|
ما شفت عوض يا ساري الليل.....ناس الهامش الشمالي فقط لو سمحتم...
|
كنا نراها تسير في طرقات بلدتنا مورة في شمال السودان بوجهها العابس وتوجسها المريب كانها مخبر في المباحث متقاعد..تلتفت وراءها بغضب وتزجر الاطفال الذين يعيرونها باسم(بت الخور)..فترد بعجرفة بصوتها الاجوف(يخرخر..امكم) تاتي عند الغروب من المزارع وتوقف حمارها المحمل بالعلف امام باب بيتنا فهى لها تقدير خاص لامي التي تحترم كل الناس..ونهجم نحن الصغار على اكواز الذرة الشامية المتدلية على جانبي الحمار و نقص اعناقها في فرح طفولي ونجردها من شراشفها ونزج بها في اتون الجمر تحت اناء الشاي الذى تعده امي لضيفتها الكريمة بت الخور..وكانت لوحة جسدها شاعر حلاة ناسا بلى السكر طعم قراصة في قدحا من الدبكر كواريك شفع المغرب يقلبو في الجمر قنقر وتظل بت الخور في صمتها العميق والمخيف كانها لا ترانا حتى.. تكلس وجهها المتجهم عبر الزمن..حتى انه يخيل لك لو ابتسمت هذه المراة اوضحكت لتصدع وجهها وتهشم وسقط متناثرا على الارض كالخزف الصيني... ******* اخبرتنا الجدة الحرم طيب الله ثراها..ان بنت الخور في صباها كانت امراة رائعة الجمال تزوجت مبكرا وعندما اجتاح فيضان 1942 البلدة..تم اجلاء النساء والاطفال وتم رفعهم على اطواف في اعالي جزوع النخل..رفضت بت الخور البقاء مع النساء و ان تترك زوجها الذى حاصره الفيضان في الجروف فتسللت ليلا تبحث عنه..مع الهلوكوست والنيل المتعجرف وعواء الرياح والرمال الوقحة التي دفنت كل شيء خاب املها ..واسفر الصباح عن امراة تجوب شوارع البلدة وتلتفت هنا وهناك بغضب لقد ارادت هذه المراة الحديدية ان تتحدي القدر..وهزمها ولكنها لم تتحطم..تماما كما قال ارنست همنغواي(الرجل يهزم ولكن لا يتحطم) ارادت ان تسجل موقف مشرف وتجسد قيمة نادرة تسمي الوفاء بالمغامرة في البحث عن زوجها الذى طواه المجهول كمصطفى سعيد في موسم الهجرة الى الشمال..هزمها القدر ولكنها لم تتحطم..واضحت واحدة من كائنات الرمال العجيبة..هولاء اللذين يقيمون في الهامش..لا الزمان يعرف احدا منهم وليسو هم بقايا المكان.. وكانت المراة الغامضة ..جبل الصمت..والغضب الدفين..اسطورة تسمي بنت الخور..هزمها القدر يوما ولكنها لم تتحطم.. واضحت افضل منا جميعا ولو تفندون..
ما شفت عوض تابع النجمات فات لي قدام .. يا ساري الليل
درويشاً من يا دوب صغير عشرة أعوام الزول زول الله من الصلاح الرفعت عنهم الأقلام دي بركة الرسل الدارو الآخرة أم خيرن دام التركو نعيم الدنيا الزايل للعبدوها وللحكام
في يوم البحر الجانا وتسب وقام يوم دخل الحلة وهد بيوتنا ترا وهدام صبحنا ضيوف ما خلاّ وراهو صلة أرحام يوم داكا عوض خلاها مرق سفره طويل مع الأيام
متجلبب بي تيبان الرحمة غطا وهندام متنعلت بي أرض الله الواسعة خطى الأقدام متزود شايل خير الزاد وحي وإلهام ما شفت جناح جبريل غتاهو بقالو مظلة جلوس وقيام
فتشنا سما وفتشنا أرض ما شفنا منام في التمر الشايل تكا سبيطو مدلدل خام في الجرف الأخضر في لوبيهو وفي النجام في جدول جاري يسقي الحلة تسرسر مويتو نعيماً دام
يبقالي نجع متوجه قاصد أرض الشام ما شفتو هناك مع الحجاج لابس الإحرام في يثرب ومكة وفي بيت الله المكسي رخام يبقالي هناك يكون مندسي مع الخدام
يا ساري الليل أنا داير أوصيك وأديك كلام الروح ان صعدت لي باريها وفي جنات الخلد مقام لو كان لاقيتو في إي مكان في إي زحام روح كلمو قولو الحلة بكت من شوقا إليك تغريك سلام..
