دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 05:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-13-2009, 01:46 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين

    الفصل الاول
    ملامح من تاريخ منطقة ابيي
    1755-1955




    "سيطر الدينكا علي جزيرة الزراف بأكملها وكل المناطق من الزراف الي البيبور ومن تخوم اراضي الشلك الي الحدود الاثيوبية باستثناء مستوطنات الانواك النهرية. وانتزع النوير من الدينكا هذه المناطق بعد الهجوم الضخم الذي شنوه ضدهم في منتصف القرن الثامن عشر، كما استوعبوا العديدين منهم بالزواج والمصاهرة . وكان دينكا نقوك الذين استوطنوا في جنوب السوباط المجموعة الوحيدة التي لم تتعرض لهجوم النوير لقلة ماشيتهم وفقر مراعيهم، كما أتاحت لهم اسطورة دينية الحصانة من الهجوم."
    Ferdinand Werne,Expedition zur Entedekung zer Quelle der Weissen Nil,1840-41.
    Quoted in E.Evans-Pritchard, The Nuer (1940) p.127




    تعد مسألة أسبقية وصول المسيرية او دينكا نقوك الي منطقة أبيي والمناطق المجاورة للرقبة الزرقاء ورقبة ام بييرو وبحر العرب من اهم المعايير لحسم النزاع بينهما حول ملكية هذه المناطق. واعتمد المسيرية في اثبات ملكيتهم هذه المناطق ووقوعها في ديارهم علي الحقيقة التاريخية لهجرتهم الي جنوب كردفان في مطلع القرن الثامن عشر وانتقالهم في موسم الجفاف الي مناطق الرقبة الزرقاء وبحر العرب. و لقد حاول تقرير لجنة خبراء حدود أبيي دحض حجة المسيرية بالاستناد علي ماذكره ك.هندرسون (الذي استقي معلوماته من القسيس نيبيل حسب الروايات الشفهية لدينكا نقوك) بان نقوك قد وصلواالي المناطق المذكورة في عام 1755 وملاحظات الرحالة براون الذي زار المنطقة في عام 1798 وأشار الي وجود مجموعة من الدينكا في المناطق المتاخمة لبحر العرب بدون تحديد الفرع الذي ينتمون اليه من ضمن الفروع المختلفة لقبيلة الدينكا.
    ونجادل في هذا الفصل بأن التحليل النقدي التاريخي للادلة الموجودة والفترات الزمنية لتعاقب زعماء نقوك علي زعامة القبيلة تشير الي حقيقة وصول المسيرية الي المناطق المذكورة في جنوب كردفان منذ مطلع القرن الثامن عشر بينما وصل اليها دينكا نقوك في عشرينيات القرن التاسع عشر بعد الفيضانات التي تعرض لها موطنهم الاصلي في وادي الزراف في جنوب السودان.

    تقع منطقة أبيي المتنازع عليها في شمال بحر العرب في جنوب غرب كردفان في المنطقة المعروفة بديار المسيرية. وتعرضت كردفان منذ القرن السادس عشر لغزو وحكم ممالك سنار ودارفور المجاورة لها "واتفقت كل الروايات علي انها كانت مسرحا للصراعات الدموية بين حكام هذه الدول القوية."1 . وينتمي الأقوام الأصليون الذين سكنوا هذه المنطقة إلى قبائل النوبة
    ،الشات، التاجو،الداجو البيقو والنينقولقوليه وهم من المجموعات الأثنية التي استوطنت في شمال السودان منذ أقدم العصور. ويشكل البيقو الطبقة العليا ضمن هذه المجموعات حيث قاموا بحكم الشات في المجلد(2) وانتشرت مجموعة من الشات فيما وراء وادي شيلانقو وسيطروا على وارينا، نيوكري، تيري، تمانليك ودار الكبيرة(3) وكان البيقو والتاجو والنينقولقوليه حكاما في جنوب دارفور في الماضي، وانتشروا في المناطق المجاورة للرقبة الزرقاء ونهر لول ونهر بونقو قبل وصول الدينكا من المناطق الجنوبية الشرقية والبقارة من الشمال الشرقي. 4 .واستمر حكم النينقولقوليه في دواخل مديرية بحر الغزال في مناطق نهر بونقو الي اواخر فترة الحكم التركي عندما أفلح الحاكم لوبتون في هزيمتهم في عام 1884 واعتقال واعدام زعيمهم يانكو.5 وذكر هندرسون أن رؤساء هذه القبائل يرجعون أصولهم ونسبهم إلى أحمد الداق.(6)
    ويرجع أصل المسيرية الي قبائل جهينة العربية الذين جاءوا من شمال افريقيا الي حوض نهر شاري في تشاد في عام 1650 ،وبدأوا الاستقرار في المنطقة بعد أن هزموا قبائل البيجو.7 وواصل بعضهم الهجرة بقيادة زعيمهم عينة القادم في مطلع القرن الثامن عشر لتجنب دفع الضرائب الباهظة التي كان يفرضها عليهم صابون سلطان مملكة وداي. وكان من ضمن اتباعه الحمر، الزرق،اولاد حميد، الهبانية، المهرية، النفيبة والمحاميد.8 .وتعتبر مخطوطة الفكي النور موسي المؤرخة في عام 1100 هجرية الموافق 1700 م أقدم أثر لوجود المسيرية في منطقة جنوب كردفان، ووصلوا الي المجلد ما بين 1765- 1775 .9 . وتمكنوا من هزيمة الداجو والشات وطاردوا دينقا ملك الشات بعد هروبه عن طريق الترده وتم قتله بالقرب من حسوبة وسيطروا بعدها علي المجلد والمناطق التي تقع في جنوب كردفان.10. وذكر الرحالة والمؤرخ التونسي ان المسيرية قد تحالفوا مع هاشم سلطان المسبعات لصد هجوم السلطان تيراب حاكم دارفور ضد مملكته في عام 1785 .11 وأشار الرحالة براون في كتابه عن جولاته في افريقيا ومصر وسوريا من سنة 1792 إلى 1798 الي أن نفوذ المسيرية قد امتد جنوباً إلى السهول المليئة بالأعشاب في الضفة اليسرى لبحيرة أبيض والرقبة الزرقاء وهي أحد روافد بحر العده أو بحر العرب في ميليم ووصف الأقوام في أحد أجزاء ذلك النهر بأنهم قبائل عربية "يطلق عليها المسيرية ويقومون بتمشيط شعرهم إلى الخلف ولفه وشده في شكل ذنب العقرب"(12) .
    واندلعت عدة معارك بين قبائل المسيرية في مطلع القرن التاسع عشر انتهت بطرد الحوازمة من المجلد مما اضطرهم الي الهجرةشرقا نحو وادي الجلاء والاستقرار مع النوبة في مقاطعات الجبال الشمالية والجنوبية.13 . كما اندلع القتال بين المسيرية الزرق والحمر في الفترة ما بين 1835 و1845 ونجح زعيم المسيرية الحمر علي ابوقرون في هزيمة ابو اجبر زعيم المسيرية الزرق وأجبره علي الهروب جنوبا الي التردة حيث تم قتله.14 .وهاجم المسيرية الزرق بعد طردهم من المجلد قبيلة الحوازمة الذين اضطروا الي التقهقر شرقا الي منطقة الدلنج واستقروا في المنطقة ما بين ابوزبد والسنط شمالا والي لقاوة وبحيرة كيلك جنوبا.15 . وحاولت بعض مجموعات من قبيلة الرزيقات في الفترة ما بين 1845 – 1855 طرد الحمر من منطقة المجلد ونجح الحمر في صد هجومهم بعد معركة استمرت ثلاثة ايام وترسيخ وجودهم في المنطقة منذ تلك الفترة.16 .
    أضافت سلطات الحكم التركي المصري اقليم بحر الغزال الي مديريات السودان في عام 1873 وتم تعيين الزبير رحمة أول حاكم للمديرية.17 . وتدخل الزبير رحمة في الصراعات بين قبائل المسيرية لحماية قوافل الرقيق المتجهة الي كردفان ، وتجاوز صلاحياته باعترافه بعلي مسار ناظرا للمسيرية الحمر رغم تعيين حاكم كردفان لعثمان حماد صويلح ناظرا للمسيرية. 18 . وقام الزبير باشا رحمة بتعيين تاجر الرقيق والسلاح صباحي في منصب السنجك لقبيلة المسيرية بعد وصوله الي المجلد في عام 1875 وهو في طريقه الي القاهرة للاعراب للخديوي عن احتجاجه لعدم تعيينه حاكما لدارفور بعد نجاحه في القضاء علي مملكتها وضمها الي مديريات السودان في عام 1874. 19 . واستدعي غردون باشا حكمدار عام السودان اثناء زيارته لكردفان صباحي لمقابلته في الاضية في عام 1879 وأمره بالكف عن نشاطه في تجارة الرقيق لكي يحتفظ بمنصب السنجك. وتم بعد مكافحة تجارة الرقيق وضع نهاية لتدخل تجار مديرية بحر الغزال في شؤون قبائل المسيرية " وخضوع البقارة العرب لصلاحيات حاكم المديرية في الابيض"20 .
    كان الموطن الأصلي لدينكا نقوك في الجزء الشمالي لوادي الزراف حيث اضطروا للهجرة منه بسبب فيضان النيل وهجوم النوير علي الدينكا. وقال بول هاول في هذا الصدد "يصعب تحديد التاريخ الحقيقي لهذه الحادثة، ولكن من خلال الدراسة المقارنة لأجيال ومجموعات عمرية وسط النوير وخرائط الرحالة الأوائل ، فإن غزو النوير لوادي الزراف يكون قد تم في القرن التاسع عشر"21. كما أكد استيطان دينكا نقوك فى جزيرة الزراف فى معرض وصفه لاستقرار قبائل الدينكا فى مناطق السوباط ووادى الزراف قبل هجوم النوير واستيلائهم على هذه المناطق بقوله "من الواضح ان دينكا نقوك قد استوطنوا فى شمال جزيرة الزراف فى اوائل القرن التاسع عشر بينما استقر دينكا لواك فى جنوب الجزيرة ودينكا توت فى شرق نهر الزراف فى المنطقة التى احتلها فيما بعد نوير قوار"22
    ويعتقد النوير ان الهجوم علي الدينكا وسلب ماشيتهم واجب تمليه معتقداتهم الدينية 23 . كما ان شن الغارات علي الدينكا من اجل الماشية احد الوسائل الاساسية لتزجية الوقت "وتهاجم كل قبيلة منهم الدينكا مرة علي الاقل في كل عامين او ثلاثة اعوام ، كما ان بعض مناطق الدينكا تتعرض للهجوم سنويا"24 .وشن النوير في منتصف القرن الثامن عشر هجوما ضخما ضد الدينكا الذين استوطنوا في جزيرة الزراف بأكملها والمناطق الممتدة من بحر الزراف الي البيبور في شمال نهر السوباط، وتمكنوا من احتلال مناطقهم بسرعة فائقة عدا بعض المناطق القليلة في السوباط،فيلوس واتار.25 . ونجحوا في دمج واستيعاب العديد من الدينكا عن طريق الزواج كما يتضح من اصول العديد من النوير الذين تعود اصولهم الي الدينكا.26 .وقال المستكشف الالماني فردناند فيرن الذي تجول في جنوب السودان في الاعوام 1840-1841 ان المجموعة الوحيدة من الدينكا الذين لم يتعرضوا لهجوم النويرفي منتصف القرن الثامن عشر هم دينكا نقوك "الذين كانوا يسكنون في جنوب السوباط حيث تركوهم في سلام لقلة ماشيتهم وفقر مراعيهم ،كما أتاحت لهم اسطورة دينية الحصانة من الهجوم."27 .وتثبت مشاهدات المستكشف فيرن ان عدم تعرض نقوك للهجوم الذي شنه النوير ضد الدينكا في منتصف القرن الثامن عشر أنهم ظلو في موطنهم الاصلي الي العقد الثالث من القرن التاسع عشر وان نزوحهم باتجاه الغرب الي مناطق بحر الغزال وجنوب بحر العرب قد كان بسبب الفيضانات التي احتاحت وادي الزراف في عشرينيات القرن التاسع عشر. 28.
    وذكر د.دوجلاس جونسون (أحد خبراء مفوضية حدود ابيي) في دراسة نشرها في عام 1980 ان الاضطرابات التي تعرضت لها حياة السكانفي الضفة الغربية لبحر الجبل في عام 1820 قد كانت بسبب الفيضانات وليس الحرب.29 وأجبر الفيضان الذي تعرضت له الاراضي المجاورة لبحر الجبل قبيلة نوير لاك وقبيلة نويرثيانغ الي الهجرة منها باتجاه الاراضي العالية التي استوطن فيها اللو في اقصي شمال جزيرة بحر الزراف حيث تمكنوا من طرد اللو واحتلال مناطقهم.29 واضطر اللو بدورهم الي الدخول في صراع مع نقوك وفروع اخري من الدينكا أثناء عبورهم بحر الزراف.31 ولاشك ان ظروف الفيضان وضغوط النوير علي نقوك في هذه الفترة قد كانت العامل الحاسم وراء هجرتهم الي مناطق بحر الغزال وجنوب بحر العرب.
    حاول تقريرلجنة خبراء مفوضية حدود ابيي التشكيك في حقيقة هجرة دينكا نقوك في هذه الفترة لاثبات وجودهم في مناطق بحر العرب في تسعينيات القرن الثامن عشر. واستند التقرير علي اشارة الرحالة براون بانه قد وصل بعد مسيرة يوم من التردة الي جنقوين حيث شاهد قوما يمتازون بطول القامة والبشرة السوداء ويمتلكون الابقار ويعتمدون علي الذرة البيضاء في غذائهم. 32 . وتقع منطقة جنقوين في الضفة الجنوبية لبحر العرب او نهر كير خاصة اذا ما وضعنا في الاعتبار ان الرحالة براون قد وصل بعد يوم من مغادرتها الي منطقة قبيلة نينقولقوليه الذين استوطنوا في راجا التي تقع بين نهري لول وبونقو وكانوا"يعبدون الاصنام ويرتدون ملابس منسوجة من القطن"33. ولاحظ هندرسون ان وصف الرحالة براون للمنطقة جنوب شرق جنقوين اقرب للشبه لموطن دينكا ملوال من تبوسايا 34 مما يرجح ان دينكا ملوال هم قبيلة الدينكا المجهولة التي يصعب تحديد أصلها(كما جادل الانثروبولوجي هاول كما سنوضح فيما بعد) والتي توغل بعض اعضائها الي مناطق بحر العرب قبل وصول دينكا نقوك اليها في القرن التاسع عشر . وأثار تقرير الخبراء الشكوك حول دور الفيضانات وهجوم النوير في هجرة دينكا نقوك بحجة عدم وجود سجلات ووثائق تثبت هجرة دينكا نقوك باتجاه الغرب نحو بحر الغزال 35.ولا شك ان عدم وجود السجلات والوثائق أمر متوقع بالضرورة لعدم شيوع الكتابة بين سكان حنوب السودان في تلك الفترة ولان لغاتهم- ولايزال اكثرها- غير مكتوبة وليس عندهم أبجدية.أضف الي ذلك غياب ادلة وثائقية توضح موقع مشيخات دينكا نقوك ووضعهم الاداري في عام 1905 رغم حرص الادارة البريطانية علي كتابة وتوثيق القرارات والمعاملات المتعلقة باالشؤون الادارية. وأشار د. هاول الي وجود فرع من دينكا نقوك مازالوا يعيشون في منطقة ابونق علي طول نهر السوباط" ويشير اليهم دينكا نقوك الذين استقروا في كردفان بأنهم قومنا وأهلنا ولكن لاتوجد صلات بينهما لاجيال عديدة" 36 وتؤكد هذه الحقيقة ان وادي الزراف والمناطق المجاورة لنهر السوباط هي الموطن الاصلي لدينكا نقوك حيث اضطروا للهجرة منه الي بحر الغزال وضفاف بحر العرب بعد الفيضانات التي اجتاحت النيل الابيض في القرن التاسع عشروهجوم النوير علي فروع الدينكا الاخري.
    هاجر دينكا نقوك بقيادة زعيمهم جوك الذي كان له أربعة أبناء بيار الذي أصبح زعيماً لدينكا تويج في بحر الغزال، وديون الذي تزعم دينكا الربيك،وبولابيك وأويل الذي صار زعيما لدينكا نقوك. (37) وذكر د. هاول بان دينكا نقوك لم يجدوا المنطقة التي تقع شمال بحر العرب خالية من السكان عند وصولهم اليها،اذ كان يوجد فيها الي جانب الاقوام الاصليين المستوطنين في جنوب كردفان مجموعة من الدينكا لاينتمون الي دينكا نقوك ويصعب تحديد اصولهم" وذلك مثل كل قبائل الدينكا الذين تعرفت عليهم حيث يغلب علي انسابهم التشويش والاضطراب ولا يمكن الاعتماد عليها، وعليه فان الغموض مازال يكتنف أصل هذه القبيلة"38 .وبدأ وصول دينكا نقوك الي شمال بحر العرب في عشرينيات القرن التاسع عشرفي عهد زعيمهم اويل جوك، أي بعد اكثر من نصف قرن من استقرار المسيرية في المنطقة. وتم اول اتصال بين الدينكا والمسيرية في عهد زعيم المسيرية الحمر علي ابو قرون(في الفترة مابين 1823-1835 ) الذي خاض معركة في هذه الفترة ضد زعيم المسيرية الزرق ابو أجبر ونجح في هزيمته واجباره علي الهروب جنوبا الي التردة.واستطاع علي ابوقرون اللحاق به واقنع ثور جوك (وهم احد فروع دينكا نقوك) للتعاون معه في محاصرة ابو اجبر في فوط حيث تم قتله والقضاء علي معظم اتباعه.39

    وبعد وفاة اويل جوك، ذهب بعض افراد القبيلة للبحث عن ابنه كوال ديت، الذي آثر البقاء في وطنهم الأصلي في جنوب بحر العرب لكي يتولى زعامتهم في مستقرهم الجديد (40) وذكر د.فرانسيز دينغ ان زعامة كوال ديت " قد صادفت اضطرابات القرن التاسع عشر التي تعتبر اصعب الفترات في تاريخ الدينكا عندما تم سبي العالم بواسطة تجار الرقيق والقبائل العدوانية." 41
    وقاد كوال ديت قومه بعد زعامته لهم نحو الرقبة الزرقاء على امتداد نجول واستقروا في المنطقة من تبسايا إلى حقنة أبو عرف.(42) وخلف كوال ديت في زعامة دينكا نقوك الزعماء الور ، بيونق والسلطان اروب بيونق الذي عاصر المهدي. وساورت السلطان اروب المخاوف من ان تمتد غارات تجار الرقيق من الرزيقات والجلابة علي دينكا ملوال الي قومه الذين يسكنون في جنوب كردفان مما دفعه الي تأييد ثورة المهدي لكي يحمي قومه من تجار الرقيق.43 . وذهب السلطان اروب مع بعض اعيان دينكا نقوك لمقابلة المهدي " في منطقة تقع ما بين كوستي وتندلتي وقدموا له بعض الهدايا وأعلنوا تأييدهم له وولائهم للاسلام، ثم قاموا بتأدية صلاة الجماعة مع المهدي وغادروا بعد ذلك الي ابيي. "44

    . ويمكن ان نستنتج من فترة حكم علي ابو قرون للمسيرية(1823-1835) وافتراض ان متوسط عمر الشخص في تلك الفترة 50 عاما وقترة حكم زعيم دينكا نقوك لقومه 20 عاما الجدول الزمني الاتي لفترة حكم زعماء دينكا نقوك منذ وصولهم الي شمال بحر العرب وجنوب كردفان :
    اويل جوك 1815-1823 ، كوال ديت:1823-1843 ،الور:1843- 1863 ، بيونق:1863-1881 ،اروب بيونق:1881-1905 ،كوال اروب:1905-1944 . ويوضح هذا الجدول خطأ افتراض ك.هندرسون بان كوال ديت قد وصل مع قومه الي الرقبة الزرقاء في الفترة مابين 1745-1755 الذي سمعه من الاب نيبيل رئيس الارسالية التبشيرية في كاجوك حسب الروايات الشفهية للدينكا.45 . ومما يؤكد خطأ هذه الرواية وافتقارها الي الدقة في تحديد تاريخ تعاقب زعماء دينكا علي الحكم انه اذا تم افتراض ان كل زعيم من زعماء دينكا نقوك قد حكم قومه لمدة 30 عاما ابتداء من عام 1745 ، فان ذلك سيجعل فترة حكم السلطان اروب في الفترة ما بين 1835 – 1865 الامر الذي يتناقض مع اجتماعه مع المهدي في عام 1882 . كما ان افتراض ثلاثين عاما كفترة حكم كل زعيم من زعماء دينكا نقوك ابتداء من عام 1800 ستجعل بداية حكم السلطان اروب في عام 1920 وهو أمر لا يستقيم عقلا اذا ما علمنا أنه قد توفي في عام 1905 .
    .
    ويذكر المسيرية في رواياتهم التاريخية الشفهية بأن حدود دينكا نقوك في بداية هجرتهم من موطنهم الاصلي قد كانت في منطقة تقع جنوب خور ابو نفيسة والذي يعتبرونه الحدود الجنوبية لدار المسيرية حيث دفن زعيمهم علي بو قرون(يلقب ابو نفيسة).46 .وذكروا ايضا ان الناظر علي الجلة قد سمح لدينكا نقوك بناء علي طلب من السلطان اروب بعبور خور ابو نفيسة الي الشمال بسبب تعرضهم لهجوم دينكا تويج وقوقريال ، واستقروا في موقع سمي فيما بعد السلطان اروب.47 .ويشك المرء في صحة الرواية التي تري ان دينكا نقوك قد استقروا في شمال بحر العرب للمرة الاولي في عهد الناظر علي الجلة خاصة اذا ما وضعنا في الاعتبار ان بعض اعضائهم قد استقروا في شمال بحر العرب في القرن التاسع عشر كما يتضح من زيارة السلطان اروب للمهدي في عام 1882 قبل زعامة علي الجلة للمسيرية في مطلع القرن العشرين.
    تقهقر الرزيقات بعد فشل محاولتهم لاحتلال المجلد من المسيرية في عام 1855 جنوبا وسيطروا علي منطقة دواس ورقبة ام بيرو الي عام 1898. 48 . وبدأوا من هذه المناطق شن غارات لاسترقاق دينكا نقوك مما دفع الزعماء اروب بيونق والور جينق الي مغادرة قراهم في حوض بحر العرب والذهاب مع قومهم الي مناطق امنة في جنوب السودان.49 . وأدرك الشيخ مادبو زعيم الرزيقات ان اضطرار اعضاء قبيلته لعبور بحر العرب الي جنوب السودان في موسم الجفاف يستلزم التصالح مع دينكا نقوك لحفظ المصالح المشتركة بينهما. وطلب من السلطان اروب الحضور لمقابلته ، ورحب به بعد وصوله حيث تم عقد اتفاقية سلام بين الرزيقات ونقوك "واختار مادبو احد رجاله للذهاب مع السلطان اروب ليكون ممثلا له وسط الدينكا" 50 . كما تعهد الشيخ مادبو للسلطان اروب بأن لايقوم الرزيقات بشن غارات هجوميةلاسترقاق نقوك وارجاع اي شخص منهم في حالة أسره.51 . وسمح السلطان اروب لعزوزه،وهو احد شيوخ المسيرية، واعضاءقبيلته بالاستقرار معه في مقر اقامته في ميثانق في جنوب بحر العرب ،كما سمح لبعضهم بالاستقرار في في مناطق ديم،قونق بيال، قونق مو .52 . وتؤكد حقيقة بقاء السلطان اروب في الضفة الجنوبية لبحر العرب في منطقة ميثانق ان اغلبية دينكا نقوك قد استقروا في الموطن الاصلي للقبائل النيلية في جنوب بحر العرب واقليم بحر الغزال بينما استقرت اعداد قليلة منهم في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان في شمال بحر العرب. ويؤكد هذه الحقيقة ماذكره الناظر آدم دينج في افادته الي مفوضية حدود أبيي بقوله:"لم تنقطع صلتنا ببحر الغزال ،اذ ظل جدنا اروب بيونق مقيماً في ماثيانق عبر نهر كير.وسأله الانجليز عندما جاءوا وقال لهم انه ينتمي الي الشمال والي كردفان."53 .وقام الميجور ويلكنسون بزيارته في عام 1902 في مقر اقامته الذي يقع علي بعد 50 ميل في الضفة الجنوبية لبحر العرب التي تعرف بمنطقة ميثانق .(54) ولم يدخل دينكا نقوك في معارك ضد سلطات الحكم الثنائي بعد غزو السودان في عام 1898 مثل دينكا تويج ودينكا ملوال والرزيقات " وأفلح زعيمهم السلطان كول اروب في تجنيب قومه عبْ هذه المشاكل وتفاهم مع الحمر علي علاقات حسن الجوار واعتماد نفسه في الابيض كأحد الرعايا حيث يخضع وقومه لصلاحيات مديرية كردفان" 55 .

