|
الجـلاّبي عندما يرتدي ثوب الضحية!
|
Quote: لو أنت مواطن شمالي وقلت لمواطن جنوبي إن الحرب بين الجنوب والشمال على مدى ما يقارب ستة عقود زمنية استنزفت موارد الشمال، اقتصاديا وبشريا لقال لك على الفور ان الجنوب ايضا لم يسلم من الاستنزاف ولعل أهل الجنوب عانوا أكثر من أهل الشمال بسبب ويلات الحرب.
افترض ان المواطن الجنوبي على حق، ولكن يبقى سؤال: من هو الطرف الذي ابتدر الحرب أصلا؟
هي في الحقيقة ثلاث حروب: هي تمرد عسكري جنوبي محدود في عام 1955، وحرب شاملة على مدى 11 عاما ابتداء من عام 1960، وحرب أخرى بدأت عام 1983، وامتدت لعشرين عاما.
ويفيد التاريخ المسجل انه في كل حالة من هذه الحالات الثلاث كان الجنوب هو الطرف المبتدر للحرب.
مع ذلك ليس المهم الآن التساؤل عمن كان يبتدر القتال العدواني بقدر ما هو التوصل إلى استخلاصات نهائية من تجربة الحرب.
الاستخلاص الأكبر هو أنه مع استمرار حالة حرب بين شعبين تتواصل على مدى أكثر من نصف قرن، ويحتمل ان تتجدد في أي وقت فإن هذا يثبت بالضــــرورة الحتمية انه ليس هــــــناك أي حد أدنى للوئام والانســـــجام بين هذين الشــــــعبين. الأمر الذي يســــتوجب الافــــتراق بينهما.
أهل الشمال مسلمون بينما أهل الجنوب في الغالب الأعم وثنيون، وأهل الشمال ينتمون إلى هوية الحضارة والثقافة العربية الإسلامية بينما أهل الجنوب لا علاقة لهم بهذه الحضارة والثقافة.
وبينما تربط بين أهل الشمال وشيجة اللغة العربية كلسان قومي فإن أهل الجنوب ليس لهم لغة قومية، فهم قبائل تتحدث بأكثر من مائة لغة قبلية مختلفة.
ثم انه لا يربط بين الشمال والجنوب تاريخ مشترك بل انه حتى عام 1898 لم يكن ما نسميه الآن «جنوب السودان» جزءا من الدولة السودانية.
في ذلك العام كانت هناك قوة عسكرية فرنسية بقيادة الجنرال مارشاند ترابط على الأرض التي تسمى الآن جنوب السودان «لم يكن لها اسم آنذاك»، وبعد أن انتصر الجنرال البريطاني كتشنر على الدولة المهدية السودانية في تلك السنة فإنه زحف جنوبا بهدف طرد القوة الفرنسية، وانتهى الأمر بتفاهم دبلوماسي بين لندن وباريس وافقت بموجبه فرنسا على ضم الأرض التي احتلتها إلى السودان.
كان هدف بريطانيا فرض سيطرتها على كافة الأراضي التي يخترقها مسار النيل من المنبع في يوغندا إلى المصب في البحر الأبيض المتوسط.
واذا كان ضم الجنوب إلى الشمال في ذلك الحين نابعا من مصالح استراتيجية بريطانية فإنه كان اجراءً مفتعلاً من المنظور الثقافي الحضاري.
هذا الخطأ التاريخي ينبغي الآن أن يصحح ورد الأمر إلى أصله بفصل الشمال عن الجنوب.
http://www.al-watan.com/data/20090818/innercontent.asp?val=amorabi1_1
|
|
|
|
|
|
|