|
لماذا لا يراهن المهدي والميرغني على "الجماهير"؟
|
خط الاستواء عبدالله الشيخ لماذا لا يراهن المهدي والميرغني على "الجماهير"؟
ستستمر خلافات السيدين إلى أبد الآبدين، لكن ما في زول في السودان سيدخل في اضراب عن الطعام أو يعتزل السياسة بسبب هذه الخلافات.. حتى من يعتزل السياسة ويقول للسيدين "كرهتونا" تجده يشجع الهلال نكاية في جمال الوالي أو يشجع المريخ نكاية في صلاح ادريس، فهما أيضاً سيدان جديران!. ومن زمن حفروا البحر لا يتلاقى السيدان.. في مؤتمر جوبا الأخير ذهب المهدي إلى جوبا فبقي الميرغني بالخرطوم، عاد المهدي من جوبا وصعد منصة الحزب الحاكم مبشراً بمخرجات المؤتمر، هنا أرسل الميرغني رسالة شديدة اللهجة تدعو المؤتمر الوطني إلى تبديل سياساته وتوسيع مقاساته.. وإذا رجعنا إلى الماضي، كان المهدي يرى استقلال السودان تحت الوصاية البريطانية، وكان رأي الميرغني أن يتم الاستقلال تحت الوصاية المصرية.. بُهت الإنجليز والمصريون معاً عندما قدم النائب دبكة (حزب أمة) اقتراحاً لاستقلال السودان من داخل البرلمان، فثنى الاقتراح العمدة جبريل (اتحادي ديمقراطي).. أغلب الظن أنّ حيرة دولتي الحكم الثنائي كانت كثيفة حين صفق كلاً من السيدين تأييداً للاقتراح.. فقد كان كلاهما يسبق الآخر نحو المزيد من "الاستقطاب" في المستقبل.. سافر الاتحاديون الى مصر، فسرى في الخرطوم ظن بأن عبد الناصر يريد أن "يفرنب" عود السلطة، فسُلمت السلطة لعبود، فتسابق السيدان إلى تأييد عبود،.. وهبت الثورة فتدافعا إلى التقدم للصلاة على جثامين الشهداء.. ولكن ظهرت قوى جديدة في الساحة (شيوعيون، وجمهوريون، وأخوان).. أدى ظهور هذه القوى إلى تقارب المسافات بينهما، لكن غبينة الشقاق لم تنته في عهد مايو، ولا في عهد الانقاذ، ولا في أيام الديمقراطية القصيرة.. وقّع حزب الأمة اتفاق شقدوم، فوقع الاتحادي الديمقراطي اتفاق السلام.. فقد ظهر في الأفق نجم الحركة الشعبية. جاءت الانقاذ ولم يكن بإمكان أي من السيدين تأييدها في البداية فخرج كليهما إلى الخارج لمعارضتها.. أصبح الميرغني زعيماً للتجمع فخرج المهدي من التجمع، وتقارب مع الإنقاذ في اتفاق جيبوتي.. طمعت الإنقاذ في المهدي فشقت حزبه نصفين، فعاد الميرغني إلى الداخل وكان لا يتحدث كثيراً.. لم يتحدث عن اقتراب المهدي مرة أخرى من الانقاذ في التراضي الوطني، ولا عن مشاركته في لقاء كنانة.. صمت الميرغني هذا ألهب الساحة أكثر، ودفع كليهما إلى الخروج من أجواء الخلاف والصراع التقليدي بين الكيانين إلى اصطراع على القوى الجديدة التي ظهرت وعلى رأسها الحركة الشعبية. بالنظر إلى هذا ليس من المستبعد أن يستوعب الحزب الاتحادي الديمقراطي حضور حسنين إلى جوبا، ويعتبر حضوره جزءا من الصراع القديم في (الدنيا ما معروفة)، قد يحتاج الاتحادي في القريب العاجل الى تجديد شرايين العلاقة مع الحركة الشعبية كما كانت في حياة د. قرنق. الشاهد من كل هذا أنّ رهان السيدين في الوقت الحالي يدور في حلبة الحزب الحاكم، وفي حلبة الحركة الشعبية.. هذا في حد ذاته غريب!.. لأنّهما في الماضي كانا يراهنان على "الدوائر المقفولة"!.. لا ندري لماذا لا يراهن السيدان على هذه "الجماهير"؟.. (أغلب الظن أنّهما لا يفعلان ذلك لأنّ داخل العقل الباطن ظن يتقارب من الحقيقة بألا انتخابات)!.. أو.. ربما تكون "الدوائر المقفولة" لم تعد كذلك!.. أم تراهم يحسبون أن الدوائر مضمونة؟.
|
|
|
|
|
|
|
|
|