    ودفن السلطان أروب بعد وفاته في المقر التقليدي لمدافن زعماء دينكا نقوك التي تقع في منطقة ميثانق في جنوب بحر العرب"التي ما زالت موجودة وتنال كل الرعاية والاهتمام إلى اليوم" (56). وتجدر الاشارة الي ان اعضاء مفوضية حدود ابيي قد قاموا بزيارة مدافن زعماء دينكا نقوك في المنطقة المذكورة في مايو 2005 .57 وكان كوال ابن السلطان اروب وولي عهده يقيم في الموطن الاصلي لدينكا نقوك في جنوب السودان عندما توفي والده ، واضطر الي السفر عبر مناطق النوير الي الابيض لتقديم فروض الولاء لسلطات الادارة البريطانية في كردفان وتولي زعامة قومه في ابيي .58 . ويبدو ان انتشار دينكا نقوك بين مديريتي بحر الغزال وكردفان والحرص علي تجنب التعقيدات التي ستنجم عن تقسيم القبيلة بين المديريتين قد دفعت السلطات الاستعمارية الي منح دينكا نقوك الخيار بين رجوع الاقلية الذن يسكنون في شمال بحر العرب الي جنوب بحر العرب الانضمام مع اخوانهم الي مديرية بحر الغزال او الاستمرار في البقاء في شمال بحر العرب الذي يترتب عليه الانضمام الطوعي لمديرية كردفان والخضوع لصلاحياتها بحكم أيلولة المنطقة التي يسكنون فيها في شمال بحر العرب الي المديرية.

    وقررت ادارة الحكم الثنائي في عام 1905 أيلولة ملكية belong موطن السلطان اروب زعيم دينكا نقوك على نهر كير او بحر العرب الى مديرية كردفان خاصة وان بعضهم يعيش فيها كاقلية وسط الاغلبية الساحقة للقبائل الشمالية المستوطنة في المديرية. لذلك يكون حقيقة ما حدث في عام 1905 هو الانضمام الطوعي لدينكا نقوك كأشخاص الي مديرية كردفان وليس تحويل منطقة ابيي من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان كما حاول بروتوكول أبيي ايهام القارئ .
    وتم إبرام ميثاق إخاء في عام 1905 بين الناظر علي الجله زعيم المسيرية والسلطان كوال الذي تزعم دينكا نقوك بعد وفاة والده السلطان أروب، وقد ساهم هذا الميثاق في ازدياد هجرة دينكا نقوك إلى أبيي كما ذكر مفتش المركز ديبوي في تقريره لعام 1920-1921. (59) وأشار حاكم بحر الغزال في خطاب بتاريخ 21 يوليو 1927 الي هجرة البونقو احد فروع دينكا نقوك الي ابيي "اذ كانت العلاقة مع العرب جيدة وترعي ماشية العرب والدينكا جنبا الي جنب في الاجزاء السفلي من رقبة ام بيرو،وأبدي فرع البونقو ثقتهم في العرب حيث امتدت قراهم الدائمة في مناطق شمال الجرف"60

    أصدرت الإدارة البريطانية الحاكمة في عشرينيات القرن الماضي قانون المناطق المقفولة كخطوة أولية للحد من انتشار الثقافة العربية الإسلامية إلى شرق وجنوب أفريقيا التي اعتبرتها مناطق نفوذها.(61) واستمر هذا التوجه كما يتضح في المنشور الذي أصدره ماكمايكل في عام 1930 بخصوص سياسة الحكومة الجديدة تجاه جنوب السودان والتي تهدف إلى تأسيس سلسلة من الوحدات القبلية المكتفية ذاتياً مع بنية تنظيمية تستند على العادات والتقاليد المحلية واستبعاد المآمير واستبدالهم بكتبة وفنيين محليين والسيطرة على الجلابة وتطوير اللغات المحلية (62) وتم في ظل هذه السياسة التي كانت تهدف في المدى البعيد إلى فصل الجنوب عن شمال السودان وضمه إلى إحدى المستعمرات البريطانية في شرق أفريقيا، إجراء تعديل إداري في عام 1930 (63) تم بمقتضاه نقل صلاحية إدارة شئون شئون دينكا تويج من مديرية كردفان إلى مديرية بحر الغزال بعد استتباب الأمن والسلام فيها ولكي يتم ضمان بقاء أراضي دينكا تويج في إطار الحدود الجغرافية لجنوب السودان في حالة ضمه إلى المستعمرات البريطانية في شرق أفريقيا.
    وآثر السلطان كوال أروب الحفاظ على الوضع الراهن بتبعية دينكا نقوك لمديرية كردفان لتعودهم على المنطقة التي استقروا فيها في ديار المسيرية ورسوخ علاقات الود والإخاء التي نشأت بينهم وبين سكان المنطقة وإدراك زعيمهم بأنهم سيفقدون الأرض إذا ما قرروا الرجوع إلى موطنهم الأصلي لتكون تبعيتهم الإدارية لمديرية بحر الغزال. وقال د. فرانسيز دينغ في هذا الصدد: "صرح كوال أروب لاحقاً لزعماء الدينكا في اجتماع خاص بأن اختياره لم يكن تفضيلاً للعرب على أهله الدينكا، لكنه كان وسيلة لحماية أرضهم ومصالحهم ، فاذا زادت اعداد قومي في أحد الايام فأنهم يعرفون انهم شعب واحد مع اهلهم الدينكا وسيرجعون الي وطنهم الاصلي لللانضمام معهم. وإذا كان نقوك قد قرروا الانضمام للجنوب فإنه كان يخشى أن يطالب العرب بالأرض على أنها ملكهم ويتحولوا إلى جيران معادين ويجبروا الدينكا على الخروج منها" (64) واشارعز الدين حريكة المحافظ السابق لمحلية ابيي الي هذه الحقيقة في افادته الي لجنة خبراء مفوضية حدود ابيي بقوله" عندما طرح الانجليزعلي كول اروب ودينج ماجوك فيما بعد خيار الرجوع الي بحر الغزال، تشاور هؤلاء السلاطين الحكماء مع قومهم وأخبروهم بانهم اذا ما قرروا الرجوع الي مديرية بحر الغزال فسوف لن يسمح لهم المسيرية بان يأخذوا معهم منطقة ابيي لاعتقادهم بانها جزء من ديارهم واراضيهم"65 .
    ويمكن أن نستننتج من مخاوف السلطان كوال بأن تكون نتيجة انضمام دينكا نقوك إلى بحر الغزال فقدانهم منطقة أبيي في جنوب كردفان أن أبيي قد كانت في فترة الحكم التركي المصري وفترة المهدية وما زالت منذ الغزو الإنجليزي الاستعماري في إطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان.
    و أدرك السلطان كول اروب أن قبوله خيار الحاق الشؤون الإدارية للمشيخات إلى مديرية بحر الغزال قد يثير شكوك المسيرية بأن تلك الخطوة ستقود إلى إعادة ترسيم الحدود وضم منطقة أبيي إلى الحدود الجغرافية لمديرية بحر الغزال مما يؤدي إلى ظهور العداوة والبغضاء وتهديد المصالح المشتركة بينهما.كما أدرك ببصيرته الثاقبة أن طبيعة حياة دينكا نقوك والمسيرية تعتمد على الانتقال الموسمي مع ماشيتهم عبر أراضي بعضهم بعضا في شمال أو جنوب بحر العرب، والتي أدت إلى تمتين روح الإخاء والمصالح المشتركة بينهما، تفرض عليه الموافقة على استمرار التبعية الإدارية لمشيخات دينكا نقوك إلى مديرية كردفان.وانعكس عمق الاخاء والتضامن بين المسيرية ودينكا نقوك في تحالف دينكا نقوك مع المسيرية في القتال ضد ابناء عمومتهم دينكا اويل ودينكا تويج في مارس 1948 عندما حاولوا التوغل بماشيتهم في مراعي مناطق ابيي والرقبة الزرقاء. وتشير مبادرة المسيرية لصد محاولات القبائل المجاورة للتوغل في اراضي ابيي وشروعهم في القتال ضدهم الي اعتقادهم الجازم بملكيتهم لهذه الاراضي التي تقع في اطار حدود ديارهم.كما تضامن دينكا نقوك مع المسيرية"ككتلة واحدة ضد الجنوبيين بما فيهم اهلهم الدينكا من الفروع الاخري في مجالس القبائل المتداخلة التي تعقدها المديريات ذات الحدود المشتركة سنويا"66
    قررت الادارة البريطانية ادخال نظام الحكم المحلي في عام1948، وبدأت في تطبيقه بعد اصدار قانون الحكومات المحلية في عام 1951 الذي تم بمقتضاه تأسيس المجالس الريفية طبقا للحدود القبلية المعروفة مثل مجلس ريفي المسيرية، الكبابيش،الحمر،الدراميد،الشكرية..الخ.76 .وتم تأسيس فرع لمجلس ريفي دار المسيرية في ابيي بسبب عدم وجود حدود بين المسيرية ودينكا نقوك وذلك بالاضافة الي فروع في المجلد،الفولة ولقاوة. 68 .ومما يؤكد عدم وجود حدود قبلية لدينكا نقوك في مديرية كردفان عدم تحديد دائرة انتخابية لهم في انتخابات عام 1954 باعتبار انهم يعيشون في اطار الحدود القبلية للمسيرية الحمر والزرق الذين حددت لكل منهما دائرة انتخابية.69
    وحاول المسؤولون الانجليز بعد تأسيس مجلس ريفي دار المسيرية اقناع دينكا نقوك بالذهاب الي مديرية بحر الغزال "بدعوي انهم يختلفون عرقيا وثقافيا عن أغلبية السكان الذين يشاركونهم في المقاطعة والمديرية"70 وزار مايكل تيبس مفتش المركز منطقة أبيي وقدم لدينكا نقوك ثلاثة خيارات:
    1- الإنضمام إلى مجلس المسيرية
    2- الإنضمام إلى مجلس قوقريال
    3- الإنضمام إلى المجلس الجديد الذي سيتم تأسيسه في بانتيو في مديرية أعالي النيل71.
    . وذكر د.فرانسيز دينغ ان الاعتقاد الشائع في تلك الفترة بأن السلطات الاستعمارية كانت تخطط لفصل الجنوب من الشمال بهدف استمرار الحكم الاستعماري في الجنوب بعد استقلال شمال السودان قد كان وراء قرار والده باستمرار بقاء دينكا نقوك في مديرية كردفان لكيلا يتم تنفيذ الخطة الاستعمارية. 72 . وبذل حاكم بحر الغزال، الذي نال اعجاب وتقدير دينكا بحر الغزال وكردفان، غاية جهده للتأثير علي زعماء الدينكا لاقناع زعيم دينكا نقوك بالعودة والانضمام الي مديرية بحرالغزال.73 وقام وفد من زعماء دينكا قوقريال بزيارته وقالوا له" عليك ان تغادر كردفان وتتحد معنا وسنجعلك درعنا وزعيمنا. ولا يمكنك ان تأخذ درعنا وتسلمه للعرب، اذ يجب عتيك ان تأتي لتكون درعنا."74 ولم ينجحوا في اقناعه،اذ قرر السلطان دينغ ماجوك في اخر الامر البقاء في مديرية كردفان مثلما قرر والده في عام 1931 ،واتفق معه في الرأي اغلبية زعماء مشيخات دينكا نقوك.75 وعندما ادركت السلطة الاستعمارية أن زعماء الدينكا يفضلون استمرار وضعهم الراهن بالاستقرار في جنوب كردفان والمشاركة في مجلس دار المسيرية، تمت إفادتهم بأن السلطات قد تخلت عن فكرة إلحاق أبيي بمجلس في بحر الغزال "... وبدا ارتياح كبير على زعماء وأهالي الدينكاعندما تم إبلاغهم بهذا في مجلس .." (76)

    تجدر الاشارة الي أنه في حالة انفصال جنوب السودان وتحول الحدود الداخلية بين الشمال والجنوب إلى حدود دولية واستمرار النزاع حول ملكية منطقة أبيي بعد ذلك، فإن قرار دينكا نقوك بالبقاء في إطار الحدود الجغرافية لشمال السودان في السنوات 1905 ، 1930 و 1953 سوف يدرج تحت مبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي وهو القبول الطوعي دون جدال Acquiescence بالبقاء في الأراضي الإقليمية لشمال السودان وعدم الالتحاق إدارياً بمديرية بحر الغزال. واقرب مثال لتطبيق مبدأ القبول الطوعي ما حدث في الشكوى التي قدمتها هوندوراس ضد السلفادور لمحكمة العدل الدولية وادعائها ملكية جزيرة مينقوارا Meanquara والتي كانت تخضع لسيادة سلفادور منذ القرن التاسع عشر. وأشارت المحكمة في الحكم الذي أصدرته لصالح سلفادور إلى وجود سلفادور في المنطقة المتنازع عليها لفترة طويلة بدون أي اعتراض أو احتجاج من هوندوراس ولا توجد في الوثائق المقدمة إلى المحكمة أي وثيقة توضح احتجاج هوندوراس سوى في مرة واحدة" جاءت بعد تاريخ طويل من أعمال سيادية لسلفادور في مينقوارا وقدم الاحتجاج في وقت متأخر جداً بحيث لا يمكنه التأثير على مبدأ الرضوخ أو القبول الطوعي من جانب هوندوراس لسيادة سلفادور على المنطقة المتنازع عليها . ويوضح سلوك وتصرف هندوراس تجاه السلطة الفعلية لسلفادور على المنطقة قبول أو اعتراف أو رضوخ أو اي شكل من أشكال الموافقة الضمنية على الوضع".(77)
    واختتمت المحكمة الحكم بقولها "على ضوء الوضع المبهم وغير الواضح للملكية والسلطة الفعلية على منطقة النزاع في العهد الاستعماري فإن تأكيد سلفادور لمطالبتها بالجزيرة إضافة إلى ملكيتها وسيطرتها الفعلية عبر فترة طويلة يعتبر كافياً في حد ذاته ، ويجب ملاحظة أنه إذا كان هناك أدنى شك فإن موقف سلفادور قد جعل حاسماً ونهائياً بالقبول والرضوخ الطوعي لهندوراس" (78)

    وصل المسيرية الي جنوب كردفان منذ اوائل القرن الثامن عشر، واستطاعوا في فترة وجيزة الاستيلاء علي العديد من مناطق قبائل الشات والداجو والنوبة. وامتدت مساحة الاراضي التي امتلكوها بحق الفتح الي الرقبة الزرقاء ورقبة ام بيرو وبحر العرب . ولم يغادردينكا نقوك موطنهم الاصلي في وادي الزراف في منتصف القرن الثامن عشر لعدم تعرضهم للهجوم الضخم الذي شنه النوير ضد الفروع المختلفة للدينكا في ذلك الوقت كما ذكر المستكشف الالماني فيرن.وتؤكد هذه الحقيقة ان الفيضانات التي اجتاحت النيل الابيض في عشرينيات القرن التاسع عشرقد كانت العامل الاساسي الذي دفعهم الي الهجرة نحو مناطق بحر الغزال وجنوب كردفان وبالتالي بطلان افتراض ك.هندرسون بأنهم قد وصلوا الي جنوب كردفان في الفترة ما بين 1745 و 1755 . ويثبت تولي خمسة رؤوساء لزعامة قبيلة نقوك ( وهم اويل، كول ديت ،الور ،بيونق واروب ) بعد هجرتهم باتجاه الغرب الي بحر الغزال وحوض بحر العرب ، ومقابلة السلطان اروب للمهدي في عام 1882 بأن هجرتهم الي المناطق المذكورة قد كانت في القرن التاسع عشر وليس في القرن الثامن عشر.








    الهوامش




    1- R. O’Fahey,” Kordofan in the 18th century”54 Sudan Notes And Records(1973)p.34

    2- K. D. Henderson “The migration of the Misseria into southwest Kordofan”22 Sudan Notes and Record. Pt.1 (1939)p.54

    3- Ibid.p.55

    4-K.D.Henderson, Sudan Republic (New York,1965)p.152

    5- Ibid.p.155

    6- K.Henderson “The migration of the Misseria…”p.56

    7- File No./secret/66/D/A,Misseriya people’s rural council, Al-Fula,pp.79-86, updated Appendix B, entitled: ”Ahistory of the entry of the Misseriya Arab into the Sudan” .Cited in Abdelbasit Saeed, The state and socioeconomic Transformation in Sudan. Unpublished Ph.D thesis.University of Connecticut, 1982. p.121

    8-K.Hendeson “The migration of the Misseria..”p.58

    9- Ibid.

    10- Ibid.p.62

    11- Ibid. p.59

    12- Ibid. p.60

    13- History of the entry of the Misseiya Arab into Sudan.File 66/D/A. Al-Fula.Cited in A.Saeed.op.cit. p.122

    14- Ibid p.122. ; K.Henderson, “The migration of the Misseria..”p.

    15- History of the entry of the Misseriya Arab into Sudan.Cited in A.Saeed. op.cit.p.122

    16-Ibid.

    17- R.Hill, Egypt in Sudan (Oxford University Press, 1959) p.135

    18- K.Henderson, “The migration of the Misseria…”p.67

    19- Ibid.p.68

    20-Ibid.

    21- P.Howell, “Note on the Ngork Dinka of Western Kordofan”32 Sudan Notes and Records, pt.1.(June,1951)p.241
    22-P.Howell,”Some Observations on Luak Dinka” Appendix to chapter 2 in G.Leinhardt,Divinity and Experience (Oxford,1961)p.98

    23- E.Evans-Pritchard ,The Nuer (Oxford University Press,1940)p.125


    24- Ibid. p.126

    25-Ibid.p. 127

    26- Ibid.

    27- Ferdinand Werne, Expedition zur Entdekung der Quelle des Weissen Nil:1840- 41.( 1848) Quoted in E.Evans-Pritchard , The Nuer, p.127.Werne’s views on this question was supported by contemporary travelers:Philippe Terranuova,Nouvelles annals des voyages, Paris,1859. J.Poncet,Le Fleuve Blanc(Extrait des Nouvelles Annales de Voyages,1863-64)p41-2.G.Lejean,Bulletin de la Societe de Geographie,Paris1860.J.Petherick Travels in Centeral Africa, vol. 2,
    1869.p.6. Heuglin, Reise in das Gebiet des Weissen Nil und seiner westlichen Zuflusse in den Jahren 1862-64.(1869)p.104. et.al.
    28- Douglas Johnson, “Reconstructing a history of local floods in the upper Nile region of the Sudan” 25 International Journal of African Historical Studies,3 (1992)

    29-D. Johnson, “Tribal Boundaries and Border Wars:Nuer-Dinka Relations in the Sobat and Zaraf Valleys” 23 Journal of African History(1982)p.185

    30- Ibid.

    31-Ibid.See also ,The Equatorial Nile Project and its Effects on the Anglo-Egyptian Sudan,1,(Khartoum,1954)p.208 ;P.Howell,”The Zaraf Hills”26 Sudan Notes and Records,2 (1945)p.320. Appendix to chapter 2 in Lienhardt, Divinity and Experience (Oxford,1961)p.98


    32-K.Henderson “The migration of the Misseria…”p.60

    33- Ibid

    34-Ibid.

    35- Abyei Boundaries Commission Report,July,2005. p.31

    36- P.Howell, “Note on the Ngork Dinka…”p.241

    37- Ibid. p.242

    38- Ibid. p.241

    39- K.Henderson “The Migration of the Misseria…”pp.63-64

    40- P.Howell, “Notes on Ngork Dinka…”p.242

    41-F.Deng, War of Visions: Conflict of identities in Sudan (Washington,D.C.,1995)P.254.

    42- K.Henderson “The migration of the Misseria…”p.58

    43- H.Salih et.al.; Abyei Report:Main report of the socioeconomic survey(Khartoum,1978)p.8 .Quoted in A.Saeed, op.cit.p.163.

    44- Ibid.

    45- K. Henderson, “The migration of the Misseria…”p.57

    46- A. Saeed,The state and socioeconomic Transformation in Sudan.p.163

    47- Ibid.pp.163-64

    48- K. Henderson, “The migration of the Misseria..” p.65

    49- F. Deng, Wars of Vision; p.255

    50- Ibid.p.256

    51- Ibid.p.

    52- Ibid.pp.257-58

    53-Abyei Boundaries Commission Report.p.142

    54- Count Gleichen, The Anglo-Egyptian Sudan (London,1905)pp.154-56 Quoted in Abyei Commission Reportpp.192-94

    55- K .Henderson “ The migration of the Misseria..”p.71

    56- P. Howell, “Notes on the Ngork Dinka..”p.

    57- “Yesterday, this commission while it was meeting visited the graves of Arop Biong at Mathiang. Wehad compared what had been written by the British with the reality in the ground .” Ambassador Dirdeiri. Abyei Boundaries Commission Report.p.97

    58- F. Deng, Dynamics of Identification.(Khartoum University Press,1973)p.51

    59- Kordofan province report,1920-1921.

    60- The Sudan Intelligence Report.July,1927

    61- R.Collins, Shadow in the Grass (Yale University Press,1983)p.170

    62- M. Daly, Empire on the Nile: The Anglo-Egyptian Sudan (Cambridge University Press,1986)p.170

    63- Abyei Boundaries Commision Report.p.84

    64-F. Deng, Dynamics of Identification.p.52

    65- Abyei Boundaries Commission Report.p.84

    66- F.Deng, Dynamics of Identification.p.53

    67-Abyei Boundaries Commission Report.pp.84-85

    68- Ibid.

    69- Ibid.p.86.
    “I do not know any boundaries except the border between the southern provinces and the northern provinces “ Abdulla Deng. Abyei Boundaries Commission Repore.p.146.
    “So between us and the Misseriya there are no geographical boundaries.We are surprised by our brothers who talk of 1905….in the map of `1905 let them show us the tribes that were living there….” Ayom Matet. Abyei Boundaries Commission Report.p.146.

    70- F .Deng, Dynamics of Identification.p.53

    71- Ibid.p.54.

    72- Ibid. pp.53-54.

