تونجيات - ايام التونج ثانية !

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 01:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-19-2009, 07:16 PM

هلال زاهر الساداتي
<aهلال زاهر الساداتي
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 225

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تونجيات - ايام التونج ثانية !

    تونجيات – ايام التونج ثانية !
    لقد اغدق الاخ الدكتور الاديب بشري الفاضل آيات الثناء في (بوست) في المنبر العام في صجيفة سودانيز اون لاين علي كتاب ايام التونج , وكذلك كتب الاستاذ المسرحي خطاب حسن بأن كثيراً مما ورد في الكتاب يصلح لمعالجة درامية رائعة مسرحياً او سينمائياً , واورد فصلاً كاملاً من الكتاب بعنوان (محكمة السلاطين) وقال انه ينوي ان يشرع في ذلك , كما طلب مني الدكتور بشري ان اكتب عما حفزني لكتابة الكتاب او اي اضافة أراها له .
    وانا ممتن للأخوين الكريمين , وها أنا ذا اكتب عن ملابسات العوامل التي دفعتني لكتابة الكتاب متوسعاً في بعض ما ورد فيه الي اضافات اخري , واخترت لها العنوان المتقدم اعلاه ...
    تونجيات – ايام التونج ثانية (1-3)
    هناك بعض الامكنة والمدن التي ترتاح لها النفس من الوهلة الاولي , ويأسر المرء حبها , أو يلج حبها في القلب مثل ولوج الحب الي قلب الفتي او الفتاة في اول مرة , ومن هذه المدن الآسرة مدينة التونج الجميلة , والتي يصدق فيها القول ( الحب من اول نظرة ) , فالخضرة الزاهية تكسو أعاليها من الاشجار الباسقة , وتفرش ارضها ببساط كالسندس الاخضر , كما تعمر وجوه ساكنيها انطلاقة وهاجة وابتسامة عذبة تكشف عن اسنان بيضاء براقة ربما تعلن عن قلوب صافية ودواخل شفيفة , أتراني غاليت في وصفها ؟ ربما ... فعين المحب تزيد الجميل جمالاً وتتعامي عما عداه .
    تملكني هذا الاحساس وصدَّقه فيما بعد تجارب الحياة اليومية في مدها وجزرها وتقلباتها واحداثها . ولعل سخاء الطبيعة بما حبت به البلدة من اخضرار ممتزج بألوان الزهور الزاهية وانواع الطيور الملونة الصادحة من الببغاوات والبلابل والزرازير , وما لم تره عيناي من قبل واشجار الفاكهة من المانجو واللارنج والباباي والتوت المحملة بثمارها الشهية , وبعضها أراها للمرة الاولي لأنها لا توجد في الشمال .
    أما الانسان فيها فأنه معدن آخر وربما يرجع ذلك الي معيشته علي الفطرة التي لم تفسدها شوائب التحضر , وفي البساطة التي لم تعقدها مشاكل وتعقيدات الحياة المدنية الصاخبة في غير طائل ! ويسكن التونج عدة قبائل رئيسة اكبرها الدينكا والجور .
    واني احكي عما عايشته في النصف الثاني من القرن العشرين وبالتحديد في عامي 1962 و 1963 وجزء من عام 1964 , ويطيب لي ان استعيد تأكيداً عما ذكرته في الكتاب من السمو الاخلاقي الذي تتميز به قبيلة الدينكا الهائلة العدد بأفرعها المتعددة فهي اكبر القبائل عدداً في الجنوب والشمال , وأفرادها رجالاً ونساء أُميين , ولم يرسل الله اليهم رسولاً او نبياً يبين لهم سبل الهدي والرشاد , ولكن خصَّ البعض القليل منهم بالحكمة , ونحن المسلمين نعلم كما علمنا خالقنا ان الحكمة ضالة المؤمن أنّي وجدها , وان من أوتي الحكمة قد اوتي خيراً كثيراً , ورغم قلة عدد المسيحيين والمسلمين بما لا يذكر للأغلبية العظمي من انصار المعتقدات الدنيوية , فأن تعاليم هذه المعتقدات يلتزم بها الجميع , وأمر آخر يبعث علي الاعجاب وهو حرية الاعتقاد للفرد وهو ما نص عليه قوله تعالي في كتابه الكريم ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) , وقوله تعالي ( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) , وكما نصت