..........
ساري الليل كلمات / حاتم حسن الدابي
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ما شفت عوض يا ساري الليل.....ناس الهامش الشمالي فقط لو سمحتم... (Re: على محمد على بشير)
|
Quote: يا عدوله
كمل جميلك وجيبا لينا صوت وصوره وطمبور .. وبالعدم صوت وطمبور بس .. |
الاخ الحبيب علي ود البشير خواتم مباركة يا ريت كنت زمان بسوى الحاجات دي...عشان نوفر استراحة جميلة لناس الذوق والشعور زيك لكن البورد ده جنا من اتهكر بقى ما برفع اغاني والصورة في جعباتا ماركة سودانيز اون لاين وتفسد جمالياتا ......
حاولت مجاراة ابداع الدابي برسم صورة بالنثر كما رسمها بالشعر للحادثة رغم ان حادثة الدابي لطفل عمره عشرة سنوات غرق في فيضان 1988 وهذا الامر يدركه تماما اهل سعاد اية الجمال البقت بين كرمة وكريمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما شفت عوض يا ساري الليل.....ناس الهامش الشمالي فقط لو سمحتم... (Re: adil amin)
|
سيرة مدينة: ....بيت الشاتي........... راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
عادل الامين [email protected] الحوار المتمدن - العدد: 1962 - 2007 / 6 / 30 المحور: الادب والفن
كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمة حسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟ واتداعى.......... ....................................... هكذا كنا نراها...الجدة الشاتي ام سليمان..تقبع في بيتها وحيدة بعد رحيل الوالد والولد الي الرفيق الاعلى او الى الخرطوم...بيتها يقع وسط محيطات لا نهائية من الرمال الوقحة التي تدفن كل شيء....كنا نغامر انا واخوتي الصغار في عبور هذه البحور المشتعلة من الرمال التي تحرق اقدامنا الصغيرة لنزورها وننعم بكرمها الحاتمي من تمر وجرم وبسكويت كوكو..كانت غاية في الجمال لا تقل من النساء الائي يزينن صناديق الحلوة "دايما على بالي" وكريكاب وتزين بها البرندة حيث تقبع هناك في جلالها المعهود تغمرنا ا بابتساماتها الطيبة ونظراتها النافذة التي لا تقل من اسي لكائن وحيد يعيش في بيت يضج فقط بالزكريات الصادقة وجميلة والتي مهما تجافينا نقول حليلا..وعند الغروب تكون زيارتنا الثانية لطائر الغرنوق الجميل..لانها تكون قد ابت من المزارع وتحمل سنابل الذرة الشامي...نهجم على الحمار ونتسابق في قطع رؤؤس الذرة كما يفعل امهر سفاح في عالمنا المعاصر او اصولي متشدد في العراق...تشعل لنا الجدة الفحم ويتلظى الاتون ونلقي باكواز الذرة وتنبعث الطقطقات والعويل وتخافتنا حولها.. وكما قال المطرب الشعبي حلاة ناسا بلا السكر طعم قراصة في قدحا من الدبكر كواريك شفع المغرب يقلبو في الجمر قنقر ........... وعندما يعسعس الليل..وتسكن الكائنات..يرتفع انين سيارة من الشرق..تنهض الشاتي وتنظر في الافق المعتم لمصابيح السيارة التي تتقاطع من بعيد ومن نفيرها المنغم ؟!!بنغمة شعبية تدل على سائقها ونعرف هل هو لوري عطاية ام جابر.. تحدق الشاتي في الافق للحظات وتجلس وتنظر الينا في اسى وتتنهد..."ان اللذين يمضو لا يعودون"...منذ ان بدات هجرة النخيل الى المدن الخراب بعد ظهور مرفق السكة الحديد.. نغادرها وحيدة مع قليل من الدجاج والماعز وحمارها الاعجف..فتتكوم في العنقريب وتتغطى بثوبها النظيف وهي تتمتم بايات قرانية ..في انتظار جودت الذى لا ياتي ابدا.... وكغيرها من كائنات الرمال تبقي الشاتي فقط في اروقة الذاكرة كامراة كان لها موقف من الحياة واثرت البقاء في الرمال على النزوح للبنادر المزعجة...وتصبح احدى شخصيات رواية الساقية* ................. كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمة حسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟ واتداعى..........
الحديدة 1998 رواية الساقية: منشورات مركز عبادي للدراسات والنشر -صنعاء اليمن 2005
| |
|
|
|
|
|
|
|