    73- Ibid. p.53

    74- Ibid.p.54

    75- Ibid

    76- Kordofan province, Monthly Diary;April,1951. Point No. 4073.

    77- International Court of Justice Reports. El-Salvador/Hondouras(1992)

    78- Ibid. p.579.





    [email protected]
    د. امين حامد زين العابدين

    (عدل بواسطة adil amin on 11-13-2009, 03:08 PM)

                  

11-13-2009, 07:24 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين (Re: adil amin)

    Quote: د.احمدامين زين العابدين

    تحيه لصاحب البوست هل انتبهت للخطأ فى اسم الكاتب بعنوان البوست الذى هو الدكتور امين حامد زين العابدين وليس احمد امين زين العابدين والدكتور غنى عن التعريف فهو استاذ سابق للتاريخ الاوربى بجامعه الخرطوم ويعمل حاليا مشرفا اكاديميا على البحوث بسفاره السعوديه بواشنطون ويعد حجه فى مساله ابيى والتحكيم الدولى حولها رغم تجاهل الاعلام السودانى له والماده المنشوره فى هذا البوست تعد فصلا من كتاب اصدره المؤلف بعنوان:
    أزمه ابيى بين القانون الدولى ومساله التحكيم وقد صدر العام 2009 عن دار International Graphics بامريكا وهو مطروح للجمهور بمكتبات الخرطوم يسعر 10 الف جنيها سودانيا كذلك تم نشر جانب كبير من هذا الكتاب يمجله احترام التى تصدر ضمن موقع sudaneseonline.com الاسفيرى تحيه لصاحب البوست وللمؤلف الاكاديمى دكتور امين حامد زين العابدين

    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 11-13-2009, 07:26 PM)

                  

11-15-2009, 12:40 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين (Re: احمد الامين احمد)

    الاخ احمد امين
    سلام

    نعم انتبهت للخطا
    ولكن من باب حرصي منذ ان جئت الي هذا البورد عرض ما يكتبه اولي الفكر الثاقب من ابناء السودان المتميزين والحريصين على وحدة السودان...انشر ما يصلني او يقع تحت يدي من كتب قيمة او فصول منها للارتقاء بوعي الناس الي القضايا الجادة على مبدا ان توقد شمعة خير من ان تلعن الظلام...ومافي ظلام اكثر من السودان القديم ومن يمثله هنا في البورد...وفي اجهزة الاعلام السودانية من المكرورين...وتكمن ازمة السودان في عدم اتاحة افرص لمن اجدر ببناء السودان كما يجب..والحديث ذو شجون

    نعتذر مرة اخرى للدكتور امين حامد زين العابدين
    ونواصل عرض فصول من الكتاب التي بحوزتي الان...

    الفصل الثالث

    حق تقرير المصير




    "أسست الأمم المتحدة حق تقرير المصير كحق للشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية، ولا ينطبق الحق على الشعوب المنظمة في شكل دولة والتي لا تخضع لحكم استعماري أو أجنبي نسبة لأن القرار (1514) وأدوات أخرى للأمم المتحدة تدين أي محاولة تستهدف التمزيق الجزئي أو الكلي للوحدة الوطنية وسلامة أراضي دولة ما."
    H.Gros Espiell, the Right of Self-Determination of United Nations Resolutions, UN doc. E/C.N.4/Sub.2/405/Rev.1, 1980 p.10 Para. 60.