عليه وثيقة حقوق الانسان الدولية وكذلك دساتير دول العالم المتمدين علي حرية العقيدة والاعتقاد , ويتجلي ذلك في انصع صورة في مجتمع الدينكا , فقد تجد في البيت الواحد من الاشقاء من هو مسيحي كاثوليكي وآخر بروتستانت , وآخر مسلم , وآخر لا ديني والجميع يعيشون في وئام وسلام , وهذا الوضع الفريد الفيته في منزل سلطان البلدة . وآية ذلك ما ذكرته في الكتاب عن قصة الوالد الدينكاوي الذي استطحب ابنه الطفل ليلتحق بالمدرسة , وعندما سالته لجنة القبول المكونة من سلطان البلدة وضابط المجلس الريفي الجنوبي وحكيمباشي المستشفي وعميد مركز تدريب المعلمين , سألته عن الدين الذي يرتضي ان يدرسه ابنه , رد علينا قائلاً : (الولد صغير وجاهل وانا ما عاوز افرض عليه ديني او اي دين آخر , وهو لما يكبر ويفهم يختار الدين العايزو ) , وكان يترجم لنا من لغة الدينكا الي العربية لوكا كاتب المعهد الدينكاوي الجنوبي .
    وجال بذهني خاطر وهو : ألسنا مسلمين الوراثة ! وجدنا والدينا مسلمين فأصبحنا مثلهم ولو كانوا يهوداً او مسيحيين لصرنا مثلهم ايضاً ! وشغلني هذا الخاطر الي ما بعد انفضاض لجنة القبول وقادني الي تساؤل مفاده ان اتباع الديانات الارضية كالبوذية او الكنفوشيسية او اتباع المعتقدات الارضية الاخري يلتزمون التزاماً صارماً بتعاليم دياناتهم في سلوكهم ومعاملاتهم بشفافية وسمو بينما نحن المسلمين اصحاب الرسالة السماوية الخاتمة والحاوية لخيري الدنيا والآخرة لاتجد الكثير منا يستمسك بفضائل وسلوكيات هذا الدين العظيم في حياتنا وأصبح تديننا مظهرياً في عبادات نؤديها آلياً من صلاة وخلافها وفي سمت معين من لحي وعلامات دائرية سوداء علي الجباه ومسابح في الايدي ولقب الحاج لمن زار بيت الله الحرام والتهليل والتكبير والنقاب والحجاب للنساء , بينما جوهر الدين هو المعاملة التي هي مجموعة المثل والقيم من صدق وأمانة وعدل ورحمة الي آخر المنظومة الاخلاقية السامية نجدها غائبة او مغيبة ! بينما حدثنا نبينا (صلعم) بما معناه انه بُعث ليتمم مكارم الاخلاق .
    وارجع الي السمو الاخلاقي لهؤلاء الناس , فهم لا يعرفون السرقة ولا يكذبون ويتمسكون بكلمتهم , فقد يجيئ احدهم بسمكة كبيرة او ديك اوجدي الي السوق , ويضع سعراً محدداً لسلعته لا يحيد عنه ويجلس في مكانه حتي ينفض السوق ويرجع ادراجه مع سلعته ! وامر آخر يدعو للتأمل وهو ان هؤلاء القوم لا يوجد عندهم شذوذ جنسي لأنهم لا يعرفونه , ونجد ان كل المخالفات الجنائية مصدرها الشجار الذي يتسبب في الاذي بين الطرفين .
    واجيئ الي القبيلة الهامة الاخري في التونج وهي قبيلة الجور ويمكن ان نطلق علي افراد هذه القبيلة قبيلة الفنانين , فهم فنانون بالسليقة وينحتون من الخشب تماثيل للحيوانات تكاد تنطق من اتقانها وجمالها , ويختارون أجود انواع الاخشاب كالابنوس والمهوقني كما رأيت تماثيل بالحجم الطبيعي للانسان تنصب علي قبور البعض , وهم يبيعون هذه التماثيل الجميلة ويقبل علي شرائها الشماليون ليزينوا بها حجرات جلوسهم او لأهدائها , والي جانب التماثيل فأنهم يصنعون العصي الانيقة ايضا . ولقد شاهدت بعضاً من هذه التماثيل تعرض في محال بيع الاناتيك في الخرطوم ويقبل علي شرائها الاجانب وبخاصة السياح .
    ومما يجدر ذكره ان معلم هذه الفن للطلبة المدرسين بمركز تدريب المعلمين بالتونج كان من الجور وكان هناك مشغل او ورشة للتطبيق العملي للخراطة والنحت علي الخشب وصنع الاشكال الجميلة منه , وهذا المعلم الموهوب لم يدرس ولم يتخرج في اية كلية فنون جميلة , وكانوا يستخدمون في عملهم ادوات بسيطة كالازميل والمنشار والشاكوش .
    وسأواصل الحديث عما حفزني لكتابة كتاب أيام التونج ...

