أها يا مازيمبيخاب بعد ما فكت السكرة ..

Quote: الأربعاء-7-اكتوبر-2009م جميل أنت حتى في حزنك.. يمكن أن نعود بالعديد من الأبواب لمباراة الخروج (المُر) مساء الاحد أو ليلة الاثنين !! يمكن أن نعود لنتحدث عن التشكيلة وعن الفكر التكتيكي لكامبوس وعن خطة مدرب مازيمبي .. يمكن أن نتجادل حول مشاركة كابوندي واصابة حمودة وجلوس مهند علي الاحتياطي .. يمكن أن نفتح أكثر من ملف حول الشطب والتسجيل وحتي الإعارة . يمكن أن نكتب عن عمق الدفاع وضياع الأهداف وخط الوسط المدافع والمهاجم وصانع الألعاب.. ويمكن أن نتناقش في مستقبل الفريق والدوري الممتاز وحتي كأس السودان ومباراة الرد.. ولكننا نود أن نبدأ اليوم من ذاكرة الاحزان.. من عمق دواخل الأهلة.. من هذا الانسان الأزرق الجميل النبيل العاطفي العاشق الصوفي .. هل رأيتم كيف عبّر الاهلة عن حزنهم..؟ هل شاهدتهم اختلاف المشاعر في لحظة واحدة ما بين حزن الوداع وغضب الهزيمة وحنان الوالد..؟ هو حال الأهلة الذين حملوا أفراحهم لملعبهم بأمدرمان فوجدوا الحزن في انتظارهم ولكنهم كانو رجالا كما العهد بهم.. لم يهزمهم الحزن فانتصروا بالحزن نفسه !! وكتبوا صفحة جديدة في تاريخهم وعلموا الآخرين كيف يكون العشق في الملمات الصعبة.. لم تنزل زجاجة فارغة واحدة لأرض الملعب ولا خرجت شتيمة من الحناجر ولا تعرض لاعب لاعتداء.. نزلت الدموع سخينة لتبكي حلماً يعلم الأهلة جيداً أن الجميع شارك في صناعته لذلك فإن البكاء يطال الجميع .. عاشق الهلال في المدرجات كان يعلم جيداً ان كل لاعب داخل أرض الملعب حتي ولو فشل في اداء مهمة دفاعية او هجومية اجتهد في النجاح ولكن التوفيق لم يحالفه.. الاهلة الاوفياء لم يتنكروا في لحظة هزيمة قاسية لمدربهم الذي أعطاهم فريقاً قويا وأفرحهم كثيراً.. كما غنوا متماسكين في بداية المباراة تماسكوا في لحظة الخروج وتبادلوا الاحزان لذلك عادوا لديارهم في قمة الهدوء وهم يعزون أنفسهم بأن كل فرد في شعب الهلال العظيم أدى ما عليه حتي أنهم أضاءوا أرض الملعب بأنوار تلفوناتهم في منظر بديع لم تشهده الملاعب السودانية ولن تشهده لان الضوء خرج من قلوب الأهلة واستمدت التلفونات الطاقات من النفوس الكبيرة (النور في قلبي وبين جوانحي فعلام أخشى السير في الظلام).. لأننا من هذا الشعب الرقيق نقول أن الهلال مختلف في كل شئ عن الآخرين.. في فرحه وفي أحزانه.. وفي جماهيريته وفي قدرته علي امتصاص الغضب واحتواء الأحزان.. لقد اشتهر شعب الهلال بالحماس ورد الفعل العنيف عندما يشعر بأن هناك قصورا أو أن هناك من يستحق العقاب.. وفي أمسية الهزيمة قدم شعب الهلال درساً جديداً في تقدير المواقف حتي ولو انهزم الفريق لأن شعب الهلال يعرف جيداً أن كرة القدم نصر وهزيمة وأنها جزء من هذه الحياة وأن الفريق الذي ينتصر دوماً لم يوجد لأن الانسان الذي يعيش دوماً لا يوجد.. هي الحياة هكذا تداول بين الناس وحركتها مستمرة ويبقى الثبات لأصحاب المبادئ وأصحاب الفكرة الكبيرة للقادمين من (ضهر) الخريجين الاوائل أهل الاصل والفصل والجذور الراسخة في تراب هذا الوطن.. انهزمنا بخماسية بعد ثلاثة وثلاثين مباراة انتصرنا فيها علي التوالي افريقياً.. فهل يمكن ان تمسح هزيمة وحيدة كل هذا التاريخ والانجاز..؟! جددنا فريقنا وبدلنا وشطبنا وسجلنا واجتهدنا في الوصول للمباراة النهائية لذلك فإن الوصول لنصف النهائي مقبول لدينا اذا أرادت كرة القدم ذلك. لن نتحدث عن شماعة تحكيم ولا اتحاد افريقي او اتحاد سوداني.. لن نبحث عن حائط مبكى خادع بل نقول بكل شجاعة كان مازيمبي أفضل فاستحق النصر.. كان هجوم مازيمبي أسرع وأكثر قدرة علي الوصول للمرمي فاستحق الفوز بخماسية.. انهزم الهلال لأنه لم يكن في يومه ولأن هذا حال كرة القدم ونحن المعلمين لذلك يجب أن نعلم الناس كيفية التعامل مع الهزيمة. سنبقى أسياد هذه الأرض الطيبة لأننا وحدنا من يجيد تمثيلها في الملمات الصعبة.. وسنبقى أبطال الدوري الممتاز لأننا أهل التميز في البطولات الكبيرة وسنبقي الاكثر قرباً لوجدان هذا الشعب لأننا أصلاً من الجذور العميقة لهذا الشعب لذلك كان الاهلة يضحكون علي (الاقليات) في الشوارع الذين خرجوا ليحتلفوا بهزيمة الهلال.. لم يعتدِ هلالابي علي (شامت) أو فرحان من هزيمة الهلال فأسياد البلد يعرفون جيداً مدى (الكبت) الذي كان يعيش فيه هؤلاء.. ثم أنهم يحتلفون أصلا لانتصار غيرهم بعد أن تجرعوا كأس الهزيمة .. ضحكنا علي شماتتهم لأننا نعلم أنها لن تشفي غليلهم فالهلال انتصر اولاً عليهم وفرض سيطرته الداخلية وأكد لهم أن البطولات الكبيرة لا يجيد اللعب فيها إلا الكبار وبعد ذلك ترك لهم الحزن في ديارهم ولم يترك لهم مساحة لفرح انتصار فاختاروا أن يفرحوا لهزيمة الهلال.. هي مساحة لحزن نبيل من شعب عظيم نبدأ بها الدروس المستفادة من مباراة مازيمبي وننطلق منها لتحقيق أحلامنا الكبيرة لأن الهلال الكبير يبقى كبيراً لأنه دوماً يعيش مع الكبار..