    ما هو حق تقرير المصير؟ هل هو حق مطلق يمكن لأي مجموعات إثنية تعيش في أراضي دولة ذات سيادة أن تمارسه متى ما أرادت؟ وهل يمكن ممارسته أكثر من مرة بواسطة شعوب نالت استقلالها بموجب قرار الأمم المتحدة الخاص باستقلال المستعمرات؟ وهل يتضمن حق تقرير المصير تغيير الحدود الموروثة من الحكم الاستعماري؟ سنناقش في هذا الفصل تطور مفهوم حق تقرير المصير لنؤكد أنّ القانون الدولي قد حصر نطاق تطبيقه على الشعوب الخاضعة للاستعمار لكي تنال استقلالها. وبعد استقلال معظم أقطار العالم تحول هذا البعد الخارجي لتقرير المصير إلى مفهوم حق تقرير المصير الداخلي الذي أصبح مكفولاً لكل الشعب الذي يعيش في أراضي دولة معينة ليتمتع بالحكم الديمقراطي على أساس مبدأ السيادة الشعبية وليس لإحدى مجموعاته الإثنية لكي تنفصل عن الدولة الأم لتأسيس دولة لها بسبب تعارض ذلك مع سيادة الدولة وصيانة أراضيها ووحدتها الوطنية التي يكفلها ميثاق الأمم المتحدة للدول الأعضاء.
    1-تطور تقرير المصير وتعــارضه مع مبدأ السيــادة:
    يمكن تعريف مصطلح تقرير المصير بأنه حق مكفول لكل البشر على مر الزمان لتحقيق ما ينشدونه من تطلعات لترقية أوضاعهم السياسية والاقتصادية وذلك مثل حقوقهم الطبيعية للحرية والعدالة والمساواة. واتخذ عند تطبيقه أشكالاً مختلفة كما اكتسب معاني متعددة تبعاً لمقتضيات اللحظة التاريخية التي يمر بها في تفاعله وتجدده مع الزمان. وكان لتقرير المصير منذ ظهوره في العصر الحديث مظهران أساسيان: خارجي وداخلي. إذ مارسه الشعب الأمريكي ببعده الخارجي عندما شنّ حرب الاستقلال ضد الاستعمار البريطاني في سنة 1776م وتوج كفاحه بتحقيق الاستقلال وتأسيس دولة ذات سيادة. ومارس الشعب الفرنسي تقرير المصير ببعده الداخلي الديمقراطي في ثورة 1789م التي قضت على مبدأ الحق الإلهي لحكم الملوك الاستبدادي ليحل محله مبدأ السيادة الشعبية لتكون الأمة مصدراً للسلطات والذي يعتبر الركيزة الأساسية للنظام الديمقراطي.
    وفي العقد الثاني من القرن العشرين قيدت دول الحلفاء المنتصرة في الحرب العالمية الأولى المعنى العريض والمطلق لتقرير المصير و بدات في توظيفه سياسيا كأداة لحرمان الدول المهزومة من الأراضي الإقليمية للشعوب الخاضعة لحكمها وإسباغ الشرعية على إعادة تقسيم أوروبا وخلق دول جديدة. واستند تطبيق تقرير المصير في هذه المرحلة على المبدأ القومي والإثني حيث تمّ اعتبار اللغة والثقافة المشتركة لشعب معين المعيار لأهليته في تأسيس دولة ذات سيادة. ومثال ذلك ظهور دولة يوغوسلافيا إلى الوجود بسبب أن سكان أقاليمها الجغرافية في سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة وصربيا يتحدثون لغة واحدة وتجمعهم ثقافة مشتركة. واستفاد من هذا المبدأ أيضاً الشعب البولندي الذي استرد سيادته وأراضيه التي كانت خاضعة لحكم الامبراطورية الروسية والامبراطورية الألمانية والامبراطورية النمساوية. كما منحت شعوب لتوانيا، لاتفيا، استونيا وتشيكوسلوفاكيا استقلالهــا في تسوية السلام في فرساي.
    ولم تتم معــاملة كل الشعوب الأوروبية بالتساوي للاستفادة من المبدأ العرقي القومي الذي استند عليه تقرير المصير بسبب المصالح والاعتبارات السياسية لدول الحلفــاء. فتمّ ضم إقليم جنوب التيرول الذي يتحدث سكانه اللغة الألمانية إلي إيطاليا. ورفض طلب الشعب النمساوي للاندماج مع ألمانيا بمقتضى اتفاقية سان جيرمان لسنة 1919م.1 ولم يسمح لسكان الإلزاس واللورين الذين ضمت فرنسا أراضيهم بحق الاستفتاء لتحديد رغبتهم إن كانوا يريدون البقاء في ألمانيا كما كان الحال قبل الحرب العالمية الأولى.2 بينما تم منح سكان منطقة شيليزويج التي ضمت الي المانيا في عام 1864 حق تقرير المصير للانضمام الي الدنمارك3 .
    وظهرت خطورة توظيف المبدأ القومي كمعيــار لتقرير المصير في فترة ما بين الحربين عند بروز المظاهر العنصرية والتوسعية للقومية التي تجسدت في الفاشية والنازية. ولجأت ألمانيا في الثلاثينيات من القرن الماضي إلى توظيف نفس المبدأ لغزو وضم النمسا وإقليم السوديتلاند في تشيكوسلوفاكيا بحجة أن سكانها الذين يتحدثون اللغة الألمانية يطالبون بحقهم في تقرير مصيرهم بالانضمام إلى الوطن الأم.4 كما أثبتت حقيقة الإبادة الجماعية لليهود في ألمانيا النازية حقيقة أن حدة الكراهية والتعصب ضد الاقليات في الدول التي تتميز بالتجانس العرقي القومي أشدّ مما هي عليه في الدول المتعددة الجنسيات والثقافات حيث تؤدي التعددية إلى التسامح عملاً بمبدأ عش ودع الآخرين يعيشون. وأثبت المبدأ العرقي القومي خطورته مرة أخرى بعد فترة قصيرة من نهاية الحرب العالمية الثانية عندما دفعت الأيدلوجية الصهيونية الشعب اليهودي للهجوم على الفلسطينيين في بلدهم وطردهم وتهجيرهم منها بالقوة ليعيشوا لاجئين في الدول المجاورة وذلك بعد أن أقاموا دولتهم بالعنف في فلسطين في سنة 1948م.
    دخل مبدأ تقرير المصير طوراً جديداً بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن تجاوز الزمن مفهوم حق الفتح الذي استخدم في الماضي لإسباغ الشرعية على استعمار الشعوب. واعتبر استعمار الدول الأوروبية للأقطار الأفريقية والآسيوية من الشرور التي يستوجب تخليص البشرية منها وذلك بمنح الشعوب المقهورة استقلالها واسترداد حريتها وكرامتها. ونتج عن إدانة الاستعمار توسيع الأمم المتحدة للبعد الخارجي لتقرير المصير لكي يشمل الأقطار الأفريقية والآسيوية التي حرمت منه بعد الحرب العالمية الأولى. فأصدرت الأمم المتحدة في ديسمبر 1960م القرار رقم (1514) بعنوان " إعلان منح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة. " وحدد القرار المجال والظروف التي يتم فيها تطبيق تقرير المصير وهي خضوع الشعب وأراضيه لاستعمار أجنبي. وطالب القرار باتخاذ الخطوات اللازمة لتحرير واستقلال هذه الشعوب " ونقل كل السلطات لشعوب هذه الأراضي المستعمرة. "5
    ووصفت الدول الأفريقية والآسيوية والأمم المتحدة هذا التحديد لمجال تطبيق تقرير المصير فيما بعد بنظرية " الماء المالح " التي مفادها أنّ حق تقرير المصير بمعنى الاستقلال يطبق فقط في حالة الأراضي التي تفصلها عن عاصمة الدولة التي تستعمرها بحار ومحيطات ويختلف سكانها عرقياً وثقافياً عن سكان الدول المستعمرة التي تديرها6. وليس هناك أي تعارض بين هذا التفسير وما نصّ عليه القرار بصورة مطلقة أن لكل الشعوب الحق في تقرير مصيرها، إذ لا يعقل أن يكون المقصود مثلاً السماح للاسكتلنديين في بريطانيا بممارسة تقرير المصير ببعده الخارجي للانفصال عن المملكة المتحدة أو حق الأفارقة الأمريكان الذين ينتمون لأمة الإسلام بتأسيس دولة مستقلة عن الولايات المتحدة الأمريكية كما كانوا يطالبون في الخمسينيات من القرن الماضي.7 وأشار بروفسور توماس فرانك الي ان الدول الافريقية الناشئة قد تمكنت من اقناع الامم المتحدة بضرورة ممارسة حق تقرير المصير في اطار الحدود الاستعمارية الموجودة فقط.8
    وتميّز تقرير المصير المتضمن في القرار (1514) باستناده على مبدأ الأرض الإقليمية كوحدة سياسية خاضعة لحكم أجنبي كمعيار ينال به القطر استقلاله عند تطبيق تقرير المصير حتى ولو لم تجمع بين سكانه لغة وثقافة مشتركة. ولم يكن بهذه الصفة تقرير مصير عرقي قومي يرتكز على التجانس اللغوي والثقافي كما كان الحال في مرحلة فرسايل. وكانت هذه خطوة في الاتجاه الصحيح للتخلص من شرور تقرير المصير العرقي القومي الذي لعب دوراً هاماً في نشوب الحرب العالمية الثانية والإبادة الجماعية لليهود كما ذكرنا. وبما أن القرار يختص بتقرير مصير الأراضي التي تسكنها عدة مجموعات عرقية (وليس تقرير مصير قومي كما كان الحال في فرسايل) والتي قد يطالب بعضها بالانفصال من الوطن الأم المستقل حديثاً، فقد تمّ تأكيد ضرورة صيانة الوحدة الوطنية للبلدان المستقلة واعتبار أي محاولة للتمزيق الجزئي أو الكلي لوحدة أراضيها انتهاكاً لأهداف ومباديء ميثاق الأمم المتحدة.9 إذ يشير الميثاق المذكور في المادة الثانية فقرة (4) إلى الأهمية القصوى لسيادة الدول ومنع استخدام القوة لتهديد سلامة أراضيها، كما لم يسمح في الفقرة (7) من نفس المادة " بالتدخل في الشؤون التي تكون من السلطان الداخلي لدولة ما."10 وتمّ تأكيد علو مكانة السيادة الوطنية في القانون الدولي في قرار الأمم المتحدة رقم (6014) الصادر في 21 ديسمبر 1965م تحت عنوان " إعلان عدم السماح بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول وحماية استقلالها وسيادتهما."11
    وأخضع إعلان مباديء القانون الدولي الذي أصدرته الأمم المتحدة في 1970م مبدأ تقرير المصير لقانون سيادة الدول حينما نصّ على عدم تفسير الفقرات الخاصة بتقرير المصير بأنه " تخويل أو تشجيع للقيام بفعل من شأنه التفكيك الجزئي أو الكلي لوحدة أراضي وسيادة الدول المستقلة.12" وذكرت بياتريس هيوسر في هذا الصدد: " بينما يشير ميثاق الأمم المتحدة والقرارات المختلفة الخاصة بحقوق الإنسان إلى أهمية حرية الفرد فإن أي تناقض لهذا الإلزام مع تأييد ودعم السيادة عادة ما يحسم لصالح الدولة ذات السيادة."13 كما أكدّ هذه المسالة د. كمال شهادي بقوله: "طبقاً لما تمارسه الأمم المتحدة والقانون الدولي العام، فان حق تقرير المصير...لا يبطل ولا يتجاوز حق الحكومات في الحفاظ على حق السيادة ووحدة وتماسك أراضي الدولة التي تحكمها. ولهذا فقد سمح للدول ذات السيادة باستخدام القوة لمنع أي محاولة انفصالية."14
    وكان من نتائج علو المعيار القانوني للسيادة على تقرير المصير ببعده الخارجي تحديد ممارسة الأخير بواسطة الدول مرة واحدة فقط من أجل نيل الاستقلال من حكم أجنبي. ويتضح هذا من ملاحظة مدير قسم حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الذي قال: " يفهم تقرير المصير في أروقة الأمم المتحدة بأنه حق تتمتع به الشعوب المستعمرة فقط ولا يمكن استحضاره ووضعه موضع التنفيذ مرة أخرى متى ما تمت ممارسته بنجاح، ولا يتضمن حق الانفصال عدا في حالة المستعمرات."15
    وهناك العديد من الحــالات التي تدل على حصر الأمم المتحدة لممارسة تقرير المصير ببعده الخارجي في نطاق الشعوب الخاضعة للاستعمار وعدم تضمنه حق الانفصال من قبل مجموعة عرقية في دولة حديثة الاستقلال بحجة استخدام تقرير المصير مرة ثانية لتأسيس دولة جديدة لها. ومثال ذلك دعم الأمم المتحدة لسيادة أراضي جمهورية الكونغو ووحدتها التي نالت استقلالها في 30 يونيو 1960م وذلك عندما أعلن إقليم كاتانقا الغني بثرواته المعدنية 16الانفصال والاستقلال عن الدولة الجديدة بعد تدخل القوات العسكرية والبلجيكية في مقاطعة كاتانقا في 10 يوليو 1960م بناءاً على طلب حاكمها مويس تشومبي. وعندما اعترض تشومبي على وصول قوات الأمم المتحدة في 3 أغسطس 1960م بدعوى أنها ستؤدي إلى اضطرابات عامة رد عليه السكرتير العام داج همرشولد " بتذكيره أن لمجلس الأمن سلطة تطبق مباشرة على الحكومات وسلطات الأراضي غير الحكومية الخاضعة لإحدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وستكون هناك نتائج قانونية خطيرة لأي مقــاومة من مؤسسات الأراضي التابعة لتلك الدولة.17" وأصدر مجلس الامن القرار رقم 169 في عام 1961 لمساعدة الكونغو ضد الانفصاليين والمطالبة بايقاف نشاطهم فورا.18
    ومن الأمثلة الأخرى محــاولة وتصميم قبيلة الإيبو على الانفصال من دولة نيجيريا بإعلان زعمائها تأسيس " جمهورية بيافرا " المستقلة في 30 مايو 1967م. ولم تتدخل الأمم المتحدة مباشرة في الحرب الأهلية التي اندلعت فيما بعد وناشد سكرتيرها العــام يوثانت منظمة الوحدة الأفريقية لتحقيق تسوية سلمية للحرب.19 وأشار إلى أنّ المنظمة ستنظر في موضوع الحرب النيجيرية فقط في حالة عرضه بواسطة الحكومة النيجيريــة في الأمم المتحدة.20
    وفى إجابة عن سؤال وجه إليه في مؤتمر صحفي عقده في داكار في 4 يناير 1970م عن تفسيره للتناقض بين اعتراف الأمم المتحدة بحق الشعوب في تقرير مصيرها وموقف الحكومة النيجيرية تجاه بيافرا قال:- " عند انضمام الدولة للأمم المتحدة يوافق كل الأعضاء ضمنياً على سيادتها ووحدة أراضيها، أما فيما يختص بسؤال انفصال جزء معين من الدولة فإنّ موقف الأمم المتحدة واضح لا لبس فيه. باعتبارها منظمة دولية، لم توافق الأمم المتحدة ولا توافق ولا اعتقد أنها ستوافق بالمرة على مبدأ انفصال جزء من أحد الدول الأعضاء بها.21" وأكدّ يوثانث مرة أخرى في المؤتمر الصحفي المنعقد في أكرا في 9 يناير 1970م ضرورة حصر تطبيق مبدأ تقرير المصير في حالات الشعوب الخاضعة للاستعمار والأخطار التي تترتب على تجاوز ذلك وممارسته في الدول المستقلة حديثاً وذلك بقوله:- "فيما يخص مسألة تقرير المصير ...أعتقد أن هذا المفهوم لم يتم فهمه على وجه سليم في أجزاء عديدة من العالم. لا يعني تقرير مصير الشعوب تقرير المصير لجزء من سكان أحد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فإذا طبق تقرير المصير في عشر مناطق مختلفة لأحد الدول الأعضاء أو عشرين منطقة مختلفة لأحد الأعضاء فلن تكون هناك نهاية للمشاكل.22" وتجدر الاشارة الي ان الامم المتحدة ما زالت تدين الي اليوم حكومة شمال قبرص الانفصالية وحكومة جزيرة مايوتي التي انفصلت من جمهورية جزر القمر في عام 1978 وتطالب الدول الاعضاء بعدم الاعتراف بهما.23
    وأولت منظمة الوحدة الأفريقية مسالة السيادة أهمية قصوى حيث نصّ الميثاق التأسيسي على ضرورة " تأمين وترسيخ الاستقلال وسيادة ووحدة أراضي دولنا.24" ويعزى هذا إلى تخوف المنظمة من محاولة بعض الدول لتغيير الحدود الموروثة من الاستعمار خاصة وأنّ العديد من القبائل الأفريقية تنتشر في أكثر من بلد واحد، وإلى احتمال مطالبة بعض المجموعات العرقية في الدول الحديثة الاستقلال بممارسة تقرير المصير مرة ثانية مما يؤدي إلى الانفصال عن الوطن الأم وتهديد سلامة أراضيه. لذلك تبنت منظمة الوحدة الأفريقية مذهب Uti possidetis Juris الذي يعني شرعية الحدود الموروثة من عهد الاستعمار وقبولها إلى الأبد 25. وتمّ التأكيد على هذا في القرار الخاص بالنزاعات الحدودية الذي أصدرته المنظمة في 1964م والذي اعتبر حدود الدول الأفريقية منذ اليوم الأول لاستقلالها " تشكل حقيقة ملموسة ويلتزم الأعضاء باحترام هذه الحدود.26" وانطلاقاً من هذه المبــاديء، شجبت المنظمة محاولة الإيبو للانفصال عن الدولة النيجيرية والذي قاد إلى اندلاع الحرب الأهليــة النيجيرية في سنة 1967م. فأصدرت قراراً عن الأوضاع في نيجيريا بدأه الأعضاء "بإعادة القول بإدانتهم للانفصال في أي من الدول الأعضاء في المنظمة.27" وتمّ تشكيل لجنة استشــارية في سبتمبر 1967م تتكون من رؤســاء بعض الدول الأفريقيـّة، وعقدت أول اجتماعاتها في لاغوس في 22 و23 نوفمبر 1967م. وعبرّ الإمبراطور هيلاسيلاسي عن رأي اللجنــة عندما أعلن في هذا الاجتمـاع :" تلتزم منظمة الوحدة الأفريقية بالكلمة والفعل بمبدأ الوحدة وتماسك أراضي الدول الأعضاء، وعندما أرست منظمتنا هذه المهمة، كــان هدفها الأساسي استكشاف ومناقشة الطرق والوسائل التي تحفظ الوحدة الوطنية النيجيرية ولكيلا يهدر الدم النيجيري دون حاجة. فالوحدة الوطنية وتماسك ووحدة أراضي الدول الأعضاء مسألة غير قابلة للتفاوض ويجب احترامها بالكامل والحفاظ عليها. ونعتقد بحزم أن الوحدة الوطنية لأي دولة أفريقية مكون أساسي لتحقيق الهدف الأسمى والأعظم وهو الوحدة الأفريقية.28" كما أصدرت المنظمة في مؤتمرات القمــة التي عقدت في الجزائر في سنة 1968م وفي أديس أبابا في سنة 1969م قرارات تطــالب بيافرا " بالتخلي عن الانفصال وإعادة الوحدة والسلام لنيجيريـــا.29"
    وتجدر الإشارة إلى أنّ المادة 20 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب قد قيدت نطاق تطبيق المصير في إطار الشعوب الخاضعة للاستعمار حيث نصت الفقرة (2) منها على أن من حق الشعوب المستعمرة والمضطهدة تحرير أنفسهم من أغلال السيطرة باللجوء إلى كل السبل التي يعترف بها المجتمع الدولي.30 وفي معرض تعليقه على موقف الدول الأفريقية من تقرير المصير ذكر د.عيسى سيفجي أنّ الدول الأفريقية قد " عزلت أحد عناصر مبدأ تقرير المصير، وهو العنصر المناهض للاستعمار، وصياغته على وجه الإطلاق، كما رفعت عناصر مشتقة، وهى السيادة ووحدة الأراضي، إلى مستوى المبدأ الأساسي.31" وحظرت دساتير العديد من الدول الأفريقية أي محاولات من قبل مجموعات سكانية للانفصال وتهديد سلامة الأراضي والوحدة الوطنية.32
    وينسجم موقف الدول الأفريقية الذي يمنح الأولوية لمبدأ السيادة ووحدة الأراضي في حالة تعارضه مع تقرير المصير ببعده الخارجي مع موقف الدول الأوروبية الذي تجسد في قانون هلسنكي النهائي لسنة 1975م. فرغم إشارة المبدأ السابع للقانون المذكور إلى أن حق تقرير المصير مكفول لكل الشعوب وفي كل الأزمان، إلا أن المبدأ الثالث والمبدأ الرابع قدما أهمية قصوى لمبدأ صيانة الحدود الإقليمية وعدم انتهاكها ومبدأ تماسك ووحدة أراضي الدول.33 وتمّ تقييد الصيغة الفضفاضة لحق تقرير المصير الواردة في قانون هلسنكي في ميثاق باريس الذي صدر بعد الاجتماع الذي عقده مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا في نوفمبر 1990م والذي نصّ على " إعادة تأكيد الحقوق المتساوية للشعوب وحقها في تقرير مصيرها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ومعايير القانون الدولي بما فيها تلك التي تختص بوحدة أراضي الدول.34"
    وتعتبر حالة انفصال بنجلاديش من دولة باكستان في سنة 1970م استثناء للقاعدة القانونية التي لا تسمح لجزء من سكان الدولة التي نالت استقلالها من حكم أجنبي بممارسة تقرير المصير مرة ثانية للانفصال منها وتهديد وحدة أراضيها. ولم يكن في واقع الأمر، لمبدأ تقرير المصير أي دور في ظهور دولة بنجلاديش مثلما كان لنشوب الحرب الهندية ـ الباكستانية ودعم الاتحاد السوفيتي للهند 35كما ذكر كريج باكستر: "دخلت بنجلاديش إلى النظام العالمي في سنة 1971م بدون أن تعترف بها معظم الأقطار وغير مرغوب فيها بواسطة الأمم المتحدة. فرغم الإدانة الشعبية شبه الجماعية لقمع الجيش الباكستاني لسكان شرق باكستان، صوتت كل أمم الغرب الديمقراطية إلى جانب باكستان عندما رفعت قضيتها إلى مجلس الأمن والجمعية العمومية في ديسمبر 1970م."36
    كمــا لا يعتبر استقلال الجمهوريات السوفيتية مثل استونيا وأوكرانيا ومولدافيا وأوزبكستان ....الخ سابقة لممارسة تقرير المصير ببعده الخارجي بعد نهاية الحقبة الاستعمارية. إذ أعلنت هذه الجمهوريات استقلالها في الفترة التي أعقبت فشل الانقلاب الذي قاده الجناح الشيوعي المناهض لإصلاحات جورباتشوف في 20 أغسطس 1991م. ولم يكن هناك وجود لدولة ذات سيادة بعد زوال الاتحاد السوفيتي عملياً وانهيار النظام الشيوعي بعد أن حل يلتسين الحزب الشيوعي وذلك لكي تحتج على انفصال الجمهوريات عنها. كما يرى اسيجورن ايدي أنّ استقلال الجمهوريات السوفيتية هو ممارسة لحق انسحابها من الاتحاد السوفيتي الموجود منذ انضمامها الطوعي للنظام الفيدرالي الشيوعي " والذي كفلته المادة (71) من الدستور الفيدرالي التي تسمح لجمهوريات الاتحاد بالانفصال.37"
    وتشبه الظروف التي أعلنت فيها سلوفينيا وكرواتيا ومقدونيا والبوسنة استقلالها عن جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الفيدرالية في الفترة ما بين ديسمبر 1990م وأكتوبر 1991م38 نفس الأوضاع التي أدت إلى ظهور الدول المستقلة بعد انحلال الاتحاد السوفيتي والنظام الشيوعي كما أسلفنــا-إذ بدأت أعراض انهيــار جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الفيدرالية منذ عام 1986م عندما تولى رئاستها الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش 39 الذي بدأ التخلي عن المبدأ الشيوعي الأممي الذي بشر بزوال الفوارق العرقية القومية حيث تنصهر جميع القوميات في المجتمع الاشتراكي تبعاً لمقولة ماركس بعدم وجود قطر محدد للطبقة العاملة. وظهر هذا جلياً عندما أصدرت أكاديمية الفنون والعلوم الصربية في سنة 1986م مذكرة أبدت فيها التخوف من زوال هوية الصرب الذين يسكنون في كرواتيا والبوسنة والهرسك وأهمية التغلب على ذلك بإحياء أيدلوجية الصرب العظمى " وتأسيس الوحدة الوطنية الكاملة للشعب الصربي بغض النظر عن الجمهورية أو المديرية التي يسكنون فيهـــا.40"
    استغل سلوبودان ميلوسوفيتش الشعور القومي للصرب لاكتساب الشعبية والتمتع بمزيد من السلطة فقام بتعديل الدستور الصربي لضم إقليم كوسوفو وفوجفودينا إلى جمهورية الصرب في مارس 1989م41 وبدأ في تعويق ورفض مطالب بقية الجمهوريات في المجلس الرئاسي الفيدرالي بعد سيطرته على أصوات صربيا، فوجفودينا، كوسوفو والجبل الأسود في نهاية عام 1989م .42 وفي ظل هذا المناخ الذي ظهرت فيه النزعات العرقية التوسعية للصرب، قررّ برلمان سلوفينيا في 27 سبتمبر 1990م عدم الاعتراف بالتشريعات الفيدرالية والتصويت على الاستقلال في 23 ديسمبر 1990م لتبدأ بعدها عملية انهيار يوغوسلافيا بعد أن أعلنت بقية الجمهوريات استقلالها كما ذكرنا.43 وبعد اندلاع الحروب العرقية المريرة بين الجمهوريات اليوغوسلافية أسست المجموعة الأوروبية لجنة التحكيم للنظر في النزاع برئاسة بادنتر والتي قررت في 7 ديسمبر 1991م " أنّ الأجهزة الحكومية لجمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الفدرالية لا تستوفي معيار المشاركة والتمثيل الذي تتسم به الدولة الفيدرالية الأمر الذي نتج عنه أنّ جمهورية يوغوسلافيا تمر في طور عملية الانحلال.44"
    ونتيجة للاعتبــارات السياسيــة مثل حرص الدول الأوروبية على حفظ السلام العالمي ومنع انتشار حروب البلقان إلى بقية أرجاء القارة، اضطرت المجموعة الأوروبية إلى الاعتراف بالدول الجديدة التي ظهرت بعد زوال يوغوسلافيا من خريطة أوروبا السياسية. وكما قال بروفيسور هانوم " اعتبرت كل الدول الأوروبية قبول وضع الاستقلال الذي أعلنته جمهوريتا سلوفانيا وكرواتيا مؤخراً مسألة سياسية أكثر مما هي قانونية ولم تكن استجابة لأمر ملزم بالقانون الدولي.45"كما لاحظ أنّ الإعلان الذي أصدرته المجموعة الأوروبية للمعايير التي تحكم اعترافها بالدول الجديدة في شرق أوروبا بألا يتضمن أي إشارة لحق الانفصال أو حق الشعوب لتقرير المصير46. وتدحض هذه الحقائق ما ذكره بعض الكتاب بأن انهيار المعسكر الشيوعي قد كان إشارة لنجاح دعاوى الانفصال التي تستند على ممارسة حق تقرير المصير.47 أضف إلى ذلك ما ذكره اسيجورن ايدي إلى أن ديباجة دستور يوغوسلافيا قد اعترفت بحق الجمهوريات في الانفصال " وأنّ الانهيار الفعلي للجمهوريات الفدرالية في يوغوسلافيا والاتحاد السوفيتي لم ينشأ بسبب ممارسة حق الانفصال وإنما لعدم قدرة السلطات الفدرالية أداء وظائفها.48"
    كان من أبرز نتائج ظهور الدول الجديدة بعد انهيار المعسكر الشيوعي إحياء الأقليات العرقية التي تسكن فيها لمبدأ تقرير المصير الأثني القومي الذي استغلته الحركات الفاشية والنازية للتوسع والعدوان في الفترة ما بين الحربين.49 فاندلعت الحروب الإثنية في جمهورية أذربيجان عندما طالب الأرمن الذين يسكنون في إقليم ناغورنو كاراباخ بالانفصال استناداً على حق تقرير المصير وفي جمهورية جورجيا عندما طالب الأبخاز وسكــان أوسيتيا بالانفصال وفي روسيا عندما أعلنت مجموعة الشيشان المسلمين استقلالهم في نوفمبر1991م50 وكــان رد فعل الدول الأوروبية تجاه هذه الحركات الانفصالية الالتزام بالقانون الدولي الذي لا يمنح حق الانفصال للمجموعات العرقية التي تسكن في الدول المستقلة ذات السيادة. فعندمــا أثير السؤال في لجنة بادنتر51عما إذا كان للصرب الذين يسكنون في دولتي كرواتيا والبوسنة (الذين كانوا يخوضون حرباً ضد هذه الدول من أجل الانفصال) حق تقرير المصير، كان الرأي القانوني للجنة " بأن للصرب الذين يسكنون في كرواتيا والبوسنة-الهرسك حق الاعتراف بهويتهم كما ينص القانون الدولي وحق اختيــار جنسيتهم ولكن ليس حق الانفصــال." 52
    كمــا لا يعني ممارسة سكان إريتريا لحق تقرير المصير واستقلالهم عن أثيوبيا في عام 1993م أنّ القـــانون الدولي يمنح هذا الحق خارج نطاق الحقبة الاستعمارية للمجموعات العرقية التي تسكن داخل الدول المستقلة. إذ تمّ وضع مستعمرة إريتريا الإيطالية تحت وصــاية الأمم المتحدة بعد هزيمة الأخيرة في الحرب العالمية الثانية. واستنــاداً على القرار رقم (390) الذي أصدرته الأمم المتحدة في ديسمبر 1950م، تمّ منح إريتريا الحكم الذاتي بمقتضى القانون الفيدرالي والدستور الإريتري الذي أصدره أنزي ماتينزو مفوض الأمم المتحدة في إريتريا53.ونسبة لذلك فقد أصبح القانون الدولي الضامن الأساسي للحكم الذاتي الذي منحته المنظمة الدولية لإريتريا وذلك كما يتضح في رأي اللجنة الأولى للمستشارين القانونيين عند اجتماعها مع مفوض إريتريا في جنيف في الفترة ما بين 23 نوفمبر إلى 20 ديسمبر 1951م وذلك بقولها: " إذا دعت الضرورة إلى تعديل أو تفسير القانون الفدرالي، تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أصدرته الجهة الوحيدة المخولة والمؤهلة لاتخاذ القرار في هذا الشأن وأيضاً إذا ما تمّ خرق القانون الفيدرالي تكون الجمعية العمومية مسئولة للنظر في هذا الشان.54" وأقرّ الأمبراطور هيلاسيلاسي القانون الفيدرالي في 30 سبتمبر 1952م والذي تمّ بمقتضاه منح إريتريا الحكم الذاتي تحت سيادة الامبراطورية الأثيوبية وحماية وضمان القانون الدولي. لذلك يعتبر ضم الامبراطورية الأثيوبية لإريتريا بالقوة في نوفمبر 1962م خرقاً للقانون الدولي " ونهاية للاغتصاب التدريجي لحق إريتريا في تقرير مصيرها.55"كما يمكن القول بأن ممـارسة الشعب الإريتري لحق تقرير المصير في عام 1993م ما هو إلا استمرار للحق الأصلي الذي سلبته الإمبراطورية الأثيوبية عندما ضمت إريتريا بالقوة في عام 1962م، وانتهاكها بذلك للقانون الفيدرالي الذي أصدرته الأمم المتحدة في عــام 1952م.56
    كما يندرج حق تقرير المصير الذي تمتعت به شعوب الصحراء الغربية وشرق تيمور في إطار الحقبة الاستعمارية وحسبما كفله لهم القرار (1514) الخاص بتصفية الاستعمار. فبعد إعلان أسبانيا منح الحكم الذاتي لسكــان الصحراء الغربية في عام 1974م، طلبت المغرب وموريتانيا من الجمعية العمومية إصدار فتوى قانونية للنظر في حقهم بضم الصحراء الغربية.57 وقررت محكمة العدل الدولية في رأيها الفقهي عدم وجود أي أدلة قانونية تثبت سيادة المغرب وموريتانيا للصحراء الغربية لكي تمنع تطبيق القرار (1514) لتصفية الوجود الاستعمــاري منها وتمتع سكانها بممارسة حق تقرير المصير58. وكفل القــانون الدولي لشعب شرق تيمور حق تقرير المصير للاستقلال من الاستعمار البرتغالي بالرغم من غزو إندونيسيا للجزيرة في ديسمبر 1975م لمنع سكانها من ممارسته.59 وبعدما أسست الأمم المتحدة الإدارة الانتقالية لشعب تيمور في عام 1999م60، تمكن شعب شرق تيمور من التصويت في الاستفتاء الذي عقد في أغسطس 1999م لكي تصبح بلادهم دولة مستقلة ذات سيـــادة.61
    تقرير المصير الداخلي وحقوق الإنسان:-
    أشرنـــا فيما سبق إلى أن صيغة الشمول التي تميز بها مفهوم تقرير المصير قد جعلت منه أحد حقوق الإنسان الدائمة مثل الحرية والمساواة. وتمّ ترسيخ هذا البعد لتقرير المصير في المعاهدتين الدوليتين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية.62 ونصت المادة الأولى في كل من المعاهدتين على أن " لكل الشعوب الحق في تقرير المصير لتقرر بحرية أوضاعها السياسية وتتابع بحرية تطورها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي."63 كمــا ألزمت الفقرة الثالثة من نفس المادة الدول الموقعة على المعاهدتين بالاهتمام بتحقيق تقرير المصير واحترام الحق وفقاً لمواد ميثاق الأمم المتحدة.64 وتعزى صيغــة النص على تقرير المصير على وجه الإطلاق والشمول إلى وروده في معاهدات تختص بحقوق الإنسان والتي تتسم بطبيعتها بالاستمرار والديمومة. ولا يعني هذا بأي حال أنّ تقرير المصير ببعده الخارجي ينطبق على مجموعة سكانية في دولة مستقلة لأن ميثاق الأمم المتحدة قد أكد علو السيادة وسلامة أراضي الدولة كما أسلفنا. وسنجادل في هذا الجزء بان حق تقرير المصير الوارد في المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية لا يتضمن حق الانفصال وإنما يسمح لجزء من سكان الدولة المتعددة الأعراق بممارسة تقرير المصير الداخلي فقط الذي يضمن لهم المزيد من السلطات والمشــاركة الديمقراطية لحمــاية ثقــافتهم ومعتقداتهم.
    توضح منــاقشات لجنة حقوق الإنسان للتقارير المقدمة من الدول مدى التزامها بتنفيذ مواد المعاهدات الدولية للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية65 بأن هناك تمييزاً بين البعدين الخارجي والداخلي لتقرير المصير حيث يحق ممارسته من أجل نيل استقلال الشعوب والأراضي الخاضعة للاستعمار الأجنبي، بينما يتقدم بعده الداخلي بمعنى الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى الصدارة في حالة ممارسته بواسطة شعوب الدول ذات السيــادة. فأثنــاء مناقشة اللجنة لتقرير حكومة الهند في سنة 1984م، ذكر مندوبها أنّ حكومته تعتقد أنّ تقرير المصير يطبق فقط على الشعوب الخاضعة للسيطرة الأجنبية ولا يطبق على الدول المستقلة ذات السيادة أو لجزء من الشعب والذي يعتبر جوهر الوحدة الوطنية.66 ولم يوافق مندوبو هولندا وفرنسا وألمانيا على هذا التفسير الضيق. فعارض مندوب هولندا تفسير الهند بقوله: " إنّ تقرير المصير الذي تجسد في المعاهدتين مكفول لكل الشعوب...وأي محاولة للحد من مجال هذا الحق أو وضع شروط غير موجودة في المواثيق سيضعف المفهوم ذاته وصفة شموله.67" ويبدو أن سبب معارضة الدول المذكورة هو تفسير الهند لتقرير المصير من منظور أحادي متجاهلاً بذلك بعده الداخلي الذي يختص بحقوق الإنسان والديمقراطية والتي كانت تلح في المطالبة بها قطـــاعات واسعة من سكان دول المعسكر الاشتراكي مثل تشيكوسلوفاكيا والمجر وبولندة في فترة الثمانينـيـات من القرن الماضي.
    ووصف مندوب جمهورية ألمانيا الفدرالية في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في عام 1978م البعد الداخلي لتقرير المصير بإسهاب عندما قال: " لحق تقرير المصير دلالات أوسع من مجرد اعتباره تحرراً من الحكم الاستعماري والسيطرة الأجنبية. فقد عرفت المادة الأولى من المعاهدات الدولية لسنة 1966م حق تقرير المصير بأنه حق مكفول لكل الشعوب لتقرر أوضاعها السياسية بحرية وتتبع تطورها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بحرية. أما السؤال عن كيف تقرر الشعوب أوضاعها بحرية فقد أجابت عنه المادة (25) للمعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية. حق تقرير المصير غير قابل للانقسام عن حق الفرد في المشاركة في سير الشؤون العامة كما يظهر بوضوح في المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فممارسة تقرير المصير تستلزم العملية الديمقراطية التي لا تنفصل بدورها عن الممارسة الكاملة لحقوق الإنسان مثل حق حرية التفكير...68"
    وينسجم هذا الموقف الأوروبي مع قانون هلسنكي النهائي الذي كفل حق تقرير المصير لكل الشعوب على وجه الإطلاق 69 وذلك لاعتبارات سياسات الحرب الباردة ومنح الأمل لشعوب دول المعسكر الشيوعي لكي تمارسه مستقبلاً ببعده الداخلي لتحقيق الديمقراطية وتأمين حقوق الإنسان السياسية في بلدانهم. ولا يمكن بالطبع أن يكون مقصود الدول الأوروبية من ممارسة شعوب الدول المستقلة لحق تقرير المصير حقهم للانفصال عن دولهم مثلما يطالب حزب العصبة الشمالية الإيطالي بانفصال بادانيا، وهو الاسم الذي أطلقوه على النصف الشمالي الغني لإيطاليا، عن بقية أرجاء الدولة.70 وتجدر الإشارة إلى أن سكان جنوب التيرول في إيطاليا الذين يتحدثون اللغة الألمانية قد تقدموا بشكوى إلى لجنة حقوق الإنسان يشيرون فيها إلى انتهاك إيطاليا لحقهم في تقرير مصيرهم.71 وذكر هرست هانوم إنّ حق تقرير المصير المذكور في قانون هلسنكي الأخير لعام 1975م، كما أشير إليه في اجتمــاعات مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا التي عقدت فيما بعد، لا يبرر بأي حال من الأحوال الانفصال بواسطة أقلية مضطهدة.72 ودعم رأيه بذلك بما ذكره فوسلاف ستانوفيتش " يبدو أنّه من غير الممكن تحقيق حق تقرير المصير بسبب وحدة الأراضي وتأمين الحدود، لذلك فانه لا يتضمن حق الانفصال.73"
    وممــا يؤكد أن البعد الداخلي لتقرير المصير هو المقصود ويكون في موقع الصدارة حين ممارسته بواسطة شعوب الدول المستقلة الاهتمام العالمي بحقوق الإنسان والديمقراطية في العلاقات الدولية منذ أواخر الستينيات من القرن المنصرم. وكما هو معروف فإنّ الرئيس الأمريكي وودور ويلسون قد ركزّ على البعد الديمقراطي لتقرير المصير حين تبشيره بالمبدأ في مؤتمر فرسايل للسلام في عام 1918م. "وكان يعتقد أنّ لكل شعب الحق في اختيار شكل حكومته-وهي فكرة يمكن تسميتها تقرير المصير الداخلي ولكيلا يكون رضا المحكومين ممارسة لمرة واحدة فقط بل حقاً مستمراً، كان لابد أن يكون الشكل المختار للحكومة هو النظــام الديمقراطي.74" وأكدّ المندوب الخاص للجنة الفرعية لمنع التمييز وحمــاية الأقليات أوريليو كريستسكو على أهمية البعد الداخلي لتقرير المصير عندما قال: "يلمح الحق أيضا إلى أن الحكومات تدين بوجودها وسلطاتها إلى رضا الشعب وموافقته، فإرادة الشعب هي الأساس الضروري لسلطة الحكومة. وقد كان هذا في الذهن عندما تمّ تضمين حق تقرير المصير في المواثيق الدولية وليس تشجيع الحركات الانفصالية أو التحريرية الوحدوية أو التدخل الأجنبي والعدوان.75"
    وأوضح بروفيسور توماس فرانك بأن الديمقراطية قد صارت ضرورة لا غنى عنها منذ الربع الأخير للقرن العشرين لكي يكتسب الحكم في أي قطر الشرعية واعتراف المجتمع الدولي.76 وتبعاً لذلك فقد أصبحت الديمقراطية "من متطلبات القانون الدولي، تطبق على الكل وتنفذ بواسطة معايير دولية بمساعدة المنظمات الإقليميــة والدوليـــة.77" كمــا أشار آلان روســاز إلى أهمية قراءة مادة تقرير المصير في سياق أنها جزء من معاهدة تختص بحقوق الإنسان "مما يجعل من الصعب تصور أن تمنح اتفاقية خــاصة بحقوق الإنســان حقــاً لشخص وتقصي في نفس الوقت العلاقة بين المواطنين وحكومتهم."78
    وهنــاك إشارة واضحة في المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية إلى أن حق القانون الدولي لا يسمح بالانفصال لجزء من سكان الدولة ذات السيادة وذلك عندما نصت المادة (27) " بعدم حرمان الأقليات العرقية، الدينية واللغوية من حق التمتع بثقافتهم الخاصة وإقامة شعائرهم الدينية أو استخدام لغتهم مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم.79" ويتضح من هذا النص التمييز بين الشعب أو الأمة في دولة متعددة الأعراق والأقليات أو جزء من سكان الدولة الذين ينتمون إلى مجموعة عرقية معينة. وذكر اسيجورن ايدي أن المادة (15) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص أن لكل شخص الحق لجنسية أو قوميه تعني أن لكل شخص الحق للمواطنة80 والتي يترتب عليها انتسابه إلى الأمة (سوداني أو نيجيري مثلاً) وتمتعه بجواز سفرها لكي يسافر إلى بلدان أخرى . أما الأقليات فهم جزء من سكان الأمة ينتمون إلى مجموعاتهم العرقية التي يشكل مجموعها الأمة. فيمكن للمرء أن يكون سودانياً بحكم حقه في المواطنة " التي تتيح لكل من يعيش داخل الدولة أن يكون جزءاً من الأمة."81 ودنقلاوي في نفس الوقت بالنسبة إلى البجاوي أو الدينكاوي، فمتى ما اختارت المجموعة الإثنية المعيار الإثني كمحدد لهويتها صارت أقلية ولكنها تصبح أغلبية متى ما اتخذت المعيار القومي محدداً لهويتها باعتبارها جزء من الكتلة والكيان الواحد المعروف بالشعب السوداني. فيكون إذن اختيار المجموعة الإثنية لنوع المعيار (إثني أو قومي) هو الذي يجعلها إما أقلية أو أغلبية في نظر الآخرين: فالشايقية أوالمسيرية أو الدينكا يكونون أقلية إذا ما اختاروا المعيار الإثني محدداً لهويتهم، ويتحول وضعهم إلى أغلبية بمجرد اختيارهم للمعيار القومي واعتزازهم بالهوية القومية كمواطنين سودانيين. فلا تناقض أن يكونوا أقلية وأغلبية في نفس الوقت عندما يفضلون المعيار القومي كمحدد لهويتهم وذلك مثل أن يكون الشخص القصير طويلاً في نفس الوقت بالنسبة لمن هو أقصر منه حسب أطروحة هيراقليطس عن تطابق المتضادات.82
    وبمــا أنّ محاولة انفصال أي جزء من سكان الأمة-الدولة تهدد سيادتها ووحدتها الوطنية التي يمنحها القانون الدولي أولوية قصوى لصيانتها، لم تنص المادة (27) الخاصة بالأقليات إلى حق الانفصال ضمن الحقوق التي كفلتها للأقليات العرقية واللغوية والدينية في الدول ذات السيادة.83 وانما نصت بعدم حرمان الاقليات من حق التمتع بثقافتهم الخاصة واقامة شعائرهم الدينية واستخدام لغتهم مع الاعضاء الاخرين من جماعتهم. وذكرت بروفسورة روساليند هيغينز أن المعاهدة الدولية للحقوق المدنية قد أشارت إلى حقين مختلفين: حق تقرير المصير للشعوب وحقوق الأقليات التي كفلتها المادة 27، إذ "لا يمكن للمرء أن يقول أن الأقليات هم شعوب ويتمتعون وفقاً لذلك بحق تقرير المصير ... لأنه لم يتم منح الأقليات حق تقرير المصير وإنما حق التمتع بثقافتهم وديانتهم ولغتهم، ويتبع ذلك أن القانون الدولي لا يمنح حق الانفصال للأقليات باسم حق تقرير المصير.( 84) وطبقاً لذلك فقد رفضت لجنة حقوق الإنسان دعوى زعيم قبيلة الميلماق ضد الحكومة الكندية لحرمانها شعبه من ممارسة حق تقرير المصير ولمطالبته الاعتراف بأمة الميلماق كدولة لأن تقرير المصير لا ينطبق على الأفراد وإنما على الشعوب .( (85 لذلك توضح هذه الحقيقة أحقية الأقليات لتقرير المصير الداخلي الذي لا يتضمن الانفصال وتمزيق وحدة أراضي الأمة-الدولة، وذلك مثل التمتع بالحكم الفيدرالي أو الحكم الذاتي بصلاحيات واسعة تكفل لهم المشاركة الديمقراطية في إقليمهم ومؤسسات الدولة المركزيّة لحماية ثقافتهم ومعتقداتهم من هيمنة ثقافة الأغلبية. وتجدر الإشارة إلى أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد ذكرت في تعليقها العام على المادة الأولى الخاصة بتقرير المصير في المعاهدات الدولية: " إنّ لتقرير المصير أهمية خاصة لأن تحقيقه شرط أساسي لضمان ومراعاة حقوق الإنسان ولترقية وتقوية هذه الحقوق.86" وعلق آلان روساز على هذه الفقرة بقوله: " النظر إلى تقرير المصير الداخلي كجزء من المادة الأولى يزيده قيمة ومكانة بينما يؤدي حصر المادة في تقرير المصير الخارجي...إلى تهديد الجهود التي تهدف إلى تقوية ومراعاة حقوق الإنسان الفردية.87"
    كمــا يؤكد الإعلان الصادر عن الأمم المتحدة في ديسمبر عام 1992م الخاص بحقوق الأقليــات القومية والإثنية والدينية واللغوية بان القانون الدولي قد منحهم حق تقرير المصير الداخلي الذي لا يتضمن الانفصال وتهديد وحدة أراضي الدولة التي يعيشون فيها. ونوهت ديباجة الإعلان إلى أنها قد استلهمت المادة (27) من معاهدة الحقوق المدنية والسياسية وأكدت " أهمية ترقية حقوق الاقليات لتطور المجتمع ككل داخل الإطار الديمقراطي المستند على سيادة حكم القانون88" واعترافهــا بأن حمــاية الاقليات العرقية يساهم في الاستقرار السياسي والاقتصادي للدول التي يعيشون فيها.89 ونصت الفقرة الثــالثة من المــادة الثانية على " حق الأشخاص الذين ينتمون للأقليات في المشاركة بفعالية في القرارات التي تخص الاقليات والمناطق التي يسكنون فيها على المستويين القومي والإقليمي بحيث لا يتعارض مع التشريع القومي.90" كما نصت الفقرة الرابعة من المادة الثامنة بأن الإعلان لا يسمح بأي نشاط يتعارض مع أهداف الأمم المتحدة بما فيها استقلال الدول ووحدة أراضيهـــا.91
    ونسبة للمخاطر والصعوبات العملية التي تترتب على منح السيادة للخمسة آلاف مجموعة عرقية الموجودة في جميع أرجاء العالم فقد جادل جيمس أنايا " بعدم اعتبار أنّ تقرير المصير يعادل الحق لدولة مستقلة...إذ يمكن فهم تقرير المصير بأنه حق تمتع المجموعات الثقافية بالمؤسسات السياسية التي تؤمن بقاءهم وتطورهم تبعاً لخصائصهم المميزة...وسوف تتفاوت المؤسسات ومدى الحكم الذاتي حسب تنوع ظروف كل حالة...واعتقد أنّ صياغة تقرير المصير على هذا الوجه ستؤدي إلى تطور السلام والاستقرار الدولي بما يتلاءم مع المعايير الدولية.92"
    استجـــابت العديد من الدول لمطالب بعض مجموعاتها السكانية لتوسيع مشاركتهم الديمقراطية لإدارة شؤونهم بسلطات واسعة وذلك لاحتواء النزعات العرقية والجهوية التي قد تهدد استقرار الأمة. فتم منحها تقرير المصير الداخلي بتفويضهم صلاحيات واسعة وذلك عبر الأشكال المختلفة للحكم اللامركزي مثل الفدرالية والحكم الإقليمي الذاتي أو ما اسماه هيرست هانوم " السيادة الوظيفية" التي " تحدد للمجموعات التي في وضع أدنى من الدولة داخل أقطارها السلطات اللازمة للسيطرة على الشؤون السياسية والاقتصادية التي لها صلة مباشرة بهم واضعين في أذهانهم الاهتمامات المشروعة لقطاعات أخرى من السكان والدولة ذاتهــا."93 ومن أمثلة ذلك مطــالبة الحزب الاسكوتلندي القومي في المملكة المتحدة بسلطات سياسية أوسع لإقليم اسكوتلنده والاكتفاء الذاتي الاقتصادي بعد اكتشاف البترول في مياهها الإقليمية منذ أوائل السبعينيات في القرن الماضي. واستجابت حكومة العمال البريطانية بمنحهم حق الاستفتاء على مطالبهم في سبتمبر 1997م حيث صوت أغلبية سكان سكوتلنده لصالح تأسيس المجلس التشريعي الخاص بهم. وتمّ عقد انتخابات المجلس في مايو 1999م ليعقد البرلمان الإسكتلندي أول اجتماعاته في يوليو1999م94. كما قامت أسبانيا وكندا بتوزيع سلطات لامركزية إلى سكان إقليم الباسك في الأولى وسكان كويبك في الأخيرة بعد ازدياد نزعاتهم الانفصالية وذلك للحفاظ على وحدة أراضي بلدانهم.95
    وهكذا نلاحظ أنّ مفهوم تقرير المصير قد دخل مرحلة جديدة في تطوره بعد نهــاية الحقبة الاستعمارية وازدياد اهتمـــام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان منذ فترة السبعينيــات في القرن الماضي. فبعد استنــاده على المبدأ الإثني القومي وحصره على الشعوب الأوروبية بعد تسوية السلام في فرسايل، واقتصاره على الأراضي التي تخضع شعوبها للسيطرة الاستعمارية في فترة ما بعد الحرب العــالمية الثانية، "أصبح تقرير المصير حقاً مكفولاً لكل شخص. كمــا كفّ عن أن يكون مبدأ إقصاء وانفصال ليصبح مبدأ شمول وضمّ: حق المشاركة. ويكفل الحق الآن للشعوب في كل الدول المشاركة الحرة والعادلة والمفتوحة في العملية الديمقراطية للحكم الذي تختاره كل دولة بحرية."96 كمـــا قال بروفيسور هيرست هانوم في هذا الصدد " نتيجة للتوسع الذي طرأ على معايير حقوق الإنسان لتشمل المشاركة السياسية وحماية الهوية (في إطار أكبر للحماية المستمرة لأعضاء الأقلية والأغلبية)، يمكن ممــارسة تقرير المصير بمعنى أفضل خلال خيارات أخرى غير الانفصــال."97
    وصار تقرير المصير الداخلي من المعايير الدولية المعمول بها كما يتضح في القرار (130) الذي أصدرته الأمم المتحدة في عام 1992م لاستئصال نظام الابارتيد أو التمييز العنصري في جنوب أفريقيا وذلك بتأسيس نظام ديمقراطي يمنح حق التصويت لكل البالغين حتى يتمكن الأغلبية السود من حكم بلادهم.98وتحقق هذا الهدف بعد الانتخابات التي جرت في 27 أبريل 1994م والتي شارك فيها كل مواطني جنوب أفريقيا بغض النظر عن لونهم لتؤول بعدها مقاليد الحكم للأغلبية السود.99
    وينعكس تحول تقرير المصير من بعده الخارجي إلى بعده الداخلي الديمقراطي بعد الحقبة الاستعمارية في اتفاقية كمبوديا للسلام عندما كشف أطراف النزاع "عن رغبتهم لضمان ممارسة الشعب الكمبودي لحق تقرير المصير بواسطة انتخابات حرة نزيهه.100" ويعتقد معظم أساطين القانون الدولي مثل هيرست هانوم واسيجورن ايدي وتوماس فرانك وجريجوري فوكس على سبيل المثال لا الحصر أن البعد الداخلي لمبدأ تقرير مصير الذات هي أنسب صيغة لروح عصر العولمة وحقوق الإنسان.101
    تقود المقدمات التي استند عليها نقاشنا السابق إلى نتيجة لا مفر منها وهى أن القانون الدولي لا يسمح لسكان جنوب السودان باستغلال مبدأ حق تقرير مصير الذات كستار للانفصال عن الدولة الأم وتهديد وحدتها الوطنية وسلامة أراضيها بحدودها الموروثة من الاستعمار. ونختم هذا الفصل بإيراد حجتين أساسيتين لدعم هذه الأطروحة.
    الحجة الأولى: لا ينطبق مفهوم الشعوب الوراد في مبدأ حق تقرير مصير الذات على سكان جنوب السودان حيث لا تجمع بينهم لغة مشتركة أو ثقافة متجانسة أو دين واحد. كما لا يوجد تجانس بينهم في الملامح العنصرية حيث يتميز الدينكا بطول القامة ولون البشرة الأسود الفاحم بينما تتميز مجموعات إثنية أخرى في الإقليم الجنوبي بقصر القامة الشديد أو لون البشرة الأسمر. وينطبق نفس الأمر على سكان أي إقليم جغرافي في السودان إذا ما عزلوا أنفسهم عن مجموع الشعب السوداني. فلا يصح مثلاً وصف سكان غرب السودان بأنهم شعوب (بالمعنى الوارد في مبدأ تقرير المصير) حيث لا توجد لغة واحدة أو ثقافة متجانسة أو دين واحد تجمع بين المجموعات الإثنية التي تسكنه.
    وينطبق وصف الشعوب المذكور في مبدأ حق تقرير مصير الذات في واقع الأمر على كل المجموعات الإثنية التي تسكن السودان بحدوده الإقليمية المعروفة عند خروج الاستعمار الإنجليزي في أول يناير 1956م بسبب التاريخ المشترك التي يجمع بينها منذ عصر ترهاقا وبعانخي وعصر النوبة المسيحية والسلطنة الزرقاء الإسلامية. كما يشتركون في الدم الأفريقي ولون البشرة الأسود الذي يتدرج من الأسود الفاحم إلى الأسمر الفاتح حيث يشتق اسم القطر من اللون الأسود (السودان). هذا إلى جانب اشتراكهم في نمط حياة اقتصادية تعتمد على الزراعة والرعي وسكنهم في إقليم جغرافي منذ أقدم العصور وهو السودان بحدوده الإقليمية المعروفة. ولا يمنع تعدد اللغات وتنوع الثقافات والأديان في السودان من انسجام مفهوم الشعوب مع كل المجموعات الإثنية التي تعيش فيه لأن هذا هو الحال في كل دول العالم.
    ومما يثبت هذه الأطروحة الرأي السائد لتفسير طبيعة الذات التي يتضمنها حق تقرير مصير الذات102 بعد نهاية الحقبة الاستعمارية والذي يعتبر أنّ كل أراضي الدولة هي الذات أو تطابق الذات مع الدولة بأراضيها الإقليمية.103 وبمعنى آخر فإن الذات لا تشير إلى مجموعات إثنية محددة تعتمد على اعتبارات ذاتية لحصر صفة الذات عليها وحدها دون بقية المجموعات الإثنية التي يشكل مجموعها الأمة أو شعب الدولة " خاصة أن إسباغ المذهب القانوني لتقرير المصير هذا الحق على الشعوب يقصي بالضرورة أي مفهوم ذاتي للذات المشار إليها في المبدأ.104"ما يدعم مبدأ الحفاظ على الحدود الموروثة من الاستعمارUti Possidetis Juris هذا التفسير وذلك بحصره مطالب المجموعات الإثنية في إطار الحدود الإدارية الداخلية للدولة الأم كما كانت في اللحظة التي خرج فيها الاستعمار وتحقق الاستقلال.105
    الحجة الثانية: لا يسمح القانون الدولي لسكان جنوب السودان بممارسة حق تقرير المصير الخارجي لأن الأمم المتحدة لا تعترف بالحركات السياسية العسكرية التي تحارب باسمهم كالممثل الشرعي للمجموعات الإثنية التي تسكن الإقليم الجنوبي وسبب ذلك أن القانون الدولي يعترف بأن دولة السودان هي الممثل الشرعي لكل الأقوام الذين يسكنون في حدودها الدولية المعروفة والذين يتمتعون بحق المواطنة والجنسية السودانية وحرية التنقل والاستقرار في أي جهة من جهات السودان الجغرافية. ولم تعترف الأمم المتحدة بأي جهة أخرى غير الشخصية الاعتبارية لدولة السودان كممثل شرعي لسكان جنوب السودان لأن هذا الاعتراف لا يمنح للحركات الوطنية المسلحة إلا في فترة نضالها ضد الاستعمار لتحقيق استقلالها حسبما يقتضيه القانون الدولي وذلك قبل إنجاز هذا الهدف بفترة أو النضال ضد حكم الأقلية العنصري لتحقيق حكم الأغلبية عبر حق تقرير المصير الداخلي الديمقراطي.
    ولهذا نجد أن الأمم المتحدة قد اعترفت بswapo أو الحركة الوطنية لتحرير ناميبيا كممثل شرعي للشعب الناميبي قبل أن تنال ناميبيا استقلالها بفترة وذلك لأهلية شعب ناميبيا لحق تقرير مصير الذات الخارجي بسبب استعمار دولة جنوب أفريقيا لبلادهم.106 كما اعترفت الأمم المتحدة بالمؤتمر الوطني الإفريقي كممثل شرعي لشعب جنوب أفريقيا قبل ممارستهم حق تقرير المصير الداخلي الذي يسمح بحق التصويت لكل البالغين مما يؤدي إلى حكم الأغلبية السود لدولة جنوب أفريقيا.107 وخصصت منظمة الوحدة الأفريقية مقعداً في مؤسستها لحركة تحرير شعب الصحراء الغربية، البوليساريو، في نوفمبر 1985م اعترافاً بها كممثل شرعي لشعبها الذي كانت تستعمره أسبانيا وحاولت المغرب وموريتانيا حرمانهم من ممارسة حق تقرير مصير الذات الخارجي لكي ينالوا استقلالهم بعد خروج الاستعمار.108
    وعلى ضوء النتائج التي توصل إليها نقاشنا لمبدأ تقرير المصير، يصبح من الضروري تبني حق تقرير المصير الداخلي الديمقراطي- لأن القانون الدولي لا يعترف في الوقت الراهن بالانفصال كحق -109 ليمارسه كل المواطنين السودانيين دون تمييز بعد إنجاز اتفاقية السلام. وسيكفل لهم هذا الحق المشاركة في النظام الديمقراطي أثناء الفترة الانتقالية لكي يتمكنوا من إعادة صياغة الوضع الدستوري للوطن بطريقة تمنح المزيد من الصلاحيات اللامركزية لحكومات الأقاليم وتوزيع الثروة القومية بعدل حتى لا يشعر المواطنون الذين يعيشون في الأطراف بالتهميش والظلم الذي أدى إلى ظهور النزعات الانفصالية التي استغلت المذهب القانوني لتقرير المصير لتهديد سيادة السودان ووحدة أراضيه.