    (عدل بواسطة هلال زاهر الساداتي on 06-19-2009, 07:23 PM)

                  

06-20-2009, 05:43 AM

khatab
<akhatab
تاريخ التسجيل: 09-29-2007
مجموع المشاركات: 3433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تونجيات - ايام التونج ثانية ! (Re: هلال زاهر الساداتي)



    مرحباً

    بالاستاذ هلال زاهر

    كلنا عيون مشدوده لاضاءاتك الثره

    حول .. أيام التونج ..

    ولصديقى د. بُشرى الفاضل

    الزهو و الطرب ,

    انك لبيت رغبته تلك , فى استنطاقك

    وللقُراء حظ التصفُح والاطلاع المواكب

    لمُحرضات , فعل التوثيق الذى أجدت

    وأبليت ..

    .

                  

06-20-2009, 07:19 AM

saif addawla
<asaif addawla
تاريخ التسجيل: 12-07-2006
مجموع المشاركات: 911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تونجيات - ايام التونج ثانية ! (Re: khatab)

    الاخ الفاضل هلال

    حظيت باقتناء مؤلفك ( ايام التونج ) وقد ذاد من متعتي بقراءته ، انني عشت سنوات طويلة من طفولتي في جنوب السودان ودرست في يامبيو وجوبا ، وتنقلت في معظم مدنه وقراه ، يا لها من ايام ، انه حقا لمؤلف جدير بالاطلاع

    سيف الدوله
                  

06-20-2009, 09:14 AM

khatab
<akhatab
تاريخ التسجيل: 09-29-2007
مجموع المشاركات: 3433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تونجيات - ايام التونج ثانية ! (Re: saif addawla)



    سيف ..

    شكرا يا دُفعه

    مولانا سيف الدوله

    وهو يا استاذنا هلا ل

    مُغرم بالمسرح ولقد اصطاده القانون كدراسه وكان ان مارس القضاء

    بالسودان والاّ ّن

    وِفق .. تعريف البروفايل .. محامى

    ولنا فى سيف الدوله

    عضد وعون ..

    وكويس يا سيف انو الكتاب معاك

    .

    تحايا واشواق

    .

                  

06-20-2009, 11:20 AM

dardiri satti

تاريخ التسجيل: 01-14-2008
مجموع المشاركات: 3060

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تونجيات - ايام التونج ثانية ! (Re: khatab)

    عزيزي الأستاذ هلال،
    لكم شوقتني والدكتور بشرى لقراءة كتابك الرشيق.
    ترى هل تطرقت في كتابك عن التمازج الذي تم
    بين فن ووداعةإخوتنا أبناء الجنوب
    وخفة ظل أستاذنا الرشيد التجاني،
    وجدية أستاذناعبد الرحمن التنقساوي ،
    وانضباط ضابط الشرطة علي صديق
    والروح المرحة التي يتحلى بها إبن خالتي زياد؟؟
    لاشك إن هؤلاء جميعاً ،
    قد ساهموا بقدر كبير
    في إثراء حياة تلك المدينة.


    تحياتي
                  

06-20-2009, 11:23 AM

dardiri satti

تاريخ التسجيل: 01-14-2008
مجموع المشاركات: 3060

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تونجيات - ايام التونج ثانية ! (Re: dardiri satti)

    عزيزي الأستاذ هلال،
    لكم شوقتني والدكتور بشرى لقراءة كتابك الرشيق.
    ترى هل تطرقت في كتابك عن التمازج الذي تم
    بين فن ووداعةإخوتنا أبناء الجنوب
    وخفة ظل أستاذنا الرشيد التجاني،
    وجدية أستاذناعبد الرحمن التنقساوي ،
    وشاعرية أستاذنا المرحوم الصادق عبد الرحمن،
    وانضباط ضابط الشرطة علي صديق
    والروح المرحة التي يتحلى بها إبن خالتي
    ضابط الصحة ، زياد؟؟
    لاشك إن هؤلاء جميعاً ،
    قد ساهموا بقدر كبير
    في إثراء حياة تلك المدينة.


