|
ما دام الطرف راضي
|
أسفت جداً للقاضي المعارض في تحكيم ابيي عون الخصاونة لظهوره العلني على صفحات الجرائد والفضائيات ليؤكد أو ليبرئ ذمته حقيقة على أن قرار لاهاي بشأن ابيي (قصر من الأماني مبني على الرمال واذا كان غرض القرار بناء سلام فإن السلام الذي لا يقوم على العدل لا يمكن الحفاظ عليه ، وأن القرار توفيقي غير مقنع بنى على أسس واهية تفتقر إلى الدقة في تحديد الحدود ، وأن قرار هيئة التحكيم لا يأخذ وجود المسيرية اعتبارا اذ انه يعتبرهم مجرد بدو رحل لهم حقوق ثانوية في الارض وهذا ما لا استطيع ان اقبله) . ولكنني أقول له أنه لا يمكن ان تثير مثل هذه الآراء القاسية علناً خاصة وأنت ممثل حكومة السودان في التحكيم ، وهي قد رضيت بالحكم فلماذا تريد ان تكون ملكا اكثر من الملك . ثم أقول لك أن التحكيم في الأصل أقرب إلى التوفيق بين الأطراف ، ولا تتبع الهيئة حرفية القانون وفنيات النصوص التي تهلك الأطراف امام القضاء العادي فيضيع وقتهم ومالهم ويعمل على نشر غسيلهم امام المحاكم . هذا هو الهدف من التحكيم كما لا يفوت على صاحب السعادة الخصاونة ان حكم التحكيم لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن المقررة قانوناً وثانياً فهو حكم نهائي قاطع وبات وأصبح عنوناً للحقيقة ولا يجوز حتى الحديث عنه بأي صورة من الصور احتراماً له وتناوله بتلك الصورة التي ظهرت من صاحب الرأي المخالف تعرضه للمساءلة الجنائية حتى ولو كان الحكم مخالفاً للقانون أو النظام العام . لم يعجبني جوابك عندما سئلت اذا ما كنت تعتبر قضية ابيي سابقة بوقوف حكومة مركزية ضد حكومة اقليمية ؟ أجبت بأنك لا تستطيع الاجابة إلا اذا رجعت إلى السوابق ولكن الأمر سبيه بقضية تيمور الشرقية والاجابة لا تحتاج لاجتهاد فهذه أول سابقة في تاريخ القانون الدولي (وهو لعلمك ليس بقانون) أن تفصل محكمة التحكيم الدولية في نزاع كهذا أما قضية تيمور الشرقية فهذه مختلفة تماما ولم تذهب الى التحكيم مع اندونيسيا وانما نالت تيمور استقلالها باعطائهم حق تقرير المصير عن طريق الاستفتاء بالاستقلال او الحكم الذاتي . وبعدين يا أخى الأطراف رضيت بحكم التحكيم واسدلوا الستار على الخلاف وما كان سوف يترتب عليه من آثار إذا كان في صالح طرف دون الآخر . ويبدو أن شخصية التنفيذي غلبت عليك يا خصاونة ونزعت من عليك ثوب القضاء ، ولذلك وكما تفعل معظم النخب اللهاث وراء الفضائيات بدل أن تسعى إليهم ، كما أن مثل هذا الموضوع لا يجب أن يثار على مستوى الاعلام لحساسيته خاصة وأنت تعلم أن أي انفجار سوف يجعل وحدة السودان في خطر إضافة إلى الكثير من الدماء التي سوف تسيل ، ولا يخفى عليك وأنت تعيش في منطقة بؤر الصراع فيها على أشدها وأي صب للزيت على النار سوف تحرق الجميع .
مدني الحسين – محامي ومستشار قانوني
|
|
|
|
|
|