    الهوامش


    1- Treaty of St. Germain-en-Laye, Sep.10, 1919. Allied Powers-Aus.226. Consol.T.S.B

    2-Sarah Wambaugh, Plebiscites Since the World War, 1933



    3- Thomas Frank, “Postmodern Tribalism and the right to Secession” in eds.;C .Brolmann, R .Lefeber, M .Zeik Peoples and Minorities in the International Law(The Netherland,1993)p.6

    4- A.J.P.Taylor, The origin of the Second World War (London,1970)

    5- G.A. Res. 1514,UN.GAOR, 15TH Sess., Supp. No.16, at 66,67, UN. Doc. A/L.323 AND add.1-6(1960)

    6- O.Umozurike, Self-determination in the International law(London,1972)p.29

    7- رغم أن التعديل الأول للدستور الأمريكي يمنع الكونجرس بصورة مطلقة من إصدار قوانين تحد من حرية الكلام إلا أن العرف السائد في المحاكم : يمنع الخطب الفاحشة والبذيئة في الأماكن العامة والكتابة التي تحرض على الكراهية العنصرية. انظر كتاب ستانلي فيش S.Fish There is No such thing As Free Speech (1994) فيما يختص بمطالبة الأفارقة الأمريكان الذين ينتمون لأمـــة الإسلام بدولـة مستقلـة عن الولايـات المتحدة الأمريكيــة انظر إلى
    James Baldwin, the Fire Next Time, Vintage Edition (1993) P.48,66
    كما طـالبت الحركة القومية لتأسيس الولاية التاسعة والاربعين بتأسيس ولاية للزنوج الأمريكــان في عام 1935م. انظر
    E.Essien-Udom, Black Nationalism (1971) P. 50












    8- Thomas Franck, Postmodern Tribalism….p.29

    9- تنص المادة السادسة من القرار على الآتي: " لا تتفق أي محاولة للتفكيك الجزئي أو الكلي للوحدة الوطنية وتماسك أراضي أي قطر مع أهداف ومباديء ميثاق الأمم المتحدة." G.A.Res.1514.




    10-Charter of the UN. Article 2.Para.48

    11-UN 6014 Doc.A/8028 (1966)

    12 G.A.RES.2625, U.N.GAOR, 25TH Sess., Supp. No. 28 at 121, U.N.Doc.A/8028 (1970)

    13 B.Heuser, Sovereignty, Self-Determination and security: New World Orders in The Twentieth Century” in Ed-S-Hashmi, State Sovereignty (1997) P.88


    14 K.Shehadi, “Clash of Principles: Self-Determination, State Sovereignty and Ethnic Conflict” P. 183. In ed.S.Hashimi, state Sovereignty (1997).
    كما ذكر جيري سمبسون بــأنه قد " تمّ إخضاع مبدأ تقرير المصير بوضوح إلى منع استخدام القوة وإلى حق وحدة الأراضـي ( المادة 2: 4 من الميثاق) وإلى الالتزام العام بضمان السلام والأمن (الفصل السابع مثلاً) والتي تعتبر كلها القوانين التأسيسية للنظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية"
    Gerry J.Simpson, the Diffusion of Sovereignty: Self-Determination in the post Colonial Age, 32
    Stanford Journal of International Law, 1996; P.266.

    15 John Humphrey, Human Rights and the United Nation: A Great Adventure (1984) P.129

    61 Lee C.Buchheit, Secession: The Legitimacy of Self-Determination 1978, P.144.
    17 نفس المصدر، صفحة 145

    - UN Doc.S/Res./169; 1961.18

    19 M.Nayar, Self-Determination Beyond the Colonial Context: Biafra in Retrospect 10 Texas International Law Journal, 330 (1975)

    20 نفس المصدر

    21 U.N. Monthly Chronicle, Vol.7. Feb. 1970, P.40

    22 نفس المصدر، صفحة 39. وصف المؤرخ أر نولد توينبي مفهوم تقرير المصير في مقال له عن الموضوع نشره في عام 1925م " تقرير المصير هو مجرد عرض للمشكلة وليس حلاً لها." مشار إليها في مقالة جيري سيمبسون. هامش 12، صفحة 261

    23- For the Republic of North Cyprus , UN Doc.S/Res.-335, 1974.s/Res.367,1975, S/Res.541, 1983 and S/Res./550 of 1984. For Commerian Island of Moyotte from Comoro Archipelago,UN. Doc.A/Res.46/97.

    24 479 UNTS. 39,70 (1963)

    25 المعنى الحرفي لهذا المصطلح اللاتيني هو حيازة الملكية بحق قانوني. ذكر ويليام زارتمان أن الدول الأفريقية قد ولدت تحت ظل هذا المذهب الذي يعترف بشرعية الحدود الموروثة من الاستعمار دون أي نقاش. 1. William Zartman Ripe for Resolution, 1985, P.14 استخدم هذا المذهب لأول مرة بواسطة دول أمريكــا اللاتينية التي نالت استقلالها من الاستعمار الأسباني في القرن التاسع عشر التي اتفقت على عدم إحداث تغيير على الحدود الموروثة من الاستعمار الأسباني. انظر مقالة كمال شهادي في هامش 12، صفحة 137.

    26 I-Brownie, Basic Document in African Affairs, 1971.

    27 L.Buchheit. المصدر المشار إليه في هامش 14، صفحة 108

    28 اشار إليهــا M.Nayar، المصدر السابق هامش 16

    29 نفس المصدر صفحة 329

    30 Issa G.Shivji, the Concept of Human Rights in Africa, 1989. P.77
    كما ذكر برفوسور هرست هانوم أن لدى الدول الأفريقية إحساساً عميقاً بأن مبدأ سلامة الأراضي والوحدة الوطنية يفوق في أهميته وضرورته مبدأ حق تقرير المصير، انظر كتـــابه:
    H.Hannum, Autonomy, Sovereignty and Self-Determination: the Accommodation of conflicting Rights, 1990, P.46-47.

    31 Issa G.Shivji, the Concept of Human Rights in Africa, 1989. P.77

    32 تنص المادة الرابعة من دستور أنجولا "ستكون جمهورية أنجولا الشعبية دولة موحدة غير قابلة للتقسيم تعرف حدودها التي لن تخضع للتغيير بالحدود الجغرافية الحالية لأنجولا، وستتم مقاومة أي محاولة انفصالية أو تفكيك أراضيها بحسم وشدة." انظر أيضاً المادة (2) من دستور السنغال. المادة (4) من دستور غابون. المادة (3) من دستور مصر. المادة 2 من دستور مالي. المادة (1) من دستور جيبوتي. انظر Constitutions of the Countries of the World, eds. A-Blaustein & G.Flanz.
    33 Helsinki Final Act, principles 3, 4, 7 in ed. E.Osmanczyk, Encyclopedia of the United Nations and International Relations 1970, pp.370-72 " تمّ الاتفاق في قانون هلسنكي الأخير على مواءمة مبدأ تقرير المصير مع الأمن والسلام الدولي والحد من الطرق القانونية التي يسمح فيها بممارسته بدون التقليل من شرعيته كمعيار قانوني حاسم في العلاقـــات الدولية " كمال شهادي، المصدر المشار إليه في هامش 12، صفحة 141.
    34 Hurst Hannum, Rethinking Self-Determination, 34 Virginia Journal of International Law, 1993, P .29.
    35 نفس المصدر صفحة 49.