    تحياتي
                  

06-21-2009, 07:09 PM

هلال زاهر الساداتي
<aهلال زاهر الساداتي
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 225

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تونجيات - ايام التونج ثانية ! (Re: dardiri satti)

    الاخ الفاضل درديري ساتي
    تحية وود , لم يسعدني الحظ بلقاء او معرفة تلك الشخصيات التي ذكرتها , فربما عملوا قبلي او بعدي في مدينة التونج (اعوام 62 - 63 وجزء من 1964م) , ومن خلال وصفك لهم يبدو انهم كانوا الوجه المشرق للشماليين في التونج وفي الجنوب .
                  

06-21-2009, 07:06 PM

هلال زاهر الساداتي
<aهلال زاهر الساداتي
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 225

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تونجيات - ايام التونج ثانية ! (Re: saif addawla)

    الاخ الفاضل مولانا والمحامي حاليا سيف الدولة
    تحية خضراء زاهية كخضرة التونج والجنوب برمته , وسعادتي لأن قراءة كتابي قد تركت فيك بعض المتعة .
                  

06-21-2009, 07:02 PM

هلال زاهر الساداتي
<aهلال زاهر الساداتي
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 225

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تونجيات - ايام التونج ثانية ! (Re: khatab)

    الاخ الفاضل خطاب
    الشكر لأطلالتك البهية كلما خطت اناملك جميل الكلام في حقي , وهذا هو الشئ الثمين الوحيد الذي جنيناه من التدريس , فهذه المشاعر الصادقة الندية خير جزاء لنا من تلاميذنا امثالك , فنحن فقراء في مالنا اغنياء بتلاميذنا وطلبتنا .

    (عدل بواسطة هلال زاهر الساداتي on 06-21-2009, 07:12 PM)

                  

06-28-2009, 07:30 PM

هلال زاهر الساداتي
<aهلال زاهر الساداتي
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 225

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تونجيات - ايام التونج ثانية ! (Re: هلال زاهر الساداتي)

