدين ) مقال للأُستاذ ( الصّدّيق الزّاكي الصّدّيق ) (Re: النذير حجازي)
|
أشكر صديقى لؤى شمت " البوردابى الحريف" لنشر هذا المقال الثمين ..
أنوه الى ان زمرة كريمة من أخوان وأصدقاء الراحل الجميل نجم الدين قد سطرو مقالات بهذا النحو الطيب فهناك الكاتب المحامى كمال
الجزولى والاستاذة سلمى الشيخ سلامة والزميل الاستاذ بشير معاذ والزميل الاستاذ أمين محمد ابراهيم والدكتور أسامة عثمان وهاهو الاخ صديق الزاكى يتوج هذه المشاركات بواحدة من الطراز " التقيل" وهو غير مشحود فقد زامل ورافق وعايش الفقيد عن قرب وعرف
مالا يعرفه الكثيرون ولنا ان نشهر فضائل الصديق الراحل ابوالنجوم كلما وجدنا لذلك سبيلا..
التحية والتجلة والامتنان لابن الزاكى على هذا الجهد ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ( ما لا يعرفه البعض عن الرّاحل نجم الدين ) مقال للأُستاذ ( الصّدّيق الزّاكي الصّدّيق ) (Re: النذير حجازي)
|
أشكر صديقى لؤى شمت " البوردابى الحريف" لنشر هذا المقال الثمين ..
أنوه الى ان زمرة كريمة من أخوان وأصدقاء الراحل الجميل نجم الدين قد سطرو مقالات بهذا النحو الطيب فهناك الكاتب المحامى كمال
الجزولى والاستاذة سلمى الشيخ سلامة والزميل الاستاذ بشير معاذ والزميل الاستاذ أمين محمد ابراهيم والدكتور أسامة عثمان وهاهو الاخ صديق الزاكى يتوج هذه المشاركات بواحدة من الطراز " التقيل" وهو غير مشحود فقد زامل ورافق وعايش الفقيد عن قرب وعرف
مالا يعرفه الكثيرون ولنا ان نشهر فضائل الصديق الراحل ابوالنجوم كلما وجدنا لذلك سبيلا..
التحية والتجلة والامتنان لابن الزاكى على هذا الجهد ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ( ما لا يعرفه البعض عن الرّاحل نجم الدين ) مقال للأُستاذ ( الصّدّيق الزّاكي الصّدّيق ) (Re: النذير حجازي)
|
أشكر صديقى لؤى شمت " البوردابى الحريف" لنشر هذا المقال الثمين ..
أنوه الى ان زمرة كريمة من أخوان وأصدقاء الراحل الجميل نجم الدين قد سطرو مقالات بهذا النحو الطيب فهناك الكاتب المحامى كمال
الجزولى والاستاذة سلمى الشيخ سلامة والزميل الاستاذ بشير معاذ والزميل الاستاذ أمين محمد ابراهيم والدكتور أسامة عثمان وهاهو الاخ صديق الزاكى يتوج هذه المشاركات بواحدة من الطراز " التقيل" وهو غير مشحود فقد زامل ورافق وعايش الفقيد عن قرب وعرف
مالا يعرفه الكثيرون ولنا ان نشهر فضائل الصديق الراحل ابوالنجوم كلما وجدنا لذلك سبيلا..
التحية والتجلة والامتنان لابن الزاكى على هذا الجهد ...
| |
|
|
|
|
|
|
|