    36 Craig Baxter, Bangladesh: A New Nation in an old Setting, 1984, P.97انظر أيضاً إلــى: Ved P. Nanda, Self- Determination in international Law: A Tragic Tale of two Cities, 66 American Journal of International Law (1972)

    37 Asbjorn Eide, In Search of Constructive Alternatives to Secession, in ed., C.Tomuschat, The Modern Law of Self-Determination, 153-154 (1993)
    38 Gregory H.Fox, Self Determination in the Post Cold War Era, 16 Michigan Journal of International Law, 744-745 (1995).
    39 بعد وفاة الرئيس اليوجوسلافي تيتو في عام 1980م، صارت رئاسة النظام الرئاسي الفدرالي دورية حيث يتولى الرئاسة كل عام أحد أعضاء المجلس التسعة الذين يمثلون أقاليم الجمهورية.
    J.Eller, From Culture to Etnicity to conflict (2002) p.285
    40 نفس المصدر، صفحة 288.
    41 " اعتلى سلوبودان ميلوسوفيتش منصة الخطابة في الاحتفالات التي عقدت فى 28 يونيو 1989م بمناسبة مرور 60 سنة على معركة كوسوفو تحيط به راقصات الفولكلور في أزيائهم التقليدية وبدأ فى توجيه رسالة تحريضية إلى الجماهير فى خطبته مفادها أن الإسلام لن ينجح مرة أخرى في إخضاع صربيا لنفوذه" نفس المصدر. صفحة 289.
    42 نفس المصدر
    43 المصدر السابق فى هامش 34.
    44 Conference on Yugoslavia Arbitration Commission, opinion No.2, Jan 11,1992 Reprinted in I.L.M; 1498-1499

    45 H. Hannun, Rethinking Self-Determination, p.51
    46 نفس المصدر صفحة 53.
    47 إبراهيم علي إبراهيم، الحرب الأهلية وفرص السلام في السودان صفحة 201( القاهرة 2002)
    48 Asbjorn Eide المصدر المشـــار إليه في هامش 12، صفحة 259. A.Eide هـــامش 33 صفحة 144. also: Jonathan Chaney, Self-Determination: Chechnya, Kosovo, East Timor See

    49 انظر النص أعلاه لهــامش 3
    50 Gerry Simpson المصدر المشار إليه في هامش 12، صفحة 259. A.Eide هامش 33 صفحة 144.
    See also Jonathan Chaney, self-determination: Chechnya, Kosovo, East Timor, in http:/ law-Vanderbit. Edu/Journal/Vol.342/Charney-html.
    51 طرح هذا السؤال لورد كــارينجتون رئيس المؤتمر الخاص بيوغوسلافيا في الخطاب الذي أرسله إلى اللجنة في 20 نوفمبر 1991م. A. Eide المصدر السابق صفحة 154

    52 Conference on Yugoslavia Arbitration Commission, opinion no.2, Jan.11, 1992.
    Reprinted in I-L-M, 1498-1499.

    53 Ruth Iyob, the Eritrean Struggle for Independence, 1997, P.82.
    54 نفس المصدر صفحة 85.
    55 نفس المصدر صفحة 94.
    56 قدم بيركيت سيلاسي حجه شبيهة بهذا. انظر
    B. Selasi, Eritréa and the United nation and other Essays, 1989, PP. 73-97
    كما ذكر جريجوري فوكس " أن الحكومة التي وافقت على انفصال أريتريا لم تكن هي نفس الحكومة التي عارضت القومية الإريترية أثناء فترة الحرب الأهلية التي استمرت ثلاثين عاماً، بل أن للحكومة الجديدة روابط قوية مع المجموعة الانفصالية وكان أول قراراتها إصدار ميثاق قومي يوافق على منح حق تقرير المصير للشعب الإريتري "
    G.Fox, Self Determination in the Post Cold War Era: A New Focus? 16 Michigan Journal of International Law, (1995) Footnote 38.
    " يمكن للصراع الإثني أن ينتهي بهزيمة الحكومــة المركزية وزوال سيادتها ليحل محلها نظام جديد مثلما حدث في أثيوبيــا عند ظهور أريتريا في عام 1991م." كمال شهادي، المصدر السابق في هامش 12 صفحة 132.
    57 K.Blay, Self-Determination Versus Territorial Integrity, Indian Journal of International Law, 1985, P.401

    58 International Justice Court. Reports, 1975. P.12
    59 K-Blay المصدر السابق، 395
    60 S.C.Res. 1272, U.N. Scor, 54th Sess., 4057th Meeting, U.N. Doc. S/RES 1272 (1999)
    61 U.N. Doc. SG/SM/7119 SC/6722 (Sept.3, 1999)
    62 International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights, adopted Dec. 16, 1966, 993 U.N.T.S.3; International Covenant on Civil and Political Rights, adopted Dec.19, 1966, U.S.T. 999 U.N.T.S.171.
    63 نفس المصدر
    64 نفس المصدر
    65 تلزم المادة 40 من المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية الدول الموقعة عليها بتقديم تقارير دورية إلى لجنة حقوق الإنسان . نفس المصدر في المادة (40) من المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية.
    66 Centre for Human Rights, Human Rights-Status of International Instruments 9 (1987), U.N. Sales no. E.87. XIV.2.
    67 نفس المصدر، 19.

    68 Alan Rosas, Internal Self-Determination, in e.d.C-Tomuschat, the ModernLaw of Self-Determination, p.239 (1993)
    69 Principle 8 of the Conference on Security and Cooperation in Europe:
    Final Act, August 1, 1975, 14 I.L.M. 1292

    70 M.Hechtener, Containing Nationalism, 2001; P. 119

    71 Communication NO.413/1990, A-B. V-Italy, Report of the Human Rights Committee, U.N. GAOR, 46th Sess., Supp. No. 40, at 320, UN.Doc.A/46/40 (1990) (decision on admissibility of Nov.2, 1990)

    72 Hurst Hannum المصدر الســابق في هامش 30، صفحة 29.
    73 V.Stanovcic, Legal Safeguards for Political Human Rights, 156, 167. In ed. S.Wells, the Helsinki process and the Future of Europe, 1990.
    74 M. Pomerance, Self-determination in Law and Practice (1982) P. 30
    75 A.Cristescu, the Right of Self-Determination: Historical and Current Development on the Basis of the United Nations Instruments, U.N.Doc. E/ CN4/Sub.2/404/Rev.1, 1981. p.11. par. 685.

    76 Thomas Franck, the Emerging Right of Democratic Governance, 86 American Journal of International Law, 1992
    77 نفس المصدر صفحـــة 47
    78 Alan Rosas المصدر الســابق في هامش 64، صفحة 243.
    79 المادة 27 من المعـــاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية. المصدر السابق في هامش 58
    80 Asbjorn Eide المصدر السابق في هامش 33، صفحة 140.
    81 نفس المصدر، صفحة 143
    82 يرى هيراقليطس أن خضوع الأشياء للتغيير يجعلها تتخلى عن صفة لتكتسب الصفة المضادة لها. فالماء البارد يتخلى عن الدفء ليكتسب صفته المضادة أي البرودة. ويمكن أن نقيس على ذلك تخلي البجا عن صفة الأقلية ليكتسبوا صفتها المضادة أي الأغلبية إذا ما نظر اليهم كسودانيين. ومن الأمثلة الأخرى لفكرة تطابق المضادات حالة اليقظة وحالة النوم، الشباب والهرم والممر فى الجبل الذى يقود إلى أعلى هو نفس الممر الذى يقود إلى أسفل.
    K.Popper, The Open Society and Its Enemies, 1 (Princeton, 1966) pp.16-17

    83-International Covenant of Economic, Social and Cultural Rights ,adopted Decem.16, 1966 ,933. UNT 53, International Covenant on Civil and Political Rights, adopted Dec.19,1966. Article 27



    84-Rosalind Higgins, “Comment on Postmodern Tribalism “in eds., C.Brolmann, R.Lefeber, M.Zeik, Peoples and Minorities in the International Law(The Netherland,1993)pp.32-33

    85-HRC, Communication No.78/1980,UN Doc. A/39/40, P.200.Quoted in T.Franck, op.cit.p.17

    86 Alan Rosas, Internal Self-Determination; in ed.C.Tomuschat, The Modern Law of Self-Determination, 247 (1993)
    87 نفس المصدر
    88 Declaration on the Rights of Persons Belonging to National or Ethnic, Religious and Linguistic Minorities. G.A.Res/47/135

    89 نفس المصدر
    90 نفس المصدر
    91 نفس المصدر
    92 S.James Anaya, the Capacity of International Law to Advance Ethnic or Nationality Rights Claims , 75 Iowa Law Review, 842 (1990)
    93 H.Hannum ، المصدر السابق هامش 30 صفحة 66
    94 http. Encarta. msn-com.
    95 Philip Resnick, toward a Canada-Quebec Union (1991) Montreal. And http.Encarta.msn.com
    96 Thomas Frank المصدر السابق في هامش 72 صفحات 58، 59
    97 H.Hannum ، المصدر السابق هامش 30 صفحة 66
    98 G.A.Res.130, U.N. GAOR, 3RD Comm., 47th Sess., at U.N.Doc. A/RES/47/130 (1992)
    99 South African Vote is First in Twenty Years, N.Y.Times, July 30, 1994 at A6
    100 Final Act of the Paris Conference on Cambodia, U.N.Scor, 46th Sess. Annex, U.N.Doc. A/46/608 & 5/23177; Reprinted in 31 I.L.M. 180,181.
    101 جادل هرست هانوم بضرورة النظر إلى مبدأ تقرير المصير كوسيلة لغاية غير الانفصال " وهذه الغاية هي النظام الديمقراطي للمشاركة السياسية والاقتصادية حيث توفر الحماية لحقوق الأفراد وهوية الأقليات. إذ يجب أن يعني تقرير المصير ممارسة السيادة الوظيفية وليس تأسيس دولة جديدة أو الاستقلال من الدولة الأم." انظر هرست هانوم المصدر السابق في هامش 30 صفحة 66. اسجبورن المصدر السابق في هامش 33. توماس فرانك، المصدر السابق في هامش 72. جريجوري فوكس، المصدر المذكور في هامش 98.
    102 يفترض أن تكون الترجمة الكاملة للمبدأ هي حق تقرير مصير الذات حيث يتم إسقاط كلمة "ذات" في كل الترجمات العربية.
    103 Gregory H.Fox, Self-Determination in the Post Cold War Era: A New Internal Focus? 16 Michigan Journal of International Law, 752 (1995).
    ويعتقد اسيجورن ايدي بضرورة " أن يكون المستفيد من حق تقرير المصير كل الشعب (كل مجموعاته الإثنية) الذي يسكن في إقليم جغرافي معين وليس لمجموعة إثنية واحدة تسكن فيه حتى ولو كانت هي الأغلبية." اسيجورن ايدي، المصدر السابق في هامش 33 صفحة 147.
    104 جريجوري فوكس المصدر السابق في هامش 98 صفحة 737.
    105 نفس المصدر، صفحة 747.
    106 G.A.Res.146.U.N. GAOR, 29TH Sess; Supp, No. 39 at 130, U.N. Doc. A/31/39 (1976)
    107 G.A.Res. 6 (1).U.N. GAOR, 31ST. Sess; Supp, No. 39 at 10, 14, U.N. Doc. A/31/39 (1976)
    108 David Seddon, Morocco at War, in eds-Richard Lawless & Laila Monahan War and Refugees: The Western Sahara Conflict, (1987). 987,111
    109 هيرست هـــانوم، المصدر الســـابق في هامش 30 صفحة 42.





                  

11-16-2009, 12:38 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين (Re: adil amin)

    الفصل السادس

    تقرير خبراء مفوضية حدود أبيي

    "يجب علينا الالتزام بحدود 1956 التي وقعها والدي بحضوري..نحن هنا لاندري بحدود 1905 ولكن ما نعرفه هو حدود 1956 عندما كنا نخضع لصلاحيات كردفان..ربما يدري الذين أثاروا مسألةحدود 1905 أين تقع هذه الحدود، اما نحن فلا علم لنا بوجودها."
    الناظر آدم دينغ: افادة امام لجنة خبراء مفوضية حدود أبيي. Abyei Boundaries Commission Report, July 2005.p.147



    تم إجراء تعديل على بروتوكول أبيي في ملحق التفاهم حول مفوضية أبيي في 17/12/2004 نص على تشكيل مفوضية حدود أبيي وترشيح خمسة خبراء يقوم أحدهم برئاسة المفوضية. ونصت المادة الخامسة من الملحق على تقديم المفوضية لتقريرها النهائي قبل نهاية الفترة الانتقالية والذي سيكون نهائياً وملزماً لطرفي النزاع (1) ويبدو أن استفحال أزمة دارفور في فترة المفاوضات ورغبة الحكومة في تقدم المفاوضات واحراز السلام قد دفعتها إلى الموافقة على بروتوكول أبيي رغم تناقضه مع بروتوكول مشاكوس والقانون الدولي ومواثيق الاتحاد الأفريقي وتهديده لوحدة أراضي شمال السودان بمنحه حق الاستفتاء لسكان منطقة أبيي.

    كما يبدو أن الحكومة لم تعط أهمية للنص الوارد في الملحق الذي يجعل تقرير الخبراء نهائياً وملزماً للطرفين لثقتها بأن وضع دينكا نقوك كأقلية وسط أغلبية المجموعات الأثنية الشمالية المستقرة في محليات المجلد والميرم وأبيي التي تؤلف في مجموعها محافظة أبيي ستحسم نتيجة الاستفتاء لصالح بقاء المنطقة المتنازع عليها في جنوب كردفان من أجل صيانة وحدة اراضي السودان.
    بدأت لجنةالخبراء اعمالها في نيروبي في 10 ابريل 2005 بالاجتماع مع ممثلي الحكومة
    والحركة الشعبية للاستماع الي ارائهم حول مشكلة ابيي.وسافر اعضائها بعد ذلك الي السودان للاستماع الي افادات المسيرية ودينكا نقوك ثم مقارنة افاداتهم مع الوثائق المتعلقة بالموضوع بعد مراجعتها في الخرطوم ولندن ودرهام. وتم تقديم التقرير النهائي الي الرئاسة في 14 يوليو 2005
    اختارت اللجنة بعض دعاوي ومواقف اطراف النزاع حول المشكلة لتحليلها وتقويمها بهدف الوصول الي النتائج التي يستند عليها قرارها النهائي. وحرصت منذ البدايةعلي تاكيد صحة المسلمة والمقدمة التي انطلقت منها نتائج التقرير وهي تعريف البروتوكول لمنطقة ابيي بانها المنطقة التي حولت في عام 1905 من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان. وفي اثناء تقويم التقريرلدعوي الحكومة "بأن قرار عام 1905 القاضي بتحويل وادارة منطقة دينكا نقوك من بحر الغزال الي كردفان المقصود به هو المنطقة الواقعة جنوب بحر العرب حيث ان دينكا نقوك لم يسكنوا شمال بحر العرب الا بعد عام 1905 "2 ،تم تركيز كل النقاش علي استقرار دينكا نقوك في شمال بحر العرب في منطقة ابيي الحالية وتجاهل استقرار الاغلبية العظمي لمشيخات دينكا نقوك قبل عام 1905 في جنوب بحر العرب في منطقة ميثانق ديل حيث يوجد المقر التقليدي والمدافن الرسمية لزعمائهم. وحاول التقرير تفنيد دعوي الحكومة واثبات ان كل اعضاء مشيخات دينكا نقوك قد استقروا في شمال بحر العرب بتقديم حجة مفادها ان الوثائق التي اعتمدت عليها الحكومة لاثبات ان دينكا نقوك كانوا يعيشون في جنوب بحر العرب قبل عام 1905 تعاني من خطأ اساسي يتمثل في الافتراض الخاطئ للمسئولين الانجليز بأن الرقبة الزرقاء(التي تقع شمال بحر العرب او نهر كير) هي بحر العرب الاصلي حسبما اشاروا في تقاريرهم الرسمية.
    و من أمثلة ذلك وصف ج.اوكونيل حاكم كردفان في عام 1905 قرية حسوبة (التي تقع علي الرقبة الزرقاء) بأنها تقع علي بحر العرب. 3 ويبدو ان عدم اشارته لوقوع حسوبة علي الرقبة الزرقاء قد كان بسبب اعتقاده ان الرقبة الزرقاء وبحر العرب متطابقين (وليس جهله بالفرق بينهما والاسم الآخر لبحر العرب) بحسبان ان الرقبة الزرقاء هي احد فروع بحر العرب وما يتفرع من الاصل هو في التحليل النهائي الاصل ذاته وان اختلفت الاسماء وذلك مثل ان يقال ان بحر الغزال أو بحر الجبل أو نهر السوباط هي النيل الابيض أو أن نهر عطبرة هو نهر النيل في المقام الاخير. ولا شك أن الانجليز قد كانوا علي علم بأن رقبة الشيبة،رقبة أم بيرو والرقبة الزرقاء هي روافد لبحر العرب (نهر كير)، واعتبروا الرقبة الزرقاء بحر العرب ذاته بينما لم يطلقوا علي رقبة الشيبة ورقبة أم بيرو اسم بحر العرب لكيلا يختلط الأمر علي القارئ لتقاريرهم. ويبدو أن المسئولين الانجليز قد آثروا الاحتفاظ بالاسمين المختلفين لنفس النهر واطلاق احدهما (بحرالعرب) علي الرقبة الزرقاء والآخر (نهر كير)علي الأصل.فاعتقدوا أنه من الأفضل القول: يقع موطن دينكا نقوك حيث يعيش السلطان اروب علي مسافة 50 ميل جنوب بحر العرب (الرقبة الزرقاء) علي نهر كير –الاسم الآخر لبحر العرب )4 بدلا من القول :يقع موطن دينكا نقوك حيث يعيش السلطان اروب علي مسافة 50 ميل جنوب بحر العرب (الرقبة الزرقاء)علي بحر العرب لتجنب تكرار اسم بحر العرب مرتين . وبمعني آخر التمييز بين الأصل والفرع باطلاق اسم بحر العرب علي الفرع (الرقبة الزرقاء) واسم نهر كير علي الأصل (بحر العرب).

    لذلك اعتقد الخبراء(حسب تفسيرهم) أن خلط المسئولين الانجليز بين الرقبة الزرقاء وبحر العرب قد أدي الى نشوء الانطباع الخاطئ لدي القارئ لتقاريرهم بان دينكا نقوك يعيشون في جنوب بحر العرب الاصلي او نهر كير بينما يشير واقع الامر الي استقرارهم في جنوب الرقبة الزرقاء وشمال بحر العرب. واستنتج تقرير لجنة الخبراء من ذلك ان منطقة ابيي الحالية هي المنطقة التي نص قرار 1905 علي تحويلها من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان مما يعني انها كانت في اطار الحدود الجغرافية لمديرية بحر الغزال التي كانت حدودها حسب اعتقادهم الخاطئ تمتد الي شمال بحر العرب او نهر كير قبل عام 1905 .ويعزي اعتراف الحكومة بتعريف بروتوكول ابيي للمنطقة المتنازع عليها بانها المنطقة التي حولت من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان الي اعتقادها بان الوثائق والخرائط ستؤكد حقيقة استقرار دينكا نقوك في جنوب بحر العرب في تلك الفترة الامر الذي سيحصر الاستفتاء المرتقب علي مناطق جنوب بحر العرب التي استقر فيها دينكا نقوك قبل عام 1905 حيث لن تتأثر الاراضي الاقليمية لشمال السودان اذا ما صوتوا لصالح الانضمام الي جنوب السودان.5
    وتعمد الخبراء اثناء نقاشهم لدعوى الحكومة الخلط وعدم التمييز بين الاعتقاد الخاطئ للمسئولين الانجليز بان الرقبة الزرقاء هي بحر العرب او نهر كير (الذي يؤكد استقرار دينكا نقوك في شمال بحر العرب) والحقيقة التاريخية المعروفة منذ عهد الحكم التركي بان بحر العرب هو الحدود الفاصلة بين مديريتي بحر الغزال وكردفان. وكان القصد من ذلك اقناع المرء بان استقرار دينكا نقوك في شمال بحر العرب يعني تلقائيا ان حدود بحر الغزال ودينكا نقوك تمتد الي شمال بحر العرب وهو في حقيقة الامرزعم خاطئ لايبرره عدم استطاعة المسئولين الانجليز التمييز بين الرقبة الزرقاء وبحر العرب ولايؤثر في الحقيقة التاريخية الثابتة و المعروفة بان بحر العرب او نهر كير هو الحدود الطبيعية الفاصلة بين المديريتين. ويتضح من ذلك انه بالرغم من تفنيد تقرير الخبراء لدعوي الحكومة بان دينكا نقوك لم يسكنوا في شمال بحر العرب قبل عام 1905 ، الا انه لم يفلح في دحض المسألة الجوهرية في مشكلة ابيي والتي تتمثل في في حقيقة ان بحر العرب هو الحد الفاصل بين المديريتين الامر الذي يثبت وقوع ابيي في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان ويؤكد بطلان تفسير البروتوكول بان منطقة ابيي قد كانت ضمن حدود مديرية بحر الغزال قبل عام 1905 .
    ولا يعني استقرار بعض مشيخات دينكا نقوك في منطقة ابيي الحالية الكائنة في شمال بحر العرب باي حال من الاحوال ان هذه المنطقة هي المكان الوحيد الذي استقر فيه دينكا نقوك في تلك الفترة وذلك لان اغلبيتهم كانوا يعيشون في منطقة ميثانق ديل في جنوب بحر العرب حيث كان يقيم السلطان اروب الذي زاره الميجور ويلكينسون في مقر اقامته في عام 1902 .6 كما يؤكد وصف حاكم كردفان واتكيس لويد في عام 1907 للحدود الجنوبية للمسيرية الحمر بأنها تقع بين بحر العرب (الرقبة الزرقاء) ونهر كير (بحر العرب) 7 حسب اعتقاده أن المناطق التي تمتد من الرقبة الزرقاء او فرع بحر العرب الي بحر العرب أو نهر كير تقع في اطار دار المسيرية باعتبار ان بحر العرب هو الحد الاخير لمناطق نفوذهم رغم سكني نقوك في بعض المناطق التي تقع في شمال بحر العرب.