    تونجيات – ايام التونج ثانية (2 –3)
    مشاعر الخوف والغضب
    لم يكدر جمال التونج وبهاءها سوي أيام شاب القبح فيها لياليها , وعكر صفوها , وأهاج مشاعر الخوف في نفوسنا وزلزل تماسك اعصابنا , وخيم غضب طامح علي انفسنا , وذلك عندما بدأ الهجوم من (الانانيا) قوات التمرد الجنوبية علي المدينة الهادئة الامنة , وبرز الي مخيلتنا ما حدث في سنة 1955 عند تمرد الفرقة الاستوائية الجنوبية في توريت وعم التمرد كل الجنوب , وما حدث من مجازر ومذابح للشماليين الابرياء , وكان كثير منهم من المدرسين والمدرسات المنتشرين في المدراس في الاحراش والادغال ناشرين ضياء العلم , وكان ذنب الجميع انهم شماليون فحسب !
    وسأحاول ان اكون منصفا وعلي المرء ان يحكم بالقسط ما استطاع الي ذك سبيلا , وان كان هذا صعبا لما يخالط العقل ويملآ القلب من عاطفة جامحة , فلطالما سألت نفسي بعد الهجوم علي التونج من المتمردين ونجاتنا من الموت : لماذا يكره بعض الجنوبيين الشماليين هذه الكراهية القاتلة وبخاصة المتعلمين منهم ؟ ولا اعمم هذا الحكم فعامة الناس العاديين يعاملوننا بلطف وود , حتي ان تلاميذنا الصغار ينادينا الواحد منهم ب (ابوي) وتخرج من فمه حنينة تحمل التوقير والحب .. ولكن في الجانب الاخر كان الطلبة والمدرسون في داخلياتهم الملحقة بالمعهد يضحكون ويقهقهون في حبور وفرحة بينما ينهال علينا رصاص وقذائف المتمردين !
    واهتديت الي بعض اجابات أرجو ان تكون صوابا ولا تبتعد عن الحقيقة , فهناك اسباب تاريخية واجتماعية وسياسية , فالتاريخية تتمثل في لعنة الرق التي قام بها تجار الرقيق الشماليون – الجلابة – بخطف الجنوبيين وبيعهم كسلعة عبيداً وبما يصاحب ذلك من معاملة قاسية غير انسانية , وربما يلقي الحيوان معاملة لائقة اكثر بل احسن من التعامل مع الانسان , وكنت اقلب في محتويات قديمة مهملة في مخزن من مخازن معهد تدريب المعلمين فعثرت علي كتاب يحمل صورا لرجال جنوبيين عرايا مقيدي الايدي والاعناق ويسوقهم تاجر رقيق شمالي بيده سوط يهوي به علي اجسادهم العارية , وكان عميد معهد التونج انجليزيا وكان المعهد يخرج مدرسي الادغال (Bush Schools) وهي مدراس كالمدارس الصغري قديما في الشمال , وكان القسس الاجانب هم الذين يقومون بالتدريس , وبعد الاستقلال كان اول عميد سوداني من القبط ثم تلاه اثنان علي التوالي من الشماليين المسلمين وكنت انا الثالث بعد ذلك .
    اما ثاني الاسباب المسيئة القبيحة فهي اطلاق كلمة العبد او العب علي الذكر والفرخة علي الانثي واعتبارهم ادني درجة من الشماليين ولا تخلو النظرة اليهم من الاحتقار .
    وبعد الاستقلال سودن الشماليون وظائف الانجليز ولم يكن كثير منهم علي مستوي المسئولية والامانة وشرعوا في استغلال الناس ومنتوجات الجنوب من اخشاب وحيوانات برية وحتي البنقو , وكان الجلابة التجار مثالا سيئاً للاستغلال , ومما زاد الغبن في النفوس ان ظلت مرتبات المستخدمين الجنوبيين اقل بكثير من رصفائهم الشماليين ولم تفعل الادارة الشمالية شيئاً لتنمية الجنوب او الارتقاء بسكانه . واما سياسياً بعد الحكم الذاتي للسودان والذي اعقبه الاستقلال فقد طالبت الاحزاب الجنوبية بالحكم الفدرالي او بحكم ذاتي للجنوب , وقد وعد الساسة الشماليون بتلبية مطالب الجنوبيين ولكن لاحقاً تبخرت تلك الوعود في الهواء وكان كل ما تحصل عليه الجنوبيون هو وزارتان او ثلاث وزارات صغيرة بينما استأثر الشماليون بباقي الوزارات بما فيها الوزارات المهمة , الشئ الذي اوغر صدور الجنوبيين واصابهم بخيبة الامل نتيجة لنقض العهود من الشماليين .
    ولا ينبغي ان نغفل سياسة الاستعمار الانجليزي الذي دق اسفيناً بين الشمال والجنوب والذي كان يرمي الي فصل الجنوب من الشمال , فقد اصدر قانون المناطق المقفولة والذي حرم فيه دخول الجنوب للشماليين الا بتصريح خاص لمدة معينة وان يقتصر تحرك الشخص في مدينة او منطقة معينة , كما وضع نظام تعليم خاص بالجنوب لا صلة له بالمنهج في شمال السودان , كما يتم التدريس باللغة الانجليزية ويتولي التدريس القسس ويتبع التعليم للكنائس , وهؤلاء مع الادارة الانجليزية عملوا علي تعميق الكراهية للشماليين معتمدين في ذلك علي التاريخ الاسود لتجارة الرقيق .
    واشهد للجنوبيين والدينكا بالذات بحب التعلم وبالذكاء الفطري , مما لمسناه في فصول الدراسة , وكذلك آية ذلك انه كان عند بدء السنة الدراسية وبدء قبول التلاميذ في المدرسة الاولية الملحقة بالمعهد كان يفد الينا الآباء راجلين من مسافات بعيدة ربما يمشون فيها يوماً او يومين مصطحبين ابناءهم العرايا ليلتحقوا بالمدرسة وهؤلاء التلاميذ نقبلهم بالداخلية ونكسوهم , ولا نفرض عليهم دين الاسلام كما يروج البعض المغرضين مثلما كانت تفعل الارساليات المسيحية , ولم تكن الادارة الاستعمارية تشجع التعليم بفتح المدراس مثلما كانت تفعل في الشمال مما دعا المواطنين في الشمال لفتح المدراس الاهلية التي قامت بالعبء الاكبر في انتشار التعليم .
    واعتقد ان هذه التراكمات من المظالم والمعاملات غير الانسانية والتي لا ينكرها الا مكابر , هي التي أدت الي تمرد وثورة الجنوبيين , ووجدت التنفيس في قهقهة وضحك الطلبة المدرسين في داخلياتهم في معهد التونج عندما كانت تنهال علينا قذائف ورصاص المتمردين .
    هلال زاهر الساداتي
    [email protected]
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de