    ولم يشر قرار عام 1905 الي حقيقة انتشار دينكا نقوك بين مديريتي كردفان وبحر الغزال حيث لم يحدد موطن السلطان اروب اذا ما كان في شمال او جنوب بحر العرب وذلك لتجنب تقسيم دينكا نقوك بين المديريتين.اذ ادرك المسؤولون الانجليز ان تحديد القرار لسكنهم في كل من المديريتين بعد ان نص علي أيلولة ملكية موطنهم الي مديرية كردفان قد يستلزم اعادة ترسيم الحدود الفاصلة بين المديريتين لتمديد حدود مديرية كردفان الي جنوب بحر العرب الذي كانوا لايرغبون في اجرائه. ويجب ملاحظة ان صيغة القرار الفضفاضة التي لاتستوجب اعادة ترسيم الحدود قد افسحت المجال ، بعد اكتمال البنية الادارية لمديرية بحر الغزال واستتباب الامن وادخال سياسة المناطق المقفولة ، لاعادة ملكية منطقة دينكا تويج الي المديرية في عام 1931 ومنح الفرصة لدينكا نقوك للعودة من اراضي مديرية كردفان للاستقرار في مناطقهم في جنوب بحر العرب ومديرية بحر الغزال بالقرب من ابناء عمومتهم دينكا التويج. لذلك نعتقد ان العامل الرئيسي وراء قرار 1905 القاضي بأيلولة ملكية موطن دينكا نقوك وتبعيتهم الادارية الي مديرية كردفان هو استقرار مجموعة منهم في منطقة ابيي التي تقع في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان مما استلزم ايضا التبعية الادارية للمجموعة التي تقطن في مديرية بحر الغزال الي نفس المديرية لكيلا يتم تقسيم القبيلة بين المديريتين.
    فاذا ماتم البرهان بالتحليل المنطقي وقوع منطقة ابيي الحالية في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان قبل عام 1905 واثبات بطلان المسلمة او المقدمة الرئيسية التي استندت عليها نتائج تقرير لجنة الخبراء(وهي تعريف البروتوكول المنطقة ابيي بانها منطقة مشيخات دينكا نقوك التي حولت من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان في عام 1905 )، تكون النتائج التي توصل اليها تقرير الخبراء تبعا لذلك باطلة بالضرورة.
    وحاول التقرير التقليل من اهمية الفيضانات وهجوم النوير علي دينكا نقوك في موطنهم الاصلي في وادي الزراف باعالي النيل، والذي يعتبر العامل الاساسي الذي دفعهم الي الهجرة الي مناطق بحر الغزال والي جنوب كردفان في شمال بحر العرب، في محاولة لاثبات ان دينكا نقوك كانوا يعيشون في جنوب كردفان منذ القرن الثامن عشر. ولايوجد اي دليل تاريخي لاثبات ان مجموعة الدينكا الذين شاهدهم الرحالة براون في جنقوين في جنوب بحر لعرب في تسعينيات القرن الثامن عشر هم دينكا نقوك حسب تأكيد عالم الانثروبولوجي بول هاول بان اصولهم مجهولة ويصعب تحديدها كما ذكرنا من قبل.8 . كما كان وصول نقوك الي شمال بحر العرب بقيادة كول ديت في عشرينيات القرن التاسع عشر وليس في الاعوام 1745 -1755 كما افترض خطأ هندرسون9 .
    وأغفل التقرير حقيقة وضع دينكا نقوك كأقلية في جنوب كردفان هاجروا إليها من وطنهم الأصلي في أعالي النيل في فترة الحكم التركي المصري ليستقروا في المنطقة المتنازع عليها وما جاورها من مناطق إلى جانب الأقوام الأصليين الذين ينتمون للمجموعات الأثنية لشمال السودان.

    وأوضح إحصاء 1955 – 1956أن عدد المسيرية في المنطقة قد كان 122 ألف نســـمة ودينكا نقوك 30 ألف نسمة (10) ويمكن أن نستنتج من ذلك أن عدد سكان مشيخات دينكا نقوك في أبيي في سنة 1905 قد كان ما بين خمسة إلى سبعة آلاف نسمة فقط. كما تجاهل التقرير أن مناطق جنوب كردفان التي تقع شمال بحر العرب ومن ضمنها أبيي هي المجال الحيوي للمجموعات الأثنية الشمالية المتعددة التي استوطنت في الإقليم، وأن البيئة الطبيعية والثقافية التي وجدها دينكا نقوك بعد وصولهم إلى منطقة أبيي تنتمي إلى جغرافية المنطقة وثقافة سكان المنطقة مثل المسيرية والداجو والشات والنوبة وغيرهم من قبائل المنطقة. وينعكس ذلك في تأثر دينكا نقوك كأقلية ببعض عادات أغلبية سكان المنطقة الذين استضافوهم مثل ارتداء السلطان كوال أروب والسلطان دينج ماجوك للجلباب الأبيض والعمامة كما توضح الصور الفوتوغرافية الموجودة لهؤلاء الزعماء منذ عشرينيات القرن العشرين (11) واكتسب بعض أعضاء دينكانقوك حرفة الزراعة التي كان يمارسها النوبة وبعض قبائل المنطقة لملائمة تربة ومناخ المنطقة لزراعة المحاصيل ، كما مارسوا عادة ختان الرجال السائدة في شمال السودان.
    وتكمن أهمية حقيقة وضع دينكا نقوك كأقلية في شمال السودان أن القانون الدولي لا يسمح للأقليات المستقرة في دول ذات سيادة بتهديد وحدة أراضي هذه الدولة بمحاولة الانفصال عنها لكي تنضم إلى مجموعتهم الأثنية في دولة مجاورة أو تأسيس دولة مستقلة خاصة ان احتمال انفصال جنوب السودان وتأسيسه لدولة مستقلة قد بدأ يتزايد بعد مضي ثلاث سنوات علي تنفيذ الاتفاقية. ومثال ذلك محاولات الصوماليون الاقلية في المقاطعة الشمالية الشرقية في كينيا الانضمام إلى جمهورية الصومال ومحاولة الصوماليون الأقلية في إقليم أوغادن بأثيوبيا الانضمام إلى مجموعتهم الأثنية في جمهورية الصومال.
    ولم تنجح العديد من الأقليات التي سعت للانضمام إلى مجموعتهم الأثنية في دولة مجاورة في تمزيق أراضي الدولة التي استضافتهم من تحقيق ذلك. ويمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر محاولة الأقلية الألمان في إقليم التيرول بايطاليا الانضمام إلى ألمانيا ومحاولات الأقلية الصومال في كينيا واثيوبيا الانضمام إلى جمهوريةالصومال، ومنع مجلس الأمن والإتحاد الأوروبي الأقلية الصرب في جمهورية كرواتيا وفي جمهورية البوسنة – الهرزك من الانضمام لجمهورية الصرب أو تأسيس دولة مستقلة ، ومنع الأرمن في إقليم ناغورنو كاراباخ في جمهورية اذربيجان من الانضمام إلى مجموعتهم الأثنية في جمهورية أرمينيا، ومحاولة الروس في أوكرانيا في منطقة القرم الإنضمام إلى مجموعتهم الأثنية في جمهورية روسيا.
    ولم ينبه ممثل كينيا و ممثل أثيوبيا زملائهم في لجنة الخبراء إلى هذه الحقيقة رغم أن بلدانهم قد عانت من محاولات الصوماليين الاقلية تمزيق أراضيهم مما يشير إلى افتقار التقرير إلى العديد من الجوانب الهامة في الموضوع ويثير الشكوك في حيدة وموضوعية الخبراء.
    كانت مهمة لجنة مفوضية حدود ابيي حسب التفويض الذي حدده لها بروتوكول ابيي هو جمع الادلة التي يحدد علي ضوئهاحدود منطقة ابيي التي حولت حسب تعريف البروتوكول الي كردفان في عام 1905 .واعترفت لجنة الخبراء في تقريرها بعدم وجود وثائق كافية توضح بصورة قاطعة الوضع الاداري للمنطقة في عام 1905 او خريطة توضح مكان اقامة دينكا نقوك في نفس السنة. 12. ويعزي عدم عثور اللجنة علي أي وثائق او أدلة توضح حدود أبيي في عام 1905 الي عدم وجود أي حدود في واقع الأمرللمنطقة التي استقر فيها دينكا نقوك نقوك بسبب اعتبارها جزءاً لايتجزأ من دار المسيرية التي تمتد حدودها جنوباً الي بحر العرب.ويثبت هذه الحقيقة اشارة ك.هندرسون في عام 1935 الي استحالة ترسيم حدود ابيي، مما يعني ضمنياً عدم وجود أي حدود للمنطقة المتنازع عليها منذ الاحتلال الاستعماري للسودان في عام 1898، فقد قال"لقد كان لوضع دينكا نقوك كدولة صديقة حاجزة بين الحمر وبحر الغزال قيمة في حفظ المشاعر الطيبة ومنع الاحتكاك،لهذا ،وبمعزل عن استحالة ترسيم الحدود، سيكون نقلهم علي اسس عرقية الي مديرية اخري خطأًسياسياً."13 ويؤكد ذلك عدم تحديد دائرة انتخابية لدينكا نقوك في انتخابات عام 1954بحسبانهم من ضمن سكان دار المسيرية لأنهم أقلية يعيشون في اطار الحدود القبلية للمسيرية الحمر والزرق الذين حددت لكل منهما دائرة انتخابية واحدة 14. ويثبت هذه الحقيقة أيضاً نفي الناظر آدم دينج ماجوك (آخر نظار نقوك بعد وفاة والده الناظر دينغ ماجوك وشقيقه عبدالله دينج) لوجود حدود لمنطقة أبيي في معرض تعليقه علي المهمة التي كلفت بها المفوضية لتحديد حدود أبيي كما كانت عليه في عام 1905 وذلك بقوله:

    "كنت اقول عندما ذهبت الي نيروبي:يجب علينا الالتزام بحدود 1956 التي وقعها والدي اثناء حضوري..نحن هنا لاندري بحدود 1905 ولكن ما نعرفه هو حدود 1956 عندما كنا نخضع لصلاحيات كردفان....ربما يدري الذين أثاروا مسألة حدود 1905 أين تقع هذه الحدود،اما نحن فلا علم لنا بوجودها "15. وأكد عبدالله دينج في افادته حجة الناظر آدم دينج عندما قال :
    "لاأعرف أي حدود سوى الحدود بين المديريات الجنوبية والمديريات الشمالية.. "16.وتم التأكيد علي ذلك في افادة ايوم ماتيت ايوم الي خبراء مفوضية حدود أبيي بقوله "لاتوجد أي حدود جغرافية بيننا وبين المسيرية ،ونستغرب عندما يتحدث اخواننا عن حدود عام 1905 ،فيجب عليهم أن يوضحوا لنا في الخريطة القبائل التي كانت تعيش هناك ان كان الأمر كذلك ."17 . ورغم اقرار اللجنة بعجزها عن تحديد المنطقة التي حولت الي كردفان في عام 1905 ، مما يعني استحالة اجراء ترسيم الحدود في غياب الادلة والمعلومات المطلوبة ، الا انها اتخذت قرارها لترسيم الحدود بافتراض ان الحدود التي حصرها التفويض في اطار فترة زمنية محددة، وهي عام 1905 فقط، هي حدود منطقة ابيي كما كانت عليه في عام 1965 عندما اندلع القتال بين دينكا نقوك والمسيرية. واستند افتراض لجنة الخبراء علي الرسالة الالكترونية التي ارسلها جيف ميلينغتون الي السفارة الامريكية في نيروبي في 27 ابريل 2005 والتي يذكر فيها أن منطقة مشيخات دينكا نقوك التسعة هي المنطقة التي سادها نزاع بين المسيرية ودينكا نقوك في عام 1965 واعتبرتها مسلمة وحقيقة مطلقة لاتحتاج الي مزيد من البحث والتحقيق التاريخي الدقيق18. وتجدر الاشارة الى ان المؤرخين قد اتفقوا على الالتزام بقواعد معينة أثناء معالجتهم لبعض المسائل التاريخية التى لم يتم ادراك الحقيقة الكاملة حولها لندرة الوثائق ومن ضمنها القاعدة التى تقول "يجب عليك ان لا تقول شيئاً فى الموضوع المختلف عليه بدون تقديم الدليل الذى يدعمه"19. وخرق خبراء مفوضية حدود ابيى هذه القاعدةrule of the game عندما افترضوا وقرروا ان الحدود الحقيقية لمدينة ابيى فى عام 1905 قد كانت تمتد شمالا الى الميرم وهجليج فى دواخل مديرية كردفان بالرغم من عدم وجود اى دليل او وثيقة تاريخية تدعم هذا الرأى. وتوصل الخبراء الى هذه النتيجة باستخدامهم منهج عالم الرياضيات الذى يعالج المسألة الرياضية باعمال الذهن واختراع افتراضات تقوده الى الحل الصحيح. وبما ان تفويض الخبراء يختص بمسألة تاريخية تنحصرفى معرفة حدود ابيى فى عام 1905، فقد كان واجبهم توظيف منهج المؤرخ الذى يعالج المشكلة التاريخية بقوله "الحقائق التى ألاحظها الآن هى الحقائق التى يمكن ان استنتج منها الحل لمشكلتى"، حيث ان مهمته اكتشاف شئ وليس اختراع أى شئ.20. وتتمثل الحقائق التى كان يستوجب على الخبراء الاستهداء بها لاستنتاج حل للمسألة موضع التفويض فى ان بحر العرب هو الحدود الفاصلة بين مديريتى بحر الغزال وكردفان وحقيقة وقوع ابيى فى اطار حدود كردفان منذ عهد الحكم التركى وعدم وجود حدود قبلية لدينكا نقوك فى كردفان. لذلك يعتبر عدم التزام الخبراء بمنهج المؤرخ وتوظيفهم لمنهج الرياضيات الذى لايلائم طبيعة المهمة التى كلفوا بأدائها واعتمادهم على حدود ابيى فى عام 1965 ، تجاوزاً للتفويض وتوسعاً ٍفى صلاحيتهم لتعريف ورسم حدود مشيخات دينكا نقوك. كذلك يمكن اعتبار تصور خبراء المفوضية لحدود ابيي و ترسيمها في الاقتراح المقدم في تقريرهم محاولة لخلق شئ(الحدود المقترحة) من لاشئ (أي الحدود الغير موجودة أصلا) مخالفة في ذلك القانون الفلسفي الذي يري استحالة خلق شئ من عدم ex nihilo nihil fit الذي وضعه فلاسفة اليونان القدماء.
    كما لايمكن الاعتماد علي تقرير مفوضية حدود ابيي كأداة لحل مشكلة ابيي بسسب استناد نتائجه علي فرضية باطلة لاتستند علي اي دليل تاريخي وهي تعريف البروتوكول لمنطقة ابيي بانها منطقة مشيخات دينكا نقوك التسعة التي حولت من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان في عام 1905 .
    لذلك فقد كان الخيار الوحيد الذي تستطيع لجنة الخبراء بمقتضاه اكمال مهمتها هو التركيز علي مسألة إذا ما كانت ملكية المنطقة المتنازع عليها تؤول إلى مديرية كردفان أو مديرية بحر الغزال وبالتالي إذا ما كانت المنطقة تؤول إلى شمال السودان أو إلى جنوب السودان في حالة انفصاله وتأسيس دولة مستقلة. ونأمل أن تتبني هيئة التحكيم الدولية هذا الخيار وتتناول قضية أبيى من هذا المنظورفي حالة تأكيدها على تجاوز الخبراء لصلاحيتهم.
    وتجاهلت اللجنة في تقريرها الإشارة إلى العنصر الأساسي الذي يجب وضعه في الاعتبارحين النظر في مثل هذه القضايا وهو مبدأ أوتي بوسيتيديس. وبدأت في تنفيذ الجانب العملي من مهمتها بترسيم حدود المنطقة واعداد الخريطة اللازمة بدون أدلة كافية وفي غياب مبدأ أوتي بوسيتيديس الذي يستحيل أداء مهمة ترسيم الحدود بدونه. إذ أكدت محكمة العدل الدولية حين نظرها في قضية بوركينا فاسو ضد مالي أن المسائل التي تتعلق باثبات الملكية لمنطقة متنازع عليها لا تتضمن دليل وثائقي فقط " وإنما أي دليل يمكنه تأسيس وجود حق والمصدر الحقيقي لهذا الحق" (21) واشار بروفسور شو أنه يمكن على هذا الاساس اعتبار خلافة الحكم من قوة استعمارية سابقة مصدر حقوق للدولة التي أعقبت الحكم الاستعماري وبحكم مبدأ أوتي بوسيتيديس الذي يقوم بتعريف الأراضي كوحدة جغرافية.( 22) وتعتبر الإجراءات التي تتخذها السلطات الإدارية الاستعمارية أو ما يسمى Colonial Effectivites من بين الأدلة الحاسمة التي يستند عليها لتحديد السيادة على المنطقة المتنازع عليها . ومن ضمن الوثائق التي تستخدم كدليل للاجراءت التي تتخذها السلطة الإدارية الاستعمارية والتي يحدد على ضوئها خط حدود أوتي بوسيتيديس في لحظة خروج الاستعمار، السجلات التي تختص بتعيينات القضاة في المنطقة المتنازع عليها، التعيينات والاوامر العسكرية ، القضايا المتعلقة باصدار الرخص، وثائق تتعلق بالاجراءات الانتخابية ، سجلات الضرائب، سجلات الإحصاء السكاني القومي أو وثائق تسجيل المواليد والوفيات، تسجيل عقود بيع الأراضي، المداولات المدنية أمام المحاكم، المداولات الجنائية، مداولات المجالس المحلية والتصرف في الأراضي، سجلات تتعلق بتشييد المدارس وتعيين المدرسين. (23).وكان كل هذا النوع من القضايا الذى يتعلق بأبيى من صلاحيات مديرية كردفان.
    ويعتبر الامتلاك الحقيقي للمنطقة في حد ذاته استناداً على ممارسة السيادة عليها دليلاً لتأكيد الملكية بواسطة أوتي بوسيتيدس مع ملاحظة أن لوجود أو غياب احتجاج أو اعتراض على ذلك أهمية خاصة. (24)
    وكانت النتيجة الحتمية لابعاد لجنة الخبراء لمبدأ أوتي بوسيتيديس كدليل رئيسي لمعالجة قضية الأرض المتنازع عليها هي مزيد من الانتهاك لخط أوتي بوسيتيديس الموروث من الاستعمار وذلك بإعادة ترسيم حدود منطقة أبيي وجنوب السودان إلى المنطقة التي دار فيها صراع مسلح بين الدينكا والمسيرية في عام 1965 إضافة إلى منطقة تقع شمال بحر العرب تقضي فيها المسيرية 7-8 شهور في العام بحثاً عن الماء والكلأ قبل هجرة دينكا نقوك إليها من الجنوب بفترة طويلة جداً (25) ويتسائل المرء عن السبب الذي دفع لجنة الخبراء إلى ابعاد مبدأ أوتي بوسيتيديس رغم أهميته الفائقة كدليل للوصول إلى نتيجة موضوعية ومحايدة لمشكلة أبيي. ويبدو لنا أن السبب وراء ذلك هو إدراك اللجنة أن تضمين مبدأ أوتي بوسيتيديس كدليل للبت في مسألة ترسيم حدود أبيي سيكشف بجلاء التعارض بينه وبين حق تقرير المصير الثانوي الذي منح لسكان المنطقة للاستفتاء حول مصير المنطقة المتنازع عليها مما قد يدفع الحكومة إلى المطالبة بمنح الأولوية لمبدأ أوتي بوسيتيديس حسب احكام القانون الدولي حتى لا يهدد الاستفتاء باقتطاع منطقة ابيي التي تقع في الأراضي الإقليمية لشمال السودان كوحدة جغرافية وتغيير حدوده الموروثة من الاستعمار.
    لذلك نعتقد أن الخلل الرئيسي في تقرير لجنة الخبراء هو ابعاده لمبدأ أوتي بوسيتيديس الذي يعتبر الدليل الأساسي الذي لايمكن الاستغناء عنه حين البت في المسائل التي تختص بملكية منطقة متنازع عليها وترسيم الحدود خاصة وأن هناك احتمال قوي بانفصال جنوب السودان وتأسيس دولة مستقلة بمقتضى ممارسة حق تقرير المصير. ونتيجة لذلك فد افتقر التقرير النهائي للجنة الخبراء إلى الموضوعية والحياد بين أطراف النزاع. وقال د: سليمان الدبيلو في هذا السياق "ذهبت لجنة الخبراء لايجاد المبررات لادعاءات الحركة وأكثر من ذلك فقد بذلت جهداً في لي عنق الحقيقة لدحض الثابت والموثق من طرح الحكومة والمسيرية، بل لبلوغ هذه الغاية اضطرت لتزوير جغرافيا وتاريخ السودان والمدعم بالوثائق والخرائط والمؤلفات ، ولم يكن الهم الأكبر للخبراء مصلحة دينكا نقوك لأن مصلحتهم والمسيرية واحدة على مدى التاريخ وإنما كان كيفية ضم أكبر مساحة من مربعات البترول، ولو أنهم وجدوا أي وسيلة لأدخلوا منطقة البترول حول رجل الفولة إلى حدودهم المقترحة".(26)
    وذكر حسين القوني أن ممثل الأمم المتحدة السابق إيان برونك قد انتقد تصرف لجنة الخبراء لعدم إطلاعها بقية اعضاء لجنة ترسيم حدود أبيي العشرة على التقرير النهائي إلا عندما تم استدعائهم لسماع التقرير أمام رئيس الجمهورية.( 27) كما اشار القوني إلى أن لجنة الخبراء لم تلتزم بالإجراءات القانونية لرفع التقرير إلى رئاسة الجمهورية عندما قامت بتسليمه مباشرة إلى الرئاسة وتجاوزت بذلك أعضاء مفوضية حدود أبيي المكونة من خمسة عشرة عضواً وهي الجهة المناط بها رفع التقرير النهائي لرئاسة الجمهورية طبقاً لنصوص ملحق التفاهم حول مفوضية أبيي.(28)

    لم تنجح لجنة الخبراء في تقديم تقرير يساهم في جعل منطقة أبيي جسراً للتواصل والتفاهم بين قبائل جنوب كردفان وقبيلة دينكا نقوك والمحافظة على روح التعاون والتعايش القبلي التي سادت بينهم لفترة طويلة.
    وساعد التقرير في تأجيج النزاع بين سكان المنطقة وانقسامهم حيث رفض المسيرية نتائج التقرير لاعتقادهم بأن الخبراء قد قاموا بتوسيع رقعة مساحة الأراضي التي يسكن فيها دينكانقوك إلى منطقة أبعد بكثير مما كانت عليه في الأصل لتشمل مناطقهم المعروفة في الميرم وهيجليج وناما ومصايفهم التقليدية التي يقضون فيها ثمانية شهور في العام. وتمسك دينكا نقوك بنتائج التقرير وأصرارهم على ترسيم حدود المنطقة المتنازع عليها حسبما جاء في التقرير مباشرة.
    وساهم التقرير أيضاً في تعميق حدة الخلاف بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والذي وصل إلى تجميد شريك السلام لنشاطه في حكومة الوحدة الوطنية في 11 أكتوبر 2007 لفترة معينة. وادت حدة الاستقطاب بين سكان المنطقة التي أفرزها تقرير لجنة الخبراء إلى نشوب النزاع المسلح فى ديسمبر 2007 و الى ابريل 2008 بين المسيرية وجيش الحركة الشعبية الموجود في الحدود الجغرافية لشمال السودان رغم أن بروتوكول مشاكوس واتفاقية الإجراءات الأمنية تنص على رجوعه إلى حدود جنوب السودان كما كانت عليه في 1/1/1956م. وتطور النزاع الي اندلاع القتال بين الجيش القومي وجيش الحركة الشعبية في منتصف مايو 2008 والذي أدي الي تدمير مدينة أبيي ونزوح سكانها الي بعض المدن في شمال وجنوب السودان. وما زالت قوات جيش الحركة الشعبية تتواجد بعد هذه الاحداث في شمال حدود 1956 في القرنتي والجرف "رغم ادعاء قادتها ان القوات قد تم سحبها الي ماوراء حدود 1956 "29






    الهوامش

    1-Abyei Annex:Understanding on Abyei boundaries commission, art.5

    2-Abyei Boundaries Commission Report, July 2005.pp.17-18,35-41.

    3- J.OConnell,Governor of Kordofan Province, Annual Report, Kordofan Province,1906. Report on the Finance , Administration and condition of the Sudan, 1906.(London,1907)p.671

    4- W.A.Boulnois, the Governor of Bahr-el-Ghazal said in a letter sent to to Wingate the Governor-General that the Ngok Dinka chief Arop Biong lived on the Kyr river fifty miles south of Bahr el-Arab.
    SAD 275/9/39-40.23 December, 1904. Quoted in Douglas Johnson,”Why Abyei Matters:The Breaking of the Sudanese Comprehensive Peace Agreement?” ‘ 107 African Affairs (2008)p.12.

    5-‘What I want to emphasis in this intervention is that the referendum mentioned by my brother Deng Alor will be conducted in the defined Abyei area not in any Abyei which now exists.After defining the area , if it includes the current Abyei ,then the referendum will be conducted there. And if it is not this one, it is the one of south Bahr el-Arab as we has presented in our document as Government. Then the referendum and whatever other provisions in the Agreement will be conducted south of the river Kir.” Ambassador Dirdeiry. Abyei Boundaries Commission Report.p.97

    6-Count Gleichen, The Anglo-Egyptian Sudan (London,1905)pp 154-56.Cited in Abyei Boundaries Commission Reportpp.192-95.


    7-Watkiss Loyd, “Some Note on Dar Homr “ 29 The Geographical Journal,6; June,1907.p.649. Quoted in Abyei Boundaries Commission Report.p.39.


    8-Vid.chapter 1, footnote

    9- Ibid.

    10- منصور خالد، "أبيي:من قطع الخيط" الرأي العام 19 اغسطس 2004 .


    11- F.Deng, The Man Called Deng Majok (Yale University Press,1986) Illustrations,1,2, 20.

    12- Abyei Boundaries Commission Report.p.4

    13- “It might be remarked here that the position of the Ngok Dinka as a buffer friendly state between Humr and Bahr el-Ghazal has proved of such value for the preservation of good feeling and the prevention of friction that apart from the impossibility of drawing a boundary it would be political mistake to transfer them on racial grounds to another province.” K.D.Henderson, “Note on History of Western Kordofan Baggara” January 1935.SAD 660/11/165. Quoted in Abyei boundaries commission report.p.24

    14-Ibid.

    15- Ibid.pp.142-44

    16-Ibid.p.146


    Ibid.p.147-17

    18- International Court of Justice Reports(1986)p.564.

    19-R.Collingwood, “The Limits of Historical Knowledge” in ed. W. Debbins, Essays in the Philosophy of History (New York,1966)p.92-103

    20- R.Collingwood, The Idea of History (Oxford,1956)pp.249-80

    21-ICJ Report (1986)p.

    22- Ibid.


    23 –ICJ Reports, El Salvador/H ondouras (1992)pp.572-73.

    24- Ibid.p.566,579. M .Shaw “The principle of uti possidetis juris” British Yearbook of International Law,67 (Oxford University Press,1996).pp.137-38.

    25-Abyei boundaries commission report.p.22

    26- د. سليمان الدبليو "أبيي صمام وحدة وجسر تعايش بين الشمال والجنوب. ٍsudaneseonline,com, 15 October 1007

    27. حسين القوني "رؤية لحل قضية أبيي" sudaneseonline.com, 11 April 2007 د.سليمان الدبيلو، المصدر السابق

    28- Ibid

    29 -حماد صالح،"ابيي ومستقبل العيش بين المسيرية والمسيرية الطوال" www.sudaneseonline.com 5 November 2005

                  

11-16-2009, 12:46 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين (Re: adil amin)



    pluginspage="http://microsoft.com/windows/mediaplayer/en/download/"
    id="mediaPlayer" name="mediaPlayer" bgcolor="#000000" showcontrols="false"
    showaudiocontrols="false" showtracker="-1" showdisplay="0" showstatusbar="0"
    videoborder3d="-1" enabletracker="false"
    src="/nsdoc/06ece687-494b-4c47-811e-b39392434543/?id=1158825828424"
    url="/nsdoc/06ece687-494b-4c47-811e-b39392434543/?id=1158825828424"
    autostart="-1" designtimesp="5311" loop="false">

                  

11-19-2009, 12:23 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين (Re: adil amin)

    الفصل السابع
    اتفاقية خارطة الطريق، التحكيم الدولي
    وحل مشكلة أبيي



    أفلح حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في الوصول إلى اتفاق حول عودة النازحين وتنفيذ بروتوكول أبيي الذي تم توقيعه في 8 يونيو 2008م. وتتكون الاتفاقية من أربعة بنود تختص بالترتيبات الأمنية، عودة النازحين، إدارة المنطقة وترتيبات لحل نهائي للمشكلة حيث اتفق الطرفان على اللجوء إلى هيئة تحكيم متخصصة للفصل في المسائل الخلافية بينهما حول ما توصل إليه تقرير مفوضية حدود أبيي. (1) ونصت المادة الثانية من ترتيبات الحل النهائي على تحديد قواعد مرجعية التحكيم وآلية اختيار المحكمين للمسائل التي يجب الفصل فيها بالتحكيم واجراءات اتخاذ القرارات وتنفيذها. (2)

    واتفق الطرفان في مدينة جوبا في 22/6/2008م على إحالة قضية أبيي إلى محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي التي تتكون من خمسة أعضاء. (3) وحدد الاتفاق مهمة المحكمة في البت اذا ما كانت لجنة خبراء حدود ابيي فد تجاوزت صلاحيتها في ترسيمها لحدود مشيخات دينكا نقوك. (4) كما وقع الطرفان في 7/7/2008 اتفاقية التحكيم الخاصة بأبيي التي حددت نقاط النزاع والقوانين التي ينبغي تطبيقها وآليات انفاذ قرار التحكيم .(5)

    ولعل من أبرز سلبيات اتفاقية خارطة الطريق عدم تفويضها محكمة التحكيم الدائمة للبت النهائي في قضية أبيي حيث نص الاتفاق " دون الإخلال بمواقف أي من الطرفين حول ما توصل إليه تقرير خبراء أبيي يتفق الطرفان على ..... " (6) وتفسح هذه الثغرة في الاتفاقية المجال للحركة الشعبية للتنصل من نتيجة التحكيم إذا ماقررت محكمة التحكيم الدائمة ان لجنة الخبراء قد تجاوزت صلاحياتها في ترسيمها لحدود مشيخات دينكا نقوك لاعتقادها الراسخ ان آراء لجنة الخبراء هي الحقيقة المطلقة الغير قابلة للجدال مما يعني ضياع مجهود المحكمة وبقاء مشكلة أبيي كما كانت عليه قبل اتفاقية خارطة الطريق. وليس هناك أدنى شك في أن كل من الطرفين سيرفض نتيجة محكمة التحكيم الدولية إذا جاءت في غير مصلحتهما لاعتقاد واقتناع كل منهما بحقه في ملكية منطقة أبيي.

    لذلك فقد أصبح السبيل الوحيد للحفاظ على الانسجام والتمازج العرقي في المنطقة المتنازع عليها وتجنب انهيار اتفاقية السلام وتجدد اندلاع الحرب الأهلية هو التوصل إلى حل سياسي لمشكلة أبيي. ولا نعتقد أن هذا الحل بالامر المستحيل خاصة إذا ما وضعنا في الحسبان نجاحهما في إبرام اتفاقيات مشاكوس، الإجراءات الأمنية، تقسيم السلطة، توزيع الثروة وحل نزاع جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة بدون أي مساعدة أو تدخل من ممثلي الدول الأجنبية. ويجب أن يبدأ الحل السياسي للمشكلة بتشكيل لجنة من الطرفين تتفق علي القواعد الاجرائية التالية:
    1-كل الاراضي في جمهورية السودان ليست ملكاً لفرد او قبيلة معينة وانما تؤول ملكيتها الي الحكومة والدولة السودانية صاحبة السيادة علي كل اراضي البلاد .و تعني هذه الحقيقة ان جوهر النزاع حول المنطقة المتنازع عليها هو اذا ما كانت ملكية المنطقة تؤول الي اقليم شمال السودان أو الاقليم الجنوبي وليست نزاعاً قبلياً بين المسيرية والدينكا حول ملكية اراضي المنطقة.
    2- استوجب دخول عامل تقرير المصير في اتفاقية السلام تنفيذ مبدأ أوتي بوسيتيديس لحماية حدود شمال السودان الموروثة من الاستعمار في حالة انفصال جنوب السودان وتحول الحدود الداخلية بين الاقليمين إلى حدود دولية، واعتباره الدليل الأساسي لتحديد إذا ما كانت ملكية منطقة أبيي تؤول لشمال أو جنوب السودان قبل إجراء استفتاء تقرير المصير.
    3- الاقرار بوجود تناقض أساسي بين مبدأ أوتي بوسيتيديس وبروتوكول مشاكوس الذي أقر الحدود بين الشمال والجنوب طبقاً لحدود 1/1/1956 من جهة وبروتوكول أبيي الذي منح سكان منطقة أبيي حق تقرير مصير ثانوي يكفل لهم حق الاستفتاء لتحديد مستقبل المنطقة من جهة أخرى وتهديد الاستفتاء المزمع قيامه باقتطاع منطقة أبيي من الأراضي الإقليمية لشمال السودان وتغيير حدوده الموروثة من الاستعمار والاجتهاد في الوصول الي تسوية لحل هذه المعضلة.
    ويجب ان تكون المهمة الاساسية للجنة التأكد إذا ما كانت منطقة أبيي تقع في إطار الحدود الجغرافية لمديرية بحر الغزال أو مديرية كردفان قبل وفي عام 1905 وذلك بعد أن أثبت لنا التحليل النقدي لبروتوكول أبيي بطلان تعريفه لمنطقة أبيي بأنها المنطقة التي حولت من مديرية بحر الغزال إلى مديرية كردفان في عام 1905، ويجب على الطرفين الالتزام بالنتيجة التي ستتوصل إليها اللجنة والتي ستوضح التعريف الحقيقي والصحيح لمنطقة أبيي مهما اختلفت عن تصورهما وموقفهما من القضية موضع النزاع.
    ويبقي الخيار الوحيد لتجنب اندلاع الحرب الاهلية في حالة عدم التزام احد الاطراف بالنتيجة التي توصلت اليها اللجنة حول اذا ما كانت الحقائق تثبت وقوع ابيي في اطار الاراضي الجغرافية لمديرية كردفان او مديرية بحر الغزال تبني الاقتراح الآتي :
    على الرغم من ضمان القانون الدولي بحكم مبدأ أوتي بوسيتيديس لإبقاء منطقة أبيي ضمن الأراضي الإقليمية لشمال السودان لكيلا يتم تغيير حدوده الموروثة من الاستعمار كما تم اقرارها في بروتوكول مشاكوس، يوافق المؤتمر الوطني على تقسيم منطقة أبيي بالتساوي حيث يتم ضم 50% من مساحتها إلى جنوب السودان و50% من مساحتها إلى شمال السودان مقابل موافقة الحركة الشعبية على تعديل الاتفاقية لتضمين صيغة نظام كونفدرالي فضفاض يمنح جنوب السودان وضع شبه سيادي في إطار السودان الموحد وإلغاء المواد الخاصة بتقرير المصير لتجنب انفصال الجنوب وتمزيق وحدة أراضي السودان.( 7)


    ليس هناك أدنى شك في أن استمرار الوضع الراهن لمشكلة أبيي بعد صدور تقرير لجنة الخبراء بدون أي حل إلى عام 2011 سيؤدي إلى انهيار الاتفاقية وتجدد اندلاع الحرب الأهلية قبل نهاية الفترة الانتقالية. وفي حالة عدم حدوث ذلك ستكون النتيجة الحتمية لاستفتاء تقرير المصير انفصال جنوب السودان بكل ما يترتب عليه من نتائج كارثية واندلاع الحرب بين الدولتين بعد برهة قصيرة بسبب مشكلة أبيي مثلما اندلعت الحرب بين أثيوبيا واريتريا في عام 1998 بسبب النزاع حول منطقة بادمي بعد انفصال اريتريا من أثيوبيا، واندلاع الحروب من وقت لآخر بين الهند وباكستان بسبب مشكلة كشمير ونشوب الحروب بين فرنسا والمانيا منذ القرن الثامن عشر وإلى الحرب العالمية الثانية بسبب النزاع حول الألزاس واللورين.
    ولعل من أهم مزايا هذه الإقتراح هو ارتباط نجاحه في حل مشكلة أبيي بضمان وحدة السودان والتي تعتبر أعظم هدية يمكن تقديمها لروح فقيد الوطن د. جون قرنق والتمهيد لتحقيق رؤية السودان الجديد في المدى البعيد بعد انتشار النفوذ السياسي للحركة الشعبية في كل أرجاء السودان. فهل تضحي الحركة الشعبية بالجزء الأصغر الذي حققه لها بروتوكول أبيي وتقرير لجنة الخبراء من أجل بقاء الجزء الأكبر أي صيانة المكاسب العظمى الأخرى التي حققتها اتفاقية السلام مثل ترسيخ الديموقراطية وحقوق الإنسان وتحقيق الأمن والإستقرار واستمرار انتاج وتصدير النفط لانجاز التطور والرفاه الاقتصادي المنشود؟
    الهوامش
    1- Abyei road map agreement. www.rayaan-info.9june2008
    2- ARA, Sec. 4, Artic. 2.
    3- www.sudan.com.23june2008.
    4- Ibid
    5- www.akhbaralyoumsd.net.8july2008
    6- Abyei roadmap agreement. Sect. 4.
    7- نقترح نموذج النظام الكونفدرالي الذي طرحته كرواتيا لجمهورية يوغسلافيا الفدرالية الإشتراكية قبل زوالها وإعلان كرواتيا وسلوفينيا الإستقلال في عام 1991م



    هذه ايضا رؤية واحد من اعلام الفكر السوداني المعاصر اصدرها في كتاب ومغيبة عن الاعلام الذى ينعق فيه امثال الطيب مطصفى وحسن مكي وبقية المكرورين...ونحن ما زلنا على تماثيلنا عاكفون
    والواحد يستغرب...الفين شخص مسجل في هذا المنبر يعبرون عن كافة احزاب السودان القديم والجديد

    لا يبحثون عن الافكار الجادة والجيدة ...حتى عندما ناتي بها مجانا في هذا المنبر

    كل زول لافي مع شلتو ذى جمل العصارة
    فقط العصارة تنتج زيت يفيد الامة
    وهم ينتجون الخواء
    ونشكر الدكتور للاستجابة ..واتمنى ان تكون هذه الفصول كافية للجميع للبحث عن هذا الكتاب القييم الذى نوه له احمد الامين
    ......
    ولنا عودة ان شاء الله للحوار حول هذه الدراسة مع الاذكياء من ابناء شعبنا

    (عدل بواسطة adil amin on 11-19-2009, 12:24 PM)

                  

12-17-2009, 08:54 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين (Re: adil amin)

    Quote: تجدر الاشارة الي أنه في حالة انفصال جنوب السودان وتحول الحدود الداخلية بين الشمال والجنوب إلى حدود دولية واستمرار النزاع حول ملكية منطقة أبيي بعد ذلك، فإن قرار دينكا نقوك بالبقاء في إطار الحدود الجغرافية لشمال السودان في السنوات 1905 ، 1930 و 1953 سوف يدرج تحت مبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي وهو القبول الطوعي دون جدال Acquiescence بالبقاء في الأراضي الإقليمية لشمال السودان وعدم الالتحاق إدارياً بمديرية بحر الغزال. واقرب مثال لتطبيق مبدأ القبول الطوعي ما حدث في الشكوى التي قدمتها هوندوراس ضد السلفادور لمحكمة العدل الدولية وادعائها ملكية جزيرة مينقوارا Meanquara والتي كانت تخضع لسيادة سلفادور منذ القرن التاسع عشر. وأشارت المحكمة في الحكم الذي أصدرته لصالح سلفادور إلى وجود سلفادور في المنطقة المتنازع عليها لفترة طويلة بدون أي اعتراض أو احتجاج من هوندوراس ولا توجد في الوثائق المقدمة إلى المحكمة أي وثيقة توضح احتجاج هوندوراس سوى في مرة واحدة" جاءت بعد تاريخ طويل من أعمال سيادية لسلفادور في مينقوارا وقدم الاحتجاج في وقت متأخر جداً بحيث لا يمكنه التأثير على مبدأ الرضوخ أو القبول الطوعي من جانب هوندوراس لسيادة سلفادور على المنطقة المتنازع عليها . ويوضح سلوك وتصرف هندوراس تجاه السلطة الفعلية لسلفادور على المنطقة قبول أو اعتراف أو رضوخ أو اي شكل من أشكال الموافقة الضمنية على الوضع".(77)

    ومن وحي هذه الدراسة القيمة
    نجد ان رهان جون قرنق كان على الوحدة..لذلك اضاف هذه المناطق الثلاث وتحديدا ابيي
    ويبقى على مواطنين المنطقة واهل المشورة الشعبية...انا يمارسو حقهم الدستورى في توعية القبائل في المنطقة...لجدوى ان يكون السودان موحد وفقا لمصالحهم المباشرة
    .....
    وهل يا ترى ينبطق المبدا ادناه الدولي

    Quote: مبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي وهو القبول الطوعي دون جدال Acquiescence بالبقاء في الأراضي


    في قضية المواطنين السودانيين في مثلث حلايب..الذى يقع جغرافيا شمال خط22 الذى يعرف السودان وينتمي اداريا للسودان
    ...
    وقد خرج المواطنين كما قال مسؤل المفوضية العليا للانتخابات للتسجيل خارج المثلث جنوبا
    ....
    اذا هناك اشكالية
    في الانتماء للمواطن في الحدود
    هل هو انتماء جغرافي
    ام
    اداري
    ....
    ونشكر الاكاديمي امين حامد زين العابدين على هذه العرض الجيد والموثق بالامثلة واستغرب رجل بهذه الكفاءة يكون خارج المشهد السياسي والاعلامي السوداني كيف؟؟؟؟
                  

12-17-2009, 09:25 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين (Re: adil amin)

    Quote: ولعل من أهم مزايا هذه الإقتراح هو ارتباط نجاحه في حل مشكلة أبيي بضمان وحدة السودان والتي تعتبر أعظم هدية يمكن تقديمها لروح فقيد الوطن د. جون قرنق والتمهيد لتحقيق رؤية السودان الجديد في المدى البعيد بعد انتشار النفوذ السياسي للحركة الشعبية في كل أرجاء السودان. فهل تضحي الحركة الشعبية بالجزء الأصغر الذي حققه لها بروتوكول أبيي وتقرير لجنة الخبراء من أجل بقاء الجزء الأكبر أي صيانة المكاسب العظمى الأخرى التي حققتها اتفاقية السلام مثل ترسيخ الديموقراطية وحقوق الإنسان وتحقيق الأمن والإستقرار واستمرار انتاج وتصدير النفط لانجاز التطور والرفاه الاقتصادي المنشود؟


    امرت لهم امري بمنعرج اللوا فلم يستبينو النصح الا في ضحى الغد
                  

12-18-2009, 02:18 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين (Re: adil amin)

    Quote: رسالة إدارة منطقة أبيي لقبيلتي المسيرية ودينكا نقوك : "الحدود ليست بالضرورة أن تكون حواجز"



    تم أمس عقد أربعة اجتماعات متتالية بحضور مشاركين من أهالي قرى منطقة أبيي وهو اللقاء الأول من نوعه الذي يجمع بين إدارة أبيي وقبيلتي الميسيرة ودينكا نقوك بعد صدور قرار محكمة التحكيم الدولية. وقد وجهت إدارة المنطقة رسالة للأهالي فحواها أن "الحدود ليست بالضروة أن تكون حواجز" وقد وجدت هذه الرسالة صدى إيجابياً من حوالي 4.000 مشارك في اللقاء والذين رحبوا بمبادرة قيادة المنطقة للتواصل الوثيق مع المجتمعات الريفية بالمنطقة .



    أعلن حزبا المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان قبولهما بقرار محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي الصادر في الثاني والعشرين من شهر يوليو بشأن الحدود الجغرافية لمنطقة أبيي المتنازع عليها إلا أن هناك تقارير تفيد برفض بعض "المتشددين" بالمنطقة لقرار المحكمة وعن تهديدات متكررة يوجهونها لفرق ترسيم الحدود .



    دعمت بعثة الأمم المتحدة في السودان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي جهود إدارة المنطقة لزياة أربعة وحدات محلية "بيام" تقع على طول أهم مسارات الهجرة الموسمية في محاولة لتعزيز الحوار بين القبائل والتنوير بأن الحدود الجغرافية يجب أن لا تؤثر في أسلوب الحياة لدى القبائل الرعوية الذي درجت عليه منذ قرون.



    رافقت قيادة منطقة أبيي في زيارتها تلك كافة الأجهزة الأمنية بالمنطقة والمتمثلة في قوى الشرطة والأمن الوطني والوحدة المشتركة المدمجة واللجنة العسكرية المشتركة للمنطقة وذلك لدعم ومساندة الرسالة التي أطلقتها إدارة المنطقة للترويج ولتشجيع التعايش السلمي بين جميع المواطنين والقبائل الرعوية بالمنطقة .



    وقد رحب بهذه المبادرة علي كوكو، أحد الرعاة المسيرية في منطقة لو والذي مازال يذكر القتال الدامي الذي اندلع بين الدينكا والمسيرية العام 1965 الذي تسبب في نزوح الآلاف بقوله "كنت أعتقد أن الحكم الصادر عن محكمة التحكيم الدائمة قد حصرنا في منطقتنا من خلال جدار كهربائي، غير أني أدركت الآن أن ذلك غير صحيح". كذلك يذكر الأمير كول دينق، أحد كبار الزعماء المحليين، التعايش السلمي الذي كان سائداً إبان فترة زعامة والده دينق مجوك، ويقول "مانحتاجه هو إعادة فتح خطوط التواصل وبناء الثقة بين بعضنا البعض... وحتى لو بني جدار كجدار برلين فإن الدينكا والمسيرية سيقومون بهدمه".



    وأشار جميع الأعضاء إلى الحاجة الملحة للاتفاق حول الترتيبات الأمنية المتصلة بهذا الأمر من أجل تسهيل موسم المرحال القادم بالنسبة للمسيرية وبناء الثقة. كذلك أثيرت الهواجس المتعلقة بالتنمية وإمكانية الحصول على الماء وتعليم أبناء الرحل وتمكين المرأة والصحة والبنى التحتية.



    وقد اقترح رئيس إدارة منطقة أبيي بالوكالة، رحمة عبدالرحمن النور، أن "الخطوة القادمة هي تنظيم حوار ولائي يضم ولايات الوحدة وجنوب كردفان وواراب لضمان قبول الاتفاق من قبل الجميع".


    تمت هذه الاجتماعات في لو (10 ديسمبر)، ودفرا (11 ديسمبر)، وأم خير (14 ديسمبر)، ورم أمير (15 ديسمبر)، وهي أولى الاتفاقات منذ صدور قرار محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي في 22 يوليو بشأن الحدود المتنازع عليها.



    © Copyright by SudaneseOnline.com


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de